
أفورقي يتهم إثيوبيا بالتحريض ويصف رسالتها إلى الأمم المتحدة بـ"الصبيانية"
وأضاف أن الآمال التي رافقت وصول حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تلاشت سريعا بسبب ما وصفها بـ"السياسات المتهورة" التي تنتهجها أديس أبابا تجاه المنطقة.
وفي السياق ذاته، اعتبر أفورقي، أن الخطاب الإثيوبي تجاه بلاده بمثابة إعلان حرب، رغم ما وصفه برغبة إريتريا في بناء علاقات "ثنائية متينة" مع الجارة الإثيوبية.
كما انتقد الطروحات الإثيوبية بشأن الوصول إلى منفذ بحري، واصفا إياها بأنها "مغامرة تقف وراءها قوى خارجية". ولفت إلى أن إثيوبيا كانت قد اقترحت سابقا تحويل جميع وارداتها إلى ميناء عصب، بدلا من ميناء جيبوتي، وهو ما رفضته إريتريا بدافع احترام مبادئ حسن الجوار، حسب قوله.
وأشار الرئيس الإريتري إلى أن المساعي الإثيوبية للحصول على موانئ وقواعد بحرية في منطقة صوماليلاند وغيرها تأتي في إطار ما وصفها بـ"سياسات استفزازية وانقسامية"، مؤكدا أن هذه الطروحات ليست "أجندة إثيوبية أصيلة"، بحسب تعبيره.
وشدد أفورقي على أن بلاده لا تسعى إلى المواجهة، ولا تمتلك أطماعا إقليمية، لكنها مستعدة للدفاع عن نفسها في حال تعرضها لأي عدوان. كما حذر مما سماه استعدادات إثيوبية لشن "هجوم واسع"، بشراء طائرات مسيّرة وصواريخ ودبابات، داعيا الحكومة الإثيوبية إلى التركيز على معالجة أزماتها الداخلية بدلا من "الانجرار إلى حرب عبثية"، على حد وصفه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
فيدان: رصدنا تحركات انفصالية في سوريا ونساعد الحكومة على بناء جيشها
كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده رصدت تحركات في سوريا بعد الصراع الذي جرى بين عشائر البدو والدروز بمحافظة السويداء جنوب البلاد، ما دفعها إلى إطلاق تحذير للأطراف الانفصالية، مؤكدا أهمية سوريا بالنسبة للأمن القومي التركي. وأشار فيدان، في لقاء تلفزيوني أمس الجمعة، لـ قناة "إن تي في" التركية المحلية، إلى أنّ تركيا حذرت من أنها ستتدخل لمنع تقسيم سوريا بعد رصدها استغلال مجموعات ما جرى في السويداء، قائلا: "وجب علينا إطلاق تحذير وفعلنا، لأننا نريد وحدة سوريا وسلامتها". ولفت فيدان إلى أن تركيا ودول عدة أكدت مرات عدة على ضرورة احترام الحكومة السورية هوية كافة أطياف الشعب ومراعاة حقوقهم، مبينا أنه لا يجب لأي جهة أن تحمل السلاح خارج سلطة الدولة. وأضاف أن تركيا بعثت الرسائل نفسها إلى إسرائيل عبر قنوات استخبارية ومحادثات مع محاورين آخرين، مشيرا الى أنه "لا يجوز لأحد المساس بسلامة أراضي سوريا ولا ينبغي أن تُشكل تهديدا لأي دولة في منطقتها، ولا ينبغي لأي دولة أن تُشكل تهديدا لها". وعن الاشتباكات التي اندلعت في السويداء في 13 يوليو/تموز، قال فيدان "بصراحة، نرى أن إسرائيل تعرقل جهود الحكومة المركزية للتدخل بشكل محايد في الصراع بين البدو والدروز. وكان اعتراضنا الإستراتيجي على ذلك على وجه الخصوص". وفي 13 يوليو/تموز الجاري، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عشائر بدوية ومجموعات درزية بالسويداء، أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات درزية مسلحة خارجة على القانون أسفرت عن مقتل عشرات الجنود. وأوضح الوزير التركي، أن الرئيس السوري أحمد الشرع طبّق سياسة شاملة تجاوزت التوقعات، مؤكدا ضرورة عدم انحياز الحكومة المركزية لأي طرف في النزاعات المحتملة بين الجماعات، بل عليها التدخل، ومعاقبة المسؤولين عند ثبوت تورطهم. وأشار إلى أنّ سوريا تشهد انطلاق عملية بدعم من تركيا ودول المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ، مضيفا "كنا نرى دائمًا أن هناك جهات يمكن أن تستفيد من تقسيم سوريا، ومن عدم استقرارها، ومن عدم تعافيها، وأنهم يرغبون في أن تظل سوريا تتخبط في حفرة اليأس والإحباط والسلبية". ولفت فيدان، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، صرح أنه ليس لديه رأي إيجابي للغاية بشأن استقرار سوريا. وفي إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء، كان آخرها في 19 يوليو/تموز الجاري. ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الثلاثة الأولى طويلا، إذ تجددت الاشتباكات يوم 18 يوليو/تموز، إثر قيام مجموعة تابعة لحكمت الهجري ، وهو أحد مشايخ عقل الدروز في السويداء، بتهجير عدد من أبناء عشائر البدو وممارسة الانتهاكات عليهم. واستغلت إسرائيل الاضطرابات في السويداء، وصعدت عدوانها على سوريا، حيث شنت غارات مكثفة على 4 محافظات، تضمنت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق. الاتفاق مع الكرد وعن توقيع الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي اتفاقا في 10 مارس/آذار الماضي أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده تنتظر تنفيذ الاتفاق. وقال "نريد أن يسير الأمر في أجواء إيجابية. نريد أن يخطو الأكراد خطوة نحو سوريا جديدة، يشعر فيها الجميع بالمساواة، دون سفك دماء أو معاناة، وتُصان فيها هويتهم وحقوقهم، وخاصة ممتلكاتهم ومواطنتهم وثقافتهم". وفي 10 مارس/آذار الماضي، وقّع الرئيس الشرع، ومظلوم عبدي، اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم. التعاون الدفاعي وعن التعاون المحتمل بين تركيا وسوريا في مجال الدفاع، أوضح فيدان أنه "لا يوجد شيء أكثر طبيعية من التعاون بين البلدين في مجال الدفاع، وخاصة في مكافحة الإرهاب"، وأكد أن سوريا تحتاج إلى دعم ومساعدة فنية جدية في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الأساسية، وخاصة القوات المسلحة. وأشار فيدان إلى أنه من غير الممكن توفير الأمن والنظام والخدمات إذا لم يتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة في سوريا، وقال إن هناك مشكلات في الصحة، والتعليم والنقل والطاقة وأن أنقرة تسعى، بالتعاون مع دول المنطقة، إلى معالجتها شيئا فشيئا. وأضاف الوزير التركي، على القوات المسلحة السورية الوصول إلى مستوى معين من القدرة في مرحلة ما لحماية حدودها، ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ومكافحة الإرهاب، ومنع التهديدات الأخرى في المنطقة؟ والأربعاء أعلنت وزارة الدفاع التركية، أن الحكومة السورية طلبت دعما رسميا من أنقرة لتعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
ما وراء اشتباكات تايلند وكمبوديا؟ صحف أميركية تجيب
أبدت الصحف الأميركية اهتماما كبيرا بالاشتباكات الدموية بين تايلند وكمبوديا على الحدود المتنازع عليها يوم الخميس، وأسفرت عن مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة العشرات، وفقا للسلطات التايلندية. وتبادلت الدولتان الجارتان الاتهامات بشأن من أطلق الرصاصة الأولى، وطرد سفير كل منهما لدى الأخرى. وأبرزت 3 من كبريات الصحف والمجلات الأميركية خلفيات تاريخية عن طبيعة الصراع بين تايلند وكمبوديا، وأسباب اندلاعه مرة أخرى، وقارنت بين القوة العسكرية التي تمتلكها كل منهما، ودور النزاع الأخير في الأزمة السياسية التي تعصف ببانكوك حاليا. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن التصعيد العسكري، يوم الخميس، جاء بعد شهور من التوترات المتصاعدة، ووسط أزمة سياسية داخل تايلند أدت إلى تعليق مهام رئيسة الوزراء بيتونغتارن شيناواترا في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، ما أعطى بعدا داخليا حادا للأزمة الخارجية. واعتبرت أن النزاع الحدودي بين البلدين ليس جديدا، إذ يعود إلى خلافات قديمة عن ترسيم الحدود، استندت إلى خريطة تعود لعام 1907 وضعتها سلطات الاستعمار الفرنسي في كمبوديا. وقد شهدت المنطقة توترات متكررة، لكن التوتر الأخير تفاقم منذ مايو/أيار الماضي، إثر مقتل جندي كمبودي في اشتباك حدودي. وأدى انفجار لغم أرضي في وقت سابق من الشهر الحالي إلى بتر ساق جندي تايلندي. وأوضحت الصحيفة، أن العامل السياسي ساهم في تفجير الأزمة، خصوصا بعد تسريب مكالمة هاتفية حساسة بين بيتونغتارن شيناواترا ورئيس الوزراء الكمبودي السابق هون سين -والد رئيس الوزراء الحالي هون مانيت- حيث ظهرت بيتونغتارن في التسجيل وهي تتحدث إليه بلغة وُصفت بالخاضعة، واصفة إياه بـ"العم"، ومبدية استعدادها "لترتيب أي شيء يطلبه". وقد أثار التسجيل غضبا شعبيا واسعا داخل تايلند، خاصة في ظل حساسية العلاقة بين بيتونغتارن -ابنة رئيس الوزراء الأسبق تاكسين شيناواترا- والجيش التايلندي القوي. مقارنات عسكرية ومع تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتحذيرات كمبودية من رد عسكري، يخشى مراقبون من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، خصوصا مع غياب قناة دبلوماسية فعالة بعد تقليص العلاقات بين العاصمتين. إعلان وقارنت مجلة نيوزويك في تقرير لمراسلتها لشؤون الأمن والدفاع، إيلي كوك، القدرات العسكرية لتايلند وكمبوديا استنادا إلى بيانات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية البريطاني ومقره الرئيس في لندن، التي تكشف عن فوارق هائلة في الميزانيات والتجهيزات العسكرية. ووفقا لتلك البيانات، تمتلك تايلند جيشا كبيرا وحديثا نسبيا، بميزانية دفاعية تبلغ 5.7 مليارات دولار سنويا، مقارنة بـ1.3 مليار دولار فقط لكمبوديا. ويُعد سلاح الجو التايلندي من بين الأفضل تجهيزا في جنوب شرقي آسيا، ولديه 112 طائرة مقاتلة، منها 46 طائرة من طراز إف-16. وفي المقابل، تفتقر كمبوديا تماما إلى الطائرات المقاتلة، ويقتصر سلاحها الجوي على 26 مروحية وعدد محدود من الأفراد يقدر بنحو 1500 شخص فقط. عدد الجنود وفي حين أن تايلند لها نحو 130 ألف جندي نظامي، إضافة إلى عدد مماثل من المجندين، وقرابة 400 دبابة رئيسية، وحاملة طائرات و7 فرقاطات، فإن لدى كمبوديا قوات برية يبلغ قوامها نحو 75 ألف جندي، وتستخدم دبابات قديمة من طراز (تي-54) و(تي-55) تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، إضافة إلى عربات طراز (بي إم بي-1) الروسية البرمائية. لكنها لا تملك قوة بحرية تُذكر. وعن المدفعية، فإن الطرفين يستخدمان أنظمة إطلاق صواريخ ومدافع، لكن تايلند تستفيد من تنوع حديث يشمل أنظمة أميركية وصينية وإسرائيلية، بينما تعتمد كمبوديا على أنظمة تعود إلى الحقبة السوفياتية وبعض الأنظمة الصينية من تسعينيات القرن الماضي. ورغم الفجوة الواضحة في التسليح والتقنيات، حذرت القيادة الكمبودية -وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق هون سين- تايلند من "الافتخار بتفوقها العسكري"، متوعدة بـ"أقسى أنواع الردع". ويبدو أن تايلند واثقة من تفوقها العسكري، وقد صعّدت ردودها الجوية في الأيام الأخيرة. غير أن استمرار المواجهات عند الحدود المتنازع عليها، ولجوء كمبوديا إلى مجلس الأمن الدولي ، قد يهدد -برأي نيوزويك- بانزلاق الوضع نحو نزاع أوسع ما لم تُبذل جهود إقليمية أو دولية جادة لنزع فتيل الأزمة. معابد في خطر وعلى موقعها الإلكتروني، اعتبرت وكالة بلومبيرغ الإخبارية، أن التصعيد العسكري الأخير هو الأعنف منذ أكثر من عقد، بعد اندلاع اشتباكات مسلحة بين جيشي البلدين في 6 مناطق متنازع عليها ذات أهمية تاريخية، أبرزها في محيط معبد براسات تا موين ثوم، ومعبد بريا فيهير الهندوسي، الذي حسمت محكمة العدل الدولية السيادة عليه لصالح كمبوديا عام 1962، قبل أن يتجدد النزاع عنه عدة مرات منذ عام 2008. واتفقت بلومبيرغ مع ما خلصت إليه صحيفة نيويورك تايمز ومجلة نيوزويك من خطورة الأوضاع بين الدولتين الجارتين. وأشارت إلى أن تقارير دولية تحذر من أن استمرار التصعيد يُنذر بتقويض الاستقرار الإقليمي في مثلث الزمرد، وهي منطقة حدودية مشتركة بين تايلند وكمبوديا ولاوس. وقالت إن التحذير يأتي وسط دعوات لاحتواء الأزمة بالوسائل الدبلوماسية وتفعيل آليات تسوية النزاعات، في ظل رفض تايلند اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، التي لجأت إليها كمبوديا في محاولات متكررة لحسم النزاع الحدودي.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
التجويع كسلاح.. قراءة في مأساة غزة ومساراتها الإستراتيجية
ما تشهده غزة اليوم من مجاعة ممنهجة ليس كارثة إنسانية فحسب، بل ممارسة إستراتيجية محسوبة بعناية، تُدار بأدوات التجويع الجماعي، وتنطوي على أهداف سياسية وأمنية مركّبة، تتجاوز حدود الصراع التقليدي بين محتل وشعب محتل، إلى ما هو أبعد.. إنها محاولة لإعادة هندسة الواقع السياسي الفلسطيني برمّته، وفرض وقائع جيوسياسية جديدة تحت غطاء "الضغط الإنساني". التجويع كسلاح عسكري وسياسي لم يعد استخدام الجوع وسيلة غير مباشرة في الحروب المعاصرة، بل تحوّل إلى آلية صريحة لتفكيك إرادة الشعوب، وإخضاع المجتمعات المقاومة. في الحالة الغزية، نلحظ أن التجويع يُستخدم كسلاح إستراتيجي مركزي، له ثلاثة أهداف رئيسية: الضغط السياسي على المقاومة: بإحداث انهيار في البيئة الحاضنة، وإشاعة الغضب الداخلي، والرهان على انفجار اجتماعي داخلي يفضي إلى تغيير المعادلة السياسية. إعادة إنتاج التمثيل الفلسطيني: من خلال تقويض أي نموذج للسيادة أو المقاومة الفاعلة خارج السلطة المركزية، وتجريد غزة من كل أدوات الصمود، بما فيها الغذاء. نقل الصراع إلى بُعد إنساني صرف: لتفريغه من أبعاده السياسية، وتحويله إلى أزمة "إغاثة" بدلًا من أزمة احتلال، وهذا في حد ذاته نزع شرعية عن المطالب الفلسطينية. لقد تحوّل الجوع إلى أداة دعائية تُستخدم في الإعلام الدولي لتسطيح الواقع الفلسطيني، عبر تسويق المجاعة كأزمة إنسانية بلا سياق، وبلا فاعل، في حين يتم تغييب الاحتلال كمسبب مباشر السياق الدولي والتواطؤ الصامت لا يمكن فهم ما يجري في غزة بمعزل عن السياق الدولي، حيث يشهد النظام العالمي انزياحًا متزايدًا نحو "سياسة المعايير المزدوجة". فعلى الرغم من تقارير أممية- كتحذير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في يناير/ كانون الثاني 2024 من خطر المجاعة الشاملة شمالي غزة- لم نشهد إرادة دولية جادة في فرض ممرات إنسانية حقيقية أو وقف العدوان. فهذا التراخي ليس وليد العجز، بل هو انعكاس واضح لتفاهم غير معلن بين الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية (مثل فرنسا وبريطانيا) على إبقاء غزة تحت الضغط، باعتباره ورقة إستراتيجية ضمن ترتيبات ما يُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد". وبعض الأطراف الإقليمية توظّف المأساة كأداة تفاوض بين مسارات تطبيع مشروط، أو تفاهمات أمنية واقتصادية تندرج ضمن "الصفقات الكبرى". البُعد الإعلامي للتجويع لقد تحوّل الجوع إلى أداة دعائية تُستخدم في الإعلام الدولي لتسطيح الواقع الفلسطيني، عبر تسويق المجاعة كأزمة إنسانية بلا سياق، وبلا فاعل، في حين يتم تغييب الاحتلال كمسبب مباشر. هكذا، يُختزل الصراع في مشهد الجوع، وتُدفن جذور القضية تحت ركام "الحياد الإغاثي"، بينما يُجرَّد الفلسطيني من شرعية نضاله التحرري، ويُستبدل الخطاب السياسي بخطاب "كفاف البقاء". وفي هذه المساحة الرمادية، تتقدّم وكالات الإغاثة لتحتل المشهد، بينما تتراجع مفردات التحرير، وتُفرّغ المأساة من بعدها الكفاحي لصالح تسوية متأخرة على حساب الحقوق الوطنية. التحليل الديمغرافي- السياسي: من السيطرة إلى الإفراغ تشير بعض التحركات إلى أن الهدف الأبعد من التجويع قد لا يكون فقط كسر المقاومة، بل إحداث تغيير ديموغرافي قسري، عبر: تفريغ غزة من سكانها: بدفع السكان نحو الهجرة القسرية إلى الجنوب أو إلى خارج القطاع (السيناريو المصري)، في ظل تسريبات متكررة حول اقتراحات إسرائيلية بفتح معابر مؤقتة لعبور المدنيين، وهو ما يعيد إلى الأذهان نماذج "الترحيل الناعم". إحداث شرخ داخل المجتمع الفلسطيني: عبر تجزئة المجتمع بين "الباقين والمغادرين"، و"المنكوبين والناجين"، بما يُمهّد لإعادة تشكيل النسيج السياسي والاجتماعي بما يتوافق مع الرؤية الأمنية الإسرائيلية طويلة المدى. إلى أين نتجه؟ السيناريوهات القادمة سيناريو التصفية البطيئة: استمرار الحصار والتجويع مع تدخلات إنسانية محدودة، تُبقي السكان على حافة الحياة دون قدرة على النهوض، ما يجعل غزة "منطقة غير قابلة للحكم"، تمهيدًا لتفريغها من ثقلها السياسي والديمغرافي. سيناريو الانفجار الإقليمي: في حال استمرار الأزمة دون حل سياسي، قد تتحول غزة إلى شرارة لصدام إقليمي واسع النطاق، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي في دول الجوار، وتزايد حرج الأنظمة الحليفة أمام شعوبها. سيناريو الفرض الدولي المتأخر: حين تصبح صور المجاعة غير قابلة للتجاهل سياسيًّا، قد تتحرك بعض القوى الكبرى- لا بدافع أخلاقي بل بدافع ضبط الفوضى- لفرض تسوية إنسانية سياسية، تكرّس واقعًا جديدًا يُفرَض من فوق، لا من قلب النضال الفلسطيني. لا نحتاج إلى مزيد من البيانات، بل إلى انفجار في المعنى. نحتاج إلى أن تقول غزة للعالم: "نحن جائعون، نعم، لكننا واعون. ووعي الجائعين أخطر من جيوش ممتلئة البطون" المقاومة الإدراكية: كسر الحصار من الداخل من حيث أكتب، من مكتبي الصغير، بين كتبي وأوراقي، أعلم تمامًا أنني لا أُقاسم أهل غزة جوعهم، ولا ألم الخبز الممنوع، ولا حليب الأطفال المقطوع. لكنني- كابنة لهذه الأرض- أحمل معهم مسؤولية المعركة الأخطر: ألّا نسمح للعالم أن يُفرغهم من معناهم، أو يعرضهم كضحايا صامتين بلا تاريخ. فالجائع ليس أخرس، بل هو مُحاصَر بالصورة. حين يُسلب الجسد الغذاء، يصبح الإدراك هو ساحة المعركة الوحيدة المتاحة. وهنا تبدأ المقاومة الإدراكية: إعادة تعريف الجوع كفعل احتلال لا كقدر إنساني، فضح المساعدات كبديل عن الكرامة لا كإنقاذ، تحويل كل مشهد مجاعة إلى صرخة سياسية لا مجرد صورة شفقة. إن أخطر ما يمكن أن يُنجز الآن هو بناء خطاب مقاوم من داخل الألم، لا ينتظر الفرج من الخارج، بل يزرع من تحت الركام سردية تصنع الضغط، لا تستهلكه. لا نحتاج إلى مزيد من البيانات، بل إلى انفجار في المعنى. نحتاج إلى أن تقول غزة للعالم: "نحن جائعون، نعم، لكننا واعون. ووعي الجائعين أخطر من جيوش ممتلئة البطون". في هذه اللحظة، كل منشور، كل وثيقة، كل كلمة.. كل ذلك إما أن يكون غذاءً للكرامة أو وقودًا لتخدير الإدراك. وغزة، في أخطر لحظاتها، مطالبة بإطلاق أكبر معركة ضد الاستسلام: معركة الوعي. رؤيتي لما هو قادم: بين ما يُقال إنه مستحيل وما يُولد من الرماد إن ما يجري في غزة ليس مجرد مجاعة، بل أداة ضغط إستراتيجي مدروسة، تهدف إلى تفكيك المقاومة، وإعادة تشكيل الوعي الفلسطيني، وفرض استسلام بطيء تحت وطأة الجوع.. إنها حرب على الوجود لا على الحدود، تُدار بأدوات الجغرافيا والسكان واللقمة. إن مواجهة هذا الواقع تتطلب قراءة ذكية ومتعددة الأبعاد، وتفكيكًا لخطاب المساعدات الذي يُراد له أن يكون بديلًا عن خطاب التحرير؛ فحين يتحوّل الطعام إلى سلاح، تتحوّل المعركة من معركة عسكرية إلى معركة كرامة وجودية. حين يُستخدم الجوع كسلاح، فهذه ليست نهاية المعركة، بل بداية فصلها الأخطر. والتاريخ- لمن يقرأه دون وهم- يخبرنا أن المجاعات لا تُسقط الحركات التحررية، بل تُسقط الأقنعة. يراهنون على أن غزة ستصرخ أولًا، وأن الناس سيكفرون بالمقاومة قبل أن يكفروا بالاحتلال. لكن هذا الرهان جُرّب من قبل، وانهزم في كل مرة. جربته الإمبراطوريات ضد الشعوب في فيتنام، والجزائر، ولبنان.. وانتهت الإمبراطوريات. ما يحدث اليوم ليس لتصفية غزة، بل لتصفية فكرة أن شعبًا بلا دولة قادر على فرض معادلة ضد الجغرافيا. لكن ما لا يفهمه صانعو الحصار، أن هذه البقعة التي حوّلوها إلى جوع ستتحوّل إلى شرارة، ليس لأنها تملك القوة، بل لأنها لا تملك ما تخسره، وهذه أخطر معادلة في علم الصراع. سيُقال لك إن ما تقوله مستحيل: عن أن غزة قد تُفجّر موازين الإقليم، وأن الطفل الذي يبحث عن طعام اليوم، قد يفرض غدًا معادلة تفاوض دولي. سيُقال هذا الكلام عبثي.. حتى يحدث. هكذا يفاجئك التاريخ دومًا: من مكانٍ ظننت أنه انتهى ينبثق التغيير! وحين يحدث، لن يُقال إن غزة انتصرت، بل سيُقال: أخطأ الذين أجاعوا شعبًا قبل أن يفهموا ذاكرته.