
عن الأقليات... الوجود والمصير
إن انقراض الأقليّات ليس حتميةً تاريخية ولا اجتماعية، ولكن معظم الطوائف التي انتهت مردّها إلى ممارساتٍ معيّنة ذات طابعٍ إثني، والطائفة التي عاصرنا ما يشبه انتهاؤها هي الطائفة «الإيزيدية» التي تعرضّت لجرمٍ بشع يعبّر عن بربرية آيديولوجية غير مسبوقة في تاريخنا الحديث.
مع احتدام الأحداث تصاعد الحديث عن مصير الوجود لدى الأقليات كلها، حتى الطائفة الشيعية على امتدادها الشاسع ثمة من يتساءل عن الواقع والمصير. وما كانت الأحداث الأخيرة إلا جرس إنذارٍ للعالم لئلا تتكرر الكوارث التي حدثت منذ سنواتٍ في العراق، لقد كانت أحداثاً دمويّة وكارثية دفع ثمنها الآلاف.
هذا كلّه يذكّرنا بالقلق الأقلّوي الذي ضارع ما بعد أحداث «الربيع العربي»، وهو قلق له تبريره؛ آنذاك أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث كتاباً بعنوان: «الأقليات الدينية والإثنية» فيه تناول موضوع الأقليّات الدّينية والإثنية في الدّول التي تحكمها الأحزاب الإسلامية.
في الكتاب لفتتني دراسة الأكاديمية اللبنانية الدكتورة ريتا فرج، بعنوان: «الأكثرية والأقلية في الإسلام المعاصر جدلية الفقه الحركي والواقع»، عالجت فيها ثلاثة محاور أساسية، الأول عن الجذور التاريخية لأزمة الأقليّات في العالم العربي وخريطة انتشارها، وقدمت فيه تعريفاً لمفهوم الأقلية والأكثرية ومتعلقاتها في الوعي الغربي. المحور الثاني كان حول الرؤية الفقهية الإسلامية للآخر، وعالجت فيه «رؤية الإسلام الفقهي - الأكثري - للآخر الأقلوي» عبر مفاهيم دار الحرب، ودار الإسلام، وأهل الذمة، مبيّنة أن «الأقلية والأكثرية لم تستعملهما الأدبيات الإسلامية بشكلها الحرفي». أما المحور الثالث فتناولت فيه رؤية الفقه الحركي للآخر الديني.
في بحثٍ آخر تم تناول موضوع المسيحيين والصابئة والمندائيين في ظل حكم حزب الدعوة، في العراق. البحث لعبد الحسين شعبان أستاذ مادة اللاعنف وحقوق الإنسان في جامعة أونور. يشير شعبان إلى أن الإسلاميين قطفوا ثمار غيرهم، وقرر أن صعودهم أثار السؤال عن مدى احترامهم لحقوق الأقليات، كما عرض تاريخ الأقليات في العراق، مشيراً إلى أن إشكاليتها تفاقمت باحتدام الوضع السياسي وظروف الحرب والحصار، حيث هاجر ما يقارب ثلثي عدد المسيحيين خلال ثلاث فترات؛ الأولى فترة الحرب العراقية - الإيرانية، والثانية فترة الحصار الدولي، أما الثالثة فهي الأوسع والأشمل؛ فقد كانت بعد الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003، ولا شك في أن النسبة الكبرى كانت خلال اندلاع موجة التطهير والقتل، وعلى الخصوص في عام 2006 - 2007. يقول شعبان: «أرى أن الأمر يجب ألا يكتفي بإدانة ما يحصل، بل يتطلب اتّخاذ مبادرة وطنية على مستوى الحكومة والبرلمان والشعب، تشارك فيها جميع التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية والمؤسسات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية، وكذلك منظمات المجتمع المدني، لدعم الوجود المسيحي والمندائي والعمل على ملاحقة مرتكبي الجرائم وتقديمهم إلى العدالة».
الخلاصة؛ إن كل حدثٍ كبير تتصاعد معه تلقائياً نوازع البقاء لدى الأقليات، وهذا مبررٌ ومفهوم، غير أن سبيل نزع القلق أو تخفيفه لا يتحقق إلا عبر تشريع قوانين صارمة تحرس مستقبل الطوائف كلها، وتحترم طقوسها وعقائدها ضمن مجتمعٍ مدني ودولةٍ قوية، ومؤسسات عادلة، من دون ذلك فإن الصراع سيستمر طويلاً، ولهذا تكلفةٌ إنسانية واجتماعية كبيرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
أميركا: حزب الله نفذ هجوم بغداد وعلى السوداني التحرّك
دعت السفارة الأميركية في بغداد الاثنين، الحكومة العراقية لتقديم منفذي هجوم الدورة للمحاكمة. وأكدت في بيان، أن عناصر من كتائب حزب الله نفذوا الهجوم على وزارة الزراعة في جانب الكرخ ببغداد الأحد. كذلك أعربت السفارة عن تعازيها لعوائل الضحايا الذين قُتلوا في الهجوم الذي استهدف إحدى دوائر وزارة الزراعة في بغداد في 27 تموز/يوليو. وطالبت الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات سريعة لتقديم المسؤولين عن الهجوم وقادتهم إلى العدالة، مشددة على أن المساءلة ضرورية للحفاظ على سيادة القانون ومنع تكرار مثل هذه الحوادث. جاء هذا بعدما شدد رئيس الوزراء، العراقي القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني شدد الأحد، على ضرورة عدم التهاون في واجب حفظ القانون، وحماية مؤسسات الدولة، مؤكداً أن لا أحد من حقه أن يحل محل الدولة أو سلطاتها، وليس هناك جهة فوق القانون. وأكد خلال اجتماع أمني طارئ عقده رئيس الحكومة مع نائب قائد العمليات المشتركة، وقائد عمليات بغداد، وضباط القوة الأمنية التي تصدت للاعتداء على إحدى دوائر وزارة الزراعة في جانب الكرخ ببغداد، على "ضرورة عدم التهاون في واجب حفظ القانون وحماية مؤسسات الدولة، والمضي بالتحقيق لكشف الحيثيات التي تدخلت بها العناصر المعتدية وتحركها بلا موافقة أمنية مسبقة". هجوم مسلح للحشد الشعبي على وزارة الزراعة في بغداد كما شدد وفق ما أفاد المكتب الإعلامي للسوداني في بيان، على "تقديم المرتكبين للمحاسبة وفق القوانين النافذة، وأن يجري التحقيق بمهنية عالية، ووفق الضوابط التي تلتزم بها قواتنا المسلحة، وبمتابعة مباشرة من قبله"، لافتاً إلى أنه "لا أحد من حقه أن يحل محل الدولة أو سلطاتها، وليس هناك جهة فوق القانون". "حادث خطير" يذكر أن وزارة الداخلية العراقية كانت أعلنت أن "إحدى دوائر وزارة الزراعة في جانب الكرخ شهدت صباح الأحد حادثاً خطيراً تزامن مع مباشرة مدير جديد لمهامه في الدائرة، حيث أقدمت مجموعة مسلحة على اقتحام مبنى الدائرة أثناء انعقاد اجتماع إداري، مما تسبب بحالة من الذعر بين الموظفين الذين استنجدوا على الفور بالقوات الأمنية". كما أضافت في بيان أن "مفارز من الشرطة الاتحادية ودوريات نجدة الكرخ سارعت إلى موقع الحادث، وتعرضت لإطلاق نار مباشر من قبل المسلحين، ما أدى إلى إصابة عدد من الضباط والمنتسبين بجروح مختلفة". كذلك أكدت أنها لن تسمح بأي تجاوز على مؤسسات الدولة أو تهديد لسلطة القانون، مشددة على أن هيبة الدولة وسيادة القانون تعد خطاً أحمر لا يمكن المساس به. ثم أعلنت الداخلية في بيان منفصل أن عدد المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم حتى الآن ارتفع إلى 14 موقوفاً ممن تورطوا في الاعتداء المسلح. العربية ترصد تطورات الاشتباكات بين الأمن العراقي وفصيل مسلح جنوب بغداد وأردفت أن القوات الأمنية تواصل تنفيذ عمليات تفتيش وملاحقة دقيقة، "بإشراف مباشر من القيادات العليا، لتعقب بقية المتورطين وتقديمهم إلى العدالة"، مشددة على أن فرض هيبة الدولة وسيادة القانون سيظل أولوية لا تهاون فيها. كما أوضحت أن أجهزتها الأمنية ماضية في واجبها بحزم ومسؤولية، ولن تتوانى في التعامل مع أية محاولة لإثارة الفوضى أو تهديد الأمن العام. يأتي ذلك بعد إصابة عنصر أمني عراقي واعتقال متهمين يوم الجمعة الفائت خلال اشتباكات لتنفيذ أوامر قبض قضائية في منطقة الهدام بمحافظة ميسان شرق البلاد.


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
60 ٪ من احتياجاتها من الوقود والغاز من الدول العربيةالهند توثق علاقاتها بالعالم العربي بحجم تبادل تجاري بلغ 240 مليار دولار
استغلت الهند مصالحها الإقتصادية والإستراتيجية من اجل تعميق علاقاتها مع العالم العربي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبيرة من حيث توقيع مشاريع البنية التحتية العابرة للقارات الى صفقات ضخمة في مجال الطاقة والتعاون الأمني والدفاعي غير مسبوق. وقد شهدت العلاقة بين الهند والعالم العربي تطوراً ملحوظاً اثر الزيارات المتكررة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الدول العربية خلال السنوات الإحدى عشر الماضية . ومن احدث التطورات التي تسلط الضوء على هذه العلاقة وهي عبارة عن الزيارات المتكررة التي قام بها مود إلى المملكة العربية السعودية، ثم دولة قطر ، مما يعكس بوضوح أن الهند تتمتع بعلاقات دافئة جدًا مع معظم دول المنطقة ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. فلا شك أن الفضل في هذا التطور الكبير يُنسب إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والحرص السعودي على توثيق علاقاتها بالدول الصديقة. ويلاحظ أنه لم يأت ذلك نتيجة ردود فعل عشوائية أو نتيجة استجابات تلقائية بل كان ذلك على اساس خلفية قوية ومتينة حيث لاحظنا أن رئيس الوزراء الهندي الذي تم تكريمه من قبل عدد من الدول خلال العقد الماضي و أول دولة قامت بتكريمه لم تكن سوى المملكة العربية السعودية. ففي عام 2016م، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بمنح مودي وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة، وهو أعلى وسام في المملكة العربية السعودية يُمنح للشخصيات غير المسلمة وذلك خلال حفل خاص أقيم تكريمًا للضيف الهندي الزائر للسعودية. وفيما بعد منح لرئيس الوزراء الهندي أرفع الأوسمة المدنية من قبل عدد من الدول بما في ذلك دولة فلسطين وسامها الأعلى في عام 2018م وتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين في عام 2019م، ثم جمهورية مصر العربية 2023م. وعلى الرغم من أن هذه الجوائز مُنحت لمودي شخصيًا، فإنها تعكس علاقات وثيقة بين الهند والدول العربية في حين ساهمت زيارات مودي لعدد من دول جامعة الدول العربية، بما في ذلك البحرين، ومصر، والأردن، والكويت، وعُمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية، وفلسطين دليل على تعزيز التقارب بين الهند والعالم العربي . ومن جهة ثانية ، تستضيف الدول العربية أكثر من 10 ملايين هندي من الجالية الهندية في دول مثل الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والبحرين، وقطر، والكويت، وكذلك مصر حيث استثمرت الهند بشكل كبير في هذه الدول في حين يتم تلبية 60٪ من احتياجاتها من الوقود والغاز من خلال الدول العربية وفي الوقت نفسه أن إعلان "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" مشروعًا طموحًا للغاية، لفت أنظار العالم بأسره . بالإضافة إلى ذلك، فإن رئيس الوزراء مودي ورؤساء حكومات الدول العربية قد استثمروا بشكل كبير في علاقاتهم الشخصية على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، مما أسهم بشكل كبير في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع تتجاوز حدود السياسة والاقتصاد دون استثناء. كما يقول تقرير صادر مؤخراً " لقد لاحظنا أيضاً أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، ورئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية يتشاركان برؤية مشتركة للعلاقات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي" على حسب وصفه حيث تعد هذه من ابرز الأسباب التي جعلت الهند والعالم العربي يتشاركان علاقات قوية وتاريخية والتي تتميز بالتجارة النشطة، والتبادل الثقافي، والشراكات الاستراتيجية، لا سيماً في مجالي الطاقة والأمن. كما تتسم هذه العلاقات بكونها متعددة الأبعاد، تشمل التعاون الاقتصادي، والحوار السياسي، والتواصل والروابط بين الشعوب واليوم تعد دول جامعة الدول العربية جزءاً من الجوار الموسع للهند. كما يمكن القول إن التزام الهند الراسخ بتعميق التعاون مع هذه المنطقة وتوافق على وجهات النظر حول التطورات الدولية الكبرى والعلاقات الإقتصادية والتجارية القوية تشكل اساس العلاقات الهندية - العربية حيث يمر معظم التجارة الخارجية للهند عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن . وهناك ايضاً استثمارات هندية حيوية في دول تمتد من عُمان والمملكة العربية السعودية إلى كل من مصر والسودان وغيرها . وقد تجاوزت العلاقات التجارية بين الهند والعالم العربي اختبار الزمن ، كما يتجاوز اليوم حجم التبادل التجاري بين الهند والدول العربية 240 مليار دولار أمريكي سنوياً في حين تلبي الدول العربية ايضاً حوالي 60% من واردات الهند من النفط الخام وأكثر من 50% من الأسمدة والمنتجات ذات الصلة مما جعلت هذه الشراكة قوية ومتينة وجزء لا يتجزء.


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
في زيارة استمرت 10 ساعات.. ماذا فعل قائد فيلق القدس الإيراني في بغداد؟
كشفت مصادر عراقية مطلعة، أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني زار العاصمة بغداد لمدة 10 ساعات التقى خلالها عدداً من أبرز قيادات تحالف «الإطار التنسيقي» الحاكم، إلا أنه لم يجتمع برئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وأكدت المصادر لـ«عكاظ» أن قاآني أجرى لقاءات منفصلة مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، رئيس تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي همام حمودي. وتركزت المحادثات، وفق المصادر، على تطورات الأوضاع الإقليمية، إلى جانب مناقشة الأوضاع السياسية في العراق، خصوصا ملف الانتخابات القادمة ومسار التحالفات داخل الإطار التنسيقي. وفي أعقاب زيارة المسؤول الإيراني عقد تحالف الإطار التنسيقي، الليلة الماضية اجتماعا طارئا بحضور رئيس الحكومة العراقية في مكتب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم لمناقشة الأوضاع الأمنية التي شهدتها العاصمة بغداد، إلى جانب طرح قضايا مهمة بينها حصر السلاح بيد الدولة. وعلمت «عكاظ» أن الاجتماع ركز على مسألتين هما حصر السلاح بيد الدولة، وقانون الحشد الشعبي الذي أثار جدلا واسعا بين واشنطن وبغداد في الآونة الأخيرة، فيما لم يحسم الاجتماع مسألة حصر السلاح بيد الدولة نظرا لمعارضة بعض فصائل الحشد لهذا التوجه. وقالت المصادر: «إن الاجتماع جرى وسط توترات بشأن قانون الحشد الشعبي الذي ينتظر إقراره من مجلس النواب، إذ إنه لم يحقق النصاب لجلستين متتاليتين، في محاولة من بعض القوى لعدم تمرير القانون». أخبار ذات صلة