
دماء غزة في كفة الميزان.. قرار حماس بين هيمنة الإخوان والمسؤولية الوطنية
الواضح هو أن حماس تتحرك في ساحة معقدة من المصالح المتشابكة، حيث تتصاعد الاتهامات بأن دماء الغزاويين "رخيصة" في حساباتها السياسية، بينما تؤكد هي أن شروط الهدنة تحمل في طياتها ضمانات لإنقاذ القطاع وإنهاء الحصار.
المطالب الأساسية لحماس في الهدنة الأخيرة أكثر من مجرد وقف إطلاق نار، حيث تستند مطالب حماس في جولة المفاوضات الحالية (يوليو 2025) إلى ثلاثة محاور جوهرية تعكس محاولة لتحقيق مكاسب استراتيجية، الأول هو الحصول على ضمانات دولية بوقف دائم لإطلاق النار، وترفض حماس فكرة الهدنة المؤقتة (60 يوماً) دون ضمانات مكتوبة - هذه المرة مباشرة من الرئيس الأمريكي ترامب - بعدم استئناف إسرائيل القتال بعد انتهاء المدة، حتى لو فشلت المفاوضات حول تسوية دائمة، ربما هذا التشدد يعكس درساً مستفاداً من التجارب السابقة حيث انهارت الهدن المؤقتة، أما المحور الثاني من وجهة نظر حماس فهو إعادة السيطرة على المعابر والمساعدات ونلاحظ مطالبة حماس بعودة "نموذج توزيع المساعدات السابق" عبر الأمم المتحدة، وهو ما تعتبره إسرائيل محاولة لاستعادة نفوذها الإداري والاقتصادي في القطاع، ويتبلور المحور الثالث في إيجاد آلية إطلاق سراح متوازنة، ويقترح الاتفاق الحالي إطلاق 8 رهائن أحياء في اليوم الأول مقابل إطلاق سراح عدد غير محدد من الأسرى الفلسطينيين، مع انسحاب إسرائيلي من مواقع محددة، ثم يتوزع إطلاق سراح الباقي (10 أحياء و18 متوفياً) على مدى الـ60 يوماً، مع منع أي احتفالات دعائية بنقل الرهائن كما حدث سابقاً.
ولأن حماس هي مجرد فصيل تابع لشبكة عنكبوتية أكبر وهي تنظيم الإخوان المسلمين، نجد أنه من المهم للمتابع أن يرصد علاقة حماس بالإخوان المسلمين وهل هناك استقلال للقرار الحمساوي أم تبعية تنظيمية؟
نشأت حركة حماس من رحم جماعة الإخوان المسلمين، حيث تأسست كفرع فلسطيني للجماعة عام 1987. لكن العلاقة التنظيمية المباشرة انقطعت عملياً بعد فترة قصيرة، مما جعل حماس كياناً مستقلاً تنظيمياً وإن حافظ على روابط فكرية، والانفصال التنظيمي هذا أكده مسؤولون في حماس مثل عزت الرشق أن الحركة "ليست لها علاقة تنظيمية مع الإخوان أو غيرهم"، وأنها "حركة وطنية فلسطينية مستقلة". كما نفى خالد مشعل أي تدخل لحماس في الشأن الداخلي لجماعة الإخوان، وبالرغم من هذا النفي إلا أن البعض يرى أنه النفي الذي يثبت التأكيد، وذلك لبروز التأثير السياسي غير المباشر من جماعة الإخوان، وبالرغم من الاستقلال التنظيمي المزعوم، تبقى حماس جزءاً من منظومة التحالفات الإقليمية للإخوان، وهو ما يظهر في مواقف مثل رفض إسماعيل هنية إدانة جماعة الإخوان في مصر بعد تصنيفها "إرهابية" عام 2014، قائلاً: "لا يمكن لحماس أن تتنكر لأيديولوجيتها أو تاريخها". هذا الموقف أثر على العلاقات مع مصر، مما زاد معاناة الغزاويين.
وهنا يجد الجميع أنهم أمام معادلة صعبة وهي دماء الغزاويين بين المقاومة والمسؤولية. لذلك تواجه حماس انتقادات حادة بأنها تقدم مصالحها السياسية وأمن قياداتها على حياة المدنيين في غزة، وهي اتهامات تصل إلى حد القول إن "الدم الغزاوي رخيص في حساباتها"، حيث تلتزم حماس بإستراتيجية يمكن تسميتها باستراتيجية المناورة والمخاطرة، وما يجعلنا نقول ذلك هو رفض حماس المتكرر للصفقات السابقة بحجة "عدم ضمان إنهاء الحرب" وهو ما أدى إلى استمرار القتال وزيادة الضحايا، ففي مايو 2025، رفضت حماس عرضاً مشابهاً لأنها طالبت بـ"ضمانات أمريكية بعدم استئناف القتال"، مما أطال أمد المعاناة. كما لاحظ المتابعون أن حماس مازالت تواصل فكرة السيطرة السياسية وفق ما يخدم بقاءها كنظام حكم في غزة.
وما بين شعبية المقاومة وثقل المسؤولية تتحرك حماس في مسار يحاول الربط بين ضرورة الحفاظ على شرعيتها كمقاومة، ومسؤوليتها تجاه شعب يعاني ويلات حرب لا هوادة فيها.. ولا تعنى استقلاليتها النسبية عن تنظيم الإخوان الدولي انفصالاً عن مرجعيتها الأيديولوجية، لكنها تمنحها هامشاً لقرارات "براجماتية" كالقبول بالتفاوض مع العدو، لكن السؤال الأقسى يبقى هل يمكن تبرير استمرار الوضع القائم إذا كان الثمن هو تحويل غزة إلى ركام ورفات؟ ربما تكون إجابة الغزاويين أنفسهم - وهم يدفعون الثمن - هي الفيصل في شرعية أي قرار، وفي النهاية، فإن دماء الأطفال الذين يموتون تحت الأنقاض قبل أن يدركوا معنى "المشروع الوطني" قد تكون هي الشاهد الأبلغ على فداحة الثمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 23 دقائق
- الاتحاد
فرنسا تعتزم عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان
باريس (الاتحاد) أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف جميع الانتهاكات، كما شددا على دعم قدرات الجيش اللبناني، فيما أبلغ الرئيس الفرنسي رئيس الوزراء اللبناني، بأن باريس تخطط لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان، حسبما ورد في بيان عن رئاسة الحكومة اللبنانية. وأجرى نواف سلام زيارة رسمية إلى فرنسا حيث التقى بالرئيس الفرنسي، في قصر الإليزيه، وهي أول زيارة رسمية له إلى باريس منذ تسلمه مهامه. وخلال اللقاء، الذي عقد أمس الأول، عرض رئيس الحكومة اللبنانية، التحديات التي تواجهها البلاد، مؤكّداً التزام الحكومة بمواصلة العمل الجاد لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، واستعادة الثقة المحلية والدولية، وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. من جهته، أشاد ماكرون بإصرار الحكومة اللبنانية على المضي قدماً في مسار الإصلاح، وجدد دعم فرنسا الثابت لسيادة لبنان واستقراره وازدهاره، ولجهود السلطات اللبنانية في إنعاش الاقتصاد وإصلاح المؤسسات. وأشار الرئيس الفرنسي، إلى أن بلاده تستعد لتنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان في باريس، بالتوازي مع الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وذلك بعد إقرار القوانين الإصلاحية الأساسية، لا سيما في القطاعين المصرفي والقضائي. وفي هذا السياق، أبلغ الرئيس الفرنسي رئيس الحكومة اللبنانية، أن بلاده ستُساهم بمبلغ 75 مليون يورو في مشروع المساعدة الطارئة للبنان (LEAP) التابع للبنك الدولي، دعماً لإعادة إعمار المناطق المتضررة. كما شدد الطرفان على أهمية تجديد ولاية قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، وتعزيز آلية مراقبة وقف إطلاق النار. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام وماكرون معاً، ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف جميع الانتهاكات، كما شددا أيضاً على دعم قدرات الجيش اللبناني بما يعزّز دوره الحصري في امتلاك السلاح وبسط سلطة الدولة. وفي المجال القضائي، أعرب الجانب الفرنسي عن استعداده لتقديم الدعم الفني والمالي لإصلاح القضاء، من خلال إيفاد خبير إلى وزارة العدل اللبنانية، وإطلاق تعاون بين المدرسة الوطنية للقضاء الفرنسية ومعهد الدروس القضائية في لبنان. كذلك، أعادت فرنسا التأكيد على استعدادها لمواكبة التعاون اللبناني-السوري لضبط الحدود المشتركة، وتقديم الدعم التقني اللازم لترسيمها، مستفيدة من الأرشيف التاريخي المتوفّر لديها. وأعرب رئيس الحكومة اللبنانية، في ختام اللقاء، حسبما ورد في بيان، عن امتنانه للدعم الفرنسي المتجدّد للبنان في مختلف المجالات.


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
ترامب يضغط لصفقات سريعة.. منح أوروبا 50% أملا قبل المفاوضات
تم تحديثه السبت 2025/7/26 12:31 ص بتوقيت أبوظبي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة إن فرص توصل واشنطن إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية على الواردات تبلغ 50%. وسعيا لخفض العجز التجاري الأمريكي تعهد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية على عشرات الدول إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بحلول الأول من أغسطس/آب. وقال ترامب للصحفيين أثناء مغادرته البيت الأبيض متوجها إلى إسكتلندا "أعتقد أن لدينا فرصة 50%، ربما أقل من ذلك، ولكن فرصة 50% للتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي". ووعدت إدارته بإبرام "90 صفقة خلال 90 يوما" بعد تأجيل فرض رسوم جمركية باهظة في أبريل/نيسان، لكنها لم تكشف حتى الآن سوى عن خمسة اتفاقات من بينها مع بريطانيا واليابان والفيليبين. وسمحت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون للمفوضية الأوروبية بالسعي للتوصل إلى اتفاق يجنبها الرسوم الباهظة، بعدما هدد ترامب بفرض رسوم نسبتها 30% في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الشهر. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي وواشنطن يتجهان ببطء نحو التوصل إلى اتفاق يتضمن فرض ضريبة أمريكية أساسية بنسبة 15% على سلع الاتحاد الأوروبي، مع استثناءات محتملة لقطاعات حيوية، وفقا لما ذكره عدد من الدبلوماسيين لوكالة فرانس برس. لكن دول الاتحاد الأوروبي أيدت الخميس حزمة إجراءات انتقامية على سلع أمريكية بقيمة 109 مليارات دولار (93 مليار يورو)، تطبق اعتبارا من 7 أغسطس/آب في حال فشل المحادثات. وأكد ترامب أن معظم الاتفاقات التي يسعى إليها أُنجزت، رغم أنه أوضح أنه كان يتحدث عن إرسال رسائل بخصوص فرض رسوم جمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بدلا من التفاوض على اتفاقات للتبادل الحر. وستنعكس الرسوم الجمركية المفروضة على دول أخرى في نهاية المطاف على المستهلكين الأمريكيين كنوع من الضريبة على المشتريات، إذ يتحمّلها المستوردون وليس البلدان التي تصدّر السلع أو الخدمات. وقال ترامب للصحفيين "لا أريد الإساءة للدول، لكننا سنبعث رسالة خلال الأسبوع، مفادها: ستدفعون 10%، ستدفعون 15%، وربما أقل، لا أعلم". وأكد أن مفاوضيه يعملون "بجد" مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، لكنه أضاف "لم يحالفنا الحظ كثيرا" في المحادثات مع كندا، التي هددها ترامب برسوم جمركية بنسبة 35%. وأضاف ترامب للصحفيين أن الولايات المتحدة والصين، ثالث أكبر شريك لواشنطن في تجارة السلع هذا العام، لديهما "إطار اتفاق". aXA6IDIwNC45My4xNDcuNTEg جزيرة ام اند امز PL


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
عبدالله بن زايد يؤكد مواصلة الإمارات عملها مع الشركاء لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
رحّب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين. واعتبر أن هذه الخطوة تعزز جهود المجتمع الدولي لتحقيق حل الدولتين، وإرساء سلام عادل ودائم في المنطقة. وأعرب عن تقدير دولة الإمارات لهذا القرار المهم، الذي يأتي في لحظة مفصلية تتطلب من المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته، والعمل بشكل جماعي لتفعيل المسار السياسي، وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويدعم في الوقت نفسه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. كما جدّد، تأكيد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم تطلعات الشعب الفلسطيني، وصَون حقوقه، ومواصلة العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق حل عادل ومستدام يُنهي الصراع، ويُمهّد لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لشعوب المنطقة. aXA6IDQzLjIyOS4xMC44NSA= جزيرة ام اند امز AR