logo
حصيلة المرحلة الأولى في تشكيل شرق أوسط جديد

حصيلة المرحلة الأولى في تشكيل شرق أوسط جديد

صحيفة الخليجمنذ 5 ساعات
مرة أخرى نقع في خطأ الخلط بين النتيجة والسبب. نقع واعين، غير آسفين ولا معتذرين، حجتنا أن المرحلة محل البحث أو الرأي لا تتحمل ضغطاً آخر ولو كان عاطفياً أو إنسانياً.
لم يستشرنا أحد، أقصد أن يستشير بلدي وبني قومي. فجأة وجدنا أنفسنا نتصرف تصرفات المجبر على المشاركة في صنع هذا المستقبل الذي هو من ابتكارهم، ابتكار أصحاب الأسطورة والخيال والقوة، أيها أقوى. هي أيضاً تصرفات المجبر على المساهمة في خنق الحاضر ومن شواهده بقايا من النظام الإقليمي العربي المزود بقومية عربية وتجارب عمل إقليمي استمر غير ثابت الخطوات لمدة تزيد على ثمانين عاماً.
للمرحلة، وأقصد بها الفترات الأخيرة في حياة منظومة الانحدار، هذا الانحدار الذي لم يفلت منه في الفترة الأخيرة طرف أو آخر من أطراف الصراع الدائر في الشرق الأوسط، للمرحلة أسبابها وعلاماتها التي تميزها عن كل المراحل التي مر بها الإقليم. يميزها بشكل خاص عمق ما سوف تخلفه من آثار.
أتحدث هنا عن تدهور، بمعنى تفاقم حال، الانحدار في الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية. كثيرة هي المظاهر والآثار على امتداد نصف قرن أو ما يزيد. لن ننساق وراء مذاهب في نظرية العلاقات الدولية تفسر الاهتمام بانحدار الغرب باعتبار أنه نقيض الصعود الصيني. قد يكون، ولكن يجب أن نفسره، كما فسر المؤرخون انحدار امبراطوريات في الغرب والشرق باعتباره مرحلة حتمية في دورة صعود وانحدار وتفسخ لدوافع ذاتية وحقيقية.
لم أجد نفسي معترضاً بشدة على الرأي الشائع في الإعلام الغربي قبل غيره، والقائل بأن حال الولايات المتحدة الراهنة، وأقصد معظم سلوكاتها الداخلية والخارجية تنبئ بانحدار ربما كان غير مسبوق في صورتها الدولية.
أعرف أن الأسلوب المسرحي في إدارة شؤون الدولة وبخاصة شؤونها الخارجية أثمر استهانة واضحة بأداء أمريكا. أذكر مثلاً الدعوة الرئاسية إلى شعب طهران لإخلائها، أذكر أيضاً سقوط هيبة المكتب البيضاوي، رمز الهيمنة الإمبراطورية.
أعود لأوجز مجمل تصوري لحالنا وحال المنطقة في اليوم السابق على إعلان قيام شرق أوسط جديد.
انتهت حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل مخلفة علامات واضحة لحال الدولتين والنظام الإقليمي. بعض هذه العلامات كانت من صنع دولة عظمى تعاني أسباب انحدار يرفض أن يتأنى أو يختفي، وصنع الفاعلين الأساسيين وأقصد كلاً من إيران وإسرائيل، ومن صنع صمت أو غياب أكثر أو أهم اللاعبين في منظومة العمل العربي.
*أولاً: الأهم في صورة الحال الدولية والإقليمية على ضوء الحرب وما تخللها وأعقبها هو تفاقم الأخطار الناتجة عن استمرار حال الانحدار في القوة الكلية لأمريكا فضلاً عن وجود رئيس لها بصفات غير عادية في إدارة الأزمات والحرب. أضرب مثلاً بطلب هذا الرئيس من سكان طهران إخلاء العاصمة، وفي خلفية هذا الطلب خبر مسرب يفيد بأن الهدف من الحرب إسقاط النظام الحاكم في إيران. أضرب مثلاً آخر لا يقل أهمية وهو إصرار هذا الرئيس على أن يتعامل مع رؤساء دول أخرى بسخرية وإهانة مقززة أثارت التوتر في معظم عواصم العالم وبخاصة العواصم العربية.
على كل حال لم تحصل أمريكا نظير تدخلها سواء بالتنسيق مع إسرائيل أو بالقصف الفعلي والأعنف لمواقع التخصيب الإيرانية على سلام من أي نوع بين المتحاربين الأصليين. بل وفي الإمكان أن نحكم على العمل العسكري الأمريكي ضد إيران بالفشل مثله مثل الفشل الأمريكي المشهود في حربيها ضد فيتنام وأفغانستان. الأسوأ من هذا الاحتمال أن تكون أمريكا سمحت لإسرائيل حليفتها بأن تجرها جراً نحو حرب لا تخصها مباشرة، وكان بين الاحتمالات المرعبة أن ينتهي الأمر بحرب عالمية. لم يتحقق هذا الاحتمال بالنظر إلى أن الصين لم تزل غير مؤهلة أو جاهزة داخلياً وأن الأوضاع الدولية تراها تتطور لتصير في مصلحتها من دون اللجوء لحرب.
*ثانياً: استقر في تعليقات غربية أن إسرائيل خرجت من هذه الحرب منهزمة. المثير في الأمر والمتعلق بحال دول الشرق الأوسط في اليوم السابق على إعلان الشرق الأوسط الجديد هو أن الإعلام العربي في مجمله لم يهتم عن عمد بترسيخ هذه الحقيقة في الوعي العربي. أتصور أن كلا الدولتين، الأعظم دولياً والأعظم إقليمياً قررتا اقتحام الإقليم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً بحجة حاجة دول الشرق الأوسط، كما كشفت الحرب بين إيران وإسرائيل، إلى «درع» تحميها من بعضها.
نتوقع بالتالي، حملات إحراج وحملات مصالحة وحملات «دينية» تقارب بين بعض الممارسات والنصوص كما حدث مع كنيسة روما، كلها وغيرها يستفيد من حال سلوكات معظم دول المنطقة خلال حرب الأيام الاثني عشر، حملات تنتهي بوضع إقليمي يستطيع الرئيس الأمريكي وحواريوه الاستناد إليه للضغط على منظمي جائزة نوبل لتكون من نصيبه، بينما المستفيد فعلياً سيكون دولة إسرائيل التي ستتوج في اليوم التالي لحرب الاثني عشر يوماً قائداً ومهيمناً للشرق الأوسط الجديد.
يقال إن في الأمر عقدة تحتاج أولاً إلى حل. لن نصل إلى اليوم التالي لحرب إسرائيل ضد إيران قبل أن تشرق شمس اليوم التالي لحرب إسرائيل ضد غزة والضفة. بمعنى آخر هناك من ينتظر أن تتحول معظم دول الإقليم من موقف القوى السلبية إلى موقف القوى الإيجابية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قلق دولي من تعليق إيران التعاون مع الوكالة الذرية
قلق دولي من تعليق إيران التعاون مع الوكالة الذرية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

قلق دولي من تعليق إيران التعاون مع الوكالة الذرية

المتحدثةُ باسم وزارة الخارجية الأميركية تؤكد أن تعليق إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "غير مقبول". والمتحدث باسم الأمم المتحدة يرى أن تعليقَ إيران هذا التعاونَ "يُثيرُ القلقَ بالتأكيد".

الجيش الإسرائيلي يقصف سيارة جنوبي بيروت (فيديو)
الجيش الإسرائيلي يقصف سيارة جنوبي بيروت (فيديو)

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

الجيش الإسرائيلي يقصف سيارة جنوبي بيروت (فيديو)

تعرضت سيارة لغارة إسرائيلية عند المدخل الجنوبي لبيروت، الخميس، بحسب ما أفادت الوكالة اللبنانية للإعلام، بينما أعلن جيش الدولة العبرية استهداف شخص ينشط في «تهريب الأسلحة» لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وأفادت الوكالة بـ«استهداف مسيرة معادية لسيارة» على الطريق السريع في بلدة خلدة جنوب العاصمة. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه استهدف «مخرباً كان يعمل في مجال تهريب الأسلحة والدفع بمخططات إرهابية ضد إسرائيليين» والقوات العسكرية «نيابة عن فيلق القدس الإيراني».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store