logo
"نظام تل أبيب" الإقليمي الجديد

"نظام تل أبيب" الإقليمي الجديد

إيطاليا تلغرافمنذ يوم واحد
إيطاليا تلغراف
محمد أبو رمان
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية والمستشار الأكاديمي في معهد السياسة والمجتمع.
لم تكن مشاهد الدم في شوارع السويداء، ولا أخبار الاشتباكات المروّعة بين قوات الأمن العام التابع للنظام السوري وفصائل محلية درزية، ثم التوتر العشائري مع مجموعات بدوية، مجرّد حوادث محلية أو انفجارات عارضة لحالة هشاشة أمنية؛ فما جرى يندرج في سياق أخطر وأعمق بكثير.
القصف الإسرائيلي، الذي استهدف مبنى هيئة الأركان وقصر الشعب في دمشق كان رسالة واضحة أنّ إسرائيل لم تعد تكتفي بلعب دور 'المراقب القلق' أو الضارب الانتقائي، بل دخلت مرحلة جديدة: الهيمنة العسكرية والسياسية شبه المطلقة على المجال السوري، وربما في المنطقة. تتجاوز تصريحات بنيامين نتنياهو عن 'منطقة خالية من السلاح' في جنوب سورية البعد العسكري التكتيكي، لتصل إلى جوهر المشروع الإسرائيلي الجديد: فرض قواعد اشتباك إقليمية جديدة، تُديرها تل أبيب.
الدلالة الأخرى في مشهد السويداء ليست غياب الدولة السورية فحسب، ولا حتى تفكّك السلطة المركزية أو عجزها عن ضبط الأمن، بل أيضاً الحضور الإسرائيلي الفجّ؛ العسكري والسياسي، والقبول الضمني من القوى الدولية به. لا البيت الأبيض أصدر بيانَ إدانةٍ، ولا الأمم المتحدة رفعت صوتها، ولا حتّى أوروبا أبدت قلقاً دبلوماسياً خجولاً. الصمت الدولي حيال القصف الإسرائيلي العنيف لقلب دمشق، وتحديداً لمواقع سيادية، لا يمكن تفسيره إلّا بوصفه رضى ضمنياً، إن لم يكن موافقة صريحة، على النموذج الإسرائيلي الجديد.
يقوم ذلك النموذج، كما تشير أحداث السويداء، على معادلتَين مترابطتَين: أن إسرائيل صاحبة القرار النهائي في ملفات الإقليم الأمنية، من غزّة إلى جنوب لبنان، ومن السويداء إلى أربيل، وهي التي تمنح أو تحجب الموافقة على أي حل سياسي أو ميداني. وأنّ على الجوار العربي أن يتحوّل إلى فسيفساء من الكيانات الضعيفة، المتنازعة، والمجزّأة طائفياً وعرقياً، في مقابل 'الدولة اليهودية النقية' التي تطمح إليها حكومة اليمين الإسرائيلي.
ليست السويداء، في هذا الإطار، سوى 'المختبر الأولي' لهذه الاستراتيجية، يريد نتنياهو تحويل الدروز إلى ورقة، على غرار ما يُراد للأكراد في الشمال والعلويين في الساحل. تفتيت الدولة السورية، كما كان الحال في العراق ولبنان، ليس مجرد نتيجة للضعف والفوضى، بل هدف إسرائيلي في حدّ ذاته، يوفر أرضية أخلاقية وسياسية لإسرائيل لتكريس نموذجها القومي – الديني، وربما تمهيداً لتهجير الفلسطينيين في أراضي 48 والضفة الغربية، تحت شعار 'لكل جماعة دولتها'.
في ورشة مغلقة نظمها معهد السياسة والمجتمع قبل أيام، خلص خبراء أمنيون وسياسيون أردنيون إلى أن ما جرى في السويداء لا يمكن عزله عن سياق أوسع يشمل الحرب على غزّة، ومعركة الضفة الغربية، واستهداف حزب الله في لبنان، وضربات متفرّقة في العراق. ويؤشر ذلك كله إلى محاولة إعادة تشكيل خريطة النفوذ في المشرق العربي، وفقاً لرؤية إسرائيلية تقوم على مبدأ 'إضعاف الجميع، وتسيّد واحد'.
في السياق الاستراتيجي، أيضاً، العرب خارج هذا المشهد، في السويداء وفي غزّة وفي لبنان، وكما كانت عليه الحال في الحرب الإيرانية الإسرائيلية. لم يعودوا طرفاً في موازين القوى، بل موضوعاً لها، وما أشبه ذلك بحالهم غداة الحرب العالمية الأولى. حتّى تركيا، تراجعت وتحجّم طموحها، وربما يكون مشروع اليمين الإسرائيلي في المدى المتوسط 'تحييد تركيا' أو إضعافها أيضاً، إن لم يكن عبر مواجهة مباشرة، فبوسائل ناعمة ومن الداخل.
على جهةٍ أخرى، مهما قيل عن الخلافات التكتيكية بين نتنياهو وإدارات بايدن أو ترامب، لم تتغيّر الاستراتيجية. هنالك قبول أميركي عميق بتكريس إسرائيل قوةً إقليميةً ضابطة، ولا فيتو بعد على المشروع الإسرائيلي الجديد. الأحداث في السويداء، على الرغم من قسوتها، لم تغيّر شيئاً من هذا التواطؤ الصامت.
نعم، ربما تنتهي الأزمة في السويداء بوساطة أميركية – تركية – أردنية، كما قال المبعوث الأميركي توماس برّاك، لكن النموذج الجديد الذي بدأ يتكرّس: إسرائيل بوصفها شرطياً (أو بلطجياً) في المنطقة لا أحد يقف في وجهها، وعدم السماح بأيّ قوى إقليمية جديدة، وإذا أردت أن تحل مشكلة أو مسألة داخلية في لبنان أو سورية أو ربما أماكن أخرى فإنّ 'تل أبيب' الجديدة على الطاولة وهي طرف وربما الطرف الأهم في تقرير مصير ليس الفلسطينيين فحسب بل الجوار بأكمله!
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تسمّم نتنياهو.. لعبة قذرة وخدعة متكرّرة في مسرحية تأجيل المحاكمات
تسمّم نتنياهو.. لعبة قذرة وخدعة متكرّرة في مسرحية تأجيل المحاكمات

الشروق

timeمنذ 5 ساعات

  • الشروق

تسمّم نتنياهو.. لعبة قذرة وخدعة متكرّرة في مسرحية تأجيل المحاكمات

في كل مرة يقترب فيها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من مواجهة العدالة، يظهر مشهد جديد من التأجيل والمماطلة تحت ذرائع متعددة، كان آخرها التسمم الغذائي الحاد. وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها نتنياهو إلى ما يمكن وصفه بـ'اللعبة القذرة' والخدعة المتكررة لتأجيل محاكماته التي تلاحقه منذ سنوات، وما أثار الاستغراب هذه المرة، هو توقيت التسمم الذي جاء في لحظة حاسمة، كان من المفترض أن يدلي فيها بشهادته في واحدة من أخطر القضايا المرفوعة ضده. هذا التأجيل المريب فتح الباب أمام الكثير من التساؤلات حول جدية هذه الحالة الصحية، ومدى استغلالها كتكتيك سياسي وقانوني من قبل نتنياهو لتعطيل مسار العدالة. وسائل الإعلام العبرية قالت إن إصابة نتنياهو بالتسمّم الغذائي حالت دون حضوره اجتماع الحكومة، يوم أمس الأحد، وأيضا تسببت في تأجيل انعقاد جلسات محاكمته إلى سبتمبر المقبل، فيما قال مكتبه إنه 'خضع لفحص في منزله بعد شعوره بتوعك خلال الليل ليتبين أنه يعاني من التهاب معوي ناتج عن تناوله طعاما فاسدا'. وعلى إثر ذلك ألغت محكمة الصلح في القدس، الأحد، جلستي إدلاء رئيس وزراء الاحتلال بشهادته المقررتين يومي الإثنين والثلاثاء 21 و22 جويلية، في إطار محاكمته الجنائية بتهمة الفساد. وأفادت مصادر قانونية بأن محامي نتنياهو، عاميت حداد، تقدم بطلب تأجيل الجلسات بعد إصابة نتنياهو بالتسمم الغذائي، ما جعل الكثيرين يجزمون أنه اهتدى لهذه الحيلة كي يتهرب من المحاكمة. تنويه هام ‼️ إصابة #نتنياهو بتسمم كما أعلن مكتبه هي لعبة من ألاعيبه القذرة لتأجيل محاكمته التي تبدأ غدآ …وهو ما كان وتم تأجيل الجلسة ‼️‼️ #غزة_تقتل_جوعاً #فلسطين #إسرائيل_إرهابية #المجاعة_في_غزة #ابو_عبيدة #IsraelTerroristState #GazaGenocide #الامير_النائم — (@Yerosh_lebanon) July 20, 2025 ووافقت النيابة العامة على طلب التأجيل، واقترحت عقد الجلستين يومي الأربعاء والخميس بدلًا من ذلك، لكن المحكمة رفضت هذا الخيار وألغت الجلسات تمامًا، مشيرة إلى عدم توفر إمكانية لعقدها لاحقًا في الأسبوع بسبب التزامات جدولية. وبذلك، لن يُطلب من نتنياهو الإدلاء بشهادته مجددًا قبل شهر سبتمبر المقبل على أقل تقدير، حيث تدخل محاكم الاحتلال في إجازة صيفية تبدأ هذا الأسبوع وتنتهي في 5 سبتمبر. مكتب رئيس وزراء الإحتلال: نتنياهو يشعر بتوعك، وشُخِّصت إصابته بالتهاب معوي .. وسيستريح في منزله لمدة ثلاثة أيام / كان من المفترض أن تعقد محاكمة #النتن غدا الأثنين لكن طلب تأجيلها متذرعا بحالته الصحية وتأجلت إلى سبتمبر القادم .. — حــسـنــ (@Hassan_G_S) July 20, 2025 هل تسمم نتنياهو مجرد خدعة للتهرب من المحاكمة؟ حادثة الوعكة الصحية التي ألمت بنتنياهو، أعادت فتح ملف التأجيلات المتكررة التي شابت محاكمته، وطرحت مجددًا علامات استفهام حول مدى صدقية التبريرات، وما إذا كان يسعى فعلاً للهروب من لحظة مواجهة مصيرية مع العدالة؟ وعلى الرغم من أن كلّ التقارير أشارت إلى أن نتنياهو تعرّض فعلاً لتسمم غذائي، عرّضه للالتهاب المعوي والجفاف، وخضع بسببه لعلاج عبر الوريد، إلا أن بعض المتابعين لملف محاكمته أكدوا أن الأمر مجرد خدعة. وأضافوا أن 'نتنياهو ومساعدوه لطالما استخدموا مجموعة معقدة من الوسائل القانونية، السياسية، والإدارية لتأجيل محاكمته. بعضها له وجاهة قانونية، والبعض الآخر يُنظر إليه كتكتيك لتطويل الإجراءات على أمل تغيير الظروف السياسية أو القضائية'. كلما إقتربت محاكمة نتنياهووو بساوي حالو مرضان او بقصف دمشق أو غزة لك عيب يا نتنياهو. صرت قد الشتنتير عيب عليك عاااد استحي على دمك وشغلت الولدنه بطلها بقص عصبك بعدين قليل ادب مشفتر — الصياد ..لا نامت أعين الجبناء (@CDet285D0paOzuf) July 20, 2025 وتكررت تأجيلات محاكمات نتنياهو في قضايا الفساد (التي تشمل الرشوة، خيانة الأمانة، والاحتيال) منذ بدء المحاكمة في مارس 2020، لعدة أسباب من بينها الصحية، كإصابته بالتسمم، إجراء تحاليل طبية، جراحات بسيطة، جائحة كورونا وغيرها.

ترامب ينشر فيديو لاعتقال أوباما وسجنه.. ما قصته؟
ترامب ينشر فيديو لاعتقال أوباما وسجنه.. ما قصته؟

الشروق

timeمنذ 5 ساعات

  • الشروق

ترامب ينشر فيديو لاعتقال أوباما وسجنه.. ما قصته؟

نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو مُعدَّل يظهر اعتقال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وسجنه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وأظهر مقطع فيديو نشره ترامب على منصة التواصل الاجتماعي 'تروث سوسيال' لحظة اعتقال مكتب التحقيقات الفيدرالي للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووضعه في السجن. وظهر في مقطع الفيديو القصير، الذي يبدو أنه من أحد مستخدمي تطبيق تيك توك، مونتاج لمشرعين ومشرعين أمريكيين يكررون رسالة 'لا أحد فوق القانون' قبل أن يظهر ترامب وأوباما جالسين معًا في البيت الأبيض. وينتقل الفيديو بعد ذلك إلى ما يبدو أنه لقطات معدلة من اجتماع ترامب وأوباما في المكتب البيضاوي في نوفمبر عام 2016، في الأيام التي تلت فوز ترامب في الانتخابات. وفي المقطع، يمسك عميلان من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بذراعي أوباما، ويضعانه على الأرض، ويكبلانه بالأصفاد. ثم يُصوّر الفيديو أوباما داخل سجن مرتديا زيا برتقاليا. ويأتي هذا الفيديو بعد أن هددت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد ، الجمعة، بإحالة مسؤولي إدارة أوباما إلى وزارة العدل لمقاضاتهم بشأن تقييم الاستخبارات لتدخل روسيا في انتخابات 2016. وفي الأسبوع الماضي، كشفت تولسي غابارد، أن لديها أدلة 'صادمة' و'دامغة' على قيام مسؤولين سابقين في إدارة أوباما باختلاق نظرية تواطؤ ترامب مع روسيا بعد انتخابات عام 2016 لمنع ترامب من الوصول إلى الرئاسة.

أوروبا تستعد لخطة انتقامية رداً على تصعيد ترامب التجاري
أوروبا تستعد لخطة انتقامية رداً على تصعيد ترامب التجاري

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 6 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

أوروبا تستعد لخطة انتقامية رداً على تصعيد ترامب التجاري

إيطاليا تلغراف في تصعيد لافت على جبهة التوتر التجاري بين ضفتي الأطلسي، يستعد الاتحاد الأوروبي لإطلاق خطة انتقامية شاملة، رداً على نية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية شبه شاملة على صادرات الكتلة الأوروبية، مع اقتراب موعد الأول من أغسطس/آب الذي حدده ترامب مهلة نهائية لدخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ. وبحسب ما كشفته مصادر دبلوماسية أوروبية لوكالة بلومبيرغ، فإن مفاوضي الاتحاد الأوروبي يعتزمون عقد اجتماع طارئ خلال أيام لوضع اللمسات الأخيرة على حزمة من الإجراءات المضادة، تشمل فرض رسوم على سلع أميركية حساسة، وتفعيل ما يعرف بـ'أداة مكافحة الإكراه' (ACI)، وهي أقوى آلية تجارية يمتلكها الاتحاد الأوروبي حالياً. وتمنح هذه الأداة المفوضية الأوروبية سلطات واسعة للرد على الممارسات التجارية القسرية، مثل فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، أو فرض قيود على استثمارات أميركية داخل الاتحاد، وحتى استبعاد شركات أميركية من العقود العامة. وبينما صممت هذه الأداة في الأساس لردع دول مثل الصين وروسيا، فإن تحولها إلى سلاح محتمل ضد واشنطن يعكس حجم التوتر غير المسبوق بين الجانبين. تعثّر محادثات الفرصة الأخيرة تأتي هذه التحركات في وقت لم تفض فيه محادثات الفرصة الأخيرة بين الطرفين في واشنطن إلى أي اختراق، وسط مؤشرات واضحة على تصلب الموقف الأميركي. وتشير التسريبات إلى أن إدارة ترامب تطالب بتطبيق تعريفات تفوق 10% على معظم الصادرات الأوروبية، مع استثناءات محدودة تشمل بعض الأجهزة الطبية، والأدوية الجنيسة، وعدداً من المعدات الصناعية. وتؤكد مصادر 'بلومبيرغ' أن الاتحاد الأوروبي كان يأمل في التوصل إلى إطار تفاوضي مرن، يعتمد تعريفة موحدة نسبياً، لكنه فوجئ برسالة من ترامب في مطلع يوليو/تموز الجاري، تهدد بفرض رسوم تصل إلى 30% على معظم صادرات الكتلة، مع تركيز إضافي على قطاعات السيارات، والألمنيوم، والصلب، والنبيذ، وحتى أشباه الموصلات. وفي مواجهة هذا التهديد، شرعت بروكسل بإعداد قائمة انتقامية من السلع الأميركية التي ستفرض عليها رسوماً فورية في حال فشل المحادثات. وتشمل القائمة الأولية سلعاً تصل قيمتها إلى 21 مليار يورو، فيما أعدت المفوضية الأوروبية قائمة إضافية بقيمة 72 مليار يورو، تستهدف قطاعات أميركية حساسة سياسياً، مثل طائرات 'بوينغ'، والسيارات الأميركية، وفول الصويا من ولاية لويزيانا، والدواجن، والخمور. وتشير المعلومات إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يكتفي هذه المرة بالرسوم الجمركية فقط، بل يدرس توسيع رده ليشمل فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا الأميركية، وقيوداً على استثمارات أميركية محددة داخل الاتحاد، إضافة إلى استبعاد شركات أميركية من عقود الشراء العامة في السوق الموحدة. انقسام داخل الاتحاد بسبب ترامب رغم التوافق العام على ضرورة الاستعداد للرد، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تختلف في درجة الحزم المطلوبة. فبينما تدعو بعض العواصم مثل باريس وبرلين إلى المواجهة المفتوحة إذا مضى ترامب في قراراته، تفضل دول أخرى اتباع نهج أكثر حذراً لتفادي تصعيد واسع. وتشير مصادر إلى أن تفعيل 'أداة مكافحة الإكراه' لا يجري إلا بعد تصويت الأغلبية داخل المجلس الأوروبي، إذ تتيح هذه الأداة فرض تدابير ردع قوية تشمل قيوداً تجارية وتمويلية على الدولة المتسببة بالإكراه. وبحسب التقديرات الأوروبية، فإن حجم التجارة المستهدف من قبل واشنطن حالياً يغطي ما لا يقل عن 70% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، أي نحو 380 مليار يورو (442 مليار دولار) سنوياً. وتشمل هذه التدابير الحالية رسوماً بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار، و50% على النحاس، مع تهديدات بفرض تعريفات جديدة على الصناعات الدوائية وشركات الرقائق. وفيما تتواصل المحادثات خلال الأسبوعين المقبلين، يتزايد الضغط على المفوضية الأوروبية للتحرك السريع في حال انهيار المفاوضات، إذ ترى بروكسل أن الرسوم الأميركية لا تستهدف الميزان التجاري فقط، بل تندرج ضمن سياسة 'العقاب الممنهج' التي تستخدمها إدارة ترامب للضغط السياسي والاقتصادي. كما تخشى بروكسل من أن يتحول ملف الرسوم الجمركية إلى وسيلة ضغط منهجية لدفع التكتل إلى اصطفافات سياسية معينة، سواء في ما يتعلق بالصين أو الحرب في أوكرانيا، مما يضع مستقبل العلاقات الأوروبية – الأميركية على المحك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store