
لبنان الرسمي مُطالب بموقف حازم من تصريحات باراك جعجع: كلامه مسؤوليّة الحكومة والسلطات الرسميّة مُفاوضات غزة تترنح...حماس: وصلنا الى مرحلة صعبة
لا تزال تصريحات الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان، وسفير واشنطن في تركيا توم برّاك عن ان «لبنان قد يواجه تهديداً وجودياً ويعود إلى بلاد الشام» حديث الساعة، نظرا لخطورتها وأبعادها. فرغم خروجه لتوضيح ما قال، مؤكدا أن مواقفه الاخيرة «لا تمثل تهديداً للبنان، بل إشادة بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا»، الا ان هذه التوضيحات لم تُقنع المسؤولين اللبنانيين، الذين واصلوا استفساراتهم من السفارة الاميركية في بيروت، كما من اكثر من مصدر رسمي في واشنطن، عن خلفية ما تم التحذير منه، واذا كانت هذه التحذيرات جدية ام حصرا للضغط على لبنان الرسمي وحزب الله؟
خلفيات تصريحات برّاك
وقال مصدر واسع الاطلاع لـ<الديار» ان «التخبط هو سيد الموقف لدى المسؤولين اللبنانيين، وبالتحديد الحكومة ورئاسة الجمهورية كما وزارة الخارجية، فهم غير قادرين على الخروج لانتقاد وادانة ما ورد على لسان برّاك، وبنفس الوقت لا يستطيعون التعامل معها وكأنها لم تكن، نظرا للاستياء الشعبي الكبير منها ، والضغوط السياسية المطالبة بموقف رسمي واضح».
وأشار المصدر الى انه «بات واضحا ان الهدف الاساسي من تحذيرات برّاك، ومن محاولة ربط مصير سوريا مجددا بمصير لبنان، وهو ما يتزامن مع اخبار متداولة عن تحركات على الحدود من الجهة السورية وتوقيف خلايا متشددة، كلها تصب في خانة الضغوط المتواصلة على كل المستويات على لبنان لتسليم سلاح حزب الله، وهي ضغوط من المرجح ان تتفاقم في المرحلة المقبلة»، معتبرا ان «المستغرب هو ان القوى التي لطالما صوّرت نفسها مدافعة شرسة عن السيادة اللبنانية لحد انها أسمت نفسها «سيادية»، لم تتكبد عناء انتقاد ما قاله برّاك، ومن اصدر موقفا منها كان الموقف باهتا جدا، واقرب لان يبرر له ما حذّر منه».
موقف جعجع
وفي هذا السياق، كان لافتا موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ، الذي وضع تصريح برّاك «برسم السلطة والحكومة اللبنانية»، معتبرا في بيان ان «من الواضح والجلي ان السياسة الدولية برمتها بالتقاطع مع شبه إجماع عربي، بصدد ترتيب أوضاع المنطقة لإخراجها من الأوضاع الشاذة التي كانت قائمة في بعض دولها، بهدف الوصول الى دول طبيعية بدءا من إيران، وليس انتهاءً بحزب العمال الكردستاني في تركيا».
ورأى جعجع ان « السياسة الدولية لا تتحمّل الفراغ، وأي دولة تعجز عن ترتيب أوضاعها وإعادة الانتظام لدستورها ومؤسساتها وأعمالها كدولة فعلية، ستكون خارج السباق وعلى هامش التاريخ»، مضيفا:»إذا استمرت السلطة، ومن خلالها الحكومة اللبنانية، في ترددها وتباطؤ قراراتها وتثاقل خطواتها في ما يتعلق بقيام دولة فعلية في لبنان، فإنها ستتحمّل مسؤولية ان يعود لبنان الوطن والدولة في مهبّ الريح من جديد».
موقف حزب الله
بالمقابل، نبّه عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني النائب ابراهيم الموسوي من ان تصريحات باراك، «تنمّ عن نوايا خطيرة، وتكشف بوضوح عن معالم المشروع الأميركي - الصهيوني المرسوم للمنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً»، مشددا على ان «لبنان بلد لا يرضخ للتهديد، ولا يساوم على سيادته، ولن يكون يوماً خاضعاً للإملاءات الأميركية أو راضخاً للتهديدات «الإسرائيلية» أو تابعاً لأيّ دولة خارجية، أو ملحقاً بها».
ورأى إنّ «هذه التصريحات الاستعلائية لا يجب أن تمرّ من دون ردّ حازم وقوي من الدولة اللبنانية، بمستوياتها السياسية والديبلوماسية كافة، وهي تُحتّم على وزارة الخارجية اللبنانية أن تبادر فوراً إلى استدعاء السفيرة الأميركية، وإبلاغها رفضاً رسمياً لهذه التصريحات العدائية الوقحة» ، مطالبا الدولة اللبنانية بأن «تعلن بوضوح أن على الإدارة الأميركية احترام سيادة لبنان ووحدة وسلامة أراضيه، وألا تتدخل في شؤونه الداخلية، وأن تلتزم دورها الذي ألزمت نفسها به ولكنها لم تنفذ حرفاً واحداً منه، باعتبارها الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي ، بموجب ورقة الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، بل شكلت غطاءً لاستمرار الاحتلال والعدوان الإسرائيلي على لبنان».
جلسة حامية
في هذا الوقت، تتجه الانظار الى جلسة المناقشة العامة التي تُعقد غدا الثلاثاء في المحلس النيابي، والتي يفترض ان تجيب خلالها الحكومة عن أسئلة النواب، حول ما أنجزته بعد اكثر من ٥ أشهر على توليها السلطة.
وترجح مصادر نيابية واسعة الاطلاع ان «يشهد البرلمان انقساما عموديا بين مجموعة من النواب، ستضغط لتسليم سلاح حزب الله فورا دون قيد او شرط، مع الدفع بوضع مهل زمنية لذلك، وبين مجموعة ستتهم الحكومة بالتقاعس، وبعدم القيام بما يلزم لدحر الاحتلال الاسرائيلي»، لافتة في حديث لـ «الديار» الى ان «الامتناع عن نقل مجريات الجلسة مباشرة على الهواء، هدفه التخفيف من الاحتقان ومنع نقله الى الشارع».
شائعات أمنية!
أمنيا، وبعد الاخبار التي تم التداول عن انسحاب الجيش اللبناني من مناطق حدودية في البقاع، أصدرت قيادة الجيش بيانا نفت فيه ما يتم تداوله بهذا الخصوص، مؤكدة مواصلة الوحدات العسكرية المعنية «تنفيذ مهماتها الاعتيادية لضبط الحدود اللبنانية السورية ، في موازاة متابعة الوضع الأمني في الداخل لمنع أي مساس بـ الأمن والاستقرار «. ودعت إلى «توخي الدقة في نقل الأخبار المتعلقة بالجيش والوضع الأمني، والتحلي بالمسؤولية، وعدم بث الشائعات التي تؤدي إلى توتر بين المواطنين».
كذلك نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله في بيان، نفيا قاطعا ما ورد في بيان وزارة الداخلية السورية، حول مزاعم ارتباط أحد الموقوفين في محافظة حمص بحزب الله. واكد الحزب بأنه «ليس لديه أي تواجد أو نشاط في سوريا ، ولا علاقة له بأي أحداث أو صراعات هناك، وهو حريص على أمن سوريا واستقرارها وسلامة شعبها».
وفي وقت سابق اليوم، اعلنت وزارة الداخلية السورية إن «جهاز الاستخبارات العامة، نفذ عملية أمنية مع قيادة الأمن الداخلي في حمص، أسفرت عن إلقاء القبض على مسلح له صلة بجماعة حزب الله اللبنانية». وأوضحت الداخلية السورية في بيان، «أن المسلح محمود فاضل ضُبط في حوزته عبوات ناسفة»، وقالت إنه كان «يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة».
لا هدنة في غزة؟
اما اقليميا، فتلاشت الاجواء الايجابية التي سادت مؤخرا عن قرب التوصل لاتفاق بين «اسرائيل» وحماس يؤدي لهدنة في غزة. ونقلت قناة «فلسطين اليوم»، التابعة لـ«حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، عن مسؤول كبير في «حماس» قوله إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى «مرحلة صعبة، وإن الساعات المقبلة حاسمة». وأضاف المسؤول، الذي لم يُكشف اسمه، أن «الوسطاء يعملون على دفع المحادثات قدماً»، مؤكداً أنهم لا يزالون يواجهون «تعنتاً إسرائيلياً».
من جهته، ادعى رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو ان حماس رفضت المقترح الاميركي. وقال:»إنهم دائماً ما يرددون دعاية (حماس)، لكنهم دائماً مخطئون. لقد قبلنا بالصفقة، صفقة (المبعوث الأميركي) ستيف ويتكوف، ثم النسخة التي اقترحها الوسطاء. قبلناها، ورفضتها حماس».
وأضاف نتنياهو:»حماس تريد البقاء في غزة. يريدون منا المغادرة، حتى يتمكنوا من إعادة تسليح أنفسهم ومهاجمتنا مراراً وتكراراً. لن أقبل بهذا، سأبذل قصارى جهدي لإعادة رهائننا إلى ديارهم. سألتقي العائلات... أعرف ألمهم ومعاناتهم. أنا مصمم على إعادة الرهائن إلى ديارهم والقضاء على حماس».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 35 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
حملة تمهيد إعلامية وخطط لنشر قوات خاصة على الحدود: هل انضمّ الشرع إلى حملة الضغوط على المـقاومة؟
منذ الهجوم الدامي على كنيسة مار الياس في دمشق في 22 الشهر الماضي، تسري شائعات في لبنان حول الوضع الأمني ربطاً بسوريا، سواء عن تحضيرات مزعومة للقيام بأعمال عسكرية على الحدود وتخريب أمني في الداخل، أو عن تحرّك لخلايا «داعش» وانفلاش جديد للتنظيم. إلا أن الجزء الأكبر من المُتداول يفتقر إلى أساس متين، ولا سيما ما رُوّج له عن انتشار مقاتلين أجانب على الحدود أو تسلّل عناصر عبر طرابلس. وهذا ما نفاه بيان للجيش اللبناني أمس، ويُتوقّع أن توضحه الخميس المقبل جولة تفقّدية على الحدود لوزير الدفاع ميشال منسّى مع عدد من الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنيّة. لكن ما سلف ليس هو المشهد كاملاً. ثمّة متغيّر في الشام يلمسه المراقبون منذ أيام، تحديداً إثر زيارة أحمد الشرع الأخيرة إلى الإمارات، بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو إلغاء العقوبات على «هيئة تحرير الشام» وفق سياسة «خطوة مقابل خطوة» وإيذاناً بمرحلة جديدة. وفق مصادر سورية مطّلعة، فإنّ التطوّر في العلاقات الأميركية - السورية يجري على قاعدة تثبيت الالتزام الأميركي مع حكم الشرع مقابل انضمامه إلى الحرب على الإرهاب، سواء ضد الفصائل الفلسطينية أو حزب الله أو «داعش»، من جهة، والمضي قدماً في المفاوضات والتقارب مع الإسرائيليين من جهة ثانية. هذا المسار يمثّله المبعوث الأميركي توم برّاك ومن خلفه البيت الأبيض، وهو ما تسبّب بانفراط عقد التفاهم مع المجموعة الكردية الممثّلة بـ«قسد» في الشرق السوري وعودة الخلاف والتوتر بعدما كان التقارب قد قطع شوطاً. وظهر تشدّدُ الشرع في الموقف مع «قسد» مستنداً إلى الدعم الأميركي المستجدّ، فيما ظلّ موقف «قسد» متصلّباً اعتماداً على موقف البنتاغون الذي لا يزال إلى جانبها. في هذا السياق، سُجّلت مؤشّرات سياسةٍ سوريّة جديدة تجاه لبنان، في ما يظهر أنه جزء من عملية تحضير للأجواء لما قد يشكّل منعطفاً كبيراً، خصوصاً أن الملف اللبناني، بشقّه المتعلّق بسلاح المقاومة، أو الترتيبات الخاصة بالحدود، أو الوضع الداخلي، كل ذلك بات لصيقاً بالملف السوري، وليس من قبيل الصدفة أن يقرّر البيت الأبيض تكليف المبعوث إلى سوريا بمتابعة ملف لبنان. كانت بداية التحريض من بوابة الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية، والتي لعب الوزير الأسبق معين المرعبي، طوال المدة الماضية، دوراً كبيراً في تحريض السوريين على تحويلها إلى عنوان رئيسي، إلى جانب هيئة علماء الشمال وقيادات إسلامية تعتبر أن معالجة ملف الموقوفين السوريين، يمكن أن يترافق مع إطلاق سراح عشرات أو المئات من الإسلاميين الموقوفين أو المحكومين في السجون على خلفية نشاط إرهابي. إلا أن ورقة الموقوفين والتهديد بإقفال الحدود، التي أُشهرت عشية زيارة محتملة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، عبر التسريب المتعمّد ثم النفي، ليست، وفق مصادر سورية مطّلعة، سوى قنبلة دخانية يراد منها تهيئة الأجواء لدور سوري في الضغوط الإقليمية والدولية على المقاومة لتسليم سلاحها. وهو دور منسّق مع السعوديين والأميركيين، فيما سُجّل عدم ارتياح تركي لهذه الوجهة. وفي خطوة إضافية تصبّ في خدمة الهدف نفسه، أعلنت سلطات دمشق أمس أن وزارة الداخلية السورية نفّذت عملية أمنية أدّت إلى إحباط هجوم بعبوات ناسفة في محافظة حمص. وأضاف بيان وزارة الداخلية «أن جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، نفّذ عملية أمنية استباقية، أسفرت عن إلقاء القبض على شخص يُدعى محمود فاضل (...) وتمّ ضبط عدد من العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام»، مشيرة إلى أن فاضل «كان يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية بها في المنطقة»، وأن «التحقيقات الأولية كشفت عن ارتباط فاضل بخلية تابعة لحزب الله اللبناني، كما تبيّن أنه تسلّم العبوات عبر معابر التهريب غير الشرعية». وقد نفى حزب الله أي علاقة له بالأمر. وأوضح بيان لوحدة العلاقات الإعلامية أنه «ليس لدى حزب الله أي تواجد أو نشاط في سوريا، ولا علاقة له بأي أحداث أو صراعات هناك»، مؤكداً حرصه «على أمن سوريا واستقرارها وسلامة شعبها». وبالعودة إلى ملف الحدود، تقول المصادر السورية إنّ الشرع أقدم على نشر عناصر القوات الخاصّة التابعة لـ«هيئة تحرير الشام»، والمعروفة باسم «العصائب الحمراء»، على الحدود مع لبنان، وهي المرة الثانية التي يجري فيها تحريك هؤلاء العناصر بعد جولة المناوشات مع العشائر مقابل الهرمل في شباط الماضي. وبينما يجري الحديث في دمشق عن أن هذا الانتشار أتى ضمن سياسة منسّقة للمساهمة في الضغوط على حزب الله، لا يزال من غير الواضح إذا ما كان الشرع يقوم بهذه التحرّكات كمناورة وضغط إعلامي وسياسي لكسب ودّ السعوديين والأميركيين، أم أن هناك بالفعل قراراً جدّياً في دمشق بالمشاركة والتورّط في أعمال عسكرية أو أمنية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


الديار
منذ 41 دقائق
- الديار
ترامب عن غزة: نأمل تسوية الأمر خلال الأسبوع المقبل
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة "خلال الأسبوع المقبل". وعند سؤاله عن الجهود الجارية للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، قال ترامب للصحافيين: "نأمل أن نصل إلى حل لهذه المسألة خلال الأسبوع المقبل". وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، كرر ترامب تحديد جداول زمنية للتوصل إلى اتفاق، من دون تحقيق تقدم ملموس. وتدعم الولايات المتحدة مقترحا لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، يشمل إطلاق سراح الرهائن في غزة على مراحل وانسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق محددة من القطاع، إضافة إلى استئناف مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع بشكل نهائي. وتتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، التي تجرى في الدوحة منذ أيام. وتطالب حماس بضمانات لوقف الحرب بشكل نهائي بعد هدنة الستين يوما، وهو ما ترفضه إسرائيل.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
توماس براك على وشك المغادرة: وساطة انتهت قبل أن تبدأ
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح قد نكون أمام أسابيع تفصل توماس براك عن مغادرة المسرح اللبناني. فالسفير الأميركي في تركيا، والمبعوث إلى سوريا، والمكلّف مؤقتاً بالملف اللبناني، أطلق رصاصة الرحمة على وساطته بنفسه، بعد تصريحاتٍ فجّة أثارت موجة قلق واسعة في بيروت. في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونل" الإماراتية، قال براك إن "لبنان بحاجة إلى حلّ مشكلة سلاح حزب الله، وإلا فقد يواجه تهديداً وجودياً"، مضيفاً: "إذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد". أثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة في لبنان، لما تنطوي عليه من تلميحات تمسّ الكيان اللبناني، وتحديداً فكرة "لبنان الكبير" التي جاهد لأجلها قسم من اللبنانيين، كما خلقت التصريحات التباساً لدى أطراف أخرى، وطرحت مجدداً نظرية تلازم المسارات مع سوريا، وكأن الأمر دعوة إلى تسليم لبنان مجدداً إلى دمشق، لكن هذه المرة بـ"رعاية إسلامية" وبمباركة أميركية ضمنية. وزارة الخارجية اللبنانية التزمت الصمت، على ما يبدو لأن المتحدث أميركي، لا إيراني. لكن براك خرج بنفسه ليتراجع خطوة إلى الوراء، مدّعياً أن تصريحاته "أُسيء فهمها"، وأنه كان في صدد الإشادة بـ"الخطوات اللافتة" التي تتخذها دمشق، لا تهديد لبنان. لكن الوقائع قالت العكس. فقد أشارت مصادر أن براك تلقّى "لوماً" من إدارته، خصوصاً بعد دخول الرئاسة الأولى على خط الاعتراض. ويبدو أن واشنطن دفعته إلى إصدار توضيح لاحتواء الموقف. تكيّف براك السريع مع الواقع اللبناني بدا لافتاً. بدا وكأنه "تلبنن" بشكلٍ أسرع من غيره. البعض ينسب ذلك إلى جذوره اللبنانية التي تحرّكت عليه فجأةً. لكن الواضح أن أداءه أثار ريبة داخل الإدارة الأميركية على الرغم من قربه من الرئيس دونالد ترمب، التي لا تبدو عليها علامات الإرتياح من المسار المتبع من جانب مبعوثها، تحديداً لناحية تفرّده أو تمايزه في بعض الخطب أو المواقف عن الخط الأميركي الرسمي المرسوم، وهو ما لا تتسامح معه واشنطن في العادة، ما يعيد إلى الأذهان تجربة مورغان أورتاغوس، التي شكلت مواقفها "الفجة" جزءاً من أسباب إبعادها عن منصبها. هذا الاحتمال أصبح أكثر واقعية بعدما صدر توضيح حازم من المتحدثة باسم البيت الأبيض، تامي بروس، بعد ساعات فقط من تصريحات براك، فنّدت فيه ما قاله لناحية التفريق بما يتعلق بـ"الجناحين العسكري والسياسي" في حزب الله، وأكدت أن "واشنطن لا تميّز بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب، وتعتبره تنظيماً إرهابياً بالكامل". في الخلفية، يتصاعد النزاع داخل الإدارة الأميركية حول الجهة التي يجب أن تدير الملف اللبناني. البيت الأبيض، بقيادة فريق ترمب، يسعى إلى إحكام سيطرته المباشرة عليه. أما وزارة الخارجية، التي جُرّدت من ملفات كبرى في الشرق الأوسط كإيران وفلسطين وسوريا وتركيا، فتسعى لاستعادة نفوذها. براك نفسه ألمح خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت إلى أن مهمته قد تنتهي في أيلول. تحديد هذا التاريخ ليس هامشياً. الوساطة الأميركية وُضعت لها مهلة مؤقتة تمتد بين تموز وآب لمحاولة نيل أجوبة من لبنان حيال مشروعه "حصر السلاح". وقد يكون ذلك مراتبطاً أيضاً بقرب إنتهاء الكونغرس من ورشة منح التفويض إلى جويل رايبورن، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والذي تقع مسؤولية الملف اللبناني ضمن صلاحياته. بناءً على ذلك، يُتوقّع أن يعود براك إلى بيروت قبل نهاية تموز الجاري (أو في آخره) حاملاً الرد الأميركي على رسالة الرد اللبنانية على الرسالة التي سلّمها برّاك بنفسه بتاريخ 19 حزيران الماضي. على الأرجح، ستكون هذه زيارته الأخيرة، وستتخللها جولة سياسية وداعية قبل أن يُعلن رسمياً عن نقل الملف إلى وزارة الخارجية أو إلى مندوب آخر. لكن هذه التحركات تجري على إيقاع تصعيد ميداني يلوح في الأفق. فإسرائيل حددت مهلة تنتهي في أيلول إفساحاً في المجال لتطبيق ما سمّته بيروت "حصر السلاح". وهو التوقيت نفسه الذي حدّدته واشنطن كأقصى مدى للوساطة. وفي هذه الفترة، يتمتع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصلاحيات شبه مطلقة بفضل عطلة الكنيست الصيفية، ما يفتح الباب أمام إعتماد نهج أكثر تشدداً تجاه لبنان معززاً بتحركات أحادية، قد تشمل تصعيدًا عسكرياً لحمل بيروت على إتخاذ مواقف أكثر راديكالية تجاه حزب الله. في المقابل، تسعى تل أبيب لمحاصرة الحزب ميدانياً عبر توجيه ضربة جديدة له، وقد بات الحزب موضوع في صورته، بينما تراهن واشنطن على الاستفادة من هذا المناخ لدفع وساطة جديدة، عبر شخصية أخرى، معتقدةً بأنها في صدد نيل أوراق ربطاً بالتصعيد.