
هل تخرج رسائل 'التغيير' من داخل البرلمان؟
صحيح، جردة حسابات مجلس النواب الـ20 في عامه الأول، كما عكستها الاستطلاعات والتقييمات والانطباعات العامة، تبدو أقل بكثير من المطلوب والمأمول، حيث لم نشهد إفرازات إيجابية لعملية التحديث السياسي، لا على صعيد الأحزاب ولا الكتل ولا الأداء العام، لكن الصحيح، أيضاً، أننا أمام استحقاقات وتحولات تاريخيّة صعبة تقتضي «شدّ براغي» المجلس، واعادته إلى السكة الصحيحة، بحيث يكون له دور وصوت وموقف، سواء على صعيد الرقابة والتشريع، أو على صعيد التمثيل الشعبي؛ هيبة المجلس وقوته وصدقيته تنتصب على عمودين: إدارة المجلس، وأداء أعضائه.
في هذا الإطار، بدأت مبكراً، وعلى غير العادة، نقاشات واسعة بين عدد كبير من النواب للوصول إلى تفاهمات حول تجويد أداء البرلمان، واختيار الرئيس القادم وأعضاء المكتب الدائم، وفق معلومات اجتمع نحو 60 نائباً، وتوافقوا على اختيار مرشح من بين خمسة نواب أبدوا رغبتهم بالترشح لقيادة المجلس في السنة القادمة، ربما لا تنجح المحاولة، وربما نشهد مسارات أخرى للتنافس بين عدد من المرشحين بانتظار أن يحسم التصويت مَنْ صاحب النصيب، وربما تحدث مفاجآت لا نتوقعها الآن.
رئيس مجلس النواب الحالي، وفق معلومات أيضاً، لم يحسم حتى الآن موقفه، لكن ثمة مؤشرات تؤكد أن لديه الرغبة في الترشح، بالاستجابة لا بالمبادرة، ما حصل في جلسة ( 21 نيسان)، من نقاشات حول قرار الدولة بحظر (جماعة الاخوان) ما زالت أصداؤها تتردد داخل الفضاء العام، صورة المجلس تضررت كثيراً، ولا يمكن لأي تقييم حول أداء المجلس أن يتجاوز هذه الواقعة، السابقة (إن شئت) التي لا يقبل أحد ان تتكرر.
داخل المجلس، تتردد أسئلة عديدة حول ملفات عالقة، منها ملف حزب جبهة العمل الإسلامي، ومستقبل نوابه الـ 31، وفيما إذا كان حل الحزب وارداً او حل البرلمان بعد دورته القادمة وارداً أيضاً، ومنها ملف موقع ودور البرلمان، ورئاسته تحديداً، من الاستحقاقات السياسية القادمة على صعيد الداخل والإقليم ( للتذكير بدور برلمان 1994 )، ومنها ملف النفقات داخل المجلس في العام المنصرف، ومنها، أيضاً، ملف توزيع المواقع الإدارية وفق خرائط منصفة تعكس تنوع الحالة البرلمانية وبوصلة السياسة العامة، كل هذه الملفات وغيرها تحتاج إلى مراجعة شاملة وإجابات مدروسة وواضحة، تصبّ باتجاه إفراز مجلس برلماني قادر على تحمل مسؤولياته الوطنية، وباتجاه تغييرات حقيقية تعكس خيارات الدولة ودقة اختيار أدواتها، هل أقول رجالاتها أيضا؟
بقي نحو ثلاثة أشهر على موعد انعقاد دورة البرلمان القادمة، من المتوقع أن يشهد بلدنا خلالها العديد من المستجدات، الدولة -في تقديري- تتحرك باتجاه إعادة تقييم ومراجعة الأداء العام للمؤسسات في العامين المنصرفين، ثم وضع خطة وسيناريوهات للتكيف مع التطورات المتوقعة على صعيد الإقليم ومواجهة ما تحمله من أخطار وتهديدات، البرلمان جزء مهم من المشهد الداخلي، ليس -فقط – لأنه يعكس نتائج عملية التحديث السياسي، من جهة أين أخطأنا وأين أصبنا، وإنما لانه -أيضاً – يمثل «البوابة الشعبية»، اقصد إرادة الشعب، او هكذا يفترض، لإعطاء القرارات والخيارات شرعيتها لدى الأردنيين، باعتباره ممثلاً لهم.
هنا، يجب أن ندقق في الصورة عند التفكير بحسم اختياراتنا، مهم أن يتم التوافق على انتخاب مرشح كفؤ للرئاسة، مهم أن تكون علاقة البرلمان مع الحكومة متكافئة، مهم -أيضاً- أن يتمتع البرلمان، خلال المرحلة القادمة، بما يستحقه من هيبة وفاعلية ومصداقية، هذا كله يصب في المصلحة العليا للدولة التي نريد، جميعاً، أن تبقى قوية، لمواجهة الأعاصير والتحديات القادمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 17 دقائق
- الغد
استحالات الأردن أمام أزمات الجوار
لا يستطيع الأردن عزل نفسه تماما عن أزمات الجوار، والذين يظنون أن بإمكان الأردن عزل نفسه تماما لا يدركون أن الأزمات عابرة نحونا إجباريا، مهما حاولنا الانغلاق، أو حتى النأي بالنفس، أو تجنب الكلف. اضافة اعلان مناسبة هذا الكلام أن هناك اتجاهات تعتقد أن النأي بالنفس بشكل كامل أمر ممكن، لصالح الأولويات الأردنية، وقد أتفق مع هؤلاء في أن الأولويات الأردنية يجب أن تبقى حاضرة، وألا تغيب، لكن كلفة الأزمات لا يمكن تجنبها تماما، بل بحاجة إلى إطفاء وإدارة محكمة من أجل تخفيف الكلفة. الاتجاه الذي يقول لماذا ندفع كلف غيرنا، كلف الحروب والصراعات، ربما يتجاهل أن طبيعة أزمات المنطقة متدافعة وتتوزع على الكل وليست حصرية بالدولة أو الشعب المتضرر، وليس أدل على ذلك من تأثيرات الوضع في غزة والضفة على الأردن، وكلف الملف السوري، وتحديدا مناطق الجنوب، والمخاوف من إقامة حدود إسرائيلية على طول الحدود الأردنية السورية، أو حتى دويلات صغيرة، وهي كلها أزمات ليست أردنية، لكن مصلحة الأردن تكمن في أمرين، أولهما إطفاء هذه الأزمات، وثانيهما حشر الأزمات في مواقعها ومحاولة منع تمددها نحو الأردن. الأهم من كل هذا الكلام ما يتعلق بالتخطيط الإستراتيجي لواشنطن وتل أبيب، وإذا ما كانتا ضمن التخطيط الأشمل والأخطر تريدان حقا حشر الأزمات ضمن حدود معينة، ـم تريدان توسعة دائرة التأثيرات السياسية والـمنية والاقتصادية، بهدف خلخلة كل المنطقة، وصولا للهدف المعلن أي إعادة رسم الشرق الأوسط، وهو مخطط تتهاون إسرائيل ذاتها بشأنه وتعتقد أن لا أحد من شعوب المنطقة قادر على الوقوف في وجهها، أو مخططاتها. حى الآن هناك إدارة جيدة للأزمات، ومحاولات الإطفاء في فلسطين وسورية، مثلا تجري بدرجات متفاوتة، وبرغم ذلك تنعكس الأزمات إجباريا على الأردن، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وليس أدل على ذلك من حصول تراجعات مختلفة في قطاعات متعددة، لكن الاعتقاد أنه يمكن إغلاق الأبواب والشبابيك كليا لتجنب الكلف، اعتقاد مستحيل، فنحن جزء من المنطقة، والإقليم، ولسنا فرادى، ولذلك هناك فرق كبير بين دعوات الانغلاق غير القابلة للتنفيذ، والدعوات لحماية الداخل وتخفيف كلف الأزمات في دول جوار الأردن، وهي أزمات قابلة للانفجار أكثر. نحن اليوم بحاجة إلى مقاربة مختلفة، خصوصا، مع التوقعات بشأن ملفات الإقليم وما يجري في سورية، وقطاع غزة، والضفة وما قد يستجد في لبنان، والعراق أيضا، وملف إيران الذي قد لا يغيب طويلا، وما يتعلق بالتخطيط الإستراتيجي الإسرائيلي والأميركي لتركيا ومصر، وهذا يعني أننا نعيش استراحات جزئية بين شوطين في ملفات المنطقة، وليس خاتمة لكل هذا المشهد الخطير والدموي، الذي لا يقف في وجهه أحد كما يجب. استحالات الأردن في الملف الإقليمي متعددة، أبرزها استحالة النأي بالنفس تماما، مثلما أن الركون للمشهد الحالي غير منطقي في ظل أزمات قابلة للتوسع وليس الوصول للنهايات بما يطرح علينا أسئلة كثيرة هذه الأيام. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا


الغد
منذ 18 دقائق
- الغد
هل ستحتل إسرائيل الأردن؟
منذ أن اطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية تصريحاته حول إسرائيل الكبرى التي تشمل الأردن، والردود اللغوية تنهمر، وكأن إسرائيل يهمها الكلام. اضافة اعلان إسرائيل تهتم فقط بالإجراءات والاستعدادات في وجه أي مخطط، ولا يهمها كل هذا التهديد العاطفي الذي يتميز به الإنسان العربي عموما، مع أن حق التعبير عن الغضب مكفول ومطلوب، لكنه غير كاف وليس منتجا. هذا المشروع ليس جديدا وله عدة نسخ، بعضها قائم على التمدد الجغرافي أي الاحتلال، أو تمدد النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي والأمني في مناطق إسرائيل الكبرى، دون احتلال جغرافي، أو حتى إيصال بعض أهل المنطقة مثلما شهدنا في بعض مناطق جنوب سورية، إلى مرحلة خروج الجماهير للمطالبة بحماية إسرائيل، باعتبارها أم المظلومين في المنطقة. السؤال الأهم الذي تردد في الأردن كان يتعلق بالتمدد الجغرافي الإسرائيلي واحتلال الأردن أو أجزاء من الأردن، وهذا السؤال بحاجة إلى إجابة تفصيلية، دون مبالغة أو إثارة أو تضليل للرأي العام في الأردن؟ بداية يقال إن إسرائيل تغرق في غزة منذ عامين، ولا تستعيد عشرين أسيرا، ولا توقف مقاومتها وهي غير قادرة على التعامل مع تداعيات حرب غزة، وغير مؤهلة عسكريا وسياسيا واقتصاديا وبشريا لاحتلال دول ثانية، أصلا، مثلما أنها تواجه ذات الأزمة داخل الضفة الغربية، وفلسطين 1948، وتشتبك مع سبعة ملايين فلسطيني لا تعرف ماذا تفعل بهم، وليس لديها الإمكانات المالية ولا البشرية لإدارة شعوب ثانية واحتلال أراض ثانية، والدخول في حروب ثانية مع شعوب لديها ثأر شخصي مع الاحتلال. إسرائيل ربما تلجأ إلى سيناريو بديل، أي خلخلة الدول المستقرة بوسائل مختلفة، وفي الحالة الأردنية، فإن محاولة الخلخلة تكمن في عدة احتمالات، أولها تفجير الحدود الغربية للأردن مع فلسطين، إذا استطاعت فرض مخطط التهجير من الضفة لإغراق الأردن سكانيا واقتصاديا وأمنيا، أو تفجير الحدود الشمالية مع جنوب سورية، من خلال إنشاء دويلات تابعة لها في جنوب سورية، أو مد الفوضى في تلك المناطق إلى الأردن لنكون أمام ساحات مفتوحة ومتشابكة، تفتح علينا أبواب الهجرات والحرب واللجوء والسلاح والتفجيرات والاستثارات والانقسامات. سيناريو الخلخلة عبر التصورات السابقة يقوم على مبدأ واحد إحداث الفوضى قبل الاحتلال، أو إحداث الفوضى عبر فئات محلية بديلة في الأردن، أو بسبب أي عوامل اقتصادية، أو أزمات أمنية قد تتم صناعتها، أو صناعة انقسامات داخلية، أو فتن، وتوظيف كل المحرمات. هذا يعني أن مشروع إسرائيل الكبرى ليس بهذه البساطة، فلن ينام الاحتلال ونصحو على دباباته على نهر الأردن، بل سيسبق ذلك تمهيدا وتوطئة، بما يوجب على الكل في الأردن تقدير الأخطار جيدا، وعدم الاستدراج نحو أزمات الإقليم، ولو تحت عناوين متعددة، وعدم جر الداخل الأردني نحو الأفخاخ، وهي أفخاخ يعرفها الناس، والمراهنة على وعيهم تبقى مرتفعة. في الوقت نفسه لا بد من إبقاء المساحات الحيوية المتاحة بدرجات متفاوتة لكل القوى الأردنية المناوئة للاحتلال، لأن هذه قوى تحشيد نحتاجها في هذه الفترة، خصوصا إذا صبت لصالح الأردن من حيث النتيجة وتحت مظلة حسابات يتوجب مراعاتها، في وجه مشروع يريد ابتلاع الأردن. بلا شك لا يمكن تقديم الأردن بصورة البلد الضعيف، فله مؤسساته وشعبه، وهناك من سيدافع عنه، أي أن افتراض سهولة تحقيق مخطط إسرائيل الكبرى، افتراض وهمي إلى حد كبير، لكن قد تحاول إسرائيل تنفيذه، ولو بشكل جزئي أيضا من خلال رغبتها بالسطو على أراض محددة مثلما جرى في لبنان، وسورية، وهذا يعني أن المخطط يبقى واردا، مع صعوبة تنفيذه. يقال كل الكلام السابق بهدف واحد، أي تحديد الخطر ومصادره، دون مبالغة وإخافة الناس، ودون تهوين عاطفي لا يقرأ الإخطار جيدا. ذاق الاحتلال الويل داخل مناطق هشة وأكثر ضعفا مثل غزة، فتجرأ على الأبرياء، وفي حالة الأردن لن يكون الأمر بهذه السهولة، حتى لو حاول نتنياهو بث الرسائل للداخل الإسرائيلي المتطرف، والظهور بصورة الشجاع الذي يريد أن يحتل كل المنطقة، فيما هو عالق في غزة حتى الآن. يريد إسرائيل الكبرى، ونحن نريد فلسطين الكبرى من النهر إلى بحرها. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا


الغد
منذ 19 دقائق
- الغد
الجدل الدائر حول الضمان
النقاش الدائر حاليا حول الضمان يتجه في مسارين متوازيين، كل منهما يحمل نقاطًا تستحق التوقف والتفكير، فالمسار الأول يتناول التحديات الهيكلية في نظام التقاعد، وهو طرح منطقي وواقعي، والآخر متعلق بصندوق استثمار أموال الضمان. اضافة اعلان وهنا من المهم التفريق بين دور المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي كمظلة تأمينات اجتماعية، ودور صندوق استثمار أموال الضمان كمؤسسة مالية تدير استثمار موجودات الضمان الاجتماعي وتنميتها وفقا لاعتبارات استثمارية بحتة، تهدف إلى تعظيم العوائد المتحققة على الموجودات، هذا بالإضافة إلى الدور التنموي والاجتماعي الذي لا يتوجب إغفاله في جميع الأحوال. نعم، أنا اتفق، ان هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في المنظومة التأمينية، وعلى رأسها التقاعد المبكر ومعالجة التشوهات والتوسع في نطاق الشمول، وعلى نحو يعزز من استدامة الضمان الاجتماعي. وهنا يتوجب التذكير ان المؤسسة سبق وأن تقدمت بمشروع معدل واسع للقانون في عام 2022 يتعامل مع جانب كبير من هذه التحديات، وشرعت بحوار وطني شامل حوله، لكن ليس من المعروف عن عزوف الحكومة آنذاك عن السير بإجراءاته والانتظار، حتى تزداد كرة الثلج حجما وتحديا، فالتقارير الدولية، ومنها تقرير صندوق النقد، تؤكد أنه رغم وجود فائض مالي، إلا أن النفقات ستبدأ بتجاوز الإيرادات اعتبارًا من ثلاثينيات هذا القرن، ومع حلول خمسينياته سيصبح تمويل الصندوق من الموازنة العامة أمرًا حتميًا. وهذه المعطيات تدعو إلى إصلاحات حقيقية، لا مجرد تعديلات جزئية، والمطلوب خطة واضحة تتضمن تشريعات جديدة، ومراجعة معايير الأهلية، وضبط منظومة التقاعد المبكر، والتوسع الذكي في الشمول، بما يشمل المغتربين والعاملين خارج القطاع الرسمي. ومن الجهة المقابلة، والغريب، ما يثار حول استثمارات الصندوق، حيث يكثر الحديث عن حجم استثمارات الصندوق في أدوات الدين الحكومي، لكن ما يجب أن يكون في صلب النقاش هو العائد، وليس فقط التوزيع، فكثير من الآراء تركز على أن الحكومة تقترض من أموال الضمان، وكأن هذا الاقتراض استنزاف، بينما الحقيقة أن هذه الاستثمارات تمثل اليوم المصدر الأهم لأرباح الصندوق. البيانات الرسمية تشير إلى أن محفظة السندات – أي أدوات الدين الحكومي – تمثل 57 % من إجمالي أصول صندوق الاستثمار كما في 30/6/2025، وهذه النسبة تمثل حجم الاستثمار، لكن عندما ننظر إلى العائد، نجد أن العوائد المتأتية من هذه السندات تشكل حوالي 55 % من إجمالي أرباح الصندوق، وهذا رقم جوهري، أي أن أكثر من نصف الأرباح التي يحققها الصندوق تأتي من أدوات الدين الحكومي، ما يثبت أن هذه الاستثمارات ليست فقط آمنة، بل مربحة ومحورية في استدامة الصندوق. الاستثمار في السندات الحكومية ليس حالة استثنائية ولا انحرافًا، بل هو ممارسة موجودة في معظم الصناديق التقاعدية، لأنها توفر عوائد ثابتة، بمستوى مخاطرة منخفض وعائد مرتفع، وتدعم في الوقت ذاته استقرار المالية العامة للدولة. استثمار الصندوق في أدوات الدين الحكومي بلغ 57 % من إجمالي موجوداته كما في 30/6/2025، بقيمة تقارب 9.8 مليار دينار من أصل 17.3 مليار، وهذه النسبة تكاد تكون مطابقة لنسبة نهاية عام 2024 (57.7 %)، وهي تقع ضمن النطاق الذي توقعه صندوق النقد بأن تصل إلى 60 % بحلول عام 2030، فالعوائد المتوقعة من هذه الاستثمارات، بحسب نفس التقرير، قد تصل إلى 814 مليون دينار سنويًا في 2030، وهي أرقام تعكس جدوى هذا النوع من التوظيف المالي. الاستثمار في السندات لا يعفي الصندوق من زيادة انخراطه في النشاط الاستثماري والتنموي ونحن اليوم بأمس الحاجة لمثل هذا النوع من الاستثمارات. هناك أيضًا استثمارات للصندوق في السوق النقدي (14.1 %)، الأسهم (17.1 %)، والاستثمارات العقارية والسياحية التي تبلغ معًا حوالي 7.1 %، والتوزيع يعكس سياسة حذرة ومتوازنة تراعي العائد والمخاطرة. ليس هناك ما يشير إلى أن هذا النوع من الاستثمار تم على حساب بدائل ذات عائد أعلى أو مخاطرة أقل، بل على العكس، الاستثمار في أدوات الدين الحكومي يضمن عائدًا ثابتًا، ويمثل خيارًا تفضيليًا مقارنة بقطاعات أخرى مثل السياحة أو العقار، التي تشكل مجتمعة نحو 7.1 % فقط من موجودات الصندوق. المطلوب هو توضيح الصورة للمجتمع بموضوعية: الصندوق لا يموّل الحكومة من باب الدعم أو المجاملة، بل يستثمر في أدوات تدر عليه عوائد قوية، تشكل اليوم العمود الفقري لأرباحه، وهذه الحقيقة يجب أن تكون نقطة انطلاق في النقاش العام، وليس رقم الاستثمار وحده، بل مساهمته الفعلية في دخل الصندوق. حين نقول إن 55 % من أرباح الصندوق تأتي من أدوات الدين الحكومي، فنحن لا ندافع عن سلوك حكومي، بل نعرض واقعًا ماليًا، ومن هنا، فإن السؤال الأهم يجب أن يكون: كيف نضمن استمرار هذه العوائد؟ كيف نحافظ على التوازن بين التنويع والعائد؟ وكيف نربط هذه السياسة الاستثمارية بالإصلاحات التي يحتاجها نظام التقاعد؟ هذه الأسئلة هي التي يجب أن تقود المرحلة القادمة، وليس أرقام مجتزأة أو مقارنات سطحية. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا