
مسؤول أميركي: التهريب الإيراني للحوثيين مستمر.. والخطر يتصاعد مع الوقت
انتهت العمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين منذ أسابيع، لكن الأميركيين لم يصدروا حتى الآن أي تقييم لهذه الحملة العسكرية، أو للمخاطر التي ما زال الحوثيون قادرين على التسبب بها للملاحة في المياه الدولية، أو في استهداف القوات الأميركية عندما تعبر باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر.
مسؤول أميركي تحدّث إلى 'العربية' و'الحدث' اعتبر أن ضرب قدرات الحوثيين كان أمراً جيّداً، مضيفاً أنهم الآن لا يقصفون السفن في المياه الدولية أو القطع العسكرية الأميركية 'إذن هذا أمر إيجابي، ونحن عدنا إلى مرحلة ما قبل 15 مارس (آذار) 2025'.
التكلفة والنتائج
هناك الكثير من النقاش في واشنطن حول اتجاه الأمور بين الحوثيين والدول الجارة وإسرائيل والأسرة الدولية، ويبدأ الجدل من أن الولايات المتحدة تكلّفت مليار دولار من الذخيرة، وصرفت ملايين الدولارات لتشغيل السفن والطائرات التي احتشدت في المنطقة، وملايين إضافية بسبب خسارة طائرتين من نوع 'إف 18' وأقلّه 9 مسيرات متطورة من نوع 'إم كيو 9'.
في المقابل، هناك تقديرات أميركية غير رسمية بأن الحوثيين خسروا ما يصل إلى 80 في المئة من قدراتهم بعد قصف مخازن الصواريخ ومراكز التصنيع وقدرات الرادار والقيادة والسيطرة.
التسلّح الحوثي
تبدأ لائحة المخاطر المرتبطة بالحوثيين في أنهم حافظوا على وجودهم، ويقول أحد المسؤولين الأميركيين لدى التحدّث إلى 'العربية' و'الحدث' إن 'الحوثيين تحاشوا الانهيار الكامل مرات عديدة خلال السنوات الماضية'، ويضيف أن الخطر الحقيقي الآن يكمن في أن يتمكّن الحوثيون من إعادة بناء قدراتهم التي خسروها 'فهم يملكون التقنيات والمعرفة'، بحسب ما قال.
هناك مشكلة أخرى وهي مشكلة التهريب، ويؤكّد المتحدّثون الأميركيون أن 'إيران تتابع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين وأن إيران ترسل قطع سلاح عبر البحر والبرّ، وأن الحوثيين لديهم الكثير من الوسائل لتلقّي هذه القطع المهرّبة'.
التهريب
حاول الأميركيون لسنوات مكافحة مشكلة التهريب إلى الحوثيين لكنها بقية مستعصية، والسبب الأهم في عدم حلّ المشكلة يعود إلى أن الوصول إلى نتيجة كاملة، ومنع الحوثيين من تلقي أية مساعدات من إيران، يستوجب وضع خطة ضخمة من قبل الأميركيين تشمل إرسال قطع بحرية كثيرة إلى المنطقة، وتستدعي نشر أسراب من الطائرات للمراقبة، كما تتطلّب عملاً برّياً واسعاً لقطع طرق الإمداد والتهريب من كل اتجاه.
هناك تعاون في هذا المجال بين الأميركيين والقوات الحكومية اليمنية، خصوصاً حرس السواحل، كما يتلقّى اليمنيون تدريبات على يد الأسطول الخامس، ومن حين إلى آخر ينشر اليمنيون صوراً لشحنات اعترضوها، وكانت في طريقها إلى الحوثيين، لكن الوصول إلى نتيجة ملموسة أمر آخر.
وصف أحد المتحدّثين الأميركيين الحلّ الكامل بأنه 'يحتاج إلى استراتيجية أميركية وطنية'، وهذا الأمر غير مطروح الآن حيث إن الولايات المتحدة تحتاج إلى قدراتها العسكرية في أماكن أخرى، 'فالتهريب إلى الحوثيين يشبه الفيضان، والولايات المتحدة لديها هموم أوروبا والصين وحماية حدودها، وهمّها الأساسي هو مواجهة هذه المخاطر الضخمة'، بحسب ما قال مسؤول أميركي تحدّث إلى 'العربية' و'الحدث'.
الآن يواجه الأميركيون معضلة 'التهديد الحوثي الخافت'، فهم قادرون على العودة إلى شنّ هجمات في أي وقت، ويقول مسؤولون أميركيون إن 'كل ما يحتاجه الحوثيون هو كميات قليلة من الصواريخ وليس بالضرورة أن تكون هذه الصواريخ متطورة'.
يقدّر الأميركيون أيضاً أن قدرة الحوثيين على تلقّي القطع من إيران عبر التهريب وقدرتهم على بناء الأسلحة من جديد سيجعلهم خطرين للغاية خلال أشهر قليلة، وما يزيد من خطورة الموقف أن لديهم الإرادة للقيام بهجمات على السفن التي تعبر باب المندب والبحر الأحمر وتستعمل خليج عدن.
ستكون عودة الحوثيين إلى تهديد الملاحة، لو حصلت، باب استنزاف حقيقي للقدرات الأميركية، فما فعله الرئيس الحالي دونالد ترامب خلال الحملة على الحوثيين هو إظهار قدرات الأساطيل الأميركية في ضرب البنى التحتية والمخازن الحوثية، من دون أن يخسر الأميركيون جندياً أو الاضطرار لنشر قوات برّية، لكن كل عملية عسكرية تقوم بها الولايات المتحدة لمحاربة الحوثيين هي بمثابة استهلاك تنظيم محلّي منخفض التكاليف لقدرات متطورة أميركية مكلفة جداً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 19 دقائق
- حضرموت نت
الأمم المتحدة تخطط لخفض كبير في عدد موظفيها
أصدرت الأمم المتحدة أوامر لأكثر من 60 من مكاتبها ووكالاتها وعملياتها بتقديم مقترحات بحلول منتصف يونيو لتخفيض 20 بالمئة من موظفيها، في إطار جهد إصلاحي كبير لتعزيز العمليات في مواجهة أزمة تمويل حرجة. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين يوم الجمعة إن التخفيضات تؤثر على نحو 14 ألف وظيفة تغطيها الميزانية العادية، أو نحو 2800 وظيفة. وتشمل هذه التخفيضات الموظفين في المكاتب السياسية والإنسانية للأمم المتحدة ووكالاتها التي تساعد اللاجئين وتعزز المساواة بين الجنسين وتتعامل مع التجارة الدولية والبيئة والمدن. كما أن وكالة الأمم المتحدة لدعم اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي أيضا على القائمة. وقال المراقب بالأمم المتحدة تشاندرامولي راماناثان في مذكرة إلى الوكالات المتضررة إن تخفيضات الموظفين هي جزء من هدف الأمين العام أنطونيو غوتيريس لتحقيق تخفيض بين 15 و20 بالمئة في ميزانية الأمم المتحدة الحالية البالغة 72.3 مليار دولار.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
فتح باب التوظيف الحكومي من جديد يثير الجدل في تونس
تتجه تونس إلى إعادة فتح باب التوظيف في القطاع العام، بعد توقفه لمدة ثمانية أعوام، بدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد، في إطار تعزيز وتنفيذ سياسة جديدة لإدارة الموارد البشرية تتماشى مع المصلحة العامة، التي وصفها بمرحلة ترنو إلى إصلاح الإدارة التونسية. هذا الإجراء كان متوقعاً من منظور إعادة هيكلة الإدارة التونسية، ويمثل تغييراً في النهج مقارنة بسياسات تجميد التوظيف في الأعوام الأخيرة سعياً إلى تشغيل العاطلين عن العمل. وكانت تونس قد أوقفت التوظيف في القطاع العام مع عدم تعويض المحالين إلى التقاعد منذ عام 2017، إذ كانت تسعى آنذاك إلى تقليص موظفي القطاع العام لتقليل النفقات في الأعوام التي تلت هذا القرار، إلى جانب برنامج الإحالة إلى التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وبرنامج المغادرة الاختيارية. وبررت الحكومة آنذاك قرارها بارتفاع كتلة الأجور وقيمتها وعدم مواءمة ذلك مع تطور الناتج المحلي الخام، إذ أكدت على تقليلها والتحكم في نسبتها من الناتج تدرجاً من 16 في المئة إلى نحو 12.5 في المئة، بينما المعدل العالمي يتراوح ما بين 10 و12 في المئة. وواصلت الحكومات المتعاقبة تنفيذ سياسة التحكم في كتلة الأجور التي بلغت 22.7 مليار دينار (7.5 مليار دولار) عام 2023 وفي حدود 23.7 مليار دينار (7.9 مليار دولار) في 2024، قبل أن تتراجع إلى 13.5 في المئة من الناتج المحلي، مقارنة بـ16.1 في المئة في 2020، في حين دعا صندوق النقد الدولي إلى ألا تتجاوز تلك النسبة حدود الـ12 في المئة. ويضم قطاع الوظيفة العامة في تونس 663757 موظفاً، وتبلغ كتلة الأجور 24.4 مليار دينار (8.1 مليار دولار) في العام الحالي، تمثل 40.8 في المئة من نفقات الدولة، و31 في المئة من الموازنة و13.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما اعتبرته الحكومة نجاحاً في الضغط على كتلة الأجور والتخلص من عبء ثقيل على المالية العامة طالما مثل أحد أهم المراجعات التي نادى بها المانحون. وقوبلت هذه الإجراءات بانتقادات جمة على خلفية انعكاساتها السلبية على أداء المؤسسات العمومية وعدم اعتماد موازنات خاصة للبرامج المرافقة لها مثل التقاعد المبكر والتخلي الاختياري. وبالإعلان عن إعادة فتح التوظيف بقرار من رئيس الجمهورية اختلف المحللون حول الدوافع ما بين مجابهة نسبة البطالة المتفشية التي استقرت عند 16 في المئة في الأعوام الأخيرة مع انخفاض طفيف إلى 15.7 في المئة، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل الـ667 ألف و200 عاطل، فيما بلغت نسبة البطالة بين الإطارات العليا (وظائف الدرجات العليا) نسبة 25 في المئة، أو بهدف تغطية النقص الواضح في القطاع العام وخصوصاً في مؤسسات التعليم والصحة. 21 ألف توظيف وكانت وزارة المالية قد أعلنت خلال عرضها موازنة العام الحالي 2025 برمجة 21 ألفاً و376 توظيفاً بالكثير من القطاعات أهمها 9207 توظيفات بوزارة التربية و2778 توظيفاً بوزارة الدفاع و1529 توظيفاً بوزارة الداخلية، و1080 توظيفاً بوزارة العدل، و863 توظيفاً بوزارة المالية، و3500 توظيف بوزارة الصحة وتتوزع البقية على قطاعات مختلفة. وبالنظر إلى موازنة الدولة للعام الحالي 2025 المقدرة بـ78.2 مليار دينار (26.06 مليار دولار)، فإن نفقات التأجير ستكون في مستوى 24.4 مليار دينار (8.1 مليار دولار) بزيادة تمثل نسبة 2.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن التزمت وزارة المالية بالتوازي مع التوظيف الجديد بالقطاع العام بتنفيذ الإصلاحات وبذل الجهد للتحكم في كتلة الأجور، ومواصلة العمل بالبرنامج الخاص للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية. ووصل عدد الأعوان (الموظفين) في الوظيفة العامة بعد عام 2011 إلى ما يزيد على 670 ألف موظف وزاد عدد الموظفين من 450 ألف موظف في 2010 إلى 663.7 ألف موظف حالياً وفق الهيئة العامة للوظيفة العمومية التابعة لرئاسة الحكومة، وهو ما اعتبر عبئاً كبيراً على موازنة الدولة، علاوة على توزيعهم بطريقة مختلة وغير مدروسة، إذ لم يوجه التوظيف إلى القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم. غياب الموازنة الخاصة واعتبر المتخصص في الشأن الاقتصادي حسين الرحيلي أن الإدارة التونسية عانت نتيجة عملية إفراغ الكفاءات التي تعرضت لها تحت طائل برامج المغادرة الطوعية والتقاعد المبكر، مما عاد بالنفع على القطاع الخاص الذي استفاد من هذه الكفاءات، في حين لم يتحقق الهدف وهو النزول بكتلة الأجور. متسائلاً عن مدى تناغم واقع المالية العامة مع فتح باب التوظيف في الوظيفة العامة وإمكانية وضع موازنة خاصة لذلك لدى وزارة المالية لزيادة كتلة الأجور. داعياً إلى القيام بجرد لعدد الموظفين والشغورات، إذ تقتضي التوازنات النظر في عدم التوازن بتوزيع الموظفين ضمن القطاعات بحسب أهميتها من دون استعادة نسق التوظيف، بعدما أدى برنامج التقاعد المبكر إلى إفراغ بعض القطاعات من الموظفين وبخاصة قطاع التعليم. واستبعد الرحيلي تحقيق التوازنات الضرورية لاستعادة أداء القطاع العمومي من دون إعادة هيكلة الإدارة وطرحها في إطار تصور عام في الأعوام المقبلة. من جهته، فسر عضو المكتب التنفيذي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة) منير بن حسين، عدم النجاح في الضغط على العجز بتحويل كلفة برنامج التقاعد الاستثنائي أو المبكر على موازنة التنمية، نتيجة عدم خصخصة اعتمادات مالية لإحالة الموظفين إلى برامج التقاعد الطوعي، مما نتج منه خفض عدد الموظفين من دون خفض كلفة الأجور التي حولت بمقتضى ذلك إلى صندوق التقاعد. وأضاف "اعتمدت هذه البرامج عام 2015 ثم عام 2022 وتمت برمجة إحالة 18 ألف موظف عام 2022 لكن الأمر اقتصر على 12800 موظف وحسب"، مشيراً إلى أن البرنامج عمق من أزمة عدد من القطاعات التي أصبحت تعاني تدني مستوى الجودة، خصوصاً قطاع التعليم، إذ مثل موظفو التعليم 80 في المئة من مجموع المتقاعدين، وهو ما نتج منه نقص في صفوف المربين بلغ 13 ألفاً بالقطاع العام، إضافة إلى القطاع الصحي الذي اجتمعت عوامل عدة لإفراغه من طاقاته وكفاءاته من أهمها هجرة الإطارات وتجميد التوظيف والإحالة إلى التقاعد المبكر، مما يفسر الاتجاه إلى استعادة نسق التوظيف الذي تساءل عن مصير الالتزامات مع الجهات المانحة ومدى اعتبار هذه المراجعات بمثابة القطيعة مع صندوق النقد الدولي الذي طالما طالب بخفض عدد الموظفين بالقطاع العام للضغط على كتلة الأجور وفق منير بن حسين.


حضرموت نت
منذ 4 ساعات
- حضرموت نت
استهداف المطار والموانئ في اليمن.. مأزق الحوثيين ومعاناة المدنيين.. تقرير
يعتمد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على اليمن استراتيجية استهداف البنى التحتية والحيوية في مناطق سيطرة الحوثيين، بهدف إضعاف الجماعة وشل قدرتها على شن هجماتها على إسرائيل، التي تنفذها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، في إطار 'معركة إسناد غزة'. فالإسرائيليون يدركون صعوبة استهداف جماعة الحوثيين نتيجة بعد المسافة، حيث تضطر الطائرات الإسرائيلية لقطع أكثر من ألفي كيلومتر لتنفيذ الضربات الجوية ضد مواقع وأهداف في الأراضي اليمنية. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الإسرائيليون من عدم امتلاك بنك أهداف عسكرية محددة نتيجة ضعف المعلومات الاستخبارية عن اليمن. كما أن الإسرائيليين شعروا بزيادة تعقيد مهامهم العسكرية في مواجهة الحوثيين بعد الاتفاق الأخير المبرم بين الحوثيين والإدارة الأميركية في السادس من مايو/ أيار الحالي برعاية سلطنة عمان، الذي أُوقفت بموجبه الغارات الأميركية على اليمن بالتزامن مع إيقاف الحوثيين هجماتهم ضد السفن الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن. – استهداف البنى التحتية في اليمن هذه المعطيات جعلت الهجمات الإسرائيلية ضد اليمن تعتمد بشكل رئيس على قصف الأهداف الحيوية والبنى التحتية التي تمثل المصادر المالية لاقتصاد الحوثيين، وعلى رأسها الموانئ والمطارات، ولذا، فإن معظم الغارات الإسرائيلية التي استهدفت اليمن خلال عشر جولات سابقة، بدءا من يوليو/تموز 2024، قد تركزت على موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة، ورأس عيسى النفطي، والصليف) بالإضافة إلى مطار صنعاء الدولي ومحطات توليد الطاقة وخزانات الوقود. وسعت إسرائيل من خلال هجماتها إلى تعطيل مطار صنعاء الدولي، حيث شنت عدة غارات عليه في جولات مختلفة. لكن أبرز هذه الهجمات هي الغارات التي استهدفت المطار في 6 مايو الحالي، والتي دُمّر خلالها مدرجه وصالات المغادرة والوصول وسبع طائرات كانت رابضة في المطار، منها ثلاث تابعة للخطوط الجوية اليمنية، فيما أشار مدير مطار صنعاء خالد الشريف إلى أن الخسائر الناتجة عن هذه الغارات تقدر بنصف مليار دولار. ومن بين أربع طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية ويسيطر عليها الحوثيون، نجت واحدة كانت في مطار عمَّان الأردني خلال الغارات، لكن الطيران الإسرائيلي عاد لاستهدافها، الأربعاء الماضي، بعد أن شن أربع غارات على مطار صنعاء، ما يعني بقاء ثلاث طائرات فقط من أسطول الخطوط الجوية اليمنية لكن تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً. وقالت الحكومة المعترف بها دولياً على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني إنّ القيمة السوقية للطائرات الأربع التي دُمّرت تقدَّر اليوم بـ130 مليون دولار، مشيراً إلى أنه 'رغم استهداف ثلاث طائرات سابقاً، رفضت المليشيا توجيهات رئيس الخطوط اليمنية بإخراج الطائرة الأخيرة، حتى دُمّرت'. وباستهداف الطائرات اليمنية ومدرج مطار صنعاء، يكون الإسرائيليون قد نجحوا فعلاً في إخراج المطار عن الخدمة وتعطيل الرحلات الجوية في مناطق سيطرة الحوثيين، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم حجم الأزمة الإنسانية في هذه المناطق التي تضم أكثر من 75% من سكان اليمن، حيث سيقوض قدرة المدنيين على السفر، ويحد من حركة الإغاثة الإنسانية المحتملة، إذ كان المطار يستخدم للرحلات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية كبرنامج الغذاء العالمي وأطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها. الموانئ اليمنية الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين هي الأخرى كانت هدفاً للغارات الإسرائيلية والأميركية. ففي يوليو/تموز 2024، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية 'الذراع الطويلة' التي استهدفت مواقع حيوية وعسكرية في مناطق سيطرة الحوثيين، أبرزها ميناء الحديدة ومستودعات النفط ومحطات الكهرباء. وفي سبتمبر/أيلول 2024، شنت إسرائيل غارات جوية واسعة النطاق على مواقع غربي اليمن، بما في ذلك ميناء الحديدة وميناء رأس عيسى. كما نفذ الجيش الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول 2024 سلسلة غارات أخرى على اليمن تحت اسم عملية 'المدينة البيضاء'، استهدفت خلالها منشآت الطاقة وموانئ ومطارات في كل من الحديدة وصنعاء. وفي 17 إبريل/نيسان الماضي، استهدف الطيران الأميركي منشآت شركة النفط اليمنية، حيث استُهدف ميناء رأس عيسى النفطي، ودُمرت جميع منصات التعبئة وأنابيب تفريغ السفن. وتجدد الاستهداف في 25 إبريل الماضي، ما أدى إلى إخراج المنشآت عن الخدمة مجدداً، وتضررت سفينة نقل البنزين 'سيفن بيرلس' وأصيب ثلاثة من طاقمها يحملون الجنسية الروسية. وجرت مباشرة أعمال الصيانة يوم 26 إبريل الماضي وإعادة المنشآت للخدمة خلال ساعات، لكن الطيران الأميركي عاود في اليوم نفسه تنفيذ غارات جديدة على المنشآت، ما اضطر السفن الموجودة عند الأرصفة للتراجع إلى غاطس الميناء. وفي 5 مايو الحالي، استهدف الطيران الإسرائيلي ميناء الحديدة بست غارات جوية على الأقل. استهداف الموانئ لم ينحصر على الغارات الجوية، بل تعداها إلى فرض وزارة الخزانة الأميركية، نهاية إبريل الماضي، عقوبات استهدفت ثلاث سفن متورطة في نقل مشتقات نفطية إلى موانئ خاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين في اليمن، في ما اعتبرته خرقاً لقرار الحظر الأميركي المفروض على الجماعة. – تفاقم حجم الأزمة الإنسانية وفاقم استهداف الموانئ حجم الأزمة الإنسانية في البلاد، وأزمة انعدام الأمن الغذائي نتيجة لتقليص القدرات الخاصة بمناولة الشحنات الإنسانية والتجارية، وأدى إلى المزيد من المشكلات في سلاسل الإمداد إلى اليمن، وزاد من تعقيد تدفق السلع، وارتفاع تكلفة النقل إلى السوق اليمنية، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية محلياً، خصوصاً أن اليمن يعتمد على آلية الاستيراد بنسبة أكثر من 90% لتوفير احتياجاته من المواد الغذائية والسلع. وكانت مؤسسة موانئ البحر الأحمر في حكومة الحوثيين قد أعلنت في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي، أن الخسائر الناجمة عن الغارات الأميركية والإسرائيلية على موانئ الحديدة، الخاضعة لسيطرتها في غرب اليمن، تبلغ ما يقارب 1.4 مليار دولار. وقالت المؤسسة، في بيان، إن سلسلة الغارات التي طاولت موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، خلال الفترة بين يوليو/تموز 2024 ومايو 2025، 'ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية والمنشآت التشغيلية لهذه الموانئ، وتسببت في خسائر تجاوزت 1.387 مليار دولار، من بينها أكثر من 531 مليون دولار أضراراً مباشرة، و856 مليون دولار خسائر غير مباشرة، نتيجة توقف الخدمات وتعطل تدفق الإمدادات'. وأضاف البيان، الذي نقلته وكالة سبأ التابعة للحوثيين، أن الغارات تسببت 'في تدمير الأرصفة (1، 2، 5، 6، 7، 8)، ورافعتين رئيسيتين، ومحطات كهرباء ومولدات، ومرافق خدمية ولوجستية، بما فيها الأرصفة العائمة والقاطرات والمستودعات، التي كانت مخصصة لتفريغ المواد الغذائية والإغاثية والدوائية'. وتواصلت 'العربي الجديد' مع قيادات عليا في جماعة أنصار الله (الحوثيين) لكنها تحفظت عن الإدلاء بأي تصريح صحافي. ورأى الصحافي المقرب من جماعة الحوثيين رشيد حداد، في حديث لـ'العربي الجديد'، أنه من الضروري كسر احتكار الأجواء اليمنية، وإتاحة المجال للطيران العربي للعودة إلى نشاطه في مطار صنعاء لدواع إنسانية، فتدمير الطائرة الأخيرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية يضع الجميع أمام مسؤولية الآلاف من العالقين اليمنيين في مطارات العالم. ولذلك فإن الضرورة تحتم على دول التحالف بقيادة السعودية رفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء بشكل كلي، والسماح بعودة خطوط الملاحة الجوية العربية، خصوصاً أن هناك شركات طيران عربية كانت قد أبدت استعدادها لتسيير رحلات جوية من القاهرة إلى مطاري عدن وصنعاء. – رفع الحصار عن مطار صنعاء وأضاف أن الأمر يتطلب استجابة سريعة للحد من التداعيات الإنسانية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء على الملف الإنساني، خصوصاً أن المطار كان يقوم برحلات إنسانية مجدولة، تجرى بتراخيص من قبل دول التحالف بقيادة السعودية. وأشار إلى أن 'هذه الخطوة ستعكس نيات السعودية للسلام وتسهم في تعزيز بناء الثقة بين صنعاء والرياض. فبعد تدمير عدد من الطائرات التابعة للخطوط الجوية اليمنية، أصبح البديل رفع الحصار عن مطار صنعاء، وفتح المجال للطيران العربي للعودة إلى مطار صنعاء، والأمر حتى الآن مرهون بقرار سعودي، كون السعودية هي من كانت تمنح تراخيص مرور لطيران اليمنية، أكان لتنفيذ رحلات إلى صنعاء أو إلى عدن'. بدوره، قال المحلل السياسي وفيق صالح، في حديث لـ'العربي الجديد'، إن الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي ما أدى إلى تدمير شبه كلي للبنية التحتية في الموانئ، وكذلك تدمير مدرج مطار صنعاء وعدد أربع طائرات تابعة لأسطول الخطوط الجوية اليمنية، 'وضعت جماعة الحوثيين في مأزق شديد في ما يتعلق بإغلاق المنافذ البحرية والجوية أمام الحوثيين، وقد بدت فعلياً بوادر هذه الضغوط من خلال عجز الكثير من سفن الشحن التجاري من الوصول إلى موانئ الحديدة، بعد أن دُمّرت خزانات الوقود والرافعات كافة، وتضررت البنية التحتية في الميناء'. وأضاف أن 'صعوبة الشحن البحري إلى الحديدة بعد الدمار الذي طاول الميناء هو الأمر الذي تخشاه جماعة الحوثيين، لأن ذلك سيؤدي إلى تحول المستوردين وخطوط الشحن البحري إلى التوجه عبر موانئ عدن والمكلا، وهذا سيحرم الحوثيين من أهم رافعة مالية تغذي الجماعة، وتمنحها ترسيخ شبكة الهيمنة والنفوذ في المناطق التي تسيطر عليها'. وأشار المحلل السياسي إلى أن 'الضربة الإسرائيلية الأخيرة على مطار صنعاء الدولي وتدمير الطائرة الرابعة التابعة لأسطول الخطوط الجوية اليمنية قضيا نهائياً على أحلام الجماعة في إعادة تسيير رحلات جوية عبر مطار صنعاء إلى الخارج، كون الخطوط الجوية اليمنية لم تعد تملك سوى ثلاث طائرات فقط، ولن تجازف بإرسالها إلى مطار صنعاء لتدميرها كما حصل مع الأسطول السابق'. وأضاف أن 'مقامرة الحوثيين بالمنشآت الحيوية والبنية التحتية لليمنيين، من دون أن يرف لجماعة الحوثي جفن، توضح حجم الاستهتار الحوثي بمقدرات الشعب، ومستوى العقلية المليشياوية التي تهيمن على السلوك الحوثي في تعامله مع مصالح اليمنيين'.