logo
سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

العربي الجديدمنذ يوم واحد
ورثت القيادة السورية الجديدة وطناً منهكاً، جريحاً، تغمره الخرائب، ويثقل صدره دخان عقودٍ من الاستبداد و
الفساد
. لم يكن الاستبداد مجرّد نظام حكم، بل علّةً مزمنة نخرت في عظام الدولة، وأتت على أعصاب
المجتمع
، حتى بات الجسد السوري يتآكل في صمت موجِع.
واليوم، مع بزوغ فجر جديد، تجد الدولة السورية الناشئة نفسها أمام تحديات جسيمة، داخلية وخارجية، تتطلب وعياً جماعياً، وحكمة في القيادة، وصبراً في البناء.
فعلى الصعيد الداخلي، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة، وترميم الثقة بين المواطن والحكم، وإنعاش الاقتصاد الوطني المنهك من جراء سنوات عجاف من الحرب والعقوبات، وتحريك عجلة الإنتاج باتجاه الاكتفاء والاستقرار.
ولم تكن هذه التحديات داخلية فقط، بل تطوق الدولة كذلك قوى خارجة عن القانون، متصلة بأجندات خارجية، لا هدف لها سوى زعزعة الأمن، وضرب وحدة البلاد، وإفشال المرحلة الانتقالية، في محاولة يائسة لبعث الفوضى من جديد.
من رحم المعاناة يولد الأمل
ورغم كل ما سبق، فإنّ سورية الجديدة تقف على أعتاب مستقبل واعد. فالأرض التي صبرت طويلاً، واحتملت ما لا يُحتمل، باتت اليوم مهيّأة للنهوض من جديد، وفتح أبواب الاستثمار والإعمار، وبناء جسور التنمية والازدهار.
ولأنّ الرفاه لا يتحقّق دون أمن، فإن الأمن يظل الركيزة الأولى لبناء الغد. وقد قال الله تعالى: "الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف".
فحين يسود الأمان، تزدهر الحياة، ويطمئن الإنسان إلى يومه وغده، ويجد الوطن متسعاً لأحلامه وطموحاته.
بين الأمن والحزم: مقولة من التاريخ
كما قال الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش، في لحظة كان يؤسس فيها لدولة الأندلس بعد أن فر من القتل وشق طريقه في المنفى: "لا رفاه بغير أمن. ولا أمن بغير حزم. هو السيف لبناء الدولة، وفصل الدم لدواء العلل".
لا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن
تختصر هذه المقولة فلسفة قيام الدول: فلا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن، وردع من يعتاش على آلام الشعب أو يتسلّق على أكتافه.
فبناء الدولة لا يتم بالشعارات، بل بالأفعال، وبالقرارات التي قد تكون قاسية أحياناً، لكنها ضرورية للشفاء من علل الماضي وبدء عهد جديد.
جناحان لطائر واحد: الأمن والازدهار
لا يطير طائر بجناحٍ واحد، كذلك لا تنهض دولة بالأمن وحده دون ازدهار، أو بالازدهار دون أمن. السوريون اليوم لا يريدون فقط أن "يبقوا على قيد الحياة"، بل يتطلعون إلى أن "يعيشوا بكرامة". أن يتعلم أبناؤهم، ويتعالج مرضاهم، ويجد شبابهم عملاً يحفظ كرامتهم ويصون مستقبلهم.
وهذا لا يتحقق إلا في ظل بيئة مستقرة، ونظام قانوني عادل، وإدارة كفؤة نزيهة. وهنا يبرز دور الشعب: في المشاركة لا الانسحاب، في النقد البناء لا التحريض، في الرقابة لا الفوضى. فالدولة التي يسندها وعي مواطنيها لا تسقط.
فرصة لا تُقدر بثمن
الفرص التاريخية لا تأتي كثيراً، وإن جاءت، لا تنتظر طويلًا. وسورية اليوم، في عام 2025، تمر بمرحلة انتقالية دقيقة، تحمل في طياتها إمكانيات عظيمة لبناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً. إنها لحظة نادرة، تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر المرحلة.
ما عاشه السوريون من معاناة، وما قدّموه من تضحيات، يجب أن يكون منطلقاً للبناء والتكافل، لا محطة للتنازع أو التراخي. فنجاح هذه المرحلة لا يتوقف على مؤسسة أو جهة بعينها، بل هو ثمرة تفاعل وطني شامل، تتكامل فيه الأدوار، وتتوحد فيه النيات والجهود.
إن الوقوف خلف الدولة السورية الجديدة اليوم هو وقوف مع مصلحة الوطن بأسره، وهو ما يضمن عبور المرحلة الانتقالية بسلام، ويُمهّد الطريق نحو دولة مستقرة، قوية، وراعية لكل أبنائها.
الدولة التي نحلم بها تُبنى
إنّ الدولة التي ننتظرها لن تهبط من السماء، ولن تُمنح كجائزة، بل تُبنى على أكتاف شعبها، بالحكمة والإرادة، وبالإيمان بأن ما مضى من الألم يجب أن يتحول إلى درس، لا إلى لعنة.
في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ سورية، لا مجال للتردد، ولا وقت للتشكيك. كل تراجع عن دعم الدولة الناشئة هو خطوة نحو المجهول، وكل يد تُمدّ للبناء هي لبنة في جدار وطن يليق بتضحيات أبنائه.
فلنُغلق أبواب العبث، ونفتح نوافذ الأمل.
ولنجعل من هذه المرحلة بداية حقيقية لسورية التي نحلم بها: حرة، عادلة، آمنة، وعزيزة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لو كنت إسرائيلية (والعياذ بالله)
لو كنت إسرائيلية (والعياذ بالله)

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

لو كنت إسرائيلية (والعياذ بالله)

يا لهذا القائد الفذ! لا أستطيع منع نفسي من النظر بفخر إلى هذا القائد العظيم: بنيامين نتنياهو. كيف لا أفعل، ولقد أنجز أقصى، بل ما لم أجرؤ على الحلم به يوماً. مذ قدمت من بولندا، بلدنا نتنياهو وأنا، في ستينيات القرن الماضي، قبعت سنين خائفة من انقضاض العرب علينا لاسترجاع ما استولينا عليه من أرضهم. كنت أنام قلقة من أن أصحو لأجد فلسطينياً أو مصرياً أو سورياً فوق رأسي. لكني بدأت أرتاح قليلا بعد انتصارنا المُدهش في العام 1967. قادتنا السابقون، وعلى الرغم من أنهم نجحوا في الاستيلاء على المزيد من الأراضي لاحقاً في مصر وسورية ولبنان، إلا أنهم لم يكونوا من ذوي الطموح. كانوا مستعدّين للصلح شرط احتفاظنا بكلّ ما استولينا عليه حتى ذلك الحين. لصوص صغار. يا لضيق الأفق. كانوا يخافون من شركائنا الغربيين أن ينفضّوا عنّا، كما فعل ذلك الغبي إسحق رابين (لا غفر الله له) حين وضع يده في يد ياسر عرفات وأخذ يتحدّث عن السلام. صحيح أنه أتاح لنا السيطرة إلى حدٍّ ما على غزّة والضفة عبر اتفاقية أوسلو، لكني لن أنسى تلك المصافحة بينه وبين عرفات، ولو أنه أهان الأخير حين ماطل في مدّ يده، إلا أنّه مدّها في النهاية. لقد جرّأهم علينا إلى درجة عودتهم للمطالبة بحلّ الدولتين وحقّ العودة. هه. العودة؟ إلى أين يا حبيبي؟ اسمع: في الواقع، أنا أحبّ إسرائيل أكثر بكثير من بولندا، بلدي الحقيقي. فما هو الوطن في النهاية؟ أليس المكان الذي يعطيك من الحقوق ما لا تعطيك إياه أيّ بلاد أخرى؟ دع عنك ذلك الكلام السخيف عن الارتباط بالتراب وأرض الأجداد وما إلى ذلك. فهل أعطتني بولندا ما أعطتني إياه إسرائيل؟ لا مقارنة أصلاً. أيّ بلد يعطيك بيتاً ويطرد من كان فيه لأجلك وبحماية الشرطة والقانون؟ إنها أرض اللبن والعسل والأملاك المجانية. الجنّة! ونحن هنا بمثابة الملائكة. فوق البشر. في أيّ بلد يمكن لأمثالي أن يُعاملوا هكذا لمجرّد أنّي يهودية صهيونية وفوق ذلك بيضاء؟ بدأت أحلم ببيت لأحفادي حتى في لبنان. أو ربما في دمشق. لم لا؟ لا لم أكن لأحلم بما يحصل اليوم. أنام قريرة العين (ما عدا أيام القصف بالصواريخ) ولقد بدأت أحلم ببيت لأحفادي حتى في لبنان. أو ربما في دمشق. لم لا؟ فكيف لا أُقبّل العزيز بنيامين نتنياهو من جبينه؟ كيف لا أنظر إليه بإعجاب وهو يتلوّن، يُماطل حين يُحشر بالمفاوضات، فينشر التسريبات عن خلافات داخلية تارة، ومع أميركا تارة أخرى، ويقاوم، في الوقت نفسه، هؤلاء الإسرائيليين الأغبياء الذين يريدون منه أن يتوقّف عن شنّ الحروب على أعدائنا! ومن أجل ماذا؟ من أجل بضعة رجال ونساء أسرى عند "خماس"؟ هم يهود صحيح، ولكن أليس لكلّ مشروع كبير آثار جانبية؟ وحلمنا بإخضاع المنطقة بكاملها لقوّتنا وإرادتنا، والاستيلاء على ثرواتها وإحالة أهلها عبيدًا لنا، ألا يستحق التضحية ببضعة أشخاص؟ أعلم أنّ معظمهم ما زال حيّاً، وماذا بعد؟ فليعتبروا أنفسهم جنوداً في جيش الدفاع. عسكراً مأموراً في معركة، وقد طَلَب منهم قائدهم الهجوم والالتحام بالعدو. ألن يلبوا الأوامر؟ ألن يتعرّضوا للموت؟ فليعتبروا أنفسهم قُتلوا في سبيل القضية، وأنهم كانوا جسرنا إلى الوطن الذي لم نحلم به يوماً. وطن أوسع من قطعة الأرض التي انتزعناها من الفلسطينيين، وطن نكون حكامه من الفرات إلى النيل، ولم لا؟ ربما أبعد وأوسع من ذلك. من سيلجمنا؟ فليكن، في المستقبل سوف نعتبرهم أبطالاً. وربما سنطلق أسماءهم على الشوارع في عواصم العرب. آه لبنان. يا له من بلد جميل. يكاد لعابي يسيل حين أرى صوره. شهوتي للأرض المجانية لا ترتوي. إن كانت غزّة ستصبح ريفييرا، فلبنان سنحوّله إلى مونت كارلو. أصلا هم يحبّون الكازينو والسياحة. نحن هنا بمثابة الملائكة. فوق البشر. في أيّ بلد (سوى إسرائيل) يمكن لأمثالي أن يُعاملوا هكذا لمجرّد أنّي يهودية صهيونية، وفوق ذلك بيضاء؟ نعم يا بني، أنا أحبّ نتنياهو. ولم لا أحبّه؟ انظر إلى هؤلاء الذين قالوا إنهم سيرموننا في البحر! منذ سبع وسبعين سنة نعيش الخوف من القبض علينا متلبسين بجريمة سرقة بلد وإبادة أهله! يا لعبقريته: ها هو يحوّل جرائمنا إلى بطولة، وسرقتنا إلى حق، وأعداءنا إلى كائنات عاجزة. انظر إليهم في غزّة. مخلوقات أدنى من البشر العاديين وليس فقط أدنى منّا. يستنجدون بأصواتهم المُزعجة التي تشبه طنين الذباب، يستغيثون ولا أحد يردّ عليهم، حتى من بني جلدتهم. جياع، يموت أطفالهم من سوء التغذية، يتهافتون بالرغم من خطر الموت المؤكّد ببنادق قناصينا المَهرة، إلى كفوفنا التي تحمل بعض الحبوب ننثرها أمامهم كما نفعل للدجاج، ونذبحهم ما إن يقتربوا منها ليلتقطوها كالدجاج. الفارق الوحيد بينهم وبين الدجاج أننا بعد لم نتذوّق لحمهم! أم فعلنا؟ كان العالم يضجّ بحلّ الدولتين بعد فعلة رابين. سلمت يدك يا إيغال عامير (قاتل إسحق رابين). واليوم؟ من يتحدّث عن ذلك بعد؟ كلّ الكلام منذ أكثر من سنتين لا يدور إلا حول ثلاث مفردات: وقف إطلاق النار! في البدء غزّة، ثم لبنان، ثم الضفة، ثم سورية، ثم إيران. هم يتحدّثون، ونحن نكمل الإبادة. هذا هو إنجاز نتنياهو. ألا يستحق حُلمنا بإخضاع المنطقة بكاملها لقوّتنا وإرادتنا، والاستيلاء على ثرواتها وإحالة أهلها عبيداً لنا، التضحية ببضعة أشخاص؟ أضحك حين يقولون في الأخبار إنّ الغبي بن غفير والتافه سموتريتش يتحكّمان به ويدفعانه إلى عدم القبول بإنهاء الحرب. كم هي مسلّية لعبة تقاسم الأدوار. تماماً كتلك التي نلعبها وصديقنا الرائع في أميركا. لا لا أقصد ترامب فقط الذي يلعب لعبة المهرّج الخطر، ولا بايدن الأهبل الخرفان الذي يظن أنه حاكم العالم في حين أنّنا نحن من يحكم. اقصد أيّ رئيس أميركي. لكن للحقيقة؟ مع ترامب تسلينا كثيرا. هناك تفاعل رائع بيننا. وذلك المشهد الأخير لعزيزي بيبي يقول لترامب إنّه رشحه لجائزة نوبل للسلام؟ تحفة! ضربة معلم. ولكن في النهاية، لم لا؟ ألم يحصل عليها كلّ من إسحق رابين وشمعون بيريز والمخرّب عرفات؟ ومع تلك القفلة أقصد خداع إيران بالمفاوضات، وضربة المعلم من أصدقائنا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ كم تسلينا. يا الهي، أكاد لا أتوقّف عن الضحك. أعلم أنهم قصفونا وآلموا بعض الإسرائيليين، لكن كما قلت لا بُدّ من بعض الخسائر. تقول تلك المقرّرة الأممية الخاصة في ما يسمّى الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي إنّ "مؤسسة غزة الإنسانية" فخ مصمّم لقتل الناس. يا لذكائك. هل اكتشفت ذلك الآن؟ وما الذي تستطيعين فعله؟ انبحي في مؤسسات الأمم المتحدة ما شئت. ففي النهاية هناك الفيتو الصديق. وها أنت تتلقين صفعة العقوبات الأميركية على وجهك الكريه. هم يتحدّثون، ونحن نكمل الإبادة. هذا هو إنجاز نتنياهو ماذا؟ المحكمة الجنائية الدولية؟ دعيني أضحك. ألم تري ما الذي فعلناه بذلك المعادي للسامية كريم خان؟ لقد أجبرناه على المغادرة. لن يجرؤ أيّ منكم على أيّ شيء. نحن سادة العالم. ومن لا يعجبه فليغادر. على كلّ تخلّصنا من مئات الآلاف من مناهضينا، حتى في إسرائيل، إن كانوا علمانيين أو غيره. رحلوا من تلقاء أنفسهم إلى قبرص واليونان. جيّد. الخونة الجبناء، تخلّصنا من نقيقهم المزعج. والقضاء؟ سيأتي دوره. يقاضونه على مسائل سخيفة. وماذا إن طلب من أرنون موزيس وشاؤول ألوفيتش (متورطان في قضايا الفساد المرفوعة ضد نتنياهو) تغطية إعلامية أفضل في "يديعوت أحرونوت" وموقع "والا" مقابل الخدمات التي طلباها منه؟ هل هذا كثير؟ تقولون تلقى أموالاً مقابل تخفيف بعض الضرائب؟ هه، يا لطهارتكم. ألسنا كلّنا لصوصاً؟ ألم نسرق جميعاً أو أقلّه، نوافق على سرقة هذه الأرض من أصحابها؟ قتلنا وذبحنا وما زلنا طليقين من دون من أن يقترب هذا القضاء أو أيّ قضاء منا؟ ألسنا أمّة من اللصوص والقتلة؟ تماماً كما كانت أميركا، عرّابتنا، في بداياتها؟ فكيف يُحاكم السارق أو القاتل زميله في الجريمة؟ هيا... فلننهِ هذا النقاش. عد إلى كتيبتك. لا تفكّر برفض الخدمة، وإلا أعدتك مفلساً إلى بولندا.

الداخلية المغربية تلتقي جميع قادة الأحزاب تحضيراً لانتخابات 2026
الداخلية المغربية تلتقي جميع قادة الأحزاب تحضيراً لانتخابات 2026

العربي الجديد

timeمنذ 12 ساعات

  • العربي الجديد

الداخلية المغربية تلتقي جميع قادة الأحزاب تحضيراً لانتخابات 2026

أعطت وزارة الداخلية المغربية ، أمس السبت، إشارة الانطلاق لمسار المشاورات السياسية المتعلقة بالتحضير للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في صيف 2026، في اجتماعين مع قادة الأحزاب السياسية كافة. ويأتي إطلاق مسار المشاورات بعد أيام على إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس ، بخطاب العرش في 29 يوليو/ تموز الماضي، إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في موعدها الدستوري والقانوني العادي، مؤكداً ضرورة توفير المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية، وكذا تكليف وزير الداخلية بالسهر على التنظيم الجيد للانتخابات التشريعية وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين. وكشفت الداخلية المغربية، ليل السبت، أنه جرت خلال الاجتماعات مع قادة الأحزاب السياسية دراسة القضايا الأساسية المرتبطة بالإطار العام للانتخابات التشريعية لسنة 2026، في "مناخ سادته روح المسؤولية والرغبة الجماعية في جعل الموعد الانتخابي المقبل فرصة بارزة لتأكيد متانة النموذج الانتخابي المغربي المتميز، في ظل الخيار الديمقراطي الذي يرعاه بحكمة وأناة صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، راعي المؤسسات الديمقراطية بالمملكة". وأعلنت الداخلية، في بيان لها، أنه على إثر المناقشات البناءة التي طبعت أشغال هذين اللقاءين، تم الاتفاق على أن تقوم الأحزاب السياسية بموافاة وزارة الداخلية، داخل أجل أقصاه نهاية شهر أغسطس/آب الجاري، باقتراحاتها المتعلقة بالإطار المنظم للانتخابات التشريعية لسنة 2026، وذلك حتى تتأتى دراستها والتوافق في شأن التدابير ذات الطابع التشريعي التي تتعين صياغتها وعرضها على المسطرة التشريعية خلال الدورة التشريعية الخريفية المقبلة، في أفق إخراجها إلى حيز الوجود قبل انقضاء السنة الحالية. وخلال الأسابيع الأخيرة، لم تخف أحزاب المعارضة رغبتها في إعطاء انطلاقة المشاورات، التي تخص الانتخابات التشريعية، قبل سنة من حلولها، ودفعت تلك الأحزاب بضرورة الاستعداد لهذه المحطة السياسية مبكراً، ما دام الطريق إليها يمر عبر إعادة النظر في الترسانة القانونية، وفتح النقاش في مواضيع سير العملية الانتخابية وأنماط الاقتراع. تقارير عربية التحديثات الحية دعوة إسلاميي المغرب إلى انتخابات مبكرة: حاجة وطنية أم مناورة سياسية؟ وتشكل الانتخابات النيابية المغربية 2026 محطة أساسية في مسار إعادة رسم التوازنات السياسية في البلاد، خصوصاً في ظل التحولات الداخلية والخارجية المهمة التي تواجه المملكة. وتبدو الساحة السياسية مفتوحة على احتمالات متعددة، إذ تسعى أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي، المكون من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، للظفر برئاسة ما بات يُعرف في المغرب بـ"حكومة المونديال". بينما تراهن أحزاب المعارضة الحالية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، على تحسين مرتبتها في السباق الانتخابي المقبل، كما يعول حزب العدالة والتنمية، الذي قاد الحكومة لولايتين متتاليتين في 2011 و 2016، على أمينه العام عبد الإله بنكيران لإنقاذه وانتشاله من تحت الأنقاض عقب الهزيمة الانتخابية في 2021.

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل
سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

ورثت القيادة السورية الجديدة وطناً منهكاً، جريحاً، تغمره الخرائب، ويثقل صدره دخان عقودٍ من الاستبداد و الفساد . لم يكن الاستبداد مجرّد نظام حكم، بل علّةً مزمنة نخرت في عظام الدولة، وأتت على أعصاب المجتمع ، حتى بات الجسد السوري يتآكل في صمت موجِع. واليوم، مع بزوغ فجر جديد، تجد الدولة السورية الناشئة نفسها أمام تحديات جسيمة، داخلية وخارجية، تتطلب وعياً جماعياً، وحكمة في القيادة، وصبراً في البناء. فعلى الصعيد الداخلي، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة، وترميم الثقة بين المواطن والحكم، وإنعاش الاقتصاد الوطني المنهك من جراء سنوات عجاف من الحرب والعقوبات، وتحريك عجلة الإنتاج باتجاه الاكتفاء والاستقرار. ولم تكن هذه التحديات داخلية فقط، بل تطوق الدولة كذلك قوى خارجة عن القانون، متصلة بأجندات خارجية، لا هدف لها سوى زعزعة الأمن، وضرب وحدة البلاد، وإفشال المرحلة الانتقالية، في محاولة يائسة لبعث الفوضى من جديد. من رحم المعاناة يولد الأمل ورغم كل ما سبق، فإنّ سورية الجديدة تقف على أعتاب مستقبل واعد. فالأرض التي صبرت طويلاً، واحتملت ما لا يُحتمل، باتت اليوم مهيّأة للنهوض من جديد، وفتح أبواب الاستثمار والإعمار، وبناء جسور التنمية والازدهار. ولأنّ الرفاه لا يتحقّق دون أمن، فإن الأمن يظل الركيزة الأولى لبناء الغد. وقد قال الله تعالى: "الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف". فحين يسود الأمان، تزدهر الحياة، ويطمئن الإنسان إلى يومه وغده، ويجد الوطن متسعاً لأحلامه وطموحاته. بين الأمن والحزم: مقولة من التاريخ كما قال الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش، في لحظة كان يؤسس فيها لدولة الأندلس بعد أن فر من القتل وشق طريقه في المنفى: "لا رفاه بغير أمن. ولا أمن بغير حزم. هو السيف لبناء الدولة، وفصل الدم لدواء العلل". لا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن تختصر هذه المقولة فلسفة قيام الدول: فلا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن، وردع من يعتاش على آلام الشعب أو يتسلّق على أكتافه. فبناء الدولة لا يتم بالشعارات، بل بالأفعال، وبالقرارات التي قد تكون قاسية أحياناً، لكنها ضرورية للشفاء من علل الماضي وبدء عهد جديد. جناحان لطائر واحد: الأمن والازدهار لا يطير طائر بجناحٍ واحد، كذلك لا تنهض دولة بالأمن وحده دون ازدهار، أو بالازدهار دون أمن. السوريون اليوم لا يريدون فقط أن "يبقوا على قيد الحياة"، بل يتطلعون إلى أن "يعيشوا بكرامة". أن يتعلم أبناؤهم، ويتعالج مرضاهم، ويجد شبابهم عملاً يحفظ كرامتهم ويصون مستقبلهم. وهذا لا يتحقق إلا في ظل بيئة مستقرة، ونظام قانوني عادل، وإدارة كفؤة نزيهة. وهنا يبرز دور الشعب: في المشاركة لا الانسحاب، في النقد البناء لا التحريض، في الرقابة لا الفوضى. فالدولة التي يسندها وعي مواطنيها لا تسقط. فرصة لا تُقدر بثمن الفرص التاريخية لا تأتي كثيراً، وإن جاءت، لا تنتظر طويلًا. وسورية اليوم، في عام 2025، تمر بمرحلة انتقالية دقيقة، تحمل في طياتها إمكانيات عظيمة لبناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً. إنها لحظة نادرة، تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر المرحلة. ما عاشه السوريون من معاناة، وما قدّموه من تضحيات، يجب أن يكون منطلقاً للبناء والتكافل، لا محطة للتنازع أو التراخي. فنجاح هذه المرحلة لا يتوقف على مؤسسة أو جهة بعينها، بل هو ثمرة تفاعل وطني شامل، تتكامل فيه الأدوار، وتتوحد فيه النيات والجهود. إن الوقوف خلف الدولة السورية الجديدة اليوم هو وقوف مع مصلحة الوطن بأسره، وهو ما يضمن عبور المرحلة الانتقالية بسلام، ويُمهّد الطريق نحو دولة مستقرة، قوية، وراعية لكل أبنائها. الدولة التي نحلم بها تُبنى إنّ الدولة التي ننتظرها لن تهبط من السماء، ولن تُمنح كجائزة، بل تُبنى على أكتاف شعبها، بالحكمة والإرادة، وبالإيمان بأن ما مضى من الألم يجب أن يتحول إلى درس، لا إلى لعنة. في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ سورية، لا مجال للتردد، ولا وقت للتشكيك. كل تراجع عن دعم الدولة الناشئة هو خطوة نحو المجهول، وكل يد تُمدّ للبناء هي لبنة في جدار وطن يليق بتضحيات أبنائه. فلنُغلق أبواب العبث، ونفتح نوافذ الأمل. ولنجعل من هذه المرحلة بداية حقيقية لسورية التي نحلم بها: حرة، عادلة، آمنة، وعزيزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store