إعلام إسرائيلي: حزب الله يجهز نفسه للقتال
لا تزال الأسئلة المرتبطة بواقع "حزب الله" أمام استمرار الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، واحتمالات تدخل الحزب في الصراع الإقليمي، محور متابعة لدى الإعلام الإسرائيلي، على الرغم من أنّ المواقف والبيانات الصادرة عن "حزب الله"، ومعها موقف نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، لم تفد بأي عمل وشيك ضد إسرائيل. وآخر التصريحات ما صدر أمس عن عضو المجلس السياسي في "حزب الله"، محمود قماطي، الذي أكد أنّ "الحزب ملتزم بالبيان الذي أصدره"، مشيراً إلى أن "ما أعلنته إسرائيل عن رصدها تحركات استعدادات حزب الله للتدخل، مجرد ذرائع كاذبة لتبرير عدوانها المستمر على لبنان".
قماطي شدد كذلك على تعاون "الحزب مع الدولة لمنع أي أحد من تخريب الوضع اللبناني والتوافق اللبناني، سواء على الحدود أو على أي صعيد"، معتبراً أن "إيران قوية ومتماسكة إلى حد كبير، ولا تحتاج إلى دعم أو مساندة عسكرية من أحد، لكن الدعم السياسي والشعبي والإعلامي من كل المنطقة في مواجهة إسرائيل مطلوب".
استعداد "حزب الله"؟
تأكيدات "حزب الله" تقابلها تقارير إسرائيلية تفيد بأنّ الحزب يجهز نفسه للقتال ضد إسرائيل في ظل الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل منذ أقلّ من أسبوع. وهو ما أشار إليه موقع "JCPA" الإسرائيلي في أحدث تقرير صادر عنه.
يزعم التقرير، نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية، قولها إن "حزب الله ينتظر ضوءاً أخضر من طهران قبل تفعيل الجبهة الشمالية على نطاق واسع"، مضيفة أن "التراجع عن ذلك سيكون صعباً للغاية".
وبحسب التقرير، فإن "الحزب، في حال طلبت منه طهران الانضمام إلى المعركة، فسيقوم بذلك".
يستعين المقال بحديث للمسؤول السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، جاك نيربا، الذي يشير إلى أن "حزب الله يواصل استعداداته، بما في ذلك إعداد بنك أهداف، في حال طلبت طهران مشاركته. لم يحدث ذلك بعد، لكنه قد يحدث، وقد يعني تصعيداً على جبهات متعددة".
يربط التقرير كذلك تأخير تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان، الذي كان من المفترض أن يبدأ في 15 حزيران الجاري، مشيراً إلى أن هذا الأمر يزيد من حدّة التوتر على الحدود الشمالية.
سيناريوهات خطيرة
والجدير ذكره أن تقارير إسرائيلية تحدثت قبل أيام عن بدء الجيش الإسرائيلي بتجنيد المزيد من قوات الاحتياط، وتم نشرها على طول الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا. كما أشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن الجيش يستعد لاحتمالات التصعيد مجدداً في الشمال.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق استدعاء الفرقة 146 الاحتياطية، إلى جانب لواءَي الاحتياط "القبضة الحديدية" و"عتصيوني"، للعمل كقوات دعم احتياطية في "سيناريوهات مختلفة" على الحدود الشمالية.
ويعلّق نيربا على هذه الإجراءات في تقرير الموقع الإسرائيلي بالقول: "تعزيز إسرائيل للجبهة بلواءين ليس خطوة روتينية، بل بمثابة استعدادٍ لسيناريوهات أخطر بكثير".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
حرب إسرائيل على إيران تعبث بالمنطقة... أخطار على لبنان و"حزب الله" مقيّد؟
بدأت الحرب الإسرئيلية- الإيرانية تتخذ أبعاداً أخرى وتنذر بمواجهة مفتوحة في المنطقة. فقبل أكثر من سنة، لم يكن بمقدور إسرائيل تنفيذ ضربات مثل هجومها الذي طال كل البنية الإيرانية وعصب النظام. ذلك أن إيران عند طوفان الأقصى كانت لديها مساحات سيطرة وأذرع وتقود محورا يمكنه إشغال إسرائيل والقتال ضدها، وهي تضع سيناريواتها المتقدمة دفاعاً عن برنامجها النووي. اليوم ومع الحرب الإسرائيلية تقاتل إيران بعدما وصل الأمر إلى بيتها، إذ بات النظام نفسه مهدداً ويدافع عن وجوده. كانت إيران تقود محوراً يمتد من فلسطين ولبنان إلى سوريا والعراق واليمن، لكن بعد 7 تشرين الثاني 2023 انقلبت الأمور مع التدمير الإسرائيلي لغزة وضرب حركة حماس، فيما شنت إسرائيل حرباً على لبنان بعد معركة الإسناد التي خاضها "حزب الله" طوال سنة انتهت بضرب بنيته العسكرية واغتيال قيادته. وبعد سقوط النظام السوري لم يعد لطهران أي قدرة على القتال بالواسطة، وها هي اليوم أمام مواجهة مباشرة مع إسرائيل المنفلته للسيطرة على المنطقة والتي حظيت بتغطية أميركية ودعم لم تنفه الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن إيران باتت اليوم داخل العاصفة بعدما أصرّت طويلاً على الإمساك بعواصم عربية ودفع أذرعها الى مغامرات انتهت بتفكيك مجتمعاتها. باتت الحرب مفتوحة على مزيد من الضربات، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في غياب الطرف القادر على إطفاء الحريق، خصوصاً بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه لإسرائيل، لإلزام إيران بالاستسلام لكل الشروط، إذ لا يمكن التكهن بأي سيناريو سينهي المواجهة التي تهدد المنطقة، فهدف إسرائيل إسقاط النظام الإيراني، وهو إذا تحقق يمكن أن يُدخل إيران والمنطقة كلها في حالة من الفوضى. تتعرض إيران لضربات كبيرة وهي إذ ترد بإطلاق الصواريخ البالستية، تفتقد لمساندة أي دولة أو حلفاء، فإسرائيل التي نجحت بدعم أميركي في تفكيك محور "الممانعة" تسعى ضمن خطتها للسيطرة على المنطقة أو أقله لتكون لها اليد الطولى في تقرير مصيرها، فضربت كل المسارات، وهو ما ظهر بإلغاء جولة المفاوضات الأميركية الإيرانية في عُمان، وتأجيل مؤتمر نيويورك لحل الدولتين. وتأتي الحرب الإسرائيلية على إيران بعد إضعاف حلفائها، وقد تلقى مصير نظام صدام حسين قبل أكثر من 20 عاماً، فهي حاربت بأذرعها في المنطقة خصوصاً "حزب الله" الطرف الذي كان يشكل القوة الضاربة، لكنه اليوم يعاني ولا يستطيع القيام بأي خطوة بعدما ضعفت بنيته، خصوصاً أن إيران لم تتدخل في الحرب التي شنتها إسرائيل ولم تساند لا حماس في غزة ولا حزب الله في لبنان. اليوم وصلت الحرب إلى الداخل الإيراني، بما يعني أن إسرائيل وأميركا أنهيا دور إيران في المنطقة، وجرى تحجيم نفوذها، لكن ذلك لا يعني أن لا أخطار على لبنان في ظل الاندفاعة الإسرائيلية التي يمكن أن تكون وضعت "حزب الله" ضمن خانة التصفية، وقد تندفع إسرائيل في حال نجحت خطتها في إيران، إلى وضع مزيد من الشروط والضغوط على لبنان والدفع به ليس لنزع سلاح الحزب فقط بل لفرض واقع جديد في لبنان. وإلى الآن لا يزال الحزب على رهاناته في إمكان تغيير المعادلات، وهو ما يوفر الذرائع لإسرائيل لاستكمال خطتها ضد لبنان. ورغم كل تداعيات الحرب، لا يزال النقاش في السلاح يتجاوز الأخطار التي تحدق بلبنان، فيما المعلومات تتحدث عن زيادة الضغوط الدولية والأميركية لدفع "حزب الله" لتسليم سلاحه. وتطرح مخاوف من أنه إذا توسعت الحرب قد ينخرط "الحزب" في عمليات ضمن المحور، وهو احتمال قائم طالما أنه لم يستنتج الدروس من القرار الكارثي التي اتخذه بجر لبنان إلى حرب الإسناد. فيما إسرائيل تروج أنه يسعى لإعادة تنظيم بنيته لاستخدام الطائرات المسيّرة بدل الصواريخ. فإذا كانت المرحلة اليوم خطيرة والحرب مفتوحة على مصراعيها، لا بد للبنان أن يقف على مسافة ليحمي نفسه وينقذ البلد في مرحلة المتغيّرات الصعبة.


لبنان اليوم
منذ 2 ساعات
- لبنان اليوم
السفير الإسرائيلي في واشنطن يوضح: لا 'مفاجآت' عسكرية جديدة ضد إيران؟
أثار السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، جدلاً واسعًا بعد تصريحاتٍ سابقة تحدّث فيها عن 'مفاجآت ليلة الخميس والجمعة'، ما فسّره البعض على أنه تهديد بعمليات عسكرية وشيكة ضد إيران. إلا أنّ لايتر أوضح في منشور نشره على منصة 'إكس' اليوم الأربعاء، أن تصريحاته أُسيء فهمها، مؤكدًا أنها لم تكن 'تهديدًا بعمليات مستقبلية'، بل إشارة إلى التطورات التي حدثت فعليًا خلال العملية الأخيرة. وقال لايتر: 'المفاجآت التي تحدّثت عنها هي تلك التي تحققت بالفعل في بداية العملية. وعندما تهدأ الأمور، ستتضح هذه المفاجآت بشكل أكبر.' كما أشار إلى أن عبارته السابقة — 'عندما تهدأ الأمور، سترون مفاجآت ليلة الخميس والجمعة التي ستجعل عملية أجهزة البيجر (ضد حزب الله في لبنان) تبدو بسيطة' — كانت توصيفًا لواقع ميداني قائم، لا نية لعمل عسكري جديد، وفق قوله. خلفية العملية تجدر الإشارة إلى أن عملية 'أجهزة البيجر' التي نُفذت في لبنان خلال أيلول الماضي، استهدفت بنية الاتصالات التي يستخدمها عناصر حزب الله، وكان لها وقع كبير في الأوساط الإسرائيلية واللبنانية.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
بين حلم بن غوريون وثورة الخميني
في زمانه أطلق مؤسس دولة الاحتلال الاسرائيلي، دافيد بن غوريون، مقولته الخبيثة: "عظمة إسرائيل تكمن في انهيار دول ثلاث، مصر والعراق وسوريا"، وتُروى بصيغة مختلفة وفي مواضع أخرى "إن قوتنا ليست بالسلاح النووي بل قوتنا بتدمير ثلاث دول عربية كبيرة من حولنا وهي مصر وسورية العراق... وتحويلها إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بل بقدر ما يعتمد على غباء وجهل الطرف الثاني". وفي العام 1979، عقب الثورة الإسلامية في إيران، عمل نظام روح الله الخميني على ما يعرف بـ"تصدير الثورة" وشعار "طريق القدس" و"يا قدس إننا قادمون". والحال أن السرديات والوقائع تجيب على ما آلت اليه أحلام بن غوريون، وثورة الخميني، وتظهر إنهما النقيضان والعدوان اللذان يلتقيان، أو أن مشاريعهما تحقق جانباً من الهدف ذاته، وإن اختلفت النوايا الأيديولوجية والدينية. والسؤال: كيف تحقّقت أحلام بن غوريون التوراتية، وماذا أنتجت ثورة الخميني؟ للإجابة على سؤال أحلام بن غوريون، ربما علينا أن نبدأ الكلام من مصر، صاحبة الدور المتقدّم في الشرق الأوسط، التي فقدت عزيمتها ودورها الإقليمي بعد هزيمة 1967 وأيقنت أنها تحارب أميركا وليس إسرائيل خلال حرب تشرين 1973، بحسب ما قال أنور السادات، لذا ذهب إلى اتفاقية كامب ديفيد العام 1978، فربح سيناء وخسر مصر بمعنى من المعاني، وأصبحت "أم الدنيا" أسيرة الرغيف والمساعدات الاقتصادية الأميركية، ولم يطُل الوقت بعد كامب ديفيد، حتى سقط شاه إيران في 1979. والزعمُ بأن الأدوار المرسومة في المخيلة الغربية لمجيء الخميني إلى السلطة بعد سقوط الشاه، من محاربة الشيوعية وتحديداً حزب تودة، إلى زعزعة القومية العربية التي تعتبر فلسطين قضيتها المركزية، وجوانب أخرى من الأدوار المرسومة المزعومة والمتخيلة، ذهب على نقيض تمنيات بعض العواصم الغربية. فإسرائيل وإيران كانتا حليفتين في مطلع خمسينيات القرن الماضي، إبان حكم آخر شاه إيران محمد رضا بهلوي، غير أن هذه العلاقة انهارت فجأة مع اندلاع الثورة الإسلامية، ومع مجيء الخميني الذي رفع شعار تحرير القدس وعمل على "تصدير الثورة". ولما كان العراق نقطة الانطلاق لتصدير الثورة الخمينية بسبب العوامل الطائفية والدينية والامتداد الجغرافي والمقدسات وتداعيات الاستبداد، دخل عراق صدام حسين في حرب طويلة مع ايران، جعلت المنظّر الأميركي هنري كيسنجر يقول: "هذه أول حرب في التاريخ أتمنى ألا يخرج بعدها منتصر، وإنما أن يخرج طرفاها وكلاهما مهزوم!". كان الهدف المرسوم للحرب الطويلة، بيع السلاح. في 7 حزيران1981، قصف سرب طائرات إسرائيلية، مفاعل "تموز" النووي في العراق ودمّره. ومع أن الخميني رفع شعارات تحرير القدس فلسطين ورمي إسرائيل في البحر، فخلال الحرب العراقية الايرانية، مدّت إسرائيل إيران بالسلاح والذخيرة لا لأنها رأت أن العراق يمثل خطرًا، بل لأنها كانت ترى الخطر في "القومية العربية"،. وتجلى التعاون بين بين الشيطانين الأصغر والأكبر في ما عُرف بـ"إيران غيت" وأيضاً باسم "إيران كونترا"، وينسب اسمها إلى صفقة سرية حيث باعت إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان خلال فترة ولايته الثانية، أسلحة لإيران، بوساطة إسرائيلية، على الرغم من قرار حظر بيع الأسلحة إلى طهران وتصنيف الإدارة الأميركية لها "عدوة لأميركا" و"راعية للإرهاب". وفي المقابل، استخدمت واشنطن أموال الصفقة وأرباحها في تمويل سري لحركة معارضة الثورة المعروفة بـ"الكونترا" التي حاربت لإطاحة الحكومة اليسارية وحزب "ساندينيستا" الذي كان يحكم نيكاراغوا. وفي العام 1985، أُعلن تأسيس حزب الله في لبنان، وكانت نشاطاته انطلقت منذ العام 1982 تحت اسم "منظمة الجهاد الاسلامي". في 20 تموز 1988، أعلن روح الله خميني القبول بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 598، الصادر في اليوم نفسه من العام السابق، وقد وصف خميني القبول بقرار وقف الحرب بـ"تجرّع كأس السم". تداعيات حرب الخليج الأولى دفعت الديكتاتور العراقي صدام حسين إلى غزو الكويت في 2 آب 1990، والتي أنتجت حرب الخليج الثانية والتحالف الدولي والسكود الصدّامي على إسرائيل والحصار وتدمير القدرات العراقية. حصل ذلك بمشاركة النظام السوري الأسدي بطريقة أو بأخرى، وتقاضى حافظ الأسد ثمنها، إذ سُمح له بالسيطرة الكاملة على لبنان من خلال إطاحة ميشال عون والانتشار في المناطق الشرقية المسيحية. وإذ حُلّت الميليشيات اللبنانية المسلحة بعد الحرب الأهلية اللبنانية، ترك النظام السوري حزب الله يتسلّح ويسرح ويمرح بحجة تحرير الجنوب ومقاومة إسرائيل ووحدة المسار والمصير مع سوريا. وتحول الحزب مع الوقت إلى دولة رديفة بل أقوى من الدولة، فيما كانت المفاوضات بين العرب وإسرائيل على قدم وساق، وبمشاركة أكثر من طرف، وكان هناك تيار يسعى إلى السلام وآخر يرفض وينفذ العمليات الانتحارية. واغتال التطرف اليهودي إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل، في 4 تشرين الثاني 1995... عوامل إقليمية كثيرة أنتجت التطرف الديني الإسلامي واليهودي، ومهدت لصعود نتنياهو ونظرياته الحربية، وفي المقابل كان الخط الموالي لإيران يتصاعد من "حماس" و"الجهاد" إلى "حزب الله". في العام 2000، تحرّر الجنوب اللبناني وصعد نجم حسن نصرالله، ورحل حافظ الأسد وورثه ابنه بشار. في العام 2001 كانت غزوة 11 أيلول التي وترت العلاقة بين الولايات المتحدة والإسلام السنّي، فعدا غزو أفغانستان حيث تمركز أسامة بن لادن ورهطه، كان الانتقام من العراق العام 2003 بزعم امتلاكه أسلحة محظورة، وفكك الجيشَ العراقي، بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي سابقاً، وتحقق الفصل الثاني من حلم بن غوريون أي تدمير العراق، بل أكثر من ذلك، تسليمه لإيران عبر تمدّد الميليشيات والفصائل التابعة لها، وبدأت نظريات "الشرق الأوسط الجديد" و"الفوضى الخلاقة" والمحافظون الجدد في أميركا. في 2004 توفي أو قُتل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، ودخلت القضية الفلسطينية مرحلةً جديدة من الصراع. في 2005 اغتيل الزعيم اللبناني رفيق الحريري، ودخل لبنان بدوره في مجهول جديد، وفي هذه المرحلة كان محور إيران يتصاعد ويأخذ مجده في ما سُمّي "الهلال الشيعي". وفي 2006، شهد لبنان "حرب تموز" التي أعطت حزب الله بُعداً إقليمياً وإيديولوجياً إضافياً، ووجد بعض القوميين في نصرالله بطلاً جديداً، وبدأ وهج السلاح الرديف والتابع لإيران يتمدد، من لبنان الى فلسطين واليمن والعراق. في 2011، بدأت موجات "الربيع العربي"، ودخل حزب الله في الحرب السورية في خطوة سببت أزمة طائفية. وفي حقبة الرئيس الأميركي الأسبق باراك حسين أوباما، توترت علاقته ببعض الأنظمة العربية إذ غض النظر عن تغلغل الإيرانيين في سوريا، بل غض النظر عن اجرام بشار الأسد. وفي 2014 خُلقت نظرية أوبامية تقول إن الوقت آنذاك لمحاربة الإرهاب وليس لتنحي الأسد، وكانت النتيجة في الميدان تدمير دور سوريا المركزي وتحقق الفصل الثالث من حلم بن غوريون، وظهرت تصريحات إيرانية تتحدّث عن الطريق المفتوح من إيران إلى العراق إلى حلب إلى مياه المتوسط في لبنان، والسيطرة على عواصم عربية في إطار تصدير الثورة الخمينية، وزرع دول بديلة عن الدولة، من حزب الله في لبنان، إلى الحوثي في اليمن، إلى الحشد الشعبي في العراق، إلى حماس في فلسطين، إلى الميليشيات والألوية الزينبية والفاطمية في سوريا، على وقع مفاوضات الملف النووي... إلى أن كان يحيى السنوار وطوفان 7 أكتوبر 2023 في غزة، الذي أنتج طوفانات أخرى، فاستدعى "حرب الإسناد" في لبنان، وأطاح قيادات حزب الله وعلى رأسهم عمود المحور حسن نصرالله ولسانه الطليق، واغتيل زعيم حماس إسماعيل هنية في قلب إيران. الجموح الإسرائيلي هنا دفع نتنياهو للحديث أيضاً عن شرق أوسط جديد وحروب جديدة، واغتيال نصرالله وتصدع حزب الله مهّدا لسقوط نظام بشار الأسد في أقل من أسبوعين، وما لم تدمّره براميل الأسد المتفجرة، دمّرته الطائرات الإسرائيلية، إذ قصفت ما تبقى من عتاد وقدرات عسكرية سورية بعد سيطرة أحمد الشرع على السلطة وهروب الاسد... وكانت إسرائيل وإيران قد تبادلتا الضربات المباشرة للمرة الألى في نيسان 2024، عندما شنّت إيران هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل. جاء الهجوم الإيراني رداً على ضربة جوية قبلها بأسبوعين استهدفت مباني دبلوماسية إيرانية في دمشق. ونُسبت هذه الضربة إلى إسرائيل، رغم أنها لم تعترف بتنفيذها. ودُحضت نظرية بعض المحللين عن أن "اليهود والفرس لا يتحاربون". ولم تكن صواريخ نيسان 2024 إلا بروفة لحرب مباشرة من دون أذرع أو قفازات، وكثر من المحللين اعتبروا أن سقوط سوريا سيمهد لوصول إسرائيل إلى إيران، على الرغم من المحاولة الحثيثة في تشغيل الجبهة اليمنية الحوثية، وإطلاق الصواريخ الباليستية. وبالتالي، انتهت عقود من الضخ الإعلامي والحروب على أراضي الآخرين وبالآخرين، بالمواجهة المباشرة والفتاكة بين مشروع الخميني ومشروع بن غوريون، أو بين عدوين كل منهما يسعى أن يكون الشرق الأوسط على صورته.