
معالجة المياه المتنقلة.. حل يثبت جدواه أردنيا لمواجهة أزمة الندرة
إيمان الفارس
اضافة اعلان
عمان- في ظل تفاقم أزمة المياه عالميا، تتزايد الدعوات لتوسيع الاعتماد على تقنيات معالجة المياه المتنقلة كأحد الحلول المرنة لمواجهة التحديات المتصاعدة في قطاع المياه، خاصة في البيئات عالية المخاطر.وتتصاعد نداءات دولية نحو ضرورة التوسع في تقنيات معالجة المياه المتنقلة في مختلف دول العالم، وذلك لمواجهة ضغوط المياه المتزايدة، سواء في أوقات الطوارئ أو ضمن خطط استدامة طويلة الأجل.سياق أردنيوبينما تؤكد تقارير دولية منفصلة ومتخصصة أهمية التكامل الرقمي وتصميم الأنظمة الذكية في إدارة الموارد المائية وتعزيز الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط، رأى خبير المياه والأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م.إياد الدحيات، أن وحدات معالجة المياه المتنقلة تمثل حلاً فعّالًا ومكمّلًا لأنظمة التزويد التقليدية، لا سيما في أوقات الطوارئ.وفي السياق الأردني، أظهرت تجربة المملكة فعالية هذه التقنيات خلال أزمة اللجوء السوري، حيث ساهمت الوحدات المتنقلة في تخفيف الضغط على شبكات المياه في المحافظات الشمالية، وساعدت في تأمين التزويد المائي للمجتمعات المستضيفة ومخيمات اللاجئين.وبرزت أهمية هذه التقنيات، وفق ما أشار إليه الدحيات، في تصريحات لـ"الغد"، بشكل واضح مع بداية أزمة اللجوء السوري العام 2011، حيث لجأ ما يتجاوز 1.4 مليون سوري إلى الأردن، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على المياه بنسبة 40 % في محافظات الشمال، و21 % على مستوى المملكة.وقال الدحيات: " دفعت هذه الضغوط وزارة المياه والري إلى اتخاذ تدابير سريعة، تمثّلت في إدخال وحدات معالجة متنقلة لمعالجة ملوحة المياه الجوفية ومياه بعض السدود، مثل سد الموجب وسد كفرنجة، ما ساهم في استقرار التزويد المائي في مناطق مثل البادية الشمالية، والمفرق، والرمثا، وشمال الكرك، وكفرنجة، إضافة إلى مخيمي الزعتري والأزرق".وأكد أن هذه الأزمة مثّلت فرصة لتوطين هذه التكنولوجيا في الأردن، إذ قامت شركات ناشئة ومتوسطة بتركيب وتشغيل تلك الوحدات، بتمويل من منظمات دولية، ما أسهم في تشغيل مهندسين وفنيين أردنيين، وأسس لشراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص.وفي عالم تتزايد فيه التحديات البيئية وتتسارع فيه أزمات الموارد، لم تعد حلول المياه التقليدية كافية بمفردها لضمان الأمن المائي، فوحدات معالجة المياه المتنقلة لا تمثل مجرد استجابة طارئة، بل تجسيدًا لفكرٍ جديد يقوم على المرونة، والابتكار، والقدرة على التكيف.ومن خلال هذه التقنيات، يصبح بالإمكان تحويل الندرة إلى فرصة، والأزمة إلى حافز للتطوير، حيث تلتقي الحلول التقنية مع الإرادة السياسية والشراكة المجتمعية لتقديم نموذج مستدام يُحتذى به في إدارة أحد أثمن موارد الحياة: المياه.ولا تقتصر أهمية وحدات المعالجة المتنقلة على أوقات الأزمات، بل تُعد اليوم وسيلة فعّالة لسد الفجوات في التزويد المائي خاصة في المناطق التي تعاني من عدم انتظام في "أدوار المياه".بدوره، اقترح الدحيات حصر الآبار الجوفية غير العاملة أو ذات الملوحة العالية، وتركيب وحدات متنقلة لمعالجة مياهها وضخها مباشرة إلى الشبكات أو عبر الصهاريج.كذلك، توفر هذه الوحدات حلاً سريعًا للتوسع في الري الزراعي، خاصة في وادي الأردن، حيث يسمح قرار مجلس الوزراء نهاية العام 2024 باستخدام المياه الجوفية المالحة بعد خلطها وتحليتها لري الأراضي بين العدسية شمالًا والغويبة جنوبًا.وهذا التوجه يساهم في توفير كميات مياه إضافية للشرب، دون المساس بالأنشطة الزراعية، ما يعزز من استدامة الاستثمارات في القطاع الزراعي، وفق الدحيات.وإضافة إلى البعد الزراعي، أشار الدحيات إلى أهمية الدور المحوري الذي تساهم به هذه التقنيات في دعم المدن الصناعية والمناطق الحرة، لاسيما تلك البعيدة عن خطوط المياه والصرف الصحي.فمن شأن توفير حلول مرنة لمعالجة المياه أن يشجع على الاستثمار في هذه المناطق من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير المياه بجودة مناسبة.وفي جانب بيئي بالغ الأهمية، لفت الدحيات إلى نجاح محطات معالجة الصرف الصحي المتنقلة التي استُخدمت في مخيمَي الزعتري والأزرق العام 2013 بقدرة تصل إلى 3500 متر مكعب يوميا، والتي ساعدت في حماية مصادر المياه الجوفية من التلوث واستخدمت مياهها المعالجة في الزراعة المقيدة.وتوازيًا مع أهمية الوحدات المتنقلة، سلّط الدحيات الضوء على ضرورة تعزيز الأنظمة الرقمية في إدارة المياه، مشيرا إلى أن هذه الأنظمة "أصبحت أساسية لرصد جودة المياه وتوفير إنذارات مبكرة تمنع حدوث أزمات مفاجئة قد تتسبب في توقف الإمدادات، الأمر الذي يعزز استمرارية الخدمات في بيئات تشغيلية غير مستقرة".ورغم أهمية تلك الوحدات، إلا أنها لا تعد بديلا دائما عن الشبكة العامة، بل جزءا من خطة مرنة ومتكاملة، بالإضافة إلى أهمية الدعم المؤسسي والسياسات الحاضنة لتوسيع استخدامها، فضلا عن ضرورة إجراء دراسات دورية لتحديد مواقع الآبار المالحة القابلة للمعالجة.اقتراحات للمعالجةوعودة لتفاصيل التقارير، أكدت ضرورة صياغة خريطة طريق لتوسيع استخدام وحدات المعالجة المتنقلة، مشيرة إلى أهمية حصر الآبار الجوفية غير العاملة أو المالحة في المناطق ذات التزويد غير المنتظم وتحديد أولويات المعالجة، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص لتوريد وتشغيل وحدات معالجة متنقلة بتقنيات حديثة ومواصفات بيئية معتمدة.كما اقترحت ضرورة تعزيز الرقابة الرقمية من خلال أنظمة مراقبة ذكية تنبه مبكرًا لمشكلات جودة المياه أو توقف الضخ، وإدماج هذه الوحدات في خطط الطوارئ الوطنية خصوصًا خلال فترات الجفاف وارتفاع الطلب في فصل الصيف، وإطلاق برامج تمويل وتدريب وطنية لدعم الشركات الناشئة والمبتكرين في هذا المجال.وذلك إلى جانب تحديث التشريعات والتعليمات بما يتيح استخدام المياه المعالجة في الري والصناعة ضمن معايير السلامة، والتوسع في الاستخدام الزراعي، خاصة في وادي الأردن، لتحسين إنتاجية الأرض وتوفير كميات مياه للشرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 16 دقائق
- الغد
جائزة الحسن للشباب تنظم مخيما استكشافيا في غابة الحسن
اضافة اعلان جاء المعسكر بهدف صقل مهارات المشاركين وتنمية روح القيادة والانضباط والمسؤولية لديهم، من خلال برنامج متكامل جمع بين النشاط البدني، والتدريبات العسكرية، والمحاضرات التوعوية، والزيارات الثقافية والتعليمية.تضمّن البرنامج أنشطة متعددة مثل تدريبات اللياقة وحركات المشاة، ومحاضرات حول السلامة العامة، والتوعية من المخدرات، وجرائم الإنترنت، إلى جانب ورش حول استخدام البوصلة والخرائط، والإسعافات الأولية، وتدريبات حية مع الدفاع المدني. كما نُفّذت زيارات تثقيفية للديوان الملكي ومتحف الأردن وقلعة عجلون، بالإضافة إلى مسير جبلي في غابات برقش.وقد تميّز المعسكر أيضًا بتنظيم فعاليات تعزز العمل الجماعي، مثل ألعاب بناء الفريق، وحفلة السمر، والأنشطة التطوعية داخل غابة الحسن، مما ساهم في خلق بيئة تفاعلية بين المشاركين وترك أثرًا إيجابيًا في نفوسهم.اختتم المعسكر بحفل تخريج في غابة الحسن، وُزعت خلاله الشهادات على المشاركين، تأكيدًا على التزام الجائزة بتمكين الشباب الأردني وإعدادهم ليكونوا قادة فاعلين في مجتمعاتهم


الغد
منذ 16 دقائق
- الغد
مخيم فضي في وادي رم لمشاركي مدرسة عمان الوطنية برعاية جائزة الحسن للشباب
اضافة اعلان جاء هذا المعسكر في إطار سعي الجائزة لإتاحة الفرص أمام الشباب لاختبار التحدي والانخراط في أنشطة ميدانية ذات طابع تطبيقي، وسط أجواء طبيعية خلابة تُسهم في تعزيز روح الانتماء والمسؤولية.وتضمّن البرنامج مسيرًا جبليًا لمسافة 11 كيلومترًا عبر معالم وادي رم، مثل السيق والرمال الملونة والنبعة، إلى جانب ورش تدريبية في الإسعافات الأولية، ومحاضرات حول استخدام البوصلة والخرائط، وجولات جيبات لمشاهدة غروب الشمس، فضلاً عن تنظيم حملات نظافة تعزز السلوك البيئي الإيجابي.كما زار المشاركون الإسطبلات الملكية وقصر الملك المؤسس في معان، واستمعوا إلى محاضرات تثقيفية حول التراث الأردني، مما أضفى بُعدًا ثقافيًا مهمًا على التجربة.واختُتم المخيم بأجواء من الفخر والإنجاز، حيث عبّر المشاركون عن سعادتهم بهذه التجربة الغنية التي ساهمت في تنمية شخصياتهم، وتحفيزهم على مواصلة طريق التميز والتحدي ضمن برامج جائزة الحسن للشباب.


الغد
منذ 17 دقائق
- الغد
"بلدية إربد" و"تضامن" و"خطوة أمل" يوقعون وثيقة التزام ضمن مبادرة "كلنا معكِ"
اضافة اعلان ورعى الفعالية رئيس بلدية إربد الكبرى، الدكتور المهندس نبيل الكوفحي، الذي أكد في كلمته الافتتاحية دعم البلدية الكامل للمبادرات المجتمعية الهادفة، مشدداً على أن أبواب البلدية ستظل مفتوحة أمام جميع الجهود التي تعزز حماية المجتمع وتحفظ كرامة أفراده، لا سيما في ظل تصاعد الجرائم الرقمية.وشهدت قاعة المؤتمرات في البلدية حضوراً مميزاً من نخبة من الخبراء والناشطين وممثلي المجتمع المحلي، ضمن إطار مشروع "متحدون في مواجهة العنف ضد النساء والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)" الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني.واستهلت الفعالية بكلمات ترحيبية قدمها المبادرون الشباب عبد العزيز نادر والأستاذ شادي اللداوي، منسق المبادرة، والذي استعرض أهدافها في رفع الوعي المجتمعي وبناء قدرات الحماية الرقمية والتبليغ والدعم للضحايا. كما تحدثت السيدة رهف الخن، ضابط ارتباط المشروع في جمعية خطوة أمل، عن استقبال الجمعية لنحو 80 حالة عنف اجتماعي خلال الأشهر العشرة الماضية، مؤكدة على دور الجمعية كشريك استراتيجي فاعل في مواجهة الظاهرة.كما تخللت الفعالية عروض توعوية متميزة، منها فيلم قصير من إعداد الإعلامي أحمد الجمل والمهندسة ميس حاتم، تناول أبرز أساليب الاحتيال الرقمي وطرق حماية الحسابات الشخصية من الاختراق، بشكل مبسط وموجه لكافة فئات المجتمع.جلسات حوارية موسعةأدارت الجلسة الحوارية المهندسة مي أبو عداد، المديرة التنفيذية لجمعية خطوة أمل، والتي استعرضت فيها دراسات محلية وعالمية، من بينها دراسة "The Economist Intelligence Unit" التي أفادت بأن 38% من نساء العالم تعرضن لعنف رقمي، إلى جانب بيانات محلية من هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة تشير إلى أن 60.3% من النساء في الأردن تعرضن لشكل من أشكال العنف الرقمي عام 2021.وتنوعت محاور الجلسة بين التوثيق والرواية القانونية والتوعية المجتمعية، حيث عرضت المهندسة ديما عضايلة، من جمعية "تضامن"، نماذج حقيقية لحالات عنف رقمي واجهتها نساء أردنيات، بينما قدم الدكتور خالد عمايرة شرحاً قانونياً لأبرز الجرائم الإلكترونية وآليات التعامل معها، مؤكداً على دور وحدة الجرائم الإلكترونية. أما المحامي سعيد اللداوي، فتناول الإطار الحقوقي للمرأة في الفضاء الرقمي وأهمية الموازنة بين الحماية والمساءلة.التزام جماعي وتوصيات عمليةشهدت الفعالية تفاعلاً واسعاً من الحضور، توّج بتوقيع وثيقة التزام جماعية من أعضاء المجلس البلدي وشركاء المبادرة، تأكيداً على رفض جميع أشكال العنف الرقمي، وتعزيزاً لقيم التضامن المجتمعي وبناء فضاء رقمي أكثر أماناً للنساء والفتيات.وخرجت الجلسة بمجموعة من التوصيات أبرزها:تكثيف حملات التوعية حول العنف الرقمي.تسهيل آليات التبليغ والدعم النفسي والقانوني للضحايا.تحديث التشريعات لمواكبة التطورات التقنية.تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية والمدنية والخاصة في مكافحة العنف الإلكتروني.واختُتمت الفعالية بتوجيه الشكر إلى فريق المبادرة وجميع المشاركين من مؤسسات المجتمع المدني، والناشطين والمهتمين بقضايا المرأة، مؤكدين أن مواجهة العنف الرقمي تتطلب تكاتفاً وطنياً شاملاً ومسؤولية جماعية تبدأ من الوعي وتنتهي عند التشريع والتنفيذ.