
لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.. 10% من فلسطينيي غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مساء الأربعاء، إن 10 في المئة من فلسطينيي قطاع غزة قُتلوا أو جُرحوا أو فقدوا أو اعتقلوا جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، وهذا رقم غير مسيوق لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.
جاء ذلك في إنفوغرافيك نشره المرصد (مقره جنيف) بمناسبة مرور 600 يوم على الإبادة التي تواصل إسرائيل ارتكابها منذ عشرين شهرا.
وأوضح المرصد الحقوقي أن 31 في المئة من ضحايا الإبادة الجماعية في قطاع غزة من الأطفال، و21 في المئة منهم من النساء.
وأكد المرصد أن 9 من كل 10 أشخاص قتلتهم إسرائيل على مدار 19 شهرا من الإبادة هم من المدنيين، وفق الإنفوغرافيك.
فيما أظهر أن عدة آلاف من الأشخاص تعرّضوا لبتر في الأطراف أو إعاقات دائمة، وأكثر من 10 آلاف طفل فقدوا ساقا واحدة على الأقل.
وذكر أن 98 في المئة من فلسطينيي القطاع نزحوا قسريا لمرة واحدة على الأقل، مبينا أن الغالبية العظمى منهم أجبرت على الانتقال إلى مدارس وخيام مؤقتة.
وتابع بهذا الصدد: 'يتعامل الجيش الإسرائيلي مع من لا يمتثل لأوامر الإخلاء باعتباره متعاونا مع منظمة إرهابية'.
وذكر المرصد أن الإبادة الجماعية خلفت نحو 43 ألفا و600 يتيم في جميع أنحاء القطاع.
وعن نسبة التدمير الإسرائيلي في القطاع، قال المرصد إن 80 في المئة من المباني دمرت أو تضررت، و90 في المئة من المستشفيات والمدارس والجامعات دُمرت أو تضررت بشكل كبير.
وأفاد المرصد الحقوقي أن نسبة انخفاض نصيب الفرد اليومي من المياه بلغت 99 في المئة نتيجة التدمير الإسرائيلي الواسع للبنى التحتية المائية.
وبحسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن إسرائيل دمرت 719 بئر مياه وأخرجتها عن الخدمة منذ 7 أكتوبر 2023.
وأشار إلى أن 98 في المئة من فلسطينيي غزة يواجهون مستويات عالية من 'انعدام الأمن الغذائي الحاد'، لافتا إلى توثيق 100 حالة وفاة بينهم 42 طفلا بسبب سوء التغذية الشديد.
وبتجويع متعمّد يمهد لتهجير قسري، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة، بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ 2 مارس الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء.
وعن المعتقلين الفلسطينيين، قال المرصد الأورومتوسطي إن إسرائيل تعتقل وتُخفي في سجونها نحو 4 آلاف و700 فلسطيني من غزة.
وأردف: 'أجرى المرصد مقابلات مع 100 معتقل مفرج عنهم من غزة، ووثق 42 نوعا من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تمارس ضد الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز'.
وذكر من أنواع التعذيب 'الاغتصاب، والاعتداءات الجنسية، والصدمات الكهربائية، والبصق والتبول على المعتقلين، والتفتيش العاري، والقتل العمد تحت التعذيب'، بحسب الإنفوغرافيك.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كواليس اليوم
منذ يوم واحد
- كواليس اليوم
الرئيس أبو مازن و (استراتيجية الضعيف)
ابراهيم ابراش من خلال متابعتي لكتابات الرئيس أبو مازن وتصريحاته وكيفية تدبيره للمناصب التي تولاها ومعرفتي الشخصية المحدودة به سواء قبل توليه الرئاسة أو بعدها، يمكن القول إن تفكيره ونهجه السياسي الإستراتيجي ينتمي لمدرسة ونهج في السياسة وهي (استراتيجية الضعيف)، وهذه المدرسة وإن كانت تنتمي للواقعية السياسية إلا أنها تنطلق من منطلق معاكس للأصول الأولى للواقعية التي تعتمد على القوة وموازين القوى لتحقيق المصالح القومية. استراتيجية الضعيف نجد نماذج لها بالنسبة للدول المستقلة والمستقرة في علاقتاها مع دول العالم وخصوصا دول الجيران كما هو الحال بالنسبة للدول التي اتخذت موقف الحياد خلال الحرب العالمية الثانية وبعضها ما زال ملتزما بالحياد مثل سويسرا والنمسا، أيضا نجد تطبيقا لها في حالة الشعوب والدول الخاضعة للاستعمار ونموذجها تجربة تحرير الهند مع المهاتما غاندي (سياسة ألا عنف) خلال استعمارها من بريطانيا. هذه المدرسة في السياسة تنطلق من منطلق الاعتراف بواقع الاختلال في موازين القوة لصالخ العدو والاحساس بالعجز تجاهه وعدم الفدرة على مواجهته عسكرياً وبالتالي الأفضل الابتعاد عن أي مواجهات مسلحة مباشرة معه والاعتراف بأنك ضعيف وتحتاج لحماية خارجية من الأصدقاء أو من المنتظم الدولي، وكانت كلمة أبو مازن في خطابه في الأمم المتحدة قبل عامين عندما قال مخاطب دول العالم (احمونا) تعبيراً عن هذه الاستراتيجية، كما أن هذه الاستراتيجية لا تُعير كثير اهتمام بالخطاب الشعبوي وقدرات الشعب الذاتية، والزعيم الذي يؤمن بهذه الاستراتيجية ،حتى وإن كان وطنيا ويسعى لمصلحة الشعب ،غالبا تكون فجوة بينه وبين الأحزاب الجماهيرية، وهو أيضا لا يعول عليهم كثيرا. ما يؤخذ على هذه الاستراتيجية أو النهج للرئيس أبو مازن ولمن سيخلفه هو عدم التوافق الوطني على هذه السياسة وغياب الأدوات التنفيذية وخصوصاً أنها تحتاج لرجال يؤمنون بها وقادرون على اقناع الشعب بالحقيقة ويملكون أدوات لتعزيز صمود الشعب على الأرض وابداع وسائل نضالية غير عنيفة لمواجهة مخططات الاستيطان والتهويد؟ وهذه كلها تحتاج لعودة الثقة بين الشعب والقيادة، حيث يمكن للوحدة الوطنية والنهج الديمقراطي في القيادة والتوافق على استراتيجية وطنية للمقاومة السلمية وتعزيز وتصويب علاقة القيادة والشعب بالمحيطين العربي والدولي أن يشكلوا المعادل الموضوعي لضعف القدرات العسكرية. إن كانت المواجهات العسكرية المباشرة مع العدو كما جرى في عملية طوفان الأقصى الحمساوية وما أدت له من تفعيل حرب الابادة والتطهير العرقي اليهودية في قطاع غزة والمُعد لها مسبقا قد ألحقت أضراراً عظيمة بالقضية الفلسطينية وخصوصاً أنها جاءت في ظل ظروف عربية ودولية غير مواتية، فإنه في المقابل فإن استراتيجية الضعيف التي تنهجها القيادة والسلطة الفلسطينية وإن حافظت نسبياً على ثبات الشعب على الأرض وقللت من خسائره إلا أنها لم تحقق الهدف الوطني منها ولم تمنع العدو من زيادة مشاريعه الاستيطانية وتهويد المسجد الأقصى وتقطيع أوصال الضفة والاعتداء على المواطنين. للأسف ما زال الشعب الفلسطيني منقسماً بين هاتين الاستراتيجيتين مع تزايد الأصوات التي تطالب بوقف العمل العسكري المباشر ولو مؤقتاً لوقف المجازر في القطاع والحيلولة دون تنفيذ مخطط تهجير أهالي القطاع وربما أيضاً الضفة، وحتى حركة حماس عندما تطالب بهدنة طويلة دون تحقيق هدف تحرير فلسطين إنما تعترف بفشل نهج القتال والمقاومة العسكرية المباشرة. فهل من المجدي بعد كل ما جرى العودة لاستراتيجية الضعيف أو المزج بينها وبين استراتيجية وطنية للمقاومة؟ من المفيد التذكير بأنه في عهد الزعيم أبو عمار وما بعد فشل مباحثات كامب ديفيد ٢ عام ٢٠٠٠ ظهر في الساحة الفلسطينية وداخل حركة فتح نهجان (العرفاتية) و (العباسية) وقد كتبنا حينها عن الموضوع. حاولت العرفاتية العودة للكفاح المسلح مع الحفاظ على السلطة ونهج التسوية السياسية وعدم إغلاق الباب أمام المفاوضات، أو بمعنى آخر كانت تريد التوصل للسلام من خلال الضغط العسكري، وكانت العباسية ضد العودة للعمل العسكري ومع استراتيجية الضعيف، وكانت حركة حماس وفصائل أخرى تؤيد عودة عرفات للعمل العسكري ولكنها في نفس الوقت تعادي منظمة التحرير والسلطة والتسوية السياسية!، وكانت النتيجة حصار أبو عمار في المقاطعة ومحاصرة العرفاتية واغتياله سياسياً قبل أن تغتاله إسرائيل جسدياً عام ٢٠٠٤. هل يمكن الآن العودة لاستراتيجية الضعيف ولو معدلة؟ ربما كانت هذه الاستراتيجية نافعة ويمكنها تحقيق بعض الإنجازات الوطنية السياسية في بداية عملية التسوية السياسية عندما كان يوجد في إسرائيل مجتمع وحكومة تريد تسوية سياسية وكان معسكر السلام قويا كما كانت دول العالم داعمة للحل السلمي وللتوجه العقلاني لمنظمة التحرير كما كان العالم العربي في حال أفضل بكثير مما هو عليه، ولكن الآن وفي ظل حكومة يمينية الأكثر تطرفا في تاريخ دولة الاحتلال وتوجه كل مجتمع العدو نحو اليمين وإعلان إسرائيل أنها ضد السلام وضد قيام دولة فلسطينية بل وتقوم بحرب إبادة وتطهير غرقي في قطاع غزة … هل يمكن (لاستراتيجية الضعيف) أن تنجح؟ وهل من بديل؟ لا يمكن الاعتماد على هذه الاستراتيجية وحدها في تحقيق النصر أو المنع الكامل لمخططات العدو، ولا نعتقد أننا الآن في مرحلة تسمح بتحرير فلسطين وحتى في حدود 1967 بل في مرحلة الحفاظ على الذات الوطنية وتعزيز صمود الشعب على أرضه، ولكن يمكنها تقليل الخسائر والحفاظ على وجود الشعب وصموده في أرضه والحيلولة دون منح العدو مزيدا من المبررات لمواصلة حربه لتصفية القضية الوطنية. [email protected] — Dr: Ibrahem Ibrach


لكم
منذ يوم واحد
- لكم
لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية.. 10% من فلسطينيي غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مساء الأربعاء، إن 10 في المئة من فلسطينيي قطاع غزة قُتلوا أو جُرحوا أو فقدوا أو اعتقلوا جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، وهذا رقم غير مسيوق لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية. جاء ذلك في إنفوغرافيك نشره المرصد (مقره جنيف) بمناسبة مرور 600 يوم على الإبادة التي تواصل إسرائيل ارتكابها منذ عشرين شهرا. وأوضح المرصد الحقوقي أن 31 في المئة من ضحايا الإبادة الجماعية في قطاع غزة من الأطفال، و21 في المئة منهم من النساء. وأكد المرصد أن 9 من كل 10 أشخاص قتلتهم إسرائيل على مدار 19 شهرا من الإبادة هم من المدنيين، وفق الإنفوغرافيك. فيما أظهر أن عدة آلاف من الأشخاص تعرّضوا لبتر في الأطراف أو إعاقات دائمة، وأكثر من 10 آلاف طفل فقدوا ساقا واحدة على الأقل. وذكر أن 98 في المئة من فلسطينيي القطاع نزحوا قسريا لمرة واحدة على الأقل، مبينا أن الغالبية العظمى منهم أجبرت على الانتقال إلى مدارس وخيام مؤقتة. وتابع بهذا الصدد: 'يتعامل الجيش الإسرائيلي مع من لا يمتثل لأوامر الإخلاء باعتباره متعاونا مع منظمة إرهابية'. وذكر المرصد أن الإبادة الجماعية خلفت نحو 43 ألفا و600 يتيم في جميع أنحاء القطاع. وعن نسبة التدمير الإسرائيلي في القطاع، قال المرصد إن 80 في المئة من المباني دمرت أو تضررت، و90 في المئة من المستشفيات والمدارس والجامعات دُمرت أو تضررت بشكل كبير. وأفاد المرصد الحقوقي أن نسبة انخفاض نصيب الفرد اليومي من المياه بلغت 99 في المئة نتيجة التدمير الإسرائيلي الواسع للبنى التحتية المائية. وبحسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن إسرائيل دمرت 719 بئر مياه وأخرجتها عن الخدمة منذ 7 أكتوبر 2023. وأشار إلى أن 98 في المئة من فلسطينيي غزة يواجهون مستويات عالية من 'انعدام الأمن الغذائي الحاد'، لافتا إلى توثيق 100 حالة وفاة بينهم 42 طفلا بسبب سوء التغذية الشديد. وبتجويع متعمّد يمهد لتهجير قسري، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة، بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ 2 مارس الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء. وعن المعتقلين الفلسطينيين، قال المرصد الأورومتوسطي إن إسرائيل تعتقل وتُخفي في سجونها نحو 4 آلاف و700 فلسطيني من غزة. وأردف: 'أجرى المرصد مقابلات مع 100 معتقل مفرج عنهم من غزة، ووثق 42 نوعا من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تمارس ضد الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز'. وذكر من أنواع التعذيب 'الاغتصاب، والاعتداءات الجنسية، والصدمات الكهربائية، والبصق والتبول على المعتقلين، والتفتيش العاري، والقتل العمد تحت التعذيب'، بحسب الإنفوغرافيك. وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.


لكم
منذ 2 أيام
- لكم
نبيل عيوش يكتب.. إسرائيل – غزة: نحو بداية قصة أخرى؟
في ستينيات القرن الماضي، لاحظ المؤرخ والفيلسوف المختص بالكابالا غيرشوم شوليم أن حظ إسرائيل الأعظم يكمن في نجاتها من المسيحية. لكن التاريخ كتب مفارقة ــ فقد جردت الدولة الناشئة من روحها الفاضلة، وتحولت إلى كارثة جماعية وأزمة أخلاقية. حتى اليوم، يدفع عشرات الملايين ثمن هذا الانحراف. فمن خلال سماح القوى الكبرى بتحول الرؤية إلى مذبحة، تكشفت نقاط ضعف خطيرة تجرنا إلى هاوية لا قاع لها. انهارت القيم التي طالما اعتبرت ركيزة لإيماننا المشترك، وحل قانون الأقوى مكان الأخلاق، فأصبح الضعفاء مجبرين على الصمت وتلقي الضربات. إذا كان لا شيء ممنوعا، فكل شيء مباح؛ وإذا عجزت المؤسسات الدولية عن حماية المدنيين، فكيف نطمئن أطفالنا إلى أن غدا قد يكون أفضل؟ وعندما تواصل الدول العظمى تمويل آلة الحرب الإسرائيلية دون قيد أو شرط، كيف يصدق تحذيرها العالم من الانزلاق نحو العنف في صراعات أخرى؟ وإذا كانت العدالة تطبق انتقائيا، وتسحق القوانين الدولية متى شاؤوا، فما معنى 'العدالة' إذا؟ إن تجاهل هذه الأسئلة لا يعفي أحدا من مسؤولية الحفاظ على المنطق والقيم التي تفصلنا عن بقية مخلوقات هذا الكوكب. التمسك بالسلطة مهما كلف الأمر ربما تكون هذه حقا نهاية قصة وبداية أخرى؟ قصة تختلف جذريا عما عرفناه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسنضطر إلى التأقلم معها. إنها قصة ترحل القيم العالمية إلى أعمق زاوية مظلمة، ولا تبقي مكانا للعقل… فآمالنا ضئيلة، وقيمة الحياة البشرية لم تعد سواسية، حسب الجهة التي يقيم فيها الإنسان. بينما تتكدس عشرات آلاف الجثث في مقابر جماعية بغزة، ويتمكن عدد قليل من المستوطنين، بدعم سياسي، من السيطرة على واحدة من أقوى جيوش العالم في الضفة الغربية، يكتفي العالم الغربي الكبير بكلمات واهنة وإدانات مترددة. أما المدنيون الأبرياء، في كل مكان، فقد تحولوا إلى كبش محرق في نزاع بات لا يسمى ولا ينهي. وسط هذا الحريق الهائل، ينجح رجل في التمسكِ بالسلطة مهما كان الثمن، ويرقص فوق لهب يغذيه يوميا. هذا الرجل، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ملاحق بتهمِ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد شطر أمته الإسرائيلية في السنواتِ الأخيرة شطرين لا سابق لهما في تاريخ البلاد. أحاط نفسه بالعنصريين وكارهِي المثلية، في سبيل البقاءِ في منصبه. كل يوم يحاول اغتيال سيادةِ القانون والمؤسساتِ والأنظمةِ، ومن يسعى إلى إنفاذها في إسرائيل. كل يوم يأخذ شعبه رهينة؛ فالديمقراطية في نظره مفهوم لين يشكله وفق طموحاته، ولو اقتضى الأمر جر بلاده والمنطقة بأسرها إلى الدمار التام. أما الشعب الفلسطيني والرهائن الإسرائيليون عنده مجرد ذخيرة تسخرها طموحاته المجنونة: أن يظل حاكما على سفينة تغرق، كمثل أوركسترا التايتانيك، يعزف حتى اللحظةِ الأخيرة، فالأهم لديه ليس النوتة، بل أن تسمع أصواته. بالتالي، يوجد هدف وحيد لإطالة أمد المذبحة، ألا وهو الإفلات من العدالة الدولية والقضائية في بلاده. غير أن الجميع باتوا يعرفون أن هذا الرجل هو العائق الأبرز أمام عودة الحياة لجميع أطراف النزاع. ولعله يدرك أمرا واحدا: لن ينسى العالم ما فعل، أبدا؛ بل كلما ابتعدنا عن 7 أكتوبر، ازدادت الظروف التي مهدت لذلك اليوم المأساوي وضوحا، وتمثلت مسؤوليته الهائلة أكثر. وأفضل وسيلة لإشعال هذه النيران هي التظاهر برغبة خلط كل شيء ببعضه؛ أي أن مكافحة معاداة السامية كانت وستبقى إحدى معاركي في الحياة؛ فقد كرست لها أحد أفلامي، 'الرازيا'. وما أحزنني اليوم هو رؤية هذا المصطلح يساء استخدامه ويحول معناه، وتغتنمه كل التيارات اليمينية المتطرفة في العالم لحسابات انتخابية وضيعة. فهذه الأحزاب لا تملك تاريخا طويلا، إذ تعبث بسلامنا دوريا، وقد تنقلب ضدنا في أي لحظة… عملاق بأقدام من طين بلا أصدقاء لا ينبغي لإسرائيل ولا لليهود في العالم أن يستمعوا إلى هذه الأناشيد، بل عليهم رفض كل من يدعي الصداقة معها بقوة. أرحب بظهور أصوات يهودية جريئة في شتى الأمصار تدين الفظائع الجارية في غزة؛ فلو أن هذه الأصوات، وإن كانت مخلصة لإسرائيل كما تدعي، تواصل صراخها وتحركها داخل مجتمعها وخارجه من أجل إقامة دولة فلسطينية كريمة، لما انحدرت إسرائيل والفلسطينيون معا نحو الغرق. الحقيقة أن إسرائيل صارت عملاقا بأقدام من طين، بلا أصدقاء حقيقيين، بل حلفاء انتهازيون… فالأصدقاء الحقيقيون لا يدفعونك نحو انتحار جماعي، بل يحاولون ثنيك عن ذلك. كانوا ليقولوا لإسرائيل إن زمن المستوطنات قد ولى، وأن الإرهاب لا يواجه بالقتل الجماعي والحصار والقصف، بل بحقوق الإنسان والتعليم ومنح الشباب الفلسطيني آفاقا لمستقبل أفضل. وإلا فسوف تستمر الجماعات الإرهابية في التكاثر جيلا بعد جيل، ينضم إليها جحافل من الأيتام المنكوبين بفقدان آبائهم. وليس الأصدقاء الحقيقيون من يتركونك تتعالى فوق القانون؛ ذلك الشعور بالقدرة المطلقة والإفلات التام من العقاب هو ما يمكن الحكومة الإسرائيلية الحالية من ارتكاب أبشع المذابح. وسيتحمل العالم وزر غياب الضمير الأخلاقي. فإذا واصل القادة السياسيون تواطؤهم بصمتهم على هذه المجازر وإيهام أنفسهم بأن للعدالة مقاييس متفاوتة، فإنهم يحفرون قبرا جماعيا للجميع. وبدلا من نزع شرعية محكمة العدل الدولية، ينبغي على القوى الكبرى أن تدعمها فورا وتساعدها في أداء دورها. ففي اسم الانتقام يقتل شعب بأسره، ويحرم من الماء والغذاء والدواء والرعاية الطبية والكهرباء وأبسط حقوقه. إن معاملة الأسرى الفلسطينيين بهذه القسوة، وإبقاء المستوطنين الإسرائيليين ينهبون ويقتلون ويذلون ويدمرون البيوت والقلوب، ينم عن انحلال دولة تدعي الديمقراطية. فإذا لم يوقف هؤلاء القادة، فسيمهدون لثورة شعبية عالمية ضد وحشيتهم. فكيف لا ندرك أن هذا الصراع هو مركز زلزال يهز العالم ويشكل معالم صراعات اجتماعية وحضرية عديدة منذ نهاية القرن العشرين؟ أنا ابن لأم يهودية وأب مسلم، نشأت على وقع الطبول، ومنذ صغري ظل قلبي ينبض بإيقاع هذا الصراع. لقد مزقني، وأيقظ ضميري السياسي، وشكل علاقتي بالعالم، وربما دفعني أيضا لأن أصير سينمائيا أحكي قصص الإنسان. مع مرور الزمن، صار هم الإنسان وحده شغفي الأوحد. مسكونا بفكرة أن السينما قادرة على تغيير العالم، احتضنت أفلامي قصص حياة تعشق الحرية، محاصرة في قلب تاريخ كبير. مدفوعا بهذه الطاقة، ربما بسذاجة طفولية، انطلقت في 2011 لصنع وثائقي بعنوان 'أرضي' My Land في إسرائيل ولبنان، معطيا الكلمة لفدائيين فلسطينيين مسنين وشبان إسرائيليين. تمنيت ذات يوم أن يكون المصالحة ممكنة… لكني اليوم أعلم أن التصالح صار متأخرا للغاية، وأن فصلا آخر من التاريخ بدأ بالكتابة. فكيف سيكون شكل هذا التاريخ الجديد؟ لا أحد يملك الإجابة بعد. سيتشكل حتما من انتفاضات ومقاومات مضادة، ومن جنون مزيد، ومن سخرية متجددة بلا هوادة، ومن تنازلات وأمل وتمرد على أوامر تقدم على أنها مسلمات… ولكن، إذا أراد هذا الفصل أن يكون ذا معنى، فلا بد أن يبنى أولا وأخيرا على العدل. فالبغي ظلام وفوضى لا يقودان إلا إلى الخراب. في هذا الصراع، لم يعد الأمر متعلقا بفلسطينيين أو إسرائيليين، ولا بيهود أو مسلمين فحسب، بل بات مسألة عدل أو ظلم، ويتعين على كل منا أن يختار جانبه، لأن من بديهيات الطبيعة البشرية أنها ترفض الأكاذيب التي تقدم على أنها حقائق. كما أن للإنسان حدودا لا يليق معاداتها، وإن من أعظم ما يحققه الطغاة في كل مكان، هو توحيدنا حول ميثاق رغبة مشتركة واحدة؛ ألا نعاود تجربة فظائع القرن الماضي. ولهذا، يجب أن تكون ضمائرنا جاهزة لكل المعارك، بداية بمكافحة النسيان والتضليل ونزع الإنسانية والرغبة في إبادة شعب؛ فالأمم لا تبنى فوق قبور مكتظة بالأشلاء.