logo
كيف نفرح بالأعياد؟

كيف نفرح بالأعياد؟

الرأي٠٤-٠٦-٢٠٢٥
«إن العيد في حقيقته عيد القلب، فإن لم تملأ القلوب المسرة ولم يترعها الرضا ولم تعُمها الفرحة كان العيد مجرد رقم على التقويم». علي الطنطاوي
عيد الأضحى ليس مجرد مناسبة موسمية تتكرر كل عام، بل هو مشهد إيماني عظيم تتجدد فيه الروح، وتُغسل فيه القلوب بماء الطاعة، وتُروى الأرواح بنفحات الذكر والتقرب، إنه يوم يفيض بالسكينة والرحمة، وتتنزل فيه معاني العبودية الخالصة.
يأتي عيد الأضحى في العاشر من ذي الحجة، متزامناً مع أعظم مناسك الإسلام إنها فريضة الحج، حيث يرتفع نداء التوحيد، وتمتد قوافل العابدين، ويعلو صوت التكبير، ليملأ الأفق: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وتكون أُولى لحظات الفرح مع إشراقة الصباح حيث يتسابق الناس لأداء صلاة العيد، يجتمعون في ساحات الأمل، يحملون في قلوبهم دعواتٍ، وفي وجوههم ابتساماتٍ، تعكس صفاء اللحظة وسمو المقصد ووحدة المسلمين ومشاعرهم المشتركة.
ثم تأتي شعيرة الأضحية، إحياءً لسنة الخليل إبراهيم، الذي رأى الرؤيا فصدقها، واستجاب لأمر ربه دون تردد، وفي كل أضحية تُسفك دماؤها، تتجلى معاني الإيمان المطلق، والطاعة المجردة، والتضحية الصادقة، وتُقسَّم اللحوم، فيتذوق الأغنياء والبسطاء من مائدة الرحمة، ويعم الخير بيوت المحرومين، وتُنسج خيوط الأخوة من جديد.
عيد الأضحى عيد الابتسامة التي تُهدى لكل من عرفت ومن لم تعرف، عيد السلام الذي يُغرس في الطرقات، عيد المودة التي تُصاغ بكلمة حانية أو مصافحة دافئة، شرعه الله لتلتقي الأرواح، وتتعانق القلوب، وتزول بين الناس رواسب الجفاء، وهو رسالة أن الفرح عبادة، وأن السرور قربى، وأن نشر الفأل الحسن من الدين.
في يوم العيد، لا يُنسى الفقراء ولا اليتامى ولا أصحاب الحاجات، بل يكون العيد عندهم أكمل ما يكون، حين تمتد إليهم أيدي العطاء، وتُرسم على وجوههم ملامح البهجة، وحين ننظر إليهم بعين الرحمة، نُدرك أن السعادة لا تُشترى، ولكنها تُهدى.
ومن تمام الفرح أن نشكر الله على نعمه الظاهرة والباطنة، أن نحمده على ما هدانا، ونكبره كما أرشدنا: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة البقرة: 185).
الفرح في العيد ليس مظهراً فحسب، بل هو حالة إيمانية يتذوقها القلب، هو لحظة صفاء تهمس للنفس أن تغتسل من همومها، وتتخفف من أوجاعها، وتُقبل على الحياة بوجه طلق ونفس مطمئنة.
والأطفال ينتظرون العيد بشغف، يحملون أحلامهم الصغيرة إلى صباحه البهيج، يفرحون بالعيدية، ويلبسون الجديد، ويتنقلون بين الزيارات وقد سكنت في أعينهم النجوم، والبيوت تمتلئ بصلة الرحم، والموائد تزدان بما لذ وطاب، فيكتمل المشهد بألوان المحبة والحنين.
العيد، في جوهره، ليس فقط مناسبة، بل هو فرصة لنمسح دمعة، ونجبر خاطراً، وننقّي علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين، فهو إعلان مفتوح أن الحياة لاتزال بخير، ما دامت فيها قلوب تعرف الشكر، وأرواح تعرف الصفح، وأيدٍ تعرف العطاء.
فلنصنع الفرح بقلوبنا قبل جيوبنا، ولنزرع السعادة في دروب من نحب، وفي طرقات المساكين، وبين جدران المستشفيات، وفي وجوه الغرباء، فالعيد لا يُقاس بكثرة المال، بل باتساع القلب.
ويقول أحد الحكماء: «إذا لم تجد للفرح سبباً، فاصنعه للآخرين، وراقب كيف يعود إليك بأضعاف ما قدمت. هذا هو عيد الأضحى، وهذه هي فرحته: طاعة تتوجها الرحمة، ومغفرة تكتنفها المودة، وإنسانية تتجلى في أبهى صوره، «ليكن العيد عندنا مشروعاً متجدداً لنشر الفرح، وإحياء الأمل، وتعظيم الشعائر في قلوبنا وقلوب من نحب».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الممر...
الممر...

الرأي

timeمنذ 3 ساعات

  • الرأي

الممر...

نسمات عصرية في يوم معتدل البرودة، خطوات باتجاه الشارع الرئيسي المزدحم، خروجاً من المدينة القديمة بل القديمة جداً، كقدم الإمبراطورية المغربية تلك التي كانت تحدها فرنسا شمالاً وأعماق أفريقيا جنوباً. ما بين الحاضر والماضي، ما بين الحداثة والأصالة، تتثاقل الخطوات في ذلك الممر الواسع على ضفة الطريق المؤدي لمراكش القديمة، والعكس باتجاه مراكش الحديثة حيث شارع محمد الخامس، الذي يضج بالمحلات والبنوك والمولات والقيصريات، ويضج بشتى أجناس وجنسيات البشر... خطوات ترافقها أفكار تدق في ذاكرة مزدحمة ما بين وجوه جميلة ووجوه تخفي نواياها خلف أقنعة أو مساحيق تجميل تطل منها نوايا الغدر المؤجل، نسمات عليلة تهدئ من رنين التساؤل المستمر... لماذا كل هذا يا رفاق؟ الغربة ليست جغرافيا، ولكن تاريخ ينخر في الوجدان، تاريخ مليء بالذكريات، يعمق الأنين لا الحنين، أي بقعة في تلك الأرض التي خلقها الله عزوجل والتي هي لا شيء يذكر في ملكوت الخالق العظيم تبارك اسمه، هي مجرد بقعة كبقية بقاع المعمورة ولا تختلف إلا بالأشياء الجميلة التي ترسخ الحنين إليها... أما أن تكون أرض نزيف يستهلك كل مخزون الجمال ويستبدله بقبح الأفعال وسوء النوايا، فالرحيل إلى غيرها لن يكون جريمة يحاسب عليها المرء في آخرته، مع الدعاء لها بأن تبقى في أمان الخالق لأن أياديها البيضاء رسمت الابتسامة على وجوه الملايين من البؤساء في أنحاء العالم لذلك وحتما سيحميها الله من عواصف الدهر وتقلباته. يا له من ممر ذلك الذي يؤدي إلى اتجاهين متعاكسين على ضفة تلك (الزنقة) التاريخية التي هي شاهد على عصور مضت وبطولات وانكسارات تشبه ذواتنا المترنحة، بسبب نوايانا الساذجة، وسذاجة قلوبنا، التي كانت هي النوافذ التي ننظر من خلالها إلى عالم مليء بمساحيق التجميل القبيحة... دمتم بخير.

سفيرنا لدى السودان: صندوق إعانة المرضى قدم خدمات لأكثر من 9.5 ملايين شخص في السودان
سفيرنا لدى السودان: صندوق إعانة المرضى قدم خدمات لأكثر من 9.5 ملايين شخص في السودان

كويت نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • كويت نيوز

سفيرنا لدى السودان: صندوق إعانة المرضى قدم خدمات لأكثر من 9.5 ملايين شخص في السودان

أكد سفير دولة الكويت لدى السودان الدكتور فهد الظفيري اليوم الأربعاء أن صندوق إعانة المرضى الكويتي تمكن خلال النصف الأول من العام الحالي من تقديم خدماته لأكثر من 5ر9 ملايين شخص في مختلف ولايات السودان. وأوضح السفير الظفيري أن الصندوق الذي يعد ثاني أكبر مقدم للخدمات الطبية في السودان بعد وزارة الصحة السودانية ويعمل منذ عام 1985 يواصل رغم الظروف والتحديات التي فرضتها الحرب تقديم خدماته في المجالات الطبية والصحية عبر مستشفياته المتخصصة ومراكزه الصحية المنتشرة إضافة إلى مشاريعه الإغاثية وتدخلاته الواسعة في جهود إعادة إعمار المؤسسات الصحية. وأشار إلى أن الجهود الكبيرة التي يبذلها الصندوق تتكامل مع الجسر الجوي الكويتي الذي وصلت عبره حتى الآن 36 طائرة إلى جانب 3 سفن نقلت آلاف الأطنان من المساعدات إلى الشعب السوداني. وتواصل المؤسسات الخيرية الكويتية تنفيذ مشروعات خيرية لدعم ومساعدة المحتاجين في السودان وكل ذلك تنفيذا للتوجيهات السامية من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه. من جانبه أكد المدير التنفيذي لصندوق إعانة المرضى الكويتي مكتب السودان الدكتور عبد المجيد فضل الله استقرار أعمال الصندوق وتوسع تدخلاته الصحية والإنسانية خلال النصف الأول من العام حيث بلغ عدد المستفيدين حوالي 5ر9 ملايين شخص في مختلف مجالات عمل الصندوق. وأفاد بأن تدخلات الصندوق غطت 11 ولاية شملت الخرطوم ونهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا والقضارف والجزيرة وسنار وشمال وجنوب كردفان وشمال دارفور من خلال مستشفيات متخصصة في طب الأطفال ومراكز الرعاية الصحية الأساسية ومشروعات الإغاثة والطوارئ والتنمية المجتمعية والتدريب وبناء القدرات.

الظفيري: «إعانة المرضى» ساعد 9.5 ملايين سوداني
الظفيري: «إعانة المرضى» ساعد 9.5 ملايين سوداني

الجريدة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجريدة

الظفيري: «إعانة المرضى» ساعد 9.5 ملايين سوداني

أكد سفير الكويت لدى السودان د. فهد الظفيري، اليوم، أن صندوق إعانة المرضى الكويتي تمكن خلال النصف الأول من العام الحالي من تقديم خدماته لأكثر من 9.5 ملايين شخص في مختلف ولايات السودان. وأوضح السفير الظفيري، في تصريح صحافي، أن الجهود الكبيرة التي يبذلها الصندوق تتكامل مع الجسر الجوي الكويتي الذي وصلت عبره حتى الآن 36 طائرة إلى جانب 3 سفن نقلت آلاف الأطنان من المساعدات إلى الشعب السوداني. من جانبه، أكد المدير التنفيذي للصندوق ــ مكتب السودان د. عبدالمجيد فضل الله استقرار أعمال الصندوق وتوسع تدخلاته الصحية والإنسانية خلال النصف الأول من العام. وأفاد بأن تدخلات الصندوق غطت 11 ولاية شملت الخرطوم ونهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا والقضارف والجزيرة وسنار وشمال وجنوب كردفان وشمال دارفور، من خلال مستشفيات متخصصة في طب الأطفال، ومراكز الرعاية الصحية الأساسية، ومشروعات الإغاثة والطوارئ، والتنمية المجتمعية، والتدريب وبناء القدرات. وذكر فضل الله أن الصندوق يركز على تحسين جودة الخدمات الصحية وتخفيف معاناة المرضى وإعادة إعمار المؤسسات الصحية الأساسية، مؤكدا استمرار العمل في مستشفى المزيني التخصصي للأطفال بكسلا، ومستشفى الأبيض التخصصي للأطفال بشمال كردفان، وهما من أكبر مستشفيات الأطفال في شرق وغرب السودان، حيث يواصلان تقديم خدماتهما رغم الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب. ولفت إلى أن الصندوق ينفذ حاليا عددا من مشاريع إعادة إعمار المؤسسات الصحية، ويواصل تشغيل مراكزه الصحية إلى جانب برامج الطوارئ والمكافحة المتكاملة لنواقل الأمراض، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية والمخيمات الجراحية والعيادات الميدانية المتنقلة، بالإضافة إلى مشروعات الطاقة البديلة لخدمة قطاعي المياه والصحة وتعزيز البنية التحتية الصحية وبرامج التدريب والتأهيل للعاملين في القطاع الصحي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store