
السوريون ينعشون الاقتصاد الألماني: أرقام وحقائق تفنّد الجدل بشأن الهجرة
بعد أكثر من عقد على وصوله إلى ألمانيا، يتحدث ديار خال الألمانية بطلاقة، ويعيش في مدينة مانهايم الصناعية، ويدير شركته الناشئة التي توظف 15 شخصًا بدوام كامل، وتطوّر تطبيقًا يساعد المهاجرين على التعامل مع البيروقراطية الألمانية. هذه القصة تمثل نموذجًا للنجاح الذي غالبًا ما يتم تجاهله وسط الجدل المحتدم في البلاد حول الهجرة، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ".
وفقًا لمعهد أبحاث
التوظيف
، أصبح أكثر من 83 ألف سوري مواطنين ألمان خلال العام الماضي، وهو أكبر عدد بين جميع الجنسيات الأخرى بفارق كبير. كما أن نحو ثلثي اللاجئين الذين وصلوا بين عامي 2013 و2019 يعملون اليوم، بنسبة تقل تسع نقاط مئوية فقط عن متوسط التوظيف الوطني.
يقول هربرت بروكر، رئيس دراسات الهجرة في المجموعة الممولة من الدولة، إنه عندما بدأت أزمة اللجوء، كان يُعتبر إنجازًا إذا نجح نصف اللاجئين في الحصول على وظائف في هذه المرحلة، نظرًا للعقبات الكبيرة أمام الاندماج. ويضيف في حديثه لـ"بلومبيرغ: "هناك تكاليف كبيرة في البداية، لكن عندما يبدأ اللاجئون بالعمل، فإنهم لا يعودون عبئًا على المالية العامة. الكوب أكثر امتلاءً من أن يكون فارغًا".
وبحسب "بلومبيرغ"، يؤكد مارتن فيردينغ، عضو مجلس الخبراء الاقتصاديين في ألمانيا، أن المهاجرين قادرون على الاستمرار في "ملء الكوب"، ويقدّر أنه عند مستويات الهجرة الحالية، سيساهم كل وافد جديد بنحو 7100 يورو (حوالي 8300 دولار) سنويًا في ميزانية الدولة على مدى العقود المقبلة، أي ما يقارب ثلاثة مليارات يورو سنويًا. ويعود ذلك إلى أن الهجرة تضيف دافعي
ضرائب
شبابًا إلى سوق العمل، ما يخفف عبء تمويل المعاشات التقاعدية. ويضيف: "الجدل حول الهجرة مستقطب للغاية، لكن من منظور ديمغرافي، نحن نعتمد عليها".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ألمانيا تطلب 288 ألف عامل أجنبي وسط تحديات اقتصادية
كانت ألمانيا في قلب أزمة الهجرة الأوروبية منذ أن قررت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، قبل عقد، فتح أبواب البلاد أمام السوريين وغيرهم من الفارين من النزاعات. هذا القرار أثار ردات فعل عنيفة لا تزال أصداؤها تتردد في أوروبا، حيث يستغل اليمينيون الشعبويون المخاوف الشعبية لقلب المشهد السياسي في دول من بينها إيطاليا والمملكة المتحدة.
وبحسب معهد الأبحاث الاقتصادية (DIW)، تحتاج ألمانيا إلى نحو 400 ألف شخص جديد سنويًا للحفاظ على حجم القوى العاملة، أي أكثر من عدد سكان مدينة بون. ومع ذلك، منعت السلطات في البداية طالبي اللجوء من العمل، ما أدى إلى فقدان مهارات وخبرات كان يمكن استغلالها مبكرًا. كما ارتكبت السلطات أخطاء أخرى، مثل توطين اللاجئين في مناطق ريفية. ورغم توفر السكن بأسعار منخفضة هناك، إلا أن ذلك أعاق اندماجهم، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة في تلك المناطق.
ورغم التحديات التي ما زالت تعترض طريق المهاجرين السوريين في ألمانيا، من تصاعد الخطاب الشعبوي إلى السياسات البيروقراطية التي تعيق الاندماج السريع، فإن الأرقام والقصص الفردية تثبت أن مساهماتهم الاقتصادية والاجتماعية باتت جزءًا أصيلًا من النسيج الألماني. فقد تمكنوا، في غضون أقل من عقد، من الانتقال من مرحلة الاعتماد على الدعم الحكومي إلى المساهمة الفعلية في تمويله، عبر دخول
سوق العمل
، وافتتاح المشاريع، وسد النقص في القطاعات التي تعاني من نقص في الأيدي العاملة.
ويجمع خبراء الاقتصاد والديموغرافيا، وفقًا لما تنقله بلومبيرغ، على أن ألمانيا لا تملك ترف الاستغناء عن موجات الهجرة، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل لأسباب اقتصادية استراتيجية مرتبطة بمستقبلها. ومع شيخوخة السكان وتراجع نسب المواليد، تبدو الهجرة، بكل ما تحمله من طاقات بشرية ومهارات متنوعة، عنصرًا حاسمًا في الحفاظ على توازن سوق العمل وضمان استدامة نظام الرعاية الاجتماعية. وفي هذا السياق، تتحول قصص السوريين الناجحين في ألمانيا من مجرد استثناءات إلى نماذج عملية لما يمكن أن تحققه سياسات اندماج ذكية وفعّالة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 4 ساعات
- القدس العربي
ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين الأردن ودول الخليج إلى 3,6 مليار دولار في 5 شهور
عمان – الأناضول: ارتفع حجم التبادل التجاري بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري ليصل إلى 2.56 مليار دينار (نحو 3.61 مليار دولار)، مقارنة بـ2.15 مليار دينار (نحو 3.04 مليار دولار) للفترة نفسها من عام 2023، وفق دائرة الإحصاءات العامة. وبحسب البيانات التي نقلتها وكالة الأنباء الأردنية «بترا» أمس الجمعة، بغلت الصادرات الأردنية إلى دول الخليج نحو 735 مليون دينار (1.03 مليار دولار) حتى نهاية مايو/أيار الماضي، مقابل 640 مليون دينار (901 مليون دولار) في الفترة نفسها من العام الماضي. كما ارتفعت واردات الأردن من الدول الخليجية إلى 1.82 مليار دينار (2.57 مليار دولار)، مقابل 1.51 مليار دينار (2.14 مليار دولار). وتصدرت السعودية قائمة الشركاء التجاريين للأردن ضمن دول مجلس التعاون بحجم تبادل بلغ نحو 1.69 مليار دينار (2.38 مليار دولار) حتى نهاية مايو/أيار، ارتفاعا من 1.52 مليار دينار (نحو 2.15 مليار دولار) العام الماضي. وبلغت الصادرات الأردنية إلى السعودية 478 مليون دينار (نحو 674 مليون دولار)، مقابل واردات بلغت 1.213 مليار دينار (نحو 1.711 مليار دولار)، تركزت في المنتجات النفطية والكيماويات، في حين شملت الصادرات الأردنية الصناعات الدوائية، والكيماويات، والمنتجات الزراعية والحيوانية. وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية بحجم تبادل تجاري بلغ 603 ملايين دينار (نحو 850 مليون دولار)، منها 113 مليون دينار (نحو 159 مليون دولار) صادرات أردنية، تصدرها الذهب، مقابل واردات رئيسية تمثلت في الذهب الخام غير النقدي. وسجل حجم التبادل التجاري مع قطر نحو 104 ملايين دينار (نحو 147 مليون دولار)، منها 48 مليون دينار (نحو 67.7 مليون دولار) صادرات أردنية، تركزت في المنتجات الغذائية، مقابل واردات شملت الكيماويات والأدوية والأسمدة والزيوت. أما مع الكويت، فبلغ حجم التجارة البينية 75 مليون دينار (105 ملايين دولار)، منها 52 مليون دينار (نحو 73.3 مليون دولار) صادرات أردنية تمثلت في المنتجات الحيوانية والنباتية، مقابل واردات شملت المشتقات النفطية والغاز الطبيعي وزيوت المحركات. وسجل التبادل التجاري مع سلطنة عُمان نحو 51 مليون دينار (نحو 72 مليون دولار)، منها 24 مليون دينار (نحو 33.8 مليون دولار) صادرات أردنية أبرزها المنتجات الغذائية والأسمدة، في حين تركزت الواردات في الحديد والنشادر. وفي ما يخص البحرين، بلغ حجم التبادل 37 مليون دينار (نحو 52.2 مليون دولار)، منها 20 مليون دينار (نحو 28.2 مليون دولار) صادرات، أهمها المنتجات الغذائية والخضراوات والفواكه، بينما شملت الواردات خلائط الألمنيوم والمأكولات البحرية وغاز الديزل وثاني أكسيد الكربون.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
مبيعات التجزئة الأميركية سجلت ارتفاعاً في يوليو مدعومة بالإقبال على السيارات الكهربائية
شهدت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة زيادة كبيرة في الشهر الماضي، مدعومة بالطلب القوي على السيارات والعروض الترويجية من أمازون ومتاجر وول مارت لكن تباطؤ سوق العمل وارتفاع أسعار السلع قد يحدان من نمو إنفاق المستهلكين في الربع الثالث. وقال مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة اليوم الجمعة إن مبيعات التجزئة ارتفعت 0.5% الشهر الماضي بعد تعديل بالرفع في بيانات يونيو/ حزيران بواقع 0.9%. وكان خبراء اقتصاد استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا زيادة مبيعات التجزئة 0.5% لتصل إلى 726.3 مليار دولار، بعدما سجلت زيادة 0.6% في يونيو/حزيران. وقد يرجع أحد أسباب زيادة مبيعات التجزئة في الشهر الماضي إلى ارتفاع الأسعار، بسبب الرسوم الجمركية وليس إلى زيادة الكميات. وقال محللون في جيه.بي مورغان، إن الاندفاع لشراء السيارات الكهربائية قبل انتهاء أجل الإعفاءات الضريبية من الحكومة الاتحادية في 30 سبتمبر المقبل ساعد على زيادة مبيعات السيارات في يوليو/تموز. وقدمت شركة أمازون ومتاجر وول مارت عروضا ترويجية الشهر الماضي، لجذب المستهلكين المنهكين من التضخم عن طريق خصومات كبيرة على منتجات، من بينها المستلزمات المدرسية. أعمال وشركات التحديثات الحية عمالقة التكنولوجيا الخمسة يحصدون أرباحاً تفوق التوقعات رغم الرسوم وارتفعت مبيعات التجزئة، باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء والخدمات الغذائية، 0.5% الشهر الماضي بعد تعديل بالرفع في بيانات يونيو/ حزيران بواقع 0.8%. وتأتي هذه النتائج في وقت تشير الاستطلاعات إلى تعافٍ جزئي في ثقة المستهلكين مقارنة بالربيع، بعد التراجع الحاد في سوق الأسهم عقب إعلان الرئيس دونالد ترامب في أوائل إبريل عن خطط لفرض زيادات واسعة وكبيرة في الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين. ومنذ ذلك الحين، خفّف ترامب من تلك الخطط، وعلّق العديد من الرسوم الأشد قسوة، كما أعلن عن اتفاقات تجارية أولية مع بعض الشركاء الرئيسيين مثل اليابان والاتحاد الأوروبي. وأظهرت بيانات صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع ارتفاعًا أكبر في أسعار الجملة مقارنة بأسعار المستهلك. وحذّر بعض المحللين من أن هذا الاتجاه قد يعني انتقال الضغوط السعرية قريبًا إلى المستهلكين. (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
المركزي الليبي يبحث عن تفسير لارتفاع عرض النقود رغم سحب الـ50 ديناراً من التداول
قفز عرض النقود خارج القطاع المصرفي في ليبيا إلى 54.3 مليار دينار (حوالى 9.87 مليارات دولار بسعر الصرف الرسمي 5.5 دنانير للدولار) خلال النصف الأول من العام، مقابل 52 مليار دينار في بداية الربع الأول، فيما سجل خلال عام 2024 ب 48.8 مليار دينار حسب بيانات حديثة أصدرها مصرف ليبيا المركزي . يأتي هذا الارتفاع رغم قيام المصرف بسحب ورقة الخمسين دينارا ً من التداول نهاية إبريل الماضي، وكشف المركزي وجود فرق يتجاوز 3.5 مليارات دينار خلال عمليات العدّ والفرز، مضيفاً أنّ مجموع ما جرى توريده من فئة الورقة النقدية المسحوبة، بلغ نحو 10.211 مليارات دينار، في حين لم يتجاوز المبلغ الرسمي المُسجل 6.650 مليارات دينار، ما يشير إلى وجود أوراق نقدية غير رسمية لم تخضع للقيود القانونية وفق المادة (39) من قانون المصارف. وقال الخبير الاقتصادي أحمد المبروك لـ"العربي الجديد" عندما يقوم المصرف المركزي بسحب فئة نقدية من التداول، فإن النتيجة الطبيعية يفترض أن تكون انخفاض عرض النقود، وليس ارتفاعه. ويشير إلى أن الأرقام الصادرة عن المصرف تكشف عن مفارقة صارخة، إذ ارتفع عرض النقود خارج القطاع المصرفي بنحو 2.13 مليار دينار بعد عملية السحب. تدفقات موازية؟ المبروك يرى أن هذا التطور لا يمكن تفسيره إلّا بوجود تدفقات نقدية موازية دخلت السوق في نفس الفترة، إمّا عبر دمج سيولة غير خاضعة للرقابة أو من خلال ضعف في آليات امتصاص النقد، ويضيف أن استمرار هذه الظاهرة يحدّ من قدرة المصرف المركزي على إدارة التضخم والتحكم في مستويات السيولة، ما يفتح الباب أمام ارتفاع الطلب على النقد الأجنبي في السوق الموازية. اقتصاد دولي التحديثات الحية السفارة الروسية في طرابلس تنفي مسؤوليتها عن تزوير الدينار الليبي أما المحلل المصرفي معتز هويدي فيذهب إلى أن جوهر المشكلة يكمن في دمج العملة المطبوعة في روسيا، التي لم تُسجل في قيود إدارة الإصدار مع حسابات مصرف ليبيا المركزي، ويرى أن هذه الخطوة، سواء كانت مقصودة أو نتيجة ضعف في الضوابط، أسهمت مباشرةً في تضخم عرض النقود خارج القطاع المصرفي إلى مستوى يعادل عشرة أضعاف المعدل الطبيعي. هويدي يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ هذا التضخم النقدي لا يقتصر أثره على زيادة السيولة، بل يخلق تشوهات في هيكل الأسعار، ويعزّز فجوة الثقة بين المتعاملين والسوق المصرفية، فالسيولة الكبيرة خارج الجهاز المصرفي تتحول سريعاً إلى وقود للمضاربة على العملات الأجنبية، ما يضع ضغطاً مستمراً على سعر الصرف الرسمي ويزيد من هشاشة السياسة النقدية. ويحذر هويدي من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل سيؤدي إلى مزيد من فقدان السيطرة على الكتلة النقدية، ما يجعل أي إصلاحات أو قرارات لخفض التضخم بلا جدوى حقيقية. اقتصاد عربي التحديثات الحية الاقتصاد الليبي يتجه لتسجيل أسرع نمو عربي في 2025 ويرى محلّلون أن ارتفاع السيولة خارج القطاع المصرفي يضعف قدرة المصرف المركزي على التحكم في المعروض النقدي، ويعزز نشاط السوق الموازية للعملة، ما قد يضغط على سعر الصرف والتضخم، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من هشاشة البنية الإنتاجية والاعتماد المفرط على إيرادات النفط. ووفق بيان رسمي للمصرف المركزي، بلغ إجمالي الإيرادات العامة 73.3 مليار دينار ليبي، مستنداً إلى سعر صرف 5.5 دنانير للدولار، إذ شكلت الإيرادات النفطية الجزء الأكبر بمقدار 60.9 مليار دينار، تلتها الضرائب بـ 10.9 مليارات دينار، إضافة إلى الإيرادات الجمركية البالغة مليار دينار، و543 مليون دينار من مصادر أخرى. في المقابل، سجل الإنفاق العام توزيعاً قدره 66.1 مليار دينار، شملت 42.6 مليار دينار رواتب موظفين، و2.6 مليار دينار نفقات تشغيلية، و147 مليون دينار موجهة لمشاريع التنمية، إضافة إلى دعم حكومي بقيمة 20.6 مليار دينار.