بعد حملة جماهيرية واعتراض "قيصر"...إيقاف تصوير مسلسل "قيصر"
أصدرت اللجنة الوطنية للدراما في سوريا، اليوم الخميس، بياناً أعلنت فيه إيقاف تصوير مسلسل "قيصر" مؤقتاً، حتى يتم تغيير عنوانه وإعادة النظر في المشاركين فيه. وذلك بعد حملة رفض واسعة لإنتاج المسلسل فيما جراح ضحايا سجن صيدنايا وأهلهم ما زالت مفتوحة، ولم تتحقق العدالة تجاه جلاديه وثمة بين المعتقلين مَن لم يُعرف مصيره بعد، إضافة إلى مشاركة ممثلين كانوا محسوبين على نظام الأسد البائد، ورفض الضابط المنشق فريد المذهان المعروف بـ"قيصر" للمسلسل والذي أكد أنه لم يعط موافقته عليه محملاً المسؤوليه مسبقاً لمنتجيه.
وجاء في بيان اللجنة الوطنية للدراما:
"بعد الجدل الذي أثير حول مسلسل قيصر ومشاركة بعض الشخصيات فيه، وما تبعه من رفض واسع من قبل الشارع السوري، وانطلاقًا من التزامنا برأي شعبنا الكريم واحترام تطلعاته، فقد تقرر إيقاف تصوير المسلسل مؤقتًا حتى يتم تغيير اسمه وإعادة النظر في قائمة المشاركين فيه. ونؤكد بأن المحتوى الدرامي للعمل لا يتناول قضية قيصر المعروفة عالمياً، والتي تمس ضمير وإنسان كل سوري حر، وإنما يحمل طابعاً درامياً مختلفاً لا يمت لهذه القضية بصلة".
وكانت انطلقت، قبل أيام في دمشق، عمليات تصوير مسلسل بعنوان "قيصر"، ويتناول أحداثاً اجتماعية وقضايا متفرقة حدثت خلال فترة حكم النظام السابق. وكان يفترض بالمسلسل أن يتألف من 30 حلقة مقسّمة على 10 ثلاثيات، لتحمل الثلاثية الأولى عنوان "درب الألم" كتابة زهير الملا وبطولة غسان مسعود ودانا مارديني ورامي أحمر وغيرهم. والعمل ككل من تأليف مجموعة كتّاب، من بينهم: ن
جيب نصير
،
عدنان عودة
،
زهير الملا
،
مؤيد النابلسي
، ولؤي النوري، فيما يتولى إخراجه
صفوان مصطفى نعمو
، وهو من إنتاج شركة POWER Production، بإشراف المنتج الفني يامن ست البنين.
فريد المذهان: لم أعطِ موافقتي
وكان الضابط المنشق عن النظام، فريد المذهان والمعروف بلقب "قيصر"، قد اعترض على تصوير مسلسل تلفزيوني يحمل اسمه، ويتناول قضية المعتقلين في سوريا الأسد، ويؤدي دور البطولة فيه الممثل غسان مسعود.
وكتب المذهان الذي سرّب آلاف الصور لجثث شوّهها التعذيب في مراكز الاعتقال والسجون في سوريا، للعالم، قبل نحو عشر سنوات، عبر صفحته في "فايسبوك": "إلى جميع السوريين والسوريات، أنا أخوكم فريد المذهان، المعروف باسم قيصر، أصرح لكم بأنني لغاية هذا التاريخ لم أسمح أو أفوض كما لم أعط أي موافقة، لا شفهية ولا مكتوبة، بهدف إنتاج أي عمل إبداعي، تلفزيوني أو سينمائي يتناول قصة قيصر أو يحمل هذا الاسم". وأكمل المذهان: "قيصر هو ايقونة وجزء من تاريخ سوريا العظيمة. وأي استخدام لهذا الاسم من أعمال إبداعية سورية أم عربية أو أجنبية تقع مسؤوليته على عاتق المستخدمين".
وأثار الإعلان عن المسلسل قبل أيام جدلاً واسعاً، ليس فقط بسبب مشاركة ممثلين كانوا موالين لنظام الأسد منذ العام 2011، بل أيضاً بسبب حساسية الموضوع في وقت ما زالت فيه العدالة والمحاسبة غائبتين، بينما يبقى آلاف السوريين في عداد المفقودين.
والحال أن بيان قيصر المذهان، يحيل إلى تساؤل عمن يملك حقوق الملكية للقصص الخاصة بالمعتقلين في سوريا، فقصة قيصر الشخصية مثلاً من ناحية عمله مع النظام ثم انشقاقه وتسريبه آلاف الصور التي توثق عمليات التعذيب الممنهجة في البلاد، تبقى خاصة به، لكن قصصاً أخرى كالتي يرويها المسلسل تبقى عامة ربما، خصوصاً إن كانت لا تروي حكايات شخصية محددة.
والمسلسل ليس الوحيد من نوعه، بل سبق أن أعلن الممثل المعارض لنظام الأسد جمال سليمان، عن مسلسل آخر من بطولته وكتابة سامر رضوان، تدور أحداثه في "سجن صيدنايا المركزي"، من دون أن يحدث الإعلان استياء مماثلاً، رغم أنه يشكل أيضاً فكرة مستفزة أيضاً. وذلك لأن مأساة مثل صيدنايا تحتاج إلى جهود حقوقية من أجل التوثيق والمحاسبة، قبل تنفيذ مسلسل درامي يحصد الأرباح من موضوع "مثير".
وانشق العسكري السابق، فريد المذهان (قيصر)، بعدما جمع بين العامين 2011 و2013، نحو 55 ألف صورة توثّق وحشية الممارسات في السجون السورية إبان فترة قمع الاحتجاجات. وفي العام 2020، دخل قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم "قيصر"، والمسمّى بناء على ما كشفه المذهان، حيز التنفيذ ليفرض سلسلة إجراءات اقتصادية ضد السلطات السورية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ يوم واحد
- المدن
منتجو الدراما السوريون يستعيدون الزخم: "الرقابة متعاونة والأذونات سهلة"
بدأت شركات الإنتاج السورية تستعيد زخمها الإنتاجي وباشر بعضها بتصوير أعمال جديدة كي تكون جاهزة للعرض خارج الموسم الرمضاني بينما كشف آخرون عن خططهم الإنتاجية للمرحلة المقبلة على أن يباشروا التصوير خلال الفترة المقبلة استعداداً للدخول في السباق الدرامي الرمضاني المقبل. ويبدو واضحاً أن صناع الدراما في سوريا مصرون على المضي قدماً وبثبات لتحريك عجلة الإنتاج الدرامي في بلدهم حيث سيكون الجمهور السوري والعربي على موعد مع مجموعة جديدة ومنوعة من الانتاجات بعضها منبثق من رحم الثورة السورية وبعضها الآخر يتناول مواضيع اجتماعية وتشويقية مختلفة من خلال مسلسلات معاصرة أو مسلسلات البيئة الشامية. والحرص على إنتاج أعمال درامية سورية لا يحظى باهتمام شركات الإنتاج السورية فقط بل يتعداه إلى الشركات العربية، ومن بينها شركة "الصباح" اللبنانية، إذ أعلن المنتج صادق الصباح أن الممثل السوري تيم حسن سيكون حاضراً في الموسم الرمضاني المقبل بمسلسل سوري هو الرابع الذي تنتجه له شركة "الصباح" بعد "عاصي الزند" و"تاج" و"تحت سابع أرض"، ويقدم فيه دوراً جديداً بعيداً من أدوار البطل الشعبي، إلى جانب مسلسل درامي طويل مكون من 60 حلقة للعرض بعد موسم رمضان 2026. من جهة أخرى أعلنت المخرجة رشا شربتجي أن التحضيرات قائمة للبدء بتصوير مسلسل "مطبخ المدينة" خلال الفترة المقبلة ونفت ما يتم تداوله في مواقع التواصل بأن الرقابة الجديدة ممثلة بـ"اللجنة الوطنية للدراما" حذفت أو قامت بتعديل قاس على بعض الخطوط الدرامية في المسلسل، وأكدت أن ملاحظاتها جاءت ضمن السياق المنطقي وكان معظمها مفهوماً، كما تم مناقشة ملاحظات أخرى وتفنيدها حيث أبدت الرقابة تجاوباً مع صناع العمل. وتأكيداً على تفاؤل صناع الدراما بمستقبل الدراما السورية واستمرارها باشر بعض المنتجين تصوير أعمالهم الجديدة داخل سوريا من بينهم شركة "بلا 2" التي تواصل تصوير "لا مكان لا زمان" وهو عبارة عن مجموعة من الثلاثيات عن الثورة السورية ويشارك في كل ثلاثية عدد مختلف من الممثلين السوريين على أن تباشر بتصوير أعمالها الأخرى الخاصة بالموسم الرمضاني 2026 بعد عطلة عيد الأضحى المقبل، كما أعلن منتجون آخرون عن نيتهم المباشرة بتصوير أعمالهم الجديدة خلال الأيام المقبلة من بينهم "شركة الرز" التي تستعد لتصوير سلسلة عشريات بوليسية بينما أكد المنتج محمد قبنض صاحب شركة "قبنض للإنتاج الفني"، بأنه يتحضر لتصوير ثلاث أعمال جديدة. من جهته، أكد المنتج أمير نعمو، صاحب شركة "بلاك 2" أن الأوضاع في سوريا ممتازة ومناسبة جداً للتصوير مبدياً حماسه وتفاؤله بمستقبل الدراما السورية. وقال: "الحمد لله سوريا تعافت ولدينا أمل كبير بالمستقبل وكلنا نتوقع أن تكون هذه السنة أفضل على المستوى الدرامي مقارنة مع السنوات الماضية". وبالنسبة لـ"لا مكان لا زمان"، قال نعمو: "هو مشروع قديم كان يفترض أن أصوره خارج سوريا لكن تغير الظروف والأوضاع في سوريا شجعني على العودة وإنجاز التصوير فيه وأعتقد أن ما قمت به يعتبر خطوة مهمة ومشجعة بالنسبة لشركات الإنتاج السورية الأخرى لكي تنتقل العدوى إليها وتسير على الخطى نفسها"، مضيفاً أن هنالك عملين آخرين سيباشر بتصويرهما خلال الفترة المقبلة كي يكونا جاهزين للعرض في الموسم الرمضاني المقبل. في المقابل أشارت المنتجة ديالا الاحمر صاحبة شركة "غولدن لاين للإنتاج الفني" أن الشركة مستمرة إنتاجياً وهي بصدد التحضير لمجموعة من الأعمال الجديدة. وأوضحت: "كلنا نتمنى أن يستمر الأمن والأمان في سوريا لكي نستمر بمسيرتنا الإنتاجية. ويمكن القول أن كل شركات الإنتاج السورية في مرحلة التحضير حالياً خصوصاً وأنه لم يمر سوى فترة وجيزة على انتهاء الموسم الدرامي الرمضاني الأخير، وهذه الشركات موجودة بوفرة في سوريا بانتظار عودة النجوم والممثلين والمخرجين إلى الوطن". وأيدت الأحمر ما أوضحته المخرجة رشا شربتجي لناحية الارتياح في التعاون مع الرقابة الجديدة قائلة أن "الرقابة متعاونة جداً وهي تبذل جهداً كبيراً لكي تشجع شركات الإنتاج على العمل والبدء بالتصوير. وشركة "غولدن لاين" هي حالياً في مرحلة المعالجة الدرامية لنصين جديدين الأول من النوع الاجتماعي والثاني من نوع البيئة الشامية وهما عملان سوف يتم تنفيذها للعرض الرمضاني. كلنا متفائلون ولكننا في الوقت نفسه كلنا في حالة انتظار وترقب لما يمكن أن تؤول إليه الأمور قبل المباشرة بالتصوير". من جهته يبدو المنتج محمد قبنض أكثر المنتجين حماسة في سوق الإنتاج الدرامي وأكد أنه سيباشر خلال الأيام القليلة المقبلة بتصوير مسلسلين الأول هو "العهد 2" والثاني بعنوان "الإدعشري" وهو من أعمال البيئة الشامية مشيرا إلى أن هناك عمل ثالث سعودي-سوري مشترك سيتعاون في إنتاجه مع شركة إنتاج سعودية وهو من النوع الكوميدي وبطولة مجموعة من الممثلين السعوديين بالتعاون بعدد من زملائهم السوريين، و"كل هذه الأعمال مخصصة للعرض في رمضان 2026". كما أبدي قبنض ارتياحه لدورة العمل الإنتاجية في سوريا قائلاً: "كل شيء يسير نحو الأفضل. نحن نتقدم بطلب لتصوير مسلسل جديد ونستلم الأذونات بسرعة وهناك تسيير كبير لأمورنا"، وقال قبنض المنفتح على التعاون مع وجوه من خارج سوريا أن يرغب بتقديم عمل سوري لبناني مشترك "لأنني أحب نجوم لبنان كثيراً".


النهار
٠٥-٠٣-٢٠٢٥
- النهار
مسلسل "قيصر": بين توثيق الحقيقة واستغلال المعاناة!
أثار الإعلان أخيراً عن مسلسل "قيصر" جدلاً واسعاً في الأوساط السورية والعربية، إذ يتناول قصة ضابط الصفّ السوري المنشق فريد المذهان، الذي كان يعمل مصوّراً في الشرطة العسكرية السورية، والمعروف بالاسم المستعار "قيصر"، والذي سرّب آلاف الصور لضحايا التعذيب في سجون النظام السوري. وبينما يرى البعض أن المسلسل يسلّط الضوء على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، يرى آخرون أنه استغلال غير لائق لمعاناة الضحايا. انطلق قبل أيام في دمشق تصوير "قيصر"، وهو دراما اجتماعية تستعرض مجموعة من القضايا المستوحاة من حقبة النظام السابق. كان من المقرر أن يتألف العمل من 30 حلقة تُعرض على شكل ثلاثيات. وشارك في تأليفه نخبة من الكتاب، بينهم نجيب نصير، عدنان عودة، وزهير الملا. أما الإخراج، فقد تولاه صفوان مصطفى نعمو، تحت الإشراف الفني للمنتج يامن ست البنين. "أداة للتوثيق" أم "وسيلة للترفيه؟ يتجلى الجدل حول مسلسل "قيصر" في إشكالية أساسية: أين يجب رسم الخط الفاصل بين الفن كـ"أداة للتوثيق" والفن كـ"وسيلة ترفيهية"؟ هذه القضية ليست جديدة، فقد واجهت أعمال درامية سابقة إشكالات مشابهة، مثل الأفلام والمسلسلات التي تناولت جرائم الحرب العالمية الثانية أو أحداث الإبادة الجماعية. الجانب المؤيد لإنتاج المسلسل يرى أن الدراما يمكن أن تكون أداة فعالة لنقل الحقيقة إلى جمهور أوسع، وإبقاء القضية حية في الذاكرة الجمعية. قد تساعد الأعمال الفنية في ممارسة الضغط على الجهات المسؤولة لمحاسبة مرتكبي الجرائم. أما المعارضون، فيرون أن تحويل المعاناة الحقيقية إلى مادة درامية قد يكون عملاً غير لائق، خاصة إذا لم يُراعَ رأي الضحايا أو أهاليهم. وهي -الأعمال الدرامية- بحكم طبيعتها قد تلجأ إلى إضافة عناصر خيالية أو درامية بهدف التشويق، مما يؤدي إلى تحريف الحقيقة. لذا، فإن السؤال الأساسي هو: كيف يمكن للفن أن يكون أداة توثيق من دون أن يتحول إلى استغلال؟ وهل يمكن تقديم قصة "قيصر" في عمل دراميّ يحترم مشاعر الضحايا وأسرهم، من دون أن يقع في فخ الإثارة التجارية؟ لا يمكن النظر إلى مسلسل "قيصر" بمعزل عن السياق السوري العام. فقد كشفت الصور، التي سرّبها فريد المذهان، عن حجم المأساة التي عاشها المعتقلون في السجون السورية، وأصبحت دليلاً معتمداً في قضايا حقوق الإنسان ضد النظام السوري. من ناحية أخرى، فإن تسليط الضوء على هذه الأحداث في عمل درامي يفتح باب النقاش حول كيفية توثيق الجرائم الكبرى. فبينما تعدّ الدراما وسيلة قوية للتوعية، فإنها قد تفقد صدقيتها إذا لم تراعِ الدقة أو إذا استخدمت بطريقة غير مناسبة. لهذا، تبقى قضية تحويل قصص الانتهاكات إلى أعمال درامية مسألة حساسة، تستدعي التفكير في معايير أخلاقية تضمن احترام الضحايا وعدم التلاعب بوقائع التاريخ. "قيصر" هو الاسم المستعار لفريد المذهان، الذي عمل مصوراً في الشرطة العسكرية السورية، والذي كلّف بتوثيق جثث المعتقلين الذين لقوا حتفهم تحت التعذيب بين عامي 2011 و2013. استطاع تهريب 55,000 صورة توثق هذه الانتهاكات، مما شكّل صدمة عالمية عند نشرها، وساهم في فرض عقوبات دولية على النظام السوري، كانت أبرزها تلك المفروضة بمقتضى "قانون قيصر". من الناحية الحقوقية، شكّلت هذه الصور دليلاً دامغاً على ممارسات غير إنسانية، وأصبحت جزءاً من محاولات محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. لكن تحويل هذه القصة، من الناحية الفنية، إلى مسلسل درامي يثير تساؤلات حول كيفية التناول، وحول مدى مراعاة حقوق الضحايا وأسرهم. وفي تطور لافت، ظهر فريد المذهان علناً، بعد سنوات من إخفاء هويته، ليعلن رفضه التام لإنتاج المسلسل. وأكّد أنه لم يمنح أيّ موافقة لاستخدام قصته في عمل درامي، معبّراً عن خشيته من أن يؤدّي التناول غير الدقيق إلى "تحريف الوقائع أو إلحاق ضرر بأسر الضحايا". تصريحاته تسلّط الضوء على إشكالية أخلاقية في تناول المآسي الحقيقية في الدراما؛ فبينما يعتبر البعض أن الفنّ أداة فعّالة لفضح الجرائم وتعزيز الوعي، يرى آخرون أنه قد يصبح وسيلة لاستغلال الأحداث لصالح الإنتاج التجاري من دون مراعاة لمشاعر المتضرّرين. انتشرت انتقادات واسعة عند الإعلان عن مسلسل "قيصر"، إذ رأى كثيرون أن العمل قد يُسيء إلى الضحايا عبر تحويل قصتهم إلى مادة ترفيهية. في المقابل، رأى البعض الآخر أن تسليط الضوء على هذه القضايا من خلال الدراما قد يساعد على إبقاء الذاكرة الجمعية حيّة، مما يسهم في الضغط الدولي لتحقيق العدالة. أمام موجة الانتقادات، قرّرت اللجنة الوطنية للدراما في سوريا إيقاف تصوير المسلسل موقتاً، في خطوة تعكس الاستجابة للضغوط الشعبية والإعلامية. في الوقت نفسه، لم يُحسَم مصير المسلسل نهائياً، إذ يظلّ قرار استئناف تصويره أو إلغائه بالكامل قيد الدراسة. وجاء في بيان اللجنة الوطنية للدراما: "بعد الجدل الذي أثير حول مسلسل قيصر ومشاركة بعض الشخصيات فيه، وما تبعه من رفض واسع من قبل الشارع السوري، وانطلاقاً من التزامنا برأي شعبنا الكريم واحترام تطلعاته، فقد تقرر إيقاف تصوير المسلسل موقتاً حتى يتم تغيير اسمه وإعادة النظر في قائمة المشاركين فيه". ممثلون "مؤيدون" ولقي المسلسل رفضاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت دعوات تطالب بإيقافه تحت وسم #أوقفوا_مسلسل_قيصر. عبّر الناشطون عن غضبهم من تحويل مأساة إنسانية حقيقية إلى عمل درامي، بينما دافع آخرون عن المسلسل باعتباره وسيلة فعالة لنقل حقيقة الجرائم المرتكبة إلى جمهور أوسع. هذا التباين في الآراء يعكس انقساماً أوسع في المجتمع السوري والمنطقة العربية حول كيفية التعامل مع القضايا الحقوقية في المجال الفني، وحول مدى التزام الدراما بالمعايير الأخلاقية عند تناول الأحداث التاريخية المؤلمة. وفي سياق آخر، أثارت قائمة الممثلين المشاركين في العمل استياء العديد من المعارضين، إذ ضمّت بعض الأسماء المعروفة بتأييدها العلني للنظام السوري السابق. هذا الأمر دفع المنتقدين إلى التشكيك في صدقية العمل، معتبرين أن مشاركة هؤلاء الفنانين تُفرغ المسلسل من مضمونه الحقوقي، وتجعله أقرب إلى إعادة إنتاج الرواية الرسمية للنظام بدلاً من كونه عملاً توثيقياً ينقل معاناة الضحايا بموضوعية. ختاماً، يظل مسلسل "قيصر" موضوعاً شائكاً يطرح تساؤلات حول دور الدراما في توثيق الأحداث التاريخية المأسوية. فبينما يسعى الفن لكشف الحقيقة وإيصالها إلى الجمهور، يبقى احترام معاناة الضحايا وضمان عدم تشويه الوقائع تحدياً أساسياً. وما حدث مع مسلسل "قيصر" هو مثال واضح لحساسية التعامل مع القضايا الحقوقية في الدراما، وهو جدل يتكرر مع كل عمل يتناول أحداثًا حقيقية ذات طابع مأسوي. لذا، ربما يكون الحل بوضع معايير أخلاقية واضحة لمثل هذه الأعمال، لضمان تحقيق التوازن بين التوثيق الفني واحترام الحقيقة الإنسانية.


ليبانون 24
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ليبانون 24
تم توقيفه.. مسلسل "قيصر" يغضب الجمهور السوري!
أصدرت لجنة حكومية في سوريا بياناً يقضي بتوقيف تصوير مسلسل "قيصر" بعد أيام قليلة من انطلاقه. ومع انتشار خبر تصوير هذا المسلسل، شنّ السوريون حملة كبيرة لايقافه، وعلى الفور تفاعلت اللجنة الوطنية للدراما، وأعلنت عن إيقاف تصوير مسلسل "قيصر" بشكل مؤقت، وجاء في بيان: "انطلاقاً من التزامنا برأي شعبنا واحترام تطلعاته، فقد تقرر إيقاف تصوير المسلسل مؤقتاً حتى يتم تغيير اسمه وإعادة النظر في قائمة المشاركين فيه". وأضافت اللجنة: "نؤكد أن المحتوى الدرامي للعمل لا يتناول قضية قيصر المعروفة عالمياً، والتي تمس ضمير وإنسان كل سوري حر، وإنما يحمل طابعاً درامياً مختلفاً لا يمت لهذه القضية بصلة". وصدر البيان بعد ساعات من بيان فريد المذهان، المصور العسكري الذي سرب آلاف الصور، وقال في تغريدة على "أكس": "بيان للرأي العام. إلى جميع السوريين والسوريات، أنا أخوكم فريد المذهان، المعروف باسم "قيصر"، أصرح لكم بأنني لغاية هذا التاريخ لم أسمح أو أفوض كما لم أعط أي موافقة، لا شفهية ولا مكتوبة، بهدف إنتاج أي عمل إبداعي ، تلفزيوني أو سينمائي يتناول قصة قيصر أو يحمل هذا الاسم". وأضاف: "قيصر هو ايقونة وجزء من تاريخ سوريا العظيمة. واي استخدام لهذا الاسم من اعمال ابداعية سورية ام عربية او اجنبية تقع مسؤوليته على عاتق المستخدمين". كما اعتذرت الشركة المنتجة للمسلسل عن الجدل الذي تسببت به، وقالت إنها ستعدل اسم المسلسل وتعيد النظر في طاقم التمثيل. يذكر أن المذهان، الذي عرف لسنوات باسم "قيصر"، كان كشف الشهر الماضي فقط عن هويته الحقيقية بعد تسريب 55 ألف صورة توثّق الانتهاكات بحق المعتقلين في السجون السورية. وقد صدر قانون أميركي حمل اسمه "قيصر" سنة 2020، يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري السابق، مستندا إلى وثائق قيصر وصوره.(لها)