
لبنان على حافة القرار.. السيادة أم الانزلاق؟
أسئلة تزدحم في الأفق مع اقتراب موعد عرض خطة الجيش لحصر السلاح على الحكومة نهاية أغسطس الجاري. استحقاق يبدو إدارياً في شكله، لكنه في جوهره اختبار لمعادلات القوة بين الداخل والخارج، وامتحان لقدرة الدولة على فرض سلطتها في لحظة سياسية وأمنية شديدة التعقيد.
• ما تحمله الأيام القادمة
بحسب قرار الحكومة، فإن مهمة الجيش تتضمن إعداد خطة مفصلة تشمل الجداول الزمنية، الوسائل اللوجستية، وآليات التنفيذ اللازمة لضمان حصر السلاح بيد القوى الشرعية. هذه الخطة تأتي في سياق مسار دولي أوسع، يتدرج من تثبيت وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية، إلى إعادة انتشار الجيش اللبناني، ثم التعامل مع ملف سلاح حزب الله، وصولاً إلى مؤتمر دعم اقتصادي للبنان.
لكن المعطيات السياسية تشير إلى أن الملف لن يمر بسلاسة. فحزب الله يعتبر أن سلاحه مرتبط بمعادلة الردع في مواجهة إسرائيل، وأن أي مس به قبل معالجة الملفات الأمنية والحدودية يشكل تهديداً مباشراً لدوره. في المقابل، ترى الحكومة أن استمرار السلاح خارج سلطة الدولة يعمّق الانقسام الداخلي ويضعف قدرة لبنان على استعادة الاستقرار وجذب الدعم الدولي.
• جلسة على صفيح ساخن
الجلسة المرتقبة لمناقشة خطة الجيش ستجمع خليطاً من المواقف المتباينة. وزراء حزب الله وحركة أمل سبق أن انسحبوا من جلسات سابقة، رفضاً لأي نقاش في هذا الملف، بينما أصرّت غالبية الوزراء على المضي في المسار حتى النهاية. هذا التباين يجعل من الجلسة القادمة مسرحاً محتملاً لتصعيد سياسي، قد يتطور إلى تعطيل العمل الحكومي إذا تمسك كل طرف بموقفه.
ورغم أن الحكومة تحاول تقديم الخطة كإجراء تنظيمي يخدم المصلحة الوطنية، إلا أن أوساطاً مراقبة ترى أن ما سيجري في المجلس هو في جوهره معركة حول هوية الدولة وحدود سلطتها، ما يعني أن النتائج قد تتجاوز النصوص إلى موازين القوى على الأرض.
• بين مسارين مختلفين وهدف واحد
في السياق، يصل المبعوثان الأمريكيان توم براك ومورغن أورتاغوس إلى بيروت يومي 18 و19 أغسطس، وكل منهما يحمل ملفات مختلفة، براك يركز على الضغط السياسي لدفع الحكومة نحو خطوات عملية في حصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة، في حين تهتم أورتاغوس بترتيبات التمديد لقوات اليونيفيل وربط هذا التمديد بمهمة الجيش وخطته المنتظرة. ورغم اختلاف المسارين، يلتقيان عند دعم المؤسسة العسكرية وتوفير الظروف الدولية التي تمكّنها من تنفيذ القرار الحكومي.
فهل تمهد الزيارة الأمريكية لفرض وقائع جديدة على الأرض تلزم الأطراف الداخلية بقبول خطة الجيش، أم أنها ستفاقم التعقيدات وتدفع بالمشهد إلى مزيد من التأزم؟
• خلف الكواليس.. ضغوط ومشاورات
بعيداً عن الإعلام، تدور اتصالات مكثفة بين رئاسة الحكومة وقيادة الجيش وعدد من البعثات الدبلوماسية الغربية، في محاولة لضمان أن تأتي الخطة قابلة للتنفيذ من دون أن تجر البلاد إلى مواجهة شاملة. المعلومات المسربة تشير إلى أن هناك حرصاً على صياغة مقترح يراعي الاعتبارات السياسية والأمنية معاً، ويتيح مساحة للحوار مع الأطراف المعنية، حتى وإن استلزم الأمر تقسيم الخطة إلى مراحل متدرجة.
• الثنائي الشيعي وشراء الوقت
تقول أوساط قريبة من عين التينة، لـ«عكاظ»، إن اللقاء الذي عُقد أخيراً، بين رئيس البرلمان نبيه بري وقائد الجيش العماد رودولف هيكل كان إيجابياً، وأكد خلاله هيكل رفضه الصدام مع مكوّن أساسي في البلد، لافتاً إلى أن الجيش سيطبق ما تتفق عليه السلطة السياسية، وأن المشكلة ليست مع المؤسسة العسكرية بل مع السلطة، والأمر يحتاج إلى حوار وتفاهم.
في المقابل، تكشف مصادر قريبة من حارة حريك، لـ«عكاظ»، أن حزب الله مرتاح لوضع الملف بيد اليرزة، رغم رفضه مسألة تحديد المهل، وهذا ما يعزز قناعة الثنائي مبدئياً بأن الجيش لن يدخل في صدام مباشر معهم، وأن أي خطة لن تُطبق بالقوة.
بالمقابل، يسعى حزب الله إلى استيعاب مفاعيل القرار الحكومي من خلال رهان على أن إمكانات الجيش لا تسمح بتنفيذ سريع للخطوة، ما يفتح المجال للمناورة والتأجيل. ويلعب نبيه بري دور الغطاء السياسي لهذا النهج، عبر إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع الحكومة، ومنع أي انسحاب وزاري قد يطيح بالمسار الحكومي.
• السيناريوهات بين الممكن والمخيف
استناداً إلى المواقف المعلنة والتحركات الجارية، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات رئيسية: التوافق المرحلي: إطلاق الخطة تدريجياً مع تأجيل الملفات الأكثر حساسية. التأجيل المموه: إرجاء التنفيذ الفعلي إلى ما بعد أيلول بحجة استكمال المشاورات. الانفجار السياسي والأمني: مواجهة مباشرة وتعطيل حكومي وتصعيد في الشارع.
الخطورة في الأيام القادمة تكمن في أن لبنان يتحرك على خط رفيع بين استعادة الدولة هيبتها، وانزلاق المشهد إلى مواجهة مفتوحة. نجاح الحكومة في تمرير خطة الجيش سيعزز الثقة بقدرتها على الإمساك بالقرار السيادي، أما الفشل فسيضع البلاد أمام أزمة مركبة، مع تراجع الزخم الدولي وتعميق الانقسام الداخلي.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 23 دقائق
- العربية
حزب الله العراقي يؤكد رفضه نزع سلاح الفصائل
انتقد حزب الله العراقي، على خطى نظيره اللبناني ، المطالبة بنزع سلاح "فصائل المقاومة تحت ذرائع واهية، سواء في العراق أو في لبنان"، وفق وصفه. وأكد في بيان، اليوم الجمعة، أنه يرفض نزع سلاحه وسلاح الفصائل المسلحة، مشدد على أن "مقاومة المحتلّين وردع المعتدين حقٌّ مشروع تكفله القوانين والشرائع". "صمام أمان" كما اعتبر أن هذا السلاح "صمّام أمان، ودرع الحصين في الدفاع عن الأعراض والمقدّسات والأرض"، حسب تعبيره. بل دعا إلى "دعم ترسانة المقاومة (في إشارة إلى الفصائل المسلحة) بالأسلحة المتطوّرة، وتعزيز إمكاناتها الفنية، ورفع قدراتها الدفاعية والتدميرية، لبلوغ أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، لمواجهة أيّ تهديدٍ يطال البلاد والعباد". أتى ذلك، بعدما أكد أمين عام حزب الله اللبناني أيضا بوقت سابق اليوم أنه لن يسلم سلاحه، ملوحا بحرب أهلية ومواجهة وفتنة. كما جاء بعد يوم من زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت وبغداد قبلها، حيث شدد على حق "المقاومة" في الدفاع عن أراضيها. وكانت الحكومة العراقية شددت خلال الفترة الماضية على غرار الحكومة اللبنانية على أهمية بسط سيطرة الدولة على كافة الأراضي وحصر السلاح بيدها ومنع تفلت الأسلحة. علماً أن حزب الله العراقي منضوٍ ضمن فصائل الحشد.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
إمبراطور اليابان يعبّر عن «ندم عميق» في الذكرى اﻟ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية
تحدى عشرات آلاف الأشخاص الحر الشديد لزيارة ضريح ياباني مثير للجدل، في وقت عبّر الإمبراطور ناروهيتو عن «ندم عميق» على الحرب في الذكرى الثمانين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية. وكان وزيران في الحكومة اليابانية من بين الزوار الذين توافدوا على ضريح ياسوكوني في طوكيو الذي يحيي ذكرى 2.5 مليون جندي غالبيتهم من اليابانيين قضوا منذ أواخر القرن التاسع عشر، لكنه يكرّم أيضاً مدانين بجرائم حرب، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». الإمبراطور الياباني ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو (يمين) يقفان دقيقة صمت خلال مراسم إحياء الذكرى الوطنية لقتلى الحرب في طوكيو في 15 أغسطس 2025 بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية (إ.ب.أ) ولطالما أثارت زيارات المسؤولين الحكوميين إلى الضريح غضب دول عانت فظائع ارتكبها الجيش الياباني، خصوصاً الصين وكوريا الشمالية. وقال ناروهيتو إنه يشعر بـ«حزن عميق ومتجدد» في كلمة مؤثرة ألقاها وإلى جانبه الإمبراطورة ماساكو داخل قاعة مغلقة في وسط العاصمة اليابانية، حيث تم تنكيس العلم الوطني في الخارج. وأضاف الإمبراطور البالغ 65 عاماً: «أفكاري مع العدد الكبير من الأشخاص الذين فقدوا حياتهم الثمينة في الحرب الأخيرة ومع عائلاتهم الثكلى». وتابع: «ومن خلال التأمل في ماضينا واستحضار مشاعر الندم العميق، آمل بألا تتكرر مآسي الحرب مجدداً». رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يمشي بجوار الإمبراطور ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو بعد إلقاء كلمة في حفل تذكاري بمناسبة الذكرى الثمانين لهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في 15 أغسطس 2025 (أ.ب) كما ألقى رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا كلمة في المراسم تعهّد فيها بـ«الحفاظ على الذكريات المؤلمة للحرب... ونقلها عبر الأجيال، والسعي إلى اتخاذ خطوات نحو سلام دائم». ولم يزر أي رئيس وزراء ياباني الضريح منذ عام 2013 حين أثارت زيارة قام بها رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي غضب بكين وسيول، وتسببت في توجيه الولايات المتحدة حليف طوكيو الوثيق توبيخاً دبلوماسياً نادراً لطوكيو.

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
وزير العدل اللبناني: فريق إيران يضرب الدولة ويهدد السلم الأهلي
شدد وزير العدل اللبناني عادل نصار على أن كلام أمين عام حزب الله ، نعيم قاسم، مرفوض جملة وتفصيلاً. وأضاف نصار لـ"العربية/الحدث" الجمعة إن "الفريق المدعوم من الحكومة الإيرانية يهدد الحكومة اللبنانية". كما تابع أن "نعيم قاسم يعترض على الحكومة اللبنانية وهو طرف فيها". كذلك أردف أن "الفريق المسلح يتسبب بضرب أصول الدولة اللبنانية". فيما ختم مؤكداً أن "كلام نعيم قاسم يهدد السلم الأهلي من قوى غير شرعية". "حرب أهلية" جاءت تلك التصريحات بعدما اتهم نعيم قاسم في كلمة متلفزة بوقت سابق الجمعة الحكومة بـ"تسليم" لبنان إلى إسرائيل بقرارها تجريد حزب الله من سلاحه، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى "حرب أهلية". كما اتهم قاسم الحكومة بتنفيذ القرار الإسرائيلي والأميركي، "حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية وفتنة داخلية"، معتبراً أن حكومة نواف سلام "اتخذت قراراً خطيراً جداً... وهي تعرّض البلد لأزمة كبيرة". فيما أكد أن حزب الله لن يتخلى عن سلاحه قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية، مشدداً على أنه على أهبة الاستعداد للمواجهة. أتى هذا التصعيد الكلامي بعدما كلّفت الحكومة اللبنانية في مطلع أغسطس الجيش بإعداد خطة لتجريد حزب الله من سلاحه بحلول نهاية العام الحالي، وذلك على وقع ضغوط أميركية، وتخوف أن تنفذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة بعد أشهر من مواجهة بينها وبين الحزب الذي تلقى ضربات قاسية.