
نتنياهو يتوعد حماس ويهاجم الأمم المتحدة
وجاءت تصريحات نتنياهو خلال زيارة إلى قاعدة "رامون" الجوية (جنوب) التابعة لسلاح الجو، برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس ، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وأضاف نتنياهو: "نقاتل في قطاع غزة، وللأسف لدينا قتلى ومصابون، وأكد أن الهدف واضح، وهو القضاء على حركة حماس، وسنحققه مهما طال الزمن".
وادعى نتنياهو الاستمرار في إدخال ما سماه "الحد الأدنى" من المساعدات الإنسانية، واتهم الأمم المتحدة بـ"اختلاق الأعذار وترويج الأكاذيب ضد إسرائيل"، وفق قوله.
وزعم رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هناك مسالك آمنة للمساعدات كانت موجودة طوال الوقت، واليوم أصبحت رسمية. ولا مجال للأعذار بعد الآن، حسب زعمه.
وتأتي هذه التصريحات، بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، "سماحه" بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على غزة، وبدء ما أسماه "تعليقا تكتيكيا محليا للأنشطة العسكرية" في مناطق محددة بقطاع غزة.
وتتزامن تلك الخطوة الإسرائيلية مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع، إلى جانب استهداف الجيش الإسرائيلي المجوّعين من منتظري المساعدات.
وانتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات في غزة، مؤكدة أنه "لن ينهي" المجاعة المتفاقمة.
ومطلع مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت الإبادة، ومنذ ذلك الحين ترفض جميع المبادرات والمطالبات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار.
وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح الأحد، ارتفع عدد الشهداء جراء المجاعة وسوء التغذية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا.
وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي، جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، مخلفة أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ دقيقة واحدة
- الجزيرة
"أنبياء واشنطن".. لتكن مشيئتك في البيت الأبيض كما في الكونغرس
في ساعةٍ متأخرة تحت الأضواءٍ الكاشفة في قاعة الكونغرس الأميركي، وفي أحد خطاباته بعد أسابيع قليلة من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وقف مايك جونسون ، رئيس مجلس النواب مضموم الشفتين، مرتّلًا كلماته كما لو كانت مقاطع من وحي مُنزّل: "دعم إسرائيل واجب مقدس". قالها جونسون دون أن يرمش، وسط تصفيق بعض الحاضرين، وصمت آخرين. ظهر المشهد كقداس ديني، لا كخطاب رسميّ، وكأن المنبر الذي صعد عليه لم يعد جزءًا من جمهورية تعرّف كدولة علمانية، بل مذبحًا في كنيسة يعلوها علم الولايات المتحدة وبجانبه الصليب. لم تكن هذه الجملة مجرد رأي سياسي في لحظة توتر، فقد كررها غير جونسون، وهو نفسه مرات كان آخرها قبل عدة أيام حين قال إن حبه لإسرائيل "أمر يتعلق بالإيمان" لا بالسياسة. تأتي كل هذه التصريحات لتعكس أزمة خطيرة، تدهور أيديولوجي تقود فيه عقيدة قومية متطرفة التشريع السياسي والقانوني في دولة تقول عن نفسها إنها قائدة العالم الحر، وتكتب فيه النبوءات القديمة فصولًا جديدة من السياسة الحديثة. فـ'القومية المسيحية' في الولايات المتحدة لم تعد فكرة هامشية يتداولها متطرفون على أطراف المجتمع، بل باتت مشروعًا متكاملًا في قلب المؤسسات، يحكم البيت الأبيض والكونغرس كما يحكم الكنيسة، ويعيد تشكيل الخطاب السياسي، ومعه الجهاز البيروقراطي للدولة بأكملها. ليصبح الجدل في أميركا اليوم، لا حول دور الدين في الحياة العامة، بل حول معنى الأمة التي يجب أن تكونها الولايات المتحدة: هل هي جمهورية تعددية كما كُتب في الدستور؟ أم مملكة تُحكم باسم الرب كما ورد في الإنجيل؟ ليست القومية المسيحية مصطلحًا جديدًا، لكنها أصبحت في السنوات الأخيرة قوة متزايدة التأثير، خصوصًا في أعقاب صعود الرئيس دونالد ترامب، حيث لم يعد غريبًا أن نرى شعارات دينية على قبعات أنصاره وقمصانهم، وكتبًا مقدسة تُرفع في التجمعات الانتخابية. غير أن قياس ومعرفة هذه الظاهرة يظل تحديًا بحثيًّا حقيقيًّا، نظرًا إلى طبيعتها المطاطة والمائعة وغير المؤسسية. تشير القومية المسيحية إلى رؤية سياسية ترى أن الولايات المتحدة دولة مسيحية في أصلها وتكوينها، ويجب أن تُحكم بقيم الكتاب المقدس. لكن هذه الرؤية تتفاوت في تفاصيلها بين من يدعون إلى دولة ثيوقراطية تُلغى فيها الحدود بين الكنيسة والدولة، وبين من يرون أن المسيحية ينبغي أن تكون مجرد إطار أخلاقي عام للحكم والسياسة. أصبحت القومية المسيحية ظاهرة تطل برأسها بقوة على السياسة والمجتمع في الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك كان من العسير ضبط مصطلح شامل وجامع لها يحددها بغية تفسيرها، والمشكلة تكمن في أنها ظاهرة حاضرة بقوة لكنها ليست منظمة في إطار واضح، فبعكس تيارات الإحياء الديني الإسلامي مثلًا التي يمكن رصدها من خلال حركات منظمة ورموز واضحة، ورؤى أيديولوجية راسخة تصارع منذ عقود طويلة السرديات الرسمية، حيث لا تظهر ولا تتجلى القومية المسيحية بنفس الصيغة، فلا توجد جماعة واحدة أو أطر كبرى متماسكة واضحة ينضوي تحتها كتل متجانسة ترفع شعار تحكيم "الكتاب المقدس" في الحياة. ومن هنا تأتي صعوبة القياس وتحديد الظاهرة فمن هم القوميون المسيحيون في الولايات المتحدة؟ هل هم الذين يتمنون إلغاء الفصل بين الكنيسة والدولة مثل الكاتب المحافظ ديفيد بارتون الذي يوصف عادة من قبل الأكاديميين بأنه "مؤرخ زائف"؟ القومية المسيحية على الخريطة الأميركية يروج بارتون دائمًا لفكرة أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة لم يقصدوا مطلقًا الفصل بين الكنيسة والدولة وإنما كانوا يقصدون حماية الدين من الحكومة لا فصل الدين عن السياسة، لكن المؤسسات العليا القضائية الأميركية -حسبما يرى- أساءت فهم ما قصده الآباء المؤسسون، ويقول دائمًا إنه غير معني بالقانون الوضعي الذي يحلل الحرام ويسوغ "الفجور الجنسي" بتعبيره، وأنه لا يعنيه ما قاله وما فعله الساسة الأميركيون فليس للناس أن يضعوا قانونًا يتناقض مع ما أقره الله من الصواب والخطأ. هل وحدهم القوميون المسيحيون من يريدون ذلك، أم يشاركهم ذلك التوجه شرائح من غير المتدينين ممن لا يحبذون دمج الدين بالدولة، وفي الوقت نفسه يريدون استعادة المسيحية بوصفها البناء الأخلاقي الرئيسي للسياسة والمجتمع في الولايات المتحدة لاستلهام قيمها وتوجهاتها؟ حاول الباحثان أندرو وايتهايد وصامويل بيري الإجابة عن ذلك من خلال استبيان ميداني اعتمد على مجموعة من الأسئلة لتحديد مواقع الأفراد على طيف القومية المسيحية. وشملت الأسئلة استفسارات مثل: هل يجب إعلان الولايات المتحدة أمة مسيحية؟ هل يجب أن تستند القوانين الأميركية إلى أوامر الكتاب المقدس؟ وهل المسيحية جزء من الهوية الأميركية؟ حاول الباحثان من خلال هذا الاستجواب أن يصلا إلى مدى تغلغل أفكار المسيحية في الولايات المتحدة لمعرفة النسبة المحتملة لمعتنقي أفكار القومية المسيحية في أميركا، بحيث يكون المجيبون بنعم عن أغلب الأسئلة مؤيدين للقومية المسيحية، والمجيبون بها عن نصف الأسئلة متعاطفين أكثر من كونهم مؤيدين، ثم يكون المجيبون بلا هم الرافضين لهذه الأيديولوجيا. بهذه المعايير المبنية على الأسئلة أجرى "المعهد العام لأبحاث الدين الأميركي" وهو منظمة غير ربحية ولا حزبية متخصصة في الدراسات الكمية والنوعية ذات الصلة بالمواضيع الدينية، بحثه لعام 2024 لدراسة القومية المسيحية في الولايات الأميركية الخمسين، وذلك من خلال إجراء مقابلات مع 22 ألف مواطن أميركي بالغ. وبحسب نتائج هذا البحث، فإن ثلاثة من كل 10 أميركيين إما مؤيدون للقومية المسيحية وإما متعاطفون معها، و10% من الأميركيين مؤيدون وأتباع لتلك الأيديولوجيا، و20% منهم متعاطفون معها، و37% منهم متشككون فيها و29% رافضون لها، وهذه النسب مستقرة منذ عام 2022. وقد أظهر البحث أن 20% من الجمهوريين من أتباع تلك الأيديولوجيا و33% من منتسبي الحزب متعاطفون معها، في حين أن 5% فقط من الديمقراطيين من أتباعها و11% منهم فقط متعاطفون معها. وجدير بالذكر بحسب البحث أنه كلما انخفض المستوى التعليمي للفرد وزاد عمره يكون أميل إلى الارتباط بأفكار القومية المسيحية. كذلك فإن أغلبية الأميركيين المسيحيين البيض بنسبة 54% منهم تابعون لتلك الأيديولوجيا أو متعاطفون معها على الأقل، في حين تقل النسبة لتصبح 46% فقط بين الأميركيين السود. وتتجلى القومية المسيحية على الخريطة الأميركية على النحو التالي: هناك ولايات وصلت فيها نسبة القومية المسيحية إلى نحو نصف السكان أو أكثر، وهي ميسيسيبي بنسبة 51% من سكانها، وأوكلاهوما بنفس النسبة، ولويزيانا بنسبة 50% من سكانها وأركنساس بنسبة 49% من سكانها، وفرجينيا الغربية بنسبة 48% من سكانها وداكوتا الشمالية بنسبة 46% من سكانها. وجدير بالذكر أن 67% من أتباع القومية المسيحية في الولايات المتحدة الأميركية و48% من المتعاطفين مع تلك الأيديولوجيا يرون أن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة هو قدر إلهي، كذلك يشير البحث المعمق إلى أن أغلب القوميين المسيحيين يميلون أكثر من غيرهم من الأميركيين إلى دعم أفكار العنف السياسي، إذ إن أربعة من كل عشرة من أتباع القومية المسيحية، وثلاثة من كل عشرة من المتعاطفين معها، يرون أن الوطنيين المخلصين قد يضطرون في لحظة من اللحظات إلى استخدام العنف لإنقاذ البلاد على صعيد السياسة الداخلية، في حين كان 15% من المشككين في تلك الأيديولوجيا و7% فقط من الرافضين لها يوافقون على فكرة اللجوء إلى العنف لتصحيح المسار الداخلي. هنا نلقي نظرة على أبرز الجماعات الضاغطة في اتجاه القومية المسيحية، وكما سبق أن أوضحنا فإن مسألة قياس القومية المسيحية مسألة عسيرة بحثيًّا، ولهذا السبب لا يمكن حين نتحدث عن الجماعات الضاغطة في هذا الاتجاه أن ندرج كل رمز سياسي يحاجّ بحجج دينية أو يستهدف إدخال تشريعات في مجالات معينة تتواءم مع قيم الدين، لأنه في تلك الحالة سيشمل الأمر أغلب الجمهوريين عمومًا بل وبعض الديمقراطيين أحيانًا. وكذلك لا يمكن احتساب الجماعات التي تركز على قضايا صغيرة فرعية بعينها لتغيرها في السياسة لصالح الرؤى الدينية، لأنه بهذا المفهوم يمكن إدخال العديد من الجماعات والتيارات في التاريخ الأميركي بشكل يُخرج الظاهرة عن سياقها، فمنظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" التي يبلغ عدد أعضائها 10 ملايين مشهورة جدا بنفوذها وتأثيرها في السياسة الأميركية من أجل دعم دولة الاحتلال لأسباب دينية محضة، ومع ذلك يقع تأثيرها القومي المسيحي بشكل رئيسي في إطار خط فرعي واحد داخل السياسة الخارجية الأميركية. إن كل الجماعات الضاغطة المسيحية وكل الرموز السياسية الذين يجادلون في السياسة بلغة دينية أو يخططون لزيادة نفوذ الدين داخل السياسة الأميركية هم يؤدون دورهم في تشكيل مشهد القومية المسيحية الصاعد بالولايات المتحدة الأميركية، لكن في السطور القادمة سنسلط الضوء على أبرز الجماعات والمؤسسات التي تحاول على نحو منظم تحريك السياسة الأميركية بوضوح لتصبح سياسة مسيحية تزال فيها الحدود الفاصلة بين الكنيسة والدولة بشكل عام وليس في فرع أو مشهد أو لقطة بعينها. حركة الجبال السبعة إذا ما حاولنا رسم خريطة للجماعات الدافعة في سبيل السيادة المسيحية على السياسة والمجتمع، فربما تكون البداية الفضلى هي من حركة "الجبال السبعة"، فمن هذه الحركة يمكن رسم العديد من الخيوط مع الحركات والشخصيات الأخرى المختلفة في السياسة الأميركية ذات الصلة بالقومية المسيحية سواء في الأصول أو في الفروع. بحسب مجلة سبيكتروم للصحافة الاستقصائية وهي منصة ذات توجه مسيحي بروتستانتي فإن حركة الجبال السبعة هي حركة تهدف لسيادة المسيحيين والمسيحية على سبعة مجالات رئيسية من مجالات الحياة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأميركية وهي الأسرة والشؤون الدينية والتعليم والإعلام ومجال الفن والترفيه وقطاع الحكومة وقطاع الأعمال التجارية، وتظهر نتائج استطلاع أجراه بول دجوب وهو مدير برنامج بيانات البحث السياسي بجامعة دينيسون أن نحو 41% من المسيحيين الأميركيين عمومًا و55% من المسيحيين الإنجيليين تحديدًا يوافقون على هذه الفكرة الأساسية لحركة الجبال السبعة. وحين يأتي الحديث عن الجبال السبعة، يبرز اسم تشارلي كيرك وهو الصحافي الشاب والناشط الذائع الصيت الذي اشتهر بشكل كبير في الفترة الأخيرة خلال الحملة التي قام بها لدعم الرئيس الحالي دونالد ترامب أثناء الانتخابات الأخيرة، فقد ذاع صيت مقاطعه المرئية التي يناقش فيها الشباب في الجامعات وعلى المنصات الإعلامية لمواجهة حججهم التقدمية بحجج أخرى مسيحية محافظة، خاصة أن كيرك يتمتع بالقدرة على المحاجّة والإقناع باستخدام حجج منطقية لا دينية فقط، وبحسب ماثيو بويدي الأستاذ الأكاديمي بجامعة شمال جورجيا وصاحب كتاب "ولاية الجبال السبعة: فضح الخطة الخطيرة لتنصير أميركا وتدمير الديمقراطية"، فإن كيرك والمنظمة الشبابية المحافظة التي يرأسها والتي تعد أبرز أقرانها -وهي "نقطة تحول الولايات المتحدة"- يحاولان بفاعلية جعل حركة الجبال السبعة هي العنصر التنظيمي المركزي في عهد ترامب، ومن ثم إنهاء الفصل العلماني المفترض في البلاد. يتمتع كيرك بقدرات فكرية ونقاشية واضحة تجعله محطًّا للأنظار وجاذبًا لقطاعات واسعة من الجماهير حتى من خارج الولايات المتحدة، ومن ثم فهو يتمتع بنفوذ بالغ داخل حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجددًا"، وبحسب مجلة سبيكتروم فهو يؤدي دورًا كبيرًا في اختيار المعينين والمديرين داخل الإدارة الأميركية مما جعله يلقب "صانع الملوك". جدير بالذكر أن كيرك قد صرح في عام 2020 بأن ترامب رجل يدرك جيدًا أبعاد التأثير الثقافي للجبال السبعة، مع العلم أيضا بأن واحدة من رموز حركة الجبال السبعة بحسب شبكة "سي بي سي" الكندية هي باولا وايت رئيسة مكتب الإيمان الذي أعلن دونالد ترامب تأسيسه في البيت الأبيض بعد عودته للرئاسة، مما يدل على مدى نفوذ الحركة. هذه الحركة مثلها مثل كل الحركات الشبيهة الدافعة في اتجاه القومية المسيحية سواء في ملفات فرعية أو في التوجيه الكلي للسياسة، تعد مسألة "دولة الاحتلال" و"معركة هرمجدون" مسألة شديدة الأهمية بالنسبة لها، فكل الحركات القومية المسيحية تريد بناء الجنة المسيحية ومملكة الرب على الأرض واعتقادهم الديني يشترط أنه ليتم ذلك ينبغي ترسيخ وضع دولة الاحتلال وسيطرتها على الأراضي العربية الموعودة بها بحسب اعتقادهم الديني، لذلك فإن ضمان الدعم التام لدولة الاحتلال الإسرائيلي من قبل الولايات المتحدة الأميركية هدف أساسي لكل تلك الجماعات. حركة الإصلاح الرسولي الجديد وإذا ما ذُكرت فكرة "ولاية الجبال السبعة" وهي فكرة مؤسسة في القومية المسيحية، فإن حركة الإصلاح الرسولي الجديد المسيحية البروتستانتية ينبغي أن تُذكر، وهي الحركة التي تؤمن بأن دونالد ترامب جندي عينه الرب لمحاربة قوى الشيطان والإلحاد داخل الولايات المتحدة وأن الله هو من أنقذه في محاولة اغتياله، وتسعى تلك الحركة لإعادة بناء المجتمع والسياسة الأميركية بحسب اللاهوت والمعتقدات المسيحية لتصير العقيدة المسيحية هي المهيمنة على البلاد، وبحسب منصة ذا كونفيرسيشن الصحافية والبحثية الأميركية فإن ثلاثة ملايين أميركي يرتادون كنائس تلك الحركة وربما يزيد العدد على ذلك. ولدت هذه الحركة في تسعينيات القرن الماضي على أساس عقيدة تقول بأن الله لا يزال يرسل أنبياء وجنودا معاصرين يصححون مسار المجتمع الأميركي، ومن هنا يمكن فهم رمزية دونالد ترامب بالنسبة للحركة، وبحسب ذا كونفيرسيشن فإن هذه الحركة تؤمن بأن السلطة الثقافية والسياسية بالولايات المتحدة ينبغي أن تكون في أيدي القادة الدينيين المسيحيين، ومن ثم يتم حكم الولايات المتحدة من خلال النصوص المقدسة في نظرهم ومن خلال التوجيه الإلهي والوحي الذي يبعث به الله للقادة الدينيين. جدير بالذكر هنا أن مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأميركي الذي ذكرناه في بداية التقرير وصمويل أليتو قاضي المحكمة العليا قد ظهرا وهما يرفعان شعار الحركة "النداء إلى السماء"، وبحسب صحيفة بوليتيكو الأميركية فإن حركة الإصلاح الرسولي مناصرة بشدة بالطبع لأفكار المسيحية الصهيونية. مؤسسة زيكلاغ وربما تكون المجموعة الثالثة التي يمكن الإشارة إليها في إطار رسم خريطة أبرز الحركات القومية المسيحية هي مجموعة زيكلاغ، وهي مؤسسة مسجلة رسميًّا باعتبارها مؤسسة خيرية ومن ثم فهي معفاة من الضرائب ولا تلتزم علنًا بالإفصاح عن مموليها وتعد تبرعاتها معفاة من الضرائب بموجب القانون. ولكن الجهة المانحة لهذه المؤسسة الخيرية تضم أغنى العائلات المسيحية المتدينة في الولايات المتحدة الأميركية بحسب منصة الصحافة الاستقصائية الأميركية "بروبوبليكا"، ومن ضمنهم عائلة أويهلين التي تتاجر في لوازم المكاتب، وعائلة والر التي تملك شركة "جوكي للملابس"، وتضم المجموعة 125 عضوًا كلهم أثرياء مسيحيون من المديرين التنفيذيين والقساوسة والإعلاميين المشهورين، علما بأن المجموعة تقصر الانضمام إليها على المدعوين فقط الذين لا تقل ثروتهم بحال عن 25 مليون دولار. بحسب تحقيق بروبوبليكا الذي حصل على الآلاف من رسائل مجموعة زيكلاغ الإلكترونية والمقاطع المرئية المصنوعة لأغراض داخلية إضافة إلى عروض جمع التبرعات التي تقدم للأعضاء حصرًا، ومجموعة من الوثائق الإستراتيجية للمجموعة، فإن الهدف الطويل المدى لزيكلاغ هو محاولة السيطرة المسيحية على المجالات الرئيسية للنفوذ في المجتمع الأميركي، بمعنى السيطرة على الجبال السبعة، وتنصيب مسيحيين متدينين في مراكز القيادة بالولايات المتحدة الأميركية بحيث يتم إعادة تشكيل كل جبل من الجبال السبعة من جديد على نحو يرضي الرب. جدير بالذكر أن تمويل زيكلاغ تستفيد منه بشكل خاص المنظمة الشبابية السابقة الذكر "نقطة تحول الولايات المتحدة" التي تؤدي دورًا كبيرًا على المستوى الثقافي في الولايات المتحدة من ناحية تهيئة المناخ للسيطرة على الجبال السبعة، كما أنه بالرغم من كون مجموعة زيكلاغ مؤسسة خيرية معفاة من الضرائب لا يُسمح لها قانونًا بأي شكل مباشر أو غير مباشر بأن تلعب في الساحة السياسية، فإنها وفق تحقيق بروبوليكا أدّت دورًا كبيرًا حركيًّا وماليًّا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح حملة الرئيس الحالي دونالد ترامب. وبحسب تحقيق بروبوبليكا أيضًا فإن القوة الدافعة وراء جهود مجموعة زيكلاغ هي المبشر المسيحي لانس والناو الذي يعيش بولاية تكساس ويعرف نفسه صراحة بأنه "قومي مسيحي"، وهذا الواعظ لا يكاد مقال أو ورقة بحثية عن القومية المسيحية تخلو من الإشارة إليه، لأنه يعد من أكثر الشخصيات تأثيرًا فيما يسمى بتيار القومية المسيحية، وهو بحسب تعبير بروبوبليكا الجسر الرابط بين تيار القومية المسيحية وبين إدارة دونالد ترامب. إن التحولات العميقة التي تشهدها الولايات المتحدة لا يمكن فهمها دون التطرق إلى الدور الذي تؤديه القومية المسيحية. فهي ليست أيديولوجيا دينية فحسب، بل مشروع سياسي واجتماعي متكامل، يسعى إلى فرض نظام قيمي وديني عادة ما حاربت أمثاله الولايات المتحدة ومؤسساتها خارج حدودها. وإذا كان من السهل رصد آثار الإسلام السياسي في العالم العربي من خلال الحركات والأحزاب، فإن القومية المسيحية في أميركا تحتاج إلى أدوات بحثية أكثر حساسية، لأنها تتحرك من داخل مؤسسات المجتمع نفسه، وتستغل الثغرات القانونية والدستورية، وتستند إلى سرديات دينية عميقة الجذور في الوعي الجماعي الأميركي. ومع فشل الليبراليين الأميركيين والعلمانيين في مواجهة الشعب بخطاب جامع، وبسياسات تضمن فصل الدين عن الدولة دون إقصاء ديني، فإن الولايات المتحدة قد تكون على أعتاب تحول لا يهدد فقط الأقليات، أو التعددية الدينية في البلاد التي تفتخر بكونها بوتقة للجميع، بل تحول من شأنه أن يقوض أسس الجمهورية نفسها.


الجزيرة
منذ 27 دقائق
- الجزيرة
"أحفاد صلاح الدين".. حملة كردية غير مسبوقة لإغاثة غزة
أربيل- في وقت تخنق فيه غزة تحت وطأة التجويع والحصار ودوامة القصف المتواصل، انطلقت في إقليم كردستان العراق واحدة من أوسع حملات التبرع الشعبية لمساندة الشعب الفلسطيني بالقطاع الفلسطيني نقلتها الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي. وتولّت منظمات خيرية محلية، بينها "بخشین" و"بختوري" و"الرابطة الإسلامية" تنسيق جهود جمع التبرعات وتحويلها إلى دعم حقيقي على الأرض. فقبل تشديد الحصار في مارس/آذار الماضي، نجحت هذه الجمعيات في إرسال طرود غذائية ودوائية عبر مؤسسات وسيطة في المناطق الحدودية، وهي تقدم الدعم اليوم عبر الحوالات المالية بالتنسيق مع جمعيات إنسانية داخل القطاع. وفي أربيل، يقول حاجي كاروان رئيس منظمة "بختوري" الخيرية التي جمعت نحو 6 ملايين دولار منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة -للجزيرة نت- إن حجم التفاعل الشعبي فاق كل التوقعات، سواء في قيمة التبرعات أو تنوع مصادرها. مساهمات متنوعة ويشير كاروان إلى أن المساهمات جاءت من مختلف فئات المجتمع: فقد تبرع فلاحون بعائدات محاصيلهم، وباع شباب سياراتهم، وسجناء شاركوا بما لديهم، كما قدم البعض أقل من دولار واحد مقابل متبرع واحد قدم مئة ألف دولار، وأرملة تبرعت بخاتم زوجها المتوفى، في مشاهد إنسانية بالغة التأثير. ويضيف أن التبرعات اليومية -التي تصل أحيانا إلى 30 ألف دولار- مكّنت المنظمة من تنفيذ مشاريع إيواء وتوزيع وجبات غذائية في غزة، بينها إنشاء مخيمين للنازحين باسم "أحفاد صلاح الدين" يضم أحدهما أكثر من 250 خيمة، إضافة إلى مساجد مؤقتة وشبكات مياه بالتعاون مع بلدية غزة. أما المتبرع حاجي محمد خوشناو، فيوضح للجزيرة نت أن شعوره بالمسؤولية الأخلاقية أمام المأساة الإنسانية في غزة كان دافعه الأول للتبرع، مؤكدا أن التفاعل الشعبي جاء بدافع الضمير لا السياسة. تجارب سابقة ويضيف خوشناو أن تضامن الكرد مع غزة يتجاوز الدين إلى مشاعر إنسانية مرتبطة بتجاربهم السابقة مع الحصار والاضطهاد. وردا على انتقادات بعض الأصوات التي طالبت بتوجيه الأموال لفقراء كردستان أولا، يقول خوشناو إن التضامن مع غزة لا يتعارض مع دعم الداخل، مشيرا إلى أن هذه الحملة جمعت مكونات المجتمع الكردي على موقف موحد، مما شجعه على المساهمة. ومن جانبه، أفاد رحيم حاجي خضر، أحد وجهاء عشيرة نورديني -للجزيرة نت- بأن العشيرة جمعت نحو 100 مليون دينار عراقي (الدولار الأميركي يساوي 1405 دنانير). ويقول إن مشاهد القصف والمعاناة حرّكت ضمائر الناس، مؤكدا أن التبرعات نابعة من قناعة داخلية وليست استعراضا إعلاميا، وأن واجبهم الأخلاقي يحتم عليهم الوقوف مع أي مظلوم، خصوصا من لا يجد قوت يومه. تفاعل واسع وشهدت محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة تفاعلا واسعا، خصوصا بين الشباب وطلبة الجامعات الذين نظموا حملات مستقلة وأخرى بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، كما شاركت المساجد في إطلاق مبادرات تبرع عقب صلاة الجمعة ركزت على الدعم النقدي. ويؤكد الدكتور محمد شيخ لطيف، مسؤول العلاقات في منظمة "بهخشین" -للجزيرة نت- أن الحملة استقطبت مختلف شرائح المجتمع، حتى الأطفال والمرضى والفقراء، وبعضهم تبرع بممتلكاته الشخصية، في مشاهد إنسانية مؤثرة. ورغم هذه الجهود، يتفق القائمون على الحملات أن الكارثة الإنسانية في غزة تتجاوز إمكانيات الأفراد والمنظمات. ويقول شيخ لطيف "نحاول توفير وجبة يوميا لبعض الأسر حتى لا يموتوا جوعا، لكن المجاعة في غزة أعمق وأخطر، ولا يمكن إنهاؤها بالمبادرات الفردية فقط. وهناك حاجة ملحة لتدخل الدول الإسلامية والمجتمع الدولي قبل أن تكون العواقب كارثية". ويشير كاروان إلى أن منظمته توثق كل عملية تحويل بالأرقام والفيديوهات وتنشر تقارير دورية على منصات التواصل لضمان الشفافية ، لكنه يقر بصعوبة التحديات في ظل القصف المستمر ونقص الموارد لدى الشركاء المحليين. ويرى مراقبون أن هذه المبادرات، التي جمعت بين التبرعات الفردية والحملات العشائرية والمواقف الوجدانية، تعكس نزعة إنسانية تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، وتؤكد قدرة المجتمعات المحلية على إحداث فارق حين تتحرك بدافع الضمير والمسؤولية الأخلاقية تجاه قضايا الأمة الإسلامية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
مقال بواشنطن بوست: حتى المدافعون عن إسرائيل بدؤوا أخيرا الاعتراف بالحقيقة
تناول الباحث والكاتب شادي حامد، في مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست، التحولات المتسارعة في الخطاب الغربي -بما في ذلك داخل التيار المحافظ الأميركي- تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، مع التركيز على أن الاعترافات المتأخرة من بعض أبرز المدافعين عن إسرائيل تمثل لحظة فارقة في مسار الرأي العام الدولي. وقال أيضا إن هناك شيئا ما يتغير، فقد بلغ الضغط الدولي على إسرائيل ذروته الجديدة، في وقت صدمت فيه صور الأطفال الفلسطينيين الجائعين ضمائر حتى أولئك الذين دافعوا عن إسرائيل طويلا، بما في ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب. السردية الإسرائيلية تتراجع وأضاف الكاتب أن ترامب رفض تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أنكر وجود هذه المجاعة ، مُقرّا بأن ما يراه في الصور "مجاعة حقيقية لا يمكن تزويرها"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستعمل مع الأوروبيين لتأسيس مراكز لتوزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة. والأهم من ذلك، بحسب حامد، هو ظهور بوادر تحوّل في مواقف التيار اليميني المتشدد في أميركا. فالنائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين كانت أول من وصف ما يجري في غزة بـ" الإبادة الجماعية" في حين أشار ستيف بانون، المستشار السابق لترامب، إلى تراجع دعم إسرائيل حتى داخل حركة ماغا ، خاصة بين من هم دون الثلاثين من العمر. وتشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن 50% من الجمهوريين الشباب باتوا يحملون نظرة سلبية تجاه إسرائيل، مقارنة بنسبة 35% عام 2022. واعتبر الباحث أن الأولوية الآن يجب أن تكون منع المزيد من المعاناة، وأن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء حرب أودت بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني. وقال إن العالم بدأ يستفيق على الحقيقة، فحتى بعض أشد المدافعين عن إسرائيل -مثل الصحفيين هافيف ريتغ غور وأميت سيغال- بدؤوا يعترفون بوجود "أزمة جوع حقيقية" في غزة، وهو ما يمثل انكسارا للسردية الإسرائيلية التي طالما أنكرت ذلك. اعترافات متأخرة لكن ضرورية لكن كاتب المقال يرى أن هذه الاعترافات المتأخرة لا تعفي أصحابها من المسؤولية الأخلاقية، معربا عن تفهمه لامتعاض الفلسطينيين وداعميهم من هؤلاء المنتقدين الجدد الذين لم يتحدثوا إلا بعد أن فات الأوان بالنسبة لآلاف الضحايا. إعلان ومع ذلك، يدعو الباحث حركة التضامن مع فلسطين إلى أن تكون "خيمة واسعة" ترحب بأي شخص يعيد النظر في مواقفه السابقة على ضوء الوقائع، حتى وإن جاء من معسكر كان صامتا أو مشاركا في السابق. ويشير المقال إلى أن استمرار الحرب لم يعد لها أي مبرر إستراتيجي سوى مصلحة نتنياهو السياسية الضيقة، معتبرا أن التوظيف السياسي للحرب هو الذي أفضى إلى تدمير غير ضروري ومعاناة إنسانية هائلة. وخلص المقال إلى أن مفتاح وقف الحرب لا يزال في قبضة واشنطن التي تملك وحدها النفوذ الكفيل بتغيير سلوك إسرائيل، رغم أن الإدارات الأميركية المتعاقبة اختارت مرارا عدم استخدام هذا النفوذ. وأعرب الكاتب عن قلقه من أن الأمل الوحيد الآن قد يكون في "نزعة ترامب العاطفية وغير المتوقعة" مما يضع دعاة السلام في موقف غير مريح، لكنهم مجبرون على التعامل مع الواقع كما هو. ويؤكد أن العدالة لا تتحقق من تلقاء نفسها، بل تتطلب جهدا مستمرا وشجاعة في قبول التغيير، قائلا إذا كان ترامب، بالذات، هو من يمكنه إنهاء هذه الحرب "فعلينا أن نبتلع كبرياءنا، ونكبح شكوكنا، وندعو أن تتحول ردة فعله العاطفية تجاه الأطفال الجائعين إلى شيء أكثر من مجرد كلمات".