
صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تشهد حفل تكريم مدارس مؤسسة قطر 2025
قنا
شهدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، حفل تكريم مدارس مؤسسة قطر 2025 الذي احتفى بتخريج 300 خريج وخريجة، من سبع مدارس تابعة للمنظومة التعليمية المتكاملة لمؤسسة قطر.
وحضر هذا الحفل، الذي أقيم بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، إلى جانب عدد من الوزراء والدبلوماسيين، وأعضاء هيئة التدريس، ومديري المدارس، وأولياء أمور الخريجين.
ويأتي حفل تكريم مدارس مؤسسة قطر 2025 بالتزامن مع احتفال المؤسسة بمرور 30 عاما على تأسيسها، وقد سلط هذا الاحتفال الضوء على إنجازات طلاب 7 مدارس: أكاديمية قطر- الدوحة، وأكاديمية قطر- الخور، وأكاديمية قطر - السدرة، وأكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، وأكاديمية قطر للقادة، وأكاديمية قطر - الوكرة، وأكاديمية العوسج.
ومن جهتها، أعربت السيدة عبير آل خليفة، رئيس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، عن فخرها بتخريج كوكبة جديدة من الطلاب تمثل مصدر فخر واعتزاز لكل من أسهم في رحلتهم التعليمية.
وأكدت آل خليفة أن "نهضة هذا الوطن ستبنى بسواعدهم"، مشيرة إلى أن العديد من خريجي الأمس عادوا إلى المدينة التعليمية قادة ومديرين ومعلمين، يضيئون الطريق لغيرهم، ويضعون أبناءهم في نفس المدارس التي شكلت جزءا أساسيا من مسيرتهم، وفاء وعرفانا لهذا الصرح التربوي".
وأوضحت أن المنظومة التعليمية التي تتميز بها مؤسسة قطر تقوم على الإيمان بأصالة وتفرد كل طالب، مشددة على أن الرسالة الأساسية هي تقديم تعليم يتماشى مع احتياجات الطلاب وطموحاتهم.
وقالت: "إن التزام مؤسسة قطر لا يقتصر على تقديم تعليم عالمي فحسب، بل يمتد إلى غرس القيم والمهارات الحياتية في نفوس الطلاب، ليكونوا مواطنين فاعلين في مجتمعهم، منفتحين على العالم، ومتجذرين في بيئتهم".
وأضافت: "إن النهج المتبع يواكب أحدث التطورات التقنية، ويعزز التفكير الناقد والإبداعي، ويوفر برامج دعم اجتماعي تضمن رفاه الطلاب النفسي وتشجعهم على الانخراط في الأنشطة الرياضية والاجتماعية".
واستعرضت في حديثها بعضا من ثمار هذا التميز، مشيرة إلى فوز تسعة من طلاب المؤسسة بجائزة التميز العلمي في دورتها الثامنة عشرة، تقديرا لإنجازاتهم الأكاديمية ومساهماتهم في خدمة المجتمع.
ووجهت السيدة عبير آل خليفة، رئيس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، في ختام كلمتها رسالة إلى خريجي عام 2025 من مدارس مؤسسة قطر، وقالت: "أنتم اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من رحلتكم الأكاديمية، أوصيكم بالسعي دائما في طلب العلم؛ فالتعليم عملية مستمرة مدى الحياة. لذا اجعلوا من كل يوم فرصة لاكتساب معرفة جديدة، ومن كل تحد وسيلة للنمو والتطور، وسيروا بخطى واثقة، فأنتم بناة المستقبل، وعليكم تعقد الآمال".
وبدوره، استعرض السيد حمد علي الخاطر، رئيس العمليات التنفيذية بمطار حمد الدولي، وهو خريج أكاديمية قطر دفعة عام 2004، وأحد أوائل الطلاب الذين أتموا برنامج دبلوم البكالوريا الدولية في أكاديمية قطر، تجربته الدراسية خلال الحفل.
وقال الخاطر في كلمته: إن أكاديمية قطر منحته، فرصة فريدة للانضمام إلى برنامج البكالوريا الدولية الرائد، والمشاركة في رحلات وفعاليات أسهمت في تشكيل شخصيته، بما يعكس إيمان مؤسسة قطر بأن التعليم هو أساس بناء الإنسان".
وقدم الخاطر للخريجين مجموعة من الركائز تمثلت في أهمية الرؤية الذاتية، والانضباط، والتفاعل مع التحولات التقنية، إلى جانب جودة العلاقات الإنسانية التي تقوم على الاحترام والإصغاء الجيد والفهم المتبادل.
كما ثمن الخاطر الدور المحوري للمنظومة التعليمية التي أرستها مؤسسة قطر على مدى الثلاثين عاما الماضية.
وقدم طلاب جوقة مؤسسة قطر، بقيادة عازفي أكاديمية قطر للموسيقى، أداء موسيقيا ساحرا لأنشودة "حلمنا"، وهي عمل فني مشترك من إنتاج التعليم ما قبل الجامعي بالتعاون مع فهد الحجاجي فنان قطري وأحد أفراد أسرة مؤسسة قطر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
مساع لإنعاش الرياضة السورية بعد سنوات من التخبط والإهمال
تعمل وزارة الرياضة والشباب السورية بدعم عربي ولا سيما دولة قطر، على إنعاش هذا القطاع في البلاد بعد سنوات من التدهور والإهمال، قبل بدء مرحلة جديدة تماما بانهيار النظام السابق. وأكدت وزارة الرياضة والشباب السورية وجود دعم كبير للوزارة من عدة دول، خاصة من دولة قطر، لمساندة سوريا في قطاع الرياضة. وأوضح جمال الشريف، نائب وزير الرياضة، خلال اجتماعه بمجموعة من نادي الإعلاميين السوريين في قطر، أنه تم تشكيل لجنة سورية-قطرية مشتركة لبحث سبل ترميم وصيانة صالتين رياضيتين، إضافة إلى 5 ملاعب في المحافظات السورية. وجرى خلال اللقاء طرح العديد من القضايا والاستفسارات التي تهم الشأن الرياضي بكل مفاصله، وطرق النهوض بالواقع الرياضي، وتأمين البنية التحتية المناسبة للأندية والاتحادات، بما يكفل تطوير وتفعيل الرياضة في سوريا. حراك مكثف وأكد مجد الحاج أحمد، مستشار وزير الرياضة والشباب السوري والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، في حديث خاص للجزيرة نت، أن وزارة الرياضة السورية تشهد حراكا دبلوماسيا وعمليا كبيرا على مستوى التعاون الدولي في مجال تطوير المنشآت الرياضية ورفع الحظر المفروض على الرياضة السورية. وأوضح الحاج أحمد، أن الوزارة بدأت تواصلها مع عدة جهات إقليمية عبر وسطاء، وتطور الأمر إلى لقاءات مباشرة، كان أبرزها بالسفير القطري في دمشق، تلاه زيارة رسمية إلى قطر، جرى خلالها تقديم دراسة شاملة تتضمن تطوير الملاعب، الصالات، والمنشآت الرياضية، لافتا إلى أن الخطة الموضوعة تدريجية وبعيدة المدى. وأشار إلى أنه جرى الإعداد لزيارة رسمية مرتقبة إلى السعودية قد تُفضي إلى توقيع تفاهمات، يجري حاليا العمل على تعديلها وتحضيرها بالتنسيق بين الجانبين. كما كشف عن تحضير لزيارة موسعة إلى تركيا بعد عطلة عيد الأضحى، سيتم خلالها الاطلاع على الهيكلية الإدارية للوزارة التركية، إضافة إلى ملفات الأندية والاستثمار الرياضي، وتنظيم زيارات ميدانية إلى الأندية التركية. وتحدث الحاج أحمد عن التحديات التي تواجه القطاع الرياضي في سوريا، قائلا "لا نبحث عن ذرائع، لكن الواقع صعب. المنشآت شبه مدمّرة وغير قادرة على استضافة الفعاليات، والبنية التحتية تفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات العمل الرياضي". وأشار إلى أن الوزارة تعمل على وضع رؤية شاملة لإعادة هيكلة الأندية قانونيا وإداريا، مع دراسة مبدئية لطرح مشروع خصخصة الأندية الكبرى كتجربة أولى يمكن تعميمها لاحقا في حال نجاحها. وأكد أن هذا التوجّه يتم بالتنسيق مع القيادة السورية، مع دراسة التجارب الناجحة والفاشلة في الدول الأخرى لتفادي الأخطاء وتكييف النموذج بما يناسب السياق المحلي. وعن الاستثمار، بيّن الحاج أحمد أن الوزارة تواجه معوقات كبيرة ناجمة عن عقود طويلة الأمد تم توقيعها في مراحل سابقة، وصفها بأنها "مجحفة" وفي بعض الأحيان "تصل إلى مستوى الإذعان". وأضاف "نعمل بشكل قانوني ومنهجي على فك هذه القيود تدريجيا، بهدف التحرر ماليا، وتوفير موارد تتيح تنفيذ الخطط والإستراتيجيات الموضوعة". وشدد على أهمية توسيع قاعدة الاستثمار في القطاع الرياضي ضمن الأطر القانونية، باعتبار أن "الموارد هي الشرايين التي تغذي العمل المؤسسي". آمال في رفع الحظر الرياضي وعن الحظر المفروض على الرياضة السورية، قال الحاج أحمد، إن هذا الملف "دقيق جدا ويتعلق بعدة عوامل، منها الوضع الأمني، والبنية التحتية، والمعايير الدولية". وأكد أن الوزارة قامت بدراسة ميدانية للمنشآت، شملت تصنيفها بين منشآت جاهزة كليا أو شبه جاهزة، وأخرى مدمّرة كليا، موضحا، أن هذه الدراسة تُعد جزءًا من ملف متكامل سيتم تقديمه ضمن الجهود الرامية لرفع الحظر. وقال الحاج أحمد "هناك انفتاح عربي ودولي على سوريا، والسياسة السورية بدأت تحقق أثرا إيجابيا في المجال الرياضي، مع تلقي الوزارة إشارات دعم واستعداد من عدة دول للمساهمة في حل ملف الحظر". وأعرب عن تفاؤله بقرب التوصل إلى نتائج إيجابية تمكّن سوريا من استضافة البطولات والفعاليات الرياضية من جديد. تدهور وإهمال وشهدت سوريا على مدى عقود تدهورا تدريجيا في قطاع الرياضة، نتيجة الإهمال المتعمّد من النظام السابق، وسوء التخطيط، وغياب الاستثمارات. وبعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت تحديات كبرى في إعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية، التي كانت قد تعرضت لتدمير واسع النطاق خلال سنوات الحرب، فضلا عمّا ورثه السوريون من فساد وإهمال إداري. وقال محمد الوليد، وهو مسؤول رياضي في شمال سوريا، إن أكثر من 70% من المنشآت الرياضية، بما فيها الملاعب والصالات الأولمبية، تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي خلال النزاع. كما تم تحويل العديد من المنشآت إلى ثكنات عسكرية، أو مراكز احتجاز، أو دُمّرت بفعل العمليات العسكرية الجوية والبرية. وأضاف في حديث للجزيرة نت، أنه بعد سقوط النظام السابق ظهرت حالة من الفراغ الإداري واللوجستي قبل تعيين وزير جديد، ما أدى إلى توقف معظم المبادرات لإعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية. ولفت إلى نزوح وهجرة عدد كبير من الرياضيين، والمدربين، والإداريين، مما أدى إلى فقدان خبرات محلية ضرورية لإعادة تأسيس قطاع رياضي متين. كما عانى القطاع من ضعف التمويل الحكومي في ظل الأولويات الإنسانية والأمنية العاجلة، مع غياب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب نتيجة للبيئة السياسية والاقتصادية غير المستقرة. واختتم حديثه بأن بقاء بعض عناصر النظام السابق في مواقع إدارية حساسة أدى إلى استمرار الفساد، وسوء توزيع الموارد، وتبديد الدعم الدولي المخصص لإعادة الإعمار، لافتا إلى أنه لم تُفعّل بشكل كافٍ الشراكات مع الاتحادات الرياضية العالمية والدول المانحة لإعادة بناء بنية رياضية حديثة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
ورش الاستشراق في المجتمعات المعاصرة.. رؤى وملاحظات
شكل موضوع الاستشراق -ماضيًا وحاضرًا- مجالًا جدليًّا بامتياز؛ فمنذ ستينيات القرن الماضي، وبعدما كتب الراحل إدوارد سعيد كتاب "الاستشراق.. المفاهيم الغربية للشرق"، وكتب غيره من الباحثين والأكاديميين في هذا الميدان، تكرر طرْح السؤال: ما الداعي للعودة لموضوع استهلك وأُشبع دراسةً وبحثًا. بيد أن التحولات العالمية الراهنة أعادت فتح النقاش من جديد في موضوع الاستشراق، خصوصًا بعد تنظيم دولة قطر فعاليات كأس العالم في سنة 2022. ومع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والأحداث الكبرى في فلسطين المحتلة بعد عملية طوفان الأقصى، دخل العالم مرحلة اللايقين، وبدأ التشكيك في القيم والمعايير والقوانين التي لم يعد لها معنى في ظل الانحياز اللامعقول في تطبيقها على دول الجنوب، ومنها الدول والمجتمعات العربية والإسلامية، واستثناء دول أخرى كأوكرانيا، ومحاباة مطلقة للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. ولم يعد ممكنًا التغاضي عن هذه الأحداث، وعدم ربطها بالسياق المحتدم الذي أحيا مقولات صراع الحضارات بدل حوار الحضارات، ومقولات "نحن وهُم"، ونظرية المؤامرة، والحروب الصليبية. بين الدكتور عصام نصار في ورقته المعنونة بـ "فلسطين في الاستشراق التوراتي" كيف تلاعب المؤرخون الصهاينة بإيعاز من السياسيين في كتابة سردية بعيدة عن الوقائع، تدعي زورًا وبهتانًا أن أرض فلسطين لم تكن أرضًا لشعب في هذا السياق المتموج والمتوتر، نظمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر، بمعية شركاء آخرين في الدولة، المناظرة الدولية الأولى في موضوع "المؤتمر الدولي للاستشراق" يومي 26 و27 أبريل/ نيسان بالدوحة، وهي الندوة الدولية التي تهدف إلى تجاوز الثنائيات القاتلة، أو "الهويات القاتلة" كما عبر عن ذلك "أمين معلوف" في كتابه. بل إن الندوة تسعى إلى إطلاق حوار علمي وأكاديمي بين المتخصصين وصناع السياسات العمومية عربيًا وعالميًا، بهدف تجسير الفجوات وتجاوز الأحكام النمطية والكليشيهات المقيتة. وطيلة يومين من النقاش والحوار بين أزيد من ثلاثمئة من الأكاديميين والعلماء والباحثين من 50 دولة من كل أنحاء العالم، في مواضيع تستأثر باهتمام خاص، كالاستشراق الصهيوني والفرنسي والأميركي والروسي والصيني والأوروبي، علاوة على طرح مفاهيم مثل الاستغراب والاستشراق المعكوس على حد تعبير "جلال العظم". ولعل ما ميز هذه الندوة الدولية الأولى هو الطابع المناظراتي الذي هيمن على كل الجلسات؛ فالمتدخلون والحضور يتجادلون في المفاهيم والنظريات ووجهات النظر، وكل ما يهم الاستشراق في سياقه الأور-أميركي، أو في دول الجنوب، أو في العالمين؛ العربي والإسلامي. تستوقفنا تيمة الاستشراق الصهيوني من خلال كتابة تاريخ دولة فلسطين، حيث بين الدكتور عصام نصار في ورقته المعنونة بـ "فلسطين في الاستشراق التوراتي" كيف تلاعب المؤرخون الصهاينة بإيعاز من السياسيين في كتابة سردية بعيدة عن الوقائع، تدعي زورًا وبهتانًا أن أرض فلسطين لم تكن أرضًا لشعب، بل كانت أرضًا بدون شعب. وقد بين المحاضر عصام ذلك من خلال رسم الخرائط الطبوغرافية المزورة، وانتحال التاريخ المحلي بدعوى وجود كيان لليهود في سنين غابرة، وهو ما فنّده المحاضر بالوثائق التاريخية المضادة، التي تتحدث عن تاريخ فلسطين ومدنها، كحيفا ونابلس وعكا، في عصور ما قبل الميلاد وما بعده. بين عدد من الأكاديميين أنه يصعب، من الناحية المنهجية والعلمية، دراسة مجتمعات بخلفيات وبراديغمات مغايرة لهذه المجتمعات؛ فالحرية في السياق العربي الإسلامي هي حرية مسؤولة، وليست حرية مطلقة أو عبثية تضر بالفرد والمجتمع لم يكن الاستشراق الأميركي ليختلف عن صنوه الصهيوني، لأنهما يشتركان في الخلفية والرؤية والبراديغم؛ لكن ما ميز الاستشراق الأميركي المعاصر هو الاعتماد على ما تنتجه مراكز الأبحاث (Think Thanks) من تقارير وتوصيات، تهم مجمل الحياة المجتمعية والسياسية والفكرية للمجتمعات العربية والإسلامية، لعل من بينها تقارير وزارة الخارجية الأميركية حول "حرية الأديان" في العالم، والتي دائمًا ما تقدم نتائج مشكوكًا في صحتها، من قبيل أن أغلب الدول العربية والإسلامية تعمل من خلال القوانين والتشريعات على خنق الحريات الفردية والدينية والجماعية، وكذا خنق حرية الأقليات والإثنيات.. وهو ما تصدى له الباحثون في دحض هذه النتائج غير المبنية على وقائع ملموسة. بالمقابل، فقد بين عدد من الأكاديميين أنه يصعب، من الناحية المنهجية والعلمية، دراسة مجتمعات بخلفيات وبراديغمات مغايرة لهذه المجتمعات؛ فالحرية في السياق العربي الإسلامي هي حرية مسؤولة، وليست حرية مطلقة أو عبثية تضر بالفرد والمجتمع. وثانيًا، لا يمكن أن نستخلص نتائج تتماشى مع السياق الأميركي أو الأوروبي في مسألة الحرية والمسؤولية والدين والقوانين وما إلى ذلك. وقد أشار العديد من المتدخلين إلى أن هذا الجدل، الذي ساوق مفهوم الحرية، وجد مثله في السياق الأورو-أميركي، وطرحت بشأنه العديد من التحفظات، لعل آخرها ما صدر عن الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" من منعه بشكل قانوني لحق المتحولين جنسيًّا والمثليين، فقد قال إنه لا يمكن القبول بأنصاف رجال أو أنصاف إناث؛ فإما أن تكون ذكرًا أو تكون أنثى. ولعل هذا المثال يبين مدى حجم الهجوم المجاني الذي عانت منه دولة قطر إبان تنظيمها كأس العالم في العام 2022، عندما رفضت أن يتم إشهار رموز تثمّن المثلية والمتحولين جنسيًّا. ختامًا، يمكن القول إن الندوة الدولية الأولى للاستشراق، التي أطلقتها الأستاذة "لولوة الخاطر"، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، تعد حدثًا علميًا وأكاديميًا متميزًا وسمَ سنة 2025. وقد تبين من خلال أشغال المؤتمر، الذي استغرق يومين في الدوحة، أنه حقق نجاحًا منقطع النظير لما وفره من جو نقاشي قلما حضر في الملتقيات والمنتديات العالمية، والتي تعجز عن تجسير الهوة بين النخب السياسية والأكاديمية من جهة، وبين الجمهور من طلاب وباحثين وإعلاميين وعموم المهتمين. فغالب المنتديات الكبرى إما تكون في دوائر مغلقة، لا تحضرها إلا نخب معينة، ويقل فيها الحوار، وتحضر فيها التوصيات والينبغيات.. بينما مناظرة الاستشراق في نسختها الأولى حققت هذا التلاقح الخلاق بين مختلف الفاعلين. ولهذا يمكننا القول إن الندوة بهذا الشكل قد أعادت التفكير في موضوع يبدو قديمًا، لكنه ما زال متجددًا، وسيبقى كذلك ما دامت الأحكام النمطية والصور الجاهزة، والأحكام غير المتزنة والراسخة في اللاوعي والذاكرة الجمعية والفردية، تدفع في اتجاه الصدام والقطيعة والعنف والكراهية. وعلى أمل أن يتجدد اللقاء في السنة المقبلة في النسخة الثانية من مناظرة الاستشراق، بأسئلة جديدة وبمحاور مبدعة، وبحوار جدلي مع أكاديميين من شتى بقاع الأرض، اختُتمت فعاليات مؤتمر كانت الحاجة ماسّة إليه في ظلّ التحديات التي يعرفها الوطن العربي مشرقًا ومغربًا.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
مؤتمر بالدوحة يناقش حدود الصحفي الأخلاقية في ظل تطور الذكاء الاصطناعي
ناقشت جلسة "الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام" حدود الصحفي الأخلاقية في ظل موجة التغيرات التي صاحبت تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي ، وذلك ضمن أعمال المؤتمر الدولي بشأن الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الذي عُقد في الدوحة يومي 27 و28 مايو/أيار الجاري. وأكد الخبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي في شبكة الجزيرة الإعلامية ياسر المحيو أن "تربع المجال على مقياس التأثر من بين باقي المجالات يرفع من ضرورة انخراط الصحفيين وصناع المحتوى في معرفة طرق تأمين المجال من تهديدات التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي". وأشار المحيو ضمن مداخلته إلى أن استخدام الصحفي تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي لأجل إعلاء قيمة المحتوى وتعزيز الكفاءة والإنتاجية يصطدم بعنصر "الهلوسة" الذي يطبع طريقة الذكاء الاصطناعي في جمع المعلومات وتقسيمها ضمن هياكل معرفية، مما يؤثر على مصداقية المحتوى الإعلامي. الانزلاقات الأخلاقية وفي السياق، أوضح الأستاذ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة حمد بن خليفة في قطر جورجيوس ميكروس أن جمع المعلومات باستخدام الذكاء الاصطناعي يتسم في أغلب الحالات بـ"العشوائية" نظرا لكمية البيانات الهائلة المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، الأمر الذي يتطلب التوجيه المستمر من طرف الصحفي لهذه التطبيقات الذكية، مما يستدعي التدريب المكثف والمتواصل على كيفية توجيهها، وكذلك تطوير الوعي بالانزلاقات الأخلاقية التي تدعمها، حسب ميكروس. وتعليقا على ضرورة تلقي الصحفي التدريب على استخدام وسائل الذكاء الاصطناعي، قالت مديرة الصندوق الدولي لإعلام المصلحة العامة في جنوب أفريقيا خديجة باتيل إن الأدوات التقنية الجديدة ستسهم في خلق "تفاوت معرفي" بين الصحفيين عبر العالم بسبب الفجوة التمويلية بين المؤسسات الإعلامية بخصوص توفير التدريب. وأضافت باتيل أن "المؤسسات الصحفية في البلدان الفقيرة سيكون مآلها التخلف عن مثيلاتها في البلدان المتقدمة نظرا لنقص التمويل، سواء في ما يتعلق بدفع تكلفة التدريبات التي على الصحفيين خوضها في المجال أو بإدماج أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة ضمن عملها اليومي". ولفتت باتيل أيضا إلى أن وسائل الذكاء الاصطناعي قد "تؤثر على جودة المعلومات التي يعالجها الصحفي، خصوصا في ظل المساهمة السهلة لهذه الوسائل في صياغة الأخبار الزائفة وتعزيزها بالمحتويات السمعية والبصرية اللازمة". وأكدت على أن عدم تعامل الصحفي الحذر مع هذه الوسائل قد "يجره إلى تزييف الحقائق وتشويهها وإلى التحيز وانتهاك الخصوصية". الطرق التقليدية من جهته، اتفق مساعد مدير منظمة "مالديتا" لمحاربة الأخبار الزائفة في إسبانيا كارلوس هيرنانديز إيتشيفريا مع باتيل في أن الطرق التقليدية التي يتبعها الصحفي في الوصول إلى المصادر وجمع المعلومات وتحري مصداقيتها تحقق شرط الجودة أكثر من الاعتماد المباشر على أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة. وأوضح كارلوس أن غياب الشفافية بشأن كيفية توليد الذكاء الاصطناعي للمعلومات يطرح السؤال حول المصادر المعتمدة ومدى مصداقيتها وواقعيتها. وأضاف أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في التفكير على قاعدة البيانات المتوفرة أصلا في الشبكات الرقمية "يمنع من انتقاء المعلومات المتدفقة أو حتى النظر في مدى صلاحيتها للاستعمال". بدوره، قال إيدي بورخيس-ري الأستاذ في جامعة نورث ويسترن في قطر إن "شبكات الإنترنت مكتظة بالمعلومات التي قد تحمل رسائل عنصرية وتمييزية وتدعم نشر خطاب الكراهية، وهي الرسائل التي قد تنزلق ضمن المعلومات المستخدمة من قبل الذكاء الاصطناعي"، مشيرا إلى أن الأدوات التوليدية الجديدة غير الموجهة "تبقي على المعلومات السابقة التي قد تحتوي على خروقات أخلاقية وحقوقية دون تشذيب أو تمحيص". وخلص بورخيس-ري إلى ضرورة إرساء سياسة تحريرية رسمية خاصة بالذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات الإعلامية، لتحري الشفافية والمصداقية خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي من طرف الصحفيين، في حين ركز ياسر المحيو على أهمية التدريب المستمر للصحفيين على تحسين جودة المحتوى الإعلامي عبر التوجيه الأخلاقي والمنظم للذكاء الاصطناعي. إيجاد التوازن أما بالنسبة للأستاذ في جامعة حمد بن خليفة جورجيوس ميكروس فإن إيجاد التوازن بين الأتمتة والواجبات الأخلاقية للصحفي هو البوابة لإنقاذ المجال الإعلامي من دوامة التزييف. إعلان بالمقابل، فضّل كل من باتيل وكارلوس تمسك الصحفي بطرقه التقليدية في جلب المعلومة، ورأى ميكروس أن "استخدام الصحفي أدوات الذكاء الاصطناعي أصبح ضروريا شريطة أن تتم الإشارة إلى أن المعلومات المستخدمة قد تم توليدها اصطناعيا حتى يحافظ الصحفي على مصداقيته وعلى شفافية المؤسسة التي يشتغل بها". ووفق استطلاع أجرته شبكة الصحفيين الدوليين في مارس/آذار الماضي، أكد ما يقارب 49% من الصحفيين المشاركين عبر العالم أن استخدامهم الذكاء الاصطناعي تشوبه تخوفات متزايدة بشأن قيام هذه الأدوات الجديدة بخداعهم وجرهم إلى انتهاك أخلاقيات المهنة. ويأتي المؤتمر الدولي بشأن "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان.. الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل" ضمن الحاجة العالمية المتزايدة لفهم تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان في مختلف المجالات ولالتماس وضع إطارات قانونية منظمة.