
مطبوعات نادرة في «أبوظبي للكتاب» تسرد تاريخ النشر العربي
وفر معرض أبوظبي الدولي للكتاب، منصة للعديد من دور النشر العالمية لعرض مجموعة من المخطوطات والمطبوعات النادرة التي يعود تاريخها إلى قرون مضت.
وتعرض «بيتر هارينجتون»، دار بيع الكتب النادرة الرائدة عالمياً، خلال مشاركتها في المعرض، مجموعة نادرة من أوائل الكتب المطبوعة في العالم العربي.
وتضم المعروضات عشر مطبوعات وإصدارات تاريخية صادرة عن المطبعة التي أسسها نابليون في مصر، المطبعة الشرقية الفرنسية في الإسكندرية (والتي سُميت لاحقاً «المطبعة الوطنية» بعد انتقالها إلى القاهرة)، بالإضافة إلى مطبعة بولاق، أول مطبعة حكومية في مصر.
وتروي هذه المقتنيات كيف شهدت تلك الفترة ثورة في مجال الطباعة على مستوى العالم العربي.
ومن أبرز هذه المقتنيات نشرة نادرة أصدرتها مطبعة نابليون المتنقلة في الإسكندرية عام 1799، وتُعد من أوائل الأعمال المطبوعة في مصر باستخدام الحروف المتحركة، وهي تجسيد لتوظيف نابليون للصحافة كأداة استراتيجية للتأثير.
كما تتضمن المجموعة إصدار مطبعة بولاق لكتاب «ألف ليلة وليلة» عام 1835، وهو أول إصدار كامل يُطبع في العالم العربي، بالإضافة إلى معجم فرنسي - عربي يعود إلى عام 1799 من إصدار المطبعة الوطنية، ونصوص قرآنية ونحوية صادرة عن مطبعة بولاق، تشكّل نماذج رائعة لسحر الطباعة العربية في بداياتها.
وأكد بوم هارينجتون، مالك دار «بيتر هارينجتون»، الحرص على المشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب بشكل دوري منذ عام 2016، لافتاً إلى أن منطقة الشرق الأوسط تمثّل نحو من 15 إلى 20 بالمائة من مبيعات الدار، وتستحوذ دولة الإمارات على الحصة الأكبر من هذه النسبة.
وأوضح أن المطبوعات المعروضة في الدورة الحالية من المعرض تُعد من أعرق المطبوعات، وتبرز تاريخ الطباعة في العالم العربي ومراحل تطوره.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
٠٥-٠٧-٢٠٢٥
- صحيفة الخليج
أوبرا الناي السحري
أصعب سؤال ليس الذي لا نعرف إجابة له، بل الذي نرفض طرحه أو نخشى معرفة إجابته! والأصعب أن الحق لا يصرخ أبداً، وإنما يهمس لمن يستطيع سماعه! فالحكمة ليست أن تعرف كيف تقول كل شيء، ولكن أن تعرف متى لا تقول أي شيء! حسناً، تفكَّروا جيداً وتأمَّلوا قبل أن تتمنوا أو تَأْمَلوا... فقد قالها الفيلسوف ديكارت «أنا أفكر، إذن أنا موجود»! معادلةٌ بسيطة، لقضيةٍ معقدة! هو عبقريٌ نمساوي، لا يفقه معنى التكافؤ أو التساوي، يتحدث الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واللاتينية، ملحنٌ وموزعٌ وعازفٌ ومايسترو، ومؤلف أوبرا «زواج فيغارو»، وكذلك «قداس الموت» و«ليلة موسيقية صغيرة» و«أوبرا الناي السحري»، إنه (فولفغانغ أماديوس موزارت)، أيقونة الفن في جميع الأوقات، وأعجوبة الزمن ضد تكنولوجيا الآلات، صاحب الأذن الموسيقية الحساسة، واللسان الساخر المعروف بالشراسة، والاستهتار المُغطَّى باللباقة والكياسة! تناقضٌ متوافق أم توافقٌ متناقض! المهم أنه معجزة تستحق الدراسة، حيث ما زال يثير فضول المعجبين والمؤيدين، وجنون المعارضين والمنتقدين، فقد افتتن بالموسيقى في سن الثالثة، وبدأ العزف الاحترافي في الرابعة، وألَّف أول ألحانه في الخامسة، وشارك بحفلاته الموسيقية في السادسة، وقام بأول جولة أوروبية في السابعة! أما في الرابعة عشرة، فقد عزف مقطوعة دينية شديدة التعقيد، ولم يكن حينها قد سمعها أكثر من مرتين بالتحديد، حيث كان قادراً على قراءة وحفظ أي نوتة من النظرة الأولى، بما يفوق القدرات البشرية الطبيعية المعقولة، فلقد تميّز بذاكرةٍ قويةٍ تستحضر أعداداً مهولة، من الصور والمشاهد والأحداث على المدى الطويل، وهي خاصية ربانية لا تحتاج للتدريب أو التأهيل، كما تميزت بها بعض الشخصيات باختلاف التفاصيل، مثل نابليون بونابرت، القائد العسكري الفرنسي، وكاسباروف بطل الشطرنج الروسي، وكلود مونيه، الرَّسام الانطباعي الحسي. مع شديد الأسف، وبكثيرٍ من التَّلف، يُقال إنه كان عضواً في الماسونية، وإنه أهداها أكثر من أوبرا وسيمفونية، ولكن لا أحد يعرف حقاً حقيقة حياته، كما لم يُحدَّد يوماً سبب وفاته، فهنالك مئات الافتراضات، التي تقابلها آلاف الاعتراضات، حتى إنه دُفن في مقبرةٍ جماعية عامة، ولم تلقَ جثته أي معاملة أرستقراطية خاصة. وعلى الرغم من ذلك أبت أعماله أن تُدفن معه، وأصرت أن يسمعها العالم الذي لم يسمعه، فاحتلت منزلة لم يحظَ بها أحد، لتعيش مؤلفاته بلا كَبَد إلى الأبد.


البوابة
١٦-٠٦-٢٠٢٥
- البوابة
إفيه يكتبه روبير الفارس "جري الوحوش في الحرب"
تحقير العلم في الوعي هو أولى خطوات الهزيمة، لقد بدأت الحرب عندما اصطاد العدو العلماء. وإذا كنت تبحث عن المنتصر، فلا تفتح المندل، ولا تقرأ الفنجان، ولا تتابع تحليلات "الخبراء الاستراتيجيين" الذين تخرجوا من مطابخ منازلهم، يفْتون بلا معلومات ولا معرفة. فقط تذكّر إجابة نابليون، ففي إحدى المعارك سأله جندي فرنسي: – "هل الله معنا نحن الكاثوليك، أم مع الإنجليز البروتستانت؟" فأجابه نابليون: "الله مع أصحاب المدافع الكبيرة." ويمكننا اليوم تحريف الإجابة أو إعادتها إلى مصدرها، فنقول: الله مع من يملك أكبر عدد من العلماء. الله مع من يُقدّر العلم والمعرفة ويحترمهما. التفكير في تقدير العلماء أعادني إلى صورتهم الهزيلة المنفّرة كما قدمتها السينما المصرية مرارًا. يمكن أن ترى ذلك بوضوح في فيلم "عاشور قلب الأسد"(إنتاج 1961، إخراج حسين فوزي، بطولة عبد السلام النابلسي). يدور الفيلم حول عاشور – النابلسي – الذي يدرس في المعهد ويحاول لفت نظر زميلته، لكنها لا تلتفت إليه بسبب ضعفه الجسدي. وبالصدفة، يعيش عاشور بجوار عالم اخترع حقنة تمنحه القوة، وبعد أخذها، يتحول إلى نجم رياضي في المعهد. لكن من هو هذا "العالِم"؟ شخص – ومن الآخر – "أهبل"، قام بدوره كومبارس لا يذكر أحد اسمه. مصدر القوة الجبارة يظهر كمثير للشفقة، محتقَر، ومُرذَل... وهذه للأسف ليست مجرد كوميديا، بل واقع مرير. تكررت الفكرة عام 1977 مع فيلم "أونكل زيزو حبيبي"(إخراج نيازي مصطفى، بطولة محمد صبحي)، حيث يؤدي صبحي تقريبًا نفس دور النابلسي، ويتلقى "حقنة أعشاب ذرية" من عمّه – إبراهيم سعفان – الذي يُنادى بـ"مبلولي" ويُسخر منه طَوال الفيلم، رغم فكرته القوية. السخرية من العلماء تواصلت مع أفلام فؤاد المهندس مثل "شنبو في المصيدة"حيث أدى يوسف وهبي دور العالم المجنون الذي يجري تجاربه على الحيوانات، وفيلم "اقتلني من فضلك" حيث لعب عبد المنعم مدبولي دور "أينشتاين" الذي يبدّل ويغيّر في الحيوانات، وفؤاد المهندس نفسه في "المليونير المزيف" كمخترع سيارة "نفيسة 606". لاحظ أن كل هذه الشخصيات تنتمي إلى أفلام الهزل والكوميديا. أما حين حاول فيلم "جري الوحوش" (إنتاج 1987، إخراج علي عبد الخالق، بطولة نور الشريف، محمود عبد العزيز، حسين فهمي، حسين الشربيني) مناقشة العلم بجدية، فقد وضع "العلم" ممثلًا في حسين فهمي – بثقل دمه – في مواجهة "الدين" ممثلًا في حسين الشربيني. تفشل تجربة نقل جزء من المخ، لينتصر الدين على العلم في واحدة من أكثر كوارث السينما، بدعم مباشر للأصولية المتغلغلة في تربة الهلاك المتطرفة. هذا، بالإضافة إلى مئات الأفلام التي تروّج للجن والدجل وتشيع الشعوذة. ثم تأتي الحرب القريبة منا، لنرى أن العلماء في معاملهم هم القوة الأعظم التي تحدد – من البداية – من هو المنتصر. وندرك أننا درّسنا "عنترة بن شداد" أكثر من ثلاثين عامًا، نحشو بها عقول الأجيال عن بطولاته في رعي الغنم، بينما تجاهلنا قصة الدكتور علي مصطفى مشرفة، الملقب بـ"أينشتاين العرب". تجاهله كان خطوة كبرى في طريق هزيمتنا النفسية. أفيه قبل الوداع: الخطأ يبدأ من خلط المسميات... إطلاق لقب "علماء" على رجال الدين، و"عالِمات" على الراقصات! وفي مسرحية "العالمة باشا"، يطلب زعيم الدولة من حكومته استدعاء "العالِمة سوسكا" للمساعدة في حل مشاكل الدولة، فيحدث الخطأ، ويُحضِرون "الراقصة سوسكا" – سهير البابلي.


الاتحاد
١٤-٠٦-٢٠٢٥
- الاتحاد
مكتبة قصر الوطن.. سردية ثقافية متكاملة
سعد عبد الراضي في قلب قصر يعانق السماء بهيبته المعمارية، وتنبض جدرانه بتاريخ وطنٍ صاغ حضارته بعناية الحكمة وروح الثقافة، تنهض مكتبة قصر الوطن كأحد أعظم المعالم المعرفية في الإمارات والمنطقة. ليست مجرد مكتبة، بل مَعلمٌ تتقاطع فيه المعرفة بالعلم، والهوية بالانفتاح، والحرف العربي بروح الإنسانية. يقع قصر الوطن في العاصمة أبوظبي، وفتح أبوابه للجمهور ليكون أكثر من مجرد مقر رسمي، إنه قصيدة معمارية تروي فصولاً من تاريخ الإمارات وثقافتها. وفي عمق هذا الصرح، تضيء مكتبة قصر الوطن، التابعة لمركز أبوظبي للغة العربية، بكل المعارف الإنسانية، وهي ليست امتداداً تقليدياً لسلسلة المكتبات العامة المنتشرة في العاصمة، بل إضافة فاخرة ومتفردة تُقدّم للقارئ بيئة معرفية محاطة بالجمال وبالتاريخ، ومفتوحة على آفاق المستقبل. تضم المكتبة أكثر من 50 ألف عنوان في شتى فروع المعرفة، إلى جانب أكثر من 2000 كتاب نادر، منها ما لا يُقدّر بثمن، سواء بقيمته التاريخية أو ندرة نسخه. وتشمل المقتنيات كتباً أدبية، لغوية، علمية، وفكرية. وتمثل المكتبة نموذجاً معاصراً لمكتبة عربية الهوى وعالمية الأفق، إذ تُعنى باللغة العربية عناية خاصة، وتضعها في قلب رسالتها، من خلال توفير مصادر متخصصة، وفهرسة دقيقة، وتصنيف منهجي يضمن للباحثين سهولة الوصول إلى كنوز المعرفة. من أكثر الأركان سحراً في مكتبة قصر الوطن جناح الكتب النادرة، الذي يشبه خزانة أسرار مفتوحة على أزمنة الفكر والتأليف. هنا، تلتقي عناوين نُسِيت طبعاتها الأولى بالعصر الرقمي، لتعود إلى الحياة بين أيدي الزوار والباحثين. ومن بينها القاموس الفرنسي العربي الذي طُبع أثناء حملة نابليون، لمساعدة الفرنسيين على التواصل مع أهل البلاد، ويضم ثلاثة أجزاء عن النطق والمفردات والعبارات. وكذلك كتاب «حي بن يقظان» في ترجمته النادرة بإشراف إدوارد بوكوك، يُعد أحد الجسور الفكرية بين التصوف العربي وفلسفة التنوير الغربية. وكتاب الأجرومية باللاتينية وهو من القرن السابع عشر، يعكس انفتاح الفكر الأوروبي على النحو العربي. كما يضم جناح الكتب النادرة كتاب «الخيول الشرقية وسلالاتها» وهو مخطوطة فريدة تكشف أسرار تربية الخيول العربية على امتداد القرون. وكتاب «الأيام» لطه حسين الذي يحمل السيرة الذاتية التي أعادت تعريف السرد العربي، بطبعته الأولى النادرة. بالإضافة إلى كتاب «الطب عند العرب» لإدوارد براون، والذي يضم محاضرات علمية ترصد أثر الطب العربي في تأسيس المدارس الأوروبية، وغيرها من المؤلفات التي توثق مسيرة اللغة العربية من الضاد إلى اللاتينية واللغات الأخرى. وغيرهم من الكتب والمخطوطات الفريدة. لا تقتصر مكتبة قصر الوطن على رفوف الكتب، بل هي مساحة متكاملة تقدم للزوار تجربة معرفية وثقافية متكاملة. توفر قاعة القراءة بيئة مثالية تجمع بين السكينة المعمارية، والإطلالات الساحرة على حدائق القصر ونوافيره، ما يجعلها مكاناً ملائماً للتأمل، القراءة، والكتابة. رسالة المعرفة تعتمد المكتبة أحدث الوسائل الرقمية في فهرسة وتصنيف الكتب، كما توفر محتوى إلكترونياً واسعاً يُتيح الوصول إلى المعرفة خارج حدود المكان والزمان. وهو ما يجعلها جسراً بين الورق والشاشة، وبين الماضي والحاضر، وبين اللغة والتقنية. مكتبة قصر الوطن ليست رفوفاً مكدسة بالكتب، بل رسالة وطن آمن أن المعرفة شريك أصيل في النهضة. إنها المكان الذي تلتقي فيه القصيدة بالمخطوطة، لتصنع سردية إماراتية سامقة، تعانق السماء كما يعانق القصر المجد.