logo
البيان الختامي لمشاركة مدير مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية في الندوة الدولية بـ لندن

البيان الختامي لمشاركة مدير مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية في الندوة الدولية بـ لندن

مصراويمنذ 2 أيام
كتب- محمد قادوس:
اختتمت في العاصمة البريطانية لندن أعمال الندوة الدولية الفقهية حول «النوازل الفقهية في الزواج والطلاق»، والتي نظمها مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بالتعاون مع هيئة الإفتاء والشئون الشرعية بالمركز الثقافي الإسلامي بلندن، وبمشاركة نخبة من العلماء والمفتين، وسفراء الدول الإسلامية، ورؤساء مراكز إسلامية وممثلين عن هيئات دولية، من أكثر من 10 دول أوروبية وإفريقية.
وفي نهاية الندوة كان البيان الختامي المتضمن للنتائج والتوصيات؛ وهذا نصه:
"بسم الله الرحمن الرحيم"
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ المُرسَلينَ، سيِّدِنا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصَحبِه أجمعينَ.
أمَّا بعدُ،،،
فإنَّ رابطةَ الزَّوجيَّةِ في الإسلامِ رابطةٌ مُقدَّسةٌ، وصَفَها اللهُ – تعالى – بالميثاقِ الغليظِ؛ ومن ثمَّ، فلا يَحلُّ لأحدٍ أن يعبثَ بها، أو يجعلَها مَطِيَّةً لتحقيقِ أهواءٍ أو رغباتٍ شخصيَّةٍ على حسابِ أحكامِ الشَّريعةِ الغرَّاءِ.
وانطلاقًا من عِنايةِ الإسلامِ بالأسرةِ، وحرصًا على الحفاظِ عليها من كلِّ ما يُؤدِّي إلى تقويضِها أو الإخلالِ بكيانِها؛ فقد انعقدت –بحمدِ اللهِ وتوفيقِه– ندوةُ "نوازلِ الزَّواجِ والطَّلاقِ المعاصرة لدى المجتمعات المسلمة في الغرب"، بتنظيمِ ومُشاركةِ عددٍ من الهيئاتِ العلميَّةِ والمراكزِ الإسلاميَّةِ في أوروبا، وبحضورِ نُخبةٍ من العلماءِ والباحثينَ الشَّرعيِّينَ المهتمِّينَ بشؤونِ الأسرةِ في الغربِ، وذلك في مدينةِ لَنْدن، لمُناقشةِ جملةٍ من المسائلِ المعاصرةِ المتعلِّقةِ بالزَّواجِ والطَّلاقِ في السِّيَاقاتِ الغربيَّةِ، ومن أبرزِها: الزَّواجُ والطَّلاقُ الصُّوريَّان، والطَّلاقُ بلفظِ الثَّلاثِ في مجلسٍ واحدٍ، وحُكمُ الزَّواجِ بدونِ وليٍّ.
وقد تشرَّفتِ النَّدوةُ بحضورِ معالي الأستاذِ الدُّكتورِ الشَّيخِ قَيْسِ آل الشَّيخِ مُبارك – عضوِ هيئةِ كبارِ العلماءِ بالمملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ سابقًا، ورئيسِ اللَّجنةِ الشَّرعيَّةِ بهيئةِ الأوقافِ السُّعوديَّةِ، والمُشرِفِ العامِّ على هيئةِ الفتوى والشُّؤونِ الشَّرعيَّةِ في لَنْدن – رئيسًا للجنةِ العلميَّةِ، وبمُشاركةِ:
• الأزهرِ الشَّريف – مُمثَّلًا بـمركزِ الأزهرِ العالميِّ للفَتوى، معالي المديرِ العامِّ الأستاذِ الدُّكتورِ أسامة هاشم الحديدي.
•مَجمَعِ الفقهِ الإسلاميِّ الدَّوليِّ – مُمثَّلًا بمعالي الأمينِ العامِّ الأستاذِ الدُّكتورِ قطب مصطفى سانو.
وبعدَ عرضِ البحوثِ، ومُداولاتِ اللجانِ العلميَّةِ، يُشرِّفُنا أن نُلقيَ على مسامِعِ حضراتِكم بيانَ النَّدوةِ الختاميَّ، على النَّحوِ الآتي:
أوَّلًا: تُثَمِّنُ النَّدوةُ الجُهودَ المبذولةَ من الباحثينَ المشاركين في سبيلِ التَّكييفِ العِلميِّ والفقهيِّ الرَّصينِ لبعضِ النَّوازِلِ الفقهيَّةِ المتخصِّصةِ في قضايا الزَّواجِ والطَّلاقِ؛ حيث جاءت هذه البحوثُ بمضامينِها العلميَّةِ لتُؤطِّرَ الحُكمَ الفقهيَّ المُناسبَ لهذه القضايا، بما يتوافقُ مع أصولِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، ويُراعي مصالحَ الناسِ في واقعِهم المعاصِر.
ثانيًا: تُؤكِّدُ النَّدوةُ أنَّ الفتوى الشَّرعيَّةَ في قضايا النَّوازِلِ والمُستجدَّاتِ لا ينهضُ بها إلَّا المتخصِّصونَ الرَّاسخونَ في العلمِ، ممَّن يَملكونَ القُدرةَ على النَّظرِ في المسائلِ وملابساتِها، وتحديدِ مناطاتِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ فيها، واختيارِ الأقوالِ الفقهيَّةِ المُناسبةِ لها، بما يُحقِّقُ المصالحَ ويدفعُ المفاسدَ.
ثالثًا: تُحذِّرُ النَّدوةُ من مَسلكَيِ التَّشديدِ والتَّساهلِ في الفُتيا في قضايا الأسرةِ من النَّوازِلِ والمُستجدَّاتِ، وتُهيبُ بغيرِ المتخصِّصينَ – أو مَن لم يتوفَّر لديهم تأهيلٌ شرعيٌّ ومُؤسَّسيٌّ للإفتاءِ – بعدمِ التَّصدُّرِ للفتوى أو الإفتاءِ بغيرِ علمٍ؛ لما في ذلك من مخاطرَ جسيمةٍ قد تُهدِّدُ التَّماسكَ الأسريَّ والاستقرارَ المجتمعيَّ
رابعًا: تُؤكِّدُ النَّدوةُ أنَّ الفُتيا في النَّوازِلِ الأُسريَّةِ في البلادِ الأوروبيَّةِ والغربيَّةِ لها سِياقاتٌ خاصَّةٌ، وتفاصيل متعدِّدةٌ، يُراعى فيها الواقعُ الأوروبيُّ ومتغيِّراتُه المتتابِعةُ؛ ومن ثَمَّ، تُوصي النَّدوةُ بضرورةِ تجديدِ الخطابِ الإفتائيِّ وتطويرِه، بما يتناسبُ وهذا الواقعَ، وِفقَ أصولِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ ومكارمِها.
خامسًا: قامتِ النَّدوةُ بدراسةِ بعضِ النَّوازِلِ والقضايا الفقهيَّةِ المُستجدَّةِ، ومنها: الزَّواجُ الصُّوريُّ، والطَّلاقُ الصُّوريُّ، والطَّلاقُ بلفظِ الثَّلاثِ في مجلسٍ واحدٍ، وحُكمُ اشتراطِ الوليِّ في الزَّواجِ، وقد انتهت النَّدوةُ –استنادًا إلى المضامينِ والبحوثِ العلميَّةِ المُقدَّمةِ– إلى ما يلي:
1) يُقصَدُ بالزَّواجِ الصُّوريِّ: عقدٌ يُبرَمُ لتحقيقِ مآربَ دنيويَّةٍ ومكاسبَ مادِّيَّةٍ لطرفَي عقدِ الزَّواجِ، دون نيَّةِ الدُّخولِ في علاقةٍ زوجيَّةٍ حقيقيَّةٍ.
ويُقصَدُ بالطَّلاقِ الصُّوريِّ: إعلانُ الطَّلاقِ بوثيقةٍ رسميَّةٍ وقانونيَّةٍ، بغرضِ الحصولِ على إعاناتٍ ماليَّةٍ أو سكنيَّةٍ، مع بقاءِ العلاقةِ الزَّوجيَّةِ الفعليَّةِ بين الزَّوجينِ.
وقد انتهتِ النَّدوةُ إلى أنَّ الحُكمَ الشَّرعيَّ في هاتينِ الصُّورتينِ محرَّمٌ ومَنْهيٌّ عنه؛ لما اشتملتا عليه من الغِشِّ والكذبِ، ومناقضتِهما لمقاصدِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، ولِما يترتَّبُ عليهما من آثارٍ سلبيَّةٍ وعواقبَ وخيمةٍ على الفردِ والمجتمعِ، فضلًا عمَّا قد يُفضي إليه ذلك من تشويهِ صورةِ الإسلامِ في المجتمعاتِ الغربيَّةِ.
2) يُقصَدُ بالطَّلاقِ بلفظٍ واحدٍ في مجلسٍ واحدٍ: أن يُطلِّقَ الزَّوجُ زوجتَهُ ثلاثَ طلقاتٍ متتابعاتٍ في مجلسٍ واحدٍ، أو أن يقولَ لها بلفظٍ واحدٍ: "أنتِ طالقٌ ثلاثًا".
وقد انتهتِ النَّدوةُ إلى أنَّ جمهور الفقهاء، يرون الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد يقع طلاقا بائنًا بينونةً كبرى، وذهب آخرون إلى أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة.
وعلى المجالِسِ الشَّرعيَّةِ والجِهاتِ المعنيَّةِ بالإفتاءِ أنْ تُوليَ عِنايةً خاصَّةً بأحوالِ الأُسَرِ التي تعرَّضَتْ للطَّلاقِ ثلاثًا بلفظٍ واحدٍ، وأنْ تَستَحضِرَ في مُعالَجاتِها الفقهيَّةِ رَكائزَ الفتوى المُتغيِّرَةِ باختلافِ الزَّمانِ والمكانِ، وتبدُّلِ الأحوالِ والأشخاصِ؛ إذِ الفتوى تَتنزَّلُ على الوقائعِ الجُزئيَّةِ، وتُبنى على تحقيقِ المناطِ (فِقهِ الواقِعِ)، بما يُحقِّقُ مقصدَ الشَّرعِ في الحفاظِ على الأُسرةِ وصِيانةِ الرَّوابِطِ الاجتماعيَّةِ.
3) أمَّا فيما يتعلَّقُ بحُكمِ اشتراطِ الوليِّ في عقدِ الزَّواجِ؛ فقد انتهتِ النَّدوةُ إلى أنَّ هذا الشَّرطَ ضروريٌّ لصحَّةِ العقدِ، وأنَّه لا يجوزُ للمرأةِ أن تُزوِّجَ نفسَها دون إذنِ وليِّها؛ إذ اشترطتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ وجودَ الوليِّ؛ لِحِكَمٍ كثيرةٍ، منها: ما قد يَغلِبُ على المرأةِ من عاطفةٍ، تَحتاجُ معها إلى مَن يُفَكِّرُ معها في الصالحِ حينَ الاختيارِ.
وفي السِّياقِ نفسِه، تُحذِّرُ النَّدوةُ أولياءَ الأُمورِ من عَضْلِ بناتِهم، عند توفُّرِ الفرصةِ المُناسبةِ للزَّواجِ، فذلك أمرٌ مرفوضٌ شَرعًا، ويؤدِّي إلى عواقبَ وخيمةٍ تُهدِّدُ استقرارَ الأسرةِ وتماسكَها.
توصياتُ النَّدوةِ:
أوَّلًا: تُوصي الخطباء والأئمَّة بتوعية الناس في المساجد، وفي عموم المناسبات، أنَّ المرأة في الإسلام لها مقامها الرفيع، فلا يجوز للرجل في لحظة غضبٍ أنْ يُبادر بِرَمْي كلمة الطلاق، ولو طلقةً واحدة.
فإنَّه حين تقدَّم لها كان في غاية التأدُّب والترفُّق بها، فلا ينبغي فِراقها إلا بإحْسَان، بأنْ يطلقها الطلاق السُّنِّيَّ، الذي نبَّهَنا إلى ثمرته قوله تعالى:
{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، فعلى الزوج أنْ ينتظر إلى أنْ تكون في حال طُهْرٍ لم يَمْسسها فيه، ثم يكلِّمها بِلُطْفٍ من القول، فيخبرها أنَّه لن يستمرَّ زوجاً لها، فَيُطلِّقها طلقةً واحدة ويخبرها أن البيتَ بيتُها إلى نهاية العِدَّة، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، ويعطيها متعةَ الطلاق، قال تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً، ‌وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْـمُقْتِرِ قَدَرُهُ، مَتَاعًا بِالْـمَعْرُوفِ، حَقًّا عَلَى الْـمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236]، فهي على قدر حَال الرَّجُل والمرأة، كما قال الإمام مالك، فهي معروفٌ، قال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْـمَعْرُوفِ} [البقرة: 241]، فهذا ضربٌ من التسريح بالجميل والإحسان، جعلها الله حقًّا على المحسنين، فما أجملَ ألا يُخرج المسلمُ نفسَه من جملة المحسنين، قال تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]، ففي المدونة عن ابن عباس: "أعلاها خادمٌ أو نفقةٌ، وأدناها كسوة"، أي نفقة تساوي قيمة الخادم.
فعلى الدعاة تنبيه عموم أفراد المجتمع إلى هذه الآداب الإسلامية العظيمة.
ثانيًا: تُوصي النَّدوةُ جميعَ الهيئاتِ والمراكزِ الإسلاميَّةِ في أوروبا بضرورةِ عقدِ البرامجِ التَّدريبيَّةِ؛ لتأهيلِ الشَّبابِ المُقبلينَ على الزَّواجِ، وتوعيتِهم بمفاهيمِ الأسرةِ في الإسلامِ، وتعزيزِ قِيَمِ الزَّواجِ وروابطِه في نفوسِهم؛ لما لذلك من أثرٍ مباشرٍ في تكوينِ أسرةٍ مُستقرَّةٍ ومجتمعٍ آمِنٍ.
ثالثًا: تُوصي النَّدوةُ بضرورةِ تطويرِ وتجديدِ الخطابِ الدَّعويِّ والوعظيِّ في المجتمعاتِ الأوروبيَّةِ، خاصَّةً في قضايا الأسرةِ والمجتمعِ؛ بما يَكفُلُ صياغةَ خطابٍ رشيدٍ يُسهمُ في استقرارِ الأسرةِ المسلمةِ وتماسكِها، في ظلِّ ما تواجهُه من تحدِّياتٍ حاضرةٍ ومستقبليَّةٍ.
رابعًا: تُوصي النَّدوةُ بضرورةِ عقدِ برامجَ تدريبيَّةٍ مُتخصِّصةٍ لتأهيلِ السادةِ الدُّعاةِ والمُتصدِّرينَ للفتوى في أوروبا، وذلك من خلالِ مناهجَ علميَّةٍ وأكاديميَّةٍ مُؤسَّسيَّةٍ، نحوَ صناعةِ الفتوى الرَّشيدةِ، التي تُخرجُ لنا دُعاةً ومفتينَ يُمكنُ الاعتمادُ عليهم في تعزيزِ التَّماسكِ الأسريِّ والاستقرارِ المجتمعيِّ.
خامسًا: تدعو النَّدوةُ إلى ضرورةِ تعزيزِ التَّواصلِ والتَّكامُلِ بين الهيئاتِ والمراكزِ الإسلاميَّةِ في أوروبا، وبينَ الجهاتِ والمؤسَّساتِ الدينيَّةِ والإفتائيَّةِ الكُبرى في العالمِ، وعلى رأسِها الأزهرُ الشَّريفُ بقطاعاته، وممثِّلُه في هذه الندوة مركزُ الأزهرِ العالميّ للفَتوى الإلكترونيَّة؛ ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، لتقديمِ الدَّعمِ العلميِّ الكاملِ، من خلالِ الأساتذةِ الأكفَاءِ المُتخصِّصينَ في مجالاتِ الفتوى.
سادسًا: توصي النَّدوةُ بضرورةِ تشكيلِ لجنةٍ علميَّةٍ مُتخصِّصةٍ ومُشتركةٍ بين هذه الهيئاتِ، تكونُ مهمَّتُها حصرَ القضايا والنَّوازِلِ الفقهيَّةِ المُستجدَّةِ، وصياغةَ الحُكمِ الفقهيِّ المُناسبِ لها، على أن تخضعَ هذه اللَّجنةُ للإشرافِ والمُتابعةِ من قِبَلِ المؤسَّساتِ الدينيَّةِ الكُبرى، وفي مُقدِّمتها الأزهرُ الشَّريف.
سابعًا: تُوصي النَّدوةُ بضرورةِ اعتِبارِ "الأحوالِ الشَّخصيَّةِ"، و"الأمراضِ النَّفسانيَّةِ"، و"الضُّغوطِ الاجتماعيَّةِ"، و"المواقِفِ والأحداثِ الحياتيَّةِ" مُؤثِّراتٍ رئيسةً وأساسِيَّةً في صِناعةِ الفتوى وصِياغةِ الحُكمِ الشَّرعيِّ للمُستَفتي؛ وذلك لكونِها قرائِنَ حقيقيَّةً ومُعتبَرةً عندَ الفُقهاءِ والأُصوليِّين، يُمكِنُ أنْ تتغيَّرَ بها الفتوى تَغيُّرًا جذريًّا يُناسِبُ أحوالَ المُستفتين.
ونحنُ إذْ نُؤكِّدُ على هذا الأمرِ، فإنَّنا نُشدِّدُ على أهمِّيَّتِه في صِناعةِ الفتوى الخاصَّةِ بالأحوالِ الشَّخصيَّةِ، وفي مُقدِّمَتِها أحكامُ الطَّلاقِ؛ بما يُسهمُ في تحقيقِ استقرارِ الأسرةِ وتماسُكِها.
ثامنًا: تُوصي النَّدوةُ جميعَ المسلمينَ في الغربِ بضرورةِ إعلاءِ القِيمِ الإسلاميَّةِ الثابتةِ والمُستقرَّةِ، وعدمِ الانجرافِ وراء الفردانيَّةِ والذاتيَّةِ والأنانيَّةِ المُفرطةِ؛ تحقيقًا لمصالحَ شخصيَّةٍ على حسابِ هذه القِيَمِ؛ إذ إنَّ هذا المسلكَ – فضلًا عن مُخالفتهِ للتَّعاليمِ الإسلاميَّةِ – يُؤدِّي إلى تشويهِ صورةِ الإسلامِ وصَدِّ غيرِ المسلمينَ عن سبيلِ اللهِ تعالى.
وفي الختامِ: يتوجَّهُ المشاركونَ بالشُّكرِ الجزيلِ إلى الجهاتِ المُنظِّمةِ والدَّاعمةِ، سائلينَ اللهَ –تعالى– أن يُباركَ في الجهودِ، وأن يحفظَ بيوتَ المسلمينَ من الشِّقاق، وأن يرزقَنا الفقهَ في الدِّينِ، وحُسنَ العملِ.
وصَلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ على سيِّدِنا ومولانا محمَّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ)
وقد اختُتمت أعمال الندوة بالدعاء أن يحفظ الله بيوت المسلمين، ويجنبها الشقاق، مع تأكيد الحضور ضرورة الاستمرار في هذه الندوات والملتقيات التي تعزز من منهج الفتوى الرشيدة، وتبني جسورًا من الفهم المتبادل، والتكامل بين المؤسسات الإفتائية في الشرق والغرب، وعلى رأسها الأزهر الشريف الذي أكد حضوره العلمي والشرعي المتميز في هذه الفعالية الدولية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حين تصبح المناصرة قيدًا.. تكون المعركة تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن
حين تصبح المناصرة قيدًا.. تكون المعركة تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن

يمرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • يمرس

حين تصبح المناصرة قيدًا.. تكون المعركة تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن

عبد الوهاب قطران يا همدان العليي.. أكاد أراك وأنت تكتب منشورك الأخير على وقع أنغام "رثاء النفس" وتغريد بلابل المنفى، وكأنك مانديلا خرج من زنزانة النقد إلى منصة العظمة. تتحدث عن "المفارقة"؟ المفارقة الحقيقية أنك خرجت لتدافع عني في لحظة كنت فيها تحت بطش السجان، ثم عدت الآن لتقول: "لقد دافعت عنه رغم ماضيه!" يا للكرم الطارئ، تذكّرني بمن يعطي رغيفًا لسجين جائع، ثم يقف في ميدان عام يصيح: "أطعمتُه!" تقول إنني "وقفت مع المجرم"؟ أتحداك أن تأتي ببيان واحد دافعت فيه عن سلطة الحوثي. لكنني كنت أقول: لا تزايدوا علينا، وأنتم تبيعون قضايا الناس في أسواق الخارج. أما وصفك ب"الإخواني"، فقد قلته لك في برنامج مباشر، لا لأنك تدافع عن الجمهورية، بل لأنك كنت تستبدل كهنوتًا بكهنوت، وتخوض معاركك تحت عباءة التنظيم لا راية الوطن. ثم تسرد حكاية "الأطقم التي زارت منزلك"، فهل تعلم كم مرة زارتني أطقمهم أنا؟ كم مرة اقتحموا بيتي وأختطفوني، ورموني بزنازنهم الانفرادية؟ كم مرة شلّت يدي وأنا أكتب بيان استغاثة لأطفالي لا للعالم؟ أنا لم أهاجر، بل تجرعت السجون والصمت والجوع هنا، هنا تحت القصف والخوف، وليس تحت دفء التدفئة المركزية. تقول إنك "دافعت عني"، حسنًا، لك الفضل، سجلها حسنة، لكن هل الدفاع عن مظلوم "منّة" أم واجب؟ هل كنت تدافع عن وطن، أم تراكم أرصدة أخلاقية للصرف لاحقًا؟ إن كانت نصرتك لي مشروطة بعدم نقدك، فاحتفظ بها، فأنا لست ممن يبتلع ألسنتهم مقابل ابتسامة دبلوماسية. تقول إنني "نزعت الوطنية عن غيري" وهل تركتم لنا شيئًا؟ أنتم استوليتم على صكوك الوطنية، توزعونها على رفاقكم بالمراسلة، ومن يعارضكم يصبح حوثيًا، حتى لو كان قد قضى في سجون الحوثي ما يكفي لدفن وطن بأكمله. ثم تختم منشورك ب"رعاك الله يا أسامة المحويتي!" وأسامة هذا من يكون. بلدياتك او صديقك أو مرشدك أو ملهمك، لكنني لا أستمد بوصلتي من الأشخاص، بل من الجراح التي حفرت في لحمي كي أظل واقفًا، أقول الحقيقة... حتى لو لم توثقها ميتا بعلامة زرقاء. ملاحظة شخصية لك يا همدان: أنا لم أهاجمك لأنك خصم للحوثي، بل لأني لا أؤمن بتقديس الأشخاص، لا في صعدة، ولا في إسطنبول. وإذا كان نقدك ل"أحمد سيف حاشد' ذات يوم شجاعة، فلماذا يصبح نقد "غالب حواس" اليوم خيانة؟

"الاتحاد قوة".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 18 يوليو 2025
"الاتحاد قوة".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 18 يوليو 2025

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

"الاتحاد قوة".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 18 يوليو 2025

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 18 يوليو 2025 الموافق 23 محرم 1447، بعنوان: "الاتحاد قوة". وأكدت وزارة الأوقاف على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية. نص خطبة الجمعة اليوم 18 يوليو 2025 الاتحاد قوة الحمد لله الذي ألف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخوانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذر من التفريق والعدوان، ووعد المعتصمين بحبله فضلا منه ورضوانا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، الذي بنى أمة كانت بالاتحاد خير الأمم بنيانا، وبالتآخي أصفاها وجدانا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ما تعاقب الزمان والمكان، أما بعد: فإن للكون سننا لا تتبدل، وقوانين لا تتغير، ومن أثبت هذه السنن وأوضحها بيانا، وأصدقها برهانا، أن الاجتماع قوة والافتراق هوان، وأن الوحدة صرح يعلو به البنيان، والفرقة صدع يوهي الأركان، فما اجتمعت قطرات المطر إلا شكلت سيلا جارفا، ولا تلاقت ذرات الرمل إلا وصنعت جبلا راسخا، ولا تضامت أيدي المؤمنين إلا بنت مجدا شامخا، بل إن الجناب المعظم صلى الله عليه وسلم يرتقي بالصورة إلى مستوى الجسد الواحد الذي ينبض بحياة واحدة، فيقول صلوات ربي وسلامه عليه: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو ‌تداعى ‌له ‌سائر الجسد بالسهر والحمى». أيها الكرام، أي مشاعر تلك التي تجعل من ألم فرد في أقصى الأرض، حمى وسهرا لأخيه في أدناها، إنها الأخوة الحقة التي لا تعرف نزاعات عرقية، ولا فروقا مذهبية، ولا جماعات تكفيرية، ولا قبائل متناحرة، ولا أحقاد متوارثة، ولا أهواء متصارعة، جمعهم تشبيك الأصابع النبوية، واللسان النبوي يسرد هذا المعنى الأدبي الرفيع في صورة حسية بليغة، فيقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا». أيها النبلاء هل يقوم بنيان على أعمدة متنافرة؟ وهل تصمد جدران من لبنات متباعدة؟ إنما القوة في التماسك، والمتانة في التلاحم، كل فرد في الأمة لبنة، لا غنى عنها، ولا يكتمل الصرح إلا بها، فلم يكن هذا الاتحاد خيارا يترك، أو فضيلة يستحب فعلها، بل كان أمرا إلهيا صارما، وواجبا شرعيا لازما، وحاديك هذا البيان الإلهي: {وٱعۡتصموا بحبۡل ٱلله جميعٗا ولا تفرقواۚ وٱذۡكروا نعۡمت ٱلله عليۡكمۡ إذۡ كنتمۡ أعۡدآءٗ فألف بيۡن قلوبكمۡ فأصۡبحۡتم بنعۡمتهۦٓ إخۡوٰنٗا} [آل عمران: ١٠٣]، فهذا هو مناط قوة الأمة، وسر المنعة، فمن كان يتخيل أن تتحول العداوة إلى إخاء، والتناحر إلى تراحم، إن السر في تلك الجملة {فأصۡبحۡتم بنعۡمتهۦٓ إخۡوٰنٗا}. أيها الكرام، كونوا جميعا كما أراد لكم ربكم، بنيانا مرصوصا، وجسدا واحدا، ليعطف غنيكم على فقيركم، وليرحم قويكم ضعيفكم، وليتجاوز محسنكم عن مسيئكم، فاحذروا من أسباب الفرقة مثل: التعصب للرأي، والانتصار للنفس، واتباع الهوى، والغرق في الجزئيات على حساب الكليات؛ ففي الاتحاد قوة الحياة، وفي التفرق الضعف المميت، فتلامسوا حال مدينة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الفاضلة كيف كانت مجمع الفرقاء، ومأوى الأحباب، وتذكروا هذا النهي الإلهي {ولا تنٰزعوا فتفۡشلوا وتذۡهب ريحكمۡۖ وٱصۡبروٓاۚ إن ٱلله مع ٱلصٰبرين}، وتأملوا في هذا الربط الدقيق: "تنازعوا"، فتكون النتيجة الحتمية "تفشلوا"، والأدهى من ذلك "وتذهب ريحكم"، تذهب قوتكم وهيبتكم ومنعتكم، فتصبحوا غثاء كغثاء السيل، فهذا هو موطن الداء: الفرقة، وما أحكم قول الشاعر الحكيم الذي لخص هذه السنة الكونية في أبيات خالدة، فقال: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا * وإذا افترقن تكسرت آحادا ***** الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن العنف الأسري، تلك الآفة المدمرة، التي تتسلل خلسة إلى البيوت، لتزرع بذور الشقاق، وتغرس أشواك البغضاء، وتحول السكن إلى جحيم، والمودة إلى عداء، والرحمة إلى قسوة، وتمزق النسيج الاجتماعي، وتهدم الثقة، وتورث الخوف والقلق، وتنشئ أجيالا مشوهة نفسيا، قد تحمل بذور العنف لتزرعها في أجيال قادمة، وقد غاب عنها هذا المنهج الرباني المتشبع بالحب والمودة، قال تعالى: {ومنۡ ءايٰتهۦٓ أنۡ خلق لكم منۡ أنفسكمۡ أزۡوٰجٗا لتسۡكنوٓا إليۡها وجعل بيۡنكم مودةٗ ورحۡمةۚ إن في ذٰلك لأٓيٰتٖ لقوۡمٖ يتفكرون} [الروم: ٢١]. عباد الله، إن العنف الأسري يتجلى في صور متعددة، لا تقتصر على الضرب والإيذاء الجسدي فحسب، بل يمتد ليشمل الإيذاء اللفظي بالسب والشتم والتهديد، والإيذاء النفسي بالإهمال والتهميش والتحقير، والإيذاء الاقتصادي بالحرمان والتضييق، كل هذه الصور وجوه أخر للعنف، لا تقل خطورة عن العنف الجسدي، بل قد تكون أشد فتكا بالنفس، وأعمق جرحا للروح؛ فديننا الحنيف دين الرحمة والعدل والإحسان، قد حذر أشد التحذير من العنف بشتى صوره، فكيف بالعنف داخل الأسرة الواحدة؟ لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»​، فنعمت تلك الخيرية. اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واجعل بيوتنا واحات أمن وسلام ومحبة. آمين.

موضوع خطبة اليوم الجمعة، مساجد مصر تتحدث عن "الاتحاد قوة"
موضوع خطبة اليوم الجمعة، مساجد مصر تتحدث عن "الاتحاد قوة"

فيتو

timeمنذ ساعة واحدة

  • فيتو

موضوع خطبة اليوم الجمعة، مساجد مصر تتحدث عن "الاتحاد قوة"

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة اليوم الجمعة تحت عنوان 'الاتحاد قوة'، وجاءت نص الخطبة كالتالي: خطبة اليوم الجمعة مكتوبه الحمدُ للهِ الذي ألَّفَ بينَ قلوبِ المؤمنين فأصبحوا بنعمتِه إخوانًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، حذَّرَ من التفريقِ والعدوانِ، ووعدَ المعتصمين بحبلِهِ فضلًا منه ورضوانًا، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَنَا محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي بنى أمةً كانت بالاتحادِ خيرَ الأممِ بنيانًا، وبالتآخي أصفاها وِجدانًا، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه وسلم تسليمًا كثيرًا ما تعاقبَ الزمانُ والمكانُ، أما بعد: فإنّ للكونِ سُننًا لا تتبدلُ، وقوانينَ لا تتغيرُ، ومن أثبتِ هذه السننِ وأوضحِها بيانًا، وأصدقِها بُرهانًا، أن الاجتماعَ قوةٌ والافتراقَ هوانٌ، وأنّ الوحدةَ صرحٌ يعلو به البنيانُ، والفُرقةَ صدعٌ يوهِي الأركانَ، فما اجتمعت قطراتُ المطرِ إلا شكلتْ سيلًا جارفًا، ولا تلاقتْ ذراتُ الرملِ إلا وصنعتْ جبلًا راسخًا، ولا تضامّتْ أيدي المؤمنين إلا بَنتْ مجدًا شامخًا، بل إن الجنابَ المعظمَ صلى الله عليه وسلم يرتقي بالصورةِ إلى مستوى الجسدِ الواحدِ الذي ينبضُ بحياةٍ واحدةٍ، فيقولُ صلواتُ ربي وسلامُه عليه: «مثلُ الْمُؤْمنين في توادِّهمْ وترَاحُمِهمْ وتَعَاطُفِهم مَثلُ الجَسدِ، إذَا اشْتَكَى منْهُ عُضْوٌ ‌تدَاعَى ‌لَهُ ‌سَائرُ الجَسَدِ بالسّهَرِ والحُمّى». أيها الكرامُ، أيُّ مشاعرٍ تلك التي تجعلُ من ألمِ فردٍ في أقصى الأرضِ، حُمّى وسَهرًا لأخيه في أدناها، إنها الأخوةُ الحقةُ التي لا تعرفُ نزاعاتٍ عرقيةً، ولا فروقًا مذهبيةً، ولا جماعاتِ تكفيريةً، ولا قبائلَ متناحرةً، ولا أحقادَ متوارثةً، ولا أهواءَ متصارعةً، جمعَهم تشبيكُ الأصابعِ النبويةِ، واللسان النبويُّ يسردُ هذا المعنى الأدبيّ الرفيعَ في صورةٍ حسيةٍ بليغةٍ، فيقولُ: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدّ بعضُه بعضًا». أيها النبلاءُ هلْ يقومُ بنيانٌ على أعمدةٍ متنافرةٍ؟ وهل تصمدُ جدرانٌ من لبناتٍ متباعدةٍ؟ إنما القوةُ في التماسكِ، والمتانةُ في التلاحمِ، كلُّ فردٍ في الأمةِ لبنةٌ، لا غنى عنها، ولا يكتملُ الصرحُ إلا بها، فلم يكنْ هذا الاتحادُ خيارًا يتركُ، أو فضيلةٌ يستحبُّ فعلُها، بل كان أمرًا إلهيًّا صارمًا، وواجبًا شرعيًّا لازمًا، وحاديك هذا البيانُ الإلهيُّ: {وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا} [آل عمران: ١٠٣]، فهذا هو مناطُ قوةِ الأمةِ، وسرُ المنعةِ، فمن كانَ يتخيلُ أن تتحولَ العداوةُ إلى إخاءٍ، والتناحرُ إلى تراحمٍ، إنَّ السرَّ في تلك الجملةِ {فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا}. أيها الكرامُ، كونوا جميعًا كما أرادَ لكم ربُّكم، بنيانًا مرصوصًا، وجسدًا واحدًا، ليعطفْ غنيُّكم على فقيرِكم، وليرحمْ قويُّكم ضعيفُكم، وليتجاوزْ محسنُكم عن مسيئِكم، فاحذروا من أسبابِ الفُرقةِ مثلَ: التعصبِ للرأيِ، والانتصارِ للنفسِ، واتِّباعِ الهوى، والغرقِ في الجزئياتِ على حسابِ الكلياتِ؛ ففي الاتحادِ قوةُ الحياةِ، وفي التفرقِ الضعفُ المميتُ، فتلامسوا حالَ مدينةِ سيدِنا رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وآله وسلم- الفاضلةِ كيفَ كانت مجمعَ الفرقاءِ، ومأوى الأحبابِ، وتذكروا هذا النهيَ الإلهيَّ {وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ}، وتأملوا في هذا الربطِ الدقيقِ: "تنازعوا"، فتكونَ النتيجةُ الحتميةُ "تفشلوا"، والأدهى من ذلك "وتذهبَ ريحُكم"، تذهبَ قوتُكم وهيبتُكم ومنعتُكم، فتصبحوا غثاءً كغثاءِ السيلِ، فهذا هو موطنُ الداءِ: الفرقةُ، وما أحكمَ قولَ الشاعرِ الحكيمِ الذي لخصَ هذه السُنةَ الكونيةَ في أبياتٍ خالدةٍ، فقال: تأبى الرماحُ إذا اجتمعن تكسرًا * وإذا افترقنَ تكسرتْ آحادا نص خطبة الجمعة الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدُنا محمدٌ (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين، وبعد: فإنَّ العنفَ الأسريّ، تلك الآفةُ المدمرةُ، التي تتسللُ خلسةً إلى البيوتِ، لتزرعُ بذورَ الشقاقِ، وتغرسُ أشواكَ البغضاءِ، وتحولُ السكنَ إلى جحيمٍ، والمودةَ إلى عداءٍ، والرحمةَ إلى قسوةٍ، وتمزقُ النسيجَ الاجتماعيّ، وتهدمُ الثقةَ، وتورثُ الخوفَ والقلقَ، وتنشئُ أجيالًا مشوهةً نفسيًّا، قد تحملُ بذورَ العنفِ لتزرعَها في أجيالٍ قادمةٍ، وقد غابَ عنها هذا المنهجُ الربانيُّ المتشبعُ بالحبِّ والمودةِ، قال تعالى: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١]. عبادَ اللهِ، إنَّ العنفَ الأسريَّ يتجلىَ في صورٍ متعددةٍ، لا تقتصرُ على الضربِ والإيذاءِ الجسديِّ فحسبُ، بل يمتدُ ليشملَ الإيذاءَ اللفظيَّ بالسبِّ والشتمِ والتهديدِ، والإيذاءَ النفسيَّ بالإهمالِ والتهميشِ والتحقيرِ، والإيذاءَ الاقتصاديَّ بالحرمانِ والتضييقِ، كلُّ هذه الصورِ وجوهٌ أُخرُ للعنفِ، لا تقلُّ خطورةً عن العنفِ الجسديِّ، بل قد تكونُ أشدَّ فتكًا بالنفسِ، وأعمقَ جرحًا للروحِ؛ فدينُنا الحنيفُ دينُ الرحمةِ والعدلِ والإحسانِ، قد حَذَّرَ أشدَ التحذيرَ من العنفِ بشتى صورِه، فكيفَ بالعنفِ داخلَ الأسرةِ الواحدةِ؟ لقد قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلِي»​، فنعمتْ تلك الخيريةُ. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store