logo
أنظمة غذائيّة "عجيبة" تتصدّر وسائل الإعلام ومواقع التواصل... من أين منبعها؟ إختصاصيّة تغذية تكشف لـ "الديار" عن إيجابيّات وسلبيات Carnivore Diet!

أنظمة غذائيّة "عجيبة" تتصدّر وسائل الإعلام ومواقع التواصل... من أين منبعها؟ إختصاصيّة تغذية تكشف لـ "الديار" عن إيجابيّات وسلبيات Carnivore Diet!

الديارمنذ 19 ساعات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
في السنوات الأخيرة، بات من المألوف أن نسمع بين الفينة والاخرى عن نظام غذائي "ثوري" يعد بنتائج سريعة ومذهلة، سواء على صعيد فقدان الوزن أو حتى الوقاية من الأمراض المزمنة والمعقدة. من الكيتو إلى الصيام المتقطع، ومن النباتي الصارم إلى الكارنيفور.
أنظمة تتعدد وتختلف الى حد التناقض أحيانا، لكنها تشترك في شيء واحد: وعود كبيرة وضجة واسعة، وجمهور يبحث عن حلول سريعة ومؤثرة.
انطلاقا من كل ما تقدم، يبرز اليوم نظام الحمية اللحمية، أو النظام المعتمد كليا على المنتجات الحيوانية، كنموذج جديد نسبيا يلقى رواجا ملحوظاً، خصوصا بين أولئك الذين سئموا الأنظمة التقليدية، أو من يعانون من أمراض مزمنة فشل الطب الغذائي التقليدي في تخفيفها. يُروج له على أنه نظام "علاجي" في بعض الحالات، يُقال إنه يساعد في تقليل الالتهابات، وضبط السكر، وتحسين المناعة، بل هناك من يربطه بتحسن حالات السرطان أو الزهايمر، وإن كانت هذه الادعاءات لا تزال في دائرة البحث.
كيف ينظر خبراء التغذية والباحثون الذين يعتمدون على منهج علمي تجريبي إلى مثل هذه الأنظمة؟ هل هي فعلا ثورية ومغيّرة لقواعد اللعبة؟ أم أنها نسخ محدثة من صيحات غذائية سابقة يُعاد تغليفها بعناوين جذابة؟ وهل من المفيد فعلا أن نبقى على اطّلاع مستمر بمثل هذه البرامج؟ أم أن التنقل بينها قد يُربك الجسم أكثر مما يفيده؟
الواقع أن تطور الأبحاث في علوم التغذية والأيض، يجعل من الطبيعي ظهور اتجاهات غذائية جديدة، بعضها يستند إلى أدلة علمية، بينما يستغل الآخر فجوات البحث ليقدم نفسه كحل بديل. ما يجب التنبّه له، بحسب مختصين، هو التمييز بين الأساليب المبنية على دراسات طويلة المدى، وبين تلك التي تُبنى على تجارب فردية أو مشاهدات محدودة. فليس كل ما يُسوّق على أنه "صحي" هو بالضرورة مناسب للجميع، كما أن النجاح مع شخص لا يعني نجاحه مع الجميع.
في جميع الأحوال، إن مقاربة هذه الحميات ومنها "الكارنيفور"، بعيدا عن الحماس اللحظي والموضة، تتيح لنا فهما أعمق لأثرها الحقيقي، وإذا كانت تقدم فائدة فعلية على الصعيدين القريب والبعيد، أو أنها مجرّد محطات مؤقتة سرعان ما يتم تجاوزها عند ظهور نظام أحدث. المهم بحسب الخبراء، هو اتباع منهج تغذوي فردي ومدروس ومستدام، يخاطب احتياجات الجسم الفعلية، لا رغباته اللحظية.
خصائص حمية اللحم
على الصعيد الغذائي، توضح اختصاصية التغذية كاتيا قانصو لـ "الديار"، أن "نظام الكارنيفور الغذائي يقوم بشكل أساسي على الاستهلاك الحصري تقريبا للأطعمة الحيوانية، إذ يركّز على تناول اللحوم بجميع أنواعها، إلى جانب بعض المنتجات المشتقة منها، ومرق العظام ومشتقات الحليب منخفضة اللاكتوز كالأجبان الصلبة".
وتقول: "تشمل قائمة الأطعمة المسموح بها في هذا النظام، اللحوم الحمراء كالبقر والغنم والماعز، وبعض المدارس تُجيز اللحوم البيضاء مثل الدجاج والديك الرومي، بينما تعارضها أخرى. كما تدرج الأسماك والمأكولات البحرية، والدهون الحيوانية كالسمن والدهن الحيواني (الشحم)، فضلا عن الكبد والأعضاء الداخلية. ويُسمح أيضا بـالبيض والماء والملح في اغلب التوجهات، وأحيانا كميات ضئيلة جدا من التوابل حسب المدرسة المتبعة، مع إمكانية تناول القهوة السوداء أو الشاي، تبعا للنهج الغذائي المحدد".
وتشدد على أن "نظام الكارنيفور يمنع بشكل صارم تناول مجموعة واسعة من الأطعمة ذات المصدر النباتي. وتتضمن قائمة الممنوعات: الخضراوات والفواكه بجميع أنواعها، الحبوب، البقوليات، المكسرات، البذور، والزيوت النباتية. كما يُمنع استهلاك الحليب ومنتجاته، رغم أن بعض مدارس الكارنيفور تسمح باستثناءات محدودة، مثل الزبدة أو الأجبان كاملة الدسم. ويُحظر تماما تناول السكر والعسل والمحليات الصناعية أو الطبيعية، بهدف الحفاظ على نقاء النظام القائم على المنتجات الحيوانية فقط".
نتائج ملموسة!
وتكشف قانصو أن "نظام الكارنيفور، رغم جدليته، قد ارتبط وفقا للتقارير والتجارب الفردية بعدد من المنافع الصحية المحتملة. من بين أبرز هذه الفوائد: تقليل الالتهابات المزمنة، وتحسين مشاكل الجهاز الهضمي مثل القولون العصبي والانتفاخ، إلى جانب تحسن في صحة الجلد لدى بعض المتبعين، بما في ذلك حالات حبّ الشباب والأكزيما، رغم غياب الأدلة العلمية الكافية لدعم هذه الادعاءات.
كما يُلاحظ عند كثيرين، تضيف الاختصاصية، فقدان وزن سريع، لا سيما في المراحل الأولى من اتباع النظام، بالإضافة إلى زيادة في الوضوح الذهني واستقرار مستويات الطاقة. وتشير بعض التجارب الشخصية أيضا إلى تحسّن في تنظيم سكر الدم ومقاومة الإنسولين، وحتى بعض أمراض المناعة الذاتية، وإن كانت هذه النتائج لا تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسات العلمية لتأكيدها".
وتتحدث عن "التبعات السلبية التي قد ترافق اتباع نظام الكارنيفور، خاصة عند الالتزام به لفترات طويلة. من أبرز هذه المجازفات نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية، مثل فيتامين C والمغنيزيوم والألياف الغذائية، ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل الإمساك واضطرابات الهضم ، نتيجة لغياب الألياف من النظام الغذائي". مشيرة الى "إمكانية ارتفاع مستويات الكوليسترول، لا سيما الـ LDL (الكوليسترول الضار)، رغم أن بعض الدراسات الحديثة لا تربط هذا الارتفاع بشكل مباشر بأمراض القلب".
وتلفت إلى "أن هذا النظام قد لا يكون مناسبا لفئات معينة مثل النساء الحوامل أو المرضعات، وكذلك الأطفال، بسبب احتياجاتهم الغذائية المتنوعة. لذا، هناك صعوبة في الالتزام بهذا النظام على المدى الطويل نظرا لطبيعته المقيدة"، وتؤكد على "أن الدراسات العلمية طويلة الأمد لا تزال محدودة، ما يجعل تقييم تأثيراته البعيدة المدى غير محسوم بعد".
فترة زمنية محددة!
وتبيّن قانصو أن "الكارنيفور يُستخدم أحيانا كخيار علاجي أو تجريبي في حالات محددة، لكنه ليس ملائماً للجميع"، وتشدد على "أهمية اتباعه تحت إشراف اختصاصي تغذية أو طبيب مختص، خصوصا عند اتباعه لفترة تتجاوز بضعة أسابيع. وتشمل الحالات التي قد يُنصح فيها بهذا النظام بشكل تجريبي أو علاجي: أمراض المناعة الذاتية، مشكلات الجهاز الهضمي المزمنة، مقاومة الإنسولين الحادة، مقدمات السكري أو النوع الثاني من السكري، إضافة إلى حالات السمنة أو زيادة الوزن التي لم تنجح معها الحميات التقليدية". كما تشير إلى "إمكانية استخدامه في بعض الحالات النفسية الخاصة، ولكن بكثير من الحذر وتحت مراقبة طبية دقيقة".
وتشدد على "وجود فئات لا يُنصح لها إطلاقا باعتماد هذا النظام الغذائي، سواء لأسباب صحية أو فسيولوجية. وتشمل هذه الفئات: الأطفال والمراهقين، النساء الحوامل والمرضعات، ومرضى الكلى المزمن، نظرا لما قد يسببه النظام من عبء على وظائف الكلى، أو نقص في المغذيات الأساسية. كما لا يُنصح به لمن يعانون من اضطرابات الأكل أو نقص في الحديد أو فيتامينات معينة، حيث قد يؤدي تقييد الأغذية النباتية إلى تفاقم هذه الحالات".
وتؤكد أن "اتباع الكارنيفور لأكثر من 4 إلى 6 أسابيع، يجب أن يتم فقط تحت إشراف طبي أو تغذوي متخصص، لتجنّب أي مضاعفات محتملة أو تأثيرات سلبية مستقبلا".
وتنصح قانصوه في الختام الأشخاص الراغبين في تجربة نظام الكارنيفور، "بالتحضير المسبق لتفادي الأعراض الجانبية". وتُوصي "بـالتحقق من الوضع الصحي العام، خصوصا وظائف الكلى قبل البدء في هذا النظام، نظرا لاعتماده الكامل تقريبا على البروتينات والدهون الحيوانية، الى جانب المتابعة مع اختصاصي تغذية أو طبيب طوال فترة الالتزام بالنظام، لضمان التوازن الغذائي وتجنّب النقص في العناصر الحيوية".
وتشير إلى "أن البدء بـخفض الكربوهيدرات تدريجياً، قد يُسهم في تخفيف صدمة الجسم ويجعل الانتقال أسهل. ومن الضروري أيضا شرب كميات كافية من الماء، مع إضافة الإلكترولايتات الأساسية مثل الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم، لتجنب ما يُعرف بـ "كارنيفور فلو" وهي أعراض شائعة تشمل التعب والدوخة والإمساك، قد تظهر في الأيام الأولى من اتباع النظام".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كركي: رفع نسبة التغطية في الأعمال الجراحية إلى 90%
كركي: رفع نسبة التغطية في الأعمال الجراحية إلى 90%

الديار

timeمنذ 5 ساعات

  • الديار

كركي: رفع نسبة التغطية في الأعمال الجراحية إلى 90%

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن المدير العام للصندوق الوطني محمد كركي، اليوم الخميس، عن إصدار سلسلة من الإجراءات الجديدة "الهادفة إلى تحسين تقديمات الضمان وتوسيع مروحة خدماته". وقالت مديرية العلاقات العامة في صندوق الضمان الاجتماعي في بيان: "فمنذ أيلول/ سبتمبر 2023، باشر الصندوق بتنفيذ زيادات تدريجية على تعرفاته الطبية والاستشفائية، انسجاماً مع تطوّر الأكلاف الفعلية للسوق الطبية في لبنان، وبناءً على دراسات إكتوارية دقيقة ومتابعة حثيثة من المدير العام من خلال توجيهاته لكلّ من مديرية المرض والأمومة، ورئاسة الأطباء، ومصلحة المستشفيات في الصندوق للقيام بما يلزم، ونتاجاً مباشراً لسلسلة اجتماعات تنسيقية عقدتها الإدارة العامة مع نقابة المستشفيات الخاصة ونقابة الأطباء، برعاية ودعم مستمر من قبل وزير العمل محمد حيدر، لضمان تطوير تعرفة عادلة ومتوازنة تحمي حقوق جميع الأطراف". وأضافت: "وفي هذا السياق، واستنادًا إلى قرار مجلس الإدارة رقم 1409 (جلسة عدد 1112 تاريخ 24/7/2025)، أصدر كركي مذكرة إعلامية جديدة بتاريخ 7 /8/2025، حملت الرقم 802، قضى بموجبها رفع نسبة مساهمة الصندوق في الأعمال الجراحية المشمولة بالنظام الاستشفائي المقطوع، بحيث أصبحت كافّة الأعمال الجراحية المقطوعة داخل المستشفيات مغطاة بنسبة 90% من قبل الصندوق". كما طلب من جميع المستشفيات المتعاقدة مع الصندوق الالتزام بهذه التعرفات، وعدم تحميل المضمونين أي فروقات إضافية تفوق نسبة ال 10% التي يتحمّلها المضمون، تحت طائلة وقف السلفات المالية وفسخ التعاقد، عند الاقتضاء. وتابعت مديرية العلاقات العامة في صندوق الضمان الاجتماعي: "وفي خطوة متوازية تهدف إلى تأمين استمرارية تقديم الخدمات للمضمونين الاختياريين، أصدر المدير العام ثلاثة قرارات استثنائية حملت الأرقام 678-679-680 لكلّ من مكتب بتغرين وشحيم، وبشري وذلك بتاريخ 6/8/2025، قضت بمنح هذه المكاتب سلفات مالية استثنائيّة بقيمة 650 مليون ل.ل. و450 مليون ل.ل. و350 مليون ل.ل. على التوالي، وذلك لدفع المعاملات الطبية العائدة للمضمونين الاختياريين وضمان استمرارية تلبية حاجاتهم الصحية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة". وأكد كركي أنّ "هذه الخطوات تُجسّد التزام الصندوق بكافّة أجهزته (المديريّة العامّة، اللجنة الفنيّة ومجلس الإدارة) بالدور الوطني المُلقى على عاتقه، كما تعبّر عن إرادة إدارية واضحة في صون كرامة المضمونين وتعزيز قدرات المكاتب الإقليمية، والارتقاء بنوعية الخدمة الطبية وتأمينها في كافّة المناطق اللبنانية من دون استثناء".

الإفراط في تناول الزبدة قد يدمّر الصحة
الإفراط في تناول الزبدة قد يدمّر الصحة

ليبانون 24

timeمنذ 5 ساعات

  • ليبانون 24

الإفراط في تناول الزبدة قد يدمّر الصحة

أشار الأطباء إلى أن الإفراط في تناول الزبدة قد يسبب مخاطر جسيمة على القلب والأوعية الدموية والكبد، لذلك لا يُنصح بتناول أكثر من 10–20 غراما يوميا. ووفقا للدكتور ألكسندر روغاتشيف، أخصائي أمراض القلب والأوعية الدموية، يدّعي بعض الأشخاص الذين يفرطون في تناول الزبدة أن الدهون تعزز ما يُعرف بـ"مرونة التمثيل الغذائي"، أي أنها تمدّ الجسم بالطاقة وتقلّل من الرغبة الشديدة في تناول الحلويات. وقال روغاتشيف: "تُعدّ الزبدة مصدرا مركّزا للطاقة، ولكن عند تناولها بانتظام وبكميات كبيرة، فإنها تُسبب ضغطا إضافيا على الكبد والبنكرياس والأوعية الدموية. فالإفراط في تناول الدهون المشبعة يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار (LDL)، وهو ما يرتبط ارتباطا مباشرا بزيادة خطر الإصابة بتصلب الشرايين واحتشاء عضلة القلب. وحتى عند اتباع نظام الكيتو الغذائي، يجب أن تأتي الدهون من مصادر متنوعة، لا من الزبدة فقط." وأضاف: "تناول الزبدة بكميات كبيرة لن يُسرّع عملية الأيض، بل قد يؤدي إلى مخاطر صحية جسيمة على القلب والكبد والأوعية الدموية. فحب الزبدة قد لا ينتهي بنصائح خبير تغذية، بل بزيارة طبيب القلب أو طبيب الجهاز الهضمي". (روسيا اليوم)

سكر الدماغ وتأثيره على الإدراك والتركيز... هل هو خطر حقيقي؟
سكر الدماغ وتأثيره على الإدراك والتركيز... هل هو خطر حقيقي؟

الديار

timeمنذ 17 ساعات

  • الديار

سكر الدماغ وتأثيره على الإدراك والتركيز... هل هو خطر حقيقي؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في خضمّ الحديث عن التغذية والصحة العقلية، برز مفهوم "سكر الدماغ" كواحد من المصطلحات الحديثة، التي بدأت تُتداول بشكل متزايد في الأوساط الطبية والعلمية. يشير هذا المصطلح إلى التأثيرات السلبية للإفراط في تناول السكريات على صحة الدماغ ووظائفه الحيوية، وهو موضوع يستحق الوقوف عنده نظرا لعلاقته المباشرة بالتركيز، الذاكرة، الحالة النفسية، بل وحتى بالمستوى الإدراكي العام للفرد. يُعدّ الدماغ من أكثر أعضاء الجسم استهلاكا للطاقة، حيث يستخدم ما يقارب 20% من الطاقة التي يحصل عليها الجسم من الغذاء. وهذه الطاقة تأتي بشكل رئيسي من الجلوكوز، وهو الشكل الأبسط للسكّر. في الظروف الطبيعية، يُسهم الجلوكوز في تغذية الخلايا العصبية، ودعم عمليات التفكير واتخاذ القرار والحفظ. لكن، وعندما يتجاوز الإنسان الحد الطبيعي لاستهلاك السكر، خاصة السكريات الصناعية والمكررة، يبدأ هذا العنصر المفيد بالتحوّل إلى عامل مضر قد يقوّض وظائف الدماغ الأساسية. من أبرز التأثيرات السلبية لسكر الدماغ، هو إضعاف القدرة على التركيز والانتباه. فبعد استهلاك كميات كبيرة من السكر، يشعر الكثيرون بنوع من "الضبابية الذهنية"، وهي حالة من التشتت الذهني وعدم الوضوح في التفكير. يعود ذلك إلى التقلبات السريعة في مستويات الجلوكوز في الدم، مما يؤدي إلى استجابة عشوائية من الدماغ بين النشاط الزائد والانخفاض الحاد في الطاقة، وهو ما يضعف الأداء المعرفي. كما أظهرت الدراسات أن الإفراط في تناول السكر يمكن أن يؤثر سلبا على الذاكرة، خصوصا الذاكرة قصيرة المدى. فقد بيّنت بعض الأبحاث أن الأنظمة الغذائية الغنية بالسكريات قد تُحدث التهابات في الدماغ، وتُضعف الروابط العصبية في منطقة الحُصين، وهي المنطقة المسؤولة عن تكوين الذكريات وتنظيم المشاعر. على المستوى النفسي، هناك رابط متزايد بين السكر واضطرابات المزاج. فبينما قد يمنح السكر شعورا مؤقتًا بالسعادة والنشاط نتيجة ارتفاع هرمونات مثل الدوبامين، إلا أن هذا الأثر لا يدوم طويلا. سرعان ما يتبعه هبوط حاد في الطاقة والحالة المزاجية، مما قد يعرّض الإنسان لنوبات من القلق أو الاكتئاب على المدى الطويل. بل إن بعض الباحثين شبّهوا تأثير السكر على الدماغ بتأثير بعض المواد المُسبّبة للإدمان، حيث يُحفّز نفس مناطق المكافأة في الدماغ، مما يدفع البعض إلى الإفراط في تناوله بشكل قهري. من جهة أخرى، فإن ارتفاع السكر المزمن قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ"مقاومة الإنسولين الدماغية"، وهي حالة يصبح فيها الدماغ أقل استجابة للإنسولين، ما يؤثر على قدرة الخلايا العصبية في امتصاص الغلوكوز بشكل فعّال. وقد تم ربط هذه الحالة بزيادة خطر الإصابة بأمراض عصبية مزمنة مثل الزهايمر والخرف. لا يمكن إغفال تأثير سكر الدماغ على جودة النوم كذلك. فقد يؤدي الإفراط في استهلاك السكر إلى اضطرابات في نمط النوم، كالاستيقاظ المتكرر أو صعوبة النوم، ما يُضعف قدرة الدماغ على الراحة وإعادة التوازن الكيميائي والعصبي، وهو ما ينعكس مباشرة على الأداء العقلي والنفسي في اليوم التالي. في ضوء كل ما سبق، من الضروري أن يُعيد الإنسان تقييم علاقته بالسكر، لا سيما في ظل الانتشار الواسع للمنتجات الغذائية المصنعة والمشروبات المحلاة. ليس الهدف هو الامتناع التام عن السكر فهو لا يزال مكوّنًا ضروريا في النظام الغذائي، وإنما الاعتدال في استهلاكه، والاعتماد على مصادر طبيعية كالفواكه والخضروات، التي تمنح الجسم طاقة متوازنة دون الإضرار بالدماغ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store