logo
بكين وموسكو.. هل ينقلب ميزان الهيمنة الغربية؟

بكين وموسكو.. هل ينقلب ميزان الهيمنة الغربية؟

هذا التحول لا يأتي فقط كرد فعل على ضغوط غربية متصاعدة، بل يعبر عن مشروع استراتيجي عميق لإعادة تشكيل موازين القوى الدولية. ففي الوقت الذي تشهد فيه العواصم الغربية انقسامات داخلية متسارعة، تتجه موسكو و بكين نحو بناء محور استراتيجي متماسك يتجاوز مجرد التنسيق الثنائي إلى ما يشبه التحدي الصريح للنموذج الليبرالي الغربي.
صعود الشراكة الشرقية.. من التفاهم إلى التحدي
يبدو أن ما يجمع موسكو وبكين لم يعد يقتصر على ملفات آنية، بل يرتكز على أسس استراتيجية راسخة. اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيفاستوبول، عمار قناة، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، أن "ما نراه ليس مجرد رسالة سياسية مؤقتة، بل استمرارية لعلاقة استراتيجية تعمقت في السنوات الأخيرة"، مشيرا إلى أن التعاون الروسي الصيني لم يُبَن كرد فعل مباشر على سياسات الغرب، بل جاء في إطار مشروع أوسع لإعادة صياغة العلاقات الدولية.
وأضاف: "هذه التحالفات لا تُبنى ضد الغرب ككيان موحد، لأن الغرب ذاته اليوم لم يعد كما كان قبل سنوات.. نشهد انقسامات واضحة داخل الكتلة الغربية بين بروكسل و واشنطن ، والسبب لا يقتصر على مسائل اقتصادية، بل يتعداها إلى اهتزاز في المظلة الأمنية الأمريكية فوق أوروبا".
في هذا السياق، تبدو الصين وروسيا وكأنهما تعيدان رسم خرائط النفوذ، لا فقط عبر الخطابات السياسية، بل من خلال مشاريع متكاملة كـ"مبادرة الحزام والطريق"، التي وصفها قناة بأنها تعكس "تحولا جوهريا من المعادلات البحرية التي كانت تخضع للهيمنة الأميركية، إلى معادلات برية تقلص من نفوذ واشنطن الاقتصادي والعسكري".
العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا ، كانت بمثابة محفز إضافي لتعزيز التحالف مع الصين. وكما أشار قناة، فإن "روسيا استطاعت الحفاظ على منظومتها الاقتصادية بدرجة كبيرة من خلال الدعم الصيني، سواء عبر الاستثمارات أو من خلال التعاون في سوق الطاقة والتجارة الثنائية بالعملات المحلية، ما شكّل تحديًا مباشرا للدولار كأداة للابتزاز السياسي".
والأكثر دلالة في حديث قناة هو تركيزه على أن "الولايات المتحدة نفسها كانت سببا في تعزيز هذا التقارب"، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن "دفعت بهذه العلاقة إلى مستوى غير مسبوق من التفاهم الاستراتيجي، من خلال ممارساتها العقابية والعزلية".
ويرى عمار قناة أن المرحلة الراهنة تشهد نهاية "الأحادية القطبية"، مع انتقال تدريجي نحو "نظام دولي متعدد الأقطاب" تقوده تكتلات ناشئة تحاول إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية.
ويُضيف: "نحن أمام نظام لا يسعى إلى استبعاد الغرب بالكامل، بل إلى كسر هيمنته. الصين وروسيا لا ترفضان التعاون، لكنهما ترفضان الإذعان لمعايير الغرب الإيديولوجية"، في إشارة إلى ما وصفه بـ"إيديولوجيا مرفوضة تحاول فرضها النخب الغربية عبر الأدوات الاقتصادية والمؤسسات الدولية".
ويتابع: "حتى مصطلحات النظام الدولي تغيرت، فبدلا من الحديث عن دول العالم الثالث، أصبحنا نسمع بمصطلح 'دول الجنوب العالمي'، في تعبير عن هوية جيوسياسية جديدة تسعى هذه الدول لتأكيدها بعيدًا عن تصنيفات الحرب الباردة".
لم يغفل حديث عمّار قناة الإشارة إلى الوضع الأمريكي الداخلي، حيث وصف الاقتصاد الأميركي بأنه "في حالة تضاؤل حقيقي"، مشيرًا إلى أن "الدولار لم يعد يحظى بذات الهيمنة التي امتلكها سابقا، بل أصبح أداة سياسية تفقد فعاليتها تدريجيا مع تنامي التبادلات التجارية بين دول الشرق بعملات غير الدولار".
التحالف الروسي الصيني ليس مجرّد تنسيق عابر، بل يمثل محاولة واعية ومنظمة لإعادة تشكيل المشهد العالمي.
وكما أشار عمار قناة، فإن ما نشهده هو جزء من انتقال حتمي من نظام دولي مركزي خاضع للغرب إلى منظومة متعددة الأقطاب تحاكي التوازن لا الهيمنة، وتعيد تعريف مفاهيم الأمن، والنفوذ، وحتى التنمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

روسيا تكشف مصير الأميركي المحتجز في مستشفى للأمراض النفسية
روسيا تكشف مصير الأميركي المحتجز في مستشفى للأمراض النفسية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 37 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

روسيا تكشف مصير الأميركي المحتجز في مستشفى للأمراض النفسية

وفي أغسطس 2024، ألقي القبض على تيتر (46 عاما) في موسكو بتهمة إساءة معاملة موظفي فندق، والاعتداء لاحقا على ضابط شرطة. وفي أبريل الماضي، قضت محكمة بأنه غير مؤهل للمحاكمة، وأحالته إلى "إجراءات قسرية ذات طابع طبي"، في إشارة إلى العلاج النفسي الإجباري. لكن قبل صدور الحكم، نقلت السلطات الروسية تيتر من مركز احتجاز إلى جناح للأمراض النفسية، بعد أن أفادت لجنة طبية بأنه أظهر "توترا واندفاعا وأفكارا ومواقف وهمية"، وفقا لما ذكرته "تاس" آنذاك. وكانت وكالات أنباء روسية رسمية أوردت أن تيتر أعرب خلال جلسة استماع في سبتمبر، عن رغبته في التخلي عن جنسيته الأميركية، قائلا إن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) تلاحقه. والجمعة، أفادت "تاس" أن تيتر أطلق سراحه وغادر البلاد. كما نقلت وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية عن جهات إنفاذ القانون، أن "المواطن الأميركي تيتر الذي كان محتجزا في مستشفى للأمراض النفسية بناء على أمر قضائي، سمح له بالخروج من عيادة في موسكو وغادر أراضي الاتحاد الروسي". واعتقلت روسيا عددا من المواطنين الأميركيين في السنوات الأخيرة، بتهم تتراوح بين التجسس وانتقاد الجيش الروسي والسرقة والنزاعات العائلية، مما أثار اتهامات من واشنطن بسعي موسكو لـ"احتجاز رهائن" واستخدامهم في عمليات تبادل. وفي أبريل الماضي، أُطلق سراح كزينيا كاريلينا التي تحمل الجنسيتين الأميركية والروسية، بعد الحكم عليها بالسجن 12 عاما في معسكر اعتقال لتبرعها بنحو 50 دولارا لجمعية خيرية مؤيدة لأوكرانيا. في المقابل، أفرجت واشنطن عن آرثر بيتروف، وهو مواطن ألماني روسي متهم بتصدير إلكترونيات أميركية الصنع بشكل غير قانوني إلى شركات تتعامل مع الجيش الروسي.

روسيا: لا فرصة لاستمرار المعاهدة النووية مع أمريكا
روسيا: لا فرصة لاستمرار المعاهدة النووية مع أمريكا

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

روسيا: لا فرصة لاستمرار المعاهدة النووية مع أمريكا

قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية وأكبر مسؤول روسي لمراقبة الأسلحة، في مقابلة نشرت أمس الجمعة، إن روسيا لا ترى فرصة تذكر لإنقاذ معاهدتها النووية الأخيرة مع الولايات المتحدة، والتي من المقرر أن ينتهي سريانها في غضون ثمانية أشهر، وذلك نظراً لحالة العلاقات المدمرة مع واشنطن. وذكر ريابكوف لوكالة تاس الروسية للأنباء، أن مشروع القبة الذهبية للدفاع الصاروخي الذي اقترحه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عامل مزعزع للاستقرار على نحو بالغ، ويضع عقبات جديدة ضخمة أمام السيطرة على الأسلحة. وتعليقات ريابكوف هي من بين أكثر تعليقات موسكو قتامة حتى الآن حول آفاق معاهدة نيو ستارت، وهي آخر معاهدة متبقية للأسلحة النووية بين البلدين، وتضع قيوداً على عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية التي يمكن لكل طرف نشرها. ووصف ريابكوف العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بأنها ببساطة مدمرة. وعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2023 المشاركة الروسية في نيو ستارت، وأرجع هذا إلى الدعم الأمريكي لأوكرانيا، إلا أنه قال إن روسيا ستظل ضمن حدود المعاهدة فيما يتعلق بالرؤوس الحربية والصواريخ والمقاتلات الثقيلة. وقال ريابكوف لتاس: «لا يوجد ما يبرر الاستئناف الكامل للعمل بمعاهدة نيو ستارت في ظل الظروف الحالية.. وبالنظر إلى انتهاء سريان المعاهدة في غضون ثمانية أشهر تقريباً، فإن الحديث عن واقعية مثل هذا التصور يفقد معناه بنحو متزايد». وأضاف: «وبالطبع، فإن البرامج المزعزعة للاستقرار بشكل كبير مثل القبة الذهبية، والتي تنفذ الولايات المتحدة عدداً منها، تضع عقبات إضافية يصعب التغلب عليها أمام الدراسة البناءة لأي مبادرات محتملة في مجال الحد من التسلح النووي».

تعليقات روسية ساخرة على الخلاف بين ترامب وماسك
تعليقات روسية ساخرة على الخلاف بين ترامب وماسك

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

تعليقات روسية ساخرة على الخلاف بين ترامب وماسك

فقد قدم قادة روس، الجمعة، بعض النصائح في شكل تعليقات ساخرة لكل من ترامب و ماسك ، بشأن الخلاف المتصاعد بينهما. ويتبادل الاثنان الهجمات عبر منصتيهما للتواصل الاجتماعي، بعدما وصف ماسك مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أطلق عليه ترامب اسم "مشروع القانون الجميل الكبير"، بأنه "بغيض". ويأتي ذلك وسط تقارير تشير إلى أن ترامب يدرس بيع سيارته الكهربائية من نوع " تسلا"، الشركة التي يملكها ماسك. والجمعة عرض نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي دميتري ميدفيديف ، في منشور على منصة "إكس"، التوسط في اتفاق سلام بين ترامب وماسك "مقابل أجر معقول"، على أن يكون الدفع بأسهم من شركة "ستارلينك" التي يملكها ماسك. كما دعا ميدفيديف الاثنين أيضا إلى الكف عن الجدال. ونقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس" عن النائب في مجلس الدوما ديمتري نوفيكوف، قوله إنه "رغم عدم توقعه أن يحتاج ماسك إلى لجوء سياسي، فإن روسيا يمكنها بالطبع منحه إياه إذا احتاج لذلك". وكان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ، قال لوكالة "تاس" إن الخلاف بين ترامب وماسك شأن داخلي أميركي. وأضاف بيسكوف: "ليست لدينا أي نية للتدخل أو التعليق عليه بأي شكل من الأشكال"، مشيرا إلى أن ترامب سيتولى الأمر بنفسه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store