logo
أيام الرعب في السويداء: شهادات عن القتل والسلب والانتهاكات

أيام الرعب في السويداء: شهادات عن القتل والسلب والانتهاكات

شفق نيوزمنذ 2 أيام
أيام طويلة عاشها أهل السويداء هذا الأسبوع وسط اقتتال عنيف بين عشائر البدو والقوات الحكومية من جهة وفصائل درزية مسلحة أسفرت عن مقتل أكثر من 600 شخص ونزوح نحو 2000 عائلة "جرّاء أعمال العنف"، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وتستعد القوات الحكومية لإعادة انتشارها في مدينة السويداء مجدداً، وفقاً لما ذكره المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية يوم الجمعة، وذلك بعد أن أعلنت انسحابها خارج المدينة فجر الخميس، عقب التوصل لاتفاق مع إسرائيل لوقف إطلاق النار بوساطات دولية. وكان الجيش الإسرائيلي قد شن غارات بالطيران الحربي على مبنى قيادة الأركان السورية في دمشق ومحيط القصر الرئاسي وفي مدينتَيْ درعا والسويداء، فيما قال إنه رفض تدخل قوات الحكومة في السويداء وطالب بانسحابها فوراً.
وزادت الانقطاعات في الاتصالات وخدمات الإنترنت من صعوبة التواصل مع السكان المحليين وتحديد ما يجري بدقة. لكن بمجرد وقف القتال يوم الخميس بدأ أهالي المدينة بمشاركة قصص الرعب التي عاشوها على مدار أكثر من 48 ساعة، بعضهم آثروا إخفاء هويتهم الحقيقية خوفاً على سلامتهم.
"أعدموا الشباب مع صيحات الله أكبر"
تسكن مها (اسم مستعار)، في منطقة قريبة من الجهة التي دخلت منها من وصفتهم بالقوات الحكومية، وتقول لبي بي سي إن القوات كانت تقصف من الخارج بقذائف الهاون والصواريخ، قبل أن يدخلوا المدينة "بشكل همجي ووحشي".
وتتابع مها، وهي طالبة جامعية درزية مقيمة في السويداء "سمعنا أصواتهم وهم يدخلون، كانوا يصرخون بصوتٍ عالٍ رافعين الأسلحة، ويضربون الأبواب بعنف ويكسرونها". كانت مها مع أمها في المنزل، تصف لحظات الرعب أثناء دخول مَن قالت إنهم قوات تابعة لوزارتَيْ الداخلية والدفاع، حيث كانوا مقسمين على مجموعات، بحسب وصفها.
وتتابع "أول مجموعة دخلت لم تقتل أحداً، لكنهم سرقوا الهواتف والسيارات والمصوغات والنقود، كانوا يوجهون أسلحتهم باتجاهنا بينما يقومون بالتفتيش، ويسألون إنْ كان هناك شبان مسلحون".
لكنها تتابع أن مجموعة أخرى دخلت البناء المقابل في الحي الذي تسكن فيه، "وأطلقوا الرصاص على البيوت، وأنزلوا الشباب وأعدموهم أمام منازلهم، مع صيحات الله أكبر. كان هناك ترهيب وتخويف للأهالي". تقول مها إنها شاهدتهم "يدخلون إلى منزل جيراننا، يفجرون قذائف هاون ببناء مجاور، كما قتلوا شاباً حاول الوقوف بوجههم، دون أن يتمكن أحد من الوصول إلى جثمانه ليوم ونصف اليوم". وتضيف "لم نشعر بأي لحظة أمان، كانوا يدخلون بهدف أخذ كل ما هو ثمين، وبهدف القتل".
وكانت الاشتباكات اندلعت الأحد في السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزياً وأعقبتها عمليات خطف متبادلة. ومع احتدام المواجهات، تدخّلت القوات الحكومية يوم الاثنين بهدف "فضّ الاشتباكات" بحسب التصريحات الرسمية. لكن بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود وفصائل درزية، تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو، وتخللت الاشتباكات انتهاكات وعمليات إعدام ميدانية لـ83 مدنياً درزياً، بحسب المصدر ذاته.
"خنزير درزي صغير، قتلناه قبل أن يكبر"
كانت لبنى، الطالبة الجامعية من الطائفة الدرزية، في منزل عائلتها بالسويداء عندما دخلت فرقة، قالت إنها من الأمن العام، إلى الحي ورمت المنزل بالرصاص فتكسَّر زجاج الشبابيك والأبواب، على حد وصفها. تتابع أنها هربت مع عائلتها لبيت عمّها، لكنّ شبّاناً آخرين "دخلوا إلى بيت عمّي، أطلقوا النار بين أقدام المتواجدين وهدّدوهم وضربوهم. فتشوا المنزل ولم يتركوا شيئاً دون أذى، أخذوا منا كل شيء، النقود والمصوغات والهواتف" - وتتابع لبنى أن أولاد عمّها كانوا يلبسون الزي الشعبي الدرزي، "حبسوهم بغرفة وضربوهم بشدة وحلقوا شواربهم ورمَوا الحيطان بالرصاص".
تصف لبنى تفاصيل تلك اللحظات الثقيلة، وتقول إن المعتدين "تعمّدوا إهانة الرموز الدينية، أنزلوا علم الطائفة الدرزية من على الحائط، ومزقوا صور الشيوخ وداسوها بأقدامهم ومسحوا أحذيتهم بها" - بعد ذلك "صوّبوا الأسلحة علينا وهدّدونا ووصفونا بالخنازير وسرقوا سياراتنا، لا نستطيع الهروب إلى مكان آخر بدون سيارات، وليس معنا نقود، أو أي شيء".
وانتشرت فيديوهات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر مقاتلين صوروا أنفسهم بينما يقومون بانتهاكات فاضحة أثناء تواجدهم في السويداء بحق مدنيين و شيوخ متقدمين في العمر. وتخللت الفيديوهات مشاهد للاستهزاء من رموز دينية وحَلْق شوارب لشيوخ متقدمين بالعمر. ولم تتحقق بي بي سي من صحة هذه المقاطع المصورة، غير أنها تم تداولها بشكل كثيف.
وأدانت الرئاسة السورية في بيان الأربعاء الانتهاكات التي وقعت في محافظة السويداء في جنوب البلاد، متعهدة بمحاسبة مرتكبيها. وجاء في البيان "إن هذه الأفعال، التي تندرج ضمن السلوكيات الإجرامية وغير القانونية، لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف، وتتنافى تماماً مع المبادئ التي تقوم عليها الدولة السورية". وأضاف البيان أن الحكومة السورية تدين بشدة "هذه الأعمال المشينة"، وتؤكد التزامها التام بالتحقيق في جميع الحوادث المتعلقة بها ومحاسبة كل من ثبت تورطه فيها.
تبكي لبنى وهي تصف كيف قتلوا أولاد عمّها، أحدهم "كان لديه بنية جسدية رياضية قاموا بتمزيق عضلاته وقطعوا أصابعه، بينما خلع أحدهم ملابسه وهدّد باغتصاب ابنة عمّي أمام أطفالها" - تتابع لبنى أن الأمر لم ينتهِ هنا، فبعد ذلك بوقت قصير جاءت فرقة ثانية إلى منزل عمّها الآخر "قتلوا ابنه العشريني وسحلوه وهم يرددون: هذا خنزير درزي صغير قتلناه قبل أن يكبر". دَفَن عمُّها ابنَه بحديقة جانب البيت، فيما فقدوا الاتصال بعمّها الآخر وابنه المصاب بعد أن أخذوهما، على حد قولها.
"لا أستطيع وصف حالتنا النفسية" تتابع لبنى بصوت مرتجف - "لم يدخلوا لأجل حمايتنا، أخذوا كل شيء، حرقوا منازل ومحلات، شهدنا فظاعة غير منطقية".
"نحن نعيش تكراراً لما حصل في الساحل"
حسب من تحدثنا إليهم، فإن العديد من تفاصيل الأحداث الأخيرة تُشبه إلى حد كبير الانتهاكات التي وُثّقت بحق أبناء الطائفة العلوية خلال أحداث الساحل في مطلع شهر آذار/مارس. وفي حين تسعى الحكومة السورية الجديدة، التي شُكّلت في 29 مارس/آذار 2025، إلى نزع سلاح الميليشيات الفصائلية وكسب ثقة مختلف الطوائف العرقية والدينية، إلا أن العديد من الأقليات - بما في ذلك الدروز - يشككون في نوايا الحكومة، رغم تعهداتها بحمايتهم. وحتى الآن، ظلت محافظة السويداء الجنوبية خاضعة إلى حد كبير لسيطرة الفصائل الدرزية التي قاومت دعوات الانضمام إلى قوات الأمن.
وكان رئيس السلطة الانتقالية أحمد الشرع قد أعلن في كلمة مسجلة للسوريين، فجر الخميس، تكليف "فصائل مَحليّة" ورجال دين دروز "مسؤولية حفظ الأمن في السويداء"، موضحاً أن "هذا القرار نابع من إدراكنا العميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية وتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة".
وتصف نور (اسم مستعار)، الشابة الدرزية المقيمة في ريف السويداء الوضع بـ"المأساوي" وتتابع "نحن نعيش تكراراً لما حصل في الساحل، ذات المجازر وذات الانتهاكات والتصرفات".
وتشير نور إلى أن عائلات عدة نزحت من مناطق الاقتتال إلى قريتها بعد أن فقدت بيوتها وأرزاقها وأوراقها الثبوتية، مع وجود "نقص حاد بالمستلزمات الأساسية والغذاء وحليب وحفاضات الأطفال" - كما أن المنطقة تعاني من ضعف شديد بالاتصالات والإنترنت وانقطاع للكهرباء والمياه.
"عائلات بأكملها أُبيدت"
كانت هاديا فيصل المقيمة في أوروبا منذ 15 سنة تعيش لحظات طويلة من القلق والتوتر إزاء ما يجري في مدينتها خاصة مع صعوبة التواصل مع عائلتها في كثير من الأحيان.
شاركتنا هاديا، التي تنتمي أيضاً للطائفة الدرزية، مشاهدات أهلها وأقاربها من السويداء التي دخلتها جماعات مسلحة، تقول: "كان مظهر بعضهم يوحي بأنهم من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والبعض الآخر غير معروفين، لكنهم جميعاً دخلوا تحت صفة الأمن العام"، على حد تعبيرها.
وتتابع هاديا أنهم بدؤوا منذ منتصف ليل الاثنين "بضرب قذائف هاون وأسلحة ثقيلة ومتوسطة، وفي الصباح دخلوا إلى المدينة وبدؤوا ينفّذون إعدامات ميدانية وعمليات سرقة لبيوت المدنيين وسياراتهم". فقدت هاديا صديقتها منال، التي اختُطفت مع زوجها وابنها، قبل أن يتم العثور عليهم مقتولين برصاص في الرأس - في منطقة قريبة من مكان اختطافهم.
أما مايا (اسم مستعار) من مدينة شهبا، فقالت إن زوجة أخيها وأطفالها كانوا في زيارة لأهلها في السويداء عند حصول الهجوم. وأمضت الليلتين الماضيتين مختبئة بغرفة في منزل بعد أن دخلت مَن تقول إنها قوات حكومية إلى بيت عمّ الزوجة، وهناك "أخذوا كامل العائلة مع حفيدتهم الصغيرة وصادروا هواتف الجميع، ولا يزال مصيرهم مجهولاً".
توضح مايا أن انقطاع الكهرباء والإنترنت والاتصالات الأرضية جعل التواصل في غاية الصعوبة، مشيرةً إلى أن معظم ما نُقل عبر القنوات الإعلامية السورية عن الوضع الميداني كان غير دقيق. وتضيف أنه "بعد انسحاب القوات الحكومية بدأ أهل المنطقة بتنظيف الشوارع والتعرف على الجثث، وتفقد الشهداء".
وكانت السلطات السورية سحبت قواتها العسكرية من مدينة السويداء وكافة أنحاء المحافظة مساء أمس، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسيّة.
وأفاد رئيس تحرير شبكة (السويداء 24) ريان معروف، بُعيد جولة في مدينة السويداء، بأنها "بدت خالية من القوات الحكومية، لكن الوضع كارثي مع وجود جثث في الشوارع".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحوار هوَ الحلُ الأوحد – بغداد- كوردستانْ-
الحوار هوَ الحلُ الأوحد – بغداد- كوردستانْ-

موقع كتابات

timeمنذ 3 ساعات

  • موقع كتابات

الحوار هوَ الحلُ الأوحد – بغداد- كوردستانْ-

قالَ الله- سبحانهُ وتعالى- في كتابهِ الكريمِ ( وإذْ قالَ ربكَ للملائكةِ إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة، قالوا أتجعلُ فيها منْ يفسدُ فيها، ويسفكُ الدماءَ ونحنُ نسبحُ بحمدكَ ونقدسُ لك، قالَ إني أعلمُ ما لا تعلمون) البقرة: 30. منْ خلالِ هذهِ الآيةِ الكريمةِ نبدأُ مقالنا، فنرى الله- سبحانهُ وتعالى- ربُ السماواتِ والأرض، يتحاورَ معَ الملائكةِ في موضوعِ خلقِ البشرية، وهوَ الخالقُ للملائكة، ما هذا الكرمِ والدرسِ الإلهي، ونحنُ البشرِ في أيِ اختلافٍ بسيط، نسلطُ لساننا، وأحيانا، نرفعُ سلاحنا بوجهٍ منْ نختلفُ معهمْ في الرؤى والأفكارِ، رغمَ تعايشنا المشتركِ في السنينَ منْ الزمن. يعدْ الحوارُ في التعاملِ من خلال تبادلِ الرؤى والأفكارِ بينَ الأطرافِ المختلفةِ أشخاصا أمْ دولا، وصولاً إلى اتفاقٍ مشترك، وعادةُ ما يتطلب بعضُ العواملِ الأساسية للنجاح، تتمثل في : الاستماعُ الفعالُ إلى الطرفِ الثاني، الاحترامُ المتبادل، عدمُ التسرعِ في اتخاذِ الجوابِ للطرفِ الآخر، والقدرةُ على التعبيرِ عما يدورُ في خاطرِ المتحاورين. منذُ سقوطِ الدولةِ العثمانيةِ في بدايةِ القرنِ التاسعِ عشر، وتوزيعَ أراضيها بعد اتفاقيةِ سايكسْ – بيكو عامُ 1916 على دولِ الحلفاء، التي شاركتْ في إسقاطها، وكانَ عراقنا منْ حصةِ المملكةِ المتحدةِ أوْ ما يسمى بريطانيا العظمى، فقدْ وجدَ أجدادنا القاطنون في هذهِ الأرضِ المباركة، أنفسهمْ في دولةٍ جديدةٍ اسمها العراقَ تحتَ الانتدابِ البريطاني، ثم، تحولتْ إلى مملكة ثم جمهورية الى دولةٍ مستقلةٍ ، بعد صراعاتٍ ودماء أزهت فوق ترابها،، لتضمَ في أكنافها: قومياتِ وطوائفَ وأديان ومذاهبَ مختلفة، يقودها الجميعُ بهدوءَ واتفاقِ فيما بينهمْ ، ولمْ نسمعْ مفردةٌ (محاصصةٌ ) ، واستمروا على هذه الشاكلة لعقودٍ منْ الزمنِ ، فقدْ اختلفوا ، تصالحوا تقاتلوا، لكنَ بقي العراق، وبقي من يحمل جنسيتها (الجنسيةُ العراقية). بعدُ العامِ 2003 وما حصلَ فيهِ منْ تغييرٍ للنظامِ السياسي، وإقرارَ دستورٍ جديدٍ في العامِ 2005، بدأَ أهلَ العراقِ عامةً وإقليمَ كوردستانْ خاصةً يتنفسونَ الصعداءمن الديكنانورية المقيتة التي كانت راقدة على صدورهم لعقود من الزمن، وكان لكلِ طرفِ أحلامهِ وأمنياتهِ في البناءِ والاستقرار، وهذا لا يمكنُ أنْ يتتحقْ في يومِ وضحاها، فالطريقُ طويلٌ تتخللهُ الأشواكُ والعقاربُ والأسلاكُ الشائكة، فيهِ التخلفُ والعقولُ المتشددةُ والعاداتُ الباليةُ وفيها. . .! وما أكثرها، قبلَ الوصولِ إلى برِ الأمانِ وبناءِ الدولةِ الجديدة. بينَ الحينِ والآخرِ تطفو على سطحِ تجربة الديمقراطيةِ الجديدة، خلافاتُ ووجهاتُ نظرٍ مختلفةٍ بينَ الحكومةِ الاتحاديةِ والإقليم، بسببَ حداثة هذه التجربةِ ، واختلاف تفسيرَالنصوص الدستورية كلَ طرفِ لصالحه، التي تتعلقَ في الجوانبِ السياسيةِ أوْ الاقتصاديةِ أوْ الماليةِ أوْ الأمنية. إن الحوارَ والانفتاح؛ يكون شعارَ النجاحِ لكلا الطرفين، والطريقُ الأوحدُ إلى المستقبل الذي نبتغيهُ لشعوبنا، وليسَ كراسيَ الحكمِ الزائلة، وما أكثرها في التاريخِ القديمِ والحديث، فالشعوبُ هيَ الباقية، وجالسي الكراسيّ يتغيروا، مثلما يقولُ المثلُ السائدُ (كرسيُ الحلاقْ ) ، فالمتشمت، والحاسدُ لوحدةِ العراقِ يدفعُ للمنفذِ والمتسلطِ والحاكمِ الضعيفِ منْ المالِ وفقَ سعرِ السوقِ السائدِ له، منْ أجلِ تهديمِ التجربةِ الديمقراطيةِ الجديدةِ وزرعِ الفتنةِ بينَ الشعبِ الواحد، فلا يوجدُ صديقٌ دائمٌ في علمِ السياسة، ولا مستعمر باقٍ في أرضِ دولةٍ محتلةٍ في علمِ التاريخ، ولا حليف وافٍ لوعودهِ في علمِ الأخلاق. لقدْ بنيتْ وأنشأتْ الحياةُ على المصالحِ فقط، وارتكنتْ المبادئ جانبا، فليفكرْ الجميعُ وأولهمْ المسؤولُ التنفيذيُ وصاحبُ القرار، بعقلٍ متنورٍ في مصيرِ شعبه. وليسَ ما يتجمعُ في جعبتهِ منْ مالٍ ليكنزها في أحدِ البنوكِ السويسريةِ إلى يومِ الحسابِ أمامَ القاضي الأوحد، وليتذكرَ تاريخُ الحكامِ السابقينَ في بلدنا والآخرين، مما كانوا سلاطينَ زمانهمْ في الترفيهِ والتبذيرِ والتسلطِ والعبوديةِ والقتل، فقدْ تحولوا وعوائلهمْ بقدرةِ قادرٍ إلى متسولينَ في بقاعِ الأرض. هذا هوَ الدرسُ الكبيرُ الذي يجبُ أنْ نستقادْ منهُ منْ الحياة. نقول: لأهلِ العراقِ في إقليمنا العزيز: الشعبُ الذي ظلمهُ التاريخُ والمستعمر؛ لتجعلواَ قبلتكمْ الثانيةَ في الحياةِ بعدَ مكةَ المكرمة، ساحةُ التحريرِ في (بغداد) فقطْ لأغيرها، لا برجَ إيفلْ في باريس، ولا نصبَ الحريةِ في نيويورك، أنَ التجارب، قدْ أثبتتْ أنَ الأجنبي في دعمه للآخرين، باسمِ الحريةِ والديمقراطية وحقوقِ الإنسانِ ، يهدف الى الفتنةُ وتفتيتُ الوحدةِ الوطنية، مهما كانَ الدعم الظاهري والإعلامي، فهمٌ يتخلونَ حتى عنْ أبنائهم، أنْ تعارضتْ مصالحهم، والتاريخُ يشهدُ على ذلك: في شاهِ إيران، وفيتنام وكمبوديا وأفغانستان، واليومُ وما يحصلُ في سوريا وتركيا.

جريمة الكوت ستنسى ..والفساد سيبقى !!
جريمة الكوت ستنسى ..والفساد سيبقى !!

موقع كتابات

timeمنذ 3 ساعات

  • موقع كتابات

جريمة الكوت ستنسى ..والفساد سيبقى !!

كالعادة ستدمى قلوبنا وتحرق الدموع أعيننا على فاجعة شواء الاجساد العراقية في مول الكوت ..الفاجعة الجريمة الأكبر من الكلمات والتعازي والتعاطف والنحيب ..جريمة ستسّطر في الذاكرة العراقية في صفحات تأريخها كشاهدة رأت كل شيء وسجّلت كل شيء وقالت : جريمة بإمضاء الفساد ومخرجاته ..! الجرائم المشابهة التي سبقتها على جغرافية هذا البلاد تشير الى المجرم الفاعل ومن يقف وراءه ويغذيه ويعلّي بنيانه حتى اللحظات الأكثر قساوة وفجائعية ونحن نشم رائحة شواء الاجساد التي كانت تبحث عن نسيم بارد أو فرحة بريئة .. جريمة بإمضاء الفساد ومخرجاته .. دون أي تردد أو تحليل ومواربة وتبريرات … الفساد وراء كل شيء وخلف كل شيء وحول كل شيء.. انه يلتهم البلاد بحاضرها ومستقبلها برعاية طبقة سياسية فاسدة وفاشلة تتفرج على حرائق البلاد والعباد ، بل وتشعل الشرارات التي تحرق سهولنا واحبتنا واحلامنا ، طبقة لاتخجل من جرائمها وحرائقها التي تبررها ، بكل فقدان الضمير ، مرّة بالتماس الكهربائي ومرّة بأقدار الله وتمر مرور الكرام على قواعد لعبة الفساد الجهنمية في البلاد ! لانريد أن ننسى ..لكننا للأسف سننسى لوحة وجع الاحتراق والمناظر الأكثر وجعاً وفجائعية ، لجريمة الكوت والجرائم التي سبقتها بفاعل الفساد ..المجرم المعلوم والمصان بجوقة من الفاسدين يمثلون النظام السياسي الذين يعترفون ويقّرون بالمستنقع الذي يخوضون فيه ويحرقوننا فيه !

على خطى الإمام الحسين مسؤولية الأمة في كسر القيود وإصلاح البلاد
على خطى الإمام الحسين مسؤولية الأمة في كسر القيود وإصلاح البلاد

موقع كتابات

timeمنذ 3 ساعات

  • موقع كتابات

على خطى الإمام الحسين مسؤولية الأمة في كسر القيود وإصلاح البلاد

من هذا الخطاب الموجه لجيش يزيد نتعلم منه منهج ثوري رافض للذل والهوان تلك الكلمات نبراس للثوار وطريق لكل ثورة ولايمكن ان تنصر الثورة بدون دماء ترسم مسارها. فقال الإمام الحسين عليه السلام مايلي . أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي وحتى أعذر إليكم فإن أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطوني فاجمعوا أمركم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين بهذه الكلمات بدأ الحسين عليه السلام خطابه الثوري في يوم عاشوراء لم يكن يخاطبهم فقط كعدو إنما كان يخاطب أمةً خانت نفسها قبل أن تخونه أمة فقدت البوصلة وباعت الضمير وسارت خلف سلطة عمياء ومال ملوّث وقيادة لا تعرف من الإسلام إلا اسمه أيها الناس انسبوني فانظروا من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فهل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم أليس حمزة سيد الشهداء عمي أليس جعفر الطيار عمي ألم يبلغكم قول رسول الله فيَّ وفي أخي هذان سيدا شباب أهل الجنة كان الحسين عليه السلام يعلم أنه يسير إلى الموت لكنه لم يكن يسعى لانتصار ميداني بل كان يحمل مشروع إصلاح حقيقي كان يريد أن يزرع في ضمير الأمة بذرة وعي تحرّكها من جديد بعد أن ركدت في مستنقع الخضوع والاستسلام كان يريد أن يوقظ ما تبقى من روح الإسلام الذي حوّله بنو أمية إلى ملك يتوارثونه وسيف يذبح به كل من يقول لا إن ثورته لم تكن صرخة غضب آنية بل كانت صرخة تاريخ وضمير صرخة ترسم لكل الأحرار في العالم خريطة طريق مفادها أن العزة لا تُشترى وأن الدم حين يُسفك في سبيل الكرامة يتحوّل إلى منارة لا تنطفئ ومشعل لا يُطفأ وصوت لا يسكت يا شبث بن ربعي يا حجار بن أبجر يا قيس بن الأشعث يا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار واخضر الجناب وأنك إنما تقدم على جند لك مجند خطابه لم يكن فقط تذكيراً بالنسب أو كشفاً للخيانة بل كان درساً لكل ثائر لا يركن إلى وعود المتلونين ولا يصدّق عهود من باعوا أنفسهم أكثر من مرة في سوق النفاق السياسي لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد بهذه الكلمات أعلن الحسين عن جوهر نهضته الحرية أو الشهادة الكرامة أو الفناء لكن ليس الذل أبداً الثورة في قاموس الحسين ليست نزوة غضب وليست ردة فعل بل هي موقف أخلاقي ووعي إيماني ومسؤولية تاريخية يا عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب هكذا يُعلمنا الحسين أن الثورة لا تكون صادقة ما لم تستند إلى الله وما لم يكن صاحبها مؤمناً باليوم الآخر لأن من لا يؤمن بيوم الحساب لا يتردد في أن يبيع الأرض والعرض والدين من أجل دنياه انها ليست خطبة تاريخية بل صرخة ممتدة في الزمن تتجاوز كربلاء وتتجاوز كوفة الأمس لتصل إلى كل مدينة تظلم وكل وطن يُستعبد وكل شعب يُخدع كل من أراد أن يثور على الظلم عليه أن يبدأ من هنا من حيث وقف الحسين عليه السلام على تراب كربلاء يواجه أمة صماء بلسان الحق وقلب الإيمان وسيف العزة من أراد إصلاح الأمة فليقرأ خطبة عاشوراء ومن أراد الكرامة فليحمل روح الحسين في خطابه ومن أراد الثورة فليعلم أن أول شروطها أن لا يعطي بيده إعطاء الذليل ولا يفر فرار العبيد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store