
مسؤول دولي: الواقع الإنساني يتدهور بأفغانستان وعودة اللاجئين تدق ناقوس الخطر
ودعا إسكندر ميثيو مدير الاتحاد في منطقة آسيا والمحيط الهادي المنظمات الدولية والإنسانية إلى التعامل مع جذور المشكلة بتأهيل المناطق التي يعود إليها اللاجئون وتوفير فرص العمل والعيش الكريم لهم. وحذّر من هجرة جديدة بسبب القحط وانعدام الأمن الغذائي وضعف البنية الأساسية للبلاد.
الجزيرة نت التقت المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، للاطلاع على تداعيات العودة المفاجئة والضخمة للاجئين الأفغان.
ما تقييمكم للوضع الإنساني في أفغانستان؟
شكرا لاستضافتي، الوضع في أفغانستان عموما يتدهور من المنظور الإنساني، وذلك على الرغم من التقديرات التي تفيد بأن الوضع الأمني أفضل بكثير مما كان متوقعا، وأن معظم الأفغان يعيشون بأمن وسلام مقارنة بما كان عليه الحال خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية.
أما فيما يتعلق بالحصول على الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء وفرص عمل فإن الوضع يتدهور إلى حد كبير، وعندما نقارن الواقع بما يتوقعه الناس وهم في طريق عودتهم من إيران وباكستان فإننا نجد أنفسنا نواجه وضعا حرجا للغاية.
السبب الرئيسي للأزمة الإنسانية هو الصراع المتواصل منذ أكثر من 40 عاما، والتهجير ونقص التنمية، بالإضافة إلى الظروف الطبيعية مثل الجفاف والقحط المتواصل، خاصة إذا علمنا أن الغالبية الساحقة من الأفغان يعتمدون في حياتهم على الزراعة، وأكثر من 80% من الأراضي الزراعية تعتمد على الري، ولا يمكن استمرار الاقتصاد مع نقص المياه وقلة الأمطار، وهو ما لم يحدث من قبل.
وعلى سبيل المثال، العائدون مؤخرا من إيران إلى ولاية هرات يتجهون إلى مناطق تلقت هذا العام أقل من 50% من كميات الأمطار المعتادة، وهذه حالة أصبحت مزمنة.
لذلك فإن قسما من الأزمة الإنسانية يعود لأسباب طبيعية والجزء الآخر من فعل الإنسان، بالإضافة إلى عوامل كثيرة أسهمت في هذه الأزمة، مع الأخذ بالاعتبار أن 40 سنة من الصراع وانعدام التنمية تسببا بتراجع وسائل الحياة والعيش الكريم.
هل أنتم راضون عن تفاعل المجتمع الدولي وتجاوبه، خاصة وكالات الإغاثة الإنسانية وتحمّلها مسؤوليتها؟
إذا اطلعتم على حجم التجاوب منذ تغيير الحكومة عام 2021، فلا يمكن إنكار وجود استثمار إنساني، وقد أُنفقت أموال كثيرة في أفغانستان، لكن السؤال: هل هذه الأموال مناسبة؟ لأن المعايير التي توضع للإنفاق الإنساني مخصصة للإغاثة العاجلة ولا تخدم التنمية المستدامة.
يمكن لطرود الطعام أن تساعد الناس على تجاوز احتياجاتهم العاجلة، وهناك عيادات كثيرة استمرت بالعمل رغم نقص التمويل، والمساعدات الإنسانية مفيدة مهما كان حجمها، لكن الاحتياجات الأساسية تتركز في المياه والعمل وبعث الأمل في المستقبل.
والاحتياجات الأساسية ليست لمجرد الحياة وإنما للعيش بكرامة، ولا يمكن أن يتحقق هذا من خلال الطرود الغذائية والمساعدات العاجلة فحسب، فقد صرفت 7 ملايين دولار على المساعدات الإنسانية خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا ليس مبلغا قليلا، وهناك مبالغ أقل لعام 2025 ونتوقع مبلغا أقل منه عام 2026.
ونتيجة لسياسة الاستثمار الإنساني في الطوارئ، فإننا لا نراه في مشاريع لري المزارع وتوفير فرص العمل والتعليم والعيش الكريم، وهي التي تجعل الناس يمكثون في مناطقهم وتمنحهم أملا في المستقبل، وهو ما تفتقد إليه سياسات الاستثمار الإنساني العاجلة.
والسبب في هذا النقص يتعلق بالشروط المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان حاليا، وقد يكون ذلك متفهما، لكن نتيجة هذه الاشتراطات تضر بشكل كبير بحياة الناس الأكثر احتياجا للدعم التنموي.
معالجة قضية اللاجئين الأفغان لم تعد تحتل الأولوية في سياسة الدول، ما الذي حدث؟
أعداد غير معهودة من اللاجئين تعود لأفغانستان، ومن المعلوم أن الهجرة من أفغانستان كانت بسبب الصراع، ومؤخرا بسبب التغير المناخي، وهذه العوامل تسببت في نزوح كثيرين إلى شتى بقاع العالم.
وما يزال ملايين الأفغان يعيشون في باكستان وإيران، وما رأيناه خلال 18 شهرا الأخيرة هو عودة سريعة وضخمة للأفغان الذين قضى بعضهم عقودا في دول الجوار، وكانوا قد لجؤوا إليها إما بحثا عن الأمان أو لظروف حياة أفضل، وقد طُلب منهم المغادرة، فتسبب ذلك بالعودة بأرقام ضخمة ومفاجئة.
ولكي نضع الأمر في سياقه، ارتفعت الأصوات في بريطانيا مثلا بشأن التحديات التي تفرضها أعداد القادمين إلى البلاد في القوارب، وقد وصل عددهم خلال 12 شهرا ماضية إلى 30 ألفا، لكننا نرى أن هذا العدد يصل إلى أفغانستان في يوم واحد فقط كما حدث في 3 و4 يوليو/تموز 2025 من إيران إلى أفغانستان، ومعدل العائدين يوميا في الوقت الحالي هو 20 ألفا.
وإذا ما رجعنا إلى عام 2017 فقد تسببت هجرة 750 ألفا من الروهينغيا من ميانمار إلى بنغلاديش بصدمة عالمية، وطبيعي أن يكون ذلك حدثا دراميا، لأنه يعني أن سكان مدينة صغيرة عبروا الحدود خلال أسابيع، ولكن في المقابل نرى أن 3 أضعاف هذا العدد عبر الحدود من باكستان وإيران خلال الأشهر الـ18 الأخيرة، وهذه عملية تاريخية لإعادة التوطين.
هذا ليس التحدّي الوحيد، فهم يعودون إلى بلاد تنقصها الاحتياجات الأساسية للعيش، ولا أقول العيش بكرامة بل العيش فقط، فالناس غادروا قراهم بسبب نقص المياه التي تمكّنهم من العمل في الحقول، والآن يعودون إلى تلك القرى وهي تواجه نقصا حادا في الأساسيات، وهذا تحدّ خطير.
ما دور الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر؟
ليس أقل من أي دور يمكن أن تقوم به مؤسسة إنسانية، وما يمكنك مشاهدته في معبر "إسلام قلعة" على الحدود الإيرانية الأفغانية هو أناس يأتون بأعداد كبيرة على شاحنات وحافلات وعربات، يراوح عددهم بين 10 إلى 20 ألفا يوميا، وأحيانا أكثر، ويحملون معهم ما سمح لهم بحمله، في حقيبة واحدة أو اثنتين، يصلون جوعى وعطشى وغير واثقين بمستقبلهم، وكثير منهم بحاجة إلى علاج.
وفي هذه النقطة يقوم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتقديم وجبات غذائية، ونشرنا فرق دعم طبي واجتماعي، ومساعدات أخرى تتعلق بالاحتياجات الأساسية لإنقاذ الحياة، والحقيقة هي أن التحديات أكبر بكثير من الإمكانات، وعلينا أن نركز جهودنا على ما بعد الساعات 48 الأولى من وصولهم.
بالتأكيد لا يمكن للاتحاد القيام بجميع الأعباء ولا بد من تعاون دولي، أو لنقل تحالفا دوليا إنسانيا للتعامل مع تدفق اللاجئين العائدين من إيران وباكستان، ما قولكم؟
نتعاون مع عدد من الوكالات الدولية، ونتواصل مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم للحصول على دعم، ولكن لا يوجد تجاوب جيد في التمويل. وما يقلقني ليس نقص التمويل، ولكن هو أن جميع ما لدينا ينفد على الحدود، والساعات الـ48 الأولى صعبة جدا حيث الحاجة ماسّة جدا.
فإذا ما غادرت مجموعة سكانية قرية في هرات قبل 4 سنوات باتجاه إيران بسبب القحط المستمر ونضوب الآبار الجوفية، فإنها تعود لتواجه المشكلة نفسها، وهذه ليست عودة مستقرة ما لم ينتفِ السبب الذي دفعهم إلى المغادرة.
وقد يتسبب ذلك بإجبار الناس على الرحيل ثانية، والسيناريو الأسوأ هو التوجه إلى المدن التي تواجه أيضا التحديات ذاتها؛ فنصف الآبار السطحية في كابل جفت، ويتوقع أن تجف الآبار المتبقية خلال 10 سنوات، ولذلك فمن دون الاستثمار في البنية الأساسية ومستوى المعيشة والتعليم لن تتمكن المدن من استيعاب المتضررين، ولا يوجد أمل في أن يعود الأفغان إلى بلادهم والاستقرار فيها.
إذا كان الانتقال داخل البلاد من الريف إلى المدن فإنهم لا يعتبرون لاجئين، ويمكن تصنيفهم نازحين بسبب التغيير المناخي، أما إذا غادروا البلاد بسبب اضطهاد فيصنفون لاجئين. وإذا غادروا البلاد بحثا عن العمل يمكن أن لا يصنفوا لاجئين كذلك، وهذه تفسيرات قانونية تتبناها المفوضية العليا.
أفغانستان حالة صعبة، فهي الآن لا تصنف بلد صراع، ولكن هناك أناس لا يشعرون بالأمن ويرحلون من أجل سلامتهم، وفي هذه الحالة يمكن أن لا يعتبروا لاجئين وفق اتفاقيات اللاجئين، ويمكنني تأييد هذه التصنيفات من أجل إدارة الناس الذين يرغبون بالعودة من باكستان وإيران ومساعدة الناس للوصول إلى أماكن عودتهم.
مسألة اللاجئين الأفغان قضية مزمنة، فهل ملّت الدول المانحة أو على الأقل تراجع اهتمامها؟
لا أظن أن أحدا من المانحين يمكنه التقاعس وهو ينظر إلى المعاناة الناجمة عن القحط، وعلينا أن نتحلى بالصبر وبمشاعر التعاطف، فهؤلاء الناس ليسوا سببا في المصائب التي حلت بهم على مدى أجيال، هم مثلنا، يريدون إرسال أبنائهم إلى المدارس ويحتاجون إلى المساعدة من أجل بعث الأمل بمستقبل أفضل.
وحتى لو أننا تعبنا من رؤية الأخبار الصعبة لا يمكننا أن نتخلى عن التعاطف والتضامن، وليس أقل من دعوة الحكومات إلى التفكير الإستراتيجي، وإلا فإن الكارثة قادمة لا محالة؛ خاصة في حال غياب استثمار يجعل الحياة ممكنة في القرى والبلدات الأفغانية، وعدم الحصول على رواتب تمكنهم من الاعتناء بأولادهم، وإذا أردنا أن نقنع الأفغان بأن يعيشوا في بلادهم فعلينا أن نستثمر في ذلك حتى لو كان الوضع السياسي صعبا.
الأعداد ضخمة، وهناك نحو مليون عبروا الحدود من إيران إلى أفغانستان هذا العام، ومليون و200 ألف أو أكثر من باكستان خلال 12 إلى 18 شهرا، ولذلك هناك أكثر من مليونين ونصف مليون عائد، وقد يتضاعف هذا الرقم إذا ما استمر الوضع على حاله.
وما المطلوب؟ إن وضع العائدين ليس واحدا بالتأكيد، حيث يمكن للبعض العودة إلى أسرهم التي يمكنها استقبالهم، ولكن أغلبية من نتعامل معهم غير قادرين على الاستمرار بالحياة، وهذا يتطلب استثمارا ضخما في بناء أنظمة ري، ومخازن وحفر آبار.
الاحتياجات الطارئة عند وصولهم هي الغذاء والماء والمأوى وبعض النقود من أجل الوصول إلى قراهم، وهناك أشخاص معدمون لديهم أسر وأطفال يحتاجون إلى الرعاية والحماية حتى لا يتعرضوا للاستغلال.
لقد أصدرنا مناشدة للبنوك السويسرية لتقديم 20 مليون فرنك سويسري، وهذه محاولة متواضعة لتقديم الخدمات على الحدود، ولكن يجب ألا ينظر إلى الأزمة على أنها قصيرة المدى وتقتصر على توفير الحافلات والشاحنات على الحدود، فهي أزمة عميقة لا يمكن مواجهتها إلا بخطط بعيدة المدى.
كيف يمكن لبلد مثل أفغانستان يعاني منذ عقود ويخضع لعقوبات دولية أن يستوعب هذه الأزمة، وأن تقوم الحكومة بواجبها في رعاية شعبها؟
أعتقد أن السلطات الأفغانية لا تملك حاليا الإمكانات لاستيعاب هذه الأعداد مع توفير الخدمات الصحية وضمان العيش بكرامة لأجيال، فالسلطات تحاول تقديم الأرض والمواصلات وتشجع الاستثمار الدولي ومساعدة الناس من الحدود حتى الوصول إلى أماكنهم، ولكن لا يوجد إمكانات كافية لمواجهة احتياجات مليوني شخص، ومساعدتهم على استعادة حياتهم الطبيعية.
النساء والبنات العائدات من إيران يواجهن تحدّيا خاصا، وهو أنهنّ كنّ يتعلمن في إيران، وينتابهن قلق من التعليم ونقص فرص العمل، وهو ما لا يمكنهن الحصول عليه في أفغانستان. قد يحصلن على التعليم التقليدي لكن ليس التعليم الشامل المطلوب، وفرص العمل للناس محدودة جدا، والفرص الواقعية تكمن في العمل الذاتي في مشاريع خاصة، وهذا أيضا يحتاج إلى تفكير ومال.
مفهوم ما الذي دفع اللاجئين إلى الخروج، فما الذي يدفعهم إلى العودة؟
هذا مرتبط بسياسات الدول المستضيفة وأعني هنا إيران وباكستان، لأسباب داخلية تخصهما ولا يمكنني التعليق على ذلك، وما يمكننا قوله إذا قررتم إعادة اللاجئين فليس أقل من أن يكون ذلك تدريجيا وبمراعاة القدرات الاستيعابية لأفغانستان، وأن يسمح للاجئين بحمل ما كسبوه من أموال من باكستان أو إيران إن توفرت، وإذا كان لديهم ممتلكات أن يعطوا الوقت المناسب لبيعها، حتى لا يكونوا عبئا على أقاربهم وأسرهم.
تواصلنا على مستوى السفارات، وكانوا متعاطفين، بل إن السلطات الأفغانية دعت السفراء إلى التوجه إلى الحدود والاطلاع بأنفسهم على حجم المشكلة، ولا أدري إذا كان ذلك سيؤثر بقرار الدول أم لا.
أعتقد أن المؤسسات العاملة على الحدود تقوم بعمل جيد، ويمكنك مشاهدة الخدمات الطبية والإيواء وتوزيع الطعام والمال، كما يمكنك مشاهدة فجوات خطيرة، أحدها عدم وجود خدمات صحية للنساء، وهذه قضية حساسة جدا يجب معالجتها على وجه السرعة.
إعلان
وأؤكد لجميع المعنيين: لا تنظروا إلى القضية على أنها طارئة، وأن الطريق الوحيد للتعامل مع الناس بكرامة هي مرافقتهم إلى حيث يعودون في قراهم فقط، بل التركيز على التنمية لأجيال قادمة وتمكينهم من التعليم والعيش في بيئة مناسبة، وهذا قد يقلل من تحول الأزمة الحالية إلى دائمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ماذا قال الرئيس الإيراني للجزيرة في أول لقاء تلفزيوني بعد الحرب؟
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن إسرائيل سعت لتفكيك إيران وإسقاط نظامها عبر الفوضى لكنها فشلت في تحقيق ذلك، مؤكدا أن بلاده مستعدة للتصدي لأي تحرك عسكري إسرائيلي جديد. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
تحقيق للجزيرة يكشف تورط الشيخة حسينة في التحريض على قتل متظاهري بنغلاديش
حصلت وحدة التحقيق في شبكة الجزيرة على تسجيلات هاتفية سرية تكشف كيف أمرت رئيسة الوزراء السابقة لبنغلاديش الشيخة حسينة ، باستخدام القوة المميتة لقمع احتجاجات الطلاب خلال انتفاضة العام الماضي التي أطاحت بحكمها. وينقل البرنامج الاستقصائي "حسينة 36 يوما في يوليو" المشاهدين إلى داخل الدائرة المقربة من رئيسة الوزراء السابقة خلال الأيام الأخيرة من حكمها. ويُعرض تحقيق "حسينة – 36 يوما في يوليو" على قناة الجزيرة الإنجليزية غدا الخميس 24 يوليو/تموز عند منتصف النهار بتوقيت غرينتش، وسيكون متاحا أيضا على حساب القناة بمنصة يوتيوب. ويكشف تحقيق الجزيرة كيف قام الجواسيس الذين كانوا يحمون الشيخة حسينة بتسجيل أدلة على نظام مُتهم الآن بارتكاب "فظائع منهجية". وقتل خلال الأسابيع الثلاثة الدامية من المظاهرات، 1500 شخص، وأصيب أكثر من 25 ألفا آخرين، وأطلقت قوات الأمن أكثر من 3 ملايين طلقة باتجاه المحتجين. وتم تسجيل المكالمات التي أجرتها الشيخة حسينة بواسطة وكالة التجسس الخاصة بها، وهي شبكة قوية ساعدتها على حكم بنغلاديش بقبضة من حديد لنحو ربع قرن. وفي تسجيل يعود إلى 18 يوليو/تموز 2024، تقول الشيخة حسينة لعمدة داكا الجنوبية السابق الشيخ فضل نور تابوش "لقد أعطيت تعليماتي بالفعل. لقد أصدرت أوامري المفتوحة. الآن سيستخدمون الأسلحة المميتة، سيطلقون النار أينما وجدوهم.. هذا ما تم التوجيه به، لقد أوقفتهم حتى الآن.. كنت أفكر في سلامة الطلاب". قمع من الجو كما تكشف التسجيلات استخدامها للمروحيات لقمع الاحتجاجات من الجو "أينما لاحظوا أي تجمع من الأعلى. الآن يتم ذلك من الأعلى لقد بدأ بالفعل في عدة أماكن. لقد بدأ. لقد تحرك البعض". وفي الفيلم، يؤكد طبيب صحة الادعاءات بأن العديد من المتظاهرين قُتلوا أو أصيبوا جراء إطلاق النار من المروحيات. من جانب آخر، يكشف البرنامج كيف استخدمت حكومة حزب رابطة عوامي التهديدات والرشاوى للتستر على قتل الشرطة للطالب أبو سيد، مما أثار غضبا واسعا على المستوى المحلي. وتُظهر التسجيلات السرية كيف حاول سلمان فضل رحمن أقوى حلفاء الشيخة حسينة، الحصول على تقرير تشريح جثة سيد، وتكشف كيف تم تغيير التقرير 5 مرات لمحو أي ذكر للأسلحة النارية، وكيف أُجبرت عائلة سيد على مقابلة الشيخة حسينة في التلفزيون الرسمي خوفا على سلامتهم. كما تكشف الوثائق السرية المسربة التي حصلت عليها وحدة التحقيق في شبكة الجزيرة عن "الحيل القذرة" التي استخدمتها حكومة حسينة لقطع الاتصال بالإنترنت ومنع وصول الصور الدامية للعنف إلى العالم. وردا على ما جاء في التحقيق، قال متحدث باسم حزب رابطة عوامي إن الشيخة حسينة لم تستخدم أبدًا عبارة "أسلحة مميتة"، ولم تأذن أو توجه قوات الأمن بشكل محدد باستخدام القوة المميتة، وشكك -في بيان للجزيرة- في صحة تسجيل 18 يوليو/تموز 2024. كما قال إنه يأسف إذا شعرت عائلة أبو سيد بالترويع، مؤكدا أن عزيمة الحكومة السابقة للتحقيق في سوء السلوك المحتمل، بما في ذلك من قبل قوات الأمن، كانت حقيقية. وأضاف أن الشيخة حسينة تعتقد أن انقطاع الإنترنت كان نتيجة الأضرار التي تسبب بها المتظاهرون. سنوات القمع يذكر أن الشيخة حسينة شغلت منصب رئيسة وزراء بنغلاديش 5 فترات: الأولى من عام 1996 إلى عام 2001، و4 فترات متتالية منذ عام 2009 إلى عام 2024. وتُتهم حسينة بقمع وتصفية معارضيها طيلة فترات حكمها التي شهدت اضطرابات واحتجاجات. وفي منتصف 2024، اندلعت احتجاجات شعبية أطلق عليها المحتجون "حصار بنغلاديش"، طالبوا فيها باستقالة رئيسة الوزراء، واتهموها باعتقال 10 آلاف شخص، وشن حملات قمع متكررة ضد المعارضة. وفي 5 أغسطس/آب 2024 أعلنت رئيسة الوزراء استقالتها من منصبها، وفرت إلى الهند، في حين اقتحم متظاهرون مقرها الرئيسي في داكا، وأعلن الجيش عن محادثات توجت لاحقا باختيار محمد يونس -الحائز على جائزة نوبل للسلام- لقيادة حكومة مؤقتة.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
غوتيريش: الوضع في غزة يكشف أن النظام الإنساني العالمي يلفظ أنفاسه الأخيرة
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الوضع في قطاع غزة يكشف أن النظام الإنساني في العالم يلفظ أنفاسه الأخيرة. وأكد غوتيريش -في كلمة ألقاها خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين أمس الثلاثاء- أن مستوى الموت والدمار في غزة لا مثيل له وأن الجوع بات يطرق كل باب في القطاع. وأضاف "هذا النظام يمنع من العمل لتوفير الخدمات ويمنع من توفير الأمن له كي ينقذ الأرواح، ومع تكثيف إسرائيل عملياتها وإصدار أوامر إخلاء جديدة في دير البلح، يضاف دمار إلى دمار". وقال الأمين العام الأممي "أشعر بالفزع إزاء استهداف منشآت الأمم المتحدة ومن بينها منشآت مكتب مشروع الخدمات ومنظمة الصحة العالمية ومخزنها الرئيسي" في قطاع غزة. وكان غوتيريش أعرب -أمس الأول- عن قلقه إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ، حيث ينهار آخر شريان يُبقي الناس على قيد الحياة، على حد تعبيره. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية إن غوتيريش يعبّر عن أسفه للتقارير المتزايدة عن معاناة الأطفال والكبار من سوء التغذية. وأضاف أن على إسرائيل الالتزام بالسماح بتقديم الإغاثة الإنسانية التي تُوفرها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، وتسهيلها بكل الوسائل المتاحة. ومع تصاعد التحذيرات الدولية من خطر المجاعة في قطاع غزة، تؤكد تقارير أممية وإعلامية أن السكان يعانون من انعدام شبه كامل للغذاء، في وقت تتكرر فيه مشاهد إغماء الأطفال والنساء وكبار السن بالشوارع وأمام مراكز توزيع المساعدات، وسط شح بالغ في المواد الأساسية وتقييد صارم لإدخال الإغاثة الإنسانية.