
لهذه الأسباب.. المصفاة مهمة*سلامة الدرعاوي
على ضوء الأزمات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة، وآخرها الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، تتجلى بوضوح أهمية مصفاة البترول الأردنية، حين انقطع الغاز الطبيعي، لم يكن أمام الحكومة سوى خيار واحد فعّال: تشغيل محطات الكهرباء على زيت الوقود، وهو ما وفرته المصفاة فورًا من مخزونها الإستراتيجي.
12 يومًا كانت المصفاة قادرة على تلبية الطلب، حيث كان لديها 18 ألف طن من الوقود الثقيل جاهز للاستخدام، جرى تحويل هذا المخزون مباشرة إلى محطة العقبة الحرارية ومحطات أخرى، واستمرت الخدمة دون أن يشعر أحد بانقطاع أو أزمة.
ولولا هذا المخزون، لما استطاعت الحكومة أن تتحرك، نظرًا لمعيقات لوجستية لاستيراد زيت الوقود، في وقت كانت فيه أسعار الطاقة ترتفع بشكل خطير عالميًا، لذلك استطاعت المصفاة أن تمتص الصدمة وتتصرف بمسؤولية، ومن دونها، كانت الحكومة ستضطر إلى الاستيراد في ظروف غير مواتية وبكلف باهظة، وربما بعجز فعلي عن تنفيذ ذلك.
اليوم، للمصفاة ديون على الحكومة تقارب 600 مليون دينار، لكنها مع ذلك لم تتأخر في تلبية الاحتياجات الطارئة، وأي شركة خاصة كانت ستنهار تحت هذا العبء، أما المصفاة فواصلت تقديم الخدمة دون توقف، وهذا يعكس أن المصفاة ليست مجرد شركة، بل عمود فقري في بنية الأمن الوطني، أمنيًا واقتصاديًا.
وعند الحديث عن الاحتياطي، فإن ما لدى المصفاة من نفط خام ومشتقات نفطية يتجاوز المليون طن، ما يغطي احتياجات المملكة لفترات كافية حسب النوع والاستهلاك، فلا توجد جهة أخرى في الأردن تمتلك هذه القدرة، لا القطاع الخاص ولا جهة حكومية تستطيع أن توفر مثل هذا المخزون أو أن تتصرف به بهذه السرعة والفعالية.
المصفاة تعمل حاليًا على مشاريع إستراتيجية جديدة في العقبة: خمسة خزانات كروية بسعة 10 آلاف طن من الغاز المنزلي، أي ما يعادل نحو 19,600 متر مكعب من الغاز السائل، وبكلفة استثمارية تصل إلى 32 مليون دينار، وخزانان كرويان بسعة 4 آلاف طن، أي ما يعادل نحو 7,840 متر مكعب من الغاز السائل، بتكلفة استثمارية تبلغ 16 مليون دينار.
وهذه المشاريع ستُفتتح خلال العام المقبل 2026، وهي تعزز أمن الطاقة وتزيد من قدرة الدولة على التحرك في الأزمات، فلا يجب النظر إلى المصفاة كشركة فقط، بل كمؤسسة أمن وطني، فكل الأزمات التي عصفت بالمنطقة وأثّرت على إمدادات الغاز على مدار سنوات، كانت المصفاة دائمًا السند الصامت والفعال، وبدون ضجيج، وبدون طلب مقابل، وبدون انتظار شكر أو تسليط ضوء إعلامي، قامت المصفاة بدورها الوطني الكامل.
من هنا، يجب على الحكومة أن تعيد النظر جذريًا في طريقة تعاملها مع مصفاة البترول، فهذا ليس مشروعًا تجاريًا عاديًا، بل مشروع إستراتيجي يعادل بأهميته مشروع الناقل الوطني، بل يمكن القول إنه أكثر حساسية، لأنه حين تُقطع الطاقة، يتوقف كل شيء.
وإذا لم تكن هناك إرادة حقيقية لتقوية المصفاة، ودعم توسعتها، وضمان استمراريتها، فإن الدولة تضع أمن الطاقة والاقتصاد على المحك.
مصفاة البترول الأردنية ليست خيارًا، ودعمها ضرورة وطنية خاصة في تنفيذ مشروع التوسعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 5 ساعات
- سرايا الإخبارية
ارتفاع أسعار الذهب في الأردن بالتسعيرة الثانية الثلاثاء
سرايا - أصدرت النقابة العامة لأصحاب محلات تجارة وصياغة الحلي والمجوهرات، الثلاثاء، التسعيرة الثانية لبيع الذهب في السوق المحلية، حيث ارتفعت الأسعار مقارنة مقارنة بالتسعيرة الأولى. وبلغ سعر بيع الذهب عيار 24 عند 78.700 دينار، وسعر الشراء 76.200 دينار. أما عيار 21 (الأكثر تداولًا)، بلغ سعر البيع 68.700 دينار، و سعر الشراء: 66.500 دينار وبلغ سعر بيع الذهب عيار 18 عند 61.100 دينار، وسعر الشراء 56.600 دينار. أما عيار 14 بلغ سعر البيع 46.400 دينار وسعر الشراء: 41.800 دينار. أسعار الليرات الذهبية: بلغ سعر بيع الليرة الرشادي عند 488.9 دينارًا، وسعر الشراء 465.5 دينارًا. أما الليرة الإنجليزية، بلغ سعر البيع 549.6 دينارًا، وسعر الشراء 532.0 دينارًا.

عمون
منذ 6 ساعات
- عمون
البنك المركزي .. مجابهة التحديات وتحقيق الانجازات
في بحر الأسبوع الماضي وخلال الجلسة الحوارية التي نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني تحت عنوان "اصلاح واستقرار ومنعة: ثلاثية الاقتصاد الوطني في عالم متغير"، قدم محافظ البنك المركزي عرضاً اقتصادياً ومالياً شمل مختلف جوانب الاقتصاد الوطني، وبين قدرة الاقتصاد الأردني على مواصلة تحقيق الانجازات رغم التحديات الجيوسياسية والظروف المعقدة في الاقليم. ولعل أبرز ما ينبغي الاشارة له في هذا المجال هو القدرة المؤسسية للبنك المركزي التي مكنته من التعاطي مع مختلف الظروف والتطورات بكفاءة وفاعلية ضمن اطار منظومة الاصلاح الشاملة، ومواصلة اتخاذ القرارات الملائمة والاستجابة لما يشهده عالم اليوم من تطورات تكنولوجية متسارعة. نجح البنك المركزي عبر اجراءاته الحصيفة وسياساته الحكيمة واجادة التعامل مع المتغيرات وابتكار الحلول في التوقيت الملائم في تحقيق الأهداف الاساسية الملقاة على عاتقه في مجال الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، حيث استطاع احتواء التضخم الى حوالي 2% خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يعني الحفاظ على القوة الشرائية والمستوى المعيشي للمواطنين وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. كما أن الدينار الأردني أثبت قوته عبر الحفاظ على سعر الصرف مقابل العملات الأجنبية، يضاف لذلك مراكمة احتياطيات من العملات الأجنبية تكفي لتغطية مستوردات الاردن من السلع والخدمات لما يقارب ثمانية أشهر ونصف. كما أن اجراءات البنك المركزي انعكست على قوة ومتانة واستقرار الجهاز المصرفي، من حيث المستويات المريحة من السيولة القانونية والمستويات المرتفعة من كفاية رأس المال، وكذلك الاتفاع المتواصل في حجم الودائع الذي وصل نهاية شهر أيار الماضي الى 47.7 مليار دينار، وحجم التسهيلات التي ارتفعت لأكثر من 35 مليار دينار، كما انخفض معدل الدولرة الى حوالي 18%. يضاف لذلك رفع نسبة الاشتمال المالي في المملكة وتخفيض الفجوة الجندرية واحداث نقلة نوعية في أنظمة المدفوعات الرقمية. وأثر هذه الانجازات ليس حكراً على تثبيت اركان الاستقرار النقدي بل تمتد آثارها لمختلف القطاعات الاقتصادية حيث تعزز مرونة السياسات الاقتصادية وقدرتها على صياغة استجابات فعالة للتحديات، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة. وفي هذا السياق لا بد من الاشارة أيضاً الى أن البنك المركزي انجز كامل مبادراته ضمن المرحلة الأولى من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025، كما يعمل على بلورة مبادرات جديدة تدعم تحقيق أهداف الرؤية ضمن البرنامج التنفيذي الثاني الذي يجري الاعداد له للسنوات 2026-2029، لا سيما في مجالات الرقمنة، والتكنولوجيا المالية والابتكار، إلى جانب مواصلة تعزيز الاشتمال المالي. سياسات البنك المركزي ومبادراته وانجازاته استطاعت رفع منسوب الثقة في الاقتصاد الأردني وشكلت حافزاً لتشجيع الاستثمار ودعم بيئة اقتصادية تعزز النمو الاقتصادي وقاعدة لمزيد من النجاحات التي تساهم في توليد فرص العمل ورفع مستوى معيشة المواطنين ولكن لا زالت هناك حاجة لجهود اضافية في ميدان السياسات المالية والاقتصادية والقطاعية وتكاملها مع السياسة النقدية، وهناك ثقة راسخة بأن طموحات وتطلعات البنك المركزي لا تتوقف عند حدود فهو سيواصل سعيه الدؤوب لخدمة مسيرة التنمية الاقتصادية عبر مواكبة ما يشهده العالم من تطور سريع والتعامل معه بمهنية واحتراف.

عمون
منذ 6 ساعات
- عمون
ضرورات زيادة الإنفاق الرأسمالي
النفقات الرأسمالية تُعد إحدى محرّكات النمو الاقتصادي وتنشيط مختلف القطاعات وتوفير فرص العمل والارتقاء بمستوى الخدمات من خلال تنفيذ مشاريع تنموية وبُنى تحتية، وتتحدد الآثار الإيجابية بحجم الإنفاق الرأسمالي. في الموازنة العامة للدولة، يتوقف رصد مخصصات النفقات الرأسمالية على عدة عوامل، أهمها حجم الإنفاق الجاري الذي يستحوذ على غالبية الإيرادات، نظراً لارتفاع فاتورة رواتب العاملين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وخدمة الدين العام من أقساط وفوائد، والحماية الاجتماعية، ودعم السلع، وغيرها. كما تؤثر العوامل الطارئة على حجم تلك النفقات، لجهة تحويل مخصصات مالية للإنفاق على متطلبات مستجدّة، للحد من تداعيات الظروف الإقليمية والعوامل الجيوسياسية العالمية على الاقتصاد الوطني، كما حدث إبان جائحة كورونا وتداعياتها، حيث اضطرت الحكومة إلى زيادة بنود الإنفاق على الرعاية الصحية، ودعم القطاعات الاقتصادية، وتوفير القَدْر الممكن من السيولة المحلية، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وكذلك الانعكاسات السلبية لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والعديد من البلدان العربية. وفقاً لبيانات الموازنة العامة، فقد ارتفعت النفقات الرأسمالية في الأردن خلال العام الحالي 2025 إلى 1.469 مليون دينار، بزيادة مقدارها 209 ملايين دينار، أو ما نسبته 16.5 ٪ عن مستواها المُعاد تصديره لعام 2024. شكّلت مخصصات مشاريع الوزارات والدوائر الحكومية نحو 44.5 ٪ من إجمالي النفقات الرأسمالية، في حين شكّلت مشاريع التنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 22 ٪، ومشاريع الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة 17 ٪، ومخصصات مشاريع التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام حوالي 17 ٪ من هذه النفقات. العام المقبل، واستناداً إلى الأرقام التأشيرية للموازنة العامة، يُقدَّر أن تبلغ هذه النفقات حوالي 1563.2 مليون دينار. توصيات المنتدى الاقتصادي الأردني بزيادة نسبة النفقات الرأسمالية تدريجياً لتصل إلى 6 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 مهمة كهدف استراتيجي لتحريك الوضع الاقتصادي وتشغيل العديد من القطاعات، على أن تكون هنالك آليات تضمن تسريع عمليات الإنفاق وتنفيذ المشاريع ضمن سلّم الأولويات التنموية، بدون أن يتم ترحيلها إلى أعوام لاحقة، ما ينعكس سلباً على بيئة الأعمال في المملكة وتراجع فرص العمل المطلوب استحداثها في مواجهة البطالة التي ما تزال على ارتفاع، رغم الجهود المبذولة لاحتوائها. السبيل الناجع لزيادة حجم الإنفاق الرأسمالي خلال السنوات المقبلة والمحافظة على مستوياته يُسنَد بالدرجة الأولى إلى استقطاب الاستثمارات في مختلف القطاعات، ما يعزز الإيرادات المحلية ويُحدث الاستقرار المطلوب في مجالات الإنفاق، مع أهمية الاستمرار بجهود ضبط الإنفاق الجاري بالقدر الممكن، ذلك أن بعض البنود لا يمكن المساس بها، كالرواتب وشبكة الأمان الاجتماعي.