مؤتمر «غزة ومستقبل السلام في الشرق الأوسط»: التجارب السابقة اعتمدت على إعادة النازحين إلى موطنهم وليس العكس
نظم المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع المجلس المصرى للشئون الخارجية، أمس، مؤتمراً بعنوان «غزة ومستقبل السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط»، بمشاركة واسعة، ضمّت سفراء وخبراء وباحثين وأعضاء بالسلك الدبلوماسى بالسفارات العربية والأجنبية.
واستعرض المؤتمر جميع تجارب إعادة الإعمار فى العالم، خاصة فى أوروبا، مثل مشروع «مارشال»، لإعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وخطط الإعمار فى دول أفريقيا. وشدّد الحضور على أن هذه التجارب اعتمدت على إعادة النازحين إلى موطنهم، وليس العكس، وأن عمليات إعادة الإعمار عبر التاريخ اعتمدت على السكان المحليين، ومن ثم لا يجوز تهجير سكان المناطق المستهدفة.«العرابى»: القضية الفلسطينية تتعرّض لهجمة شرسة منذ 1948.. و«عكاشة»: ننتظر من الولايات المتحدة دعم الجهود والرؤى العربية بشأن إعادة الإعماروأكد السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، أن القضية الفلسطينية تتعرّض اليوم لأكبر هجمة منذ عام 1948 فى ظل محاولات تفكيكها بمفاهيم خارج الصندوق، لا تُعبر عن القانون الدولى والشرعية الدولية، وبعيداً عن تطلعات الشعب الفلسطينى والشعوب العربية والدول المهتمة بالسلام فى الإقليم.وأضاف «العرابى»، فى كلمته بالمؤتمر، أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى أدركت منذ أكتوبر 2023، أن كل ما يجرى فى فلسطين يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، ولذلك كان موقف القاهرة واضحاً منذ البداية برفض تهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية، وحذّر من الممارسات الإسرائيلية بالضفة الغربية، التى لا تقل خطورة عما يدور فى قطاع غزة، مشدّداً على أن الحل الوحيد الذى يعالج الأزمة من جذورها هو حل الدولتين.ونبّه «العرابى» إلى أن القضية الفلسطينية تتضمن محورين رئيسيين هما «الشعب والأرض»، وأى محاولة لضرب أى من المحورين يمثل تصفية للقضية، وهو أمر مرفوض عربياً ودولياً، واصفاً ما يحدث اليوم فى الإقليم ب«العبث» و«مخططات»، تستهدف عدم تحقيق الاستقرار، لاسيما التنمية المستدامة والرفاهية التى تطمح إليها شعوب منطقتنا. وأضاف أن تنظيم هذا المؤتمر بجهد مشترك بين المركز المصرى ومجلس الشئون الخارجية، جاء فى التوقيت الحاسم لكى يعبّر عن مؤسسات المجتمع المدنى ويعكس موقف الشعب المصرى الذى رفض المقترحات الظالمة بشأن تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه.من جانبه، قال الدكتور خالد عكاشة، المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إننا ننتظر من الولايات المتحدة الأمريكية كونها قوة كبرى، وفى إطار دورها التاريخى، أن ترتكز جهودها لإعادة إعمار غزة على تحقيق هدف رئيسى يتمثّل فى إشراك سكان القطاع باعتبارهم فاعلاً محورياً لضمان استدامة عمليات الإعمار وبناء السلام والاستقرار، بجانب دعم وتعزيز الجهود والرؤى العربية بشأن إعادة إعمار غزة، وفى مقدمتها ما طرحته مصر.وكشف «عكاشة» أن القاهرة أعدّت خطة لإعادة الإعمار، مكونة من ثلاث مراحل ترتكز على عمليات التعافى المبكر، ثم إعادة بناء البنية التحتية الأساسية للقطاع، يعقبها البدء فى المسار السياسى، تمهيداً لحل الدولتين، مع بقاء الفلسطينيين على أراضيهم كركيزة أساسية لعملية إعادة الإعمار والتعافى. وأوضح أن مؤتمر «غزة ومستقبل السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط»، يأتى استجابة للتحولات الجذرية التى يمر بها الشرق الأوسط فى سياق الانعكاسات الناجمة عن محاولات تسويات الصراعات الدولية الراهنة التى أضحت ترتكز على فرض السلام من خلال القوة، وإعادة تأطير اتجاهات التفاعلات الدولية، وتوازنات القوى دون وضع تصور عادل لآفاق التسوية السياسية والسلمية الشاملة التى تحول دون تجدد جولات العنف والتصعيد، وتفاقم حدة الأوضاع الإنسانية فى مناطق الصراعات.من جانبه، قال جمال عبدالجواد، عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنّ الولايات المتحدة منحازة للموقف الإسرائيلى طوال تاريخها، إلا أنها كانت تحتفظ ببعض المساحات التى سمحت لها بمساحة للقيام بدور فى القضية، لافتاً إلى أن الموقف الأمريكى فى إطار المقترح الأخير يُمثل تغييراً جذرياً فى السياسات، بما يتعارَض مع مفهوم السلام، موضحاً أن الإعمار يستهدف فى الأساس مصلحة السكان، وبالتالى فإن تهجيرهم يتعارض مع الهدف الرئيسى للعملية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
العقل السياسى وعقل الصفقات
يبدو العالم الذى عرفناه، تغير فى سرعة فائقة، مع ثورة الاستهلاك المكثف، والنيوليبرالية الكونية، فلم تعد الحداثة وما بعد بعدها هى سمت التنظيرات، والمفاهيم، والاصطلاحات، والتحليلات فى كل ميادين العلوم الاجتماعية، والأدب، والفلسفة...إلخ! التى نستمد منها بعض مقاربات وأدوات تحليل كل مايجرى حولنا من ظواهر جديدة!. لم تُعد العولمة، ومكدونالد العالم، هى سمت رمزى للإمبراطورية الأمريكية رغم صدمات الخطاب السياسى المثير فى لغته، ومفرداته لدى الرئيس الأمريكى ترامب، أو تغريداته الوجيزة الصاخبة، والمحمولة على عقلية الصفقات، وأيضا لغته التهديدية حينا، وتقديم ذاته كإمبراطور للصفقات فى مقابل السلام، وحينا آخر يبدو، وكأنه وأمريكا مركز الكون كله ، وليس العالم، وفوق نظامه الدولى الذى لم يعد صالحا منذ نهاية الحرب الباردة. إن شخصية ترامب المثيرة، والغرائبية، وسلوكه الصفقاتى، كلها مؤشرات على أننا أمام نمط من السياسيين غير مألوف عند القمة فى البيت الأبيض مابعد الحرب الباردة ، مقارنة ببناة الولايات المتحدة، وتاريخها، وأيضا قبل وبعد الحرب العالمية الثانية. ظاهرة القادة السياسيين فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ما بعد الحرب الباردة، يختلفون عن غيرهم من قادة الحربين الأولى والثانية ومابعدهما ، وفى أثناء الحرب الباردة، من حيث الخبرات السياسية، والتكوين والرؤى السياسية، والنظرة إلى الليبرالية ، ورؤى العالم، وذلك سواء فى إدارتهم للسياسات الداخلية، والمنافسات السياسية داخل الحياة الحزبية، بل وفى داخل أحزابهم وصراعاتها الداخلية. خلال الحرب الباردة فى ظل الإمبراطورية الماركسية اللينية –والستالينية والماوية -، كان العالم يخضع لصراعات أيديولوجية ضارية، وصاخبة من الأجهزة الأيديولوجية والرمزية لدول كلتا الكتلتين إزاء بعضهما بعضا، وأيضا على صعيد دول العالم الثالث آنذاك. هذا النمط من الصراعات الأيديولوجية كان يشكل مركز الخطابات السياسية لقادة كلتا الكتلتين السوفيتية والصين، وأيضا الليبرالية الرأسمالية. لا شك فى أن بعض التأثيرات الماركسية كانت واضحة على بعض من تطور فلسفة جان بول سارتر، وآخرين، وايضا بعض تأثيرات الأفكار الفلسفية للأممية الرابعة .ثمة أيضا تأثيرات المدرسة الماركسية الإيطالية، وهو ما انعكس على بعض مثقفى العالم الثالث، والعربى آنذاك . كان الفكر الماركسى ملهمًا ومؤثرا على بعض الفكر الفلسفى الأوروبى، وعلى هيمنة الفلسفة الهيجلية والوجودية، خاصة فى ظل صعود مسرح العبث مع صامويل بيكيت، ويوجين يونسكو، وجان جينيه، وأرثرأدموف وحالة الشعور بالضياع، والعبثية، والقلق، والعزلة، واليأس، وغياب المعنى على نحو ماظهر فى مسرح العبث Theatre de L'absurd، وحالة الفوضى، واللا معنى فى الحياة. من ناحية أخرى، كانت الليبرالية الغربية الأمريكية والأوروبية، تحاول أن توظف قيمها السياسية حول الحرية، والمساواة، والتنافس، والإخاء الإنسانى والعمل، والرفاه، والاستهلاك فى مواجهة الأيديولوجيا الماركسية، وديكتاتورية البروليتاريا، والعدالة الاجتماعية، وأيضا أيديولوجيات الدول ما بعد الكولونيالية الأوروبية، التى دارت حول شعارات الاشتراكية، والاستقلال الوطنى، والتى لا تعدو أن تكون أنماطا من رأسماليات الدولة البيروقراطية والوطنية، وأيضا تجاه النظم السلطوية، والاستبدادية التى اتخذت الطريق اللارأسمالى للتنمية.فى ظل أتون الصراع الأيديولوجى الثنائى أساسا بين الماركسية، والليبرالية الغربية، حدثت بعض التغيرات فى الفلسفة، والنظر السياسى والقانونى، والسوسيولوجى الغربى من خلال ديناميات نظرية ومفاهيمية واصطلاحية ومنهجية، بعضها مهجن وبعضها مضاد، وساعد على ذلك حريات الرأى والتعبير، والبحث الأكاديمى من خلال الصحف والإذاعة المسموعة، والتلفازات والفنون والسينما والمسرح، على نحو أوجد حركية فكرية انعكست على الحياة السياسية الليبرالية، وعلى الأحزاب السياسية، ومنظريها بما فيها الأحزاب الشيوعية فى فرنسا، وإيطالياعلى سبيل المثال، وبروز بعض من التمايزات بين فكرها وأيديولوجيتها الماركسية عن الحزب الشيوعى السوفيتى، والأحزاب الأخرى فى أوروبا الشرقية، ومرجع ذلك تأثر هذه الأحزاب ومنظريها بما كان يجرى فى الفكر والفلسفة الأوروبية. لا شك فى أن الصراعات الأيديولوجية الماركسية والليبرالية ومعها انعكاساتها الفلسفية والقانونية والسوسيولوجية والأدبية والفنية، شكلت بيئة مؤثرة على أفكار السياسيين، وأحزابهم السياسية وبرامجها وخطاباتها ، فى ظل المنافسات الحزبية، وفى البرلمانات، والصحف، والتلفازات والإذاعات، وفى الأوساط الأكاديمية. من هنا كان التكوين السياسى الأوروبى، والغربى نتاجا لهذه البيئة الخصبة داخل المجتمع والجامعات وأيضا، من خلال مراكز البحث المستقلة فى الدراسات الاجتماعية والسياسية والعسكرية، ونظائرها فى أجهزة الدولة على اختلافها. شكلت مراكز البحث المستقلة على تعدد اختصاصاتها، وأدوارها دورًا بالغ الأهمية، فى عملية صناعة القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية...إلخ، الداخلية، وأيضا على مستوى السياسات الخارجية. شكلت المصارف الكونية الكبرى، ومعها الشركات الرأسمالية الضخمة المحرك الرئيسى لعولمة الأسواق الكونية، وهو ما أثر على العقل السياسى للقادة السياسيين. جاء بعض القادة السياسيين الأوروبيين، والأمريكيين من أوساط المصارف الكبرى، والشركات الرأسمالية النيوليبرالية، واستطاعت هذه المصارف والشركات أن تفرض سياساتها ومصالحها على الطبقات السياسية الأوروبية والأمريكية فى الأحزاب السياسية، والحكومات. تحول بعض الزعماء السياسيين إلى لعب دور المروج لهذه الشركات، وإلى ترتيب الصفقات الكبرى لها مع الدول الأخرى –لاسيما فى جنوب العالم، ومن ثم تراجعت نسبيا العقلية السياسية لصالح عقلية الصفقات الاقتصادية، والعسكرية...إلخ. من هنا أصبحت عقلية الصفقات والترويج لها هى المهيمنة على عقلية غالب القادة السياسيين فى هذه البلدان، وعلى رأسهم ترامب. مع التحولات الكبرى مع الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعى وشركاتها الكونية الضخمة استخدم ترامب وغيره وسائل التواصل الاجتماعى وخطاب التغريدات الوجيزة فى التعبير عن آرائهم، وعلى رأسهم ترامب، وتغريداته، وأحاديثه وتصريحاته وخطاباته السياسية، المثيرة، وبعض من طابعها الغرائبى، والحاملة لمنطقه التجارى الذى يعتمد على الصفقات التجارية والسياسية وعلامة بارزة على العقل الصفقاتى، ومنطق الغرابة والإثارة المتأثر والمؤثر بعقلية الجموع الرقمية الغفيرة . تراجع العقل السياسى لصالح العقل الصفقاتى، والنزوع إلى الشعبوية السياسية، والافتخار بالقوة الفائقة، وتجاوز بعض حدود التوازن، والتمايز بين السلطات فى النظام الديمقراطى الغربى وسلطاته ومؤسساته على نحو مايقوم به ترامب ، وبعض مما يحدث فى فرنسا!. مع نهاية الحرب الباردة، تراجع خطاب حقوق الإنسان والوجه الأخلاقى الليبرالى الأيديولوجى الذى استخدم كأداة فى مواجهة الماركسية السوفيتية، ودول العالم الثالث، والجنوب، وخطاب التنمية المستقلة والاستقلال الوطنى والسيادة ، وباتت القوة المفرطة الأمريكية والغربية بلا وجه أخلاقى، واللامبالاة بالقانون الدولى العام، والقانون الدولى الإنسانى وقانون الحرب، ومن ثم التنظيم الدولى ومؤسساته، موضوعا للانتهاكات من الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، على نحو ما يظهر من مظاهر لغطرسة القوة الأمريكية فى الأمم المتحدة، والدعم المفرط لإسرائيل، وحربها الإبادية فى غزة، وأيضا فى العدوان الإسرائيلى على إيران، من خلال الدعم العسكرى والسياسى والاستخباراتى. بات الوجه الأخلاقى لليبرالية الغربية، وحقوق الإنسان غائبا لصالح وجه القوة المفرطة الغاشمة، وعقل الصفقات فى خطاب أمريكا والغرب الأوروبى إزاء العالم، فى مرحلة انتقالية من عالم الإناسة الروبوتية إلى عالم آخر مختلف، تشكل المرحلة الراهنة، عمليات انتقال إلى مرحلة أخرى لا يصلح معها نمط القادة السياسيين الحاليين، ومعهم عقل الصفقات، فى الحضور فى عالم مختلف فائق السرعة والتغير والتحول.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
رئيسة البرلمان الأوروبى: نقدر القيادة الحكيمة للرئيس السيسى ودور مصر المتزن فى المنطقة
أعربت روبرتا متسولا، رئيسة البرلمان الأوروبى، عن تقديرها الشديد للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولقيادته الحكيمة ولدور مصر المتزن فى ظل ما تمر به المنطقة من اضطرابات. جاء ذلك خلال الاتصال الهاتفى الذى أجراه الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، مع متسولا، أمس، عقب اعتماد البرلمان الأوروبى فى جلسته العامة المنعقدة فى ستراسبورج، القراءة النهائية لقرار منح مصر الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى الكلى المقدمة من الاتحاد الأوروبى بقيمة 4 مليارات يورو. وأضافت متسولا، أن تصويت أغلبية نواب البرلمان الأوروبى لصالح القرار يعكس الإدراك التام للدور المصرى الداعم لإرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة ومن جانبه، أعرب عبدالعاطى، عن التقدير لاعتماد البرلمان الأوروبى بأغلبية كبيرة القراءة النهائية لقرار منح مصر الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى المقدمة من الاتحاد الأوروبى، مشيرا إلى عمق العلاقات المصرية الأوروبية. وأطلع عبدالعاطى المسئولة الأوروبية على الاتصالات المصرية خلال الأيام الأخيرة الساعية لخفض التصعيد واحتواء الموقف وتجنيب خطر اشتعال الأوضاع بصورة شاملة فى الإقليم. من جانبه، صرح السفير أحمد أبو زيد، سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى، بأن تصويت البرلمان الأوروبى بالأغلبية لصالح حزمة الدعم المالى الثانية لمصر، جاء بعد ما يقرب من تسعة أشهر من مداولات مكثفة شهدتها لجان التجارة الدولية والشئون الخارجية والميزانية.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
نحو الحرية الموساد فى إيران
الجبهة الداخلية هى العمود الفقرى للأمة، خاصة تلك التى تخوض حربا أو تواجه تهديدات وجودية. فالجبهة الداخلية هى الحاضنة الشعبية والاجتماعية والسياسية التى توفر العمق الاستراتيجى والدعم اللازمين لتحقيق النصر. وبدون جبهة داخلية متماسكة، ومعنويات عالية للمواطنين، وديمقراطية حقيقية، وموارد وفيرة، واقتصاد فعال، قد تنهار حتى أقوى الجيوش أمام العدو، لأن قوة الجيش ترتبط ارتباطا وثيقا بدعم شعبه واستقرار جبهته الداخلية. إن التغلغل الإسرائيلى لإيران واستهداف قيادتها وعلمائها يؤكد هشاشة الجبهة الداخلية الإيرانية، كما يتضح من الوجود الواسع لعملاء الموساد فى طهران. فلم تعد الحروب تقتصر على المواجهات العسكرية. بل إنها تتطلب أجهزة استخبارات قوية، ضد عمليات التجسس، والكشف عن الخلايا النائمة. ويتطلب تعزيز الجبهة الداخلية تعزيز التماسك الاجتماعى وبناء الثقة بين الشعب والقيادة من خلال الشفافية والعدالة ومكافحة الفساد وتعزيز الشعور بالانتماء لدى المواطنين. ونبذ الطائفية، وتأكيد الهوية الوطنية المشتركة، ومواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة التى تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد من خلال إعلام وطنى موثوق، يعرض الحقائق، ويبرز قيم صمود القوات المسلحة وتضحيات المواطنين. إن مرونة وصمود الاقتصاد، وتحقيق الاكتفاء الذاتى، ودعم الصناعات الوطنية أمور أساسية لتقليل الاعتماد على الموارد الخارجية وتجنب الصدمات الخارجية. يخبرنا التاريخ بأن الجبهة الداخلية هى مفتاح النصر. ففى حرب 1973، كان دعم الجبهة الداخلية المصرية للقوات المسلحة من العوامل الحاسمة فى تحقيق النصر. وكذلك صمدت الجبهتان الداخليتان البريطانية والسوفيتية فى الحرب العالمية الثانية، فى مواجهة ألمانيا.