logo
السرطان في مصر... ليس المرض وحده ما يأكل الأجساد

السرطان في مصر... ليس المرض وحده ما يأكل الأجساد

Independent عربيةمنذ يوم واحد
أكثر من 90 كيلومتراً، اعتادت السيدة الأربعينية هناء إسماعيل (اسم مستعار) أن تقطعها من محافظة الشرقية (شمال شرقي مصر) إلى مستشفى جوستاف روسيه مصر (هرمل السلام سابقاً) بالقاهرة، أملاً في الحصول على جلسات العلاج الكيماوي وصرف الأدوية المنقذة حياتها، بعد إصابتها بمرض سرطان الثدي.
تخصص السيدة الأربعينية غالب وقتها لقضاء تلك الرحلة الشاقة مرة كل ثلاثة أسابيع، وأحياناً تزيد فترات التردد على المستشفى إذا ما طلبت الإدارة استكمال أوراق طبية أو إجراء تحاليل أو عرض على أطباء جراحة أو التحضير لإجراء عملية جراحية، وسط زحام وتكدس وطوابير من باقي المرضى المترددين على المستشفى طلباً للعلاج.
في انتظار قرار العلاج
كان أكثر ما يثقل من معاناة السيدة الأربعينية مع هذا المرض الخبيث ويضاعف آلامها، حينما تصل إلى بوابة المستشفى وتفاجأ بنقص في بعض أصناف الأدوية الضرورية لحالتها كـ"حقنة زوميتا"، علاوة على بعض أدوية العلاج الكيماوي والهرموني، مما كان يجبرها في النهاية إما الانتظار ساعات طويلة أو تكرار تلك الرحلة خلال يوم آخر أو شرائها من الخارج بأسعار باهظة الثمن، على رغم ما تعانيه من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.
بصوت خافت وتنهيدة ثقيلة، تروي السيدة المصرية واقع معاناتها، "لم يكن أمامي بديل آخر، شعرت بالضيق والخوف حينما تأخر صدور قرار علاجي على نفقة الدولة، الذي تقدمت به خلال يونيو (حزيران) الماضي، واضطررت الانتظار قرابة ثلاثة أسابيع حتى صدوره".
كان الوقت يمضى ثقيلاً على هناء طوال فترة انتظار صدور القرار، إذ لم تتمكن من الحصول على الأدوية أو الجلسات اللازمة للعلاج خلال تلك الفترة، لكنها تنفست الصعداء حينما تسلمت التقرير.
على رغم تأكيدها أن كل الخدمات الطبية داخل مستشفى "هرمل" كانت تقدم بصورة مجانية، باستثناء الأدوية الناقصة التي تضطر لشرائها من الخارج، فإنها كشفت عن جانب آخر من المعاناة يتلخص في المعاملة غير اللائقة من قبل أمن المستشفى والطاقم الطبي والإداري، مدللة على ذلك بتجاهل المستشفى طلبها الذي تقدمت به قبل أسبوعين بإصدار تقرير "أشعة بالصبغة"، للتأكد من سلامة حالتها الصحية بعد حصولها على كل جرعات العلاج الكيماوي، والتي بلغت 25 جلسة حتى الآن، إلا أن المستشفى تذرع بأن التقرير في الميكنة. كذلك لم تفلح محاولاتها في نقل قرار العلاج إلى أحد مستشفيات ومراكز علاج الأورام قرب بلدتها بمحافظة الشرقية بدلاً من عناء السفر إلى القاهرة، بسبب رفض إدارة المستشفى التي تحججت بصعوبة تغيير جهة العلاج بالقرار.
وعلى مدى الأسابيع الماضية تعالت استغاثات وشكاوى مرضى الأورام بـ"هرمل" عقب نقل تبعيته إلى مجموعة "جوستاف روسيه"، بسبب تأخر تلقي العلاج الكيماوي ونقص بعض أصناف الأدوية، مما دفع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للرد عليها خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، مؤكداً أن الدولة لم تنسحب من دورها في تقديم العلاج، وتحتفظ بدورها الرقابي الكامل على أداء المستشفى والمنظومة الجديدة، مردفاً أن هذه المرحلة تشهد عملية انتقال إداري وإعادة هيكلة، مما قد يرافقه بعض الملاحظات الموقتة.
ووفق تقرير رسمي لوزارة الصحة المصرية صدر خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022، فإن مصر من الدول المنخفضة في نسب الإصابة بالسرطان مقارنة بباقي الدول، لافتة إلى أن معدل الإصابة يمثل 152 لكل 100 ألف مواطن.
دوامة الروتين
فصل جديد من فصول المعاناة، ترويه سماح السيد (اسم مستعار)، التي تقطن حي فيصل الشعبي (غرب القاهرة)، وتقول "أعيش كابوساً مفزعاً منذ اكتشاف إصابتي بالمرض الخبيث الذي ورثته عن والدتي قبل عام. عذاب لا يمكن لأحد تخيله أو وصفه".
بصوت مليء بالحزن والضيق، تقول سماح (39 سنة) ربة منزل وأم لطفلين في مراحل عمرية مختلفة، "أعاني سرطاناً سريع الانتشار أصاب الثدي والكبد والرئة والعظام، وبدأت التحضير للأوراق خلال مايو (أيار) العام الماضي، ثم بدأت جلسات العلاج فعلياً خلال أكتوبر 2023، وقدمت أوراق العلاج على نفقة الدولة لإدارة المستشفى الجديدة خلال يونيو الماضي، لاستكمال باقي جلسات العلاج الموجه والهرموني".
تروي سماح في شهادتها لـ"اندبندنت عربية"، "لم أحصل منذ 30 مايو الماضي على جلسات علاج موجه أو هرموني منذ نقل تبعية مستشفى هرمل لإدارة جديدة، كان الموقف الأكثر صعوبة الذي تعرضت له حينما طُلب من المرضى تغيير قرارات العلاج لتكون باسم الإدارة الجديدة، مما أجبرني على الدخول في دوامة من الروتين من أجل إعادة تقديم أوراق جديدة لإدارة المستشفى، التي كانت في كثير من الأحيان تتجاهلها وتجعلها حبيس الأدراج ولا تقدمها للجهات المتخصصة لإصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة"، وفق قولها.
اعتادت سماح الذهاب إلى المستشفى كل ثلاثة أسابيع رفقة زوجها، مثل مثيلاتها من مرضى السرطان، للحصول على جلسات الكيماوي وإجراء التحاليل والفحوص الطبية واستكمال باقي أوراق تقارير العلاج على نفقة الدولة. وكثيراً ما كانت تضطر للانتظار خلال فترات الظهيرة في أشد الأوقات حرارة ساعات طويلة من أجل تلقي جلسات العلاج الكيماوي، نظراً إلى تكدس وتزاحم المرضى داخل المستشفى، وكانت الأمور تسير بسلاسة على رغم الروتين والزحام، لكن مع تولي الإدارة الجديدة أصبحت الأمور صعبة على المرضى، بحسب روايتها.
لم تخف سماح ضيقها من نقص بعض أصناف الأدوية اللازمة لحالتها، مثل حقنة "زولادكس" التي كانت تحصل عليها كل ثلاثة أشهر إضافة إلى اللقاح الهرموني "ليتروتيوم". وتقول "أخشى تدهور حالتي الصحية لتزداد سوءاً إذا لم أستكمل باقي الجلسات ويتوافر العلاج الناقص، ليست لدي القدرة المالية على شراء تلك الأدوية أو الجلسات كونها باهظة الكلفة والأوضاع المعيشية صعبة، ولا أستطيع تحمل تلك الأعباء".
بكلمات لا تخلو من الحسرة، تضيف "أكثر ما يرهق مريض السرطان أن يعيش في دوامة من الروتين لا تنتهي بين تقارير طبية وفحوص وأشعة بالصبغة ومسح ذري وقرارات علاج وعرض للكشف الطبي على اللجان، الذي أصبح أشبه بالمعجزة أخيراً"، متمنية أن تصل صرخات واستغاثات مرضى الأورام ومعاناتهم إلى جميع المسؤولين، لأننا لا نطلب إلا الحصول على أبسط حقوقنا، وهو العلاج من أجل إنقاذ حياتنا قبل أن يلتهمنا هذا المرض اللعين.
وقبل أيام، أصدرت إدارة "جوستاف روسي مصر" (هرمل السلام سابقاً) رداً رسمياً على شكاوى المرضى، أكدت خلاله أنها استقبلت 5700 حالة خلال أول أسبوعين من يوليو (تموز) الجاري، وهو رقم قريب من المعدلات الشهرية السابقة، منوهة إلى أنه جرى دعم فرق خدمة المرضى بعدد إضافي من الكوادر المؤهلة، مع العمل على إنهاء جميع طلبات العلاج على نفقة الدولة المتأخرة خلال الأسبوعين المقبلين.
ووعد المستشفى بإنشاء منظومة فعالة لاستقبال شكاوى المرضى والتعامل معها بصورة احترافية وعلى مدار الساعة، مؤكداً أنه حافظ على استمرارية الخدمة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع تمديد ساعات العمل اليومية حتى التاسعة مساءً، وفتح قسم الطوارئ دون أي توقف خلال عملية تسليم الإدارة، وأنه يجري العمل حالياً على مضاعفة الطاقة الاستيعابية من 120 إلى 240 سريراً.
أدوية باهظة الكلفة
فيما اضطر محمود الأتربي (اسم مستعار) ويقطن حي شبرا (شمال العاصمة المصرية القاهرة) إلى شراء الأدوية المستوردة من الخارج بأسعار باهظة الكلفة من أجل تخفيف معاناته مع مرض سرطان الرئة، الذي اكتشفه عقب إصابته بمياه على الغشاء البلوري استدعت إجراء عملية جراحية وأظهرت وجود ورم خبيث خلال يونيو 2024، ليبدأ رحلة العلاج بالمعهد القومي للأورام عاماً كاملاً انتهى بالشفاء.
بخلاف الآلام الجسدية والنفسية التي عاشها الأتربي (38 سنة) مع المرض، كانت هناك أيضاً معاناة مضاعفة بسبب الكلفة المادية، إذ كان يتكبد نفقات باهظة نظير شراء عبوة "لوبرينا" التي كانت تصل كلفتها إلى 2800 دولار شهرياً، بما يعادل آنذاك 138 ألف جنيه مصري، مما شكل عبئاً مرهقاً على موازنته.
ويضيف "كنت اضطر لشراء تلك العبوة من أميركا شهرياً، وبعد رحلة شاقة من البحث عثرت عليها بكلفة مخفضة نسبياً بأحد المعاهد البحثية بمنطقة المعادي بسعر يقارب 94 ألف جنيه (1914.85 دولار أميركي)، بخلاف قيمة المسح الذري الذي كانت تصل كلفته إلى 8 آلاف جنيه (162.97 دولار) شهرياً، إلى جانب جلسات العلاج الكيماوي التي كانت تصرف وفقاً لتقرير العلاج على نفقة الدولة الذي أصدرته".
فيما استطاعت جيهان الأصيل تحويل معاناتها الشخصية مع مرض سرطان الثدي إلى طاقة إيجابية بإنشاء مؤسسة علاجية عام 2020 لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لمرضى السرطان، وتقول "خضت تجربة معاناة مريض الأورام بعد إصابتي به عام 2017 وصولاً إلى مرحلة التعافي الكامل عام 2022، وشعرت أن هناك رغبة داخلية في مساعدة باقي المرضى لتخفيف الأوجاع عنهم، فقمت بعمل مبادرة لدعم المرضى حتى تحولت إلى مؤسسة مشهرة وفقاً للقانون".
وفق الأصيل، فإن مريض السرطان يجب توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والمادي لتخفيف معاناته، علاوة على توفير العلاج الذي يتكلف في كثير من الأحيان أثماناً باهظة وأحياناً لا يكون مدرجاً ضمن قرار العلاج على نفقة الدولة، إذ تصل كلفة الدواء لبعض المرضى إلى 36 ألف جنيه (733.35 دولار أميركي) كل أسبوعين، علاوة على أن كثيراً من مريضات سرطان الثدي يتعرضن للطلاق من أزواجهن لعدم مساعدتهن والتخلي عنهن.
إلى ذلك يعدد المحامي الحقوقي ومدير مركز الحق في الدواء محمود فؤاد الأزمات التي يعانيها مرضى الأورام في مصر، لعل أولها عدم توافر بعض أصناف العلاج الضرورية مثل "حقنة زوميتا"، والمتخصص بتوفيرها هيئة الشراء الموحد وليس وزارة الصحة، مما يضطر كثيراً من المرضى للبحث عنها بالخارج وشرائها بكلفة مادية عالية، علاوة على انتظار المرضى الوافدين من محافظات نائية ساعات طويلة منذ الصباح الباكر من أجل تلقي جرعات العلاج الكيماوي داخل المستشفيات، فضلاً عن تأخر إدارة المستشفى الجديدة (يقصد هرمل) في إرسال تقارير العلاج على نفقة الدولة بزعم تغيير الأختام من "هرمل" السابقة إلى "جوستاف روسيه" من أجل المحاسبات المالية، وهو ما ينعكس سلباً على المرضى ويمثل تهديداً لصحتهم.
ويعتقد فؤاد أن هناك تحولات طرأت على مستشفى هرمل، الذي أنشئ في عهد وزير الصحة السابق الدكتور عادل عدوي عام 2014، إذ كان أداؤه إيجاباً في البداية وأسهم في تخفيف الضغط عن معهد الأورام على رغم أنه يحوي 150 سريراً، لكن عقب نقل تبعيته للقطاع الخاص برز عدد من المشكلات والأزمات به، مؤكداً أن "ما يحدث أشبه بـ(تطفيش) لمرضى العلاج على نفقة الدولة للذهاب إلى مستشفيات أخرى لتلقي الخدمة الطبية لمصلحة مرضى القطاع الاستثماري، والمستفيد من ذلك هو المستثمر".
صيدليات السوق السوداء
وتعقيباً على أزمة نقص الدواء لمرضى الأورام، يقول رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية الدكتور علي عوف إن أدوية المرضى تحولت إلى بيزنس، وتجارة تشهد حال رواج في صيدليات السوق السوداء وعبر صفحات الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، مستشهداً بعلبة الدواء لمريض الأورام التي يصل سعرها الرسمي إلى 30 ألف جنيه (607.16 دولار)، وتباع بـ50 ألف جنيه (1011.94 دولار) في السوق السوداء، وعلى رغم غلاء أسعارها يضطر المريض أحياناً لشرائها لإنقاذ حياته.
ويحذر عوف، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، من أن عدداً من الأدوية التي تنتشر عبر المنصات والصفحات الإلكترونية "مغشوشة وغير صالحة للاستخدام"، وهو ما يشكل تهديداً صحياً يضاعف معاناة مرضى الأورام. مشدداً على ضرورة التنبه لخطورة تلك المنصات المجهولة والإبلاغ عنها في هيئة الدواء، التي ستقوم بتتبعها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدها.
ويعترف عوف بوجود نقص في بعض أدوية الأورام، مرجعاً ذلك إلى أن أسعار تلك الأدوية باهظة الكلفة و90 في المئة منها يجري استيراده من الخارج، وإذا لم تتوصل الشركات المستوردة لاتفاق على نسب التسعير فستلجأ إلى تقليل استيرادها، وهو ما يسبب نقصاً في بعض أصناف الأدوية، مشيراً إلى أن الأدوية المتداولة في السوق المحلية تتركز داخل أماكن محددة، مثل صيدليات الإسعاف ويجري صرفها من خلال الروشتة وبطاقة الرقم القومي للمريض.
ويختلف رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة الدكتور محفوظ رمزي مع الطرح السابق، إذ يرى أن وزارة الصحة تغطي 90 في المئة من أدوية الأورام في السوق المحلية، والباقي يوزع ما بين الصيدليات العامة والسوق السوداء، مشيراً إلى أن بعض المصانع المصرية بدأت تتجه خلال الآونة الأخيرة لتصنيعها محلياً بدلاً من استيرادها من الخارج، لافتاً إلى أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة في هذا الصدد، وتتدخل لتغطية جزء كبير من كلفتها نظراً إلى أسعارها الباهظة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهو ما يتماشى مع ما ذكره نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار خلال يونيو الماضي، بأن سوق الدواء المصرية لا تشهد حالياً أية أزمة حقيقية، وأن النقص لا يمس الأدوية الحيوية المرتبطة بالأمراض المزمنة أو أدوية الأورام والإنسولين، وأن ما قد يحدث من نقص في بعض الأصناف يكون محدوداً وموقتاً، ولا يرقى إلى مستوى الأزمة.
وفي تقدير رمزي فإن الحل الوحيد لضمان توافر أدوية مرضى الأورام هو أن توفرها الدولة من طريق التأمين الصحي، لضمان الاستمرارية والاستدامة في تقديم العلاج، كون أن هؤلاء المرضى في حاجة إلى معاملة خاصة ودعمهم، مشدداً على ضرورة أن يكون المجتمع المدني شريكاً رئيساً في تلك القضية، علاوة على ضرورة تدخل الشركات المنتجة لدعم هؤلاء المرضى على غرار بلدان العالم التي تقوم بتغطية جزء من الكلف، مردفاً "لو طبقت الحوكمة في منظومة الدواء على غرار ما حدث في الألبان سنوفر كثيراً من مليارات الدولارات".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السرطان في مصر... ليس المرض وحده ما يأكل الأجساد
السرطان في مصر... ليس المرض وحده ما يأكل الأجساد

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

السرطان في مصر... ليس المرض وحده ما يأكل الأجساد

أكثر من 90 كيلومتراً، اعتادت السيدة الأربعينية هناء إسماعيل (اسم مستعار) أن تقطعها من محافظة الشرقية (شمال شرقي مصر) إلى مستشفى جوستاف روسيه مصر (هرمل السلام سابقاً) بالقاهرة، أملاً في الحصول على جلسات العلاج الكيماوي وصرف الأدوية المنقذة حياتها، بعد إصابتها بمرض سرطان الثدي. تخصص السيدة الأربعينية غالب وقتها لقضاء تلك الرحلة الشاقة مرة كل ثلاثة أسابيع، وأحياناً تزيد فترات التردد على المستشفى إذا ما طلبت الإدارة استكمال أوراق طبية أو إجراء تحاليل أو عرض على أطباء جراحة أو التحضير لإجراء عملية جراحية، وسط زحام وتكدس وطوابير من باقي المرضى المترددين على المستشفى طلباً للعلاج. في انتظار قرار العلاج كان أكثر ما يثقل من معاناة السيدة الأربعينية مع هذا المرض الخبيث ويضاعف آلامها، حينما تصل إلى بوابة المستشفى وتفاجأ بنقص في بعض أصناف الأدوية الضرورية لحالتها كـ"حقنة زوميتا"، علاوة على بعض أدوية العلاج الكيماوي والهرموني، مما كان يجبرها في النهاية إما الانتظار ساعات طويلة أو تكرار تلك الرحلة خلال يوم آخر أو شرائها من الخارج بأسعار باهظة الثمن، على رغم ما تعانيه من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة. بصوت خافت وتنهيدة ثقيلة، تروي السيدة المصرية واقع معاناتها، "لم يكن أمامي بديل آخر، شعرت بالضيق والخوف حينما تأخر صدور قرار علاجي على نفقة الدولة، الذي تقدمت به خلال يونيو (حزيران) الماضي، واضطررت الانتظار قرابة ثلاثة أسابيع حتى صدوره". كان الوقت يمضى ثقيلاً على هناء طوال فترة انتظار صدور القرار، إذ لم تتمكن من الحصول على الأدوية أو الجلسات اللازمة للعلاج خلال تلك الفترة، لكنها تنفست الصعداء حينما تسلمت التقرير. على رغم تأكيدها أن كل الخدمات الطبية داخل مستشفى "هرمل" كانت تقدم بصورة مجانية، باستثناء الأدوية الناقصة التي تضطر لشرائها من الخارج، فإنها كشفت عن جانب آخر من المعاناة يتلخص في المعاملة غير اللائقة من قبل أمن المستشفى والطاقم الطبي والإداري، مدللة على ذلك بتجاهل المستشفى طلبها الذي تقدمت به قبل أسبوعين بإصدار تقرير "أشعة بالصبغة"، للتأكد من سلامة حالتها الصحية بعد حصولها على كل جرعات العلاج الكيماوي، والتي بلغت 25 جلسة حتى الآن، إلا أن المستشفى تذرع بأن التقرير في الميكنة. كذلك لم تفلح محاولاتها في نقل قرار العلاج إلى أحد مستشفيات ومراكز علاج الأورام قرب بلدتها بمحافظة الشرقية بدلاً من عناء السفر إلى القاهرة، بسبب رفض إدارة المستشفى التي تحججت بصعوبة تغيير جهة العلاج بالقرار. وعلى مدى الأسابيع الماضية تعالت استغاثات وشكاوى مرضى الأورام بـ"هرمل" عقب نقل تبعيته إلى مجموعة "جوستاف روسيه"، بسبب تأخر تلقي العلاج الكيماوي ونقص بعض أصناف الأدوية، مما دفع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للرد عليها خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، مؤكداً أن الدولة لم تنسحب من دورها في تقديم العلاج، وتحتفظ بدورها الرقابي الكامل على أداء المستشفى والمنظومة الجديدة، مردفاً أن هذه المرحلة تشهد عملية انتقال إداري وإعادة هيكلة، مما قد يرافقه بعض الملاحظات الموقتة. ووفق تقرير رسمي لوزارة الصحة المصرية صدر خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022، فإن مصر من الدول المنخفضة في نسب الإصابة بالسرطان مقارنة بباقي الدول، لافتة إلى أن معدل الإصابة يمثل 152 لكل 100 ألف مواطن. دوامة الروتين فصل جديد من فصول المعاناة، ترويه سماح السيد (اسم مستعار)، التي تقطن حي فيصل الشعبي (غرب القاهرة)، وتقول "أعيش كابوساً مفزعاً منذ اكتشاف إصابتي بالمرض الخبيث الذي ورثته عن والدتي قبل عام. عذاب لا يمكن لأحد تخيله أو وصفه". بصوت مليء بالحزن والضيق، تقول سماح (39 سنة) ربة منزل وأم لطفلين في مراحل عمرية مختلفة، "أعاني سرطاناً سريع الانتشار أصاب الثدي والكبد والرئة والعظام، وبدأت التحضير للأوراق خلال مايو (أيار) العام الماضي، ثم بدأت جلسات العلاج فعلياً خلال أكتوبر 2023، وقدمت أوراق العلاج على نفقة الدولة لإدارة المستشفى الجديدة خلال يونيو الماضي، لاستكمال باقي جلسات العلاج الموجه والهرموني". تروي سماح في شهادتها لـ"اندبندنت عربية"، "لم أحصل منذ 30 مايو الماضي على جلسات علاج موجه أو هرموني منذ نقل تبعية مستشفى هرمل لإدارة جديدة، كان الموقف الأكثر صعوبة الذي تعرضت له حينما طُلب من المرضى تغيير قرارات العلاج لتكون باسم الإدارة الجديدة، مما أجبرني على الدخول في دوامة من الروتين من أجل إعادة تقديم أوراق جديدة لإدارة المستشفى، التي كانت في كثير من الأحيان تتجاهلها وتجعلها حبيس الأدراج ولا تقدمها للجهات المتخصصة لإصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة"، وفق قولها. اعتادت سماح الذهاب إلى المستشفى كل ثلاثة أسابيع رفقة زوجها، مثل مثيلاتها من مرضى السرطان، للحصول على جلسات الكيماوي وإجراء التحاليل والفحوص الطبية واستكمال باقي أوراق تقارير العلاج على نفقة الدولة. وكثيراً ما كانت تضطر للانتظار خلال فترات الظهيرة في أشد الأوقات حرارة ساعات طويلة من أجل تلقي جلسات العلاج الكيماوي، نظراً إلى تكدس وتزاحم المرضى داخل المستشفى، وكانت الأمور تسير بسلاسة على رغم الروتين والزحام، لكن مع تولي الإدارة الجديدة أصبحت الأمور صعبة على المرضى، بحسب روايتها. لم تخف سماح ضيقها من نقص بعض أصناف الأدوية اللازمة لحالتها، مثل حقنة "زولادكس" التي كانت تحصل عليها كل ثلاثة أشهر إضافة إلى اللقاح الهرموني "ليتروتيوم". وتقول "أخشى تدهور حالتي الصحية لتزداد سوءاً إذا لم أستكمل باقي الجلسات ويتوافر العلاج الناقص، ليست لدي القدرة المالية على شراء تلك الأدوية أو الجلسات كونها باهظة الكلفة والأوضاع المعيشية صعبة، ولا أستطيع تحمل تلك الأعباء". بكلمات لا تخلو من الحسرة، تضيف "أكثر ما يرهق مريض السرطان أن يعيش في دوامة من الروتين لا تنتهي بين تقارير طبية وفحوص وأشعة بالصبغة ومسح ذري وقرارات علاج وعرض للكشف الطبي على اللجان، الذي أصبح أشبه بالمعجزة أخيراً"، متمنية أن تصل صرخات واستغاثات مرضى الأورام ومعاناتهم إلى جميع المسؤولين، لأننا لا نطلب إلا الحصول على أبسط حقوقنا، وهو العلاج من أجل إنقاذ حياتنا قبل أن يلتهمنا هذا المرض اللعين. وقبل أيام، أصدرت إدارة "جوستاف روسي مصر" (هرمل السلام سابقاً) رداً رسمياً على شكاوى المرضى، أكدت خلاله أنها استقبلت 5700 حالة خلال أول أسبوعين من يوليو (تموز) الجاري، وهو رقم قريب من المعدلات الشهرية السابقة، منوهة إلى أنه جرى دعم فرق خدمة المرضى بعدد إضافي من الكوادر المؤهلة، مع العمل على إنهاء جميع طلبات العلاج على نفقة الدولة المتأخرة خلال الأسبوعين المقبلين. ووعد المستشفى بإنشاء منظومة فعالة لاستقبال شكاوى المرضى والتعامل معها بصورة احترافية وعلى مدار الساعة، مؤكداً أنه حافظ على استمرارية الخدمة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مع تمديد ساعات العمل اليومية حتى التاسعة مساءً، وفتح قسم الطوارئ دون أي توقف خلال عملية تسليم الإدارة، وأنه يجري العمل حالياً على مضاعفة الطاقة الاستيعابية من 120 إلى 240 سريراً. أدوية باهظة الكلفة فيما اضطر محمود الأتربي (اسم مستعار) ويقطن حي شبرا (شمال العاصمة المصرية القاهرة) إلى شراء الأدوية المستوردة من الخارج بأسعار باهظة الكلفة من أجل تخفيف معاناته مع مرض سرطان الرئة، الذي اكتشفه عقب إصابته بمياه على الغشاء البلوري استدعت إجراء عملية جراحية وأظهرت وجود ورم خبيث خلال يونيو 2024، ليبدأ رحلة العلاج بالمعهد القومي للأورام عاماً كاملاً انتهى بالشفاء. بخلاف الآلام الجسدية والنفسية التي عاشها الأتربي (38 سنة) مع المرض، كانت هناك أيضاً معاناة مضاعفة بسبب الكلفة المادية، إذ كان يتكبد نفقات باهظة نظير شراء عبوة "لوبرينا" التي كانت تصل كلفتها إلى 2800 دولار شهرياً، بما يعادل آنذاك 138 ألف جنيه مصري، مما شكل عبئاً مرهقاً على موازنته. ويضيف "كنت اضطر لشراء تلك العبوة من أميركا شهرياً، وبعد رحلة شاقة من البحث عثرت عليها بكلفة مخفضة نسبياً بأحد المعاهد البحثية بمنطقة المعادي بسعر يقارب 94 ألف جنيه (1914.85 دولار أميركي)، بخلاف قيمة المسح الذري الذي كانت تصل كلفته إلى 8 آلاف جنيه (162.97 دولار) شهرياً، إلى جانب جلسات العلاج الكيماوي التي كانت تصرف وفقاً لتقرير العلاج على نفقة الدولة الذي أصدرته". فيما استطاعت جيهان الأصيل تحويل معاناتها الشخصية مع مرض سرطان الثدي إلى طاقة إيجابية بإنشاء مؤسسة علاجية عام 2020 لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لمرضى السرطان، وتقول "خضت تجربة معاناة مريض الأورام بعد إصابتي به عام 2017 وصولاً إلى مرحلة التعافي الكامل عام 2022، وشعرت أن هناك رغبة داخلية في مساعدة باقي المرضى لتخفيف الأوجاع عنهم، فقمت بعمل مبادرة لدعم المرضى حتى تحولت إلى مؤسسة مشهرة وفقاً للقانون". وفق الأصيل، فإن مريض السرطان يجب توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والمادي لتخفيف معاناته، علاوة على توفير العلاج الذي يتكلف في كثير من الأحيان أثماناً باهظة وأحياناً لا يكون مدرجاً ضمن قرار العلاج على نفقة الدولة، إذ تصل كلفة الدواء لبعض المرضى إلى 36 ألف جنيه (733.35 دولار أميركي) كل أسبوعين، علاوة على أن كثيراً من مريضات سرطان الثدي يتعرضن للطلاق من أزواجهن لعدم مساعدتهن والتخلي عنهن. إلى ذلك يعدد المحامي الحقوقي ومدير مركز الحق في الدواء محمود فؤاد الأزمات التي يعانيها مرضى الأورام في مصر، لعل أولها عدم توافر بعض أصناف العلاج الضرورية مثل "حقنة زوميتا"، والمتخصص بتوفيرها هيئة الشراء الموحد وليس وزارة الصحة، مما يضطر كثيراً من المرضى للبحث عنها بالخارج وشرائها بكلفة مادية عالية، علاوة على انتظار المرضى الوافدين من محافظات نائية ساعات طويلة منذ الصباح الباكر من أجل تلقي جرعات العلاج الكيماوي داخل المستشفيات، فضلاً عن تأخر إدارة المستشفى الجديدة (يقصد هرمل) في إرسال تقارير العلاج على نفقة الدولة بزعم تغيير الأختام من "هرمل" السابقة إلى "جوستاف روسيه" من أجل المحاسبات المالية، وهو ما ينعكس سلباً على المرضى ويمثل تهديداً لصحتهم. ويعتقد فؤاد أن هناك تحولات طرأت على مستشفى هرمل، الذي أنشئ في عهد وزير الصحة السابق الدكتور عادل عدوي عام 2014، إذ كان أداؤه إيجاباً في البداية وأسهم في تخفيف الضغط عن معهد الأورام على رغم أنه يحوي 150 سريراً، لكن عقب نقل تبعيته للقطاع الخاص برز عدد من المشكلات والأزمات به، مؤكداً أن "ما يحدث أشبه بـ(تطفيش) لمرضى العلاج على نفقة الدولة للذهاب إلى مستشفيات أخرى لتلقي الخدمة الطبية لمصلحة مرضى القطاع الاستثماري، والمستفيد من ذلك هو المستثمر". صيدليات السوق السوداء وتعقيباً على أزمة نقص الدواء لمرضى الأورام، يقول رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية الدكتور علي عوف إن أدوية المرضى تحولت إلى بيزنس، وتجارة تشهد حال رواج في صيدليات السوق السوداء وعبر صفحات الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، مستشهداً بعلبة الدواء لمريض الأورام التي يصل سعرها الرسمي إلى 30 ألف جنيه (607.16 دولار)، وتباع بـ50 ألف جنيه (1011.94 دولار) في السوق السوداء، وعلى رغم غلاء أسعارها يضطر المريض أحياناً لشرائها لإنقاذ حياته. ويحذر عوف، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، من أن عدداً من الأدوية التي تنتشر عبر المنصات والصفحات الإلكترونية "مغشوشة وغير صالحة للاستخدام"، وهو ما يشكل تهديداً صحياً يضاعف معاناة مرضى الأورام. مشدداً على ضرورة التنبه لخطورة تلك المنصات المجهولة والإبلاغ عنها في هيئة الدواء، التي ستقوم بتتبعها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدها. ويعترف عوف بوجود نقص في بعض أدوية الأورام، مرجعاً ذلك إلى أن أسعار تلك الأدوية باهظة الكلفة و90 في المئة منها يجري استيراده من الخارج، وإذا لم تتوصل الشركات المستوردة لاتفاق على نسب التسعير فستلجأ إلى تقليل استيرادها، وهو ما يسبب نقصاً في بعض أصناف الأدوية، مشيراً إلى أن الأدوية المتداولة في السوق المحلية تتركز داخل أماكن محددة، مثل صيدليات الإسعاف ويجري صرفها من خلال الروشتة وبطاقة الرقم القومي للمريض. ويختلف رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة الدكتور محفوظ رمزي مع الطرح السابق، إذ يرى أن وزارة الصحة تغطي 90 في المئة من أدوية الأورام في السوق المحلية، والباقي يوزع ما بين الصيدليات العامة والسوق السوداء، مشيراً إلى أن بعض المصانع المصرية بدأت تتجه خلال الآونة الأخيرة لتصنيعها محلياً بدلاً من استيرادها من الخارج، لافتاً إلى أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة في هذا الصدد، وتتدخل لتغطية جزء كبير من كلفتها نظراً إلى أسعارها الباهظة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وهو ما يتماشى مع ما ذكره نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار خلال يونيو الماضي، بأن سوق الدواء المصرية لا تشهد حالياً أية أزمة حقيقية، وأن النقص لا يمس الأدوية الحيوية المرتبطة بالأمراض المزمنة أو أدوية الأورام والإنسولين، وأن ما قد يحدث من نقص في بعض الأصناف يكون محدوداً وموقتاً، ولا يرقى إلى مستوى الأزمة. وفي تقدير رمزي فإن الحل الوحيد لضمان توافر أدوية مرضى الأورام هو أن توفرها الدولة من طريق التأمين الصحي، لضمان الاستمرارية والاستدامة في تقديم العلاج، كون أن هؤلاء المرضى في حاجة إلى معاملة خاصة ودعمهم، مشدداً على ضرورة أن يكون المجتمع المدني شريكاً رئيساً في تلك القضية، علاوة على ضرورة تدخل الشركات المنتجة لدعم هؤلاء المرضى على غرار بلدان العالم التي تقوم بتغطية جزء من الكلف، مردفاً "لو طبقت الحوكمة في منظومة الدواء على غرار ما حدث في الألبان سنوفر كثيراً من مليارات الدولارات".

بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: 5 أسباب خفية لعدم زيادة وزن رضيعك
بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: 5 أسباب خفية لعدم زيادة وزن رضيعك

مجلة سيدتي

timeمنذ 2 أيام

  • مجلة سيدتي

بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: 5 أسباب خفية لعدم زيادة وزن رضيعك

عندما يصل مولودك الجديد إلى الحياة فإن وزنه الطبيعي الذي يدل على أنه يتمتع بصحة جيدة يكون نحو ثلاثة كيلو جرامات، أما طوله فيصل إلى نحو 50 سنتمتراً، ولذلك يجب أن تطمئن الأم حين تعرف هذه القياسات من طبيب الأطفال الذي يتابع مولودها بعد الولادة مباشرة؛ لأن وزن المولود وطوله يرتبطان بحالته الصحية وهما دليلان على خلوه من التشوهات والمشاكل الخِلقية. في أسبوع الرضاعة الطبيعية الذي يتم احياؤه ما بين الأول وحتى السابع من شهر أغسطس من كل عام وفي نحو 120 بلد حول العالم يتم تجديد الدعوة للاهتمام بالرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع خصوصاً ولكن على الرغم من فوائد الحليب الطبيعي كهبة ربانية للأم والطفل إلا أن شكوى معظم الأمهات هي عدم زيادة وزن الرضيع رغم استمرار الرضاعة الطبيعية طيلة الوقت والحرص على نجاحها مقارنة بالرضع الذين يحصلون على رضعات من الحليب الصناعي، ولذلك وبمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها باستشاري طب الأطفال وحديثي الولادة معين إسماعيل، حيث أشار إلى 5 أسباب خفية لعدم زيادة وزن رضيعك رغم استمرار الرضاعة الطبيعية وطرق التغلب عليها من أجل زيادة وزن الرضيع بمعدل طبيعي ونجاح الرضاعة الطبيعية كخيار تغذية أول للرضيع ومنها الالتقام الجيد وعلاج الإسهال المتكرر وغيرها من الطرق التي تُسهم في زيادة وزن الرضيع في الآتي". معلومات مهمة عن وزن المولود يجب أن تعرفها كل أم اعلمي أن من الطبيعي أن ينقص وزن المولود بعد أيام قليلة من ولادته، وذلك لأن جسمه يفقد كمية من السوائل التي تسبب له التنفيخ، حيث يفقد المولود ما بين 7 في المائة إلى 10 في المائة من وزنه المسجل عند الولادة، ويرجع ذلك النقصان بسبب تخلص الجسم من السوائل الزائدة في جسمه ولا داعي لأن تشعر الأم بالقلق من هذه الظاهرة الطبيعية، حيث سرعان ما يكتسب رضيعها وزناً إضافياً بعد ذلك. لاحظي أنه من الضروري أن تعرفي معدل زيادة وزن رضيعك خصوصاً في الأشهر الستة الأولى من عمره، حيث إن وزن الرضيع الطبيعي عند الولادة يكون ما بين 2.5 كيلو جرام _ 4 كيلوجرامات، وهناك بعض المواليد الذين يزن الواحد منهم أكثر من 4 كيلوغرامات عند ولادته ويسمى بالمولود العملاق، وفي المقابل فالرضيع الذي يزن أقل من وزن 2.5 كيلو جرام فهو يكون مولوداً دون المعدل الطبيعي، ويجب أن يخضع إلى رعاية خاصة. تابعي وزن رضيعك لكي يبقى ضمن المعدلات الطبيعية، فوزن الرضيع الذي يبلغ من العمر شهر واحد هو 4.5 كجم ووزن الرضيع الطبيعي الذي يبلغ سنه الشهرين فهو 5.5 كيلو غرام، أما وزن الرضيع الطبيعي الذي يسجل عمر ثلاثة أشهر فهو 6.5 كجم مع ملاحظة أنه يزداد وزن الرضيع في الشهرين الرابع والخامس والسادس ما بين كيلوجرام ونصف الجرام وكيلوجرام وربع الجرام شهرياً. الأسباب الخفية لعدم زيادة وزن الرضيع رغم استمرار الرضاعة الطبيعية على مدار الساعة 1- عدم راحة الرضيع أثناء الرضاعة يؤدي إلى نقص وزن الرضيع اعلمي أن عدم راحة الطفل أثناء الرضاعة بسبب طريقة الرضاعة والهيئة التي يكون عليها الرضيع أو طريقة جلوسك أنت أيضاً تكون من الأسباب التي تؤدي إلى عدم نجاح الرضاعة الطبيعية، وبالتالي عدم زيادة وزن الرضيع حسب المعدلات المعروفة لزيادة الوزن عند الرضع خصوصاً في الأشهر الأولى من عمرهم. اتخذي هيئة وجلسة مريحة لكي تقومي بإرضاع طفلك من خلالها، ولا تتعللي بأنك متعبة بعد الولادة مثلاً وأنك لا تستطيعين القيام بإرضاع طفلك، حيث يمكن لأحد ممن حولك أن يساعدكِ بذلك عن طريق حمل المولود بين ذراعيه وتقريبه من صدرك لكي يرضع، أو الإمساك بالثدي لكي يستطيع المولود التقامه أو إسناد ظهرك ببعض الوسائد الطرية، حتى تحصلي على طريقة رضاعة مريحة لكِ وللرضيع. 2- قِصر مدة الرضاعة يؤدي إلى نقص وزن الطفل لاحظي أنك تقعين في خطأ كبير عند إرضاع طفلك، مما يتسبب في عدم زيادة وزنه، وهذا الخطأ أنك تقومين بنقل رضيعك من ثدي إلى الثدي الآخر قبل أن يتم مدة الرضاعة المقررة لكل ثدي، فمثلاً تتركين طفلك يرضع من الثدي الأيمن لمدة خمس دقائق فقط ثم تقومين بنقله للجهة الأخرى من صدرك، ويبدأ في الرضاعة من هذه الجهة ثم تنقلينه، وبالتالي فأنت لا تقدمين لرضيعك سوى الماء والقليل من السكر، وتمتلئ معدته الصغيرة بالماء وبدون حصوله على دهون وهي التي تتواجد في نهاية الرضعة والتي تسبب في زيادة وزن الرضيع بصورة صحية وطبيعية فيستيقظ الطفل بعد نومه بقليل طلباً للرضاعة ويتكرر حصوله على ماء فقط دون أن يحصل على الحليب الخلفي وهو حليب نهاية الرضعة المغذي والمشبع. 3- عدم التقام حلمة الثدي بشكل صحيح يؤدي إلى نقص وزن الرضيع اهتمي بما يُعرف بطريقة الالتقام وهي الطريقة الصحيحة التي يُمسك بها الرضيع بحلمة الثدي لأنها تلعب دوراً كبيراً في نجاح الرضاعة الطبيعية، وبالتالي تحقيق زيادة مناسبة ومطردة في وزن الرضيع، حيث إن التقام الرضيع للثدي بشكل صحيح خطوة ضرورية لظهور علامات نجاح الرضاعة الطبيعية وشبع الطفل لأن عدم إدخال الرضيع لكامل الحلمة في فمه وإمساكه بها بشكل صحيح يؤثر على كمية الحليب وراحة الطفل والأم وكذلك على صحة الحلمة، فإذا كان التقام الرضيع للثدي غير مريح فقد يسبب ألماً في الحلمة، مما يجعلها تكره عملية الرضاعة، وكذلك يُمنع الطفل من الحصول على كفايته من الحليب، وقد يؤدي سوء الالتقام إلى انسداد القنوات اللبنية أو التهاب الحلمتين وهي مشاكل تُعرقل الرضاعة، وقد تسبب توقف الرضيع عنها. 4- إصابة الرضيع بحساسية اللاكتوز يؤدي إلى نقص وزن الرضيع اعلمي أن من الأسباب الخفية لعدم زيادة وزن رضيعك إصابته بما يُعرف بحساسية اللاكتوز، حيث إن حساسية اللاكتوز، أو ما يُعرف بحالة عدم تحمل اللاكتوز، تحدث عندما يعاني جسم الطفل من نقص في إنزيم يُعرف بإنزيم اللاكتاز، وهو الإنزيم المتخصص في هضم اللاكتوز وهو سكر الحليب، ويؤدي هذا النقص في إنزيم اللاكتوز إلى عدم قدرة جسم الطفل على امتصاص اللاكتوز بشكل فعال، مما يسبب ظهور أعراض هضمية مزعجة على الطفل ومنها الإسهال المتكرر والانتفاخ وتراكم الغازات، وكذلك القيء. 5- إصابة الرضيع بالإسهال المتكرر يؤدي إلى نقص وزن الرضيع اعلمي أن هناك بعض الأعراض المرضية التي قد تُصيب الرضيع في أشهره الأولى وتؤدي إلى عدم تحقيق جسمه زيادة في الوزن، ولذلك يجب أن تقومي بالتسجيل في مفكرة الهاتف عدد مرات إصابة رضيعك بالإسهال وعدد الحفاضات التي يتم تغييرها يومياً لأن إصابة الطفل بما يُعرف بالإسهال المائي وما يسببه من مضاعفات؛ مثل الإصابة بأعراض النزلة المعوية عند الرضّع؛ يؤدي بشكل فعال لعدم تحقيق الرضيع زيادة في الوزن بسبب فقدان جسمه المستمر للسوائل والعناصر الغذائية التي تؤدي إلى زيادة الوزن في حال عدم إصابته بالإسهال. قد يهمك أيضاً: كيف أعرف أن طفلي الرضيع يحصل على كفايته من الحليب؟ *ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج؛ عليك استشارة طبيب متخصص.

تسعة آلاف مستفيد من «الإحسان الطبية» بجازان
تسعة آلاف مستفيد من «الإحسان الطبية» بجازان

الرياض

time١٦-٠٧-٢٠٢٥

  • الرياض

تسعة آلاف مستفيد من «الإحسان الطبية» بجازان

قدَّمت جمعية الإحسان الطبية الخيرية بمنطقة جازان، خدماتها العلاجية والتثقيفية خلال الربع الثاني لهذا العام 2025م لـ(8952) مستفيدًا ومستفيدةً من مشروعات الجمعية الرئيسة. وأوضح الأمين العام للجمعية محمد بن إسماعيل الحازمي، أن مشروع "سفير" لنقل مرضى الفشل الكلوي وأمراض الدم الوراثية نفّذ (5487) رحلة لنقل المرضى من منازلهم وإلى المراكز المتخصصة في الغسيل الكلوي وأمراض الدم، وتم إجراء (272) عملية جراحية من خلال مشروع "شفاء" لإجراء العمليات الجراحية للمرضى المحتاجين، فيما قدَّم مشروع "سند" (116) جهازًا طبيًّا للمرضى المحتاجين في منازلهم، وقدمت العيادات المتنقلة خدماتها الطبية الأولية والتثقيف الصحي لـ(664) مستفيدًا ومستفيدةً، واستفاد من مشروع الكشف المبكر عن سرطان الثدي (215) مستفيدةً قُدمت لهن الخدمة من خلال عيادة متنقلة، كما قام مشروع الاستشاري الزائر بالجمعية بتقديم الخدمات الاستشارية لـ(2198) مستفيدًا ومستفيدةً. وأشار الحازمي إلى أن وحدة التطوع الصحي بالجمعية قدمت (8) فرص تطوعية شارك فيها (226) متطوعًا من الاستشاريين والأطباء والفنيين قدموا خلالها (2830) ساعة تطوعية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store