logo
الدروز أقلية في الشرق الأوسط أدّوا أدواراً سياسية في لبنان وإسرائيل وسوريا

الدروز أقلية في الشرق الأوسط أدّوا أدواراً سياسية في لبنان وإسرائيل وسوريا

الشرق الأوسط١٦-٠٧-٢٠٢٥
يشكّل الدروز أقلية في الشرق الأوسط، وقد قاموا بأدوار سياسية في دول انتشارهم، مثل لبنان وإسرائيل وسوريا، مع سعيهم للحفاظ على خصوصيتهم الدينية والاجتماعية.
وخلال الأيام الماضية، خاض مسلحون من الدروز اشتباكات مع مسلحين من البدو في محافظة السويداء بجنوب سوريا، أسفرت عن مقتل نحو مائة شخص. وفي حين دخلت القوات الحكومية السورية، فجر الثلاثاء، مدينة السويداء، وأعلنت وقف إطلاق النار، قالت إسرائيل إنها شنّت ضربات جوية تستهدف هذه القوات، بعدما سبق للدولة العبرية أن تعهّدت بالعمل على حماية أبناء هذه الأقلية الدينية، ومنع الانتشار العسكري في جنوب سوريا.
فمَن هم «الدروز»؟ وماذا نعرف عن عقيدتهم ودورهم في السياسة والمجتمع؟
نشأت الدعوة الدرزية مطلع القرن الحادي عشر، وهي متفرعة من المذهب الإسماعيلي، ثاني أكبر الفروع لدى الشيعة بعد الاثني عشرية.
ويؤمن الموحدون الدروز بالله «الواحد الأحد، خالق السماوات والأرض»، وبملائكته ورسله وأنبيائه، واليوم الآخِر، حسب الموقع الإلكتروني لمشيخة «العقل»، وهي أعلى مرجعية دينية لهم في لبنان.
وفيما قد يُفسّر خصوصية تعاليمهم التي يقتصر تداولها على أبناء الطائفة، ينطلق الدروز في عقيدتهم من «خطاب ظاهر وخطاب باطن»، حسبما يؤكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مصدر مطلّعٌ على شعائرهم، طلب عدم الكشف عن اسمه. ويتحدّث عن ارتكاز التعاليم على «مرحلة ناضجة من توحيد الإله»، مبنية على سياقات طويلة من الأديان التوحيدية، أثَّرت فيها أفكار أفلاطون عبر مزج المفاهيم الدينية بالفلسفية.
ويعتمد «الدروز» 7 وصايا أساسية، منها «صدق اللسان» و«حفظ الإخوان» و«البراءة من الأبالسة والطغيان»، ويؤمنون بالتقمص الذي «هو جزء من العقيدة».
في اليوميات، يشتركون في مناسبات دينية مع مذاهب أخرى، تشمل «تجمعات يومية خلال الأيام العشرة قبل عيد الأضحى، يتخللها أداء تلاوة دينية، وبعض العبادات وبعض الأشعار والروحانيات، وتكون تكريساً للمبادئ الأساسية السبعة... التي إذا مارسها الموحد، فهو يُمارس التوحيد الصحيح». كذلك، يحيون رأس السنة الهجرية، ويؤدون الزكاة «كلٌّ حسب قدرته».
ويجتمع مشايخهم ليلة الخميس - الجمعة، لأداء طقوس وعبادة وتلاوة، فيما يُشكّل تعبيراً عن «مبدأ حفظ الإخوان والعبادة الجماعية والتواصل مع بعضهم». وتبقى تعاليم الطائفة ضمن أبنائها، ومن غير المستحب أن يرتبطوا بشركاء حياة من خارجها، على الرغم من وجود بعض حالات الزواج المختلط.
احتفال سكان قرية مجدل شمس من الدروز في مرتفعات الجولان السوري المحتل 9 ديسمبر بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد (إ.ف.ب)
تُقدَّر أعداد الدروز -الذين يرتدي المتدينون منهم من الرجال الزي الأسود والقلنسوة البيضاء، وتغطي النساء رؤوسهن وقسماً من وجوههن بوشاح أبيض مع زي أسود طويل- بأكثر من مليون، وتتركز غالبية أتباع الدعوة الدرزية في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.
ويقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف، يعيش معظمهم في جنوب البلاد؛ حيث تُعد محافظة السويداء معقلهم، كما يوجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غربي البلاد.
وفي لبنان، يُقدّر عددهم بنحو 200 ألف، ويتركزون في جبال وسط البلاد، خصوصاً الشوف وعاليه والمتن الأعلى، ومناطق عند امتداد السفح الغربي لجبل الشيخ مثل حاصبيا وراشيا.
فتى درزي يرفع أعلاماً قرب ملصق كبير للشيخ حكمت الهجري بساحة الكرامة في السويداء (أ.ب)
وفي إسرائيل، يتوزعون على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفاً، وفق دائرة الإحصاء المركزي، يضاف إليهم نحو 23 ألفاً في الجولان، الغالبية العظمى منهم يحملون إقامات إسرائيلية دائمة.
وفد من ولاية نيوجيرسي الأميركية يلتقي الشيخ طريف في إسرائيل فبراير 2022 (إكس)
ووفق مركز «التراث الدرزي» في إسرائيل، تعترف إسرائيل بالطائفة «بصفتها كياناً منفرداً، له محاكمه الخاصة وقيادته الروحانية المستقلة».
في كتابه «الإيمان الدرزي» (The Druze Faith)، يُشير المؤرخ سامي نسيب مكارم إلى أن بعض الدروز، خصوصاً في لبنان وشمال سوريا، «هاجروا أوائل القرن السادس عشر إلى جبل حوران»؛ حيث باتت المنطقة تُعرف باسم «جبل الدروز». ومنها، انتقل البعض إلى الأردن؛ حيث يُقدّر وجودهم ما بين 15 و20 ألف درزي، خصوصاً في الشمال.
وهاجرت أعداد صغيرة إلى مختلف أنحاء العالم، مثل أميركا اللاتينية وجنوب شرقي آسيا وأستراليا، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وعلى الرغم من الانتشار، عمل الدروز على الإبقاء على روابط وثيقة. ويوضح أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية ببيروت، مكرم رباح، في كتاب آخر عن الدروز والموارنة والصراع في جبل لبنان: «ثمة زيجات مختلطة وعلاقات قائمة بين الدروز... ورجال الدين يؤدون دوراً محورياً في الحفاظ على هذه العلاقة»، مضيفاً: «حيث نشأت الحدود، لم يعترف بها الدروز فعلاً».
قوات الأمن السورية تتجمع بالقرب من لافتة طريق مكتوب عليها «مدينة السويداء» بينما تدخل مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية الثلاثاء (رويترز)
وعلى الرغم من كونهم أقلية، أدّى الدروز في الشرق الأوسط «دوراً مهماً، وأحياناً رائداً، في الحياة السياسية والاجتماعية في المنطقة، وفي شؤونها الاقتصادية والاجتماعية»، حسب مكارم.
وعاد ذلك غالباً إلى زعماء إقطاعيين أو عائليين كان لهم تأثير كبير في صناعة دور الأقلية بشكل تخطى حجمها.
ففي لبنان، أدّى الزعيم كمال جنبلاط دوراً سياسياً محورياً، بداية من الخمسينات من القرن الماضي وحتى مطلع الحرب الأهلية (1975-1990)، إلى حين اغتياله في 1977.
وفي سوريا، منح الانتداب الفرنسي عام 1921 جبل الدروز استقلاله الإداري، وظل كذلك حتى 1937. لكن هذه الفترة شهدت قيام إحدى أبرز الشخصيات الدرزية سلطان باشا الأطرش، بقيادة ثورة كبرى ضد الفرنسيين اندلعت عام 1925.
أما في إسرائيل، فيوضح رباح أن الدروز «منخرطون بالكامل في الدولة... ويخدمون في الجيش. ما يمنحهم هامشاً أكبر مع الدولة».
جنبلاط متحدثاً في الاجتماع الدرزي الموسع الذي عُقد في بيروت (الشرق الأوسط)
وعقب اندلاع النزاع في سوريا، حيّد الدروز أنفسهم عن تداعياته، فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام، ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. ولم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق وجودهم، لاتفاق بعد مع السلطات الجديدة التي تولت الحكم إثر إطاحة بشار الأسد.
وأسفرت اشتباكات اندلعت أواخر أبريل (نيسان) في منطقتين قرب دمشق، وامتدت تداعياتها إلى السويداء، عن مقتل 119 شخصاً على الأقل، بينهم مسلحون دروز وقوات أمن، في مواجهة دموية تدخلت خلالها إسرائيل عبر شنّ غارات جوية وتحذير دمشق من المساس بأبناء الطائفة.
وفي تباين سياسي نادر، اختلفت المواقف حيال الأحداث الأخيرة، فالزعيم اللبناني وليد جنبلاط، نجل كمال، حذّر من جرّ الطائفة إلى «حرب لا تنتهي» مع المسلمين، في حين أكّدت مراجع دينية وفصائل عسكرية درزية سورية أنها «جزء لا يتجزأ» من البلاد. في المقابل، حضَّ رجال دين سوريون والزعيم الروحي لدروز إسرائيل الشيخ موفق طريف على حماية دروز سوريا. ويوضح رباح أن هذه الأطراف «لديها أجندات مختلفة، والأهم، ثمة صراع نفوذ على امتداد 3 دول».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسرائيل تعيد احتلال الجنوب اللبناني... بالمسيّرات
إسرائيل تعيد احتلال الجنوب اللبناني... بالمسيّرات

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

إسرائيل تعيد احتلال الجنوب اللبناني... بالمسيّرات

يجمع سكان البلدات اللبنانية الجنوبية على أن إسرائيل باتت تفرض عليهم احتلالاً غير معلن «من دون جنود على الأرض، أو حواجز ودبابات» وإنما بالمسيّرات فقط. ويقول أحدهم: «أيام الاحتلال، كانت هناك معابر، وحواجز ودوريات بالدبابات وتفتيش داخل المنازل يجريها الجنود. أما الآن، فلا حاجة إلى كل ذلك. ثمة شريط حدودي، واحتلال بالمسيّرات. هم يحددون مَن المسموح له بالدخول إلى المنطقة، ومَن الممنوع عليه الإقامة بقريته». وتقوم المسيّرات بتصوير الوجوه ورصد المنازل والدخول إليها عبر النوافذ المفتوحة، وجرى توثيق ذلك رسمياً بحادثة خاطب فيها قائد المسيّرة الإسرائيلي، عجوزين في بلدة حولا «يشربان نسكافيه». السلطات اللبنانية بدورها لفتت إلى هذه الوقائع، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة الحدودية «باتت منطقة عازلة بالنار، ولا تتوانى إسرائيل عن تنفيذ استهدافات للسكان والمنازل».

تفكيك خلايا ماهر الأسد في الساحل السوري
تفكيك خلايا ماهر الأسد في الساحل السوري

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

تفكيك خلايا ماهر الأسد في الساحل السوري

تمكنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية السورية من تفكيك خلايا مرتبطة بماهر الأسد؛ قائد «الفرقة الرابعة» في النظام البائد. وقال بيان إن الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط وتفكيك خلية إرهابية يقودها ماهر حسين علي، المتورط في تنفيذ هجمات سابقة استهدفت مواقع تابعة للأمن الداخلي، وإنه كان بصدد الإعداد لهجمات جديدة في المحافظة. وأظهرت التحقيقات وجود تنسيق مباشر بين هذه الخلية وكل من ماهر الأسد والوضاح سهيل إسماعيل؛ قائد ما يُعرف بـ«فوج المكزون»، إلى جانب تلقي دعم لوجيستي مباشر من «حزب الله» اللبناني وميليشيات أخرى. وأسفرت العمليات الأمنية أيضاً عن اعتقال العقيد السابق في «الحرس الجمهوري» مالك علي أبو صالح، رئيس ما تُعرف بـ«غرفة عمليات الساحل».

عراقجي: ترمب تدخل لمنع انهيار الهدنة
عراقجي: ترمب تدخل لمنع انهيار الهدنة

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

عراقجي: ترمب تدخل لمنع انهيار الهدنة

كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، كواليس اتخاذ القرار الإيراني بشأن وقف إطلاق النار مع إسرائيل بعد حرب دامت 12 يوماً تخللها تبادل للضربات غير المسبوقة. وأشار عراقجي في مقابلة تلفزيونية إلى اجتماع عقده المجلس الأعلى للأمن القومي، في ثامن أو تاسع أيام المواجهة، بشأن قبول هدنة من دون شروط مسبقة إذا تقدمت إسرائيل بطلب. ولفت إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي وافق على قرار المجلس، وأشار إلى أن إيران وافقت فوراً بعد تلقيه اتصالات، وإجرائه مشاورات مع قادة «الحرس الثوري». وأشار إلى سوء تفاهم في الساعات الأولى بشأن توقيت الهدنة، ما أدى إلى تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أمر المقاتلات الإسرائيلية بالعودة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store