ارتفاع قيمة الأسلحة الصينية بعد حرب باكستان والهند
وأضافت، في تحليل إخباري على موقعها الإلكتروني، أن الصراع الأخير بين الدولتين الجارتين في جنوبي آسيا يدفع إلى إعادة تقييم الأسلحة الصينية بما يخالف المفاهيم السائدة القائلة بتدني قدراتها مقارنة بالأسلحة الغربية، مما من شأنه أن يثير قلق الدول التي تتوجس خيفة من الصين.
وقد أثار نجاح الطائرة الصينية الصنع من طراز "جيه-10 سي" (J-10C) في إسقاط مقاتلات من طراز رافال الفرنسية، التي يملكها الجيش الهندي، المخاوف في تايوان ، الدولة التي تعدها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وقد يزيد هذا النجاح من حجم صادرات الأسلحة الصينية إلى الدول النامية، وفق بلومبيرغ التي كشفت عن ارتفاع قيمة تلك الطائرة الصينية في الأسواق العالمية بأكثر من ربع سعرها السابق نهاية الأسبوع المنصرم.
قلق تايوان
ونقلت الوكالة الأميركية عن هو شيجين -رئيس التحرير السابق لصحيفة "غلوبال تايمز" القومية الصينية على وسائل التواصل الاجتماعي- القول إن على تايوان أن تشعر بالقلق، إذا صح أن الضربات الباكستانية حققت نجاحا.
ومن جانبه، أكد شو هسياو هوانغ، الباحث في معهد أبحاث الدفاع والأمن القومي في تايبيه، أن تايوان ظلت تراقب من كثب الصدام بين باكستان والهند، وأن الأمر يتطلب إعادة تقييم القدرات القتالية الجوية للجيش الصيني التي ربما تضاهي -أو حتى تتجاوز- مستويات القوة الجوية الأميركية المنتشرة في شرقي آسيا.
وزعمت بلومبيرغ أن الجيش الصيني -الذي يعد الأكبر في العالم من حيث عدد أفراده- كان غارقا في الفضائح في وقت كان يسعى فيه الرئيس شي جين بينغ إلى تحديثه.
وقالت إن ذلك أثار تساؤلات حول مدى الجاهزية القتالية لقدراته الصاروخية القوية والسرية، والتي قد تلعب دورا حاسما في أي غزو لتايوان.
دحض الشكوك
ويبدو أن نجاح طائرات "جيه-10 سي" يدحض تلك الشكوك، رغم أنها لم تخض تجارب قتالية كثيرة، وتُستخدم للقيام بدوريات في مضيق تايوان.
ومع ذلك -وفقا للتحليل- لا يزال من غير المؤكد كيف سيكون أداؤها في مواجهة المقاتلات الأميركية من طراز "إف-16′′، على سبيل المثال، التي تشكل الجزء الأكبر من الطائرات التايوانية وأثبتت قدرتها القتالية عبر عقود من الزمن.
وتعد الصين رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم ولكن معظم عملائها من الدول النامية مثل باكستان ، التي تعاني من محدودية مواردها المالية.
وتعتقد بلومبيرغ أن التطورات الأخيرة من شأنها أن ترفع مبيعات بكين من الأسلحة في وقت تستجيب فيه الاقتصادات الكبرى من أوروبا إلى آسيا لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزيادة الإنفاق الدفاعي.
فرصة جيدة لدول الجنوب
ويرى جيمس تشار -وهو أستاذ مساعد للدراسات الصينية في كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية ومقرها في سنغافورة - أن هناك فرصة جيدة لأن تكون منظومات الأسلحة الصينية أكثر جاذبية للمشترين المحتملين، خاصة في دول الجنوب، لافتا إلى أن المقاتلة من طراز "جيه-10 سي" ليست حتى أكثر الطائرات الصينية تقدما.
وحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد ارتفع متوسط صادرات الصين من الأسلحة إلى الخارج خلال السنوات الخمس الماضية بأكثر من 3 أضعاف ما كان عليه في الفترة من 2000 إلى 2004. ولا تنشر الحكومة الصينية والشركات المملوكة للدولة بيانات عن صادراتها من الأسلحة.
لكن متخصصين زعموا أن صادرات الأسلحة الصينية تعاني منذ سنوات من عيوب في أنظمة التسليح التي تستنزف -بناء على آرائهم- ميزانيات الأمن بسبب نفقات الصيانة، رغم أنها تبدو غير مكلفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 8 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : هل استفادت الصين من الصراع بين الهند وباكستان في رسم ملامح قوتها العسكرية؟
الثلاثاء 20 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، AFP التعليق على الصورة، يستخدم سلاح الجو الباكستاني طائرات مقاتلة من طراز "جيه-10" صينية الصنع Article information Author, أنباراسان إيثيراجان Role, محرر بي بي سي لشؤون منطقة جنوب آسيا قبل 9 ساعة انتهى الصراع الذي استمر أربعة أيام بين الخصمين التقليديين، الهند وباكستان، الشهر الجاري بوقف إطلاق النار، مع إعلان كل منهما تحقيق النصر، بيد أن التطورات الأخيرة سلطت الضوء على قطاع صناعة الدفاع في الصين، التي قد تكون الرابح الحقيقي في هذا الصراع بطريقة غير مباشرة. انطلقت أحدث موجة من التوترات بين الهند وباكستان في السابع من مايو/أيار، عندما شنت الهند هجمات استهدفت ما أطلقت عليه اسم "البنية التحتية للإرهابيين" داخل الأراضي الباكستانية، في رد على هجوم مسلح راح ضحيته 26 شخصاً، أغلبهم من السائحين، في بلدية باهلغام في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الثاني والعشرين من أبريل/نيسان. وقُتل كثيرون في الوادي ذي الطبيعة الخلابة في كشمير، الأمر الذي دفع نيودلهي إلى اتهام إسلام آباد بدعم الجماعات المسلحة المتورطة في هذا الهجوم، وهو اتهام نفته باكستان. وعقب رد الهند، الذي أطلقت عليه اسم "عملية سندور"، وتوجيه ضربة في أعقاب الهجوم الذي نفذته الجماعات المسلحة، دخل الطرفان في سلسلة من التحركات العسكرية المتبادلة، تضمنت شن هجمات بمسيّرات، وصواريخ، ومقاتلات حربية. وأشارت تقارير إلى أن الهند استخدمت في شن الهجمات مقاتلات فرنسية وروسية الصنع، بينما استخدمت باكستان طائرات، من طراز" جيه-10" و"جيه-17"، التي تشترك في تصنيعها مع الصين، وأكد الجانبان أن المقاتلات لم تتجاوز الحدود، وأن تبادل إطلاق الصواريخ جرى عن بُعد. وادّعت إسلام آباد أن مقاتلاتها الجوية أسقطت نحو ست طائرات تابعة للهند، بما في ذلك طائرات من طراز "رافال" الفرنسية الصنع، التي حصلت عليها الهند مؤخراً، لكن من جانبها لم تصدر دلهي أي رد رسمي على هذه الادعاءات. وقال المارشال الجوي، إيه كيه بهارتي، أحد القادة البارزين في سلاح الجو الهندي، في تصريح له الأسبوع الماضي، رداً على سؤال من أحد الصحفيين بشأن تلك الادعاءات: "الخسائر جزء من المعارك"، وامتنع بهارتي عن التعليق على الادعاء المباشر بشأن إسقاط باكستان طائرات هندية. وأضاف: "حققنا الأهداف التي حددناها، وعاد جميع طيارينا بسلام". صدر الصورة، X/Shehbaz Sharif التعليق على الصورة، استخدمت باكستان طائرات حربية صينية الصنع لأول مرة في معاركها الأخيرة مع الهند وأعلنت الهند أنها قتلت نحو "100 إرهابي"، خلال هجماتها التي استهدفت مقرّات تابعة لتنظيمي "عسكر طيبة" و"جيش محمد" المحظورين، والمتمركزين داخل الأراضي الباكستانية. ولا تزال الرواية الحاسمة لما جرى بالفعل خلال المعارك الجوية بين الطرفين غير واضحة حتى الآن، إذ تحدثت بعض وسائل الإعلام عن وقوع حوادث سقوط لطائرات في ولاية البنجاب وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الفترة نفسها، بيد أن الحكومة الهندية لم تصدر أي تعليق رسمي على تلك التقارير. وذكر تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن باكستان ربما استخدمت طائرات من طراز "جيه-10" صينية الصنع لإطلاق صواريخ جو-جو على مقاتلات هندية، ويرى بعض الخبراء أن إعلان باكستان تحقيق النصر، بعد اعتمادها الكبير على أنظمة الأسلحة الصينية في قتال نشط، يمثل دفعة قوية لصناعة الدفاع الصينية، بينما يعارض آخرون هذا الرأي. ويرى بعض الخبراء أن ما حدث يعد لحظة فارقة لصناعة الأسلحة في الصين، أشبه بـ "لحظة ديب سيك"، في إشارة إلى ما حدث في يناير/كانون الثاني الماضي عندما أزعجت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة عمالقة التكنولوجيا الأمريكية من خلال تقنيتها التي اتسمت بانخفاض التكلفة والكفاءة العالية. وقال الكولونيل المتقاعد في جيش تحرير الشعب الصيني، تشو بو، لبي بي سي: "كانت المعركة الجوية بمثابة إعلان هائل عن صناعة الأسلحة الصينية. حتى الآن، لم تتح للصين فرصة لاختبار أنظمتها في ظروف قتالية فعلية". وأضاف المحلل، الذي يقيم في بكين، أن المواجهة الجوية أظهرت أن "الصين تمتلك أنظمة تتفوق على نظيراتها"، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسهم شركة "أفيك تشنغدو" الصينية المتخصصة في صناعة الطائرات المقاتلة، مثل الطائرة "جيه-10"، بنسبة تصل إلى 40 في المئة خلال الأسبوع الماضي عقب الأداء المعلن عنه لهذه الطائرة في الصراع بين الهند-باكستان. وعلى الرغم من ذلك يرى بعض الخبراء أن الوقت لا يزال مبكراً لإعلان تفوق أنظمة الأسلحة الصينية. ويقول والتر لادفيغ، من كينغز كوليدج في لندن، إن الأمر لم يُحسم حتى الآن إذا كانت الطائرات الصينية استطاعت بالفعل التفوق على طائرات سلاح الجو الهندي، وخصوصاً طائرات "رافال" الفرنسية الصنع. ويضيف: "وفقاً للعقيدة العسكرية التقليدية، يجب التصدي لدفاعات العدو الجوية وتحقيق التفوق الجوي قبل استهداف الأهداف الأرضية، وعلى الرغم من ذلك يبدو أن مهمة سلاح الجو الهندي لم تكن تهدف إلى استثارة أي رد فعل عسكري من الجانب الباكستاني". ويعتقد لادفيغ أن الطيارين الهنود ربما تلقوا أوامر بالتحليق على الرغم من حالة التأهب القصوى التي كانت عليها الدفاعات الجوية الباكستانية، ووجود طائراتها بالفعل في السماء، ولم تكشف القوات الجوية الهندية عن تفاصيل المهمة أو استراتيجيتها في العمليات الجوية. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تدعي باكستان أنها أسقطت طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي من طراز "رافال" الفرنسية الصنع كما لم تدل بكين بأي تصريح بشأن تقارير أفادت بإسقاط طائرات مقاتلة هندية، بما فيها طائرات "رافال"، بواسطة طائرات "جيه-10"، بيد أن التقارير غير المؤكدة بشأن إسقاط طائرة "جيه-10" لنظام سلاح غربي أثارت موجة من الفرح والشعور بنشوة الانتصار على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. وقالت كارلوتا ريناودو، الباحثة في الشؤون الصينية في الفريق الدولي لدراسة الأمن في فيرونا، إن وسائل التواصل الاجتماعي في الصين فاضت بالرسائل الوطنية، على الرغم من صعوبة التوصل إلى نتائج حاسمة اعتماداً على المعلومات المتاحة. وأضافت: "يكتسب الانطباع عن الناس، في الوقت الراهن، أهمية تفوق الواقع بكثير. وإذا أخذنا الأمر من هذا المنظور، فإن الرابح الحقيقي هو الصين". وتعد باكستان حليفاً استراتيجياً واقتصادياً للصين، التي تستثمر ما يزيد عن 50 مليار دولار في إنشاء البنية التحتية في باكستان ضمن مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، لذا لا يصب ضعف باكستان في مصلحة الصين. ويقول المحلل الأمني الباكستاني، إمتيار غول: "لعبت الصين دوراً حاسماً في النزاع الأخير بين الهند وباكستان، وفاجأت المخططين الهنود بشكل كبير، إذ ربما لم يكن في تصورهم مدى عمق التعاون في مجال الحرب الحديثة بين باكستان والصين". ويرى خبراء أن أداء الطائرات الصينية في ظروف قتال فعلية قد خضع لتحليل دقيق في العواصم الغربية، إذ من المتوقع أن يكون لذلك أثر بالغ على سوق الأسلحة العالمية، لا سيما وأن الولايات المتحدة تعد أكبر مصدر للأسلحة على مستوى العالم، تليها الصين في المركز الرابع. وتصدّر الصين أسلحتها في الغالب إلى دول نامية مثل ميانمار وباكستان، وكانت أنظمة الأسلحة الصينية تتعرض في السابق لانتقادات بسبب ضعف جودتها ورصد مشكلات تقنية تواجهها. وكانت أنباء قد تحدثت عن تعليق القوات المسلحة البورمية استخدام عدد من طائراتها المقاتلة من طراز "جيه إف-17"، التي جرى تصنيعها بالشراكة بين الصين وباكستان عام 2022، بسبب وجود مشكلات تقنية. كما أفاد الجيش النيجيري بوجود عدة مشكلات تقنية في طائراته المقاتلة من طراز "إف-7" صينية الصنع. وهذه ليست المرة الأولى التي تفقد فيها الهند طائرة في مواجهة مع باكستان. ففي عام 2019، وخلال معركة جوية وجيزة بين الطرفين، عقب تنفيذ ضربات جوية هندية مماثلة على مواقع وُصفت بأنها تابعة لإرهابيين مشتبه بهم في باكستان، أُسقطت طائرة من طراز "ميغ-21" روسية الصنع داخل الأراضي الباكستانية، وأُسر قائدها الذي أُفرج عنه بعد أيام. لكن الهند أعلنت أن الطيار قفز من طائرته بمظلة عقب نجاحه في إسقاط طائرات مقاتلة باكستانية، منها طائرة طراز "إف-16" الأمريكية الصنع، وهو ادعاء نفته باكستان. صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، موقع هجوم باهلغام الذي شهد مقتل 26 مدنياً برصاص مسلحين وعلى الرغم من التقارير التي تحدثت عن إسقاط طائرات هندية الأسبوع الماضي، يرى خبراء مثل لادفيغ أن الهند نجحت في ضرب "نطاق واسع من الأهداف" داخل باكستان في صباح العاشر من مايو/أيار، الأمر الذي لم يحظَ باهتمام كبير من وسائل الإعلام الدولية. وأعلن الجيش الهندي أنه نفّذ هجوماً منسقاً أطلق خلاله صواريخ على 11 قاعدة جوية باكستانية في مختلف أنحاء البلاد، من بينها قاعدة نور خان الجوية الاستراتيجية الواقعة خارج روالبندي، القريبة من مقر القيادة العسكرية الباكستانية، ويُعد هذا الهدف حساساً ومفاجئاً للسلطات في إسلام أباد. وكان أحد أبعد الأهداف في بولاري، التي تقع على مسافة 140 كيلومتراً من مدينة كراتشي الجنوبية. ويقول لادفيغ إن سلاح الجو الهندي نفّذ في هذه المرة عمليات وفق إجراءات متبعة، بداية بشن هجوم على أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الباكستانية، ثم توجيه ضربات هجومية على أهداف أرضية. كما استعانت الطائرات الهندية بتشكيل من الصواريخ والذخائر والطائرات المسيّرة، على الرغم من تفعيل باكستان نظام الدفاع الجوي "إتش كيو-9" المزود من الصين. ويقول لادفيغ: "يبدو أن الهجمات كانت دقيقة وتحققت أهدافها إلى حد كبير، إذ كانت الحفرات في منتصف مدارج الطائرات، وهي مواقع مثالية تماماً. أما لو كان الصراع طال أمده، فلا أستطيع تحديد المدة التي ستحتاجها القوات الجوية الباكستانية لإعادة تشغيل هذه المنشآت". وعلى الرغم من ذلك، أشار إلى أن الجيش الهندي "فقد زمام السيطرة على سرد الأحداث" بسبب رفضه الخوض في تفاصيل بالغة الأهمية. وردّاً على الغارات الهندية، أعلنت باكستان أنها نفّذت هجمات صاروخية وجوية على عدد من القواعد الجوية الهندية في الخطوط الأمامية، إلا أن نيودلهي أكدت أن الهجمات لم تُسفر عن أي أضرار في المعدات أو الأفراد. وبناء على ذلك تدخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها، إدراكاً منهم بأن الوضع يتفاقم، وفرضوا ضغوطاً على البلدين لوقف المعارك بينهما. ويجد خبراء أن هذا النزاع برمته يمثل إنذاراً مهماً للهند ودعوة للاستيقاظ. وإن كانت الصين لا تُعلّق على تفاصيل الصراع الأخير بين الهند وباكستان، إلا أنها حريصة على إبراز تقدم أنظمة أسلحتها التي تواكب بسرعة تطور الأسلحة الغربية. وتُدرك نيودلهي أن الطائرات التي زودت بها الصين باكستان هي طُرز أوّلية، إذ استطاعت بكين بالفعل صناعة طائرات مقاتلة متقدمة من طراز "جيه-20" الشبحية التي تتمتع بتقنية التخفي وتجنب رصد الرادارات. وتخوض الهند والصين نزاعاً حدودياً طويل الأمد على طول سلسلة جبال الهيمالايا، تسبب في حرب قصيرة في عام 1962 مما أسفر عن هزيمة الهند، كما حدثت اشتباكات حدودية قصيرة في لاداخ في يونيو/حزيران 2020. ويرى خبراء أن الهند تعي تماماً أهمية تعزيز استثماراتها في صناعة الدفاع المحلي وزيادة معدلات الشراء من السوق الدولية.


مصراوي
منذ 14 ساعات
- مصراوي
هل استفادت الصين من الصراع بين الهند وباكستان في رسم ملامح قوتها العسكرية؟
انتهى الصراع الذي استمر أربعة أيام بين الخصمين التقليديين، الهند وباكستان، الشهر الجاري بوقف إطلاق النار، مع إعلان كل منهما تحقيق النصر، بيد أن التطورات الأخيرة سلطت الضوء على قطاع صناعة الدفاع في الصين، التي قد تكون الرابح الحقيقي في هذا الصراع بطريقة غير مباشرة. انطلقت أحدث موجة من التوترات بين الهند وباكستان في السابع من مايو، عندما شنت الهند هجمات استهدفت ما أطلقت عليه اسم "البنية التحتية للإرهابيين" داخل الأراضي الباكستانية، في رد على هجوم مسلح راح ضحيته 26 شخصاً، أغلبهم من السائحين، في بلدية باهلغام في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الثاني والعشرين من أبريل. وقُتل كثيرون في الوادي ذي الطبيعة الخلابة في كشمير، الأمر الذي دفع نيودلهي إلى اتهام إسلام آباد بدعم الجماعات المسلحة المتورطة في هذا الهجوم، وهو اتهام نفته باكستان. وعقب رد الهند، الذي أطلقت عليه اسم "عملية سندور"، وتوجيه ضربة في أعقاب الهجوم الذي نفذته الجماعات المسلحة، دخل الطرفان في سلسلة من التحركات العسكرية المتبادلة، تضمنت شن هجمات بمسيّرات، وصواريخ، ومقاتلات حربية. وأشارت تقارير إلى أن الهند استخدمت في شن الهجمات مقاتلات فرنسية وروسية الصنع، بينما استخدمت باكستان طائرات، من طراز" جيه-10" و"جيه-17"، التي تشترك في تصنيعها مع الصين، وأكد الجانبان أن المقاتلات لم تتجاوز الحدود، وأن تبادل إطلاق الصواريخ جرى عن بُعد. وادّعت إسلام آباد أن مقاتلاتها الجوية أسقطت نحو ست طائرات تابعة للهند، بما في ذلك طائرات من طراز "رافال" الفرنسية الصنع، التي حصلت عليها الهند مؤخراً، لكن من جانبها لم تصدر دلهي أي رد رسمي على هذه الادعاءات. وقال المارشال الجوي، إيه كيه بهارتي، أحد القادة البارزين في سلاح الجو الهندي، في تصريح له الأسبوع الماضي، رداً على سؤال من أحد الصحفيين بشأن تلك الادعاءات: "الخسائر جزء من المعارك"، وامتنع بهارتي عن التعليق على الادعاء المباشر بشأن إسقاط باكستان طائرات هندية. وأضاف: "حققنا الأهداف التي حددناها، وعاد جميع طيارينا بسلام". وأعلنت الهند أنها قتلت نحو "100 إرهابي"، خلال هجماتها التي استهدفت مقرّات تابعة لتنظيمي "عسكر طيبة" و"جيش محمد" المحظورين، والمتمركزين داخل الأراضي الباكستانية. ولا تزال الرواية الحاسمة لما جرى بالفعل خلال المعارك الجوية بين الطرفين غير واضحة حتى الآن، إذ تحدثت بعض وسائل الإعلام عن وقوع حوادث سقوط لطائرات في ولاية البنجاب وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الفترة نفسها، بيد أن الحكومة الهندية لم تصدر أي تعليق رسمي على تلك التقارير. وذكر تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن باكستان ربما استخدمت طائرات من طراز "جيه-10" صينية الصنع لإطلاق صواريخ جو-جو على مقاتلات هندية، ويرى بعض الخبراء أن إعلان باكستان تحقيق النصر، بعد اعتمادها الكبير على أنظمة الأسلحة الصينية في قتال نشط، يمثل دفعة قوية لصناعة الدفاع الصينية، بينما يعارض آخرون هذا الرأي. ويرى بعض الخبراء أن ما حدث يعد لحظة فارقة لصناعة الأسلحة في الصين، أشبه بـ "لحظة ديب سيك"، في إشارة إلى ما حدث في يناير الماضي عندما أزعجت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة عمالقة التكنولوجيا الأمريكية من خلال تقنيتها التي اتسمت بانخفاض التكلفة والكفاءة العالية. وقال الكولونيل المتقاعد في جيش تحرير الشعب الصيني، تشو بو، لبي بي سي: "كانت المعركة الجوية بمثابة إعلان هائل عن صناعة الأسلحة الصينية. حتى الآن، لم تتح للصين فرصة لاختبار أنظمتها في ظروف قتالية فعلية". وأضاف المحلل، الذي يقيم في بكين، أن المواجهة الجوية أظهرت أن "الصين تمتلك أنظمة تتفوق على نظيراتها"، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسهم شركة "أفيك تشنغدو" الصينية المتخصصة في صناعة الطائرات المقاتلة، مثل الطائرة "جيه-10"، بنسبة تصل إلى 40 في المئة خلال الأسبوع الماضي عقب الأداء المعلن عنه لهذه الطائرة في الصراع بين الهند-باكستان. وعلى الرغم من ذلك يرى بعض الخبراء أن الوقت لا يزال مبكراً لإعلان تفوق أنظمة الأسلحة الصينية. ويقول والتر لادفيغ، من كينغز كوليدج في لندن، إن الأمر لم يُحسم حتى الآن إذا كانت الطائرات الصينية استطاعت بالفعل التفوق على طائرات سلاح الجو الهندي، وخصوصاً طائرات "رافال" الفرنسية الصنع. ويضيف: "وفقاً للعقيدة العسكرية التقليدية، يجب التصدي لدفاعات العدو الجوية وتحقيق التفوق الجوي قبل استهداف الأهداف الأرضية، وعلى الرغم من ذلك يبدو أن مهمة سلاح الجو الهندي لم تكن تهدف إلى استثارة أي رد فعل عسكري من الجانب الباكستاني". ويعتقد لادفيغ أن الطيارين الهنود ربما تلقوا أوامر بالتحليق على الرغم من حالة التأهب القصوى التي كانت عليها الدفاعات الجوية الباكستانية، ووجود طائراتها بالفعل في السماء، ولم تكشف القوات الجوية الهندية عن تفاصيل المهمة أو استراتيجيتها في العمليات الجوية. كما لم تدل بكين بأي تصريح بشأن تقارير أفادت بإسقاط طائرات مقاتلة هندية، بما فيها طائرات "رافال"، بواسطة طائرات "جيه-10"، بيد أن التقارير غير المؤكدة بشأن إسقاط طائرة "جيه-10" لنظام سلاح غربي أثارت موجة من الفرح والشعور بنشوة الانتصار على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. وقالت كارلوتا ريناودو، الباحثة في الشؤون الصينية في الفريق الدولي لدراسة الأمن في فيرونا، إن وسائل التواصل الاجتماعي في الصين فاضت بالرسائل الوطنية، على الرغم من صعوبة التوصل إلى نتائج حاسمة اعتماداً على المعلومات المتاحة. وأضافت: "يكتسب الانطباع عن الناس، في الوقت الراهن، أهمية تفوق الواقع بكثير. وإذا أخذنا الأمر من هذا المنظور، فإن الرابح الحقيقي هو الصين". وتعد باكستان حليفاً استراتيجياً واقتصادياً للصين، التي تستثمر ما يزيد عن 50 مليار دولار في إنشاء البنية التحتية في باكستان ضمن مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، لذا لا يصب ضعف باكستان في مصلحة الصين. ويقول المحلل الأمني الباكستاني، إمتيار غول: "لعبت الصين دوراً حاسماً في النزاع الأخير بين الهند وباكستان، وفاجأت المخططين الهنود بشكل كبير، إذ ربما لم يكن في تصورهم مدى عمق التعاون في مجال الحرب الحديثة بين باكستان والصين". ويرى خبراء أن أداء الطائرات الصينية في ظروف قتال فعلية قد خضع لتحليل دقيق في العواصم الغربية، إذ من المتوقع أن يكون لذلك أثر بالغ على سوق الأسلحة العالمية، لاسيما وأن الولايات المتحدة تعد أكبر مصدر للأسلحة على مستوى العالم، تليها الصين في المركز الرابع. وتصدّر الصين أسلحتها في الغالب إلى دول نامية مثل ميانمار وباكستان، وكانت أنظمة الأسلحة الصينية تتعرض في السابق لانتقادات بسبب ضعف جودتها ورصد مشكلات تقنية تواجهها. وكانت أنباء قد تحدثت عن تعليق القوات المسلحة البورمية استخدام عدد من طائراتها المقاتلة من طراز "جيه إف-17"، التي جرى تصنيعها بالشراكة بين الصين وباكستان عام 2022، بسبب وجود مشكلات تقنية. كما أفاد الجيش النيجيري بوجود عدة مشكلات تقنية في طائراته المقاتلة من طراز "إف-7" صينية الصنع. وهذه ليست المرة الأولى التي تفقد فيها الهند طائرة في مواجهة مع باكستان. ففي عام 2019، وخلال معركة جوية وجيزة بين الطرفين، عقب تنفيذ ضربات جوية هندية مماثلة على مواقع وُصفت بأنها تابعة لإرهابيين مشتبه بهم في باكستان، أُسقطت طائرة من طراز "ميغ-21" روسية الصنع داخل الأراضي الباكستانية، وأُسر قائدها الذي أُفرج عنه بعد أيام. لكن الهند أعلنت أن الطيار قفز من طائرته بمظلة عقب نجاحه في إسقاط طائرات مقاتلة باكستانية، منها طائرة طراز "إف-16" الأمريكية الصنع، وهو ادعاء نفته باكستان. وعلى الرغم من التقارير التي تحدثت عن إسقاط طائرات هندية الأسبوع الماضي، يرى خبراء مثل لادفيغ أن الهند نجحت في ضرب "نطاق واسع من الأهداف" داخل باكستان في صباح العاشر من مايو، الأمر الذي لم يحظ باهتمام كبير من وسائل الإعلام الدولية. وأعلن الجيش الهندي أنه نفذ هجوماً منسقاً أطلق خلاله صواريخ على 11 قاعدة جوية باكستانية في مختلف أنحاء البلاد، من بينها قاعدة نور خان الجوية الاستراتيجية الواقعة خارج روالبندي، القريبة من مقر القيادة العسكرية الباكستانية، ويُعد هذا الهدف حساساً ومفاجئاً للسلطات في إسلام أباد. وكان أحد أبعد الأهداف في بولاري، التي تقع على مسافة 140 كيلومتراً من مدينة كراتشي الجنوبية. ويقول لادفيغ إن سلاح الجو الهندي نفذ في هذه المرة عمليات وفق إجراءات متبعة، بداية بشن هجوم على أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الباكستانية، ثم توجيه ضربات هجومية على أهداف أرضية. كما استعانت الطائرات الهندية بتشكيل من الصواريخ والذخائر والطائرات المسيّرة، على الرغم من تفعيل باكستان نظام الدفاع الجوي "إتش كيو-9" المزود من الصين. ويقول لادفيغ: "يبدو أن الهجمات كانت دقيقة وتحققت أهدافها إلى حد كبير، إذ كانت الحفرات في منتصف مدارج الطائرات، وهي مواقع مثالية تماماً. أما لو كان الصراع طال أمده، فلا أستطيع تحديد المدة التي ستحتاجها القوات الجوية الباكستانية لإعادة تشغيل هذه المنشآت". وعلى الرغم من ذلك، أشار إلى أن الجيش الهندي "فقد زمام السيطرة على سرد الأحداث" بسبب رفضه الخوض في تفاصيل بالغة الأهمية. ورداً على الغارات الهندية، أعلنت باكستان أنها نفذت هجمات صاروخية وجوية على عدد من القواعد الجوية الهندية في الخطوط الأمامية، إلا أن نيودلهي أكدت أن الهجمات لم تُسفر عن أي أضرار في المعدات أو الأفراد. وبناء على ذلك تدخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها، إدراكاً منهم بأن الوضع يتفاقم، وفرضوا ضغوطاً على البلدين لوقف المعارك بينهما. ويجد خبراء أن هذا النزاع برمته يمثل إنذاراً مهماً للهند ودعوة للاستيقاظ. وإن كانت الصين لا تُعلّق على تفاصيل الصراع الأخير بين الهند وباكستان، إلا أنها حريصة على إبراز تقدم أنظمة أسلحتها التي تواكب بسرعة تطور الأسلحة الغربية. وتُدرك نيودلهي أن الطائرات التي زودت بها الصين باكستان هي طُرز أوّلية، إذ استطاعت بكين بالفعل صناعة طائرات مقاتلة متقدمة من طراز "جيه-20" الشبحية التي تتمتع بتقنية التخفي وتجنب رصد الرادارات. وتخوض الهند والصين نزاعاً حدودياً طويل الأمد على طول سلسلة جبال الهيمالايا، تسبب في حرب قصيرة في عام 1962 مما أسفر عن هزيمة الهند، كما حدثت اشتباكات حدودية قصيرة في لاداخ في يونيو 2020. ويرى خبراء أن الهند تعي تماماً أهمية تعزيز استثماراتها في صناعة الدفاع المحلي وزيادة معدلات الشراء من السوق الدولية.


بوابة الفجر
منذ 4 أيام
- بوابة الفجر
كيف أعاد الرئيس السيسي رسم خريطة القوة النارية من الغرب إلى الشرق؟
شهدت شبه القارة الهندية خلال الفترة الماضية تصعيدًا غير مسبوق بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان، وسط ضربات عسكرية متبادلة وتهديدات متزايدة تنذر بانزلاق المنطقة نحو حرب شاملة، وبدأت المواجهة بعد أن أطلقت الهند صواريخ باليستية استهدفت العمق الباكستاني، كان أخطرها ضربة مباشرة لقاعدة عسكرية تقع على بُعد 10 كيلومترات فقط من العاصمة إسلام أباد. واستهدفت نيودلهي ثلاث قواعد عسكرية أخرى داخل الأراضي الباكستانية، في تصعيد هو الأعنف منذ سنوات، وجاء الرد الباكستاني سريعًا عبر عملية عسكرية أطلقت عليها إسلام أباد اسم "البنيان المرصوص"، أسفرت عن تدمير سبعة مواقع عسكرية هندية وعدد من الأهداف الحيوية، أبرزها منظومة الدفاع الجوي المتطورة S-400، إضافة إلى هجوم سيبراني واسع النطاق عطل نحو 70% من شبكة الكهرباء الهندية، ما تسبب في شلل مؤقت بمناطق عدة. وفي تطور نوعي، أعلنت باكستان إسقاط خمس طائرات مقاتلة هندية من طراز رافال، ميج-29، وسوخوي، إلى جانب تسع مسيرات إسرائيلية الصنع، في ضربة قاسية لقدرات سلاح الجو الهندي، وبحسب مراقبين، فإن السيناريو الأقرب هو استمرار التصعيد، خاصة في ظل غياب أي تحرك دولي جاد لوقف الحرب، ويتزايد القلق الدولي بعد أن دعا رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، لاجتماع عاجل لهيئة القيادة الوطنية المسؤولة عن إدارة الترسانة النووية في البلاد، في إشارة واضحة إلى احتمالية اللجوء إلى الخيار النووي، خصوصًا إذا قررت الهند الدفع بقواتها البرية لاجتياح الأراضي الباكستانية. وتفوق السلاح يعد قضية حيوية تساهم في تشكيل التوازنات الدولية والإقليمية فقد أثبت التعاون بين باكستان والصين أنه يمكن أن ينتج عنه نتائج ملموسة كتفوق عسكري وفي المقابل، تسعى مصر تحت قيادة الرئيس السيسي إلى تعزيز قدراتها العسكرية من خلال تنويع مصادر تسليحها وزيادة استثماراتها في القطاع الدفاعي. ومنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر عام 2014، شهدت المؤسسة العسكرية نقلة نوعية شاملة لم تعرفها البلاد منذ عقود، أعادت مصر تعريف قوتها العسكرية عبر تحديث وتنوع ترسانتها من السلاح، في مشهد يؤكد عودتها بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، ليس فقط كقوة دفاعية، بل كرقم صعب في معادلة الأمن في الشرق الأوسط وإفريقيا. وتُعتبر تعزيز القدرات العسكرية جزءًا أساسيًا من استراتيجية الأمن القومي المصري في ظل المتغيرات الجيوسياسية المعقدة في المنطقة، مع الصعود المستمر للتهديدات الأمنية، سواء من الجماعات المسلحة أو من التوترات بين الدول، أصبح لزامًا على مصر أن تعزز من قدراتها العسكرية لمواجهة هذه التحديات. التوجه الجديد لمصر في تعزيز قدراتها الدفاعية ليس فقط نتيجة مباشرة للتهديدات، بل هو أيضًا جزء من رؤية تكاملية لأمن إقليمي مستدام، وبمساعدة الحلفاء الاستراتيجيين، تسعى مصر إلى بناء شبكة من التعاون الأمني والدفاعي، مما ساهم في استقرار حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. فبينما كان المراقبون يعتبرون التنوع العسكري ترفًا لا ضرورة له، أدركت القيادة المصرية أن البقاء في منطقة تموج بالصراعات، يتطلب جاهزية تامة واستقلالًا استراتيجيًا في القرار العسكري، فشهدت السنوات الأخيرة تحولات حاسمة في سياسة التسليح، انطلقت من مبدأ "عدم الارتهان لمصدر واحد"، وهو ما عبرت عنه صفقات ضخمة امتدت من الغرب إلى الشرق، ومن السماء إلى أعماق البحار. ولطالما ارتبطت القوات المسلحة المصرية بالسلاح الأمريكي، خاصة منذ اتفاقية كامب ديفيد، وهو ما خلق نوعًا من التبعية الاستراتيجية في فترات حساسة، غير أن القيادة الجديدة وضعت نصب عينيها كسر هذه الحلقة، فبدأت رحلة تنويع مصادر السلاح، ما فتح آفاقًا جديدة أمام الجيش المصري للولوج إلى أسواق التسليح العالمية بلا قيود سياسية أو فنية. ففي عام 2015، وقعت مصر صفقة تاريخية مع فرنسا لشراء 24 طائرة رافال متعددة المهام، لتصبح أول دولة تحصل على هذه الطائرة بعد فرنسا، وهو ما اعتُبر بمثابة شهادة ثقة دولية في قدرات مصر التسليحية والتدريبية، لم تكتف القاهرة بذلك، بل أتبعت الصفقة بشراء حاملة المروحيات ميسترال، وهي أول قطعة بحرية من هذا النوع تدخل الأسطول المصري، ما جعل مصر الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تمتلك حاملة مروحيات هجومية. وشكل سلاح الجو العمود الفقري للردع المصري، وتوسع تنويعه بشكل كبير خلال العقد الأخير، فإلى جانب الرافال الفرنسية، حصلت مصر على مقاتلات ميغ-29M/M2 الروسية المتطورة، كما عززت ترسانتها من طائرات F-16 الأمريكية، وهو ما وفر مظلة جوية متكاملة تجمع بين القوة والمرونة والتكنولوجيا المتقدمة. وأصبحت مصر تمتلك إحدى أقوى القوات البحرية في الشرق الأوسط وإفريقيا، بعد صفقات عززت قدراتها بشكل نوعي، فبالإضافة إلى الميسترال، حصلت على فرقاطات فريم وغوويند الفرنسية، وغواصات Type 209 الألمانية، وقطع سريعة من كوريا الجنوبية ولعب هذا التنوع دورًا محوريًا في فرض مصر لنفوذها البحري، خاصة في ظل التوترات في شرق المتوسط والتدخلات الإقليمية في البحر الأحمر. ولم يكن سلاح المشاة والمدرعات بعيدًا عن هذه النهضة، حيث شملت خطة التطوير إدخال عربات مدرعة حديثة مثل MRAP الأمريكية، وتحديث دبابات أبرامز M1A1 كما شهد سلاح الدفاع الجوي تطورًا كبيرًا بامتلاك منظومات روسية إلى جانب نظم غربية ومنظومات صينية أخرى، ما جعل من سماء مصر "شبكة نار" يصعب اختراقها. هذا التنوع لم يكن عبثيًا، بل يخضع لعقيدة واضحة تنطلق من حماية الأمن القومي المصري، وتوسيع هامش المناورة الاستراتيجية فاليوم تستطيع مصر أن تتعامل مع أي ظرف طارئ دون الحاجة لرضا سياسي من طرف خارجي كما يتيح هذا التنوع إجراء تدريبات ومناورات مشتركة مع قوى عالمية مختلفة، وهو ما انعكس في عشرات المناورات التي شاركت فيها مصر مع روسيا، فرنسا، أمريكا، الصين، اليونان، الإمارات، والسعودية. لم يكن التنوع في التسليح فقط للشراء، بل فتح الباب أمام شراكات لتوطين التصنيع العسكري فقد بدأت مصر بإنتاج مكونات من مدرعات ومعدات محلية، وتطوير مجمع الصناعات الدفاعية ليكون مركزًا إقليميًا، خصوصًا مع تنظيم معرض EDEX للسلاح الذي استقطب كبرى شركات الدفاع العالمية إلى القاهرة. ويحمل هذا التنوع في طياته رسائل واضحة مصر لم تعد حبيسة قرار خارجي، ولا تكتفي برد الفعل فهي تملك اليوم القدرة على الرد، والردع، والمبادرة. فمع التهديدات التي تطال حدودها الغربية مع ليبيا، والجنوبية مع السودان وإثيوبيا، والشمالية مع سيناء وغزة، والمصالح الحيوية في البحرين الأحمر والمتوسط، بات لزامًا أن تمتلك قوة حقيقية تستطيع التحرك بمرونة دون عوائق. ويختصر المشهد العسكري الحالي مقولة الرئيس السيسي: "القوة تحمي السلام" فمصر التي تسعى للاستقرار والتنمية، تدرك أن التنمية لا تُحمى إلا بقوة عسكرية حديثة، مدربة، متنوعة، لا تعرف الارتباط إلا بالمصلحة الوطنية وقد يكون هذا ما جعل الجيش المصري اليوم يتقدم في التصنيفات العالمية، ويعود ليكون درع الأمة وحارس حدودها، من طابا إلى السلوم، ومن حلايب إلى رفح، ومن المتوسط إلى أعماق البحر الأحمر.