
"هددوا سلامة الركاب أم غنوا بالعبرية؟".. حملة على طيار بعد طرده أطفالا يهودا
الفيديو الذي وثّق لحظة توقيف مديرة مخيم صيفي، كانت برفقة الأطفال وتكبيلها بالأصفاد من الشرطة الإسبانية، تصدّر المشهد الرقمي، وأطلقت معه حملة إسرائيلية منددة شارك فيها وزراء وصحف ومنظمات تابعة للاحتلال.
وسرعان ما تصاعدت الاتهامات، ووصفت الحادثة بأنها "أخطر مظاهر معاداة السامية في أوروبا"، مدعومة بمقاطع فيديو حصدت ملايين المشاهدات وزعم أن الأغاني العبرية كانت الشرارة.
لكن، هل كانت هذه الرواية هي الحقيقة الكاملة؟ وما الذي حدث فعلا على متن تلك الرحلة الجوية ليؤدي إلى هذا المشهد المثير للجدل؟ وهل تخفي وراءها ملابسات مختلفة تماما عمّا تم تداوله؟
الرواية الإسرائيلية
وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي كان من أوائل من تداولوا الفيديو، ونشره على منصة "إكس" حيث تجاوز 18 مليون مشاهدة.
وادعى الوزير أن الأطفال –الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عامًا– كانوا يغنون بالعبرية على متن الطائرة، قبل أن يجبروا على مغادرتها، قائلا "إن طاقم الطائرة وصف إسرائيل بأنها دولة إرهابية".
وتابع شيكلي: "تماشيا مع حملة الأكاذيب التي تقودها حماس وترددها قنوات، مثل الجزيرة وصحيفة هآرتس، نشهد تزايدا في الحوادث المعادية للسامية، وهذه من أخطرها".
هجوم على الطيار
لم تقف الحملة عند الاتهامات اللفظية، بل شملت أيضا هجوما حادا على قائد الطائرة إيفان شيريلا، إذ ربطت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية اسمه بتدريب طالبين تورطا لاحقا في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، رغم غياب أي دلائل على ضلوعه المباشر، وهو ما نفته لاحقًا صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ورغم مشاركة صحف إسرائيلية في نشر صور الطيار على نطاق واسع، وإظهاره كأنه أحد المتورطين الرئيسيين في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الطيار لم يكن على علم بهوية الطالبين اللذين دربهما.
وعلى إثر الحادثة، أعرب وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، عن "قلقه الشديد" في اتصال بالرئيسة التنفيذية لشركة "ڤويلينغ"، مطالبا بتوضيح ما إذا كان الأطفال الفرنسيون قد تعرضوا للتمييز الديني.
ضمن الحملة الرقمية التي رافقت الحادثة، تداولت حسابات إسرائيلية موثقة على منصة "إكس" صورة تُظهر طيارًا داخل قمرة القيادة وخلفه علم فلسطين، زاعمة أنه قائد الرحلة الإسبانية، ومرفقة بتعليقات من نوع: "هل تشعر بالأمان عندما يكون طيارك يحمل هذا العلم؟".
وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، أجرت تطابقا على الصورة وتبين أنها لا تعود إلى الطيار الإسباني، طبقا لمقارنة صور سابقة له بالصورة المزعومة، بل وُظفت ضمن الحملة الممنهجة لتثبيت سردية مضللة عن الحادثة.
View this post on Instagram
A post shared by StandWithUs (@standwithus)
رواية الشركة: "سلوك عدواني وانتهاك للسلامة"
في أول رد رسمي على الحادثة، أوضحت شركة الطيران الإسبانية "ڤويلينغ" (Vueling Airlines)، أن مراهقين على متن الرحلة رقم VY8166 تصرفوا تصرفا "عدوانيا وتخريبيا"، حيث تورّط بعضهم في العبث بمعدات السلامة مثل الأقنعة الهوائية وزجاجات الأكسجين، وتجاهلوا تعليمات الطاقم المتكررة، ما استلزم استدعاء الشرطة وتفعيل بروتوكول الطوارئ، التزامًا بالمادة 41 من قانون السلامة الجوية الإسباني رقم 21/2003.
إعلان
وأضافت الشركة في بيانها الصادر بتاريخ 25 يوليو/تموز، أن استمرار الرحلة كان سيُعرض الركاب والطاقم للخطر، ما اضطرها إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
كما دافعت "ڤويلينغ" عن قائد الطائرة، إيفان شيريلا، المولود في جزر الكناري، مؤكدة أنه يعمل مع الشركة منذ عام 2006، ويُعد من الطيارين ذوي الخبرة والكفاءة العالية.
وفي بيان لاحق صدر يوم الاثنين 28 يوليو/تموز الجاري، أعلنت الشركة أنها تلقت شهادات من ركاب كانوا على متن الرحلة، أعربوا فيها عن مخاوفهم، وطلبوا الحفاظ على سرية هوياتهم لحماية خصوصيتهم، مؤكدين استعدادهم للإدلاء بشهاداتهم لدى الجهات المختصة عند الطلب.
وأشارت الشركة إلى أنها على تواصل مستمر مع السلطات الإسبانية والفرنسية، في إطار التزامها بتقديم المعلومات بشفافية تامة.
وأدانت "ڤويلينغ" بشدة، ما وصفته بـ"نشر معلومات مضللة وخطِرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أطراف ثالثة" عن هوية طاقم الطائرة أو الركاب، مؤكدة أن هذا النوع من الترويج قد "يعرض سلامة الأشخاص وأمن الرحلات الجوية للخطر".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 15 دقائق
- الجزيرة
ضغوط أوروبية متزايدة لوقف إطلاق النار بغزة وتنفيذ حل الدولتين
أكدت وزارة الخارجية البريطانية، اليوم الأربعاء، ضرورة تنفيذ مبدأ " حل الدولتين"، وفي حين طالبت الحكومة الألمانية بوقف إطلاق النار في غزة ، وصفت الخارجية الروسية الوضع في القطاع بالكارثي. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ، إن تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الأمثل لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وكان لامي اعتبر، أمس الثلاثاء، أن رفض الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو حل الدولتين "خطأ أخلاقي وإستراتيجي". وقال لامي، في كلمته في المؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، إن "الدمار في غزة يفطر القلوب، فالأطفال يموتون جوعا، وتقطير إسرائيل المساعدات أصاب العالم كله بالذهول"، مؤكدا أن ذلك يعد إهانة لقيم ميثاق الأمم المتحدة. يأتي ذلك في ظل إعلان بريطانيا أنها ستعترف رسميًا بدولة فلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة ل لأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء المعاناة في غزة والوفاء بشروط محددة. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون مشروطًا بوقف إطلاق النار بين إسرائيل و حركة حماس والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأضاف ستارمر إلى الشروط: "إعلان واضح بعدم ضم الضفة الغربية المحتلة والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد تفضي إلى حل الدولتين". بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو -على حسابه في منصة إكس في وقت سابق- إن فرنسا و14 دولة أخرى توجه نداء جماعيا للإعراب عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين. ودعا بارو الذين لم يفعلوا ذلك، حتى الآن، إلى الانضمام إلى هذه الدول، مشيرا في بيان أرفقه بارو مع منشوره إلى أن هذه الدول، إضافة إلى فرنسا، أستراليا، كندا، فنلندا، آيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأضاف بارو في منشوره إلى أن هذا النداء الجماعي يستبق الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد في سبتمبر القادم. ألمانيا وروسيا واليوم، طالبت الحكومة الألمانية بـ"وقف فوري لإطلاق النار في غزة"، داعية إلى "توسيع المساعدات الإنسانية سريعا" لتخفيف المعاناة المتفاقمة في القطاع المحاصر. من جانبها، وصفت وزارة الخارجية الروسية الوضع في غزة بأنه "كارثي"، مؤكدة أن موسكو تتفق مع تقييمات المنظمات الدولية بشأن حجم الكارثة الإنسانية هناك. ويأتي ذلك في وقت تواصل إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلف أكثر من 60 ألف شهيد، في حين قارب عدد المصابين 146 ألفا، بحسب بيانات وزارة الصحة في القطاع. وتشمل الحرب على غزة القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، وسط نزوح مئات الآلاف ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين منهم عشرات الأطفال.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
بين المماطلة والفشل.. هنا يلعب الكبار لعبتهم
في خطوة أثارت جدلا واسعا، وأعادت إلى الأذهان تصريحات ترامب وويتكوف- التي زعمت أن حركة حماس ترفض وتعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة- تزايدت التساؤلات حول نوايا الولايات المتحدة الأميركية؛ فبينما تدّعي واشنطن لعب دور الوسيط، فإنها توجه انتقادات حادة لطرف واحد دون غيره، وتستمر في الوقت نفسه في دعم الاحتلال "الإسرائيلي" سياسيا وعسكريا في المحافل الدولية، وإحباط أي محاولات أممية لوقف إطلاق النار، أو محاسبة الاحتلال على جرائمه. يرى مراقبون أن تصريحات ترامب وويتكوف لا تعكس حقيقة المفاوضات بقدر ما تكشف عن تخبط الموقف الأميركي؛ إذ تتأرجح واشنطن بين محاولة التغطية على فشل نتنياهو السياسي، وإظهار دور فاعل لها. ومع تصاعد الضغط الدولي لإنهاء حرب الإبادة على غزة، يبدو أن الولايات المتحدة تتعمّد التلاعب بالخطاب السياسي، بدلا من استغلال نفوذها للضغط على حكومة الاحتلال للدخول في مفاوضات حقيقية، تُفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وهو ما تسعى إليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوضوح في تصريحاتها الأخيرة. أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم السبت، أن تصريحات ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، التي تزعم رفض الحركة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تتعارض مع تقييم الوسطاء، ولا تتماشى مع مسار المفاوضات الذي شهد تقدما ملموسا من جهة أخرى، ذكر موقع "أكسيوس" الإخباري أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعكف حاليا على مراجعة سياساتها تجاه غزة، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صرح قائلا: "نحن بحاجة ماسة إلى إجراء عملية إعادة تفكير جدية"، وذلك نقلا عن مصدرين حضرا لقاء عقده، يوم الجمعة الماضي، مع مجموعة من عائلات المحتجزين "الإسرائيليين"، بعد إعلان واشنطن عن انهيار محادثات وقف إطلاق النار، وإلقائها اللوم في ذلك على حركة المقاومة الإسلامية (حماس). أشار موقع "أكسيوس" إلى أنه بعد مرور نحو ستة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض، يبدو ترامب اليوم أبعد ما يكون عن إنهاء الحرب في غزة، وذلك في ظل تفاقم أزمة التجويع التي بلغت مستويات غير مسبوقة؛ حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع إجمالي وفيات التجويع وسوء التغذية إلى 127 حالة، من بينهم 85 طفلاً. وأضاف التقرير الإخباري أن تل أبيب وواشنطن "تزدادان عزلة على الصعيد الدولي"؛ بسبب استمرار حرب الإبادة، مذكرا بأن ترامب جعل إنهاء الحرب وإعادة المحتجزين "الإسرائيليين" في صدارة حملته الانتخابية قبل العودة المحتملة إلى الرئاسة. وقال التقرير إنه "مع استمرار الحرب، وانتشار صور الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع في جميع أنحاء العالم، بدأت تظهر انقسامات في قاعدة ترامب (ماغا)، بسبب دعمه حرب نتنياهو الشاملة على غزة". رأى موقع "أكسيوس" أن "انهيار محادثات وقف إطلاق النار" في غزة قد يشكل نقطة تحول في سياسة الإدارة الأميركية، وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم السبت الماضي، أن تصريحات ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، التي تزعم رفض الحركة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تتعارض مع تقييم الوسطاء، ولا تتماشى مع مسار المفاوضات الذي شهد تقدما ملموسا. وكان ترامب قد زعم، في تصريح للصحفيين قبيل توجهه مؤخرا إلى أسكتلندا في زيارة خاصة، أن حركة حماس لم تكن راغبة حقا في إبرام اتفاق، مضيفا: "أعتقد أنهم يريدون أن يموتوا، وهذا أمر بالغ الخطورة". وتابع: لقد وصلنا الآن إلى آخر الرهائن المحتجزين "الإسرائيليين"، وهم يعلمون ما سيحدث بعد استعادة آخر الرهائن، ولهذا السبب تحديدا لم يرغبوا في عقد أي اتفاق. وأردف ترامب: لقد قلت لكم.. سيكون من الصعب جدا على حركة حماس إبرام اتفاق، لأنها ستفقد درعها وغطاءها. وجددت حماس التأكيد على استعدادها لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة. من جهة أخرى، أشار موقع "أكسيوس" إلى أن المسؤولين الإسرائيليين غير متأكدين تماما ما إن كانت تصريحات ترامب مجرد تكتيك في عملية التفاوض، أم تحولا ملحوظا في موقفه. واعتبر الموقع أنه إذا كان ذلك تحولا فعليا، فسيمثل ضوءا أخضر لنتنياهو للمضي قدما في اتخاذ إجراءات عسكرية أكثر تطرفا، وأضاف- نقلا عن مسؤول "إسرائيلي"- أن ترامب أكد لنتنياهو خلال معظم المحادثات الهاتفية والاجتماعات بينهما أن يفعل ما يتعين عليه فعله في غزة، وذكر المسؤول نفسه أنه في بعض الحالات "ذهب إلى حد تشجيع نتنياهو على استهداف حركة (حماس) بشكل أكثر شراسة. ردت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقوة على تصريحات ترامب والمبعوث الأميركي الخاص ويتكوف، واصفة إياها بأنها غير متوازنة، وتفتقر إلى المصداقية، ومؤكدة أنها تأتي للتغطية على تهرب حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" من الالتزامات، وتعطيلها المتعمّد للمسار التفاوضي. وفي ردٍّ حاد، صرّح عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في بيان نشره على قناته الرسمية، بأن تصريحات ترامب وويتكوف تتجاهل التقييمات الإيجابية للوسطاء- وعلى رأسهم قطر ومصر- حيث أعربوا مرارا عن ارتياحهم لمرونة الحركة وجديتها في التعاطي مع جهود وقف إطلاق النار. ويأتي هذا الرد تعقيبا على تصريحات ترامب الأخيرة، التي اتهم فيها حركة حماس بعرقلة جهود التوصل إلى هدنة، كما زعم ويتكوف أن الحركة لم تُبدِ المرونة الكافية تجاه المقترحات المطروحة، متهما إياها بتأخير إبرام صفقة التبادل. وقد نفى عزت الرشق هذه المزاعم جملة وتفصيلا، مؤكدا أن حركة حماس تعاملت بمسؤولية وطنية ومرونة عالية، وقدّمت ردودا مدروسة بعد مشاورات موسّعة مع مختلف الفصائل، بما ينسجم مع وثيقة ويتكوف نفسها، وأوضح الرشق أن تعديل حركة حماس على مقترح الاتفاق لم يكن إلا تحصينا للبنود الإنسانية، من حيث ضمان تدفق المساعدات عبر الأمم المتحدة دون تدخل "إسرائيلي"، وتقليص المناطق العازلة لتسهيل عودة السكان إلى منازلهم. ولم يكتفِ الرشق بنفي مزاعم الطرف الأميركي، بل حمّل رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، المسؤولية الكاملة عن تعثر التوصل إلى اتفاق. وأردف قائلا: إن نتنياهو يماطل ويضع العراقيل عن قصد، ويُفشل المبادرات لتحقيق مكاسبه الشخصية والسياسية، وفي مقدمتها التشبث بالسلطة، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح المدنيين في غزة". ولم تكن هذه الاتهامات مجافية للحقيقة؛ فقد أشارت تقارير عديدة إلى أن حكومة نتنياهو تتعمد تصعيد المواقف كلما أوشكت المفاوضات على تحقيق انفراج، وذلك في ظل الخلافات الداخلية بين مكونات حكومته اليمينية المتطرفة، والضغوط التي يمارسها وزراء مثل بن غفير وسموتريتش، الرافضَين لأي تهدئة لا تحقق نصرا سياسيا أو أيديولوجيا. الاحتلال يقصف المدنيين في مناطق توزيع المساعدات، ويمنع وصول القوافل الإنسانية، ويغذّي الفوضى والانفلات الأمني، مطالبا واشنطن بالتوقف عن توفير الغطاء السياسي والعسكري لـ"إسرائيل" وعلى الرغم من التصريحات الأميركية، لم يصدر عن الوسطاء القطريين والمصريين أي تأكيد لمزاعم ويتكوف، بل كشفت تسريبات عن ارتياح نسبي للمواقف الأخيرة التي أبدتها حركة حماس، لا سيما تجاوبها مع بعض البنود الأساسية المتعلقة بترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار. من بين النقاط التي ركز عليها رد حركة حماس، دحض الاتهامات الأميركية و"الإسرائيلية" السابقة للحركة بسرقة المساعدات الإنسانية، وهو ادعاء كرره ترامب مؤخرا. وفنّد عزت الرشق هذا الاتهام مستندا إلى تحقيق أجرته وكالة التنمية الأميركية (USAID) ونقلته رويترز، وقد أشار إلى عدم وجود أدلة على سرقة ممنهجة للمساعدات من قبل حكومة حماس. وأظهر التقرير أن 44 من أصل 156 واقعة استيلاء على المساعدات الإنسانية كانت بسبب العمليات العسكرية "الإسرائيلية"، وليس بسبب سيطرة الحركة، في إشارة واضحة إلى أن الاحتلال هو الطرف الذي يعيق الإغاثة ويستخدم المساعدات كسلاح في الحرب. وأضاف الرشق أن الاحتلال يقصف المدنيين في مناطق توزيع المساعدات، ويمنع وصول القوافل الإنسانية، ويغذّي الفوضى والانفلات الأمني، مطالبا واشنطن بالتوقف عن توفير الغطاء السياسي والعسكري لـ"إسرائيل"، والانخراط الجاد في إنهاء الحرب وفتح الطريق لاتفاق إنساني وسياسي شامل. وبدا البيان الصادر عن حركة حماس بمثابة دعوة إلى إبراز التناقضات في موقف واشنطن.. فمن جهة، تتحدث عن "حلول دبلوماسية" و"دعم للمبادرات الإنسانية"، ومن جهة أخرى تهاجم حركة حماس وتتبنى الرواية "الإسرائيلية" بشكل كامل، متجاهلة التقدم الفعلي في المسار التفاوضي، ومساعي حماس لتعديل المقترحات بما يكفل الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لسكان قطاع غزة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هآرتس: سياسة التجويع تنهار ونتنياهو يخضع للضغوط الأميركية والدولية
قالت صحيفة هآرتس إن صور حرب التجويع التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة ، والتي وصلت إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر شاشات "فوكس نيوز"، أجبرت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التراجع عن هذه السياسة التي انتهجتها حكومته طوال الأشهر الماضية. وفي مقال تناول وضع إسرائيل الحالي، قال المحلل العسكري البارز للصحيفة عاموس هرئيل إن نتنياهو رضخ للضغوط الأميركية والدولية، وفي مقدمتها الرئيس ترامب، الذي لم يعد قادرا على تجاهل صور الأطفال المجوعين، مما أدى إلى تحول حاد في السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة. وأشار إلى أن الحكومة التي كانت تصر حتى وقت قريب على السيطرة الكاملة على المساعدات وتمنع إدخالها إلا عبر مراكز التوزيع العسكرية التي تشرف عليها، اضطرت مؤخرا لفتح ممرات إنسانية، والسماح بإسقاط مساعدات من الجو، وبدء تنسيق مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والهلال الأحمر الأردني والمصري. ويؤكد هرئيل أن هذا الانقلاب في الموقف الإسرائيلي حتى وإن كان تكتيكيا، فإنه يعكس فشلا ذريعا في السياسة التي سوقتها إسرائيل طيلة الشهور الماضية باعتبارها أداة ضغط على حماس، لكنها انتهت بكارثة إنسانية هزت صورة إسرائيل عالميا ودفعت حتى أقرب حلفائها للتحرك. وفي محاولته لتفسير موقف الرئيس الأميركي الذي ظل متماهيا مع السياسات الإسرائيلية، يقول هرئيل إن "ترامب بدا في الأيام الأخيرة مرتبكا وغير مترابط في موقفه من الحرب على غزة. فتارة يهدد حماس بقوله إن قادتها "يريدون الموت"، وتارة يطالب نتنياهو بوقف الكارثة الإنسانية في القطاع، إلا أنه لم يعد بمقدوره تجاهل الصور المروعة للأطفال الجياع في غزة". ويقول "مع أن ترامب معروف بعدم صبره على التقارير الاستخباراتية، إلا أنه يتأثر بعمق بما يُعرض على شبكته المفضلة "فوكس نيوز". وحينما بثت الشبكة صورا قاسية من غزة، بدأ يتدخل بشكل مباشر، ووجه رسائل لنتنياهو تطالبه باتخاذ خطوات عاجلة". ويرى المحلل العسكري أن نتنياهو اعتقد، بعد انتهاء الدورة الصيفية للكنيست، أنه بات في مأمن من الضغوط الداخلية، وأن حكومته قد ضمنت استمرارها على الأقل حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، لكن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، ولا سيما المجاعة التي بدأت تأخذ طابعا كارثيا، قلبت الطاولة عليه. ويوضح بالقول إن نتنياهو يصرح بأمور كثيرة ومتناقضة لمختلف الأطراف، فقد طمأن وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش ، الذي هدد بالانسحاب من الائتلاف احتجاجا على تسهيلات إسرائيلية في نقل المساعدات لغزة، بأن النصر العسكري قريب. في الوقت ذاته، منح عائلات الأسرى أملا مقيدا باحتمال التوصل إلى صفقة تشمل تحرير نصف الرهائن الأحياء (10 على الأقل) وبعض الجثث (قرابة 15). ويبرز هرئيل تناقض وعود نتنياهو لشركائه في اليمين المتطرف بأن هذه التنازلات مؤقتة، وأنه قريبا، بعد "استرضاء ترامب"، سيعود لشن هجوم حاسم على حماس، ويقول "هل من الممكن أن تغرق إسرائيل غزة بالمساعدات من جهة، بينما تخطط لهجوم عسكري من جهة أخرى؟". ويشير هرئيل إلى أن هذا التناقض يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي، حيث لا تزال الحكومة تتصرف كما لو أنها تتحكم في سير الأحداث، بينما الواقع الإقليمي والدولي يفرض عليها خطوات متسرعة. كما يشير إلى الانهيار الدبلوماسي الذي تواجهه إسرائيل بعد إعلان بريطانيا وفرنسا نيتهما الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، ما يعتبره تغيرا نوعيا في المواقف الغربية بسبب تجاهل الحكومة الإسرائيلية للتحذيرات الدولية منذ أشهر من مجاعة وشيكة، وهو ما أكده حتى بعض الجنرالات المتقاعدين ووزراء في الحكومة. ويحاول المحلل العسكري تحليل المشهد في الحكومة الإسرائيلية في ظل الوضع الحالي، فيتحدث عن موقف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الذي يقول إنه يدعم صفقة تبادل الأسرى ويؤمن بأن الجيش قادر على احتواء التهديد القادم من غزة دون سحق حماس كليا. ويشير هرئيل إلى أن هناك من يعتقد في قيادة الجيش أن تجربة الجنوب اللبناني مع حزب الله -الذي لا يزال أقوى من حماس رغم هزيمته الأخيرة- يمكن تكرارها في غزة: تموضع عسكري، مع هجمات محددة، دون إدارة القطاع بالكامل. وإذا لم يؤخذ برؤية الجيش، فإن زامير يُفضل -حسب هرئيل- اتباع إستراتيجية استنزاف لمحاصرة ربع مساحة القطاع، حيث تتركز القوة المتبقية لحماس. ويتحدث هرئيل عن تسريب متعمد مطلع الشهر حول نية الجيش استدعاء مقاتلي الاحتياط لـ74 يوما، كإشارة إلى التكلفة البشرية العالية لأي غزو بري شامل لغزة. ويبرز هرئيل في المقابل التناقضات داخل هذه الحكومة والتي تعمق الأزمة داخلها، حيث تواصل أحزاب اليمين المتطرف داخل الحكومة، مثل تلك التي يقودها سموتريتش و إيتمار بن غفير ، تعديل أهداف الحرب وتوقيتاتها بما يخدم أجندات طويلة الأمد. ويعلق على ذلك بالقول "إنهم جاؤوا للتهجير والتوطين، وسيبقون للحرب الأبدية". ويرى أن الحرب على غزة أصبحت غطاء لسياسات الضم في الضفة الغربية ، وإعادة إطلاق خطط الانقلاب القضائي.