
اسماعيل الشريف يكتب : مشهد من فلسطين
أخبارنا :
حين يبكي الأسير والمستقبِل معا
«مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» - حديث نبوي.
قدّمت حركة حماس هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات الثلاث اللاتي أُفرج عنهن في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. شملت الهدايا خريطة للقطاع، وصورًا للأسيرات خلال فترة احتجازهن، وشهادات تقدير. وقد ظهرن بحالة صحية ونفسية طبيعية، وودعن آسيرهن بكثير من الود والابتسامات، فعيون النساء لا تكذب. في المقابل، بدا الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم في حالة جسدية ونفسية متدهورة، وعلامات التجويع والتعذيب بادية على وجوههم وأجسادهم.
قبل الإفراج عنهم، أُجبر الأسرى الفلسطينيون على مشاهدة مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق، يُوثّق الدمار الهائل الذي خلّفته آلة الحرب الصهيوأمريكية، وهو الدمار الذي وصفه الرئيس ترامب بـ»محو الحضارة». كما أُجبروا على ارتداء قمصان كُتبت عليها عبارات عنصرية وتوراتية، في محاولة للتعمّق في إذلالهم والنيل من كرامتهم.
ذكرت صحيفة إسرائيل هايوم الصهيونية أن أحد الأسرى فقد وعيه بعد مشاهدة حجم الدمار المهول الذي حلَّ بغزة. بينما وصف موقع «والا «الصهيوني هذا الفيديو بأنه وسيلة «رادعة» للمعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم. في المقابل، رأت وسائل إعلام أخرى أن هذه الطريقة كانت وسيلة صادمة لإبلاغ النساء والرجال والأطفال الأسرى، الذين لم يكونوا على دراية بما يجري خارج السجون، بأن حريتهم جاءت بثمن فادح.
وعبر منصات الإعلام الصهيونية، حاول الكيان استعادة ثقة مستوطنيه حول العالم، فخاطبهم بلهجة غطرسة قائلاً: «لا تقلقوا يا شعب الله المختار، فإن معاناة الفلسطينيين ستستمر. ربما غادر بعض العماليق سجوننا، لكن ثقوا بأننا دمّرنا حياتهم!»
لكن المفاجأة الكبرى كانت في المشهد الذي رسمه الفلسطينيون، حيث عمّت الاحتفالات العارمة واستُقبل الأسرى المحررون بالفرح والحفاوة في مختلف المناطق داخل فلسطين المحتلة. لم نسمع تصريحًا واحدًا يعبّر عن الندم أو يشير إلى أن ثمن تحريرهم كان باهظًا، رغم أن مقابل كل أسير خرج، دفع عشرات الآلاف حياتهم، ودُمّرت أحياء بأكملها، وتغيّرت مصائر أُسرٍ إلى الأبد.
وفي المقابل، تحدث الأسير المحرر محمد زايد قائلاً: «كنا نعلم أن غزة تعرضت لدمار كبير، لكننا لم ندرك أنه بهذا الحجم.» لم يستطع حبس دموعه، فأضاف: «أعلم أن شعبنا يحبنا ويودّنا، لكن ليس بالقدر الذي شاهدناه. لقد رفعتم رؤوسنا عاليًا. يستحق الشعب الفلسطيني الحرية، والحياة، والكرامة، ويستحق كل لحظة من العشرين عامًا التي قضيتها في السجون. كل ما قدمته لا شيء أمام عظمة هذا الشعب.»
يا لها من لوحة مهيبة، حين يرفض الأسير الحرية إن كان ثمنها دم شهيد، وحين تستقبله الحشود بالزغاريد والدموع، رغم أنها دفعت ثمن حريته إبادةً جماعية. وكأن الفرح في فلسطين دائمًا ممزوج بالفقد، وكأن الحرية لا تأتي إلا مغسولةً بالدم.
وفي الجانب الآخر، يشهد المجتمع الصهيوني انقسامًا حادًا حول قضية الإفراج عن أسراه. تعمّ المظاهرات شوارع فلسطين المحتلة للمطالبة بإطلاق سراحهم، بينما يبقى الساسة غير مبالين بمصيرهم. في المقابل، هناك تيار متشدّد يعارض أي صفقة تبادل، ويهاجم عائلات الأسرى، ويرفض وقف الحرب أو تقديم أي تنازلات، وكأن دماء الفلسطينيين هي الثمن الوحيد الذي يرتضونه.
بعد أكثر من مئة عام من الإبادة الجماعية، يبدو أن هذا العدو الخبيث لم يدرك بعد مَن هو شعب الجبّارين. بأيديهم العارية، بصمودهم الأسطوري، رغم القتل والتجويع، تمسكوا بأرضهم ولم ينكسروا. وحين التقى الأسير بالمستقبِل، بكى الاثنان معًا الأول وكأن لسان حاله يقول: «كان يجب أن تتركونا نموت في سجوننا»، والثاني يبكي من أجل عودة من تبقى من الأسرى، بأي ثمن. ــ الدستور

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ ساعة واحدة
- أخبارنا
الطفيلة تباهي باستقلال الوطن وإنجازاته
أخبارنا : اعتبرت فاعليات رسمية وشعبية وشبابية وأكاديمية في محافظة الطفيلة مناسبة الاستقلال صفحة مضيئة من صفحات المجد التليد في مسيرة الوطن الغالي الذي نباهي به الدنيا بما حققناه ونحققه من إنجازات وطنية مشهودة، جعلت من الأردن واحة أمن واستقرار وعطاء. وشهدت محافظة الطفيلة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني محطات مضيئة من التحديث والبناء تجسدت بمشروعات حيوية ومنارات علم وتعليم وصحة ومشروعات لخدمة المواطنين وتحسين معيشتهم فضلا عن مكارم تشع بنورها لتصل إلى القرى والبوادي كمساكن الأسر العفيفة مثلما حظيت المحافظة بشبكة من الطرق الرئيسية والفرعية ومراكز شبابية واجتماعية. وقال محافظ الطفيلة الدكتور عمر الزيود ان يوم الاستقلال يوم فخر وعز للأسرة الأردنية جمعاء، ووقفة لمراجعة الإنجازات واستعراض التضحيات التي أحرزها وقدمها آل هاشم الاطهار منذ الملك المؤسس جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالله الأول، وواضع الدستور جلالة المغفور له بإذن الله الملك طلال، والملك الباني مؤسس الدولة الحديثة جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، لتستمر مسيرة الهاشميين في البناء والعطاء حاملة إرث الثورة العربية الكبرى ليغدو الأردن حصناً منيعاً بقيادة مليكه المعزز جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يحمل على عاتقه أعباء المسيرة من أجل رفعة الوطن وكرامة شعبه. وأضاف ان محافظة الطفيلة حظيت بنصيبها في مسيرة الإنجاز والعطاء بدءا من إقامة مستشفى الأمير زيد بن الحسين العسكري والمستشفي الحكومي وجامعة الطفيلة التقنية فضلا عن الرعاية الملكية للقطاع السياحي والبيئي حيث محمية ضانا للمحيط الحيوي وتطوير حمامات عفرا المعدنية مرورا بما شهدته الطفيلة من نقلة نوعية في الابنية المدرسية والشبابية والمراكز الاجتماعية وانتهاء بإقامة المدينة الصناعية وغيرها من المشروعات الاستثمارية والخدمية والتشغيلية. من جانبه، قال رئيس مجلس عشائر الطفيلة الشيخ اياد الحجوج يشاركه أعضاء المجلس، إن الاستقلال الذي يغمرنا الفرح بذكراه العطرة سيبقى دائما أهم المحطات المضيئة في سماء وطننا الغالي، وسيبقى آل هاشم الغر الميامين يقودون هذا الحمى الى دروب العزة والكرامة وتوحيد الكلمة والهدف والمصير ليبقى على الدوام وطن الشموخ والكبرياء والهامات العالية. من جهته، استذكر رئيس بلدية الحسا خالد الحجايا يشاركه أعضاء المجلس انجازات الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لافتين الى أن ذكرى الاستقلال مناسبة للبناء على ما تحقق من انجازات وإصلاحات على كافة الصعد. وقالوا ان لواء الحسا شهد مكتسبات تنموية عدة تمثلت باقامة مصنع للألبسة لتشغيل فتيات المنطقة فضلا عن اقامة مشروعات لتطوير البنى التحتية والفوقية في اللواء الذي يقع على الطريق الصحراوي. وفي لواء بصيرا، استذكرت فاعليات المنجزات التي تحققت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني والمكارم الملكية التي طالت مختلف الصعد التنموية والمجالات الخدمية التي أسهمت في إحداث نقلة نوعية في حياة المواطنين حيث تم اقامة مصنع لتشغيل مئات الفتيات ضمن الفروع الانتاجية لوزارة العمل وإقامة المراكز الصحية والشبابية في اللواء وشبكة الطرق الداخلية والرئيسية، مشيرين إلى أن اللواء شهد منذ الاستقلال تطورا وتحديثا في جميع القطاعات سواء الخدمية او السياحية وغيرها. وقال رئيس بلدية بصيرا الدكتور جهاد الرفوع إن الأردنيين يفتخرون بعيد الاستقلال ويمضون للأمام لتعزيز مسيرة الأردن بخطى ثابتة نحو التحديث السياسي والإصلاح السياسي والإداري كمنظومة متكاملة وبتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني. وقال رئيس جامعة الطفيلة التقنية الدكتور بسام المحاسنة ان من دواعي الاعتزاز أن تحتفل الأسرة الأردنية بعيد الاستقلال، والفخر بالإنجازات العظيمة التي حققها جلالة الملك عبدالله الثاني منذ أن تسلم الحكم، مشيرا إلى جامعة الطفيلة التقنية التي جاءت بمكرمة ملكية سامية قبل نحو 20 عاما لتصبح صرحا علمياً تقنيا يتفرد بتخصصات تقنية نوعية جعلت من الجامعة ضمنت التصنيفات العالمية فضلا عن دورها في المسؤولية الاجتماعية والنهوض بالبحث العلمي وتوفير الأيدي العاملة المؤهلة. وأشار رئيس مجلس محافظة الطفيلة احمد الحوامدة الى ان المحافظة ومنذ انطلاقة مشروعات مجالس المحافظات والتي جاءت بتوجيهات ملكية حظيت بموازنات ودعم وصل إلى نحو 70 مليون دينار وانعكس ذلك ايجابا على المواطنين من خلال العشرات من المشروعات الحيوية. وقال مدير مركز الملكة علياء، احمد القطامين ان القيادة الهاشمية كانت وما تزال، اكثر حرصا على تعميق معاني وقيم الاستقلال بالشعور والوجدان الوطني عبر تراكم الانجازات والبناء، لافتا الى مراكز الصندوق الاردني الهاشمي للتنمية البشرية ومركز الاميرة بسمة ومركز الملكة علياء للعمل الاجتماعي والتي تعمل جميعها في خدمة سكان الطفيلة الذي يتجاوز عددهم 100 الف مواطن عبر تقديم جملة من الخدمات الاجتماعية والدعم للاسر المعوزة عبر حملات البر والاحسان ورعاية الاطفال والنساء وتمكين المراة والقطاع الشبابي. واستعرض رئيس بلدية الطفيلة الكبرى الدكتور حازم العدينات، أبرز المشروعات التنموية التي اقيمت في مجال العمل البلدي حيث شيد في الطفيلة صرح حضاري بمكرمة من جلالة الملك عبدالله الثاني التي أمر بها جلالته خلال زيارته لمحافظة الطفيلة وهي مشروع تطوير وسط مدينة الطفيلة بكلفة تسعة ملايين دينار. وعبر مدير مستشفى الطفيلة الحكومي الدكتور حمزة الصقور عن اعتزازه بالتوجيهات الملكية السامية الرامية الى تطوير الواقع الصحي والطبي في مختلف المحافظات حيث اقيم في الطفيلة صرح طبي مميز تمثل في مستشفى الطفيلة الحكومي والذي يحوي اقسام الطوارئ والعيادات الخارجية التي بلغ عددها 17 عيادة تحتوي على تخصصات طبية عدة، منها الباطنية، والجراحة، والنسائية، والأطفال، والأنف والأذن والحنجرة، وجراحة الوجه والفم والفكين، والأسنان، والجلدية، والعيون، والعظام، والنفسية، والأعصاب، والمسالك البولية. وقال رئيس مجلس مؤسسة إعمار الطفيلة مصطفى العوران إن الطفيلة حظيت في عهد الهاشميين بمجموعة واسعة من الإنجازات، مشيرا الى ان مؤسسة اعمار الطفيلة ومنذ تأسيسها وبدعم ملكي أقامت مشروعات متنوعة لخدمة ابناء الطفيلة. واكد رئيس غرفة تجارة وصناعة الطفيلة عودة الله القطيطات ان ذكرى الاستقلال مناسبة عزيزة على قلوب الأردنيين جميعا، مشيرا إلى أن استقلال الأردن يجسد آمال الأمة العربية بوحدة الشعوب، لافتا الى ان القطاع التجاري في الطفيلة شهد نمو وتوسعا في جميع قطاعاته. وقال مدير التنمية الاجتماعية في الطفيلة طارق الرفوع، إن محافظة الطفيلة حظيت بمشروعات مساكن للأسر العفيفة شملت مختلف مناطق المحافظة، مشيرا الى أن الطفيلة شهدت نقلة نوعية في مجال الخدمات الاجتماعية التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية. وعبر رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في الطفيلة عامر الخوالدة عن اعتزازه بما تحقق من منجزات وطنية توجت بالامن والاستقرار وجلب الاستثمارات، لافتا الى قطاع الجمعيات الخيرية الذي اصبح بفضل التوجيهات الملكية من القطاعات البارزة في العمل التطوعي والاجتماعي عبر 65 جمعية تعمل في خدمة المجتمعات المحلية في الطفيلة. ووفقا لتقرير وحدة التنمية في الطفيلة فقد تم خلال الاعوام الثلاثة الماضية تطوير وتأهيل مختلف المراكز الصحية الاولية والفرعية والشاملة في الطفيلة وعددها 13 مركزا حصلت على اعتمادية مجلس اعتماد المؤسسات الصحية. وقالت مديرة صحة الطفيلة الدكتورة منى العمايرة إن مستشفى الطفيلة المدني الذي تم تنفيذه بكلفة 34 مليون دينار بمكرمة ملكية سامية يعد من ابرز الصروح الطبية، ما يسهم في رفع سوية الخدمات الطبية وتحسين نوعيتها، وجلب الكفاءات الطبية والتمريضية لهذا المستشفى . وقال مدير شباب الطفيلة سلطان الرواشدة ان المكارم المكارم الملكية السامية طالت القطاع الشبابي في الطفيلة بكلفة تجاوزت المليون و 200 ألف دينار، وتضمنت بناء أربعة مراكز شبابية في قصبة الطفيلة والحسا تضاف إلى نحو تسعة مراكز أخرى منتشرة في قصبة الطفيلة ولواءي الحسا وبصيرا مع بناء ناديين في الحسا وبصيرا. وبينت مدير سياحة الطفيلة خلود الجرابعة ان القطاع السياحي حظي في عهد جلالة الملك بتنفيذ مشروعات للتطوير السياحي في عفرا والبربيطة بكلفة تجاوزت سبعة ملايين دينار الى جانب تطوير مواقع السلع والمعطن وإدراج مواقع سياحية اخرى ضمن مشروعات التطوير كقلعة الطفيلة الى جانب تنفيذ مشروع لتطوير وسط مدينة الطفيلة والقلعة بكلفة مليون و 200 الف دينار. وبين مدير ادارة عقد مياه الطفيلة المهندس ربيع العمايرة انه تم تنفيذ محطة حديثة للتنقية بكلفة وصلت لنحو 21 مليون دولار ما اسهم في شمول مزيد من المناطق بخدمات الصرف الصحي ضمن هذه المحطة التي ستعمل ضمن نظام "الحمى المنشطة" حيث ستنعدم تبعات المياه العادمة في المحطة كالروائح وغيرها . وشهد القطاع الزراعي في عهد جلالته رعاية واهتماما كبيرين عبر تطوير الأراضي الزراعية والقطاع الحيواني ضمن مشروعات فاقت كلفتها العام الماضي 1.5 مليون دينار تضمنت مشروعات التحريج والمراعي وإقامة مبنى للمركز الإقليمي للبحوث الزراعية علاوة على المشروعات التي تنفذ من خلال "نشاطات الحاكورة" وإدارة المصادر الزراعية. وحظي قطاع التربية والتعليم بمكارم هاشمية طالت مختلف مناطق الطفيلة كالدرر البيضاء تنير المحافظة بدءا من المدارس في الحسا وقصبة الطفيلة مرورا بنادي المعلمين ومدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز بكلفة تجاوزت سبعة ملايين دينار الى جانب بناء تسع مدارس ثانوية واساسية بكلفة تجاوزت 20 مليون دينار.

السوسنة
منذ ساعة واحدة
- السوسنة
استقلال الأردن : مسيرة شعب وقيادة نفاخر بها العالم
الأستاذة الدكتورة أماني غازي جرارفي الخامس والعشرين من أيار، تتوشّح قلوب الأردنيين بالفخر والاعتزاز، وهم يحتفلون بالذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال وطنهم العزيز، ذلك الاستقلال الذي لم يكن مجرّد تحرر من الانتداب فحسب، بل لحظة مفصلية أسست لهوية وطنية مستقلة، ونهجٍ راسخ في البناء والنهضة والكرامة. إنها مناسبة تتجاوز الطقوس الرسمية، لتلامس وجدان الأردنيين في كل بيت وقرية ومدينة، مجسدةً حبًا عميقًا لوطنٍ صمد وصنع من موارده المحدودة إنجازات لا تحدّها حدود.لقد كان للهاشميين الدور الأبرز والأكثر أثرا في مسيرة بناء الدولة الأردنية الحديثة، حيث شكّل الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين، طيب الله ثراه، حجر الأساس لمشروع وطني قائم على قيم الانتماء والعروبة والعدالة. وسار على نهجه أبناؤه الملوك الهواشم الذين توالوا على حمل الراية، متعهدين بصون الاستقلال وتعزيز أركان الدولة بكل إخلاص وتفانٍ. فقد كانت مدرسة الحكم الهاشمي مدرسة واقعية وعقلانية، قائمة على التوازن بين الثوابت الوطنية والانفتاح على العالم، مما أكسب الأردن احترامًا إقليميًا ودوليًا متصاعدًا.وفي قلب هذه المسيرة المظفّرة، يبرز دور جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم، قائدًا هاشميًا استثنائيًا حمل همّ الاستقلال في قلبه، لا كمجرد ذكرى بل كمشروع مستدام يتجدد مع كل تحدٍّ ومرحلة. فمنذ اعتلائه العرش، وجلالته يرسّخ مفاهيم السيادة الوطنية القائمة على الإرادة الحرة والقرار المستقل، ويقود الأردن في مسار دبلوماسي حيوي يدافع عن المصالح الوطنية والقضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.ولم يتوقف جلالته عند ترسيخ استقلال القرار السياسي فحسب، بل جعل من الاستقلال الاقتصادي والتنموي أولوية قصوى، فشهد الأردن في عهده إطلاق العديد من المبادرات الاقتصادية والمشروعات الاستراتيجية، من الطاقة والبنية التحتية إلى التحول الرقمي، رغم ما يحيط بالمنطقة من اضطرابات. كما أسهم في تمكين الشباب وتعزيز المشاركة السياسية، بما يعزز نهج الديمقراطية القائم على الحوار البناء.أما في مجال الأمن والاستقرار، فقد كرّس الملك عبدالله الثاني مكانة الأردن كأنموذج في الاعتدال والصلابة، فواجه الإرهاب بحزم وفكر متزن، ونجح في الحفاظ على استقرار المملكة وسط محيط إقليمي ملتهب، مؤكدًا أن أمن الوطن واستقلاله هما مسؤولية الجميع، قيادة وشعبًا.إن احتفالنا اليوم بالذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال الأردن هو مناسبة نجدد فيها العهد لوطنٍ نعتز بانتمائنا إليه، ولقائد نفاخر العالم بقيادته. إنها لحظة تأمل في مسيرة طويلة من البذل والبناء، سطّرها الهاشميون بحكمة ووفاء، ويمضي فيها الأردنيون اليوم خلف جلالة الملك عبدالله الثاني بثقة وإيمان، صوب مستقبل مشرق نفخر فيه جميعا ،ونحيى فيه معنى الكرامة والاستقلال. وكلنا دعاء لله أن يحفظ هذا الوطن العزيز بقيادته الحكيمة وشعبه العظيم.


خبرني
منذ ساعة واحدة
- خبرني
غوشة للمهندسين..انتم من أعمدة الاستقلال
خبرني - وجه نقيب المهندسين م.عبدالله غوشة رسالة للمهندسين بمناسبة عيد الاستقلال تاليا نصها:- الأخوات والإخوة الكرام، المهندسات والمهندسين الزملاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في يومٍ تتوشحُ فيه الذاكرةُ بالكرامةِ والوجدانُ بالعزّة، نحتفي باستقلالِ وطنٍ لم يكن يوماً مجردَ حدودٍ مرسومةٍ على الخريطة، بل كان إرادةً عصيّةً على الانكسار، وصوتاً لا يلين في وجهِ الصعاب. هذا اليوم ليس مناسبةً نحتفل بها فحسب، بل محطةٌ نتوقف عندها لنستعرض كيف نواصل البناءَ على إرثٍ وُلد من التحدي وصنع المجد. في قلب هذا الإرث، يقف المهندس الأردنيّ شامخاً، شاهداً على تحولات الوطن، ومشاركاً فاعلاً في صناعتها. لم يكن المهندس الأردني يوماً عاملاً خلف الكواليس فقط، بل كان – وما يزال – أحد أعمدة الاستقلال العمليّ، يمارس سيادته على الأرض بالعلم والخبرة، ويترجم حبّه لوطنه في كل حجرٍ يضعه، وكل فكرةٍ يصوغها، وكل مشروعٍ يبنيه على أساس من الدقة والإبداع. لقد خَبِرَ المهندس الأردني الندرة، ولم يرتبك. تعامل مع الجغرافيا الصعبة لا كعائق، بل كفرصة للابتكار. من قسوة الصحراء، ووعورة الأرض، وقلّة الموارد، انطلقت عبقريته في تصميم حلولٍ مستدامة؛ ابتكر في إدارة المياه والطاقة والبيئة، وصاغ من ظروفنا القاسية منصاتٍ للتميز العلمي والعملي. جعل من الشمس مصدراً للطاقة، ومن الرياح مورداً للحياة، ومن قطرة الماء ثروةً لا تُهدر. هنا، تتجلى عبقرية الهندسة الأردنية: توظيف الندرة لصنع الكفاءة، وتسخير المنعة لصياغة مشاريع لا تُقهر. وما يميّز المهندس الأردني ليس فقط خبرته في التعامل مع الطبيعة، بل قدرته على استشراف المستقبل والتعامل مع المجهول. في عالمٍ مليء بالتقلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح دور المهندس لا يقتصر على البناء، بل على التخطيط والإدارة للأزمات والمخاطر. من رحم التحدي، يصنع الفرص، ومن كل أزمةٍ يُعيد رسم الحل. لم تعد الهندسة مجرد حسابات، بل أصبحت عقلية قيادية، تنظر للمشهد كاملاً، وتحسن اتخاذ القرار في لحظاتٍ فاصلة. ولأن المستقبل يبدأ بخطوة وعي، فإن على المهندس الأردني اليوم أن يُضاعف جهوده في تطوير أدواته، وتحديث معارفه، وتعزيز حضوره العلمي والمهني عربياً ودولياً. لدينا من الكفاءات ما يؤهلنا لنكون قادة التغيير في قطاعات التكنولوجيا الخضراء، والمدن الذكية، وإدارة المخاطر، لا تابعين في سباق الابتكار. بل إن مهندسينا، الذين طبعوا أسماءهم في مشاريع عالمية، عادوا اليوم ليضعوا علمهم في خدمة وطنهم، يطوّرون الجامعات، ويوسعون آفاق البحث، ويقودون المبادرات من أجل أردنٍ أكثر مرونةً واستعداداً للمستقبل. أيها الأحبة، إن الاستقلال ليس فقط لحظةً تاريخية نحتفل بها، بل هو مسؤولية يومية نمارسها في كل موقع. وحين نتأمل حجم الأدوار التي يضطلع بها المهندس الأردني – من بناء البنى التحتية إلى رسم سياسات التنمية المستدامة – ندرك أننا أمام ركنٍ صلب في صيانة السيادة وتعزيز جودة الحياة. فلنواصل هذا الدور بفخر، ولنحمل شعلة الاستقلال لا في الاحتفال فقط، بل في الأداء، في الابتكار، في الإخلاص، في الإيمان العميق بأن هذا الوطن يستحق منا الأفضل دائماً. وليكن المهندس الأردني، كما كان دوماً، حارس البناء، ورائد النهضة، وضمير التنمية، برؤية ثاقبة غرسها قائد المسيرة التي تستمر ولا تتوقف، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، قصة إيمان وإصرار ومنعة ولدت من الندرة عنوانها الأردن، وغلافها فخر واعتزاز بجيشنا العربي المصطفوي يرسم فصولها الأردنيات والأردنيون، المهندسات والمهندسون على امتداد المهنة والوطن. كل عام وأنتم بخير، وكل عام والأردن في عزٍّ وكرامةٍ وتقدّم.