logo
عرائض وقف الحرب على غزة في "تل أبيب" هل ثمة جدوى؟

عرائض وقف الحرب على غزة في "تل أبيب" هل ثمة جدوى؟

الميادين١٧-٠٤-٢٠٢٥

"نحن عناصر سلاح الجو في الاحتياط والمتقاعدين، نطالب بالعودة الفورية للرهائن حتى وإن كلّف ذلك الوقف الفوري للأعمال القتالية، إن الحرب تخدم بالدرجة الأولى مصالح سياسية وشخصية لا مصالح أمنية، وهي ستسفر عن وفاة الرهائن والجنود والمدنيين الأبرياء، وإنهاك خدمة الاحتياط".
صدرت هذه العريضة عن 1000 طيار في سلاح الجو من الاحتياط والمتقاعدين، ليتصاعد عقب صدورها المزيد من العرائض في الكيان الإسرائيلي، تؤيد وتدافع عن الطيارين الموقعين، وقد شمل ذلك مختلف قطاعات الجيش الإسرائيلي خاصة في قوات الاحتياط، بما فيها البحرية والمدرعات والقوات الخاصة وألوية المشاة، والعديد من شرائح المجتمع الإسرائيلي ولا سيما الأكاديميين والمعلمين والفنانين، وتُلحظ من خلال ذلك زيادة عدد الموقعين.
وتأتي إدانة نتنياهو لهذه العرائض تعبيراً عن طبيعة المأزق، وهو يتهم من أصدرها أنهم "مجموعة متطرفة تحاول تقويض المجتمع الإسرائيلي من الداخل وأن هدفهم إسقاط الحكومة"، لذا أمر بقمع الناشطين الفاعلين في الموقعين وفصلهم من الخدمة بشكل نهائي، لأن هذه البيانات تضعف الجيش وتقوّي أعداءنا خلال فترة الحرب فهي لا تُغتفر.
لم يتأخر رئيس هيئة الأركان إيال زامير بإعلان التعبئة العامة ضد هذه العريضة، لتُتَرجَم عبر أوامر رسمية أصدرها قائد سلاح الجو تومر بار تنفذ تعليمات نتنياهو حرفياً، وهو ما أثار المزيد من قوى الجيش وفئات المجتمع، حتى قدّرت صحيفة هآرتس أن عدد الإسرائيليين الموقّعين على عرائض وقف الحرب تجاوز 100 ألف في 5 أيام، وقد برز منها ما يلي:
- 150 جندياً إسرائيلياً خدموا في لواء "غولاني".
- 1500 من جنود سلاح المدرعات.
- 170 من المتخرجين في برنامج "تلبيوت" العسكري النخبوي، في الاحتياط والمتقاعدين.
- 200 مقاتل من وحدة "شايطيت13" التابعة لسلاح البحرية بعضهم في الخدمة الفعلية.
- 500 من المتخرجين في دورة الضباط البحريين في الاحتياط بسلاح البحرية، بينهم 4 من القادة السابقين لسلاح البحرية.
- 472 من جنود الاحتياط وأفراد الوحدات الخاصة السابقين. 16 نيسان 11:34
16 نيسان 11:32
- 135 جندي من ألوية المشاة الذين يخدمون حالياً.
- 150 طبيباً في قوات احتياط الجيش الإسرائيليّ.
- 250 من متقاعدي جهاز الموساد، من بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للجهاز هم: داني يوتام، وإفرايم هليفي، وتامير باردو، ونائب رئيس الموساد السابق، والعشرات من رؤساء الأقسام ونواب رؤساء الأقسام في الجهاز، ومما جاء في رسالتهم ""قدسيّة الحياة، يا سيادة رئيس الحكومة، تسبق إله الانتقام'".
- مئات من وحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية.
- 3500 أكاديمي.
- 3000 من العاملين في مجال التعليم.
- 1000 من أولياء أمور الطلبة.
- 1700 فنان ومثقف إسرائيلي.
ويعكس موقف دان حلوتس رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال السابق، ضد أوامر الفصل التي صدرت بحق الطيارين، حالة الاحتقان التي يمر بها جيش الاحتلال وليس فقط الكيان، وهو يدين فصل هؤلاء الطيارين بذريعة عدم التدخل العسكري في السياسة، وهو أحد الموقعين على عريضة الطيارين، قائلاً "هذا يعني أن 400 ألف من رجال الاحتياط سيتعين عليهم أن ينتظروا حتى نهاية الحرب كي يعربوا عن آرائهم. هم مواطنون من حقهم أن يحاولوا التأثير".
هي إذاً محاولات للتأثير على توجهات الحكومة في تسعير الحرب على غزة، لماذا هذا التأثير؟ لأن الأولوية هي إنقاذ الأسرى، وتجنب المزيد من الخسائر البشرية في "جيش" الاحتلال، والمشكلة المستعصية في الشرخ الإسرائيلي المتصاعد، أن نتنياهو وعبر ما يملكه من أغلبية في الكنيست، نجح في تحويل قضية الأسرى من مبدأ وقيمة في التكوين الإسرائيلي الأساسي، إلى مجرد قضية خلافية داخلية، وهنا تأتي هذه العرائض التي تجتاح الكيان، لتسدد البوصلة الداخلية التائهة في الفكر الإسرائيلي، وهذه المرة عبر القوى المؤثرة في جيش الاحتلال، فهل يمكنها النجاح؟
قد تنجح هذه العرائض إذاً ضمن عشرات الآلاف من الموقعين، وقد تبعتها حالة عصيان في تنفيذ الأوامر داخل الجيش، ما يؤدي إلى خلافات داخل الثكنات العسكرية، هنا ستضطر هيئة أركان الجيش للضغط بشكل واضح على المستوى السياسي، لا بشكل نسبي كما يحدث حالياً وكما بدأ يصدر عن إيال زامير عقب تصاعد هذه العرائض، وهو يحذر القيادة السياسية من خطورة النقص في القوى القتالية في الجيش، وأنه لا يمكن تحقيق كل طموحات السياسيين في الحرب، ذلك لأنه خلال العملية الحالية، يعتمد الكابنيت السياسي على قوات "الجيش" الإسرائيلي لا على خطوة سياسية مكملة، وبهذا، تآكلت "إنجازات" الجنود بحسب وصف زامير، لماذا؟ لأن الحكومة رفضت التقدّم بخطة سياسية حول استبدال حكم حماس، رغم مرور عام ونصف على اندلاع الحرب.
ما زالت الحركة الاحتجاجية ضد الحرب في الكيان الإسرائيلي، تحت السيطرة حتى هذه اللحظة، سواء ما يصدر عن أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة، أم ما بدأ يطفو على السطح من حراك داخل "الجيش"، ولا يقلل من أهميته كونه في غالبه داخل قوات الاحتياط، فهذا الجيش 75% منه قوات احتياط، وقد حذر الجيولوجي في معهد الأمن الوطني أريئيل هايمن أنه قد تقع حادثة واحدة تخرج عن سيطرة المنظومة العسكرية، ما يؤدي إلى اندلاع موجة هائلة من العصيان ضد عمليات الفصل التي تضرّ بصورة بليغة بالنسيج الحساس للغاية الذي يربط منظومة الاحتياط بالقيادة العليا في الجيش، ولا سيما الضباط الدائمون، وإن ضرراً كهذا سيكون كارثياً لأجيال عديدة، فالأمر لا يتعلق فقط بهذه الحرب بحسب وصف هذا الجيولوجي، بل أيضاً ستكون له تبعات لأعوام طويلة مقبلة، ولا يمكن للجيش أن يعمل من دون منظومة احتياط ملتزمة، ومن الجدير بقادة الجيش أخذ ذلك بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات كهذه بالفصل ضد من يحتج في قوات الاحتياط.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يعلن موعد تسلم زيني رئاسة "الشاباك" رغم ما أثاره قرار التعيين من انقسامات
نتنياهو يعلن موعد تسلم زيني رئاسة "الشاباك" رغم ما أثاره قرار التعيين من انقسامات

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

نتنياهو يعلن موعد تسلم زيني رئاسة "الشاباك" رغم ما أثاره قرار التعيين من انقسامات

أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، أن رئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" الجديد ديفيد زيني سيتولى منصبه الشهر المقبل. وقال نتنياهو، بعد تعيين زيني على رأس "الشاباك"، إن "رئيس الوزراء مسؤول عن أمن الدولة، وخصوصاً خلال حرب متعددة الجبهات". 22 أيار 20 أيار وسيتولى زيني مهامه خلفاً لرونين بار، الذي قال إنه سيتنحى في 15 حزيران/ يونيو ، بعد خلافات حادة مع نتنياهو الذي حاول إقالته في آذار/ مارس قبل وقف القرار بأمر قضائي مؤقت من المحكمة العليا. وقضت المحكمة العليا الشهر الماضي بأن الإقالة غير قانونية. وعيّن نتنياهو، زيني كرئيس مقبل لجهاز "الشاباك"، من دون إبلاغ رئيس هيئة الأركان إيال زامير، الذي علم بالقرار "في اللحظة الأخيرة"، وعلى الرغم من موقف المستشارة القانونية للحكومة، التي قررت أنّ نتنياهو ممنوع من تنفيذ هذه الخطوة. وقالت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، إنّ "رئيس الحكومة تصرف خلافاً للتوجيه القانوني، وهناك تخوف جدي من أنّه تصرف وهو في وضع تضارب مصالح"، مشيرةً إلى أنّ "عملية التعيين معيبة".

قرار تعيين ديفيد زيني يشعل النار في الداخل الإسرائيلي... ولسارة نتنياهو حصّة!
قرار تعيين ديفيد زيني يشعل النار في الداخل الإسرائيلي... ولسارة نتنياهو حصّة!

النهار

timeمنذ 3 ساعات

  • النهار

قرار تعيين ديفيد زيني يشعل النار في الداخل الإسرائيلي... ولسارة نتنياهو حصّة!

تعصف أزمة حقيقية بالمستوى الأمني والسياسي في إسرائيل مع تجاهل قرار المدعية العامة وتعيين ديفيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الشاباك. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن مرشّحه لمنصب رئيس جهاز الأمن الداخلي يجب أن يعيّن "في أقرب وقت ممكن"، مضيفاً أن مرشّحه زيني لن يتدخّل في أي تحقيق يستهدف المقرّبين منه. وأورد بيان صادر عن مكتب نتنياهو "من الضروري تعيين رئيس للشاباك في أقرب وقت ممكن"، مضيفاً "لن يشارك رئيس جهاز الأمن الداخلي المعيّن في التحقيق" الذي يجريه الشاباك ضد شركاء لنتنياهو يشتبه في تلقيهم رشاوى من قطر. إلى ذلك، لفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّه بعد الاتفاق على تعيينه رئيساً لجهاز الشاباك من وراء ظهر رئيس هيئة الأركان، أبلغ الجنرال إيال زامير رسمياً اللواء زيني بإنهاء خدمته في الجيش الإسرائيلي. وكشفت القناة 12 عن أن زامير استدعى اللواء زيني لمحادثة توضيحاً لما دار بينه وبين نتنياهو بشأن تعيينه بدون علمه. ماذا في تطوّرات القرار؟ من جهّته، أوضح المحلّل السياسي للقناة 12 بعض النقاط في قرار التعيين، مشيراً إلى أن "نتنياهو تجاوز زامير عُرفاً وليس قانوناً بتعيين زيني، وهذا سيخلق علاقة مضطربة بين أهم شخصيتين عسكريتين في إسرائيل لإدارة الحرب على قطاع غزة". وأضاف: "يُحظر على نتنياهو قانونياً أن يحدّد صلاحيات رئيس الشاباك الذي يعيّنه، ولذلك ليس من صلاحية نتنياهو أصلاً أن يقول إن زيني لن يتدخّل بتحقيقات مستشاريه. بالإضافة إلى أن مسار التعيين وكل إجراءاته إما غير قانونية أو غير تامة دستورياً، وهذا يعني أن الحكومة في طريقها لصدام جديد وكبير مع جهاز القضاء الإسرائيلي". عن دور سارة نتنياهو... في السياق، أفادت "معاريف" بأن "زيني كان المرشّح المفضل لدى سارة نتنياهو لتولي منصب رئيس هيئة الأركان بعد هيرتسي هاليفي، وذلك رغم أنّه لم يشغل العديد من المناصب في هيئة الأركان العامة، كما أن له علاقات غير مباشرة مع عائلة نتنياهو". وأشارت الصحيفة إلى أن "زيني يفتقر إلى الخبرة في مجالات المعلومات الاستخباراتية، والعمليات الخاصة للشاباك وتشغيل العملاء، ولا يُعتبر خبيراً بالشأن العربي، وهو ما قد يُشكّل تحديا له في المنصب". وختمت: "نتنياهو يسعى من خلال هذا التعيين، إلى إيصال رسالة إلى جهاز الشاباك مفادها أن "ما كان – لن يكون بعد ذلك"، وأن الطاقم المحيط برئيس الجهاز الحالي رونين بار، قد يُستبدل مع دخول رئيس جديد من خارج الجهاز". رسالة تحذير ونقل موقع "واللاه نيوز" العبري رسالة وجّهها رئيس جامعة تل أبيب آرييه زيفي بورات إلى زيني يقول فيها إن تعيينه سيؤدي إلى حرب أهلية. في رسالته، دعا رئيس الجامعة زيني إلى سحب ترشيحه "لتفادي كارثة وطنية قد تقع إذا تم تعيينك". وأضاف أن قطاعات في الاقتصاد سبق أن أعلنت نيتها الإضراب في حال تم تجاهل قرارات المحكمة. بدوره، علّق رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك على خطوة نتنياهو قائلاً: "لا أعرف وضعاً يكون فيه رئيس حكومة سواء حين كنت أنا رئيساً للوزراء أو غيري يتحدّث مباشرة مع كبار ضباط الجيش من دون التنسيق مع رئيس هيئة الأركان". وتابع: "هذه سابقة خطيرة. المشكلة أن رئيس الحكومة ليس فوق القانون، وما يحدث الآن هو تجسيد حقيقي للحظة الدستورية التي لطالما حذّرنا منها، الأزمة الدستورية التي طال الحديث حولها". وختم: "عندما يخرق نتنياهو بشكل صارخ التعليمات الموجهة إليه، كما حصل بالأمس عندما تجاهل القرار بوقف تعيين رئيس الشاباك، فإن ذلك يعني أنه يتمرّد على القانون، ويُعلن فعلياً الحرب على حكم القانون في الدولة، هذا سلوك يقوّض أسس النظام الديموقراطي ويفكك دولة إسرائيل من الداخل".

ترامب و 'حافة الهاوية'
ترامب و 'حافة الهاوية'

المنار

timeمنذ 5 ساعات

  • المنار

ترامب و 'حافة الهاوية'

استمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبعد عودته إلى البيت الأبيض في العام 2025 بإطلاق شعاراته الرنانة المعروفة: 'أمريكا اولاً' و' استعادة هيبة امريكا'. ومن ولايته الأولى وحتى الآن لم يتمكن من ترجمة هذه الشعارات على أرض الواقع ولم تسعفه التصريحات الخارجة عن المألوف ولا التحركات الاستفزازية لحلفائه قبل اعدائه، حيث تراجعت إدارته عن العديد من القرارات الدولية البارزة خوفاً من الضغوط الخارجية واحياناً لحسابات داخلية. من الممكن تفسير هذه التراجعات على أنها مؤشر على سياسة تاجر يرفع سقفه عالياً ليعود ويتنازل رويداً رويداً لتخفيف الكلفة. أما أبرز هذه التراجعات حتى تاريخ كتابة هذا المقال فهي على الشكل التالي. اليمن التكلفة التي تركت 'اسرائيل' وحيدة أعلنت اليمن الحصار البحري على 'اسرائيل' دعماً لغزة ومطالبة بوقف الابادة الجماعية، حيث استهدفت كل السفن الاسرائيلية والسفن التي تتجه نحو الكيان أو تنطلق من الكيان في البحر الأحمر، فبادر ترامب لمحاولة حماية الكيان وحماية السفن من خلال شنّ حرب جوية بضربات يومية بدأت في شباط 2025 ولكن ما لبث أن ظهر عدم جدوى هذه الحرب وبدأت تنعكس سلباً على الرئيس الأميركي بعد تعرض حاملات طائراته إلى القصف وسقوط طائرات الـf18 ما جعل ترامب وإدارته يتراجعون عن قرارهم. وعُزي التراجع إلى وساطات عمانية ودولية، إضافة إلى القلق داخل وزارة الحرب الأمريكية من كلفة التورط الطويل وقال ترامب حينها 'لن نخوض حروبًا لا نهاية لها'، مستعيدًا شعاره من ولايته الأولى، لكنه فعليًا كان يُنهي عملية عسكرية بدأها بنفسه. إيران: من التهديد بالقصف إلى المفاوضات على الطاولة بدأ ترامب ولايته الثانية بتهديد مباشر لايران وبنبرة عالية مستخدماً مصطلح ' الرد الساحق' في حال استمرت ايران بدعم حلفائها في اليمن وفلسطين ولبنان والعراق حتى وصل إلى إمكانية تنفيذ ضربة عسكرية بعد تعرضه لضربات في اربيل وفي البحر الأحمر. ولكن خلف هذا الضجيج كانت قنوات التفاوض تحت الطاولة مستمرة بوساطة اوروبية وعمانية وبعد أن انتشى نتنياهو بدنو الضربة العسكرية للقدرات النووية الايرانية، استدعاه ترامب الى البيت الأبيض ليعلن بأن باب التفاوض مع ايران قد فتح ولتعلن الخارجية الأمريكية بشكل مفاجئ قبولها 'الجلوس مع الإيرانيين دون شروط مسبقة، لمناقشة برنامجهم النووي وسلوكهم الإقليمي'، حسب تعبير الخارجية. هذا التراجع لم يكن مفاجئاً، بل صار امراً واقعاً حيث بدأ ترامب بالمفاوضات مع تعليق بعض العقوبات الثانوية. الخطوة أثارت امتعاض اللوبيات المتشددة، إلا أن ترامب بررها بـ'إعطاء السلام فرصة أخيرة'، ما عُدّ تراجعًا صريحًا عن سياسة المواجهة التي لوّح بها في حملته الانتخابية، واعترافًا عمليًا بقوة الواقع الإقليمي وتشابك المصالح في الخليج. نتنياهو خارج المعادلة كان صادما بالنسبة لنتنياهو خروج الأسير الاسرائيلي ادن الكسندر واطلاق سراحه من قبل حركة حماس بعد اسابيع من المفاوضات الغير المباشرة بينها وبين ادارة ترامب، ومن دون علم نتنياهو ولا مشاركته، ما أظهره ضعيفاً مقابل قوة الادارة الأميركية التي اعتبرت رغم خطابها المتشدد أنها مستعدة للتراجع حين تتطلب المصلحة ذلك ولو حساب الحلفاء المقربين أو التقليديين. كما اظهرت تراجعاً عن اللهجة العدائية التقليدية تجاه حركة حماس واعتبارها جزء أساسي من المشهد في فلسطين بعدما كانت تعتمد نهج الاقصاء اتجاهها. تايوان من المواجهة مع الصين الى التهدئة أما في ملف تايوان، فقد وصلت الأمور بترامب إلى إعلانه نيته إرسال قوات بحرية قرب تايوان، فاتحاً تواصلاً مباشراً مع الحكومة التايوانية في محاولة للقول بأنه مؤيد لمحاولات ابتعادها عن الصين. أثار ذلك غضب بكين التي ردت بتهديدات وبمناورات بحرية وجوية فوق تايوان مما أثار القلق في البورصات العالمية. حينها تفاجأت تايوان بتراجع ترامب وهدوء لهجته وأعلنت وزارة الخارجية أن 'الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان، وتؤكد تمسكها بسياسة الصين الواحدة'. لا لروسيا في مجموعة الدول السبع في بداية الـ 2025 جدد ترامب فكرته القديمة في محاولة لما اعتبره احتواء روسيا، حيث طالب بإعادتها إلى مجموعة الدول السبع الكبرى وحاول الترويج والضغط على الدول الأوروبية للقبول بفكرته ولكنه جوبه برفض حاسم من معظم هذه الدول، بسبب استمرار الحرب بين روسيا واوكرانيا. لكن تراجع ترامب عن طرحه بعد اجتماع الدول السبع في المانيا معللاً ذلك بأنه 'ربما الآن ليس الوقت المناسب'. وجاء هذا التراجع بسبب الضغوط الأوروبية المكثفة على رأسها فرنسا وكندا والمانيا. ترامب من التخلي عن زيلينسكي إلى دعم مشروط قبل توليه الرئاسة، كان ترامب واضحاً التوجه نحو التخلي عن اوكرانيا بخطاباته الانتخابية. وحين تولى الرئاسة أشار بتصريحاته إلى أنه 'ليس من مسؤولية أميركا تمويل حرب الآخرين'، ما أثار قلق كييف وحلفائها الأوروبيين، حيث بدا دونالد ترامب أقرب إلى بوتين من زيلينسكي من حيث التوجه العام والخطاب السياسي. وكان اللقاء الشهير بينه وبين زيلينسكي في البيت الأبيض هو الصورة الحقيقية عن واقع العلاقة بين الرجلين. لكن مع تصاعد الضغط من الكونغرس والبنتاغون، عاد ترامب ليعلن استمرار الدعم 'وفق شروط جديدة'، وأبرزها صفقة المعادن التي حصل عليها، رغم أن ترامب ينظر إلى بوتين باعتباره شريكًا يمكن التفاهم معه تجاريًا وأمنيًا، وليس عدواً أيديولوجيًا، آخذاً بعين الاعتبار ايضاً ميل كفة الحرب في الميدان لصالح موسكو وهو ما أخبر به القادة الأوروبيين مؤخراً، بحسب ما نقلته صحيفة 'وول ستريت جورنال' عن مصادر مطلعة، والتي قالت إن ترامب أخبر قادة أوروبيين، في اتصال هاتفي، أن 'الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس مستعداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لاعتقاده أنه في موقع المنتصر'. وقالت الصحيفة الأميركية إن الاتصال ضم كلاً من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني. وربما يشكّل هذا الاتصال، رسالة لهؤلاء من ترامب بعدم جدوى استمرار الحرب ورفع سقوف المواجهة مع روسيا، خصوصاً مع إعلان رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتّحاد يعمل على حزمة جديدة من العقوبات لزيادة الضّغط على الرئيس الرّوسي، 'إلى أن يصبح مستعدّاً للسّلام'. 'حافة الهاوية' لا زال ترامب يلعب سياسة 'حافة الهاوية' طالما أن الخطابات أقل كلفة من التطبيق، محاولاً تحقيق مطالبه برفع السقوف قبل العودة والتراجع عنها. ويكشف هذا عن نمط متكرر وسياسة تفاوضية في إدارة الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. هو الهجوم حتى تظهر العواقب، فإذا صمدت الجهة المقابلة يبدأ بالتراجع وتُظهر الأمثلة التي ذكرناها حقيقة هذه السياسة. فالصمود والثبات هو الطريقة الوحيدة لمنع ترامب من تحقيق أهدافه، إذ إن ما يطلبه ليس أمراً محسوماً بل يمكن رفضه ومواجهته حتى الوصول الى منع تحققه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store