logo
رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة

رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة

سعورس١٨-٠٤-٢٠٢٥

وقد تبدو سياسة ترمب الجمركية حاسمة وشجاعة في ظاهرها، لكنها تفتقر إلى ثبات الاستراتيجية ووضوح الأهداف. وبينما يُراهن على أنها ستُعيد الهيبة التجارية لأمريكا ، فإن الكلفة السياسية والاقتصادية قد تُجبره على تراجع اضطراري قد يكون قاسيًا.
فيما يلي خمس نقاط رئيسية لفهم سياسة ترمب الجمركية الجديدة:
أولًا: صدمة تاريخية على الاقتصاد العالمي
يسعى ترمب لإعادة رسم خريطة التجارة العالمية من خلال فرض تعريفات جمركية تفوق تلك التي طُبقت في قانون سموت-هاولي عام 1930، والتي أسهمت في تعميق الكساد الكبير. لكن هذه الرسوم ليست عبئًا على الدول المستهدفة فقط، بل هي ضرائب يدفعها المستورد الأمريكي مباشرة، ما ينعكس على أسعار المستهلكين ويدفع الاقتصاد الأمريكي نحو تباطؤ محتمل.
ثانيًا: البداية فقط في مسلسل التصعيد
وشهدت الأسواق رد فعل عنيف، مع تراجع ناسداك بنسبة 6% وستاندرد آند بورز بنسبة 5%. ولكن هذه بداية فقط، إذ من المتوقع أن ترد دول كبرى مثل الصين ، التي فرضت بالفعل تعريفة ب34% على الواردات الأمريكية. ووسط مخاوف من ركود عالمي، تتجه هذه الإجراءات إلى مواجهة شاملة قد تطال قطاعات عدة.
ثالثًا: لا وجود لمعادلة «المعاملة بالمثل»
ورغم خطاب ترمب حول «المعاملة بالمثل»، فإن واقع التعريفات التي فرضها لا يعكس هذا المفهوم. فالتعريفات تعتمد على حجم العجز التجاري بغض النظر عن سياسات الطرف الآخر.
رابعًا: الهدف غامض... المفاوضة أم الهيمنة؟
وطرح ترمب في البداية، الرسوم كأداة لتحفيز التصنيع الأمريكي وخلق وظائف، مؤكدًا أنها «ليست للمفاوضة». لكن في نفس اليوم، ألمح إلى إمكانية التراجع عنها ضمن صفقات تفاوضية. وهذا التناقض يُربك المستثمرين، ويطرح تساؤلات عن غياب استراتيجية واضحة وراء هذا التصعيد الجمركي.
خامسًا: شرعية دستورية محل جدل
واستند ترمب إلى «قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة» لعام 1977، رغم أن هذا القانون لم يُصمم لمنح الرئيس صلاحية فرض ضرائب جمركية دائمة. وهذا يُمهّد لطعون قضائية قد تصل للمحكمة العليا، مما يهدد استمرارية هذه السياسات قانونيًا.
سيناريوهات التراجع
ورغم ثقة ترمب الظاهرة، فإن التاريخ والسياسة المالية الأمريكية يُلمّحان إلى عدة دوافع قد تدفعه للتراجع:
• ضغط الأسواق المالية: الخسائر الهائلة في الأسهم تعني تبخر تريليونات من ثروات الأسر الأمريكية ، ما قد يحرج ترمب سياسيًا ويدفعه للعدول عن قراراته لحماية الاقتصاد الداخلي.
• الركود التضخمي: ارتفاع الأسعار وانكماش الأسواق سيضع الفيدرالي في مأزق، ويؤجل خفض أسعار الفائدة، مما يؤثر سلبًا على القوة الشرائية ويهدد بركود مزدوج.
• ردود الفعل الدولية: العقوبات الانتقامية من الصين والاتحاد الأوروبي وكندا قد تصيب قلب الزراعة الأمريكية ، ما يُثير سخطًا في ولايات حاسمة انتخابيًا لترمب.
• الضغوط القانونية: التحديات القضائية المحتملة قد تُعلّق أو تُلغي بعض الإجراءات، وتُحاصر ترمب سياسيًا وتشريعيًا.
• تصحيح شعبي وانتخابي: إذا ما تزامن تصعيد الرسوم مع تراجع شعبي في الاستطلاعات، فقد يلجأ ترمب إلى تقليل حدّتها في محاولة لاستعادة التوازن قبل الانتخابات.
5 نقاط لفهم سياسة ترمب الجمركية الجديدة
1. صدمة اقتصادية عالمية
رسوم ترمب هي الأعلى منذ 100 عام، وتؤدي لرفع الأسعار داخل أمريكا ، ما يهدد بتباطؤ اقتصادي حاد.
2. البداية فقط... والأسوأ قادم
ردود الفعل العنيفة في الأسواق مجرد بداية. ودول كبرى بدأت بالرد، ما ينذر بركود عالمي وتصعيد تجاري طويل.
3. لا «معاملة بالمثل» حقيقية
ترمب يفرض الرسوم بناءً على العجز التجاري لا على سياسات الدول، مما يجعلها غير عادلة أو متوازنة.
4. الهدف غير واضح
هل هي أداة تفاوض؟ أم وسيلة لعودة التصنيع؟ التناقض في التصريحات يزيد من غموض الرؤية.
5. شرعية قانونية موضع شك
الرسوم استُند فيها إلى قانون طوارئ لا يُخول فرض ضرائب دائمة، ما قد يعرضها للطعن القضائي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الـ"تريند السياسي"... هل هو جديد "قصف العقول"؟
الـ"تريند السياسي"... هل هو جديد "قصف العقول"؟

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

الـ"تريند السياسي"... هل هو جديد "قصف العقول"؟

على طريقة "الأكثر رواجاً" يبدو بعض قادة العالم مهووسين بتصدر الـ"تريند"، يبتكرون "ميمز"، ويصنعون صوراً بالذكاء الاصطناعي، ويتحدثون عن كواليس قضايا كبرى من واقع ما يجري في الغرف المغلقة، مستبقين الأحداث كي يقودوا هم محركات البحث، والأمر لا يخلو من الفيديوهات الساخرة، والتصريحات التي لا نعرف إن كانت هزلية أم جادة. وأبرز هؤلاء دونالد ترمب الذي يطلق منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية تصريحاً يبدو غريباً، وهو حتى إن تراجع عنه فإنه سيكون قد حقق مراده وتربع به على عرش "الأكثر تداولاً". ربما يتبع ترمب وغيره تعليمات ونصائح تتعلق بمخاطبة الجماهير، بخاصة أنصاره الذين يحتفون بكل ما يصدر عنه، ومثله زعماء آخرون في مناصب سياسية متباينة، لكن غالبيتهم يبدو أنهم لا يزالون متأثرين بكتاب "سيكولوجية الجماهير" للمفكر الفرنسي غوستاف لوبون على رغم مرور 130 عاماً على إصداره، إذ إن بعض ما جاء فيه لا يزال صالحاً للتطبيق ـ بالنسبة إلى بعضهم ـ حتى في عصر الـ"سوشيال ميديا"، لكن الأمر ينفلت في مواضع كثيرة لا سيما في ظل وجود وسيط هائج مثل مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتحول السياسة شيئاً فشيئاً إلى عرض مستمر للثرثرة والبوح بلا سقف، بعدما كانت مهنة الأسرار والحكمة والاقتصاد في الكلام. اتهامات وهواجس من أبرز ما يقر به كتاب لوبون، الذي يعتبر من أوائل الأعمال التي حللت سلوك الجماهير وتعمقت في ما يسمى علم النفس السياسي، أن الجماهير سريعة التأثر والانفعال وتميل لتبني الإشاعات المبالغ فيها وليس الحقائق، وتنجذب إلى الصور الرمزية والشعارات العاطفية، والتكرار دوماً يجدي نفعاً معها. ومن ضمن ما جاء فيه أيضاً من طريقة إرشادية لتعامل القادة مع الجمهور أن "تكرار الفكرة يجعلها مقبولة كحقيقة مهما كان سخفها". وبتفنيد سلوكيات بعض السياسيين سنجدهم يتبنون هذا النهج بحذافيره، فمن أبرز ما صرح به دونالد ترمب منذ وصوله إلى البيت الأبيض في ولايته الأولى على سبيل المثال، ما أدلى به في مارس (آذار) 2017 عما سماه "أوباما غيت"، مدعياً أن الرئيس الأميركي السابق تجسس على مكالماته الهاتفية، من دون أي دليل، وقد فاز ببلبلة كبرى، وسبب فوضى عارمة، فيما التحقيقات لم تثبت شيئاً، كذلك فإن اتهاماً هائلاً بهذا الحجم لم يكن ليخرج من رئيس دولة أبداً بلا دلائل ومن دون أن يفكر ملياً في الطريقة التي سيعلن بها عن الأمر، فهو يكيل الاتهامات ويدلي بتصريحات وكأنها هواجس يفكر بها، وبدلاً من أن يسرها في نفسه يختار أن يطلقها في العلن، وهو إلى جانب كثر في إدارته الأولى والثانية يعتمدون على العبارات المختصرة التي تبدو رنانة وتصلح كمقاطع قصيرة تُتداول ويُبنى عليها من قبل مرتادي مواقع مثل "تيك توك" وغيره، حيث التدقيق والتريث بعيدان تماماً من هذا العالم. يقول المحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، المتخصص في الإعلام الرقمي والتسويق، فادي رمزي، إن أنماط الجمهور تتغير بصورة سريعة، وفي عالم السياسة لم يعد موقع "إكس" هو الأكثر تفضيلاً مثلما كان في وقت سابق، فقد دخل "تيك توك" بقوة وأصبح الانتشار عليه هدفاً مهماً للسياسيين ووسائل الإعلام الرسمية، إذ يتطلب نمط محتوى مختلفاً يعتمد على الدعابة والفيديوهات الخفيفة، لهذا يحاول العاملون في هذا الحقل مجاراته بكل الطرق التي قد تضرهم على المدى البعيد. ويضيف أن "دخول الأجيال الأصغر سناً المعترك السياسي جعل المتنافسين يتصارعون للفوز بأصواتهم، ولهذا فإن أساليب التأثير فيهم تتطور بسرعة فائقة". ويتابع رمزي "ترمب أيضاً في ولايته الثانية ركز بصورة أساسية على الأمور الاقتصادية، وتحدث مراراً عن فرض ضرائب باهظة على الدول التي تورد لبلاده كل السلع تقريباً، واهتزت الأسواق بين يوم وليلة وانهارت البورصات، لكنه ظل يشدد على قراراته، ثم بعد وقت قصير تراجع جزئياً أو كلياً، ثم بدأت الفكرة في التلاشي، وكلما كان في حاجة إلى (تريند) جديد استدعاها مجدداً"، ويستطرد "كذلك في مسألة غزة اعتمد ترمب التكرار، وعلى رغم حساسية التناول وصدامية المقترح بتحويل غزة إلى منتجع وتهجير أهلها، فإنه كان يسوقه كأنه أمر واقعي سيمر بسهولة، هذه الخطة التي قالها بشكل مباشر جرت العادة أن ينتقي السياسيون الأكثر رزانة أساليب أخرى في عرضها، إذ يمهدون أولاً للأمر بشكل غير مباشر، ثم يسربون معلومة هنا وأخرى هناك، ولكن ترمب هو من يتولى المهام كأنه يختبر ردود الفعل". بالطبع القضايا كبيرة، ولا تُدار بالمصادفة، ولا يمكن اختصارها في بضعة تصريحات، ولكن الأسلوب الذي يختاره ترمب يعتمد على الرغبة في "الفرقعة" والانتشار أولاً، ثم تأتي التفاصيل الكبرى في ما بعد، إذ ينجح في إثارة الجدل وما هو أكبر من الجدل، ويربح الـ"تريند" أياماً وأسابيع، مفضلاً أن يستأثر هو بالاهتمام ويستحوذ عليه ولا يترك شيئاً تقريباً لأفراد المكتب الإعلامي للبيت الأبيض، الشيء نفسه حينما تبنى صورته بملابس البابا، على رغم الصدى السلبي والاستياء الذي خلفته هذه الصورة، إذ نصب نفسه كبابا افتراضي للفاتيكان عقب وفاة فرنسيس، وهو يفضل دوماً أن ينعم بالألقاب الكبرى بما يتماشى مع شعار حملته "سنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". طموحات وسطوة يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية والأمن القومي، زميل الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، رامي عاشور، أن كل ما يفعله ترمب سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية، موجه بصورة مباشرة إلى الناخب الأميركي، وأسلوبه في إدارة هذه المرحلة من ولايته يصب تماماً لمصلحة شعاره الشهير المتعلق بعودة عظيمة للولايات المتحدة. ويضيف "هذا الأسلوب المعتمد على التصريحات المثيرة للجدل، حتى لو لم تكن مؤكدة، وحتى لو كانت مجرد انطباعات، يهدف إلى اللعب على الجماهير لا أكثر، فالسياسات والمواقف والرؤية الترمبية لها خصائصها التي تبحث عن السطوة الاقتصادية والسياسية والجماهيرية أيضاً، لذا فإن طريقته في التواصل الإعلامي تتبع هذا النهج الذي قد يجده بعض المتابعين صادماً". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويشير عاشور إلى أن "هناك بعض القرارات التي من المستحيل تنفيذها على أرض الواقع، ولكن ترمب يطلقها ليجذب الاهتمام، ثم في ما بعد يمكنه أن يتراجع عنها لأسباب قانونية أو غيره، لأن طموحاته مقيدة بفعل أمور كثيرة، لهذا فهو يعلن عنها بصفته الشخصية ليحقق منها ما يريد". لكن المبالغة في تبني هذه الأساليب يمكن أن تخصم من رصيد الصدقية بسهولة، وتعبث بالصور الذهنية الراسخة، ويمكن أن تربك الناخب، مثلما فعلت عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري مارغوري تايلور غرين حتى وقت قريب، إذ كانت تتبنى مجموعة من نظريات المؤامرة البعيدة كل البعد من المنطق، وبينها أن حرائق الغابات التي تنتشر في الولايات المتحدة من حين لآخر هي نتاج شعاع ليزر يهوي من الفضاء، كما دعت صراحة إلى قتل رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي برصاصة في الرأس لاختلافها مع أفكارها. فكيف تحول فن الدبلوماسية، المرادف للرزانة والدقة والثقة والصدقية، إلى لعبة للتنافس على السخرية والإضحاك والسبق غير المدروس الذي يشغل العالم أياماً وليالي، ثم يتضح أن الأمر كان مجرد "اقتراح" أو "مزحة" أو "توقع" أو أفكار بصوت عالٍ، هل باتت علوم السياسة في حاجة إلى تحديثات جديدة تتماشى مع نمط "الزعيم الإنفلونسر"؟ دبلوماسية المسار الثاني يصف المتخصص في مجال العلوم السياسية رامي عاشور هذه الطريقة التي تميل إلى التسويق أكثر منها إلى السياسة التقليدية، بأنها يمكن أن تصنف ضمن أنواع دبلوماسية المسار الثاني، لافتاً إلى أنها "أداة سياسية ضمن أدوات القوة الناعمة، إذ يتباين استخدامها بصورة كبيرة، وتتطور بصورة ملحوظة. ووفق أدبيات السياسة فإن دبلوماسية المسار الثاني تشير إلى الحوار غير الرسمي وأنشطة حل المشكلات بين الأفراد أو الجماعات، ويتيح هذا النهج بحسب التعريفات المعمول بها إتاحة الفرصة لإجراء مناقشات مفتوحة من دون قيود المفاوضات الرسمية، مما يسهل بناء جسور ودية وتعزيز الثقة. طريقة "الفرقعة السياسية" تنسحب أيضاً على زعماء ومسؤولين سياسيين في مناصب شديدة الحساسية، وبينهم الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الذي عرف بأسلوبه الذي يشكك في الحقائق العلمية والبيئية ويطلق نصائح لا سند لها، إذ كان يتصدر محركات البحث بينما يسهم في تشويه صورة إدارته بطريقته غير المفهومة ولا المسؤولة. كذلك لم يختلف عنه كثيراً الرئيس الفيليبيني السابق رودريغو دوتيرتي، وأيضاً تحول نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي، رئيس الوزراء سابقاً، ديميتري ميدفيديف، إلى أحد نجوم السياسة الذين يشعلون مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم وآخر بتغريدة معادية تماماً للدبلوماسية، إذ يطلق تهديدات ومقولات هنا وهناك من دون أن يحاول التحقق مما يدلي به، بل عادة يلقي ما لديه ثم يستمتع بعاصفة الردود التي لا تتوقف. كذلك لم يكن أحد يتوقع أن ينقاد وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف وراء تلك الحال، وأن ينشر فيديو في خضم الصراع العسكري بين بلاده والهند يسخر فيه من أعدائه، حين لجأ لنشر مشهد تمثيلي يعتمد على المبالغة، والرسالة المقصودة كانت هي التقليل من شأن الهند، اعتماداً على الصورة السينمائية النمطية وهي أنهم يعيشون في عالم غير واقعي وقوتهم مفتعلة، فقد كان مجمل المشهد أن الباكستانيين قادرون على هزيمة الهنود بأقل جهد. وهو هنا اعتمد على تكنيك كان قاصراً على من هم بعيدون كل البعد من دوائر صنع القرار ولا سيما في الأمور العسكرية، إذ تضمنت الرسالة إثارة الجدل ونشر رأي متطرف بصورة معلنة في توقيت شديد الحساسية، فالجيش الهندي هو الرابع عالمياً من جهة القوة في بلد تعداده يقترب من المليار ونصف المليار نسمة، لكن ما فعله آصف حقق التأثير المتوقع، إذ انتشرت تغريدته بصورة موسعة عبر العالم، وصادفت هوى الجماهير الهندية، وتصدر الـ"تريند" ببساطة، إنها طريقة الحرب النفسية والحرب على "الأكثر مشاهدة" و"الأكثر تداولاً". الصدقية تتلاشى استخدام الـ"سوشيال ميديا" في الترويج لمواقف الدول وقراراتها وتوجهاتها أمر معتاد، فهي في النهاية وسيلة أساسية لإيصال الرسالة للجماهير، وقد تكون أكثر تأثيراً من طرق الإعلام التقليدية، لا سيما للفئات الأقل رغبة في القراءة الطويلة، وبالطبع هناك أساليب وطرق مختلفة للتعامل مع هذه المنصات بما يتوافق مع طبيعتها، لكنها عادة لا تخرج عن المألوف. لكن الأعوام الأخيرة شهدت تحولاً كبيراً في إدارات حسابات مواقع التواصل لبعض كبار القادة السياسيين في العالم، إذ تحولت بعض حسابات ذوي المناصب السياسية الفرعية إلى مصدر للنكات، وبالطبع أسلوب السخرية السياسية هو أسلوب ذكي ولكنه خطر للغاية، ويغذي فكرة الاستقطاب ويخلط الهزل بالجد، وهي أمور من المفترض أن تكون بعيدة من مصائر الشعب وقرارات الدول، بخاصة حينما يتعلق الموقف بالسلاح والحروب على الأرض. أستاذ الإعلام الرقمي بالجامعة الأميركية بالقاهرة فادي رمزي، يعدد أهمية الـ"سوشيال ميديا" كعنصر أساس في الحياة السياسية الآن لتأثيرها الكبير في تشكيل وتوجيه الرأي العام، لا سيما في الحملات الانتخابية الكبيرة مثل انتخابات الرئاسة الأميركية على سبيل المثال، لكن هذا الاهتمام بها أصبح يحيد عن هدفه في بعض الأوقات، إذ لم تعد الدقة أو الصدقية والرصانة قيماً يُحتكم إليها، بل إن ما يجري في بعض الأوقات ـ وفقاً لرأيه ـ لا يليق بالواجهة السياسية التي يعبر عنها، إذ دخلت فيها وسائل تُوظف أو حتى تُزيف بالذكاء الاصطناعي من أجل السيطرة على انتباه المتابعين أطول فترة ممكنة. وبعيداً من التوتر العسكري، فإن لدى الهند كذلك أحد أكثر السياسيين اهتماماً بأن يكونوا في بؤرة الضوء، وهو رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي يحضر بقوة على مواقع التواصل، وقد وصفته "بي بي سي" بأنه أحد قادة العالم الأكثر متابعة على "يوتيوب" و"إكس" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، فهو يحافظ بشدة على اسمه كعلامة تجارية، مخاطباً أنصاره بلغة شعبوية عاطفية، وحتى لو كانت تصريحاته غير دقيقة فإنهم يتفانون لأجله بسبب حرصه على الحديث إليهم بطريقة غير رسمية، حتى إن أحد أبرز معارضيه، السياسي الهندي شاشي ثارور، قال عنه إنه "موهوب في مخاطبة الجماهير. يأتي بشعارات ومقاطع صوتية وصور فوتوغرافية بطريقة لا مثيل لها"، قاصداً طريقته في إدارة حساباته عبر الـ"سوشيال ميديا"، التي لا تلتزم البيانات الرسمية أو المعلومات المؤكدة، وإنما تسعى إلى جذب الجمهور بطريقة الترويج التي يلجأ إليها المؤثرون. المعروف أن الـ"سوشيال ميديا" تكافئ الضجة حتى لو كان الأمر مجرد شائعة، فمقارنة بطريقة السياسيين القديمة في إدارة الجدل بات الوضع أكثر تأزماً وتفاقماً مع كل هذه التطورات التكنولوجية، سواء في الإنتاجات البصرية التي تعزز وجهة النظر حتى لو كانت محض خيال وهواجس، وصولاً إلى المنصات المتشعبة التي تضمن الانتشار، لكن المثير للقلق أن هذا الأسلوب بات يخرج من رأس الدولة مباشرة، أو أرفع مسؤوليها، من دون حنكة، ولكن على طريقة التراشق، فتبدو وجهة النظر مزاجية تبتعد عن الحكمة، وكأن ساحة السياسة أصبحت مثل لعبة "فيديو جيم" أو سباق نحو الـ"لايك" والـ"شير".

فات الأوان على بريطانيا لحصد ثمار ضبط العلاقات مع أوروبا
فات الأوان على بريطانيا لحصد ثمار ضبط العلاقات مع أوروبا

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

فات الأوان على بريطانيا لحصد ثمار ضبط العلاقات مع أوروبا

خلافاً للعادة، يتجه حزب العمال هذه المرة للوفاء بما تعهد به في بيانه الانتخابي. فقد تحققت "إعادة ضبط" العلاقات في إطار بريكست بصورة شبه كلية، تلبية لوعد قديم قطعه كير ستارمر. أصبحت الخطوط الأساسية واضحة، وإن كانت بعض التفاصيل المتعلقة ببرنامج تنقل الشباب ودخول بريطانيا إلى سوق الدفاع الأوروبي الذي توسع حديثاً غير نهائية بعد. وهذا كان تحديداً ما وعد به حزب العمال خلال حملته الانتخابية العام الماضي "سوف يعمل حزب العمال على تحسين العلاقة التجارية والاستثمارية مع الاتحاد الأوروبي عبر إزالة العوائق غير الضرورية أمام التجارة". وأيضاً "سوف نسعى إلى التفاوض على اتفاقية بيطرية لمنع عمليات التفتيش الحدودية غير الضرورية المساعدة على معالجة أسعار الأغذية، وسوف نساعد الفنانين المتجولين، ونسعى إلى التوصل إلى اتفاقية هدفها الاعتراف المتبادل ببعض المؤهلات المهنية لتيسير فتح بعض الأسواق أمام مصدري الخدمات البريطانيين". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كذلك جاء في الوعود "كما سيسعى العمال إلى إبرام اتفاقية أمنية جديدة وشاملة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتعزيز أصر التعاون في سبيل التصدي للتهديدات التي تواجهنا". تحقق عدد كبير من هذه النقاط وما من احتمال واقعي بسعي الحكومة إلى إعادة الانضمام للاتحاد الأوروبي أو سوقه الموحدة أو اتحاده الجمركي، تماشياً مع ما ورد في البيان أيضاً. وقد يفسر أحد المتحذلقين- وما أكثرهم في أوساط المشككين بالاتحاد الأوروبي- برنامج تنقل الشباب على أنه انتهاك لتعهد حزب العمال "بعدم العودة إلى حرية الحركة [بين أوروبا وبريطانيا]". لكن نظراً إلى أن البرنامج سيحدد بسقف ويقيد بمدة زمنية ويشترط الحصول على تأشيرة دخول من دون أن يحمل أي حقوق إضافية - أقله بالنسبة إلى أفراد العائلة المعالين - ولا أي حق بالانتفاع من الضمان الاجتماعي كما يشترط دفع ضريبة إضافية لقاء الاستفادة من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، فلا يبدو أنه برنامج مفتوح للجميع مجاناً. لن يهدد بضعة آلاف من الشباب الإيطاليين نسيج المجتمع البريطاني. بل إن "التضحية" الوحيدة التي يبدو أن البريطانيين يقدمونها هي فتح مجال أكبر أمام سفن صيد الأسماك الأوروبية للصيد في المياه البريطانية مقارنة بالحصص المتاحة لهم بموجب اتفاقية بوريس جونسون. بعبارة مبسطة سيحق لأساطيل صيد الأسماك الأوروبية اصطياد كمية أكبر من الأسماك التي لا يريد البريطانيون أن يستهلكوها أساساً، والتي لا يمكن للصيادين البريطانيين بيعها في السوق الأوروبية أساساً بسبب، ببساطة، بريكست. لكن حتى لو شكلت هذه النقطة خسارة- والأمر خاضع للنقاش- فـ"المكاسب" البريطانية أكبر بكثير من منتجات الأسماك غير المرغوب بها. سوف يستعيد الشباب البريطاني قدرته على المشاركة في برنامج إيراسموس في مجال التعليم والتدريب، وفرصه بالعمل في أوروبا. وسوف نوطد التعاون في مجال الدفاع والأمن في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة صراحة نيتها التقليل من شأن أوروبا والتعامل مع حلف "الناتو" بمنطق النفعية. لذا، يمكننا التصدي لروسيا بصورة أفضل مما لو كنا وحدنا. وسوف تتقلص طوابير الانتظار للحصول على جواز السفر. وسيصبح من الأيسر بالنسبة إلى الفنانين أن يقوموا بجولات فنية في أوروبا مجدداً. وسوف يتاح المجال أمام الشركات البريطانية المتخصصة بالصناعات العسكرية لبيع منتجاتها والاستفادة من صندوق الدفاع الأوروبي. كما سيستعيد المزارعون ومنتجو الأغذية البريطانيون أسواقاً خسروها في القارة وتتمكن النقانق البريطانية العظيمة من شق طريقها الرائد نحو المطابخ عبر القناة الإنجليزية مرة أخرى. يطالبنا الأوروبيون باحترام معاييرهم الغذائية ومواكبة تطورها وقد قبلنا بذلك. يمكننا أن نحل خلافاتنا داخل المحكمة الأوروبية لكن للمملكة المتحدة الحق في رفض هذه القرارات- لأنه لو اعتبرناها غير مقبولة في وقت من الأوقات، يمكننا أن نلغي الصفقة، وفي الحقيقة يجب علينا أن نحاول التأثير في بعض السياسات قبل أن نصل إلى هذه المرحلة. كما هي الحال مع أي اتفاق تجاري، فإن إعادة ضبط بريكست ليست مثالية. فالتسوية ضرورية، والسيادة ليست مطلقة أبداً، بل هي تمارس دائماً ضمن أطر من التفاهم أو الشراكة. أي أخذ وعطاء. هذا ما حدث في جميع الاتفاقات التي أبرمت بعد بريكست — مع أستراليا، ونيوزيلندا، والشراكة عبر المحيط الهادئ، والهند، واتفاق الازدهار الاقتصادي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. لكن إعادة ضبط العلاقات بعد بريكست تخلف تداعيات على نطاق أوسع. فمن الناحية السياسية، يتوافق هذا الاتجاه مع الرأي العام البريطاني الذي بات يعتبر بريكست أكثر فأكثر حلماً كاذباً، كما هي بالفعل. وإن كان في ذلك "خيانة" لعملية بريكست، فسيقول كثر في المملكة المتحدة "هذا جيد". فهم يريدون إقامة علاقات أوثق وأكثر وداً وتعاوناً مع أقرب جيراننا ولا تعنيهم مفاهيم السيادة المبهمة. فهم لا يعتبرون اتساق المعايير في شأن تدابير الصحة النباتية في اللحوم تعدياً على حقوقهم السيادية. ولا يثير التبادل الطلابي مع فنلندا حفيظتهم. بل إنهم في الواقع معارضون بصورة متزايدة للبريكست، والسبب الوحيد الذي يجعلهم يحجمون عن العودة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو أنهم يخشون إعادة نكء الجراح المؤلمة التي خلفتها حرب بريكست الأهلية بين عامي 2016 و2019 (إضافة إلى أن الشروط القديمة لعضوية المملكة المتحدة ما عادت قائمة). يخطئ المحافظون إذاً في موقفهم الحاد من اتفاق إعادة ضبط العلاقات، الذي رفضوه قبل أن يطلعوا عليه حتى وفي كلامهم الأحمق عن الاستسلام والخيانة. هذا يجعل كيمي بادنوك وزملاءها يبدون نزقين، وعلى أية حال، لا يمكنهم أبداً أن يضاهوا نايجل فاراج في سردية تأييد بريكست. أما بالنسبة إلى ستارمر، فمن المحزن أن نجاحه الدولي الأخير لن يفيده كثيراً، أقله في القريب العاجل. لا شك أنه سيجعله يبدو رجل دولة أكثر ولا ريب في أن إبرام اتفاق بريكست أفضل هو أمر إيجابي، ومن الإيجابي أيضاً الوفاء بتعهدات الانتخابات، لكنه لن يستعيد شعبيته، سواء على مستوى شخصه أو حكومته أو حزبه، إلا حين (أو في حال) تحسنت مستويات المعيشة والخدمات العامة.

حرب المسيرات لا تهدأ.. روسيا وأوكرانيا تسقطان 149 طائرة
حرب المسيرات لا تهدأ.. روسيا وأوكرانيا تسقطان 149 طائرة

الوئام

timeمنذ 2 ساعات

  • الوئام

حرب المسيرات لا تهدأ.. روسيا وأوكرانيا تسقطان 149 طائرة

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، اليوم الأربعاء، عبر بيان على تطبيق 'تليغرام'، أن أنظمة الدفاع الجوي تمكنت من إسقاط 22 طائرة مسيّرة من أصل 76 أطلقتها روسيا خلال الليل على أراضي أوكرانيا. ووفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الأوكرانية 'يوكرينفورم'، أوضح البيان أن الهجوم الروسي نُفذ باستخدام طائرات مسيّرة من طراز 'شاهد' وأنواع أخرى خداعية، أُطلقت من مناطق كورسك وأوريول وبريانسك الروسية. وأشار البيان إلى أن الهجوم تم التصدي له عبر وحدات الدفاع الجوي، ووحدات الحرب الإلكترونية، إضافة إلى فرق النيران المتنقلة التابعة للقوات الجوية الأوكرانية والدفاع الجوي. اقرأ أيضًا: باريس تتفوق لأول مرة على لندن كأفضل بيئة تكنولوجية في أوروبا وبحسب البيان، فقد تم بحلول الساعة التاسعة من صباح اليوم الأربعاء، إسقاط 63 طائرة مسيّرة من مختلف الطرازات في مناطق شرق وشمال ووسط أوكرانيا، منها 22 طائرة أسقطتها الدفاعات الجوية مباشرة، بينما اختفت 41 طائرة خداعية من شاشات الرادار دون أن تُحدث أضرارًا، مؤكدًا وقوع أضرار في منطقتي خاركيف وسومي جراء الهجوم الروسي. من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان صادر اليوم الأربعاء، أن دفاعاتها الجوية دمرت 127 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل، وفقًا لما ذكرته وكالة 'سبوتنيك' الروسية. وأفاد البيان الروسي بأن الهجمات تمت خلال الفترة الممتدة من الساعة 20:00 من مساء 20 مايو وحتى 04:05 من صباح 21 مايو. وشملت الطائرات المسيّرة المستهدفة مناطق متعددة، منها 41 فوق بريانسك، 37 فوق أوريول، 31 فوق كورسك، 6 فوق موسكو، 5 فوق فلاديمير، 3 فوق ريازان، وطائرة واحدة فوق كل من بيلغورود وتولا وكالوجا، بالإضافة إلى واحدة فوق مياه البحر الأسود. اقرأ أيضًا: رئيس جنوب أفريقيا يتوجه لواشنطن لإقناع ترمب بعقد صفقات تجارية وفي وقت سابق من فجر اليوم، أعلن حاكم مقاطعة أوريول، أندريه كليتشكوف، أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت 26 طائرة مسيّرة أوكرانية جديدة خلال الليل، ليصل إجمالي الطائرات المسيّرة التي أُسقطت فوق المقاطعة خلال 24 ساعة إلى 37. ويُشار إلى أنه لا يمكن التحقق من صحة هذه المعلومات بشكل مستقل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store