
ترمب يتحدث عن «تقدم كبير» بشأن غزة بعد الضربات الأميركية على إيران
تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الأربعاء، عن «تقدم كبير» بشأن الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، بينما أكدت الحركة الفلسطينية أن الاتصالات بشأن التوصل إلى هدنة في القطاع تكثّفت خلال الساعات الماضية، عقب اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران.
وقال ترمب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي: «أعتقد أن تقدماً كبيراً يتحقّق فيما يتعلق بغزة وأعتقد أن السبب هو الهجوم الذي نفّذناه»، ملمحاً إلى أن الضربات الأميركية على منشآت نووية في إيران قد تنعكس إيجاباً على الوضع في الشرق الأوسط.
وعكس ترمب تفاؤلاً بتوقعه «أنباء جيدة جداً» بشأن القطاع المدمّر من جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً، ويواجه أزمة إنسانية حادة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى أن الحرب التي خاضتها الدولة العبرية على مدى 12 يوماً ضد إيران الداعمة لـ«حماس»، قد تساهم بإنهاء النزاع في غزة.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطاً من قبل معارضيه ومنتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، وكذلك من بعض أعضاء ائتلافه اليميني، لإنهاء الحرب التي بدأت في القطاع عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنّته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل سبعة من عسكرييه في حادثة واحدة جنوب القطاع، في إحدى أكثر الحوادث دموية يتعرض لها منذ بدء الحرب.
وكان رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي تتوسط بلاده في محادثات الهدنة إلى جانب القاهرة وواشنطن، أكد الثلاثاء أن الدوحة تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل.
وقال: «نحاول البحث عن فرصة خلال اليومين القادمين لأن تكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى الاتفاق»، مضيفاً: «نتمنى ألّا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة ويستمر (في) قصفه».
بدوره، قال القيادي في «حماس» طاهر النونو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة».
لكنه شدد على أن الحركة «لم تتلقَّ أي مقترح جديد بشأن وقف النار حتى الآن».
ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق بشأن أي مباحثات جديدة، واكتفت بالقول إن «الجهود لاستعادة الرهائن الإسرائيليين في غزة مستمرة، سواء ميدانياً أو عبر المفاوضات».
فلسطيني يقف بين أنقاض منزل تعرض لقصف إسرائيلي غرب جباليا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
منذ هجوم «حماس»، تردّ إسرائيل بحرب مدمّرة قتل فيها 56 ألفاً و156 شخصاً في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ«حماس».
وقتل إبان الهجوم 1219 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
ودفعت الخسائر في الأرواح التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي مؤخراً في قطاع غزة إلى توجيه انتقادات لنتنياهو من قبل زعيم حزب «يهودوت هتوراه» المتشدد، عضو الكنيست موشيه غافني.
وقال غافني خلال جلسة للبرلمان الأربعاء «لا أزال لا أفهم لماذا نقاتل هناك... يتواصل قتل الجنود».
وقال المتحدث باسم الجيش إيفي ديفرين في مؤتمر صحافي إن الجنود سقطوا بعد هجوم استهدف آلية مدرعة كانت تنقلهم في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأضاف: «في أثناء نشاط عملياتي بعد ظهر أمس (الثلاثاء)، تم إلصاق عبوة ناسفة بآلية مدرعة تابعة للقوة، ما تسبب في اشتعالها. أُرسلت قوات إنقاذ ومروحيات لمحاولة إجلاء الجنود، لكنها لم تنجح».
ونشر الجيش أسماء ستة من هؤلاء القتلى السبعة وهم جنود تتراوح أعمارهم بين 19 و21 عاماً وينتمون إلى كتيبة الهندسة القتالية 605 المسؤولة خصوصاً عن تدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية الأخرى، وإزالة الألغام، وفتح الطرق للمشاة والمركبات المدرعة.
من جانبه، أيد منتدى عائلات الرهائن والمحتجزين تصريحات غافني.
وقال المنتدى في بيان: «في هذا الصباح الصعب، قال غافني الحقيقة كما هي... الحرب في غزة فقدت معناها، تُدار دون هدف واضح أو خطة ملموسة».
ومن أصل 251 شخصاً خطفوا في السابع من أكتوبر 2023، لا يزال 49 من المحتجزين في قطاع غزة، تقول السلطات الإسرائيلية إن 27 منهم على الأقل فارقوا الحياة.
وأعلن الدفاع المدني الأربعاء مقتل 20 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي، من بينهم ستة كانوا ينتظرون المساعدات في وسط القطاع.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، إن ستة أشخاص على الأقل قُتلوا وأصيب 30 «من جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص الحي وقذائف الدبابات لآلاف المواطنين من منتظري المساعدات» الذين تجمعوا فجر الأربعاء على طريق صلاح الدين قرب جسر وادي غزة في وسط القطاع.
ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «ليس على علم بأي حادث وقع صباح اليوم وأسفر عن سقوط ضحايا في وسط قطاع غزة».
ويثير الوضع الإنساني انتقادات دولية متزايدة خصوصاً في ظل شحّ المساعدات التي تتيح إسرائيل دخولها.
وأدانت الأمم المتحدة الثلاثاء «استخدام الغذاء لغايات عسكرية في حق مدنيين»، موجهة انتقادات لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة أميركياً، التي حلت محل منظمات الإغاثة التقليدية المعروفة دولياً في توزيع المساعدات.
وبدأت المؤسسة عملياتها أواخر مايو (أيار)، بعدما خففت إسرائيل بشكل طفيف الحصار المطبق الذي فرضته على القطاع أوائل مارس (آذار)، وأثار تحذيرات دولية من حدوث مجاعة.
وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، قتل منذ 27 مايو، 549 شخصاً في أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.
وكان الدفاع المدني أكد الثلاثاء مقتل 46 شخصاً بالقرب من مركزين لتوزيع المساعدات في وسط وجنوب القطاع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 23 دقائق
- الشرق الأوسط
الصراع الإيراني الإسرائيلي
أعادت إيران، الأربعاء، فتح مجالها الجوي فوق شرق البلاد، بحسب ما نقل الإعلام الرسمي، إثر وقف لإطلاق النار مع إسرائيل بعد حرب استمرت اثني عشر يوماً.


Independent عربية
منذ 35 دقائق
- Independent عربية
الصدام الإسرائيلي
الأيام التي عاشها العالم والمنطقة بعد تطور الاشتباك الإسرائيلي - الإيراني إلى حال حرب شاملة، صعق كثيرين ولا سيما الذين لم يعيشوا الحروب المتعددة في الشرق الأوسط، بحجم المجابهة وتطورها إلى حال شبه كارثية، فالناس يشاهدون فيلماً هوليوودياً، والأمل أن المستقبل لا يزال مفتوحاً على مصراعيه ولكنه لا يزال مجهولاً، وسنحاول استعراض التطورات الصادمة المتتالية التي انبثقت عن غزو السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتي تدحرجت إلى الضربة الاستباقية الإسرائيلية الأخيرة وتلتها الضربة الإيرانية وتحولت إلى حرب ضربات، حتى وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملة جوية دمرت معظم البرنامج العسكري النووي لدى النظام، إلى قصف إسرائيلي محكم على ميليشيات الـ "باسيج" تمهيداً لانتفاضة شعبية ضد النظام، وهذا ما شاهده المراقبون، فما حدث؟ وما هي السيناريوهات الآتية؟ لقد كتبنا بما فيه الكفاية خلال العامين الماضيين عن المواجهة بين إسرائيل و"محور المقاومة" الممتد من إيران إلى ضاحية بيروت الجنوبية، وخلصنا إلى أن سلاماً عميقة حقيقياً ودائماً لن يحصل بين الطرفين، فالمنظومة الخمينية لن تقبل بوجود "كيان إسرائيلي" شرق المتوسط وستسعى إلى إضرام أي نار عبر أية قوة لإضعاف وتفكيك الدولة العبرية، وآيات الله أيضاً يضمرون المصير نفسه لعدد من الحكومات العربية، وإن كانت هكذا نية مموهة الآن، وبالتالي فالمواقف بين إسرائيل وإيران كانت متجهة إلى الاشتباك الشامل المباشر أياً كانت المعادلة. طلب ترمب من إسرائيل عدم الرد وطلب من إيران التفاوض خلال 60 يوماً، طهران لم تجب ونتنياهو اعتبر أن طهران تتلاعب وتبني قوة إقليمية تستعد لـ "7 أكتوبر" آخر بحجم أكبر، ومع حلول اليوم الـ 61 شن الطيران الإسرائيلي موجات من القصف الجوي على مواقع النظام والأسلحة الإستراتيجية، ولا سيما بطاريات مضادة للطيران وقادة في النظام، وردت طهران بتوجيه صواريخ باليستية كبيرة وعدة لتضرب مدناً وتجمعات سكنية في إسرائيل، ووصلت موجة التبادل الصاروخي ذروتها، وهنا تدخل الرئيس ترمب وأمر بتدمير الجزء الأكبر من المواقع النووية، بما فيها مراكز التخصيب والتسليح ومخازن الصواريخ، وعملياً قضت الضربة الأميركية على معظم البرنامج وإن بقي بعض المراكز الأصغر، واعتبر الرئيس الأميركي أن الحرب انتهت وأنه هو الذي أوقفها، وبدا بالضغط على الطرفين ليضعا حداً للقصف، وجرى قصف متبادل حتى حلول ساعة المباشرة بوقف إطلاق النار. وإذ نكتب هذه المقالة فليس معروفاً ما قد يكون مستقبل انتهاء هذه الجولة من المجابهة، لكن ما بات واضحاً أن الهلال الأخضر والجزيرة العربية تغيرا، إذ كشفت أطراف الصراع الأساس عن نياتها وقدراتها طويلة الأمد عسكرياً، ومن المفارقة أن الرئيس ترمب يبدو وكأنه الأكثر تمسكاً بوقف حاسم للنار والعمليات العسكرية، ودعوة الجميع إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات، لذا نراه يؤنب الطرفين بسبب إطلاق صواريخ متبادلة، ووصفهما بأنهما "لا يعرفان ماذا يقومان به"، إذ يسعى الرئيس الأميركي إلى تجنب أزمة داخلية حادة في حزبه بين المعسكر المؤيد لإسرائيل والمواجه لإيران، والجناح "الانعزالي" الذي يبدو وكأنه اقترب من موقف إيران ويدعو إلى توقيع معاهدة جديدة معها، وقد ظهرت ملامح الانقسام العميق على منشورات ترمب من هجوم على الملالي إلى انتقاد حاد لإسرائيل إلى ردع الانعزاليين إلى الرد على أنصار إسرائيل ومن يسميهم "محبي الحرب". ويشير التقييم السياسي إلى أن اللوبي الإيراني باتت له ذراع في اليسار وأخرى في أقصى اليمين الأميركي، وهذا ما جعل الموقف الأميركي بين متغير ومتذبذب كما رأينا خلال الجولة الأخيرة، فالإدارة، وبخاصة الرئيس، ترد على أقصى اليمين بألا يتدخل بقرارات الرئيس، وأيضاً توبخ أصدقاء رئيس وزراء إسرائيل في أميركا وأن يكفوا عن الضغط على الرئيس في قراراته حيال الحرب في المنطقة. لكن الأهم يحصل في المنطقة عند الأطراف الثلاثة الأساس، إيران وإسرائيل وأميركا، فالقيادة الإيرانية تدفع باتجاه وقف إطلاق نار فوري وإعادة اللحمة الإستراتيجية مع شركائها، الصين وروسيا وكوريا الشمالية، للحصول على أسلحة متقدمة وفتاكة تحت هدنة وقف إطلاق النار الذي يحميها ترمب، فتعيد حداً أدنى من التوازن الإستراتيجي، وإيران تعرف أنها لن تعيد بناء ما خسرته في البرنامج النووي قبل أعوام، ولن تعيد تركيبة المنظمات الصاروخية المضادة للطيران بسرعة، وتريد سلاحاً "يضمن الردع الإلهي" للجمهورية الخمينية، وهذا يؤذي الإستراتيجية الإسرائيلية ويدفعها إلى خسارة الوقت، وإن حصلت مواجهة مستقبلية فالولايات المتحدة ستضع ثقلاً أكبر وتمر بأخطار أدق إذا قررت الالتحاق بحملات إسرائيلية مستقبلية محتملة، وطبعاً قوة أميركا العسكرية لا تضاهى، ولكن الوقت يلعب دوراً كبيراً في اتخاذ القرارات الكبرى، ووقف النار سيكون لمصلحة إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لا أحد يعرف مواقف ترمب الآتية، فهو تحت ضغطين، الأول من التيار الانعزالي داخل الحزب، ومنهم أكبر المقربين منه مثل تاكر كارلسون ومات غيتز وأعضاء في المجلس النيابي، ومؤثرين على الـ "سوشيال ميديا"، إلا أنه جرى الكشف أخيراً عن أن هذا الجناح ليس انعزالياً فقط بل مؤيد للاتفاق النووي ومدافع عن النظام في طهران، وبات أعضاؤه من أعداء إسرائيل، وطبعاً هاجموا المملكة والإمارات ومصر في الماضي. أما قوة الضغط الثانية فهي المؤيدة لإسرائيل، ومن بينها أعضاء في الكونغرس وممولون أساس لحملة ترمب، وهذه الحرب شبه الأهلية داخل قاعدة ترمب قد تكون أيضاً من مفاعيل اللوبي الإيراني، وهذه رواية بحد ذاتها. أما الأهم في المواجهة بين إسرائيل والنظام الإيراني فهو عامل قد يغير المعادلات، وهو أقصى ما يخشاه الملالي، وهو مسألة استعداد الشعب الإيراني للتحرك والتضحية لتغيير النظام، فالإسرائيليون لا يريدون تدخلاً لهم في العمق الإيراني لكنهم أرادوا إزالة الآلة القمعية الخمينية التي تتحكم بالشارع الإيراني، ولا سيما المُعارض، وقيام الطيران الإسرائيلي باستهداف مراكز الـ "باسيج" في طهران وأماكن أخرى، وكان قريباً من أن يبعثرهم، وكانت مجموعات مدنية على أهبة إعادة التظاهرات، لكن الرئيس ترمب ضغط بصورة كبيرة على نتنياهو لوقف الغارات على الميليشيات، وتوقع التحرك الشعبي. ماذا بعد؟ كل شيء ممكن، إما "ستاتيكو" مستمر وإما حملة قمعية دموية ضد المعارضين، وإما ثورة شعبية من دون إسرائيل، وأياً كان الوضع فالحرب الإسرائيلية - الإيرانية لم تنته ولن تنهيها تخيلات وقف إطلاق النار ولا صور تذكارية، فنحن نعرف ما يدور في ذهن قادة طهران وقيادات إسرائيل.


Independent عربية
منذ 35 دقائق
- Independent عربية
إيران ومكافآت ترمب السياسية والاقتصادية
لم يتأخر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في المبادرة لتقديم مكافأة إلى النظام الإيراني على تجاوبه مع قراره بوقف الحرب بينه وتل أبيب، وإظهار ارتياحه من براغماتية النظام في التعامل مع الضربة الأميركية المباشرة، واختياره قصف قاعدة "العديد" في دولة قطر الفارغة، بحيث لم يسفر عن سقوط ضحايا، وأنه استوعب عملية استهداف درة البرنامج النووي في منشأة فوردو، وتدمير ما بقي من منشأتي أصفهان المخصصة لإنتاج غاز سداسي فلورايد اليورانيوم، ونطنز المخصصة لأعمال تخصيب اليورانيوم. وبعد إعلان طهران موافقتها على وقف الحرب، أبدى الرئيس الأميركي كثيراً من الحرص على توجيه رسائل إيجابية للنظام الإيراني، كشف عنها الاتصال المتوتر الذي جرى بينه ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعطيل الهجوم الأخير على العمق الإيراني رداً على الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران قبل دقائق من دخول اتفاق وقف الحرب حيز التنفيذ، وهي خطوة كشفت عن حرص الرئيس ترمب على الحفاظ على ما تحقق من نتائج المعركة، مما يساعد على تسهيل التحول الإيراني في الانتقال إلى الحوار السياسي. المكافأة الأبرز التي قدمها ترمب إلى طهران والتي يمكن اعتبارها ثمناً لالتزامها عدم الرد، حتى الشكلي على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، أنه فتح الطريق أمام صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، عندما نشر على منصته "تروث سوشيال" أنه بات بمقدور الصين استئناف وارداتها من النفط الإيراني، وما قد يعنيه ذلك من تسهيل حصول إيران على عائدات هذه الصادرات في المرحلة المقبلة من دون اللجوء إلى آليات التفافية. أما لماذا يقوم ترمب بمثل هذه الخطوات ويقدم هذه المكافآت إلى إيران؟ فسؤال تكمن الإجابة عن بعض جوانبه في الأبعاد الاستراتيجية الأميركية بالتعامل مع الموضوع الإيراني، فواشنطن، خصوصاً الرئيس ترمب، لا يرغب في تصعيد حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط وأن يدخل في حرب عبثية تلحق خسائر بجميع الأطراف، إضافة إلى وجود حرص أميركي على استعادة إيران ومساعدتها في تطبيع علاقاتها مع واشنطن والغرب، وأنها قد تكون مفيدة من خلال توظيف موقعها الجيوسياسي والجيواقتصادي بإيجابية بعيداً من العداء والصدام. لا شك في أن هذه الحرب وحال التضامن الداخلي التي أنتجها الالتفاف الشعبي حول إيران ومفهوم الوطن، وفّرت الأرضية السياسية لبقاء النظام واستمراره السياسي، وقد تكون الدافع وراء تخلي واشنطن عن هدف تغيير النظام الذي شكل واحداً من الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب، بالتالي عزّزت هذه الرغبة الأميركية في مسار الانفتاح على إيران التي من المفترض أنها أصبحت أكثر واقعية بعد هذه الحرب وعلى استعداد للتعاون في كثير من المسائل والملفات. وفي ظل الصراع المفتوح بين طهران وتل أبيب الذي اتخذ بعد وقف الحرب، طابع الصراع على النصر، مع عجز الطرفين على تسويقه لدى قواعده الشعبية، وفي مقابل احتفال رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحقيق أهداف حربه بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني وإضعاف البرنامج الصاروخي إلى الحد الأدنى، وجائزة الترضية التي حصل عليها من واشنطن بتدخلها المباشر في ضرب منشأة فوردو التي تشكل آخر حلقة في الأهداف الإسرائيلية، فإن طهران ترى أنها استطاعت إلحاق الضرر بالعمق الإسرائيلي الاستراتيجي والاقتصادي والنفسي، واستطاعت أن تستهدف المنشآت العسكرية والأمنية العلنية والسرية لإسرائيل، وأن تكون صاحبة الكلمة الأخيرة في وقف الحرب، على العكس مما جرى تداوله من سيناريوهات تفرض عليها القبول بحرية العمل العسكري لتل أبيب بعد التزامها المبادرة الأميركية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حال لا غالب ولا مغلوب التي انتهت إليها المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب، والرغبة الأميركية - الإسرائيلية المعلنة في إنهاء الحرب، فتحتا الطريق أمام القيادة الإيرانية لإعادة التأكيد على التزامها طاولة التفاوض والحوار من أجل التوصل إلى تفاهمات واضحة مع الإدارة الأميركية. والقيادة الإيرانية تدرك جيداً أن مبدأ التفاوض غير المباشر من الصعب الاستمرار فيه، وأنها قد تكون أمام تحدي الانتقال إلى التفاوض المباشر، والتعامل مع المطالب الأميركية بعقلانية أكثر وأكبر، وأن تضع القيادة الإيرانية مساراً دقيقاً قائماً على حسابات أكثر دقة للموازنة بين حدود الربح الممكن وهاوية الخسارة المطلقة، وأن توازن بين قدرات الميدان وضرورات السياسة، وتترك الطريق سالكاً أمام فتح نافذة الدبلوماسية للخروج بإيران من دائرة الخطر. وضرورات المرحلة الجديدة من المفترض أن تضع هذه القيادة أمام حقيقة مختلفة، وهي الذهاب إلى تحديد سقوف طاولة التفاوض، أي الإمساك باللحظة المناسبة للانتقال إلى تثمير الجهود الدبلوماسية التي باتت حاجة دولية أيضاً لا تقتصر فقط على إيران، تساعد في إبعاد المنطقة من مزيد من الحروب والخسائر. السكوت الإيراني على الرواية الأميركية - الإسرائيلية المشتركة حول مصير البرنامج النووي وعدم تقديم أي تصور حول الأضرار التي لحقت به، أو مصير المخزون الذي تملكه من اليورانيوم المخصب بدرجة 60 في المئة، وهل ما زالت على الأراضي الإيرانية أم نقلت إلى الخارج (الحليف)؟ هذا السكوت يسمح لإيران بالمساومة على حقها القانوني الذي ضمنته المواثيق الدولية بامتلاك دورة التخصيب على أراضيها، مع ترك الباب مفتوحاً أمام تنفيذ هذا الحق أو تعليق العمل به، وأن تعمل من أجل الانتهاء من أزمة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية التي تشكل المدخل الضروري لإعادة ترميم الاقتصاد الإيراني وتخفيف التوتر الداخلي نتيجة الأزمات المعيشية التي قد تتحول إلى قنبلة موقوتة. طهران التي باتت على قناعة تامة بأن الخروج من هذا النفق أو التصعيد مع المجتمع الدولي لا بد من أن يكون عن طرق الحوار والتفاهم مع واشنطن، لذلك فإن آليات تعاملها مع الوكالة الدولية وعمليات التفتيش لمنشآتها قد تؤجل إلى مرحلة لاحقة، بخاصة بعد تراجع الثقة بدور الوكالة ومديرها ومفتشيها، في حين تعتقد بأن التفاهم حول الملفات الإقليمية يأتي في المرحلة التالية من الاتفاق حول العقوبات والنووي.