logo
الحرب الإعلامية: حيث تُسفك الحقيقة ويُدفن الوعي بجنازة فاخرة

الحرب الإعلامية: حيث تُسفك الحقيقة ويُدفن الوعي بجنازة فاخرة

حسين فقه
مقدمة من مقبرة الوعي الجمعي
في زمنٍ لم تعد فيه الدماء على الأرض كافية، قرر السوريون المغيبون أن يسفكوا شيئًا أكثر قيمة: الحقيقة. وهكذا وُلدت الحرب الإعلامية، حيث تُعدّ الكاميرا مدفعًا، والمونتاج قنبلة، والمذيع/ة قنّاصًا محترفًا في اغتيال العقول.
أهلاً بكم في عالم تُدار فيه الحروب من الأستوديو، ويُغسل فيه الدم بألوان الجرافيك، ويُرمى الضمير خلف كواليس البث المباشر، وتصبح وسائل التواصل منابر للقطيعة وتقطيع أوصال المجتمع، والضمائر غرف للايجار لكل الأجهزة الاستخباراتية، وجروح الشعوب تتحول لمراحيض عامة، والحقوق مجبرة على التسلح لنيلها.
أهلا بكم مع لحظات الغفلة التي تولد اعلاميين لا يدركون من الاعلام سوى رفع الصوت والنباح لأسياد مصطنعين فوق خراب البلاد وأشلاء القتلى والشهداء، لتدار دفة الأحداث خلبياً من أشخاص بالكاد هم بشر يقفزون من حبل الى آخر بلا وازع أخلاقي أو مروأة مبدأية.
الحرب الإعلامية جريمة حرب
نوع متطور جدًا من الحروب، لا يحتاج إلى ذخيرة، فقط إلى نية سيئة، صوت مرتفع، وخبر عاجل دون ضمير. هدفها ليس إسقاط العدو، بل إسقاط مفهوم 'العدو' نفسه وصنع عدو آخر قد يكون أخاً لك في البلاد، حتى لا تدري من يحارب من، ولا لماذا. والنتيجة؟ شعوب تصرخ، تموت، وتنتظر الحقيقة التي لن تأتي.
أدوات قتل راقية
ـ الإشاعة
قنبلة صوتية بضحايا حقيقيين، تبدأ بجملة: 'وردتنا معلومات خطيرة، أو عاجل، أو من مصادر موثوقة ومقربة من مصدر القرار'، وتنتهي بجنازات ودموع… وأحيانًا بلا شيء، سوى حالة من الهلع الجماعي ومئات الضحايا وحروب على الشاشة الزرقاء والحمراء والسوداء.
ـ الفيديو المفبرك: الحقيقة في غرفة العناية المركزة
لقطة مأخوذة من فيلم قديم، تُعاد تدويرها لتصبح 'دليلاً دامغًا'، يُبكي الملايين، ويُشعل حروبًا، ثم يُنسى بعد ساعات… كأن شيئًا لم يكن.
ـ التحليل السياسي: رقص على جثث المعنى
يظهر الخبير، يتحدث بثقة قاتلة، يُفسّر لك العالم بخريطة مرسومة على منديل، ويخبرك أن كل ما يحدث 'متوقع تمامًا'، ويلوي عنق الحقيقة ويقلب الأحداث رأساً على ذيل وكأن مقتل الأطفال والنساء جزء من الخطة الاستراتيجية. ويخرج لك الوزير في مؤتمر صحفي بأحد الدول الأعدقاء ليقول: ' ليس لدينا خطة أو نية لابادة الدروز' وربما ترد في خاطرة أن يضيف ' والعلويين وبعدها قادمونون أيها الكرد' ولكنه يمتنع لأنه يتذكر بأنه في مؤتمر صحفي متلفز مع مئات الكاميرات التي تبث على وسائل الاعلام العالمية ويتذكر أنه قد 'خبص'، ويفكر أن بلودان هي الحل الوحيد للتبرير للشرع.
ـ الإلحاح الإعلامي: اغتصاب فكري مستمر
نفس الجملة، تُعاد كل ساعة، كل دقيقة، حتى تُصدّق أنك رأيت ما لم تر، وسمعت ما لم يُقل، واستنتجت الوقائع من فم فيل يرى نفسه بلبلاً مغرداً على أغصان القنوات العربية التي تصفق له ولمشغليه.
لتولد مفاهيم 'مسخ '، ونماذج معاصرة من 'مدافن الحقيقة' فالكرد انفصاليون وملاحدة، والعلويون فلول النظام البائد، والدروز عملاء الصهاينة، والاسماعيليون، المراشدة، المسيحيون، الايزيديون، كفرة، ويجب قتلهم، سبيهم، سلبهم، اغتصابهم، حرقهم وجز شواربهم، ويصبح المقص سلاحاً تتأبطه العشائر والبدو والأمن العام بشكل عام. أما السنة فهم الغالبية المحررة وهي التي توقع على القوانين والدساتير المقررة.
فأهلاً بكم في مستنقع تبدو فيه المطالبة بالحقوق ليست مبررة.
التأثيرات: أضرار جانبية تشمل سوريا وتتجاوزه للكوكب
ـ فقدان الإحساس: نشاهد جثثًا فنشعر بالملل، ونقرأ أخبار المجازر كما نقرأ توقعات الطقس. الإعلام نجح: جعل المأساة 'محتوى'، والدماء 'ترندًاً'.
ـ تآكل الذاكرة الجماعية: ما حدث بالأمس يُمحى اليوم، وما يحدث اليوم يُفبرك غداً. لا حقيقة تدوم، فقط ضجيج بلا طحن يتناسل بلا توقف.
ـ استنساخ المجرم في هيئة بطل: بفضل الإضاءة الجيدة والخلفية الموسيقية، صار الطغاة رموزاً، والمقاومون إرهابيين، والضحايا مشكوكاً فيهم، أما الارهابيون فلقد أصبحوا دولة ولها رئيس ووزراء وقريباً برلمان يعين ثلثه الرئيس ' رئيس العصابة' والثلثين تقرره اللجنة الانتخابية التي عينها الرئيس نفسه.
فأهلا بكم في دولة الجماعة والسنة والبقية المنكرة.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حركة حماس بين المقاومة والسياسة !محمد سيد أحمد
حركة حماس بين المقاومة والسياسة !محمد سيد أحمد

ساحة التحرير

timeمنذ 13 دقائق

  • ساحة التحرير

حركة حماس بين المقاومة والسياسة !محمد سيد أحمد

حركة حماس بين المقاومة والسياسة !! بقلم/ د. محمد سيد أحمد منذ نشأة حركة حماس وهي تثير جدل واسع حولها سواء بالداخل الفلسطيني، أو بالخارج العربي والإسلامي، خاصة وأن الحركة قدمت نفسها للرأي العام على أنها 'حركة مقاومة إسلامية' في العالم العربي والإسلامي ضد الاحتلال الصهيوني، وبنت شرعيتها على هذا الأساس، لكن في المقابل، لا تخلو مسيرتها من ملفات جدلية تتعلق بسلوكها السياسي، وعلاقتها بالدول الإقليمية، وعلى رأسها مصر وسورية، وهو ما دفع البعض لاتهامها أحيانا بالانتهازية أو الخيانة، بل وصل الأمر بوصفها حركة مصنوعة من قبل الاحتلال الصهيوني لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية، وخلال السطور التالية نحاول حسم هذا الجدل، وفض الاشتباك حول التناقض الواضح بين ممارسات الحركة على مستوى العمل المقاوم، وسلوكها السياسي البرجماتي. لقد نشأت حركة حماس مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام ١٩٨٧، وقدمت نفسها كحركة مقاومة إسلامية، وفصيلا مقاوما للاحتلال الصهيوني، مدججا بالشعارات الإسلامية، والعمليات الاستشهادية، والدعوات لتحرير كامل التراب الفلسطيني المحتل، ونالت الحركة في بدايتها دعما شعبيا واسعا، لا سيما بعد تعثر مشروع التسوية الذي مثلته منظمة التحرير الفلسطينية، لكن مسيرة حماس لم تبق في مسار المقاومة فقط، بل سرعان ما دخلت دهاليز السياسة، وهنا تجدر الإشارة إلى الخلفيات والانتماءات الفكرية للحركة، فحماس جزء من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، لذلك دائما ما يحدث هذا التناقض بين فعلها المقاوم، وسلوكها السياسي الانتهازي، ذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين هي بالأساس جماعة سياسية رفعت الشعارات الإسلامية فقط من أجل جذب الجماهير وكسب تعاطفهم من أجل الوصول للسلطة، لذلك لا عجب عندما تثار تساؤلات من قبيل هل حماس حركة مقاومة أم مشروع سياسي انتهازي ؟ وهل انحرفت بوصلتها من فلسطين إلى مشاريع الإخوان المسلمين الإقليمية ؟. وهنا يجب التأكيد على الدور العسكري الذي لعبته حماس في مواجهة العدو الصهيوني، فلا أحد يستطيع أن ينكر دورها في الانتفاضتين الأولى ١٩٨٧ والثانية ٢٠٠٠ والعدوانات المتكررة على غزة ٢٠٠٨ ، ٢٠١٢ ، ٢٠١٤، ٢٠٢١، وأخير عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، فقد برزت كتائب عز الدين القسام كجناح عسكري منظم ومدرب تدريبا عاليا، يعتمد أسلوب حرب العصابات، ويستخدم الصواريخ محلية الصنع، ويقدم عناصره قرابين في سبيل نهج المقاومة، وبالطبع هذا الجانب هو ما أكسب الحركة تعاطفا شعبيا واسعا سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو خارجها في الشارع العربي والإسلامي، وإذا اكتفت حماس بهذا الدور فقط، لاستمر ذلك التعاطف والدعم، وما حدث أي جدل أو تشكيك في دورها النضالي والمقاوم، لكننا لا يمكن فصل هذا الدور عن باقي الجوانب الأكثر إثارة للجدل في تجربة الحركة. فمع منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة بدأت حركة حماس في استثمار دورها المقاوم في الانتفاضتين الأولى والثانية بتدعيم موقفها السياسي بالداخل الفلسطيني خاصة في غزة، حيث قررت خوض الانتخابات التشريعية لعام ٢٠٠٦، وحققت فوزا كبيرا، مما أدى لصدام سياسي سرعان ما تحول لعسكري مع حركة فتح، بلغ ذروته عام ٢٠٠٧، عندما سيطرت على قطاع غزة بقوة السلاح، بعد مواجهات دامية مع الأجهزة الأمنية والكوادر الفتحاوية، سقط خلالها العشرات بين قتيل وجريح، هذا الحدث التاريخي فتح الباب على مصرعيه لتساؤلات أخلاقية ووطنية من قبيل: كيف لحركة مقاومة أن توجه سلاحها إلى صدر شقيقها الفلسطيني ؟ وأي مقاومة تلك التي تتحول إلى سلطة تفرض الضرائب، وتتحكم في المعابر، وتضيق الخناق على الناس ؟ وأي مقاومة تلك التي تتولى سلطة وهمية على أرض لا زالت محتلة، ويتحكم العدو في مصير شعبها ؟ وبالطبع كانت هذه التساؤلات مشروعة بعد أن أصبحت غزة إمارة إخوانية مغلقة تدار من قبل حماس، بينما تقطعت أواصر الوحدة الوطنية، في ظل حصار خانق زادت حدته بسبب الانقسام الداخلي. ولم تكتفي حماس بما فعلته بالداخل الفلسطيني المحتل بل أن ارتباطها بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، جعلها تتخذ مواقف تخدم أجندات التنظيم، بعيدا عن القضية الفلسطينية، فأثناء انتفاضة ٢٥ يناير ٢٠١١ في مصر سجلت على حركة حماس اتهامات خطيرة باقتحام السجون وتهريب عناصر من جماعة الإخوان كان على رأسهم محمد مرسي الذي تمت محاكمته وثبت من خلال التسجيلات هروبه بواسطة عناصر من حركة حماس، بل وتواجد مقاتلين في سيناء بعد ٢٠١٣ وسقوط الإخوان بهدف زعزعة الأمن القومي المصري وهو ما وصفته مصر بأعمال إرهابية. أما الموقف الأكثر جدلا فهو موقف حماس من الأزمة السورية، حيث انقلبت بشكل غريب ومفاجئ ضد النظام السوري الذي كان أبرز داعميها سياسيا ولوجستيا، وخرجت قيادات الجماعة من دمشق التي كانت تتحرك فيها بمواكب تفوق تحركات الرئيس بشار الأسد ذاته، وذهبت قيادات الحركة إلى تركيا وقطر في سياق بدا أقرب إلى الانقلاب على الحلفاء التاريخيين لأجل التموضع ضمن محور الإخوان المسلمين الإقليمي، مما تسبب بخسارتها الدعم الجماهيري في الداخل الفلسطيني، وفي الشارع العربي والإسلامي، خاصة بعد إقامة قيادات الحركة في فنادق اسطنبول والدوحة، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيين في غزة، حيث طرحت علامات استفهام حول مدى التزام تلك القيادات بروح المقاومة والتضحية التي طالما تغنت بها. وعلى الرغم من العقوق السياسي الذي مارسته قيادات حركة حماس ضد مصر في ٢٥ يناير ٢٠١١، وما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، إلا أن مصر لم تقابل ذلك بالمثل، بل وقفت داعمة للقضية الفلسطينية، وللشعب الفلسطيني في غزة، فكان الحضور المصري في ٢٠١٤، و٢٠٢١، و٢٠٢٣ وحتى الآن كما هو منذ ١٩٤٨، حيث تعتبر مصر القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، وتتعامل معها بمسؤولية أخلاقية وقومية بغض النظر عن موقف قيادات الحركات الفلسطينية، لذلك لا عجب أن يقوم الصغار داخل حركة حماس من القيادات السياسية الإخوانية الانتهازية التاركين غزة تباد بواسطة الآلة العسكرية الصهيونية المجرمة وهم يتمتعون برغد العيش في فنادق الدوحة ويخرجون عبر وسائل الإعلام لينكروا دور مصر التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني في غزة، وتجاهل الجهود المصرية في فتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية، ورعاية المصالحة الوطنية الفلسطينية، والتوسط لوقف إطلاق النار، ورغم كل ذلك ستظل مصر داعمة لكل مقاوم يسعى لتحرير التراب الفلسطيني المحتل بصدق بعيدا عن الانتهازية السياسية، اللهم بلغت اللهم فاشهد. ‎2025-‎08-‎05

مصرع واصابة 9 اشخاص بحادث سير مروع على طريق بغداد
مصرع واصابة 9 اشخاص بحادث سير مروع على طريق بغداد

شفق نيوز

timeمنذ 13 دقائق

  • شفق نيوز

مصرع واصابة 9 اشخاص بحادث سير مروع على طريق بغداد

شفق نيوز- صلاح الدين أفاد مصدر طبي في مستشفى طوز خورماتو بمحافظة صلاح الدين، يوم الثلاثاء، بوقوع حادث سير مروع على الطريق الرابط بين كركوك وبغداد، أسفر عن مصرع أربعة أشخاص وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة. وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، إن "الحادث وقع قرب مطعم عباس على طريق طوز – سليمان بيك، نتيجة اصطدام أربع عجلات مدنية ببعضها، ما أدى إلى سقوط هذا العدد من الضحايا والإصابات". وأضاف أن "فرق الإسعاف والدفاع المدني هرعت إلى مكان الحادث، حيث جرى نقل الجثث إلى دائرة الطب العدلي، والمصابين إلى المستشفى لتلقي العناية الطبية اللازمة"، مشيرًا إلى أن "بعض الإصابات حرجة وتخضع للمراقبة المكثفة".

حريق قرب قاعدة صاروخية للحرس الثوري الإيراني (فيديو)
حريق قرب قاعدة صاروخية للحرس الثوري الإيراني (فيديو)

شفق نيوز

timeمنذ 13 دقائق

  • شفق نيوز

حريق قرب قاعدة صاروخية للحرس الثوري الإيراني (فيديو)

اندلع حريق كبير مساء اليوم الثلاثاء بالقرب من إحدى القواعد الصاروخية التابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة شيراز، جنوب البلاد، وفقاً لتقارير إعلامية محلية. وذكرت وكالة أنباء "الأخبار العاجلة" الإيرانية، نقلاً عن شهود عيان: "شُوهدت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد بالقرب من منشأة عسكرية يُعتقد أنها تحتوي على معدات صاروخية تابعة لوحدة في القوة الجوية التابعة للحرس الثوري". وحتى الساعة لم تصدر السلطات الإيرانية أي بيان رسمي يوضح أسباب الحريق أو حجم الأضرار والخسائر، كما لم تُعرف بعد طبيعة الموقع المتضرر بدقة، وما إذا كان الحريق قد طال مستودعات للصواريخ أو منشآت حساسة. ويأتي هذا الحادث في وقت تواجه فيه إيران تصاعداً في وتيرة الحوادث "الغامضة" داخل منشآت عسكرية وصناعية في مناطق مختلفة من البلاد، ما يثير تساؤلات حول الجهة المسؤولة والدوافع المحتملة وراءها. —  مرد مشکی پوش (@RADOCLUB) August 5, 2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store