
لماذا تضاعفت الاعتداءات المعادية للسامية في ألمانيا؟ – DW – 2025/6/6
وثّق مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) في ألمانيا زيادة بنسبة 77 بالمائة في الاعتداءات المعادية للسامية العام الماضي عن العام الذي قبله، وبمعدل نحو 24 اعتداء يومياً. ما أسباب هذه الطفرة؟
"عبّرت لي قبل بضعة أشهر امرأة يهودية وأم لطفلين عن عواقب معاداة السامية في ألمانيا على حياتها اليومية كما يلي: جميع استراتيجيات التعامل مع معاداة السامية في الحياة اليومية لم تعد ذات نفع منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023"، يقول بنيامين شتاينيتس، مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) خلال تقديمه في برلين التقرير السنوي الصادر عن مركزه.
سجّلت العام الماضي مراكز الإبلاغ عن معاداة السامية وقوع 8627 حادثًا معاديًا للسامية في ألمانيا. وهذا يمثّل زيادة مثيرة للقلق بنسبة 77 بالمائة بالمقارنة مع عام 2023: فقبل عامين، بلغ متوسط الحوادث المعادية للسامية 13 حادثًا في اليوم؛ بينما تضاعفت في عام 2024 وارتفع عددها إلى أقل بقليل من 24 حادثًا في اليوم. حيث ارتفعت حوادث معاداة السامية في ألمانيا بشكل كبير منذ هجوم حركة حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 والحرب التي اندلعت بعده في غزة.
وحول ذلك يقول بنيامين شتاينيتس: "مع استمرار الحرب في غزة ومعاناة المدنيين الفلسطينيين التي لا تطاق، تراجع في ألمانيا أيضًا التأييد لإجراءات الحكومة الإسرائيلية". والنتيجة المحزنة: "لم نعرف من قبل بوقوع عدد أكبر من الحوادث المعادية للسامية خلال عام واحد - سواء في الشوارع أو المؤسسات التعليمية أو المواقع التذكارية أو على الإنترنت - أكثر مما عرفناه في عام 2024".
زيادة الهجمات على الأفراد
وكذلك ارتفع بشكل حاد عدد حوادث معاداة السامية المباشرة ضد أفراد يهود أو إسرائيليين إلى 1309 اعتداء. كما حدث في كانون الأول/ديسمبر بولاية ساكسونيا الألمانية عندما كانت امرأة تقرأ الأخبار باللغة العبرية في هاتفها الذكي وتعرضت للإهانة من قبل مجموعة هددتها بهتافات "زيغ هايل" (عاش النصر) النازية. وهذه الحوادث تمثّل تهديدًا خاصًا بالنسبة للمتضررين.
وينتقد بنيامين شتاينيتس الوضع في ألمانيا قائلًا إنَّ "خطر تعرض اليهود رجالًا ونساءً للمعاداة في ألمانيا زاد غالبًا بشكل موضوعي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومع ذلك يبدو أنَّ النقاشات حول تعريف معاداة السامية تحتل حيِّزًا أكبر من التعاطف مع المتضررين".
يقول بنيامين شتاينيتس: "السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 نقطة تحول تُغيّر حتى يومنا هذا حياة اليهود في جميع أنحاء العالم" صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
ويضيف أنَّ التضامن مع المتضررين من معاداة السامية وضحايا 7 تشرين الأول/أكتوبر الإسرائيليين لا يتعارض مع "التعاطف مع وضع الناس في غزة وانتقاد الحكومة الإسرائيلية على إجراءاتها في قطاع غزة".
وكذلك سجّل مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) وقوع ثمانية حوادث عنف شديد في العام الماضي. ومنها مثلًا حادث وقع في 5 أيلول/سبتمبر 2024 بمدينة ميونيخ الألمانية - في ذكرى هجوم أولمبياد عام 1972؛ حيث قام شخص يشتبه بأنَّه إسلاموي بإطلاق عدة طلقات نارية على القنصلية الإسرائيلية ومركز توثيق جرائم النازية. وقد أسفر هذا الحادث عن إصابة شخصين بأضرار طفيفة نتيجة صدمة نفسية. أما الجاني - وهو شاب نمساوي عمره 18 عامًا - فقد قُتل خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة.
يقول فيليكس كلاين: "لا يوجد لدينا في ألمانيا سوى القليل من المجالات الاجتماعية، التي يكون فيها اليهود في مأمن من الكراهية المعادية للسامية" صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
"مكافحة معاداة السامية مهمة كل المجتمع"
ويقول فيليكس كلاين، مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية للحياة اليهودية في ألمانيا ومكافحة معاداة السامية منذ عام 2018: "لقد أصبحت كراهية اليهود في ألمانيا أمرًا طبيعيًا بحيث وصلت إلى مستوى مخجل". ويضيف أنَّ هذه الحوادث تشمل جميع مجالات الحياة: في الجامعات، حيث تنتشر الكتابات على الجدران والملصقات المعادية للسامية، وفي المظاهرات، حيث يُقارن سلوك إسرائيل بسلوك النازيين، ولدى نساء يُشتمن بوصفهن عاهرات يهوديات".
ومكافحة كراهية اليهود تعتبر بحسب كلاين مسألة شاملة. ولذلك فإنَّ النهج المحدود لا يكفي؛ بل يجب فهم مكافحة معاداة السامية كمهمة لكل المجتمع، كما يقول وينتقد: "تحميل اليهود مسؤولية جماعية عن ما يحدث في قطاع غزة. إذ بات يُنتظر من اليهود فجأةً أن يشرحوا ما يحدث هناك، على الرغم أنَّهم مواطنون ألمان".
يقول رون ديكل: "نحن نحتاج أخيرًا إلى جامعات لا تتجاهل معاداة السامية، بل تُبادر إلى العمل" صورة من: dts-Agentur/dpa/picture alliance
شعور بانعدام الأمن لدى الطلاب اليهود
ومن بين إبرز أعمال العنف المعادية للسامية وأكثرها إثارة خلال العام الماضي حادث الطالب اليهودي لاهاف شابيرا، الذي تعرض في بداية شباط/فبراير لضرب عنيف أثناء مغادرته أحد البارات في برلين، وخضع نتيجة لذلك لعملية جراحة بسبب إصابته بعدة كسور في الوجه. وكان الجاني حينها زميلًا له في الجامعة، وقد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
وفي هذا الصدد يقول رون ديكل، رئيس اتحاد الطلاب اليهود في ألمانيا: "لم يعد الكثير من الطلبة اليهود يشعرون بالأمان في الجامعات بألمانيا، وهذه ليست عبارة فارغة". ولذلك يطالب رون ديكل بوجود مفوض لمكافحة معاداة السامية في جميع الجامعات، وبضرورة الإبلاغ عن الحوادث ومعالجتها وملاحقتها. ويضيف أنَّ "هذا يتعلق بتمكننا من تصميم دراساتنا ليس بحسب المخاوف الأمنية، بل بحسب مصالحنا. والجامعات يجب أن تتوقف أخيرًا عن التسامح مع معاداة السامية والاستمرار في التهرب منها".
زيادة كبيرة على الإنترنت وفي المدارس
وبالإضافة إلى ما سبق وثَّق التقرير السنوي زيادة قياسية بلغت نحو 2000 تعبير معادٍ للسامية على الإنترنت، وهذا يعني أنَّ نحو ربع الحوادث المبلغ عنها قد حدثت على الإنترنت: من خلال البريد الإلكتروني أو رسائل عبر تطبيقات المراسلة أو تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي. وسجل مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) أعلى عدد من الحوادث المعادية للسامية ذات الخلفيات اليمينية المتطرفة حتى الآن، والتي بلغت 544 حادثًا. وكذلك زادت الحوادث المعادية للسامية زيادة كبيرة في المدارس، حيث تم الإبلاغ عن 284 حالة.
وخلال عرضه التقرير السنوي، رفض مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية، بنيامين شتاينيتس، الانتقادات الموجهة من الصحفي الإسرائيلي إيتاي ماشياخ إلى مركزه. وقال إنَّ هذا الصحفي اتهم مركزه في دراسة بـ"المبالغة في وصف الحوادث المعادية للسامية" وتفسير مصطلح "معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل" تفسيرًا فضفاضًا للغاية.
وفي الختام دعا مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية، بنيامين شتاينيتس، إلى سد الثغرات القانونية، وطالب بفرض "حظر على الهتافات الداعية إلى محو دولة عضو في الأمم المتحدة وإجراء إصلاح في القانون الخاص بمكافحة التحريض، وتحديد السمات العنصرية والمعادية للسامية".
أعده للعربية: رائد الباش
تحرير: خ.س

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 13 ساعات
- DW
مقتل 4 جنود إسرائيليين في غزة وسط نقص كبير في عديد الجيش – DW – 2025/6/6
أعلن نتنياهو مقتل أربعة جنود إسرائيليين في غزة، فيما أفاد الدفاع المدني الفلسطيني بمقتل 38 شخصاً في هجمات إسرائيلية اليوم. وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لسكان شمال القطاع، وسط نقص في عدد أفراده يصل لعشرة آلاف جندي. أ ف ب/د ب أ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة (6 يونيو/حزيران 2025) مقتل أربعة جنود في غزة، حيث أفاد صحافيون يغطون الأحداث العسكرية أنهم قُتلوا جميعا في مبنى مفخخ. وقدّم نتنياهو تعازيه "لعائلات أبطالنا الأربعة الذين سقطوا في غزة في معركة القضاء على حماس واستعادة رهائننا"، مُعلنا اسمي اثنين من الجنود، هما الرقيب الأول يوآف رافر، والرقيب الاحتياطي تشن غروس. يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل أربعة من جنوده وإصابة وأصيب خمسة آخرين خلال عملية في قطاع غزة. وأضاف الجيش أن الحادث وقع في مدينة خانيونس، الواقعة جنوب القطاع الساحلي. وبحسب تقارير متطابقة لوسائل إعلام إسرائيلية أطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، دخل الجنود مبنى كان قد تم تفخيخه بعبوة ناسفة، ما أدى إلى انفجارها وانهيار المبنى فوقهم. مقتل 38 فلسطينياً وأفاد الدفاع المدني في غزة بأن 38 شخصا قتلوا الجمعة في هجمات إسرائيلية أو إطلاق نار في مختلف أنحاء القطاع المحاصر والمدمر. وقال مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني محمد المغير لوكالة فرانس برس إن 38 شخصا قتلوا في هجمات إسرائيلية مختلفة منذ الفجر، بينهم 11 في غارة جوية استهدفت جباليا في شمال القطاع. أزمة بسبب النقص العددي أفاد الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه يعاني نقصاً في عديده يناهز عشرة آلاف جندي، بينهم ستة آلاف للوحدات المقاتلة، في وقت يكثف حملته العسكرية في قطاع غزة. وردا على سؤال عن تجنيد اليهود المتشددين في الجيش، قال المتحدث باسم الجيش ايفي ديفرين في مؤتمر صحافي متلفز إن الجيش "يعاني نقصاً يناهز عشرة آلاف جندي، بينهم نحو ستة آلاف جندي مقاتل. إنها حاجة عملانية فعلية، لذا نتخذ كل الخطوات الضرورية". إيقاف مؤقت لتوزيع الغذاء في غزة عن طريق غزة الإنسانية To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video أوامر بالإخلاء لسكان في شمال القطاع أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء للفلسطينيين في مناطق بشمال قطاع غزة، حسبما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي على منصة "إكس". وقال أدرعي: "هذا تحذير قبل الهجوم. سيهاجم الجيش الإسرائيلي أي منطقة يتم استخدامها لإطلاق الصواريخ". وأضاف المتحدث "المسؤولية عن إخلاء السكان وتشريدهم ومعاناتهم تقع على عاتق المنظمات الإرهابية وعلى رأسها حماس. من أجل سلامتكم، أخلوا المنطقة فورا باتجاه الغرب". تحرير: ع.ج.م


DW
منذ يوم واحد
- DW
قاضية تأمر بعدم تنفيذ قرار ترامب مؤقتا عن منع تأشيرات هارفرد – DW – 2025/6/6
بعد أن سبق لها أن عطلت جهودا سابقة لترامب - هدفت لمنع طلاب أجانب من الالتحاق بجامعة هارفرد- أمرت قاضية أمريكية الحكومة بعدم التطبيق المؤقت لقرار الرئيس الأمريكي القاضي بحظر دخول طلاب الجامعة الأجانب إلى الولايات المتحدة. أمرت قاضية أمريكية أمس الخميس (الخامس من يونيو/حزيران 2025) بتعليق جديد لتنفيذ قرار الرئيس دونالد ترامب الهادف إلى منع طلاب أجانب من الالتحاق بجامعة هارفرد فيما المعركة بين الرئيس وواحدة من أعرق جامعات العالم تتصاعد. وصدر عن البيت الأبيض مساء الأربعاء إعلان من شأنه منع غالبية الطلاب الأجانب الجدد في هارفرد من دخول البلاد. وأشار الإعلان إلى أن الطلاب الأجانب الحاليين قد تلغى تأشيراتهم. "ليست المحاولة الأولى" ورأت القاضية أليسون دي. بوروز في أمر قضائي أن الحكومة يجب ألا تطبق قرار ترامب. وقالت بوروز إن الجامعة أظهرت أنه من دون قرار تعليق موقت، قد تتعرض "لضرر فوري لا يمكن إصلاحه قبل أن تتاح الفرصة لسماع جميع الأطراف". وسبق للقاضية نفسها أن عطلت جهودا سابقة لترامب لمنع طلاب أجانب من الالتحاق بجامعة هارفرد. وفور صدور قرار ترامب عدلت هارفرد شكوى سابقة رفعتها إلى محكمة فيدرالية قائلة: "هذه ليست المحاولة الأولى للإدارة لقطع هارفرد عن طلابها الأجانب". وأضافت: "هذا جزء من حملة رد منسقة ومتصاعدة للحكومة على ممارسة هارفرد حقوقها المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور لرفضها مطالب الحكومة بالإشراف على حوكمتها وبرامجها و"أيديولوجية" أستاذتها وطلابها". جامعة خرّجت 162 من حائزي جوائز نوبل وكانت الحكومة قد ألغت منحا وعقودا فيدرالية بقيمة 3,2 مليارات دولار مع هارفرد وتعهدت بحجب أي تمويل فيدرالي جديد لهذه الجامعة العريقة الواقعة في كامبريدج في ولاية ماساتشوستس. ويسعى الرئيس الأمريكي إلى منع هارفرد من استقبال طلاب أجانب وفسخ عقودها مع الحكومة الفيدرالية وخفض المساعدات الممنوحة لها ببضعة مليارات الدولارات وإعادة النظر في وضعها كمؤسسة معفية من الضرائب. ووفق الموقع الإلكتروني للجامعة التي تعد من الأفضل في العالم وخرّجت 162 من الفائزين بجوائز نوبل، فإنها تستقبل نحو 6700 طالب دولي هذا العام، ما يشكل 27 في المئة من إجمالي المسجلين فيها. "انتقام حكومي من هارفرد" وفي شكواها أقرت جامعة هارفرد بأن ترامب لديه السلطة لمنع فئة كاملة من الأجانب إذا اعتبر أن ذلك يصب في المصلحة العامة، لكنها أكدت أن هذا ليس الحال في هذا الإجراء. وأضافت أن "قرارات الرئيس لا تهدف إلى حماية "مصالح الولايات المتحدة"، بل إلى انتقام حكومي ضد هارفرد". تجميد قرار ترامب بحظر تسجيل الطلاب الأجانب To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ولطالما صب ترامب غضبه على هارفرد التي تنتمي إلى آيفي ليغ، رابطة المؤسسات الجامعية الكبرى الأمريكية، والتي تصدت لعزم إدارته على ضبط عمليات الانتساب والتعيين والسيطرة على محتوى البرامج والتوجهات في مجال البحث. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، يستهدف ترامب الجامعات الأمريكية العريقة التي يتهمها بأنها معقل لمعاداة السامية و"أيديولوجيا اليقظة" (ووك). والأربعاء رفعت إدارة ترامب صوتها ضد جامعة كولومبيا العريقة في نيويورك، مهددة بسحب اعتمادها، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمانها من التمويل الفيدرالي. ويتهم ترامب الجامعات الأمريكية بمعاداة السامية لأنها سمحت للاحتجاجات الطلابية على الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة بالاستمرار في حرمها. تحرير: عماد غانم


DW
منذ يوم واحد
- DW
لماذا تضاعفت الاعتداءات المعادية للسامية في ألمانيا؟ – DW – 2025/6/6
وثّق مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) في ألمانيا زيادة بنسبة 77 بالمائة في الاعتداءات المعادية للسامية العام الماضي عن العام الذي قبله، وبمعدل نحو 24 اعتداء يومياً. ما أسباب هذه الطفرة؟ "عبّرت لي قبل بضعة أشهر امرأة يهودية وأم لطفلين عن عواقب معاداة السامية في ألمانيا على حياتها اليومية كما يلي: جميع استراتيجيات التعامل مع معاداة السامية في الحياة اليومية لم تعد ذات نفع منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023"، يقول بنيامين شتاينيتس، مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) خلال تقديمه في برلين التقرير السنوي الصادر عن مركزه. سجّلت العام الماضي مراكز الإبلاغ عن معاداة السامية وقوع 8627 حادثًا معاديًا للسامية في ألمانيا. وهذا يمثّل زيادة مثيرة للقلق بنسبة 77 بالمائة بالمقارنة مع عام 2023: فقبل عامين، بلغ متوسط الحوادث المعادية للسامية 13 حادثًا في اليوم؛ بينما تضاعفت في عام 2024 وارتفع عددها إلى أقل بقليل من 24 حادثًا في اليوم. حيث ارتفعت حوادث معاداة السامية في ألمانيا بشكل كبير منذ هجوم حركة حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 والحرب التي اندلعت بعده في غزة. وحول ذلك يقول بنيامين شتاينيتس: "مع استمرار الحرب في غزة ومعاناة المدنيين الفلسطينيين التي لا تطاق، تراجع في ألمانيا أيضًا التأييد لإجراءات الحكومة الإسرائيلية". والنتيجة المحزنة: "لم نعرف من قبل بوقوع عدد أكبر من الحوادث المعادية للسامية خلال عام واحد - سواء في الشوارع أو المؤسسات التعليمية أو المواقع التذكارية أو على الإنترنت - أكثر مما عرفناه في عام 2024". زيادة الهجمات على الأفراد وكذلك ارتفع بشكل حاد عدد حوادث معاداة السامية المباشرة ضد أفراد يهود أو إسرائيليين إلى 1309 اعتداء. كما حدث في كانون الأول/ديسمبر بولاية ساكسونيا الألمانية عندما كانت امرأة تقرأ الأخبار باللغة العبرية في هاتفها الذكي وتعرضت للإهانة من قبل مجموعة هددتها بهتافات "زيغ هايل" (عاش النصر) النازية. وهذه الحوادث تمثّل تهديدًا خاصًا بالنسبة للمتضررين. وينتقد بنيامين شتاينيتس الوضع في ألمانيا قائلًا إنَّ "خطر تعرض اليهود رجالًا ونساءً للمعاداة في ألمانيا زاد غالبًا بشكل موضوعي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومع ذلك يبدو أنَّ النقاشات حول تعريف معاداة السامية تحتل حيِّزًا أكبر من التعاطف مع المتضررين". يقول بنيامين شتاينيتس: "السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 نقطة تحول تُغيّر حتى يومنا هذا حياة اليهود في جميع أنحاء العالم" صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance ويضيف أنَّ التضامن مع المتضررين من معاداة السامية وضحايا 7 تشرين الأول/أكتوبر الإسرائيليين لا يتعارض مع "التعاطف مع وضع الناس في غزة وانتقاد الحكومة الإسرائيلية على إجراءاتها في قطاع غزة". وكذلك سجّل مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) وقوع ثمانية حوادث عنف شديد في العام الماضي. ومنها مثلًا حادث وقع في 5 أيلول/سبتمبر 2024 بمدينة ميونيخ الألمانية - في ذكرى هجوم أولمبياد عام 1972؛ حيث قام شخص يشتبه بأنَّه إسلاموي بإطلاق عدة طلقات نارية على القنصلية الإسرائيلية ومركز توثيق جرائم النازية. وقد أسفر هذا الحادث عن إصابة شخصين بأضرار طفيفة نتيجة صدمة نفسية. أما الجاني - وهو شاب نمساوي عمره 18 عامًا - فقد قُتل خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة. يقول فيليكس كلاين: "لا يوجد لدينا في ألمانيا سوى القليل من المجالات الاجتماعية، التي يكون فيها اليهود في مأمن من الكراهية المعادية للسامية" صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance "مكافحة معاداة السامية مهمة كل المجتمع" ويقول فيليكس كلاين، مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية للحياة اليهودية في ألمانيا ومكافحة معاداة السامية منذ عام 2018: "لقد أصبحت كراهية اليهود في ألمانيا أمرًا طبيعيًا بحيث وصلت إلى مستوى مخجل". ويضيف أنَّ هذه الحوادث تشمل جميع مجالات الحياة: في الجامعات، حيث تنتشر الكتابات على الجدران والملصقات المعادية للسامية، وفي المظاهرات، حيث يُقارن سلوك إسرائيل بسلوك النازيين، ولدى نساء يُشتمن بوصفهن عاهرات يهوديات". ومكافحة كراهية اليهود تعتبر بحسب كلاين مسألة شاملة. ولذلك فإنَّ النهج المحدود لا يكفي؛ بل يجب فهم مكافحة معاداة السامية كمهمة لكل المجتمع، كما يقول وينتقد: "تحميل اليهود مسؤولية جماعية عن ما يحدث في قطاع غزة. إذ بات يُنتظر من اليهود فجأةً أن يشرحوا ما يحدث هناك، على الرغم أنَّهم مواطنون ألمان". يقول رون ديكل: "نحن نحتاج أخيرًا إلى جامعات لا تتجاهل معاداة السامية، بل تُبادر إلى العمل" صورة من: dts-Agentur/dpa/picture alliance شعور بانعدام الأمن لدى الطلاب اليهود ومن بين إبرز أعمال العنف المعادية للسامية وأكثرها إثارة خلال العام الماضي حادث الطالب اليهودي لاهاف شابيرا، الذي تعرض في بداية شباط/فبراير لضرب عنيف أثناء مغادرته أحد البارات في برلين، وخضع نتيجة لذلك لعملية جراحة بسبب إصابته بعدة كسور في الوجه. وكان الجاني حينها زميلًا له في الجامعة، وقد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. وفي هذا الصدد يقول رون ديكل، رئيس اتحاد الطلاب اليهود في ألمانيا: "لم يعد الكثير من الطلبة اليهود يشعرون بالأمان في الجامعات بألمانيا، وهذه ليست عبارة فارغة". ولذلك يطالب رون ديكل بوجود مفوض لمكافحة معاداة السامية في جميع الجامعات، وبضرورة الإبلاغ عن الحوادث ومعالجتها وملاحقتها. ويضيف أنَّ "هذا يتعلق بتمكننا من تصميم دراساتنا ليس بحسب المخاوف الأمنية، بل بحسب مصالحنا. والجامعات يجب أن تتوقف أخيرًا عن التسامح مع معاداة السامية والاستمرار في التهرب منها". زيادة كبيرة على الإنترنت وفي المدارس وبالإضافة إلى ما سبق وثَّق التقرير السنوي زيادة قياسية بلغت نحو 2000 تعبير معادٍ للسامية على الإنترنت، وهذا يعني أنَّ نحو ربع الحوادث المبلغ عنها قد حدثت على الإنترنت: من خلال البريد الإلكتروني أو رسائل عبر تطبيقات المراسلة أو تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي. وسجل مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية (RIAS) أعلى عدد من الحوادث المعادية للسامية ذات الخلفيات اليمينية المتطرفة حتى الآن، والتي بلغت 544 حادثًا. وكذلك زادت الحوادث المعادية للسامية زيادة كبيرة في المدارس، حيث تم الإبلاغ عن 284 حالة. وخلال عرضه التقرير السنوي، رفض مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية، بنيامين شتاينيتس، الانتقادات الموجهة من الصحفي الإسرائيلي إيتاي ماشياخ إلى مركزه. وقال إنَّ هذا الصحفي اتهم مركزه في دراسة بـ"المبالغة في وصف الحوادث المعادية للسامية" وتفسير مصطلح "معاداة السامية المتعلقة بإسرائيل" تفسيرًا فضفاضًا للغاية. وفي الختام دعا مدير مركز الأبحاث والمعلومات حول معاداة السامية، بنيامين شتاينيتس، إلى سد الثغرات القانونية، وطالب بفرض "حظر على الهتافات الداعية إلى محو دولة عضو في الأمم المتحدة وإجراء إصلاح في القانون الخاص بمكافحة التحريض، وتحديد السمات العنصرية والمعادية للسامية". أعده للعربية: رائد الباش تحرير: خ.س