
اجتماع إيراني - أوروبي في إسطنبول لبحث برنامج طهران النووي
وقال آبادي إن الجانبين جاءا إلى الاجتماع بأفكار محددة وجرت مناقشة جوانبها المختلفة، مضيفاً "أوضحنا مواقفنا المبدئية بما في ذلك ما يسمى بالآلية السريعة لإعادة فرض العقوبات" على إيران.
ووصلت وفود من إيران والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا الأوروبية لإجراء محادثات في القنصلية الإيرانية في إسطنبول والتي قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها قد توفر فرصة لاستئناف عمليات التفتيش.
وعارضت إيران اقتراحات تمديد العمل بقرار للأمم المتحدة يصادق على الاتفاق النووي لعام 2015. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مقابلة مع وكالة "إرنا" للأنباء قبل دقائق من بدء المحادثات، أن طهران تعتبر الحديث عن تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2231 "بلا معنى ولا أساس له".
وأفاد التلفزيون الإيراني بأن "المفاوضات بين إيران وثلاث دول أوروبية جارية في القنصلية الإيرانية في إسطنبول، منذ الساعة 09:30 بالتوقيت المحلي، وستتواصل حتى قرابة الساعة 12:30".
وبعد اجتماع استمر لعدة ساعات، غادر المفاوضون الأوروبيون القنصلية الإيرانية في إسطنبول، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية.
تصريحات غروسي
من جهته قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي اليوم الجمعة إن إيران أشارت إلى أنها ستكون مستعدة لاستئناف بعض المحادثات على المستوى الفني في شأن برنامجها النووي، وأضاف غروسي خلال تعليقات في سنغافورة أن إيران يجب أن تكون واضحة في شأن المرافق والأنشطة لديها.
واعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه "من المهم أن نبدأ مناقشة طهران حول سبل استئناف الزيارات إلى إيران"، مبدياً تفاؤله بأن "المفتشين سيعودون إلى إيران هذا العام". وأضاف أنه "يجب الاستماع إلى إيران في شأن الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها تجاه بعض المواقع المدمرة".
وقال غروسي إن "المحادثات الأولية مع إيران لن تشمل المفتشين على الفور"، مشيراً إلى أن "لا مزيد من المعلومات من إيران في شأن اليورانيوم المخصب".
اجتماع اسطنبول
في الموازاة وفي وقت تهدد فيه فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، سيكون الاجتماع في إسطنبول الأول بين الطرفين منذ شنت إسرائيل هجوماً واسع النطاق على إيران في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، ضربت خلاله مواقع نووية وعسكرية رئيسة، مما أشعل فتيل حرب بين البلدين استمرت 12 يوماً وتدخلت فيها الولايات المتحدة بضرب ثلاثة مواقع نووية في إيران.
والدول الأوروبية الثلاث هي، إضافة إلى الولايات المتحدة والصين وروسيا، الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015 مع إيران، ونص على فرض قيود كثيرة على البرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع تدريجي لعقوبات الأمم المتحدة عن طهران.
لكن الولايات المتحدة انسحبت في 2018، خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب، من هذا الاتفاق من جانب واحد وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.
بالمقابل، تمسكت باريس ولندن وبرلين باتفاق 2015، مؤكدة رغبتها في مواصلة التجارة مع إيران، مما جنب الأخيرة إعادة فرض العقوبات الأممية أو الأوروبية عليها.
لكن هذه العواصم الأوروبية الثلاث تتهم اليوم طهران بعدم الوفاء بالتزاماتها وتهددها بإعادة فرض العقوبات عليها بموجب آلية منصوص عليها في الاتفاق.
وتنتهي صلاحية هذه الآلية وبالتالي إمكان إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهو أمر يسعى الإيرانيون إلى تجنبه بأي ثمن.
إعادة فرض العقوبات
أكد مصدر أوروبي أن "تقاعس مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) ليس خياراً" تجاه إيران، محذراً من أن الأوروبيين سيبلغون الإيرانيين في اجتماع إسطنبول بأن نافذة العودة للوضع الطبيعي ستغلق في الخريف.
وأوضح المصدر أن الأوروبيين يستعدون لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات "في حال عدم التوصل إلى حل تفاوضي"، داعياً الإيرانيين إلى استئناف تعاونهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي الذي سيشارك في محادثات إسطنبول وصف الثلاثاء اللجوء إلى آلية "سناب باك" بأنه "غير قانوني بتاتاً"، مؤكداً أن الدول الأوروبية "أنهت التزاماتها" بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف غريب آبادي "لقد حذرناهم من الأخطار، لكننا ما زلنا نسعى إلى أرضية مشتركة".
وسبق لطهران أن هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي التي تضمن الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، إذ ما أعاد الأوروبيون فرض العقوبات الأممية عليها.
لكن إيران تريد تجنب مثل هذا السيناريو كونه سيزيد من عزلتها الدولية، وسيزيد أيضاً الضغوط الشديدة التي يرزح تحتها اقتصادها المنهك أساساً من جراء العقوبات.
وتحمل إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية جزءاً من المسؤولية عن الضربات الإسرائيلية والأميركية التي طاولت أراضيها، وقد علقت رسمياً كل أشكال التعاون مع هذه الوكالة الأممية في مطلع يوليو (تموز).
وأثار هذا القرار الإيراني غضب إسرائيل، التي دعت الدول الأوروبية الثلاث إلى "إعادة فرض كل العقوبات على إيران".
التخصيب مستمر
بعد الحرب، جددت إيران تأكيدها أنها لن تتخلى عن برنامجها النووي، واصفة إياه على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي بأنه مسألة "فخر وطني"، وأكد عراقجي مجدداً الخميس أنه "من المهم لهم (الأوروبيين) أن يعلموا أن مواقف إيران ثابتة وأن تخصيبنا سيستمر".
وغادر مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران إثر قرارها تعليق التعاون معهم، لكن فريقاً فنياً من الوكالة سيزور الجمهورية الإسلامية قريباً، بعد أن أعلنت أن التعاون بين الطرفين سيتخذ "شكلاً جديداً".
وأكد عراقجي أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران "متوقفة حالياً"، بسبب الأضرار "الجسيمة والشديدة" التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية.
ولا تزال الهوة واسعة جداً بين الولايات المتحدة وإيران في شأن قضية تخصيب اليورانيوم، إذ تعتبر طهران هذه الأنشطة حقاً "غير قابل للتفاوض"، بينما تعتبرها واشنطن "خطاً أحمر".
ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تخصب اليورانيوم إلى مستوى عال (60 في المئة)، وهذا المستوى يتجاوز بكثير الحد الأقصى البالغ 3.67 في المئة المنصوص عليه في الاتفاق الدولي المبرم في 2015 مع القوى الكبرى، لكنه أدنى من مستوى 90 في المئة اللازم لصنع قنبلة نووية.
وتنفي إيران الاتهامات الغربية والإسرائيلية لها بالسعي إلى صنع قنبلة ذرية، مؤكدة أن برنامجها النووي مدني وأهدافه سلمية محضة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 10 ساعات
- سعورس
طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية
وقال المساعد الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، خلال كلمته في مؤتمر الدول الحبيسة النامية المنعقد في تركمانستان: إن بلاده فقدت الثقة تمامًا في الولايات المتحدة ، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تكتفِ بتعطيل الحوار، بل شاركت بشكل مباشر في الهجوم على منشآت نووية إيرانية سلمية، على حد وصفه. وأضاف عارف أن بعض الدول قدمت الدعم لإسرائيل خلال ضرباتها الأخيرة على إيران ، بدلًا من إدانة ما وصفه بالعدوان، معتبرًا أن هذا الموقف يزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، ويقوّض فرص التهدئة. وأكد المسؤول الإيراني أن واشنطن"دمّرت طاولة المفاوضات" قبيل عقد الجولة السادسة من المحادثات النووية التي كانت مرتقبة، وهو ما أدى– بحسب تعبيره– إلى تعميق أزمة الثقة الدولية في التزامات الولايات المتحدة ، خاصة في ما يتعلق بالقضايا النووية الحساسة. تأتي تصريحات عارف في ظل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة عقب حرب يونيو الماضي، التي استمرت 12 يومًا بين طهران وتل أبيب، والتي قالت إيران: إن الولايات المتحدة شاركت فيها عبر استهداف منشآت نووية داخل أراضيها. وكانت طهران وواشنطن قد عقدتا خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بوساطة سلطنة عُمان، قبل أن تُعلّق بسبب التطورات العسكرية الأخيرة. وواجهت المحادثات خلافات رئيسية؛ أبرزها إصرار الولايات المتحدة على وقف تخصيب اليورانيوم داخل إيران بشكل كامل، وهو ما ترفضه طهران بشكل قاطع. وفي وقت سابق، أشار سعيد خطيب زاده، مساعد وزير الخارجية الإيراني ، إلى أن إيران"لا تستعجل الدخول في أي نوع من التفاعل أو التفاوض مع واشنطن"، في إشارة إلى غياب الثقة بجدية الولايات المتحدة في إنجاح أي اتفاق مستقبلي. ومع تزايد التصريحات المتبادلة وغياب أفق واضح لاستئناف الحوار، يرى مراقبون أن فرص العودة إلى طاولة المفاوضات باتت أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل استمرار التوترات الميدانية والانقسام الإقليمي بشأن الملف الإيراني.


الأمناء
منذ 13 ساعات
- الأمناء
كفالة بـ15 ألف دولار.. هل حوّل ترامب تأشيرة أمريكا إلى صفقة تجارية؟
وصف خبراء إلزام الولايات المتحدة الراغبين في الحصول على تأشيرة زيارتها بإيداع كفالة قدرها 15 ألف دولار، بأنه منهج جديد يفرض منطق رجل عقارات وليس رئيس دولة في إشارة للرئيس دونالد ترامب. وأكدوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق شيئين، أولهما زيادة الإيرادات المالية من خلال فرض غرامات على المخالفين الذين لا يغادرون البلاد في الموعد المحدد، وذلك للتخفيف من الأعباء التي يسببها المهاجرون غير الشرعيين. أما الثاني، فيندرج ضمن جهود ترامب لتقليص أعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة، رغم أن البلاد تأسست في الأصل على الهجرة، وترامب نفسه ينحدر من عائلة مهاجرة من أوروبا. وبينوا أن الذهاب إلى هذه الكفالة يعتبر إجراء قانونيا يحق لرئيس الولايات المتحدة ضمن عدة أطر وصلاحيات له بحكم منصبه، ولكن سيكتب ذلك فصلا جديدا لمواجهات في ساحات القضاء من جهة حول قرارات ترامب بإقامة دعاوى قضائية سواء من الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والداعمة للهجرة وفي الوقت نفسه من قيادات ونواب بالحزب الديمقراطي. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية اقترحت مؤخرا، إلزام المتقدمين للحصول على تأشيرات العمل والسياحة بإيداع ضمان يصل إلى 15 ألف دولار، وهي خطوة قد تجعل العملية باهظة التكلفة بالنسبة للكثيرين. وفي إشعار من المقرر نشره رسميا في السجل الاتحادي اليوم الأربعاء، قالت الوزارة إنها ستبدأ برنامجا تجريبيا مدته 12 شهرا، يلتزم بموجبه الأشخاص القادمون من دول تعتبر معدلات تجاوز مدة تأشيرة الدخول بين مواطنيها مرتفعة أو تفتقر إلى ضوابط أمنية داخلية للوثائق، إيداع ضمان مالي يبلغ 5 آلاف دولار أو 10 آلاف دولار أو 15 ألف دولار عند التقدم بطلب للحصول على تأشيرة. وبحسب الإشعار فإن البرنامج التجريبي سيدخل حيز التنفيذ في غضون 15 يوما من نشره رسميا، بهدف عدم تحمل حكومة الولايات المتحدة أي أعباء مالية في حال عدم امتثال الزائر لشروط تأشيرته. تقليص المهاجرين ويرى المحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي، أحمد محارم، أن الذهاب إلى تطبيق هذا الشكل من الكفالة المالية لمن يحصل على تأشيرة دخول الولايات المتحدة، تعكس سياسية ترامب في تقليص عدد المهاجرين. وأضاف محارم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تطبيق هذه الكفالة المالية في وقت يشار فيه إلى أن من يدخلون بتأشيرة زيارة سواء "بي 1" أو "بي 2" ، مطالبون بدفع مبلغ معين، وخلال الـ6 أشهر التي يسمح بها القانون بمكوث الزائر في الولايات المتحدة، سيحصل على هذا المبلغ من المطار عند المغادرة، أما في حال عدم العودة والقيام بـ"كسر التأشيرة" والانضمام إلى طوابير اللاجئين، فلن يحصل على هذه الكفالة بطبيعة الحال. وبين محارم أن كل هذه الإجراءات التي يتعامل بها ترامب تأتي ضمن محاولات تقليص عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة، على الرغم من أنها بلد هجرة في الأساس، وترامب رئيس الدولة ذاته من عائلة مهاجرة جاءت من أوروبا في الماضي. واستكمل محارم أن الكلام الذي يتحدث به الرئيس ترامب منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية في يناير/ كانون الثاني 2025، يظهر إدارته السياسة الداخلية والخارجية والأمنية والاقتصادية بطريقة تعود لخلفيته التجارية حيث يتعامل مع بلد بها 400 مليون مواطن، كرجل عقارات ناجح وليس رئيس دولة، وأنه يدير كل شيء في إطار الصفقات. ويؤكد محارم أن إدارة دولة تختلف عن إدارة صفقة، وكل هذه القرارات حتى الرسوم الجمركية التي أثارت أزمات عدة وصدامات، والخلافات مع دول منها الحليفة، ومواقفه مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي والمكسيك ثم التراجع في بعض القرارات، يظهر هذا المنهج. مصادر مالية جديدة فيما يوضح الخبير في السياسات الأمريكية، أحمد العلوي، أن الغرض من هذه الكفالة خلق مصادر مالية جديدة لتخفيف الأعباء عن الولايات المتحدة؛ إذ تتعامل بها مع المخالفين من جهة، ومن جهة أخرى، وضع عوائق متشددة أمام من يستهدفون الحصول على التأشيرة الأمريكية ثم يقومون بعد الوصول إلى ما يسمى بـ"أرض الأحلام" بالبحث عن عمل أو الزواج للحصول على الإقامة، أو من يخالفون القانون ويصبحون من اللاجئين. ويعتقد العلوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذه الكفالة تحمل تمييزا واضحا لمن لا يستطيعون تسديد هذا المبلغ غير المنطقي خاصة أن الولايات المتحدة كثيرا ما جاء إليها أشخاص بتأشيرة زيارة وأصبحوا نابغين وناجحين في عدة مجالات حققت فوائد ومكاسب وطفرات كبيرة لأمريكا، حيث حضروا دون مبالغ ضخمة وجاءوا بإبداعاتهم وأفكارهم وعقولهم، لافتا إلى أن ترامب بهذه الطريقة يعمل بشكل كبير على عرقلة وصول المبدعين الذين يحققون مكاسب عدة للولايات المتحدة. وقال العلوي، إن الذهاب إلى هذه الكفالة يعتبر إجراء قانونيا يحق لرئيس الولايات المتحدة ذلك ضمن عدة أطر وصلاحيات له، ولكن سيكون ذلك فصلا جديدا لمواجهات في ساحات القضاء من جهة حول قرارات ترامب بإقامة دعاوى قضائية سواء من الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والداعمة للهجرة وفي الوقت نفسه من قيادات ونواب بالحزب الديمقراطي. وتابع العلوي أن ترامب لا يهمه في قراراته ما يصلح وما ينفع، فهو له عقلية تواجه اختلافات من المقربين منه ولكن في النهاية يسير في ما يريده.


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
هذه أسباب تفوق ستارمر على الاتحاد الأوروبي في التعامل مع ترمب
فيما كانت أورسولا فون دير لاين تغادر اسكتلندا في نهاية الأسبوع الماضي وحبر اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي وقعته للتو مع دونالد ترمب لم يجف بعد، سادت أجواء من التشاؤم في العواصم الأوروبية. فبعد كل العروض التصعيدية والتهديدات بفرض رسوم مضادة، وقعت فون دير لاين اتفاقاً لقي انتقادات واسعة من قادة كثر، من بينهم المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي قال إن الاتفاق "سيلحق ضرراً بالغاً" باقتصاد بلاده، ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، الذي وصفه بأنه "أشبه بالخضوع". واعتبر رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وهو معروف بانتقاداته الصريحة لقيادة الاتحاد الأوروبي، أن ترمب "تغلب على فون دير لاين الضعيفة بسهولة بالغة"، ولكن كان هناك سؤال بعينه طرحه الدبلوماسيون ورؤساء الحكومات في أنحاء أوروبا كافة، وهو "كيف حصل كير ستارمر على صفقة أفضل منا؟". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولا يقتصر الأمر على أن الاتحاد الأوروبي سيستمر بدفع رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة، بل وافق أيضاً على إنفاق مليارات الدولارات من أجل شراء موارد الطاقة من الولايات المتحدة، مقارنة بالرسوم المفروضة على المملكة المتحدة، والتي بلغت 10في المئة. أورسولا فون دير لاين غير مؤثرة قال دبلوماسي مخضرم من إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لـ"اندبندنت" إن هناك "غضباً" بسبب ما حدث. وأضاف أن حقيقة أن المملكة المتحدة "تبدو وكأنها تكافأ على خروجها من الاتحاد الأوروبي" كانت مؤلمة للغاية. لكن ما يثير القلق هو أن القوة الجماعية المزعومة للاتحاد الأوروبي قد فشلت في تحقيق النتائج المرجوة. يقع جزء كبير من اللوم على عاتق فون دير لاين نفسها. ويشار إليها الآن بـصاحبة "الوزن الخفيف". ورأى الدبلوماسي أنها "لم تكن قوية بما يكفي لمواجهة ترمب". وأضاف أن " يستحضر كثر سجلها الضعيف حين كانت وزيرة للدفاع في الحكومة الألمانية، والآن هي ضعيفة كمفاوضة". وصف مصدر مطلع في منتجع ترمب للغولف في تيرنبيري كيف أن الرئيس الأميركي "لم يكن في عجلة من أمره" لاختتام المحادثات السبت الـ26 من يوليو (تموز). وأضاف المصدر أنه "أراد قضاء مزيد من الوقت في التحدث إلى الضيوف والتقاط الصور معهم"، لافتاً "كان كريماً للغاية مع الجميع هناك، بمن فيهم الموظفون". ستارمر يستحق الاحترام بيد أن الأمر كان مختلفاً مع السير كير. وقد أشار المصدر المطلع إلى أن ترمب "تحدث بحماسة شديدة عن ستارمر. إنه يحبه بصورة صادقة. أعتقد أنه يحترم ستارمر لدفاعه عن نفسه ولكونه صريحاً وصادقاً. ترمب لا يحب المتملق الخالص". وأوضح "إنه يرى في كير رجلاً محترماً، وهو ما لا يراه الناس العاديون في المملكة المتحدة على الإطلاق". ويبدو أن هذا لا يقتصر فقط على قضايا التجارة، بل يشمل أيضاً المشكلات في الشرق الأوسط. عندما أعلن إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطينية، تعرض لهجوم شرس من ماركو روبيو، وزير خارجية ترمب. وعندما قام رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بالشيء ذاته، قال ترمب نفسه إن ذلك يشكل تهديداً لاتفاقهما التجاري، ولكن عندما فعل ستارمر ذلك، وافق ترمب فعلياً على القرار وقال إنه لا يمانع فيه. كانت العلاقة الشخصية بين ستارمر وترمب حاسمة في إنجاز ذلك، لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. فقد قال مصدر مطلع في واشنطن ومقرب من البيت الأبيض لـ"اندبندنت" إن "ترمب لا يريد أي مشكلات مع المملكة المتحدة قبل أن يجري زيارة دولة ناجحة في سبتمبر (أيلول)". وتوقع المصدر أن "تنهار العلاقة مع ستارمر في نهاية المطاف بسبب الرقابة المتمثلة بمشروع قانون الأضرار من طريق الإنترنت، والضرائب على الخدمات الرقمية، والهجرة غير الشرعية، وفلسطين، واستسلام حزب العمال للإسلاموية". ومع ذلك قد لا تكون الأمور كذلك. فالعنصر الأساس في الدبلوماسية البريطانية مع الولايات المتحدة هو الملك تشارلز الثالث وولي العهد الأمير ويليام، إذ يكن الرئيس الأميركي احتراماً كبيراً للعائلة المالكة، وهو ما يساعد في الحفاظ على العلاقات بين البلدين. قال أحد المصادر إن "الملك وترمب قريبان جداً في الواقع". في غضون ذلك، "تحدث كثيراً" مع الأمير ويليام، الذي التقاه بمناسبة إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس. جهود السفير ماندلسون الناجعة يضاف إلى ذلك كله عمل اللورد ماندلسون بوصفه سفيراً للمملكة المتحدة لدى واشنطن العاصمة. وبعدما كاد تثبيت ماندلسون [في منصبه هذا] يقابل بالرفض بسبب صلاته بالصين، فهو بات "يعمل باجتهاد لترتيب لقاءات مع جميع الأطراف وإقامة علاقات". وقال أحد المصادر "إن من الأسباب الرئيسة لنجاح المملكة المتحدة في التوصل إلى اتفاق التجارة"، كما لعب دوراً محورياً بغية ضمان أن تحقق زيارة الدولة التي سيقوم بها ترمب في سبتمبر، "نجاحاً كبيراً". ولفت أحد المطلعين في واشنطن العاصمة إلى أن "اللورد ماندلسون لربما هو السفير الأكثر فاعلية في واشنطن في الوقت الحالي. يبدو أنه يعرف الجميع". ويأمل السير كير في أن يكون كل ذلك كافياً للحفاظ على المعاملة التفضيلية التي يبدو أن الولايات المتحدة تخصه بها كزعيم عالمي.