
المشادة الكلامية وسرديات الرأي العام
ما دار بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، ومشادتهما الكلامية يعتبر سابقة في الدبلوماسية الأمريكية، خاصة أمام وسائل الإعلام، ولعلي أتناول بعض الأمور من جانب اتجاهات الرأي العام العالمي، فالرأي العام يشاهد حدثا كما هو، وهذا الحدث لم يخضع لإعادة صياغة بناء على أجندة معينة أو تضليل متعمد من قِبل الأطراف الإعلامية، حيث إن المشادة الكلامية، التي خرجت عن سياق الدبلوماسية وأعرافها، جعلت ردود الفعل تنهال بشكل غير مسبوق، فالرئيس الأوكراني بمثابة الضحية في نظر الأوروبيين، الذي تعرض إلى ضغوط كبيرة، شملت حتى طريقة لبسه، عطفا على مقتل شعبه الذي يحاول أن يدافع عنهم، ويستنجد بالرئيس الأمريكي.
دفعت التطورات الأخيرة في أوكرانيا القادة الأوروبيين إلى اتخاذ مواقف سريعة وداعمة للرئيس الأوكراني، فنجد إيمانويل ماكرون يؤكد أن روسيا هي المعتدي وأوكرانيا هي الضحية، متهما بوتين بالتلويح بالحرب العالمية الثالثة، وليس زيلينسكي. ولم تقتصر ردود الفعل الأوروبية على ذلك، بل سارع قادة آخرون للتعبير عن دعمهم لأوكرانيا، مثل مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أكدت وقوف أوروبا إلى جانب أوكرانيا، مشككة في قيادة الولايات المتحدة العالم الغربي.
كما أكد المستشار الألماني أولاف شولتس دعم ألمانيا وأوروبا لأوكرانيا، ودعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى عقد قمة عاجلة بين واشنطن وأوروبا وحلفائهما، لمناقشة الأزمة الأوكرانية. هذه الأحداث المتسارعة دفعت كلا من الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى صياغة سردية موحدة، لتقديمها للرأي العام.
وبغض النظر عما شاهدته الجماهير، تكمن القصة في كيفية استغلال الحدث والعمل على تفاصيله؟ فسردية الولايات المتحدة تركز على نقاط عدة في مخاطبتها للجمهور، وهي قوة الولايات المتحدة، وأنها صاحبة الكلمة في إيقاف الحرب. كذلك مصالح أمريكا العليا، خاصة الجوانب الاقتصادية، وطلب تعويض الولايات المتحدة عن المبالغ التي دفعتها الى أوكرانيا من خلال صفقة المعادن. كذلك السردية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها موجهة إلى العالم الأوروبي، وإلى الشعب الأوكراني بعدم أهلية الرئيس الأوكراني، ومحاولة تأليب الرأي العام عليه، وأنه لا بد أن يتنحى ليعم السلام، ولا بد من انتخابات لتحدد أوكرانيا مصيره في ظل الأزمة التي صنعها زيلينسكي بمساعدة بايدن والاتحاد الأوروبي.
هذه السردية تقابلها سردية موجهة إلى الرأي العام العالمي، مهندسو صياغتها هم الدول الأوروبية وأوكرانيا، ويتفق زعماء الدول الأوروبية على بثها إلى الجماهير، وهي وحدة الدول الأوروبية في دعم أوكرانيا، وأنها ليست وحدها. كذلك تصوير رفض زيلينسكي على توقيع صفقة المعادن بأنه إنجاز وطني وقوي وشجاع، لحماية أملاك ومدخرات أوكرانيا، وعدم التعدي على سيادتها تحت أي ظرف، وهذا ما رأته الصحف الأمريكية.
وعلى الرغم من أن تصريحات ترامب، التي قد يُنظر إليها على أنها محاولة لاستقطاب الرأي العام الأوكراني ضد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، فإن الصحف الأمريكية حذرت من أن هذه الإستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية. فمن المرجح أن ينظر الأوكرانيون إلى معارضة زيلينسكي صفقة يرونها مجحفة، وتُفرض عليهم من قِبل الولايات المتحدة وروسيا، على أنها موقف وطني يصب في مصلحته. كذلك تركز سردية الدول الأوروبية على توحيد الصوت الأوكراني ضد النفوذ الروسي، وهذا ما بينته دراسات معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع (KIIS)، وهو المنظمة البحثية التي تجرى فيها استطلاعات للرأي العام، حيث بينت الاستطلاعات أن الأوكرانيين أصبحوا أكثر تسامحا مع إخفاقات الدولة، وركزت البلاد على مقاومة روسيا. وبالتالي نجد أن المشادة الكلامية عززت هذا التلاحم، ووضعت لبنة في تقوية السرديات والقصص التي ستبث للجماهير الأوروبية، والغربية على وجه العموم، بطرق وزوايا مختلفة.
ما يهمنا في هذا الصدد الآن أن الأحداث التي تحصل أمام الجماهير سيتم استغلالها وتحوير مضامينها، لتشغل الأفكار، وتوظف في مصالح كل طرف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 20 دقائق
- الوئام
علاقات 'هارفارد' مع الصين.. من دعم إلى عائق في عهد ترمب
أصبحت علاقات جامعة هارفارد الأمريكية بالصين، التي كانت دائمًا مصدر دعم للجامعة، عائقًا أمامها مع اتهام إدارة الرئيس دونالد ترمب للجامعة بأنها تخضع لعمليات تأثير مدعومة من بكين. وتحركت الإدارة الأمريكية يوم الخميس لوقف قدرة جامعة هارفارد على تسجيل الطلاب الأجانب، قائلة إنها تعزز معاداة السامية وتنسق مع الحزب الشيوعي الصيني. وقالت الجامعة إن الصينيين شكلوا حوالي خمس عدد الطلاب الأجانب الذين التحقوا بجامعة هارفارد في عام 2024. وأوقف قاض أمريكي أمس الجمعة قرار الإدارة الأمريكية مؤقتًا بعد أن رفعت الجامعة الواقعة في كمبريدج بولاية ماساتشوستس دعوى قضائية. والمخاوف بشأن نفوذ الحكومة الصينية في جامعة هارفارد ليست جديدة، إذ عبر بعض المشرعين الأمريكيين، وكثير منهم جمهوريون، عن مخاوفهم من أن الصين تتلاعب بجامعة هارفارد للوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة والتحايل على القوانين الأمنية الأمريكية وخنق الانتقادات الموجهة إليها في الولايات المتحدة. وقال مسؤول في البيت الأبيض لرويترز أمس الجمعة 'سمحت هارفارد لفترة طويلة جدًا للحزب الشيوعي الصيني باستغلالها'، مضيفًا أن الجامعة 'غضت الطرف عن المضايقات التي قادها الحزب الشيوعي الصيني داخل الحرم الجامعي'. ولم ترد هارفارد بعد على طلبات للتعليق. وقالت الجامعة إن الوقف كان عقابًا على 'وجهة نظر هارفارد' التي وصفتها بأنها انتهاك للحق في حرية التعبير كما يكفلها التعديل الأول للدستور الأمريكي. وعلاقات هارفارد بالصين، والتي تشمل شراكات بحثية ومراكز أكاديمية تركز على الصين، هي علاقات طويلة الأمد، وأثمرت هذه الروابط عن مساعدات مالية كبيرة ونفوذ في الشؤون الدولية ومكانة عالمية للجامعة. ووصف رئيس جامعة هارفارد السابق لاري سامرز، الذي انتقد الجامعة في بعض الأحيان، خطوة إدارة ترمب بمنع الطلاب الأجانب بأنها أخطر هجوم على الجامعة حتى الآن. وقال في مقابلة مع بوليتيكو 'من الصعب تخيل هدية استراتيجية أكبر للصين من أن تضحي الولايات المتحدة بدورها كمنارة للعالم'.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
رغم نجاح صفقات الأسرى.. أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات حول الهجمات الليلية
تابعوا عكاظ على فيما تبادلت روسيا وأوكرانيا 307 من العسكريين من كل جانب والتي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عنها بأنها عملية من المقرر أن تشهد إطلاق سراح 1000 أسير من كل جانب على مدى 3 أيام، وستمهد لمرحلة جديدة في جهود التفاوض على اتفاق سلام بين موسكو وكييف، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم (السبت) إلى فرض عقوبات دولية إضافية على روسيا لإجبارها على القبول بوقف لإطلاق النار. وكتب زيلينسكي عقب إصابة 15 شخصاً في هجوم روسي ليلي بواسطة مسيرات وصواريخ على العاصمة كييف على حسابه في «إكس»: مع كل هجوم من هذا القبيل، يقتنع العالم بأن موسكو هي سبب إطالة أمد الحرب، مضيفاً: لن تضطر موسكو للموافقة على وقف إطلاق النار إلا بفرض عقوبات إضافية على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الروسي. وأشار إلى أن الهجوم الهائل الذي شنته روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على أوكرانيا يعد دليلاً جديداً على أن موسكو تعرقل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار. من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التزام بلاده بالحل السلمي للأزمة والتفاهمات التي تم التوصل إليها خلال مفاوضات إسطنبول مع الجانب الأوكراني، متهماً الجيش الأوكراني بتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة ضد أهداف مدنية في الأراضي الروسية خلال الفترة بين 20 و23 مايو الجاري. أخبار ذات صلة وأشار إلى إن هذه الهجمات جرت بدعم من بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وأنها أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، مشدداً بالقول: «نحن على يقين من أن هذه الدول لها نصيب أيضاً في الجرائم المرتكبة، وسنعمل على وضع حد لهذه السياسة». واعتبر لافروف الهجمات بأنها محاولة واضحة لتقويض عملية التفاوض التي بدأت في إسطنبول، تماشياً مع التفاهمات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترمب. وكان لافروف قد قال أمس إن بلاده مستعدة لتسليم أوكرانيا مسودة وثيقة تحدد شروط اتفاق سلام طويل الأجل بمجرد الانتهاء من عملية تبادل الأسرى الحالية. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} صفقة تبادل الأسرى


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
روسيا وأوكرانيا تتبادلان 307 جنود في ثاني أيام عملية تبادل أسرى
تبادلت روسيا وأوكرانيا 307 من العسكريين من كل جانب، السبت، في اليوم الثاني من عملية تبادل أسرى ستكون حين اكتمالها الأكبر من نوعها خلال الحرب الدائرة بين البلدين منذ أكثر من 3 سنوات. وعبَّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اعتقاده بأن هذه العملية، التي من المقرر أن تشهد إطلاق سراح 1000 أسير من كل جانب على مدى 3 أيام، ستمهد لمرحلة جديدة في جهود التفاوض على اتفاق سلام بين موسكو وكييف. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، عملية التبادل ثم أكدها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر تطبيق "تليجرام". وكتب زيلينسكي "نتوقع المزيد غداً... هدفنا هو إعادة كل واحد منّا من الأسر الروسي". وأظهرت صور نشرها مكتب زيلينسكي العسكريين الأوكرانيين المفرج عنهم وهم يصلون على متن حافلات إلى نقطة التقاء داخل أوكرانيا، حيث عانقوا بعضهم البعض ولفّوا أجسادهم بعلم بلدهم. وكان واحد على الأقل من الجنود المفرج عنهم يبكي بينما تواسيه امرأة ترتدي زياً عسكرياً. وسلمهم المكلفون باستقبالهم هواتف محمولة ليتمكنوا من الاتصال بأقاربهم. وقال أحدهم: "لا أصدق أنني في الوطن". وأظهر مقطع فيديو قصير نشرته وزارة الدفاع الروسية العسكريين الروس وهم ينزلون من حافلات ويلتقطون الصور مع العلم الروسي، وعلمَي الاتحاد السوفيتي والإمبراطورية الروسية. وشهدت المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى التي تمت، الجمعة، الإفراج عن 390 أسيراً من كل جانب، منهم 120 مدنياً. وقال الجانبان إنهما سيفرجان عن المزيد في الأيام المقبلة. شروط اتفاق سلام طويل الأجل وقال وزير الخارجي الروسي سيرجي لافروف، الجمعة، إن بلاده مستعدة لتسليم أوكرانيا مسودة وثيقة تحدد شروط اتفاق سلام طويل الأجل بمجرد الانتهاء من عملية تبادل الأسرى الحالية. وجرت عملية التبادل بعد ساعات قليلة من تعرُّض العاصمة الأوكرانية لقصف روسي ليلاً باستخدام طائرات مسيّرة بعيدة المدى وصواريخ باليستية، ما أسفر عن إصابة 15 شخصاً. وتوصَّل الطرفان إلى اتفاق تبادل الأسرى خلال محادثات وجيزة انعقدت بإسطنبول في 16 مايو الجاري بين وفدين روسي وأوكراني اجتمعا تلبية لدعوة من ترمب.