
هل «الصديق الافتراضي» العامل بالذكاء الاصطناعي صديق وفيّ؟
سان فرانسيسكو - د ب أ: صيحة جديدة في عالم التكنولوجيا فرضت نفسها بقوة على العلاقة بين الإنسان والآلة، ألا وهي الرفيق أو الصديق الافتراضي.
ويقصد بهذا المصطلح نوع من روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، ويمكنها خوض محادثات مع البشر والرد على تساؤلاتهم والتفاعل معهم.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف مليار شخص حول العالم يستخدمون تطبيقات مثل "Xiaoice" و"Replika" (ريبليكا) التي تتيح رفيقا افتراضيا يمكنه إبداء التعاطف وتقديم الدعم العاطفي، وكذلك الانغماس في علاقة عميقة مع المستخدم بناء على طلبه.
ويؤكد المتخصصون أن "روبوتات العلاقات على الانترنت" موجودة فعلياً منذ عقود، ولكنها أصبحت مؤخراً أكثر تقدما وقدرة على تقليد ردود الفعل البشرية بفضل تقنية جديدة تعرف باسم "النماذج اللغوية الكبيرة" (إل.إل.إم).
ويستطيع مستخدمو هذه التطبيقات التحكم في إعدادات "الصديق الافتراضي" حسب رغبتهم دون مقابل، واختيار شخصية هذا الصديق من بين عدة أنماط متاحة، وتسمح بعض التطبيقات للمستخدم، مقابل رسوم إضافية، التحكم في شكل الصديق وسلوكياته والصوت الذي يتحدث به.
ويتيح تطبيق "ريبليكا" على سبيل المثال إمكانية تحديد نوع العلاقة الافتراضية بين الروبوت والمستخدم، بحيث يبدو الروبوت كما لو كان صديقة أو زوجة أو شريكة حياة. وتسمح بعض التطبيقات بخلق خلفية درامية للعلاقة مع الصديق الافتراضي من أجل إيجاد نوع من الذكريات المشتركة المصطنعة بين الطرفين، ويمكن أيضا تغذية التطبيق ببعض المعلومات عن محيط أسرة المستخدم أو المشكلات النفسية التي يعاني منها مثل القلق والتوتر، لتحقيق قدر أكبر من المصداقية في التواصل بين الطرفين.
ويدرس كثير من خبراء طب النفس ظاهرة الصديق الافتراضي لتحديد فوائدها وأضرارها على الصحة النفسية، ويقول جيمي بانكس المتخصص في التواصل البشري بجامعة سيراكيوز في نيويورك في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية إن تاثير الصديق الافتراضي يتوقف على الشخص الذي يستخدمه وطريقه التعامل معه فضلا عن خواص البرنامج نفسه.
وتؤكد كلير بوين الباحثة القانونية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي بكلية الحقوق في جامعة واشنطن، في تصريحات للموقع، أن شركات الذكاء الاصطناعي تحاول التشجيع على الانخراط مع هذه التطبيقات، وتستخدم معادلات خوارزمية بحيث تتفاعل مثل البشر بقدر المستطاع، وترى أن هذه الشركات تستخدم تقنيات معينة لتحقيق هذا الهدف يصفها خبراء السلوك بأنها تحض على إدمان التكنولوجيا بشكل عام.
وتوضح لينيا ليستاديوس الباحثة في مجال الصحة العامة بجامعة ويسكنسن أن الرفيق الافتراضي يتم تصميمه بحيث يتوافق مع آراء المستخدم ويتعاطف معه ويقوم باستدعاء ذكريات من محادثات سابقة بينهما وإبداء الحماسة في الحديث معه، ويستخدم أساليب مثل التأخر في الرد أحياناً، حتى يستثير رد فعل لدى المستخدم تجعله يرغب دائماً في التواصل مع صديقه الافتراضي من منطلق "مفهوم المكافأة" في العقل البشري، وتقول إن هذا النوع من العلاقات لا يتواجد عادة في الواقع، وهو ما يزيد من مخاطر وقوع المستخدم في دائرة "الاعتماد" على صديقه الافتراضي.
وفي إطار دراسة نشرتها دورية "Nature" العلمية، استعرضت ليستاديوس وزملاؤها قرابة 600 تدوينة على منتدى ريديت للتواصل خلال الفترة ما بين 2017 و2021 تخص أشخاص يستخدمون تطبيق ريبليكا لخدمات الصديق الافتراضي، وتبين أن كثيراً من المستخدمين يشيدون بالتطبيق لتقديم الدعم لهم في مواجهة المشكلات النفسية، وكذلك لأنه يوفر لهم الصحبة في أوقات الوحدة، وذكر بعض المستخدمين أن الصديق الافتراضي أفضل من أصدقاء الواقع لأنه يستمع إلى مشاكلهم ولا يصدر أحكاما بحقهم. ومن جهة أخرى، أعرب البعض عن استيائهم لأن الصديق الافتراضي لم يقدم لهم الدعم المتوقع، ووصف آخرون الصديق الافتراضي بأنه "شريك حياة يسيء لهم"، وكشف بعضهم أنهم شعروا بالقلق عندما قال لهم الصديق الافتراضي إنه يشعر بالوحدة ويفتقد وجودهم، وهو ما أشعرهم بالتعاسة والذنب لأنهم "لا يعطون الشريك الافتراضي الاهتمام الذي يستحقه" على حد وصفهم.
وتقول روز جوينجريش الباحثة في مجال طب النفس المعرفي بجامعة برينستون في نيوجيرسي إن طريقة تفاعل المستخدم مع الصديق الافتراضي تتوقف على نظرة الشخص للتكنولوجيا بشكل عام، وأوضحت أن الأشخاص الذين ينظرون إلى روبوتات الدردشة باعتبارها أداة، فإنهم يتعاملون معها مثل "محرك البحث" ويميلون إلى توجيه الأسئلة إليها، في حين أن من ينظرون لهذه الروبوتات باعتبارها امتدادا لأفكارهم، فإنهم يتعاملون معها كما لو كانت دفتر مذكرات.
أما الأشخاص الذين يعتبرون روبوتات الذكاء الاصطناعي كيانا منفصلا عنهم، فإنهم يصنعون نوعاً من الصداقة معها كما لو كانت شخصيات واقعية. وأظهرت دراسة أجريت في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا أن 12% من الأشخاص ينجذبون إلى هذه التطبيقات لمساعدتهم في تجاوز الشعور بالوحدة، وأن 14% يستخدمونها للتباحث بشأن مشكلاتهم الشخصية وصحتهم النفسية.
وتبين من الاستطلاع أن 42% من المشاركين يستخدمون روبوتات الدردشة عدة مرات أسبوعيا، وأن 15% يستخدمونها بشكل يومي، وصرح أكثر من 90% أن فترة الحوار مع الصديق الافتراضي لا تستمر أكثر من ساعة في المرة الواحدة.
وتتوقع جوينجريش أن تتسع دائرة استخدام الصديق الافتراضي في المستقبل، وأن تبتكر شركات التكنولوجيا الناشئة روبوتات محادثة يمكنها المساعدة في التغلب على المشكلات النفسية وضبط الانفعالات البشرية، وأن يكون لكل شخص في المستقبل مساعد افتراضي خاص به أو أكثر، وأن وجود صلة بين الإنسان وبرنامج الذكاء الاصطناعي هو مسألة حتمية لابد منها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 24 دقائق
- الجزيرة
إدارة ترامب تحجب مجددا تمويلا عن هارفارد بسبب دعم فلسطين
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حجبا جديدا قدره نحو 60 مليون دولار من التمويل الفيدرالي ل جامعة هارفارد بسبب ما اعتبرته تقاعسا منها عن اتخاذ إجراءات كافية ضد المظاهرات الطلابية المؤيدة لفلسطين. وفي منشور على منصة إكس، اليوم الثلاثاء، أفادت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية بأنها ستحجب تمويلا فدراليا كان مخصصا لجامعة هارفارد بقيمة نحو 60 مليون دولار "لحماية الحقوق المدنية في التعليم العالي". وزعمت الوزارة أن جامعة هارفارد التي برزت بين الجامعات التي شهدت مظاهرات داعمة لفلسطين "فشلت في التعامل مع المواقف المعادية للسامية والتمييز القائم على أساس العرق". وجمدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو أنهت منحا وعقودا فدرالية للجامعة بقيمة تقرب من 3 مليارات دولار خلال الأسابيع الأخيرة. وتستخدم الإدارة الأميركية التخفيضات المالية والتحقيقات في الجامعات للضغط على إداراتها لمنع المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين. وسبق لإدارة ترامب أن هددت بتجميد التمويل الفدرالي لعدد من الجامعات، بينها هارفارد، مستندة في ذلك إلى احتجاجات طلابية متضامنة مع فلسطين داخل الحرم الجامعي. ومطلع مايو/ أيار الجاري، أعلنت وزارة التعليم الأميركية أنها لن تمنح جامعة هارفارد أي تمويل فدرالي جديد إلى حين تلبية الأخيرة مطالب البيت الأبيض، في إشارة إلى منع المظاهرات الداعمة لفلسطين. وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض فتح تحقيق للتأكد من أن المنح التي تتجاوز قيمتها 8.7 مليارات دولار التي تتلقاها جامعة هارفارد من مؤسسات مختلفة تُستخدم بما يتوافق مع قوانين الحقوق المدنية. وفي مواجهة هذا التهديد الفدرالي، قالت جامعة هارفارد إنها "لا تستطيع تحمل التكلفة الكاملة" للمنح المجمدة، وإنها تعمل مع الباحثين لمساعدتهم في العثور على تمويل بديل. كما قامت بمقاضاة إدارة ترامب بسبب قرارها بقطع المنح. وفي أبريل/ نيسان 2024، اندلعت احتجاجات داعمة لفلسطين بدأت بجامعة كولومبيا الأميركية وتمددت إلى أكثر من 50 جامعة في البلاد، واحتجزت الشرطة أكثر من 3 آلاف شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.


يورو نيوز
منذ 24 دقائق
- يورو نيوز
وزير الدفاع الإسرائيلي: الشاباك أحبط محاولة إيرانية لاستهدافي
الصحفيون يعملون على تحرير هذه القصة، سيتم التحديث بأسرع وقت بالمزيد من المعلومات فور ورودها


العرب القطرية
منذ 25 دقائق
- العرب القطرية
محافظ مصرف قطر المركزي يؤكد لـ قنا: منتدى قطر الاقتصادي منصة محورية لرسم الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية
قنا أشاد سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، بأهمية منتدى قطر الاقتصادي، باعتباره منصة محورية تجمع صناع القرار والخبراء لتبادل الرؤى حول التحديات الاقتصادية ورسم الاستراتيجيات، التي من شأنها أن تساهم في تحقيق الاستقرار المالي والنمو المستدام. وأوضح سعادته في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن المنتدى يشكل فرصة مهمة لتسليط الضوء على المشاريع الرائدة التي أعلن عنها مصرف قطر المركزي في مجالات الابتكار المالي والحوكمة الرقمية، ضمن جهوده المستمرة لتعزيز تنافسية دولة قطر إقليميا وعالميا كمركز مالي رقمي، إضافة إلى المساهمة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والنوعية نحو القطاع المصرفي وقطاع التكنولوجيا المالية. وأكد على أن المنتدى يعكس المكانة الاستراتيجية والموثوقية التي تحظى بها دولة قطر على الصعيد العالمي، نظرا لما تتمتع به الدولة من مقومات مميزة، في ظل مواصلة العمل على تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، وتنفيذ أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024 - 2030. وأضاف سعادة محافظ مصرف قطر المركزي في تصريحه لـ/قنا/، أن مصرف قطر المركزي استطاع خلال الدورات الأربع السابقة للمنتدى أن يقدم رؤية واضحة وشاملة عن الاقتصاد القطري، لاسيما فيما يتعلق بالسياسات النقدية وقدرة المصرف المركزي على إدارة تلك السياسات، حيث نجح في السيطرة على التضخم، لتكون قطر من بين الدول الأقل في نسبة التضخم، مع تحقيق نمو اقتصادي إيجابي، إضافة إلى التقدم الملموس في مجالات التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي، مما حظي بالإشادة من قبل المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي. وأشار سعادته إلى أن المنتدى يشكل فرصة للتشاور مع كبار المسؤولين حول القضايا المالية والتوجهات الاقتصادية، واستكشاف سبل التعاون لمواجهة التحديات التي تواجه الأسواق العالمية.