
كييف وموسكو.. بين لغة الصواريخ ونغمة التفاوض
فبينما تتحدث موسكو بلغة الشروط المسبقة، ترد كييف بلغة الضربات الجوية التي طالت عمق الأراضي الروسية ، في مشهد يعكس اختلالًا ميدانيًا لا يزال يُترجم على طاولة التفاوض.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الدولة الأوكرانية، خلال حديثه الى " غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية مكسيم يالي، لتكشف النقاب عن حقائق ما يجري في الكواليس، محذّرا من أن الكرملين "لا يسعى إلى تسوية بقدر ما يناور لكسب الوقت"، ومؤكدًا أن أوكرانيا"تعتمد على لغة الردع لتثبيت موقعها على خارطة التفاوض".
تحليل يالي يقدّم قراءة دقيقة لواقع تتقاطع فيه الحسابات العسكرية مع الرسائل السياسية، في صراع لا يبدو أن لحظة الحسم فيه باتت قريبة.
في الجولة الثانية من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، ورغم أجواء الشك المتبادل، توصل الطرفان إلى اتفاقين محدودين لكنهّما رمزيان: تبادل جثث 6000 جندي من كلا الجانبين، وتبادل شامل للأسرى من فئات محددة الجرحى ومن هم دون سن الخامسة والعشرين.
لكن هذه المؤشرات الإيجابية لم تُخفِ حقيقة المشهد الأكبر، كما يوضح يالي الذي يرى أن ما يجري لا يتعدى "خطوات رمزية في ظل انسداد أفق التسوية السياسية".
ويضيف: "الشروط التي طرحتها موسكو في إسطنبول هي نفسها التي أعلن عنها الرئيس بوتين في قمة جنيف 2024، ولم تكن مقبولة في حينها، ولا تزال مرفوضة الآن، خصوصاً ما يتعلق بانسحاب القوات الأوكرانية من مناطق لم تنجح روسيا حتى في السيطرة عليها ميدانيًا".
مكسيم يالي: روسيا لا تفهم إلا لغة القوة
أبرز ما جاء في تحليل يالي خلال حديثه الى غرفة الأخبار، كان تأكيده على أن موسكو لا تستجيب إلا للردع العسكري. وبلهجة لا تخلو من التحدي، أشار إلى أن الضربات التي استهدفت المطارات الروسية، خصوصاً في سيبيريا ، "كانت رسائل استراتيجية تهدف إلى ردع موسكو وإثبات قدرة كييف على تهديد العمق العسكري الروسي، بما في ذلك المنصات المرتبطة بالردع النووي مثل القاذفات والصواريخ الباليستية".
وقال يالي بصراحة لافتة: "ما حدث يُظهر أن لدينا القدرة على ضرب منشآت تُعد من مكونات الردع النووي الروسي ، وهذا يبعث برسالة واضحة: إذا استمرت روسيا في هذه الحرب، فستواجه تكاليف باهظة".
وفيما يتعلق بالمواقف الروسية، بدا يالي متشائمًا بشأن استعداد الكرملين لأي تنازلات حقيقية، قائلاً: "بوتين لا يريد وقف الحرب، بل يستغل فترات وقف إطلاق النار المؤقتة لحشد قواته والتحضير لهجمات جديدة كما رأينا مؤخرًا في زابوريجيا وخاركيف".
من الحرب إلى الطاولة... مناورة أم نوايا؟
رغم التحركات الدبلوماسية، يرى يالي أن موسكو تسعى لإظهار مظهر المتجاوب مع جهود التسوية أمام الولايات المتحدة، وتحديدًا إدارة ترامب، "لكن دون أن تقدم أي مضمون فعلي"، على حد وصفه.
ويضيف: "الكرملين يحاول الترويج لصورته كطرف منفتح على الحوار، لا سيما أمام واشنطن، بينما يواصل عملياته العسكرية بلا هوادة".
وفي تحليله لأبعاد تبادل الجثث والأسرى، أشار يالي إلى أن هذه الخطوات "جزء من استراتيجية علاقات عامة روسية أكثر من كونها تعبيرا عن تحوّل فعلي في الموقف السياسي"، مشيرًا إلى أن روسيا تحتجز آلاف المدنيين الأوكرانيين في سياق لعبة تبادل تستخدمها لأغراض تفاوضية.
سلام مؤجل... وميدان مشتعل
على الأرض، لا تزال كييف تتحرك وفق منطق "الضغط العسكري لفرض شروط سياسية"، وهو ما يراه يالي "اللغة الوحيدة التي يمكن أن تفهمها موسكو".
ويدلل على ذلك بالتكثيف الأخير في الضربات الجوية الأوكرانية، والتي وصفها بأنها "رسائل مدروسة بدقة لتعديل ميزان الردع، لا سيما في ظل فشل موسكو في تحقيق أهدافها الميدانية".
ويضيف: "كييف تدرك أن التفاوض في ظل الضعف يعني فرض شروط المنتصر، ولذلك لجأت إلى استعراض القوة قبل الجولة الثانية من المحادثات، لتأكيد حضورها كطرف قادر على الإيلام لا فقط المقاومة".
لا تسوية من دون معادلة ردع جديدة
في قراءة مكسيم يالي، السلام لا يأتي بالنيات الطيبة بل بتغيير موازين القوى. وبينما تبدي أوكرانيا انفتاحًا تكتيكيًا على الحوار، فإنها تتحرك بصلابة ميدانية لفرض حضورها في أي صيغة تفاوضية قادمة. أما موسكو، فهي لا تزال تلوّح بورقة التصعيد وتراهن على الزمن والتعب الغربي، دون أن تُظهر إرادة حقيقية في تغيير قواعد الاشتباك.
وهكذا، تبقى التسوية رهينة معادلة ثلاثية الأضلاع: ردع عسكري، ضغوط غربية، وإرادة سياسية غائبة حتى الآن. وبين جولة إسطنبول القادمة وهجمات خاركيف وزاباروجيا، تتقدم الحرب بخطى أبطأ نحو طاولة مفاوضات لم تُفرش بعد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
قتلى بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على خيم نازحين وسط غزة
أبوظبي - سكاي نيوز عربية قتل 8 فلسطينيين على الأقل، بينهم أطفال، وأصيب آخرون في غارة إسرائيلية استهدف خيمة داخل بناية مدمرة في حي الرمال وسط مدينة غزة.


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
غروسي: سوريا بصدد الموافقة على دخول مفتشين لمواقع نووية
وكتب غروسي في منشور على منصة إكس إثر لقائه في دمشق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني "أحيّي شجاعة الشرع وتعاونه الشفاف لطيّ صفحة من الماضي السوري". وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حضّت سوريا مرارا على التعاون معها بصورة تامة بشأن مزاعم تتعلق ببنائها مفاعلا نوويا في منشأة صحراوية في دير الزور. وفي منشوره أكد غروسي أن وكالته ودمشق ستباشران أيضا "بحث إمكانية استخدام الطاقة النووية في سوريا". وقال غروسي إن سوريا في صدد الموافقة على دخول فوري للمفتشين للمواقع النووية السابقة المشتبه فيها. كما شدّد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أن "تعاوننا ضروري لحل القضايا العالقة والتركيز على المساعدة الحيوية التي يمكن أن تقدمها الوكالة لسوريا في مجالي الصحة والزراعة". وقالت الخارجية السورية إن الشيباني وقّع مع غروسي مذكرة تفاهم بين سوريا والوكالة بشأن التعاون في مجال أمن الغذاء ومكافحة السرطان. وفي 2018 أقرّت إسرائيل بأنها شنّت في 2007 غارة جوية سرية ضدّ ما وصفته بمفاعل نووي قيد الإنشاء في دير الزور. لكنّ السلطات السورية نفت يومذاك وجود أي مشروع لبناء مفاعل نووي. وكان غروسي زار دمشق في مارس 2024 للقاء الرئيس السابق بشار الأسد الذي ما لبث أن أطيح بنظامه في ديسمبر الفائت، وقد قال يومها المسؤول الأممي إن الزيارة أتت تلبية لدعوة تلقاها من السلطات السورية "للتحقق من المواد والمنشآت النووية".

سكاي نيوز عربية
منذ 4 ساعات
- سكاي نيوز عربية
زعيم كوريا الشمالية يتعهد بدعم "غير مشروط" لروسيا
وقال التقرير إن كيم تعهد بدعم غير مشروط لموقف روسيا بشأن أوكرانيا والقضايا الدولية الأخرى. وأضاف " كيم جونغ أون أكد أن حكومة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ستدعم، في المستقبل أيضا، موقف روسيا وسياساتها الخارجية دون قيد أو شرط". ونقلت الوكالة عن كيم قوله إن كوريا الشمالية ستلتزم على نحو يتحلى بالمسؤولية ببنود المعاهدة المبرمة بين البلدين. ووفق الوكالة فقد ناقش الطرفان تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتعاون المتبادل في مختلف المجالات. وأبرمت المعاهدة خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بيونغيانغ العام الماضي وقمة مع كيم. وتتضمن المعاهدة اتفاقية دفاع مشترك لتقديم مساعدة عسكرية فورية في حال تعرض أي من البلدين لعدوان مسلح. وعزّزت موسكو وبيونغيانغ تعاونهما العسكري في السنوات الأخيرة، وقد قدّمت كوريا الشمالية لحليفتها روسيا عتادا وعديدا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا. وأرسلت كوريا الشمالية آلاف الجنود لدعم القوات الروسية في استعادة كورسك ، المنطقة التي سيطرت عليها أوكرانيا جزئيا.