عيد القيامة
يحتفل أبناء شعبنا، شركاء الواقع والمصير والتطلع إلى المستقبل، يحتفلون اليوم بعيد القيامة، يوم تآمر عليه يهوذا سمعان الإسخريوطي وسلمه إلى المحتل الأجنبي، الاحتلال الروماني لصلبه وإعدامه، مقابل حصوله على الفضة، مع أنه كان واحدا من تلاميذه، الاثني عشر.لقد دخل السيد المسيح، الفلسطيني الأول، الشهيد الأول وفق وصف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، دخل المسيح إلى القدس يوم أحد الشعانين، الذي صادف الأحد الماضي 13/4/2025، دخل إلى القدس مظللاً بسعف النخيل لتحرير المدينة المقدسة من أجل خلاصها: 1- خلاص أهلها من الخطيئة، 2- وخلاصها من الاحتلال الأجنبي، ولذلك استقبله أهل القدس فارشين أمامه عسف النخيل، وأغصان الزيتون، لإيمانهم أنه سيخلصهم مما هم فيه من العذاب والاحتلال وتحالف اليهود مع الرومان.لقد كان يعلم الإسخريوطي مكان اختلاء السيد المسيح بتلامذته، فوشى به، وسلمه للسلطة الأجنبية الرومانية التي قامت بصلبه، على خلفية ما يُبشر به من خلاص.واليوم كما هو بالأمس قبل مئات السنين، ترفض سلطات المستعمرة الإسرائيلية، وأجهزتها وأدواتها، السماح للمسيحيين الفلسطينيين أبناء الضفة من الدخول إلى القدس لممارسة طقوسهم الدينية، وتأدية مشاعرهم الكنسية، وصلواتهم كما يؤمنون ويثقون برسالة السيد المسيح، الذي وظف واختصر وضحى بما يستطيع، لبقاء رسالته، رسالة السماء لبني الإنسان، رسالة المحبة والشراكة.يكرهون السيد المسيح وأتباعه، لأنه جاء مصححاً، مبشراً لحياة الأمن والسلام والاستقرار، وهم يعملون ضد الآخر سواء كان مسيحياً أو مسلماً لا يتبع ملتهم، وها هم اليوم يرتكبون، يقترفون كافة الجرائم غير الإنسانية، غير الأخلاقية، غير القانونية، في غزة هاشم، من تجويع وقصف للأبنية والمخيمات والتدمير لقتل الإنسان، والتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية، كما في الضفة الفلسطينية ومخيماتها، وفي القدس، ومناطق 48 يمارسون الاضطهاد، والتمييز، وفرض الاحكام العرفية، والاعتقالات: اعتقال فادي أبو أنس سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، لأنه يستعمل تعبير «حرب الإبادة» في وصف جرائم الاحتلال بحق شعبه في غزة، واعتقال الفنان نضال بدارنه ومنعه من تقديم عروض ساخرة ضد الاحتلال، والصحفي سعيد حسنين على أثر مقابلة صحفية، وغيرهم العشرات بل المئات من أبناء مناطق 48: أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أبناء عكا وحيفا ويافا واللد والرملة.هجمة قيادات المستعمرة وأجهزتها وأحزابها ومؤسساتها، ضد الشعب الفلسطيني تقوم على فكرة التخلص من العامل الديمغرافي، بعد أن ظهر أن لدى الفلسطينيين على كامل خارطة فلسطين أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني، فيعملون على التخلص منهم سواء بالقتل المباشر بلا رحمة، بلا أي وازع إنساني، أو دفعهم نحو الرحيل والتشرد والطرد واللجوء، كما فعلوا عام النكبة 1948.الصراع في فلسطين بات من وجهة نظر المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، كما سبق وفعلوا عام 1948، «يا نحن أو هُم» ولهذا يرتكبون كل الآثام والجرائم، بلا تردد، بلا أي قيمة للإنسان الفلسطيني، يملكون القدرة والقوة والتفوق التسليحي، والدوافع العنصرية الفاشية، والدعم الأميركي من فريق الرئيس ترامب، وهم أغلبيتهم صهاينة يهود متطرفون، وكما يقول وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث، عن الضفة الفلسطينية أنها يهودا والسامرة، وها هو سفير واشنطن الجديد المعين لدى المستعمرة مايك هاكابي، يؤدي طقوس الصلوات التلمودية، لابساً القلنسوة اليهودية، أمام حائط البراق، باعتباره يهودياً متعصباً، يرفض حل الدولتين، ويرفض اصطلاح «الضفة الغربية» الفلسطينية، بل يعتبرها «يهودا والسامرة» و «أرض الميعاد» متجاوزاً كل الحقوق الفلسطينية، والشعب الفلسطيني المتمسك بأرض وطنه الذي لا وطن له غيره: فلسطين.ستبقى فلسطين لشعبها العربي من المسلمين والمسيحيين ولليهود الذين يؤمنون أن فلسطين كانت وستبقى أرض المقدسات الإسلامية والمسيحية ممثلة بالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة في القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة البشارة في الناصرة، مهما حاولوا لها الأسرلة والتهويد والعبرنة والصهينة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- الغد
الفلسطينيون يحيون ذكرى "النكبة" وسموتريتش يدعو لتدميرهم
نادية سعد الدين عمان- أحيا الشعب الفلسطيني، أمس، الذكرى الـ77 "لنكبة فلسطين"، وسط استمرار حرب الإبادة الصهيونية ضد قطاع غزة، ودعوة المتطرفين لتدمير قريتين في الضفة الغربية، على غرار ما جرى عام 1948، وما يجري منذ أكثر من عام ونصف بغزة. اضافة اعلان وتقاطر الفلسطينيون في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948 عبر مسيرات وتظاهرات احتجاجية ضد جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، بينما تصاعد عدوان الاحتلال بقمعهم مما أدى لاندلاع المواجهات ووقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوف الشبان الفلسطينيين. جاء ذلك بينما دعا الوزير المتطرف في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، أمس، إلى تدمير قريتي بروقين وكفر الديك، شمال الضفة الغربية، على غرار الإبادة الجماعية في الشجاعية وتل السلطان بقطاع غزة. وقال سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، عبر منصة "إكس": "كما دمرنا رفح وخان يونس وغزة، يجب علينا أن ندمر" ما زعم أنها "أوكار الإرهاب في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)، وفق مزاعمه. وجاءت دعوة سموتريتش بعد الإعلان، أول من أمس، عن مقتل مستوطنة وإصابة زوجها في إطلاق نار بالقرب من قرية بروقين شمال الضفة الغربية. يأتي ذلك فيما يواصل جيش الاحتلال إبادة جماعية بغزة وعدواناً عسكرياً بالضفة الغربية؛ مما أدى لارتقاء عشرات آلاف الفلسطينيين، حيث أسفرت حرب الإبادة في غزة عن نحو 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود. وبالتوازي مع إبادة غزة، صعد جيش الاحتلال، ومستوطنيه، اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، مما أدى لاستشهاد أكثر من 962 فلسطينياً، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفاً، وفق معطيات فلسطينية. وفي الأثناء؛ يدور الحديث عن صفقة أميركية جديدة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، مقابل توسيع اتفاقيات التطبيع مع الكيان المُحتل. وتدفع الولايات المتحدة نحو صفقة جديدة شاملة في المنطقة تتضمن وقف الحرب وتبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة وتوسيع اتفاقيات التطبيع مع الكيان المُحتل. وقد أدت خطوة إطلاق سراح الجندي "عيدان ألكسندر" وزيارة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" التاريخية إلى منطقة الخليج العربي، إلى فتح المجال أمام إبرام صفقة أخرى لتبادل الأسرى في إطار خطوات أكثر شمولاً بالمنطقة. فيما يواصل رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" رفض أي مقترح يفضي إلى اتفاق شامل بوقف الحرب في غزة . وبحسب صحيفة "يديعوت احرنوت" بالكيان المُحتل، فإن المبعوث الأميركي "ستيف ويتكوف" يتابع عن كثب المحادثات بشأن الصفقة في الدوحة، حيث يتواجد هناك، وفد الاحتلال منذ يومين لكن بصلاحيات محدودة تعطل كل المقترحات. وتصر حكومة الاحتلال على خطة "ويتكوف" التي تنص على إطلاق سراح نصف الأسرى الأحياء، مقابل وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و50 يوماً، واستكمال المفاوضات لإنهاء الحرب، والتي في نهايتها سيتم إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء والأموات. إلا أن حركة "حماس" ترفض أي خطة لا تتضمن ضمانات واضحة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بينما تصر حكومة الاحتلال على الخطوط العريضة التي اقترحها المبعوث الأميركي، الذي لم يعد ويتكوف نفسه يؤمن بها، ويقترح خطوطاً عريضة مختلفة وأكثر مرونة من شأنها أن تسمح بالتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يدفع الاحتلال إلى وقف إطلاق النار. وفي محادثاته مع "ويتكوف"، أوضح "نتنياهو" مرونته فيما يتصل بالمساعدات الإنسانية وإعادة انتشار جيش الاحتلال في غزة، لكنه أكد التزامه بالخطة الأصلية، وأن الحرب لن تنتهي حتى يتم إعادة جميع الأسرى واستسلام "حماس"، وفق مزاعمه. من جانبها، قالت حركة "حماس" إن حكومة الاحتلال تواجه جهود الوسطاء في التفاوض بالتصعيد العسكري في قطاع غزة، مشيرة إلى أن "نتنياهو" لا يكترث لمصير أسراه ويريد حرباً بلا نهاية. وقالت "حماس"، في تصريح أمس، أن "الأطراف الوسيطة تبذل جهوداً حثيثة لإعادة المسار التفاوضي إلى سكته الصحيحة، بينما يقابل الاحتلال هذه المساعي بالضغط العسكري على المدنيين الأبرياء، عبر القصف الجماعي، وفرض المزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني، في محاولة يائسة لفرض شروطه تحت النار". وأضافت أن إصرار حكومة الاحتلال على التفاوض "دون وقف العدوان، وإرسال رسائل بعدم الاكتراث بمساعي الوسطاء، يكشف جوهر العقلية الإجرامية للكيان المُحتل، التي ترى في التهدئة مجرد أداة لشراء الوقت وإعادة استئناف الحرب". ولفتت الحركة بأن العالم يريد أن يرى وقفاً للحرب في نهاية المطاف "فهدف العملية التفاوضية واضح وثابت، وهو وقف العدوان، وإنهاء الحرب بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى". وأفادت بأن "نتنياهو يريد حرباً بلا نهاية، ولا يكترث لمصير أسراه، وهو آخر من يهتم بحياتهم وعودتهم إلى ذويهم، حيث أثبت بعقليته المهووسة بالقتل والدمار، أنه لا يشكل خطراً على شعبه فقط، بل بات خطراً حقيقياً على المنطقة والعالم بأسره". يأتي ذلك وسط تكرار الرئيس "ترامب" لتصريحاته السابقة حول احتلال غزة وتهجير سكانها، بقوله إنه يريد من الولايات المتحدة أن تمتلك غزة وتحولها إلى "منطقة حرية"، وسط استمرار الحرب الدامية في القطاع. وتأتي تصريحات الرئيس "ترامب" وسط تكثيف قوات الاحتلال غاراتها الجوية الهمجية على القطاع تزامناً مع زيارته للمنطقة، مع تعثر المفاوضات الساعية لإنهاء الحرب. وكان الرئيس "ترامب" طرح أكثر من مرة فكرة تهجير سكان غزة وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي، لكن مقترحه قوبل برفض عربي ودولي واسع.

عمون
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- عمون
حين تُكتب الحكاية في الظّل .. وتتبدّل الوجوه على المسرح
في دهاليز السياسة الأمريكية.. لا شيء يُترك للصدفة.. ولا خطوة تُتخذ من غير أن تكون موضوعة بعناية على رقعة شطرنج المصالح.. تلك الرقعة التي يجلس على طرفيها الحليف الذي لا يُمس.. والعرّاب الذي لا يُكذب.. الكيان الإسرائيلي من جهة.. وأمريكا من جهة أخرى.. أما الباقي.. فإما بيادق صغيرة.. أو أوراق يتم حرقها عند الحاجة.. العلاقة بين أمريكا والكيان.. لم تكن يوماً علاقة تحالف عادي.. بل أقرب ما تكون إلى علاقة مصيرية.. تنبع من جذور دينية.. وثقافية.. ولوبية ضاغطة.. لا تقف عند حدود اللوبي الصهيوني فحسب.. بل تمتد إلى تيارات إنجيلية.. تؤمن بأن قيام الدولة الإسرائيلية.. شرط لعودة المسيح المنتظر.. ولعلّ هذه البنية العقدية.. هي ما يجعل الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي.. فوق أي خلاف.. أو تغيّر سياسي.. فهو ليس فقط التزاماً استراتيجيا.. بل التزاماً هوياتياً لدى كثير من النخب الحاكمة في واشنطن.. حين جاء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.. لم يأت كسياسي تقليدي.. بل كمبعوث لمرحلة أكثر انكشافاً.. وأكثر صدقاً في التعبير عن العقل الأمريكي العميق.. ذلك العقل الذي لا يرى في الكيان الإسرائيلي مجرد حليف.. بل امتداداً وظيفياً للوجود الأمريكي في قلب الشرق الأوسط.. فكانت القدس تُعطى على طبق من ذهب.. والجولان يُسلّم بخطاب صحفي.. والتطبيع يُفرض بتغريدة.. أما غزة.. فقد كانت خطته فيها صادمة.. إذ أعلن نيته إعادة إعمارها.. بشرط إخراج أهلها منها.. في تصورٍ صريحٍ لتغييرٍ ديمغرافي غير مسبوق.. خطة قال عنها نتنياهو إنها رائعة.. بينما كان العالم يتساءل.. إن كانت تلك بداية لتطهير عرقي جديد.. لكن المفارقة.. أن ذات الإدارة التي عبّرت عن دعمها اللامحدود للكيان الإسرائيلي.. كانت تشهد في كواليسها مداولات خافتة.. وتسريبات حول خلافات تكتيكية.. لا تمس جوهر العلاقة.. بل ترتبط بكيفية التعاطي مع الأدوات.. خصوصاً مع حركة حماس.. فبينما كان الكيان إسرائيلي يعتبر.. أن الحل لا يكون إلا بالقضاء التام عليها.. كانت بعض الأصوات داخل الإدارة الأمريكية.. ترى أن لحماس.. دوراً سياسياً لا يمكن تجاوزه.. وأن الإبقاء عليها ضمن معادلة القوة.. قد يكون ضرورة لفرض تسويات لاحقة.. هنا لا بد من التوقف أمام الوثائق المسربة من البنتاغون والمخابرات الأمريكية.. والتي تحدثت عن مناقشات داخلية.. حول مستقبل غزة ما بعد الحرب.. وعن وجود تباين حقيقي.. بين الإدارة الأمريكية.. والقيادة الإسرائيلية حول التوقيت والأدوات.. بل إن بعضها أشار إلى ضغوط أمريكية.. لفتح ممراتٍ إنسانية.. وقبول بهدنة مؤقتة.. وهو ما رفضه الكيان الاسرائيلي في أكثر من مرة.. كل ذلك وسط تصريحات إعلامية.. تؤكد أن أمريكا والكيان الاسرائيلي في خندق واحد.. فهل ما نراه من تباينات هو حقيقة؟!.. أم مسرحية لتوزيع الأدوار؟!.. حين نقف عند تصريحات بايدن المتناقضة.. من جهة دعم مطلق لإسرائيل.. ومن جهة تلميحات بضرورة تجنب سقوط مدنيين.. ندرك أن اللعبة أكبر من مجرد سياسة إدارة.. بل هي سياسة دولة عميقة.. تعرف متى تلوّح بالعصا.. ومتى تلبس قناع الرحمة.. دون أن تغيّر في العمق من ولائها للكيان.. فتأتي المساعدات العسكرية تباعاً.. ويُستخدم الفيتو في مجلس الأمن.. وتُمنع أي مساءلة دولية للكيان الاسرائيلي.. ليظل السقف محمياً.. مهما علت أصوات الاحتجاج.. فهل ما يجري هو تبديل طاقيات.. وتغيير مواقع فقط.. مع بقاء الهدف كما هو؟!.. أم أن ثمة تغيرات حقيقية في الرؤية الأمريكية.. تجاه مستقبل الكيان.. ودوره في المنطقة؟!.. سؤال قد لا يجد إجابته في التصريحات الرسمية.. بقدر ما يُفهم من قراءة دقيقة لما لم يُقال.. ولما تُخفيه الوثائق والتسريبات.. وما يلوح خلف الكواليس من تفاهمات قديمة.. تُلبس اليوم لبوساً جديداً.. المشهد شديد التعقيد.. لكن الثابت فيه.. أن العلاقة بين أمريكا والكيان الاسرائيلي.. ليست علاقة ظرفية.. ولا خاضعة لحسابات الرؤساء المتعاقبين.. بل هي علاقة نُسجت عبر عقود من الالتزامات.. والتشابكات المصالحية والعقائدية.. وما يراه البعض خلافاً.. قد لا يكون إلا خداعاً بصرياً.. تمليه ضرورة توزيع الأدوار.. لإبقاء المسرح مشوقاً.. لكن النهاية.. تُكتب دوماً بقلمٍ واحد.. ذلك القلم الذي كتب منذ البداية.. أن أمن الكيان الاسرائيلي.. خط أحمر.. لا يُمس.. هو ذات القلم.. الذي كتب السيناريو منذ البداية.. لا يزال في مكانه.. لم ينكسر بعد.. ولم ينفد حبْره.. وكل مَن نراهم على المسرح.. ليسوا سوى مؤدين.. يتبادلون الأدوار.. أو ضحايا.. ظنّوا أنهم أبطال.. ولعل أخطر ما في المشهد.. ليس ما نراه أمامنا من نارٍ ودمار.. بل ما يُكتب في الظلال.. بصمتٍ مدروس.. وخططٍ بعيدة المدى.. تعيد تشكيل الوعي.. وتضبط إيقاع المواقف.. بما يخدم ذلك القلم.. الذي لا يؤمن إلا بلونٍ واحدٍ للحقيقة.. ذلك اللون.. الذي ينعكس فقط على مرآة مصالحه..


سواليف احمد الزعبي
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- سواليف احمد الزعبي
التبشيريون الجدد
#التبشيريون_الجدد مقال الإثنين: 12 / 5 / 2025 د. #هاشم_غرايبه ليس مفاجئا القول ان الحركة التبشيرية الأوروبية لم تكن دوافعها الهداية الى الله، ولا نشر العقيدة الإيمانية التي جاء بها المسيح عليه السلام، فتحول الأوروبيين الى المسيحية على يد قسطنطين في القرن الرابع، لم يكن تحولا من الوثنية وتعدد الآلهة التي كانت متبعة في جميع أنحاء أوروبا الى عقيدة التوحيد وعبادة الله وحده، التي هي جوهر كل العقائد السماوية، بل كان توفيقا بين الوثنية والنصرانية، فاعتمدت الرموز الوثنية كجزء من العقيدة الجديدة، مثل شجرة الميلاد وبابا نويل وغزلان الرنة..الخ، وأبقي على تعدد الآلهة من خلال اتباع عقيدة التثليث كبديل لعقيدة التوحيد التي دعا أليها المسيح عليه السلام، والتي كانت فكرة 'بولس' والذي كان يهوديا اسمه 'شاؤول' اخترق العقيدة النصرانية بإعلانه تنصره لكي يحرفها ويفسدها، ورغم أنه لم يكن من تلاميذ المسيح عليه السلام ولم يلتق به، إلا أنه أكثر من أخذت عنه التعاليم المعتمدة حاليا كمرتكزات للكنيسة المسيحية الأوروبية، بفروعها الثلاث: الكاثوليكية والأرثوذوكسية والبروتستانتية. ومثلما تبين أن ما كان يدعى بالاكتشافات الجغرافية التي قام بها الأوروبيون منذ القرن الخامس عشر، لم يكن هدفها بحثيا علميا، وإنما أطماعا استعمارية، فقد انكشف أيضا ان الحركة التبشيرية الاوروبية التي نشطت في الفترة نفسها، كانت لغايات التمهيد الثقافي للاحتلالات الأوروبية. في منطقتنا العربية التي كانت مستهدفة أيضا بأطماع الأوروبيين، تحددت (الاكتشافات) بالتنقيب عن الآثار لنهبها، كون المنطقة مهد كل الحضارات القديمة، فيما واجهت الحركة التبشيرية صعوبات كبيرة، إذ أن المنطقة متبعة للدين الحقيقي، وتؤمن بالمسيح نبيا وليس الها، لذلك جرى تعديل لمسار التبشير بالاهتمام بجذب الناس من خلال تقديم الخدمات التعليمية والطبية، فانتشرت المدارس والمستشفيات التي تديرها راهبات، ومن أكبرها كانت الجامعة البروتستانية التي أسسها القس 'دانيال بلس' بتمويل من المسيحية الصهيونية الأمريكية، وسميت فيما بعد بالأمريكية، ونشأ لها فروع في أغلب بلدان المنطقة أكبرها في بيروت والقاهرة، وتبين فيما بعد كم كان أثرها كبيرا في رعاية التوجهات العلمانية في المنطقة العربية. لو عدنا الى نشأة العلمانية االعربية، فكانت في مصر ابان الاحتلال البريطاني عام 1882، حيث منح ثلاثة أشخاص هم: يعقوب صروف، وفارس نمر، ونقولا حداد، حق اللجوء السياسي الى مصر، وهم من اتباع جمعية تركيا الفتاة المؤيدة للعلمانية، وتبين فيما بعد أنها مخترقة من المخابرات البريطانية وممولة من يهود الدونمه، ومن التمعن في أسماء هؤلاء الذين تم نقل مهامهم الى المنطقة العربية، نجد أنهم جميعا ليسوا مسلمين، ولو تفحصنا أسماء قادة الأحزاب العلمانية التي نشأت في المنطقة العربية، سنجد أن ميشيل عفلق هو مؤسس حزب البعث، وجوزيف روزنتال مؤسس الحزب الشيوعي المصري، وخالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري، وقسطنطين زريق أب الحركة القومية العربية ، ومؤسسوها هم ناصيف اليازجي،و بطرس البستاني، ونجيب عازوري، وجورج حبش ووديع حداد. فهل هي مجرد مصادفة أن يكون كل رواد الحركة العربية العلمانية من غير المسلمين!؟. أم أنها حركة تبشيرية بحلة جديدة؟. الإثباتات على صحة هذا الافتراض كثيرة، منها 1 – ليس الهدف هذه المرة التنصير، فذلك أمر ثبت استحالته، بل يقتصر على الصد عن الدين، ونبذ منهج الله. 2 – الحركة العلمانية العربية لا يمكنها اعلان عدائها للإسلام حصرا وتحديدا، لذلك تدّعي أنها ترفض العقائد كلها، بحجة لا دليل عليها وهي أنها معيقة للتقدم العلمي ومنشئة للصراعات، لكن تنكشف نواياها حينما تتصدى للإسلام فقط، ولا تفعل ذلك مع العقائد الأخرى بذريعة احترام معتقدات الآخرين. 3 – العلمانيون العرب لا ينكرون انتماءهم للعلمانية الأوروبية، لكنهم يقعون في مأزق، حينما يرون العلماني الغربي لا يتنكر لمسيحيته، فالأوروبيون عموما ليسوا مسيحيين حقيقيين أصلا، وإنما يعتبرونها مجرد صبغة ثقافية تفيد في إعاقة انتشار الاسلام بينهم، فأغلبهم لا ديني، ولا يعترضون على اتباع أي منهج زائغ غيره ولو كان بوذيا أو وثنيا، فذلك ليس مهما، المهم هو الإعراض عن الإسلام. 4 – انكشفت نوايا هذا التيار عند الامتحان عام 2011، فادعاءاتها بأنها تسعى الى وحدة الأمة وتحريرها وتحقيق الحرية، سقطت حينما أيدت الأنظمة القطرية الاستبدادية والثابت عمالتها للمستعمر، فقط لأنها ممانعة للإسلام.