logo
خطة تركيا البديلة لو تراجع أوجلان عن قرار إلقاء السلاح

خطة تركيا البديلة لو تراجع أوجلان عن قرار إلقاء السلاح

إيطاليا تلغراف١٣-٠٥-٢٠٢٥

إيطاليا تلغراف
نديم شنر
كاتب وصحفي تركي
في السابع والعشرين من فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان، مؤسس تنظيم 'بي كا كا' الإرهابي، في رسالة بعث بها من سجنه، قرار التنظيم، حلّ نفسه أيديولوجيًا. وجاء في الرسالة ما نصّه:
'إن الدولة القومية المنفصلة، والنظام الفدرالي، والاستقلال الإداري، والحلول المبنية على الاعتراف بالهُويات الثقافية، بوصفها نتاجًا حتميًا للنزعة القومية المتطرّفة، لم تعد قادرة على تقديم إجابة مناسبة للسوسيولوجيا المجتمعية التاريخية.
فقد أدّى انهيار الاشتراكية الواقعية في تسعينيات القرن الماضي لأسباب داخلية، إلى جانب تفكك سياسة إنكار الهُوية داخل البلاد، والتطورات التي طرأت على حرية التعبير، إلى إفراغ (مشروع) بي كا كا من معناه، وإلى الوقوع في فخّ التكرار المفرط.
ومن ثمّ، فإنه، مثل سائر التنظيمات المماثلة، قد بلغ نهايته، وأصبح حلّه أمرًا لا بدّ منه. ويجب على جميع المجموعات أن تُلقي سلاحها، وينبغي لتنظيم بي كا كا أن يحلّ نفسه'.
كانت هذه الكلمات إيذانًا بهزيمة مزدوجة لـ'بي كا كا': هزيمة أيديولوجية، وهزيمة أمام قوة الدولة المسلحة، بعد 46 عامًا من التمرد والعنف.
وفي 5-7 مايو/ أيار 2025، أعلن قادة التنظيم خلال مؤتمرهم الثاني عشر استجابتهم لدعوة مؤسسهم، وقرارهم بحل التنظيم والتخلّي عن السلاح.
وقد ورد في البيان الرسمي الصادر في 12 مايو/ أيار ما يلي: 'اتخذ مؤتمر بي كا كا الثاني عشر قرارًا بحلّ الهيكل التنظيمي، وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح، وبذلك أُوقِفَت جميع الأنشطة التي كانت تُجرى تحت اسم بي كا كا'. ويُعدّ هذا التطوّر مفصليًا في تاريخ الإرهاب الذي دام نصف قرن.
إنه تطوّر لا يهم تركيا وحدها، بل قد يُنهي فصلًا دمويًا من تاريخ الشرق الأوسط، كان فيه 'بي كا كا' سببًا رئيسًا في سفك دماء الأتراك والأكراد والعرب على حدّ سواء.
ومع ذلك، لا بدّ من التحلي بالحذر. إذ إنّ الشكوك قائمة حول مدى التزام 'بي كا كا' بتعهّداته، لا سيّما بعد سابقة عام 2002، عندما قرّر التنظيم خلال مؤتمره الثامن حلّ نفسه وتغيير اسمه إلى 'كا دي ك'، ثم إلى 'كونغرا جيل' عام 2003، ليعود مجددًا إلى استخدام الاسم الأصلي 'بي كا كا' عام 2005، ويكثّف هجماته الإرهابية.
تحولات إقليمية ودور تركيا
شهدت العقود الأخيرة تحولات كبرى في المنطقة والعالم. ورغم محدودية التأثير في الأحداث العالمية، لعبت تركيا دورًا محوريًا في التطورات الإقليمية، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016 التي قادتها منظمة 'فتح الله غولن' الإرهابية.
ومنذ ذلك الحين، دخلت تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وبدعم من زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، في تعاون واسع غيّر مجريات الأمور في الداخل والمنطقة.
كان لخطوات تركيا في مجالات الصناعة الدفاعية، والسياسات الاقتصادية المحلية والوطنية، والعلاقات الدولية، أثرٌ فاعل لم يقتصر على الداخل التركي، بل امتد إلى الشرق الأوسط كله.
فالتعاون الذي نشهده اليوم بين العراق وسوريا ودول الخليج وأفريقيا والجمهوريات التركية في آسيا الوسطى، هو نتيجة مباشرة لهذا الدور التركي المتنامي.
لقد سخّرت أنقرة حواراتها مع الدول الصديقة، وقوّتها العسكرية ضد الهياكل المعادية، وقوّتها الدبلوماسية والاستخباراتية، بشكل جعل مخططات القوى العالمية للمنطقة تتعرقل. وإذا ما استمر هذا المسار دون تعرّضه لتخريب كبير، فإن الشرق الأوسط وأميركا والاتحاد الأوروبي وحتى إسرائيل لن تبقى على حالها المعهودة.
وإلى جانب جلب الرفاه الاقتصادي، فإن تنفيذ 'مشروع طريق التنمية' الذي سيربط دول الخليج بالعراق وسوريا وتركيا سيكون خطوة محورية، سيتبعها خطوات أخرى في المنطقة.
ولا ينبغي أن يُفاجَأ أحدٌ بأن يرى السلام والازدهار الاقتصادي يتبلوران في الشرق الأوسط الذي حُكم لعقود طويلة بسياسات الصراع والحروب التي تبنّتها القوى الغربية.
التحفظ المشروع والمتابعة الدقيقة
لكن، وكما هو معلوم، نحن نتحدث عن الشرق الأوسط.. حيث يمكن أن تنقلب الأحوال في لحظة. لهذا يجب توخّي الحذر.
إن إعلان 'بي كا كا' عن حلّ نفسه والتخلّي عن السلاح خطوة مهمّة، لكنها تتطلب مراقبة دقيقة. فالأهم من الإعلان هو مدى التزام التنظيم به، ومدى جدّيته في إلقاء السلاح.
وقد أوضح الرئيس أردوغان، في خطاب ألقاه في ديار بكر، أن الهدف من المرحلة التي تُعرف باسم 'تركيا بلا إرهاب' يتمثّل في:
'الهدف الوحيد من هذه الجهود هو حلّ التنظيم الإرهابي نفسه، وتسليم الأسلحة دون شروط أو تحفظات، وإنهاء وصاية التنظيم على الساحة السياسية، ومنح الكيان السياسي الذي لم يستطع أن يصبح حزبًا تركيًا بفعل ضغط التنظيم، فرصةً للتطور في هذا الاتجاه، وتعزيز الجبهة الداخلية في وجه تصاعد الصراعات في المنطقة.. هذه ليست قضية تتعلق بإخوتنا الأكراد، بل مسألة تتعلق حصريًا بتصفية التنظيم الإرهابي'.
هل حصلت تسويات أو تنازلات؟
السؤال الأبرز الذي يُطرح هنا هو: هل جرى أي نوع من التفاوض أو تقديم تنازلات من قبل الدولة التركية مقابل قرار الحل؟
الإجابة التي حصلنا عليها من مصادر سياسية واستخباراتية مطّلعة هي: 'قطعًا لا. لم يجرِ أي تفاوض ولم تُقدَّم أي تنازلات'.
بالتالي، لا يُنتظر أن يُطرح في المستقبل أي مطلب انفصالي قد يتطلب تعديلًا دستوريًا.
وكما صرّح الرئيس أردوغان، فإن التطلّع الوحيد هو اختفاء تنظيم 'بي كا كا' تمامًا، وممارسة حزب 'ديم' (DEM) السياسي نشاطه في الداخل ضمن الظروف الطبيعية.
ما مصير الأذرع الأخرى للتنظيم؟
يتساءل كثيرون: هل يشمل قرار الحل أذرع التنظيم الأخرى؟
الإجابة: نعم. لأن 'بي كا كا' هو الهيكل المحوري الذي يرتكز عليه باقي التنظيمات التابعة. وبالتالي، حلّه يعني أيضًا حلّ أذرعه في العراق، وإيران، وسوريا وحتى في أوروبا. ولا تقبل تركيا بأي خيار دون ذلك. كما ستُراقَب من كثب أي محاولات للعودة تحت أسماء أخرى.
كيف سيتم التحقق من الالتزام بالحل؟
تتمتع الاستخبارات التركية بخبرة واسعة في هذا المجال، ويرأس العملية الحالية رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن. وستُتابع العملية خطوة بخطوة، مع رفع تقارير دورية إلى الرئيس أردوغان.
وقد أكّد عمر تشيليك، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والناطق باسمه، على هذه النقطة قائلًا:
'يجب أن تُنفّذ هذه القرارات بشكل فعلي وكامل. فقرارات الحل وتسليم السلاح لا بد أن تشمل جميع فروع 'بي كا كا' وهياكله غير الشرعية، ويُطبق ذلك بشكل ملموس وكامل. هذه لحظة فارقة. وسيُتابع هذا المسار بدقة من قبل مؤسسات الدولة على الأرض. وكل التطورات ستُرفع إلى السيد الرئيس.
يجب أن يُنفّذ قرار الحل وتسليم السلاح بشكل ملموس وكامل، داخليًا وخارجيًا. وبذلك، يمكن وضع حدّ لاستخدام التنظيمات الإرهابية كأدوات في حروب الوكالة ضمن الخطط الإمبريالية'.
ما الخيارات إذا نكث التنظيم وعوده؟
ماذا لو تراجع التنظيم عن قراره وعاود أنشطته تحت نفس الاسم أو اسم جديد؟
الدولة التركية مستعدة لهذا الاحتمال أيضًا، منذ البداية. إذ تمتلك خططًا بديلة ليس فقط 'أ' و'ب'، بل 'ج' وما هو أبعد من ذلك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خطة تركيا البديلة لو تراجع أوجلان عن قرار إلقاء السلاح
خطة تركيا البديلة لو تراجع أوجلان عن قرار إلقاء السلاح

إيطاليا تلغراف

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • إيطاليا تلغراف

خطة تركيا البديلة لو تراجع أوجلان عن قرار إلقاء السلاح

إيطاليا تلغراف نديم شنر كاتب وصحفي تركي في السابع والعشرين من فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان، مؤسس تنظيم 'بي كا كا' الإرهابي، في رسالة بعث بها من سجنه، قرار التنظيم، حلّ نفسه أيديولوجيًا. وجاء في الرسالة ما نصّه: 'إن الدولة القومية المنفصلة، والنظام الفدرالي، والاستقلال الإداري، والحلول المبنية على الاعتراف بالهُويات الثقافية، بوصفها نتاجًا حتميًا للنزعة القومية المتطرّفة، لم تعد قادرة على تقديم إجابة مناسبة للسوسيولوجيا المجتمعية التاريخية. فقد أدّى انهيار الاشتراكية الواقعية في تسعينيات القرن الماضي لأسباب داخلية، إلى جانب تفكك سياسة إنكار الهُوية داخل البلاد، والتطورات التي طرأت على حرية التعبير، إلى إفراغ (مشروع) بي كا كا من معناه، وإلى الوقوع في فخّ التكرار المفرط. ومن ثمّ، فإنه، مثل سائر التنظيمات المماثلة، قد بلغ نهايته، وأصبح حلّه أمرًا لا بدّ منه. ويجب على جميع المجموعات أن تُلقي سلاحها، وينبغي لتنظيم بي كا كا أن يحلّ نفسه'. كانت هذه الكلمات إيذانًا بهزيمة مزدوجة لـ'بي كا كا': هزيمة أيديولوجية، وهزيمة أمام قوة الدولة المسلحة، بعد 46 عامًا من التمرد والعنف. وفي 5-7 مايو/ أيار 2025، أعلن قادة التنظيم خلال مؤتمرهم الثاني عشر استجابتهم لدعوة مؤسسهم، وقرارهم بحل التنظيم والتخلّي عن السلاح. وقد ورد في البيان الرسمي الصادر في 12 مايو/ أيار ما يلي: 'اتخذ مؤتمر بي كا كا الثاني عشر قرارًا بحلّ الهيكل التنظيمي، وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح، وبذلك أُوقِفَت جميع الأنشطة التي كانت تُجرى تحت اسم بي كا كا'. ويُعدّ هذا التطوّر مفصليًا في تاريخ الإرهاب الذي دام نصف قرن. إنه تطوّر لا يهم تركيا وحدها، بل قد يُنهي فصلًا دمويًا من تاريخ الشرق الأوسط، كان فيه 'بي كا كا' سببًا رئيسًا في سفك دماء الأتراك والأكراد والعرب على حدّ سواء. ومع ذلك، لا بدّ من التحلي بالحذر. إذ إنّ الشكوك قائمة حول مدى التزام 'بي كا كا' بتعهّداته، لا سيّما بعد سابقة عام 2002، عندما قرّر التنظيم خلال مؤتمره الثامن حلّ نفسه وتغيير اسمه إلى 'كا دي ك'، ثم إلى 'كونغرا جيل' عام 2003، ليعود مجددًا إلى استخدام الاسم الأصلي 'بي كا كا' عام 2005، ويكثّف هجماته الإرهابية. تحولات إقليمية ودور تركيا شهدت العقود الأخيرة تحولات كبرى في المنطقة والعالم. ورغم محدودية التأثير في الأحداث العالمية، لعبت تركيا دورًا محوريًا في التطورات الإقليمية، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016 التي قادتها منظمة 'فتح الله غولن' الإرهابية. ومنذ ذلك الحين، دخلت تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وبدعم من زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، في تعاون واسع غيّر مجريات الأمور في الداخل والمنطقة. كان لخطوات تركيا في مجالات الصناعة الدفاعية، والسياسات الاقتصادية المحلية والوطنية، والعلاقات الدولية، أثرٌ فاعل لم يقتصر على الداخل التركي، بل امتد إلى الشرق الأوسط كله. فالتعاون الذي نشهده اليوم بين العراق وسوريا ودول الخليج وأفريقيا والجمهوريات التركية في آسيا الوسطى، هو نتيجة مباشرة لهذا الدور التركي المتنامي. لقد سخّرت أنقرة حواراتها مع الدول الصديقة، وقوّتها العسكرية ضد الهياكل المعادية، وقوّتها الدبلوماسية والاستخباراتية، بشكل جعل مخططات القوى العالمية للمنطقة تتعرقل. وإذا ما استمر هذا المسار دون تعرّضه لتخريب كبير، فإن الشرق الأوسط وأميركا والاتحاد الأوروبي وحتى إسرائيل لن تبقى على حالها المعهودة. وإلى جانب جلب الرفاه الاقتصادي، فإن تنفيذ 'مشروع طريق التنمية' الذي سيربط دول الخليج بالعراق وسوريا وتركيا سيكون خطوة محورية، سيتبعها خطوات أخرى في المنطقة. ولا ينبغي أن يُفاجَأ أحدٌ بأن يرى السلام والازدهار الاقتصادي يتبلوران في الشرق الأوسط الذي حُكم لعقود طويلة بسياسات الصراع والحروب التي تبنّتها القوى الغربية. التحفظ المشروع والمتابعة الدقيقة لكن، وكما هو معلوم، نحن نتحدث عن الشرق الأوسط.. حيث يمكن أن تنقلب الأحوال في لحظة. لهذا يجب توخّي الحذر. إن إعلان 'بي كا كا' عن حلّ نفسه والتخلّي عن السلاح خطوة مهمّة، لكنها تتطلب مراقبة دقيقة. فالأهم من الإعلان هو مدى التزام التنظيم به، ومدى جدّيته في إلقاء السلاح. وقد أوضح الرئيس أردوغان، في خطاب ألقاه في ديار بكر، أن الهدف من المرحلة التي تُعرف باسم 'تركيا بلا إرهاب' يتمثّل في: 'الهدف الوحيد من هذه الجهود هو حلّ التنظيم الإرهابي نفسه، وتسليم الأسلحة دون شروط أو تحفظات، وإنهاء وصاية التنظيم على الساحة السياسية، ومنح الكيان السياسي الذي لم يستطع أن يصبح حزبًا تركيًا بفعل ضغط التنظيم، فرصةً للتطور في هذا الاتجاه، وتعزيز الجبهة الداخلية في وجه تصاعد الصراعات في المنطقة.. هذه ليست قضية تتعلق بإخوتنا الأكراد، بل مسألة تتعلق حصريًا بتصفية التنظيم الإرهابي'. هل حصلت تسويات أو تنازلات؟ السؤال الأبرز الذي يُطرح هنا هو: هل جرى أي نوع من التفاوض أو تقديم تنازلات من قبل الدولة التركية مقابل قرار الحل؟ الإجابة التي حصلنا عليها من مصادر سياسية واستخباراتية مطّلعة هي: 'قطعًا لا. لم يجرِ أي تفاوض ولم تُقدَّم أي تنازلات'. بالتالي، لا يُنتظر أن يُطرح في المستقبل أي مطلب انفصالي قد يتطلب تعديلًا دستوريًا. وكما صرّح الرئيس أردوغان، فإن التطلّع الوحيد هو اختفاء تنظيم 'بي كا كا' تمامًا، وممارسة حزب 'ديم' (DEM) السياسي نشاطه في الداخل ضمن الظروف الطبيعية. ما مصير الأذرع الأخرى للتنظيم؟ يتساءل كثيرون: هل يشمل قرار الحل أذرع التنظيم الأخرى؟ الإجابة: نعم. لأن 'بي كا كا' هو الهيكل المحوري الذي يرتكز عليه باقي التنظيمات التابعة. وبالتالي، حلّه يعني أيضًا حلّ أذرعه في العراق، وإيران، وسوريا وحتى في أوروبا. ولا تقبل تركيا بأي خيار دون ذلك. كما ستُراقَب من كثب أي محاولات للعودة تحت أسماء أخرى. كيف سيتم التحقق من الالتزام بالحل؟ تتمتع الاستخبارات التركية بخبرة واسعة في هذا المجال، ويرأس العملية الحالية رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن. وستُتابع العملية خطوة بخطوة، مع رفع تقارير دورية إلى الرئيس أردوغان. وقد أكّد عمر تشيليك، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والناطق باسمه، على هذه النقطة قائلًا: 'يجب أن تُنفّذ هذه القرارات بشكل فعلي وكامل. فقرارات الحل وتسليم السلاح لا بد أن تشمل جميع فروع 'بي كا كا' وهياكله غير الشرعية، ويُطبق ذلك بشكل ملموس وكامل. هذه لحظة فارقة. وسيُتابع هذا المسار بدقة من قبل مؤسسات الدولة على الأرض. وكل التطورات ستُرفع إلى السيد الرئيس. يجب أن يُنفّذ قرار الحل وتسليم السلاح بشكل ملموس وكامل، داخليًا وخارجيًا. وبذلك، يمكن وضع حدّ لاستخدام التنظيمات الإرهابية كأدوات في حروب الوكالة ضمن الخطط الإمبريالية'. ما الخيارات إذا نكث التنظيم وعوده؟ ماذا لو تراجع التنظيم عن قراره وعاود أنشطته تحت نفس الاسم أو اسم جديد؟ الدولة التركية مستعدة لهذا الاحتمال أيضًا، منذ البداية. إذ تمتلك خططًا بديلة ليس فقط 'أ' و'ب'، بل 'ج' وما هو أبعد من ذلك.

تركيا وإسرائيل: لماذا بلغ التوتر ذروته؟ - إيطاليا تلغراف
تركيا وإسرائيل: لماذا بلغ التوتر ذروته؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • إيطاليا تلغراف

تركيا وإسرائيل: لماذا بلغ التوتر ذروته؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف نديم شنر كاتب وصحفي تركي شهدت سوريا يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 سقوط نظام 'الأسد الدكتاتوري' الذي بدأ مع حافظ الأسد عام 1971، واستمرّ مع نجله بشار الأسد، لتحلّ مكانه 'الجمهورية العربية السورية' بقيادة أحمد الشرع. إن نجاح هذه الثورة سيُقاس فقط بمدى قدرتها على تأسيس نظام جمهوري قائم على المساواة، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان. يبدو أن التغيير السياسي الذي شهدته سوريا في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 سيؤدي إلى تحولات جذرية على مستوى الشرق الأوسط، وقد لعبت الجمهورية التركية، الدولة المجاورة لسوريا وصاحبة العلاقات التاريخية معها، إلى جانب بعض الدول الإسلامية التي تحركت معها بشكل مشترك، دورًا مهمًا في هذه التحولات. لم تعد العلاقات الوثيقة والتأثير الذي تمارسه الجمهورية التركية في سوريا، سواء قبل 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 أو بعده، سرًا يخفى على أحد. فكما يعرف الحلفاء هذه العلاقة جيدًا، فإن الأعداء أيضًا يراقبون من كثب مدى قوة العلاقة بين الإدارة السورية وتركيا. هذه العلاقة ستُفضي إلى تحولات جذرية على مستوى الشرق الأوسط، لأن من شأنها أن تُفشل كل مخططات إسرائيل الصهيونية المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وإذا لم تطرأ تطورات غير متوقعة، فإن حلم 'إسرائيل الكبرى' الذي لطالما تغذّى على أوهام 'أرض الميعاد'، وسفَكَ الدماء في كامل المنطقة الممتدة من مصر جنوبًا إلى تركيا شمالًا، أصبح على وشك الانهيار. فمع سقوط نظام الأسد، وقع ما لا تريده إسرائيل بأي حال من الأحوال: لقد باتت تركيا، إن جاز التعبير، تجاور إسرائيل مباشرة، لا سوريا. وبعد مرور شهر فقط، بدأت إسرائيل تشعر بالقلق من اقتراب تركيا منها عبر سوريا. وقد انعكس هذا القلق على احتلالها لهضبة الجولان الذي استمر منذ حرب 1967. إذ تخشى إسرائيل أن تفقد سيطرتها على الجولان، فانطلقت في محاولة جديدة لإنشاء مناطق عازلة عبر احتلال أراضٍ إضافية في مواجهة ما تعتبره تهديدًا وجوديًا. لم تعد إسرائيل تواجه نظام الأسد الذي التزم الصمت لسنوات طويلة تجاه احتلال أرضه، بل أصبحت في مواجهة دولة سورية جديدة تتخذ قراراتها بشكل مستقل. أما الدعم التركي لهذا التوجه، فقد عمّق من حالة الرعب الإسرائيلية، لأنها تعلم هذه المرّة أنها ستواجه الأتراك بما يملكون من حضور عسكري قوي. وبالفعل، جاء في تقرير أعدته 'لجنة ناغل' التي أنشأتها الحكومة الإسرائيلية، وقدمته إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيرين آخرين في 6 يناير/ كانون الثاني 2025، أن على إسرائيل الاستعداد لاحتمال اندلاع حرب مع تركيا. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تعليقه على التقرير، الوضع في المنطقة بقوله: 'نحن نشهد تغييرات جذرية في الشرق الأوسط. لطالما كانت إيران أكبر تهديد لنا، لكن قوى جديدة دخلت الساحة، ويجب أن نكون مستعدين لمواجهة السيناريوهات غير المتوقعة. هذا التقرير يقدم لنا خارطة طريق لضمان مستقبل إسرائيل'. في الأشهر الثلاثة التي أعقبت هذا التقرير، تحوّلت مخاوف إسرائيل إلى سلوك عدواني يعكس الذعر الذي يعيشه المحاصرون في تل أبيب. بدأت إسرائيل تشعر بأن تركيا باتت تلاحقها من قرب. وبينما أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزراؤه تهديدات جوفاء تجاه تركيا، برز اعتراف صريح من رئيس دائرة مكافحة الإرهاب السابق في الموساد، عوديد إيلام، بأن 'إسرائيل تخشى الدخول في صراع عسكري مع تركيا في سوريا؛ بسبب الفارق الكبير في القدرات العسكرية'. وفي مقال له نشرته صحيفة 'يسرائيل هيوم'، كتب إيلام أن إسرائيل وتركيا تتجهان نحو مواجهة في سوريا، مضيفًا: 'لم يعد السؤال عن احتمالات حدوث المواجهة، بل متى تحدث تلك المواجهة؟'. أعرب إيلام عن قلقه العميق من احتمال إنشاء تركيا قواعد عسكرية داخل الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن وجود القوات المسلحة التركية بالقرب من حدود إسرائيل الشمالية يُثير قلق تل أبيب بشدة. في هذا السياق، نفذ الجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة أكثر من 14 غارة جوية على مطار حماة والمناطق المحيطة به، بالإضافة إلى استهداف مطار 'تيفور' العسكري في محافظة حمص، ومنشآت عسكرية في العاصمة دمشق، فضلًا عن قصف مدفعي وهجمات بالهاون على مناطق غربي محافظة درعا. لكن إسرائيل تدرك أن قصف الأراضي السورية بدافع الخوف من تركيا ليس حلًا فعالًا. فما الذي ينبغي على إسرائيل فعله إذن؟ يجيب عوديد إيلام عن هذا السؤال في مقاله: 'على إسرائيل أن تطلب المساعدة من الولايات المتحدة. ففي مثل هذه الحالة، لا يمكن أن تقلب التوازن إلا قوة عظمى: الولايات المتحدة. العم سام وحده هو القادر على بناء الجسور، والقيام بالوساطة، وتهدئة التوتر.. يجب على إسرائيل أن تدعو واشنطن للتحرك فورًا والانخراط في هذه القضية'. أما موقف تركيا من المسألة السورية، فهو واضح تمامًا، إذ تؤكد على أهمية وحدة الأراضي السورية، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بقوله: 'قبل كل شيء، نحن لا نرغب في صراع مع إسرائيل على الأراضي السورية، لأن سوريا ملك للسوريين. سوريا ليست تابعة لتركيا، ولا تتبع لإسرائيل'. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعوّل على الدعم الأميركي، زار الرئيس دونالد ترامب للمرّة الثانية خلال شهرين، على أمل أن يمارس ضغوطًا على تركيا مستندًا إلى قوّة الولايات المتحدة. وخلال لقائهما في البيت الأبيض، بادر نتنياهو بطرح الملف السوري أمام وسائل الإعلام، وقد أعرب عن قلق بلاده من تنامي النفوذ التركي هناك قائلًا: 'لقد تدهورت علاقات الجوار مع تركيا. لا نريد أن تتحول سوريا إلى منصة للهجوم على إسرائيل، سواء من تركيا أو من غيرها. تركيا دولة تربطها علاقات رائعة بالولايات المتحدة، والرئيس ترامب تربطه علاقة قوية بالزعيم التركي. لقد ناقشنا سُبل تجنب هذا الصراع المحتمل، وأعتقد أنه لا يوجد وسيط أفضل من الرئيس الأميركي لتحقيق ذلك'. وخلال اللقاء، وجّه مراسل صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية سؤالًا إلى الرئيس الأميركي جاء فيه: 'تركيا تقول إنها ستحقق الاستقرار في سوريا، بينما تعارض إسرائيل هذا النفوذ التركي هناك. برأيكم، هل يمكن لنفوذ تركيا أن يجعل سوريا بلدًا أكثر استقرارًا؟' كان رد الرئيس الأميركي صادمًا لنتنياهو، إذ قال ترامب أمام الصحفيين: 'لديّ علاقات رائعة مع رجل يُدعى أردوغان. هل سمعتم بهذا الاسم؟ أنا أحبه، وهو يحبني. أعلم أن وسائل الإعلام ستغضب مني بسبب هذا، سيقولون: 'ترامب يحب أردوغان'. نعم، أحبه وهو يحبني. لم نواجه أي مشاكل على الإطلاق. مررنا بالعديد من المواقف، لكنها لم تتحول أبدًا إلى مشاكل. كما تعلمون، نحن استعدنا القس الأميركي من تركيا. هل تذكرون؟ كان ذلك إنجازًا ضخمًا حينها. قبل قليل، قلت لرئيس الوزراء نتنياهو: ' بيبي، إذا كان لديك مشكلة مع تركيا، فأعتقد أنني قادر على حلها. لدي علاقة رائعة جدًا مع تركيا ومع قيادتها. وأعتقد أننا نستطيع حل الأمر معًا'. كما كشف ترامب عن حوار دار بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلًا: 'هنأته وقلت له إنه فعل ما لم يستطع أحد إنجازه منذ ألفي عام. قلت له: 'لقد حصلت على سوريا'. بكلمات مختلفة، لكن المعنى واحد. قلت له: 'لقد حصلت عليها من خلال وكلاء'، فقال: 'لا، لا، لم أكن أنا'. فقلت له: 'بل كنت أنت، لكن لا بأس'، فأجابني: 'نعم، ربما كنت أنا بطريقة ما'. ثم ختم ترامب حديثه قائلًا: 'انظروا، إنه رجل صارم وذكي للغاية. فعل شيئًا لم يفعله أحد. يجب أن نعترف له بذلك. ثم نظرت إلى نتنياهو وقلت له: 'أعتقد أنني قادر على حل أي مشكلة تواجهها مع تركيا، ما دمت منطقيًا. علينا جميعًا أن نكون منطقيين'. وهكذا، سقطت إستراتيجية نتنياهو في الضغط على تركيا عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بسبب عدم رغبته في تقديم 'مطالب منطقية' مثلما تحدّث ترامب. من الواضح أن نتنياهو لا يريد أن تسحب الولايات المتحدة قواتها الموجودة في سوريا والتي يبلغ عددها حوالي ألفَي جندي، بل يطالب بزيادتها. لم يُعلن ترامب قراره النهائي في هذا الشأن، لكن بقاء القوات الأميركية في سوريا لا يخدم مصالح الولايات المتحدة بشكل مباشر، وانسحابها سيُحدث تحولًا كبيرًا في موازين القوى داخل سوريا. إذا حدث هذا الانسحاب، فقد يعني ذلك نهاية مشروع 'إسرائيل الكبرى' الذي يبدأ من فلسطين ويمر بلبنان وسوريا، وصولًا إلى الأراضي التركية، وسيكون مصيره مزبلة التاريخ. أما إسرائيل، فلم تُغير بعد أسلوبها الذي يعتمد على التأثير في صانع القرار الأميركي، كما لم تتخلَّ عن استخدام الأقليات، وفرع تنظيم 'PKK' الإرهابي في سوريا (وحدات حماية الشعب/ حزب الاتحاد الديمقراطي) كأداة لتحقيق مصالحها. والأسوأ من ذلك، أن الخيارات الماكرة التي قد تلجأ إليها إسرائيل ما تزال مطروحة؛ كتنفيذ عمليات تخريب واغتيالات لإضعاف حكومة الشرع في سوريا، أو شنّ أعمال استفزازية باستخدام تنظيم 'PKK' الإرهابي الذي يُتوقع أن يُحلّ قريبًا. كل شيء قد يتغيّر، إلا إسرائيل التي تأسست على الاحتلال والإبادة الجماعية، لا تتغيّر أبدًا.

زعيم قوات سوريا الديمقراطية يدعو أمريكا للانتشار في عين العرب السورية
زعيم قوات سوريا الديمقراطية يدعو أمريكا للانتشار في عين العرب السورية

الشروق

time١٨-١٢-٢٠٢٤

  • الشروق

زعيم قوات سوريا الديمقراطية يدعو أمريكا للانتشار في عين العرب السورية

بعد أيام قليلة من انتصار الثورة السورية واسقاط نظام بشار الأسد في جميع مناطق غرب نهر الفرات، بدأت التحركات السياسية والعسكرية لإدارة العمليات العسكرية السورية، تتّجه نحو استعادة الناطق الشرقية للنهر، وذلك في إطار مشروع توحيد سوريا واحباط مشروع التقسيم. وتحسبا لأي عمل عسكريّ ضدّها أعلنت قوات سوريا الديمقراطية 'قسد' المسيطرة على كامل الجهة الشرقية لنهر الفرات السوري، عن استعدادها لتقديم مقترحات تضمن لها البقاء في مناطق سيطرتها، أبرزها مدن الرقة والقامشلي وعين عيسى والحسكة، ولعب دور محوريا في سوريا المستقبل. وفي تصريح لزعيم قوات سوريا الديمقراطية 'قسد' مظلوم عبدي، أكد الأخير على استعداد قواته لتقديم مقترح إنشاء 'منطقة منزوعة السلاح' في مدينة عين العرب الحدودية مع تركيا، مشيرًا إلى أن المبادرة تهدف لمعالجة المخاوف الأمنية التركية، حيث سبق لأنقرة أن تعرضت لهجمات إرهابية من قبل تنظيم 'بي كا كا' الكردي، آخرها الهجوم على المؤسسة التركية للصناعات الجوية 'توساش'. ورغبة منها في مواجهة التحركات الاستباقية التركية الراغبة في إعادة السكان الأصليين لمدينة عين العرب شمال سوريا، واخلائها من قوات سوريا الديمقراطية، أكد عبدي، عبر منشور له على موقع 'إكس' للتواصل الاجتماعي، إلتزامه بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في سوريا، مقترحًا إعادة توزيع القوات الأمنية في مدينة 'عين العرب-كوباني' تحت إشراف وتواجد أميركي. من جهتها، أعلنت إدارة العمليات العسكرية السورية، ممثلة في القيادي، مرهف أبو قصرة، أن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية 'قسد' في شمال شرق البلاد ستُدمج ضمن الإدارة الجديدة التي تتشكل في أعقاب التغييرات السياسية المرتقبة في سوريا، مُؤكداً أن 'سوريا لن تتجزأ وأنه لا مجال لوجود فدراليات فيها'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store