logo
فاطمة 'البنينة'

فاطمة 'البنينة'

العرائش أنفو٠٨-٠٥-٢٠٢٥

فاطمة 'البنينة'
العرائش أنفو
فاطمة خير ليست مجرد اسم يتردد في أروقة الفن المغربي، بل وجه ألفه المغاربة، ممثلة عرفت بأدوارها المتنوعة وحضورها القوي. لكن المسار تحول، والبوصلة اضطربت، حين قررت هذه الفنانة اقتحام عالم السياسة، لتصبح برلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الانتقال من أضواء الفن إلى قبة البرلمان، تلك المؤسسة التي يفترض بها أن تكون مرآة لآمال الشعب وطموحاته، أثار منذ البداية أسئلة مشروعة حول قدرة فنان على تحمل أعباء تمثيل أمة، وصياغة قوانينها، ومراقبة حكوماتها. فالشهرة قد تفتح الأبواب، لكن المسؤولية تحتاج إلى ما هو أعمق من أداء تمثيلي متقن.
شغلت مؤخرا السيدة خير الرأي العام بخروج مثير للجدل، حين انبرت في لقاء حزبي بالداخلة تكيل المديح والثناء لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش. لم تكن مجرد كلمات إشادة، بل وصفها البعض بأنها 'تبجيل' و'تزلف' لا يليق بممثلة للأمة. وكأن الولاء للحزب وقائده قد طغى على الولاء للشعب الذي أوصلها إلى ذلك المقعد. هذا المديح الأجوف، خاصة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية ضاغطة يعيشها المواطن المغربي، أثار موجة ردود واسعة، وطرح السؤال الجوهري: هل أصبحت قبة البرلمان منصة لتبادل المصالح وتقديم قرابين الولاء الشخصي، بدلا من أن تكون فضاء للدفاع عن الوطن والمواطن؟
ولا ننسى أن دخول السيدة خير إلى المؤسسة التشريعية كان عبر بوابة حزب يقوده رئيس الحكومة نفسه، بل وترقت لتصبح عضوا في مكتبه السياسي. هذا الارتباط الوثيق، وتلك الحظوة التي تتمتع بها، تجعلنا نتساءل بحق: ألم يحن الوقت لأن يكون الولاء الأول والأخير للشعب الذي منح الثقة، لا للقيادة الحزبية؟ فالنائب البرلماني ليس مجرد رقم في أغلبية حكومية، بل هو صوت من لا صوت له، ورقيب على السلطة لا بوقا دعائيا لها. ولعل الأمر يزداد وضوحا حين نعلم أن السادة البرلمانيين ينعمون بامتيازات مالية كبيرة، إذ تشير التقارير إلى أن الراتب الشهري الصافي للبرلماني يتراوح بين ستة وعشرين ألفا وواحد وثلاثين ألف درهم مغربي، بالإضافة إلى مساهمة في صندوق التقاعد تقدر بألفين وتسعمائة درهم شهريا يضاف إليها نفس المبلغ من الدولة، ليحصل البرلماني على معاش تقاعد يبلغ خمسة آلاف درهم شهريا مدى الحياة بعد ولاية واحدة فقط، ناهيك عن تعويضات التنقل والسكن واللباس والسيارات الفخمة. هذه الامتيازات قد تفسر، ولو جزئيا، سبب تشبث البعض بمقاعدهم وسعيهم لإرضاء القادة.
إن ما صدر عن فاطمة خير لم يكن تقييما موضوعيا لأداء الحكومة، بل مشهدا تمثيليا، كأنها نسيت أنها تحت قبة البرلمان وليست على خشبة المسرح. عبارات 'المديح بلا حدود' وصفها البعض بأنها جعلتها 'أخنوشية أكثر من أخنوش نفسه'، وهو ما يثير الشكوك حول نواياها، ويدفع بالبعض إلى الربط بين هذا الإطراء المبالغ فيه وبين طموحات شخصية لنيل منصب وزاري.
لكن، أليس من واجب البرلماني مساءلة الحكومة ومراقبة أدائها، بدلا من أن يتحول إلى أداة دعاية تقوض دوره الأساسي؟
وفي الوقت الذي تنعم فيه السيدة خير بمنصبها وامتيازاته، يعيش العديد من زملائها الفنانين المغاربة في ظروف اجتماعية واقتصادية مزرية، يعانون الفقر والحاجة والتهميش، ولا يسطع نجمهم إلا في مرضهم أو عند وفاتهم. فاطمة خير، الفنانة التي يفترض أنها الأقدر على فهم معاناة بني جلدتها، ماذا قدمت لهم من خلال موقعها البرلماني؟ ألم يكن حريا بها أن تكون صوتهم المدوي في البرلمان، تطالب بحقوقهم وتسعى لتحسين أوضاعهم، بدلا من أن تشغل نفسها بمدح رجل تربع على قمة السلطة التنفيذية؟ إن الكثيرين من أهل الفن، الذين عاشوا الفقر والمرض والإهمال، ينظرون اليوم بخيبة أمل كبيرة إلى من كان يفترض بها أن تحمل همومهم.
إن المسؤولية الملقاة على عاتق كل برلماني هي أمانة عظيمة. مسؤولية تمثيل الأمة، والدفاع عن مصالحها، ومراقبة الحكومة ومساءلتها عن كل صغيرة وكبيرة. أما أن يتحول البرلماني إلى مجرد صدى لصوت رئيس الحكومة، فهذا تنكر للثقة التي منحت له، وضرب لمصداقية المؤسسة التشريعية برمتها. فالديمقراطية الحقيقية تزدهر بالنقد البناء والمعارضة الرشيدة، لا بالتملق والإشادة العمياء.
برعلا زكريا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وجــــــــــــــــــــــــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
وجــــــــــــــــــــــــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

بلادي

timeمنذ ساعة واحدة

  • بلادي

وجــــــــــــــــــــــــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

وجــــــــــــــــــــــــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار الاحتفاء بالذكرى العشرين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، شهد يوم الثلاثاء 20 ماي 2025 برنامجًا حافلاً بالزيارات الميدانية، ترأسه خطيب الهبيل والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة-أنحاد، مرفوقًا بوفد رسمي، شمل البرنامج الميداني مجموعة من المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، التربوي والثقافي والرياضي، التي تشكل تجسيدًا حيًا لروح المبادرة ومساهمتها الفعلية في تحسين ظروف عيش الساكنة وتعزيز التنمية البشرية المستدامة. انطلقت الزيارات الميدانية من المركب الاجتماعي النجد، الذي تم إنجازه سنة 2008، بشراكة مع الجمعية الخيرية الإسلامية لفائدة الأطفال المتمدرسين. وقد حظي هذا المشروع بدعم من المبادرة الوطنية مما يعكس الاستمرارية في العناية بهذه الفئة المجتمعية. وبعد ذلك تم تدشين المركب السوسيو-ثقافي 'النور'، الذي أنشئ سنة 2007 بهدف تعزيز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية لساكنة حي النور والأحياء المجاورة. مما يجسد الرؤية المتبصرة التي انطلقت بها المبادرة لتقريب الخدمات من المواطنين في المناطق ذات الخصاص. أما في الجانب الرياضي، فقد شمل برنامج الزيارات المركب الرياضي 'الزرارقة'، والذي سيمثل متنفسًا رياضيًا مهمًا للمدينة. وتُقدَّر الكلفة الإجمالية لهذا المشروع بـ 30 مليون درهم، ساهمت فيها المبادرة الوطنية بمبلغ 10 ملايين درهم، بينما بلغت مساهمة وزارة التربية الوطنية20 مليون درهم، في إطار شراكة هادفة بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين للنهوض بالبنية التحتية الرياضية. وفيما يتعلق بالمشاريع الرامية إلى تعزيز التمدرس، قام الوالي بزيارة دار الطالبة التي تم إنجازها سنة 2017، وذلك لفائدة 1200 طالبة جامعية، في خطوة تستهدف تحسين ظروف الإيواء والتعلم. كما شملت الزيارة دار الطالبة إسلي، التي تم بناؤها سنة 2007 وتمت توسعتها سنة 2024 بهدف الرفع من الطاقة الاستيعابية وتعزيز خدمات المؤسسة. كما تم الوقوف على وضعية دار الفتاة المنجزة سنة 2008، والمسيرة من طرف الجمعية الإسلامية الخيرية بوجدة، والتي تُؤوي 128 تلميذة ما يُترجم الالتزام المتواصل بتوفير شروط ملائمة للتمدرس والإقامة لفائدة الفتيات في وضعية صعبة. ولم تغب المشاريع المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة عن هذه المحطة الميدانية، حيث تمت زيارة دار الطفل، التي تُشرف على تسييرها جمعية 'تبسم' لفائدة الأطفال المصابين بمتلازمة داون، والتي تحتضن حوالي 60 طفلاً. وقد ساهمت المبادرة الوطنية في دعم هذه المؤسسة من خلال اقتناء حافلة للنقل المدرسي بما يعكس العناية الخاصة بهذه الفئة الهشة. وتبرز هذه الزيارات الميدانية بمناسبة الذكرى العشرين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حرص السلطات والمؤسسات الشريكة على المضي قدمًا في مسار التنمية المستدامة، عبر تثمين المكتسبات وتعزيز المبادرات الاجتماعية التي تشكل رافعة حقيقية للعدالة المجالية والاجتماعية، وتجسيدًا فعليًا لشعار 'الإنسان أولاً'.

الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية: مؤسسة ملتزمة بحزم بمسار التحديث
الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية: مؤسسة ملتزمة بحزم بمسار التحديث

بلادي

timeمنذ 5 أيام

  • بلادي

الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية: مؤسسة ملتزمة بحزم بمسار التحديث

الذكرى الـ69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية: مؤسسة ملتزمة بحزم بمسار التحديث يخلد المغرب، غدا الأربعاء، بفخر واعتزاز الذكرى التاسعة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية؛ المؤسسة الملتزمة بحزم بمسار التحديث، والتي تواصل تحت قيادة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تجسيد القيم العليا للولاء والانضباط والتفاني. ويشكل هذا الحدث فرصة لتسليط الضوء على أوجه التقدم الكبرى التي حققتها القوات المسلحة الملكية، منذ تأسيسها سنة 1956 على يد المغفور له الملك محمد الخامس، لتصبح نموذجا للفعالية العملياتية والابتكار الاستراتيجي والإشعاع الدولي. وهكذا، فقد انخرطت القوات المسلحة الملكية، منذ سنوات عديدة، في برنامج واسع للتحديث يدمج تجديد المعدات وتقوية البنيات التحتية وتحسين الظروف الاجتماعية لعناصرها. وفي سنة 2025، قطعت القوات المسلحة الملكية شوطا كبيرا في عملية التحديث هاته، لا سيما من خلال تسلم الدفعة الأولى من المروحيات الهجومية من طراز أباتشي AH-64، والتي يندرج اقتناؤها من قبل المملكة في إطار التعليمات السامية لجلالة الملك الرامية إلى تزويد القوات المسلحة الملكية بقدرات متطورة أثبتت فعاليتها في الميدان. ويظهر هذا التطور استراتيجية تنويع الشراكات العسكرية التي ينتهجها المغرب، مع توجه حازم نحو السيادة الصناعية في مجال الدفاع. ولهذه الغاية، تعمل المملكة على بناء صرح صناعة عسكرية وطنية، تهدف إلى تعزيز صمودها الاستراتيجي. وعلى الصعيد الاجتماعي، تجلت الرعاية السامية التي يحيط بها جلالة الملك أسرة القوات المسلحة الملكية في إنجازات كبرى في مجال السكن والبنيات التحتية. فإلى غاية نهاية 2024، تم إنجاز حوالي 15 ألفا و700 وحدة للسكن الوظيفي المعد للكراء، و توفير 79 ألفا و500 وحدة سكنية موجهة للملكية، بإعانة مباشرة من الدولة استفاد منها أزيد من 47 ألفا من العسكريين وموظفي إدارة الدفاع الوطني. وعلاوة على ذلك، تم إطلاق عملية وطنية لمنح بقع أرضية مجانية لفائدة قدماء العسكريين أعضاء مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين. وتعتزم وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية، أيضا تنفيذ برنامج استثماري بقيمة 3,4 ملايير درهم خلال الفترة ما بين 2025 و2027، منها 1,4 مليار درهم في سنة 2025، لبناء 4300 مسكن جديد، ومواصلة تحديث البنيات التحتية العسكرية، وإطلاق عملية 'الشهداء'. وتشمل هذه الدينامية أيضا الخدمة العسكرية، إذ تواصل إثارة شغف كبير لدى الشباب. وباعتبارها مدرسة حقيقية للمواطنة ولقابلية التشغيل، فإنها تتيح لآلاف الشباب المغاربة فرصة الاستفادة من تكوين مؤهل يعزز اندماجهم الاجتماعي والمهني. وعلى الساحة الدولية، ما فتئ المغرب يؤكد التزامه من أجل السلم وهو من المساهمين العالميين الأوائل في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، بخبرة معترف بها في هذا المجال. وفي هذا السياق فإن مركز التميز لعمليات حفظ السلام بابن سليمان، يوفر تكوينات في عدة مجالات. كما يتجلى التعاون العسكري للمغرب على الصعيد الدولي، من خلال التمارين الكبرى المشتركة على غرار تمرين 'الأسد الإفريقي'، الذي ينظم مع الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من البلدان الصديقة. وتدل هذه المبادرة التي توجد في دورتها الـ21، فضلا عن مبادرات أخرى، على الدور المتنامي للمملكة، كفاعل في الاستقرار الإقليمي وشريك استراتيجي رائد. وعلى المستوى الأكاديمي، شكل إعلان جلالة الملك في سنة 2023 عن إحداث المركز الملكي للدراسات وأبحاث الدفاع التابع للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا، خطوة نوعية، على اعتبار أن هذه المؤسسة ستساهم في ترسيخ المقاربة الاستراتيجية في معالجة إشكاليات وقضايا الدفاع والأمن بمختلف أبعادها. وتتميز القوات المسلحة الملكية، أكثر من أي وقت مضى، كمؤسسة وطنية راسخة الجذور في زمنها، ومنسجمة تماما إزاء التحديات المعاصرة، مع حرصها على البقاء وفية للقيم المؤسسة التي شكلت هويتها. فبين الكفاءة العملياتية، والابتكار التكنولوجي، والولاء للوطن، تواصل القوات المسلحة الملكية كتابة صفحات مجيدة من التاريخ العسكري المغربي، في خدمة مجد المملكة وأمن الوطن.

فاطمة 'البنينة'
فاطمة 'البنينة'

العرائش أنفو

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • العرائش أنفو

فاطمة 'البنينة'

فاطمة 'البنينة' العرائش أنفو فاطمة خير ليست مجرد اسم يتردد في أروقة الفن المغربي، بل وجه ألفه المغاربة، ممثلة عرفت بأدوارها المتنوعة وحضورها القوي. لكن المسار تحول، والبوصلة اضطربت، حين قررت هذه الفنانة اقتحام عالم السياسة، لتصبح برلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الانتقال من أضواء الفن إلى قبة البرلمان، تلك المؤسسة التي يفترض بها أن تكون مرآة لآمال الشعب وطموحاته، أثار منذ البداية أسئلة مشروعة حول قدرة فنان على تحمل أعباء تمثيل أمة، وصياغة قوانينها، ومراقبة حكوماتها. فالشهرة قد تفتح الأبواب، لكن المسؤولية تحتاج إلى ما هو أعمق من أداء تمثيلي متقن. شغلت مؤخرا السيدة خير الرأي العام بخروج مثير للجدل، حين انبرت في لقاء حزبي بالداخلة تكيل المديح والثناء لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش. لم تكن مجرد كلمات إشادة، بل وصفها البعض بأنها 'تبجيل' و'تزلف' لا يليق بممثلة للأمة. وكأن الولاء للحزب وقائده قد طغى على الولاء للشعب الذي أوصلها إلى ذلك المقعد. هذا المديح الأجوف، خاصة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية ضاغطة يعيشها المواطن المغربي، أثار موجة ردود واسعة، وطرح السؤال الجوهري: هل أصبحت قبة البرلمان منصة لتبادل المصالح وتقديم قرابين الولاء الشخصي، بدلا من أن تكون فضاء للدفاع عن الوطن والمواطن؟ ولا ننسى أن دخول السيدة خير إلى المؤسسة التشريعية كان عبر بوابة حزب يقوده رئيس الحكومة نفسه، بل وترقت لتصبح عضوا في مكتبه السياسي. هذا الارتباط الوثيق، وتلك الحظوة التي تتمتع بها، تجعلنا نتساءل بحق: ألم يحن الوقت لأن يكون الولاء الأول والأخير للشعب الذي منح الثقة، لا للقيادة الحزبية؟ فالنائب البرلماني ليس مجرد رقم في أغلبية حكومية، بل هو صوت من لا صوت له، ورقيب على السلطة لا بوقا دعائيا لها. ولعل الأمر يزداد وضوحا حين نعلم أن السادة البرلمانيين ينعمون بامتيازات مالية كبيرة، إذ تشير التقارير إلى أن الراتب الشهري الصافي للبرلماني يتراوح بين ستة وعشرين ألفا وواحد وثلاثين ألف درهم مغربي، بالإضافة إلى مساهمة في صندوق التقاعد تقدر بألفين وتسعمائة درهم شهريا يضاف إليها نفس المبلغ من الدولة، ليحصل البرلماني على معاش تقاعد يبلغ خمسة آلاف درهم شهريا مدى الحياة بعد ولاية واحدة فقط، ناهيك عن تعويضات التنقل والسكن واللباس والسيارات الفخمة. هذه الامتيازات قد تفسر، ولو جزئيا، سبب تشبث البعض بمقاعدهم وسعيهم لإرضاء القادة. إن ما صدر عن فاطمة خير لم يكن تقييما موضوعيا لأداء الحكومة، بل مشهدا تمثيليا، كأنها نسيت أنها تحت قبة البرلمان وليست على خشبة المسرح. عبارات 'المديح بلا حدود' وصفها البعض بأنها جعلتها 'أخنوشية أكثر من أخنوش نفسه'، وهو ما يثير الشكوك حول نواياها، ويدفع بالبعض إلى الربط بين هذا الإطراء المبالغ فيه وبين طموحات شخصية لنيل منصب وزاري. لكن، أليس من واجب البرلماني مساءلة الحكومة ومراقبة أدائها، بدلا من أن يتحول إلى أداة دعاية تقوض دوره الأساسي؟ وفي الوقت الذي تنعم فيه السيدة خير بمنصبها وامتيازاته، يعيش العديد من زملائها الفنانين المغاربة في ظروف اجتماعية واقتصادية مزرية، يعانون الفقر والحاجة والتهميش، ولا يسطع نجمهم إلا في مرضهم أو عند وفاتهم. فاطمة خير، الفنانة التي يفترض أنها الأقدر على فهم معاناة بني جلدتها، ماذا قدمت لهم من خلال موقعها البرلماني؟ ألم يكن حريا بها أن تكون صوتهم المدوي في البرلمان، تطالب بحقوقهم وتسعى لتحسين أوضاعهم، بدلا من أن تشغل نفسها بمدح رجل تربع على قمة السلطة التنفيذية؟ إن الكثيرين من أهل الفن، الذين عاشوا الفقر والمرض والإهمال، ينظرون اليوم بخيبة أمل كبيرة إلى من كان يفترض بها أن تحمل همومهم. إن المسؤولية الملقاة على عاتق كل برلماني هي أمانة عظيمة. مسؤولية تمثيل الأمة، والدفاع عن مصالحها، ومراقبة الحكومة ومساءلتها عن كل صغيرة وكبيرة. أما أن يتحول البرلماني إلى مجرد صدى لصوت رئيس الحكومة، فهذا تنكر للثقة التي منحت له، وضرب لمصداقية المؤسسة التشريعية برمتها. فالديمقراطية الحقيقية تزدهر بالنقد البناء والمعارضة الرشيدة، لا بالتملق والإشادة العمياء. برعلا زكريا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store