logo
افتتاحية قاسيون 1226: عصر «اتفاقات أبراهام» انتهى ولن يعود!

افتتاحية قاسيون 1226: عصر «اتفاقات أبراهام» انتهى ولن يعود!

قاسيون١١-٠٥-٢٠٢٥

إن مجرد الحديث في الموضوع، من شأنه إثارة حفيظة قسم كبير من السوريين، رغم كل الترويج الإعلامي المعاكس، خاصة وأن «إسرائيل» التي يجري الحديث عنها، وعن سلامٍ أو تطبيع معها، هي نفسها التي تقصف سورية بشكل شبه يومي، وتحتل أجزاءً من أراضيها، وتدعو لتقسيمها وتفتيتها وإنهائها كوحدة جغرافية سياسية، وتحرض أبناءها على بعضهم البعض باتجاه مقتلة طائفية لا تبقي ولا تذر. ولكن مع ذلك، فمن الضروري مناقشة الأمر بشكلٍ موضوعي، وانطلاقاً من المصالح الوطنية للشعب السوري.
وبالرغم من أنه لا توجد أي تأكيدات رسمية سورية في هذا الاتجاه، إلا أنه ينبغي أن نثبت أولاً وقبل كل شيء، أن اتخاذ قرار من مستوى خوض الحرب أو الاتجاه نحو السلم، وخاصة مع عدوٍ تاريخي ومحتل لجزء من الأرض السورية هو «إسرائيل»، هو صلاحية حصرية لسلطة منتخبة انتخاباً شعبياً حراً ونزيهاً. والسلطة القائمة لا تحقق هذا الشرط، ولذا ليس من صلاحياتها إبرام أي اتفاق بهذا المستوى وبهذا التأثير.
إضافة إلى هذا الأمر الأساسي، يمكن تثبيت النقاط التالية:
أولاً: حقبة «اتفاقات أبراهام» وخرافة «الناتو العربي»، قد ولّت غير مأسوفٍ عليها، وإلى غير رجعة. ومنطقة غرب آسيا/الشرق الأوسط التي نعيش فيها، تتم صياغتها بشكلٍ جديدٍ فعلاً، ولكن ليس وفقاً للوصفة «الإسرائيلية» التفتيتية، بل على العكس من ذلك تماماً؛ الوصفة التي يجري تطبيقها هي وصفة التقارب والتعاون والتوافق بين القوى الإقليمية الأساسية: السعودية، تركيا، إيران، مصر، وبدعمٍ حثيث ومتواصل من الصين وروسيا، وبما يقود نحو استقرار حقيقي في المنطقة، يسمح بازدهار مشروعي الحزام والطريق والمشروع الأوراسي، وازدهار دول المنطقة بأسرها معهما، وفي اتجاه تاريخي معاكس للاتجاه المفروض عليها منذ اتفاقات سايكس بيكو التي تم استكمالها بزرع الكيان في منطقتنا.
ثانياً: المبادرة التي أطلقها عملياً كل من عبد الله أوجلان ودولت بهتشلي وأردوغان، والخاصة بحل القضية الكردية في تركيا، والتي تسجل تقدماً مدروساً خلال الأسابيع والأيام الماضية، تشكل مؤشراً مهماً على اتجاه السير الفعلي المعاكس لوصفة سايكس بيكو/«إسرائيل»، التي كانت أساساً من أسس إبقاء منطقتنا مشتعلة وضعيفة ومسرحاً للدماء، وللتدخلات الخارجية الغربية طوال قرن من الزمن.
ثالثاً: الوقائع الملموسة بما يخص المفاوضات الأمريكية مع إيران، والهدنة مع الحوثيين، والضغط نحو إنهاء الحرب على غزة، وانفتاح الأمريكي على صفقات كبرى مع السعودية بما في ذلك النووي السلمي، ودون شرط التطبيع مع «الإسرائيلي»، وبدء الانسحاب الأمريكي من سورية، تشير جميعها إلى أن الإحداثيات الواقعية، معاكسة تماماً للاتجاه «الإسرائيلي» التخريبي، وتثبت أن وزن الكيان في مختلف معادلات المنطقة ماضٍ في التراجع والتقهقر، رغم كل العنجهية والعجرفة التي يحاول تصوير نفسه بها.
إن مصلحة سورية والسوريين، تتطلب القطع نهائياً مع أي أوهام بخصوص علاقات جيدة مع الغرب تؤدي لرفع العقوبات، وخاصة عبر «إسرائيل»، وتتطلب العمل على ملفين لا بديل عنهما: توحيد السوريين عبر مؤتمر وطني عام وحكومة وحدة وطنية، وتجاوز العقوبات عبر منظومة علاقات إقليمية ودولية غير خاضعة للابتزاز السياسي والوطني... وهما أمران قابلان للتحقيق، وليسا خياراً بين خيارات، بل اتجاهاً إجبارياً وحيداً في حال كنا نريد الحفاظ على سورية موحدة أرضاً وشعباً!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"العمال الكردستاني" يدعو تركيا إلى "تخفيف سجن" أوجلان
"العمال الكردستاني" يدعو تركيا إلى "تخفيف سجن" أوجلان

Independent عربية

timeمنذ 5 أيام

  • Independent عربية

"العمال الكردستاني" يدعو تركيا إلى "تخفيف سجن" أوجلان

دعا حزب العمال الكردستاني تركيا إلى تخفيف ظروف احتجاز زعيمه التاريخي عبدالله أوجلان، وقدمه كمفاوض رئيس في حال إجراء محادثات سلام، بعد إعلان الحزب حل نفسه عقب عقود من النزاع. وخلال الأشهر الماضية اتخذ حزب العمال الكردستاني سلسلة قرارات تاريخية بدءاً بوقف لإطلاق النار مع تركيا ثم إعلانه في الـ12 من مايو (أيار) الجاري حل نفسه والتخلي عن السلاح، لينهي بذلك حقبة طاولت أكثر من أربعة عقود من النزاع المسلح مع الدولة التركية الذي خلّف أكثر من 40 ألف قتيل. وجاءت هذه الخطوات تلبية لدعوة أطلقها في الـ27 من فبراير (شباط) الماضي أوجلان المسجون على جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول منذ 1999، حث خلالها مقاتليه على نزع السلاح وحل الحزب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المتحدث باسم الجناح السياسي لحزب العمال، زاغروس هيوا، لوكالة الصحافة الفرنسية مساء أمس الإثنين "نتوقع من الدولة التركية تعديل شروط الحجز الانفرادي في سجن جزيرة إمرالي وتوفير ظروف عمل حرة وآمنة للزعيم أبو (أوجلان) حتى يتمكن من قيادة العملية". وأكد هيوا أن "الزعيم أبو هو كبير مفاوضينا"، وقال إن حزبه أبدى "جدية في السلام"، لكن "حتى الآن لم تقدم الدولة التركية أي ضمانات ولم تتخذ أي إجراء لتسهيل العملية"، مضيفاً أن تركيا تواصل قصفها مواقع الحزب، وأكد رفض حزبه نفي مقاتليه إلى خارج البلاد. وقال المتحدث إن "السلام الحقيقي يتطلب الاندماج، وليس النفي"، مضيفاً "إذا كانت الدولة التركية تريد السلام بصدق وجدية، فيتعين عليها إجراء التعديلات القانونية اللازمة لدمج أعضاء حزب العمال الكردستاني في مجتمع ديمقراطي"، وأضاف "النفي يتعارض مع السلام وأي حل ديمقراطي".

5 مطالب قدمها ترمب للشرع في لقاء الرياض
5 مطالب قدمها ترمب للشرع في لقاء الرياض

Independent عربية

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • Independent عربية

5 مطالب قدمها ترمب للشرع في لقاء الرياض

استضاف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض اليوم الأربعاء اجتماعاً بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع، بعد أقل من 24 ساعة من إعلان واشنطن رفع العقوبات عن دمشق، في خطوة لاقت ترحيباً عربياً واسعاً. وخلال اللقاء الأول بين رئيس أميركي ونظيره السوري منذ 25 عاماً، قدم الرئيس ترمب خمسة مطالب أساسية للحكومة السورية الانتقالية، تمحورت حول إقامة علاقات مع إسرائيل، ومكافحة الإرهاب، والإشراف الكامل على السجون التي يقبع فيها مقاتلو تنظيم "داعش"، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت. 1. الانضمام لاتفاقات أبراهام دعا ترمب الرئيس السوري إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من خلال الانضمام إلى اتفاقات أبراهام التي رعتها إدارته بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. وحتى الآن، لم تصدر دمشق موقفاً رسمياً واضحاً من هذه الدعوة، غير أن الشرع كان قد لمح خلال مؤتمر صحافي في باريس الأسبوع الماضي إلى وجود "قنوات تفاوض غير مباشرة" مع إسرائيل، وسط استمرار الضربات الإسرائيلية المتكررة داخل الأراضي السورية. 2. طرد المقاتلين الأجانب وفي اجتماع الرياض الذي دام 33 دقيقة، شدد الرئيس ترمب على ضرورة طرد "الإرهابيين الأجانب" من سوريا، أحد التحديات التي تواجه الرئيس السوري، وتشكّل قلقاً متزايداً في دوائر مكافحة الإرهاب في واشنطن، في ظل شغل بعض المقاتلين الأجانب مناصب قيادية في الجيش السوري. وتشير تقديرات إلى أن عدد المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا منذ عام 2011 بلغ نحو 360 ألفاً، معظمهم قاتلوا في صفوف تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، فيما تتراوح التقديرات الحالية لعددهم بين 5 آلاف و20 ألف مقاتل. وأثار قرار الحكومة الانتقالية الأخير بترقية أكثر من 40 ضابطاً، بينهم قادة من جنسيات أجنبية، موجة من الجدل والقلق. 3. ترحيل الفصائل الفلسطينية طالب الرئيس الأميركي بترحيل من وصفهم بـ"الإرهابيين الفلسطينيين"، من دون أن يسمّي جهات أو فصائل بعينها. وكانت بعض الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام السابق تحتفظ بمعسكرات في محيط دمشق، وشاركت في القتال إلى جانب قوات الأسد منذ اندلاع الثورة عام 2011. وبعد سقوط النظام، سارعت الحكومة الانتقالية إلى إغلاق تلك المعسكرات اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) 4. منع عودة "داعش" حث ترمب الرئيس الشرع على التعاون مع الولايات المتحدة لمنع عودة تنظيم "داعش"، في وقت يخشى مراقبون من أن يستغل التنظيم المرحلة الانتقالية لإعادة تنظيم صفوفه. ومن شأن تعزيز الحكومة الجديدة لسيطرتها الميدانية أن يساعد ترمب في تنفيذ وعوده بتقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط. وكانت وسائل إعلام أميركية قد كشفت في أبريل (نيسان) الماضي عن سحب واشنطن مئات الجنود من سوريا. 5. الإشراف على سجون "داعش" طالب ترمب بأن تتولى الحكومة السورية الانتقالية الإشراف الكامل على مراكز احتجاز عناصر تنظيم "داعش" في شمال شرقي سوريا تحسباً لأي محاولات هروب أو انفلات أمني. وتقع نحو عشرة سجون في مناطق تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" المتحالفة مع الولايات المتحدة. وفي وقت سابق، دعا سيباستيان غوركا، مسؤول شؤون مكافحة الإرهاب في إدارة ترمب، مختلف الدول إلى استعادة مواطنيها المحتجزين في السجون.

افتتاحية قاسيون 1226: عصر «اتفاقات أبراهام» انتهى ولن يعود!
افتتاحية قاسيون 1226: عصر «اتفاقات أبراهام» انتهى ولن يعود!

قاسيون

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • قاسيون

افتتاحية قاسيون 1226: عصر «اتفاقات أبراهام» انتهى ولن يعود!

إن مجرد الحديث في الموضوع، من شأنه إثارة حفيظة قسم كبير من السوريين، رغم كل الترويج الإعلامي المعاكس، خاصة وأن «إسرائيل» التي يجري الحديث عنها، وعن سلامٍ أو تطبيع معها، هي نفسها التي تقصف سورية بشكل شبه يومي، وتحتل أجزاءً من أراضيها، وتدعو لتقسيمها وتفتيتها وإنهائها كوحدة جغرافية سياسية، وتحرض أبناءها على بعضهم البعض باتجاه مقتلة طائفية لا تبقي ولا تذر. ولكن مع ذلك، فمن الضروري مناقشة الأمر بشكلٍ موضوعي، وانطلاقاً من المصالح الوطنية للشعب السوري. وبالرغم من أنه لا توجد أي تأكيدات رسمية سورية في هذا الاتجاه، إلا أنه ينبغي أن نثبت أولاً وقبل كل شيء، أن اتخاذ قرار من مستوى خوض الحرب أو الاتجاه نحو السلم، وخاصة مع عدوٍ تاريخي ومحتل لجزء من الأرض السورية هو «إسرائيل»، هو صلاحية حصرية لسلطة منتخبة انتخاباً شعبياً حراً ونزيهاً. والسلطة القائمة لا تحقق هذا الشرط، ولذا ليس من صلاحياتها إبرام أي اتفاق بهذا المستوى وبهذا التأثير. إضافة إلى هذا الأمر الأساسي، يمكن تثبيت النقاط التالية: أولاً: حقبة «اتفاقات أبراهام» وخرافة «الناتو العربي»، قد ولّت غير مأسوفٍ عليها، وإلى غير رجعة. ومنطقة غرب آسيا/الشرق الأوسط التي نعيش فيها، تتم صياغتها بشكلٍ جديدٍ فعلاً، ولكن ليس وفقاً للوصفة «الإسرائيلية» التفتيتية، بل على العكس من ذلك تماماً؛ الوصفة التي يجري تطبيقها هي وصفة التقارب والتعاون والتوافق بين القوى الإقليمية الأساسية: السعودية، تركيا، إيران، مصر، وبدعمٍ حثيث ومتواصل من الصين وروسيا، وبما يقود نحو استقرار حقيقي في المنطقة، يسمح بازدهار مشروعي الحزام والطريق والمشروع الأوراسي، وازدهار دول المنطقة بأسرها معهما، وفي اتجاه تاريخي معاكس للاتجاه المفروض عليها منذ اتفاقات سايكس بيكو التي تم استكمالها بزرع الكيان في منطقتنا. ثانياً: المبادرة التي أطلقها عملياً كل من عبد الله أوجلان ودولت بهتشلي وأردوغان، والخاصة بحل القضية الكردية في تركيا، والتي تسجل تقدماً مدروساً خلال الأسابيع والأيام الماضية، تشكل مؤشراً مهماً على اتجاه السير الفعلي المعاكس لوصفة سايكس بيكو/«إسرائيل»، التي كانت أساساً من أسس إبقاء منطقتنا مشتعلة وضعيفة ومسرحاً للدماء، وللتدخلات الخارجية الغربية طوال قرن من الزمن. ثالثاً: الوقائع الملموسة بما يخص المفاوضات الأمريكية مع إيران، والهدنة مع الحوثيين، والضغط نحو إنهاء الحرب على غزة، وانفتاح الأمريكي على صفقات كبرى مع السعودية بما في ذلك النووي السلمي، ودون شرط التطبيع مع «الإسرائيلي»، وبدء الانسحاب الأمريكي من سورية، تشير جميعها إلى أن الإحداثيات الواقعية، معاكسة تماماً للاتجاه «الإسرائيلي» التخريبي، وتثبت أن وزن الكيان في مختلف معادلات المنطقة ماضٍ في التراجع والتقهقر، رغم كل العنجهية والعجرفة التي يحاول تصوير نفسه بها. إن مصلحة سورية والسوريين، تتطلب القطع نهائياً مع أي أوهام بخصوص علاقات جيدة مع الغرب تؤدي لرفع العقوبات، وخاصة عبر «إسرائيل»، وتتطلب العمل على ملفين لا بديل عنهما: توحيد السوريين عبر مؤتمر وطني عام وحكومة وحدة وطنية، وتجاوز العقوبات عبر منظومة علاقات إقليمية ودولية غير خاضعة للابتزاز السياسي والوطني... وهما أمران قابلان للتحقيق، وليسا خياراً بين خيارات، بل اتجاهاً إجبارياً وحيداً في حال كنا نريد الحفاظ على سورية موحدة أرضاً وشعباً!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store