logo
مسؤول دولي: الواقع الإنساني يتدهور بأفغانستان وعودة اللاجئين تدق ناقوس الخطر

مسؤول دولي: الواقع الإنساني يتدهور بأفغانستان وعودة اللاجئين تدق ناقوس الخطر

الجزيرة٢١-٠٧-٢٠٢٥
حذّر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر من تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان ، وذلك بسبب عدم قدرة السلطات الأفغانية والمؤسسات الإنسانية على استيعاب الأعداد الضخمة من اللاجئين العائدين إلى بلادهم، والذين تجاوز عددهم مليونين خلال 18 شهرا.
ودعا إسكندر ميثيو مدير الاتحاد في منطقة آسيا والمحيط الهادي المنظمات الدولية والإنسانية إلى التعامل مع جذور المشكلة بتأهيل المناطق التي يعود إليها اللاجئون وتوفير فرص العمل والعيش الكريم لهم. وحذّر من هجرة جديدة بسبب القحط وانعدام الأمن الغذائي وضعف البنية الأساسية للبلاد.
الجزيرة نت التقت المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، للاطلاع على تداعيات العودة المفاجئة والضخمة للاجئين الأفغان.
ما تقييمكم للوضع الإنساني في أفغانستان؟
شكرا لاستضافتي، الوضع في أفغانستان عموما يتدهور من المنظور الإنساني، وذلك على الرغم من التقديرات التي تفيد بأن الوضع الأمني أفضل بكثير مما كان متوقعا، وأن معظم الأفغان يعيشون بأمن وسلام مقارنة بما كان عليه الحال خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية.
أما فيما يتعلق بالحصول على الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء وفرص عمل فإن الوضع يتدهور إلى حد كبير، وعندما نقارن الواقع بما يتوقعه الناس وهم في طريق عودتهم من إيران وباكستان فإننا نجد أنفسنا نواجه وضعا حرجا للغاية.
السبب الرئيسي للأزمة الإنسانية هو الصراع المتواصل منذ أكثر من 40 عاما، والتهجير ونقص التنمية، بالإضافة إلى الظروف الطبيعية مثل الجفاف والقحط المتواصل، خاصة إذا علمنا أن الغالبية الساحقة من الأفغان يعتمدون في حياتهم على الزراعة، وأكثر من 80% من الأراضي الزراعية تعتمد على الري، ولا يمكن استمرار الاقتصاد مع نقص المياه وقلة الأمطار، وهو ما لم يحدث من قبل.
وعلى سبيل المثال، العائدون مؤخرا من إيران إلى ولاية هرات يتجهون إلى مناطق تلقت هذا العام أقل من 50% من كميات الأمطار المعتادة، وهذه حالة أصبحت مزمنة.
لذلك فإن قسما من الأزمة الإنسانية يعود لأسباب طبيعية والجزء الآخر من فعل الإنسان، بالإضافة إلى عوامل كثيرة أسهمت في هذه الأزمة، مع الأخذ بالاعتبار أن 40 سنة من الصراع وانعدام التنمية تسببا بتراجع وسائل الحياة والعيش الكريم.
هل أنتم راضون عن تفاعل المجتمع الدولي وتجاوبه، خاصة وكالات الإغاثة الإنسانية وتحمّلها مسؤوليتها؟
إذا اطلعتم على حجم التجاوب منذ تغيير الحكومة عام 2021، فلا يمكن إنكار وجود استثمار إنساني، وقد أُنفقت أموال كثيرة في أفغانستان، لكن السؤال: هل هذه الأموال مناسبة؟ لأن المعايير التي توضع للإنفاق الإنساني مخصصة للإغاثة العاجلة ولا تخدم التنمية المستدامة.
يمكن لطرود الطعام أن تساعد الناس على تجاوز احتياجاتهم العاجلة، وهناك عيادات كثيرة استمرت بالعمل رغم نقص التمويل، والمساعدات الإنسانية مفيدة مهما كان حجمها، لكن الاحتياجات الأساسية تتركز في المياه والعمل وبعث الأمل في المستقبل.
والاحتياجات الأساسية ليست لمجرد الحياة وإنما للعيش بكرامة، ولا يمكن أن يتحقق هذا من خلال الطرود الغذائية والمساعدات العاجلة فحسب، فقد صرفت 7 ملايين دولار على المساعدات الإنسانية خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا ليس مبلغا قليلا، وهناك مبالغ أقل لعام 2025 ونتوقع مبلغا أقل منه عام 2026.
ونتيجة لسياسة الاستثمار الإنساني في الطوارئ، فإننا لا نراه في مشاريع لري المزارع وتوفير فرص العمل والتعليم والعيش الكريم، وهي التي تجعل الناس يمكثون في مناطقهم وتمنحهم أملا في المستقبل، وهو ما تفتقد إليه سياسات الاستثمار الإنساني العاجلة.
والسبب في هذا النقص يتعلق بالشروط المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان حاليا، وقد يكون ذلك متفهما، لكن نتيجة هذه الاشتراطات تضر بشكل كبير بحياة الناس الأكثر احتياجا للدعم التنموي.
معالجة قضية اللاجئين الأفغان لم تعد تحتل الأولوية في سياسة الدول، ما الذي حدث؟
أعداد غير معهودة من اللاجئين تعود لأفغانستان، ومن المعلوم أن الهجرة من أفغانستان كانت بسبب الصراع، ومؤخرا بسبب التغير المناخي، وهذه العوامل تسببت في نزوح كثيرين إلى شتى بقاع العالم.
وما يزال ملايين الأفغان يعيشون في باكستان وإيران، وما رأيناه خلال 18 شهرا الأخيرة هو عودة سريعة وضخمة للأفغان الذين قضى بعضهم عقودا في دول الجوار، وكانوا قد لجؤوا إليها إما بحثا عن الأمان أو لظروف حياة أفضل، وقد طُلب منهم المغادرة، فتسبب ذلك بالعودة بأرقام ضخمة ومفاجئة.
ولكي نضع الأمر في سياقه، ارتفعت الأصوات في بريطانيا مثلا بشأن التحديات التي تفرضها أعداد القادمين إلى البلاد في القوارب، وقد وصل عددهم خلال 12 شهرا ماضية إلى 30 ألفا، لكننا نرى أن هذا العدد يصل إلى أفغانستان في يوم واحد فقط كما حدث في 3 و4 يوليو/تموز 2025 من إيران إلى أفغانستان، ومعدل العائدين يوميا في الوقت الحالي هو 20 ألفا.
وإذا ما رجعنا إلى عام 2017 فقد تسببت هجرة 750 ألفا من الروهينغيا من ميانمار إلى بنغلاديش بصدمة عالمية، وطبيعي أن يكون ذلك حدثا دراميا، لأنه يعني أن سكان مدينة صغيرة عبروا الحدود خلال أسابيع، ولكن في المقابل نرى أن 3 أضعاف هذا العدد عبر الحدود من باكستان وإيران خلال الأشهر الـ18 الأخيرة، وهذه عملية تاريخية لإعادة التوطين.
هذا ليس التحدّي الوحيد، فهم يعودون إلى بلاد تنقصها الاحتياجات الأساسية للعيش، ولا أقول العيش بكرامة بل العيش فقط، فالناس غادروا قراهم بسبب نقص المياه التي تمكّنهم من العمل في الحقول، والآن يعودون إلى تلك القرى وهي تواجه نقصا حادا في الأساسيات، وهذا تحدّ خطير.
ما دور الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر؟
ليس أقل من أي دور يمكن أن تقوم به مؤسسة إنسانية، وما يمكنك مشاهدته في معبر "إسلام قلعة" على الحدود الإيرانية الأفغانية هو أناس يأتون بأعداد كبيرة على شاحنات وحافلات وعربات، يراوح عددهم بين 10 إلى 20 ألفا يوميا، وأحيانا أكثر، ويحملون معهم ما سمح لهم بحمله، في حقيبة واحدة أو اثنتين، يصلون جوعى وعطشى وغير واثقين بمستقبلهم، وكثير منهم بحاجة إلى علاج.
وفي هذه النقطة يقوم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتقديم وجبات غذائية، ونشرنا فرق دعم طبي واجتماعي، ومساعدات أخرى تتعلق بالاحتياجات الأساسية لإنقاذ الحياة، والحقيقة هي أن التحديات أكبر بكثير من الإمكانات، وعلينا أن نركز جهودنا على ما بعد الساعات 48 الأولى من وصولهم.
بالتأكيد لا يمكن للاتحاد القيام بجميع الأعباء ولا بد من تعاون دولي، أو لنقل تحالفا دوليا إنسانيا للتعامل مع تدفق اللاجئين العائدين من إيران وباكستان، ما قولكم؟
نتعاون مع عدد من الوكالات الدولية، ونتواصل مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم للحصول على دعم، ولكن لا يوجد تجاوب جيد في التمويل. وما يقلقني ليس نقص التمويل، ولكن هو أن جميع ما لدينا ينفد على الحدود، والساعات الـ48 الأولى صعبة جدا حيث الحاجة ماسّة جدا.
فإذا ما غادرت مجموعة سكانية قرية في هرات قبل 4 سنوات باتجاه إيران بسبب القحط المستمر ونضوب الآبار الجوفية، فإنها تعود لتواجه المشكلة نفسها، وهذه ليست عودة مستقرة ما لم ينتفِ السبب الذي دفعهم إلى المغادرة.
وقد يتسبب ذلك بإجبار الناس على الرحيل ثانية، والسيناريو الأسوأ هو التوجه إلى المدن التي تواجه أيضا التحديات ذاتها؛ فنصف الآبار السطحية في كابل جفت، ويتوقع أن تجف الآبار المتبقية خلال 10 سنوات، ولذلك فمن دون الاستثمار في البنية الأساسية ومستوى المعيشة والتعليم لن تتمكن المدن من استيعاب المتضررين، ولا يوجد أمل في أن يعود الأفغان إلى بلادهم والاستقرار فيها.
إذا كان الانتقال داخل البلاد من الريف إلى المدن فإنهم لا يعتبرون لاجئين، ويمكن تصنيفهم نازحين بسبب التغيير المناخي، أما إذا غادروا البلاد بسبب اضطهاد فيصنفون لاجئين. وإذا غادروا البلاد بحثا عن العمل يمكن أن لا يصنفوا لاجئين كذلك، وهذه تفسيرات قانونية تتبناها المفوضية العليا.
أفغانستان حالة صعبة، فهي الآن لا تصنف بلد صراع، ولكن هناك أناس لا يشعرون بالأمن ويرحلون من أجل سلامتهم، وفي هذه الحالة يمكن أن لا يعتبروا لاجئين وفق اتفاقيات اللاجئين، ويمكنني تأييد هذه التصنيفات من أجل إدارة الناس الذين يرغبون بالعودة من باكستان وإيران ومساعدة الناس للوصول إلى أماكن عودتهم.
مسألة اللاجئين الأفغان قضية مزمنة، فهل ملّت الدول المانحة أو على الأقل تراجع اهتمامها؟
لا أظن أن أحدا من المانحين يمكنه التقاعس وهو ينظر إلى المعاناة الناجمة عن القحط، وعلينا أن نتحلى بالصبر وبمشاعر التعاطف، فهؤلاء الناس ليسوا سببا في المصائب التي حلت بهم على مدى أجيال، هم مثلنا، يريدون إرسال أبنائهم إلى المدارس ويحتاجون إلى المساعدة من أجل بعث الأمل بمستقبل أفضل.
وحتى لو أننا تعبنا من رؤية الأخبار الصعبة لا يمكننا أن نتخلى عن التعاطف والتضامن، وليس أقل من دعوة الحكومات إلى التفكير الإستراتيجي، وإلا فإن الكارثة قادمة لا محالة؛ خاصة في حال غياب استثمار يجعل الحياة ممكنة في القرى والبلدات الأفغانية، وعدم الحصول على رواتب تمكنهم من الاعتناء بأولادهم، وإذا أردنا أن نقنع الأفغان بأن يعيشوا في بلادهم فعلينا أن نستثمر في ذلك حتى لو كان الوضع السياسي صعبا.
الأعداد ضخمة، وهناك نحو مليون عبروا الحدود من إيران إلى أفغانستان هذا العام، ومليون و200 ألف أو أكثر من باكستان خلال 12 إلى 18 شهرا، ولذلك هناك أكثر من مليونين ونصف مليون عائد، وقد يتضاعف هذا الرقم إذا ما استمر الوضع على حاله.
وما المطلوب؟ إن وضع العائدين ليس واحدا بالتأكيد، حيث يمكن للبعض العودة إلى أسرهم التي يمكنها استقبالهم، ولكن أغلبية من نتعامل معهم غير قادرين على الاستمرار بالحياة، وهذا يتطلب استثمارا ضخما في بناء أنظمة ري، ومخازن وحفر آبار.
الاحتياجات الطارئة عند وصولهم هي الغذاء والماء والمأوى وبعض النقود من أجل الوصول إلى قراهم، وهناك أشخاص معدمون لديهم أسر وأطفال يحتاجون إلى الرعاية والحماية حتى لا يتعرضوا للاستغلال.
لقد أصدرنا مناشدة للبنوك السويسرية لتقديم 20 مليون فرنك سويسري، وهذه محاولة متواضعة لتقديم الخدمات على الحدود، ولكن يجب ألا ينظر إلى الأزمة على أنها قصيرة المدى وتقتصر على توفير الحافلات والشاحنات على الحدود، فهي أزمة عميقة لا يمكن مواجهتها إلا بخطط بعيدة المدى.
كيف يمكن لبلد مثل أفغانستان يعاني منذ عقود ويخضع لعقوبات دولية أن يستوعب هذه الأزمة، وأن تقوم الحكومة بواجبها في رعاية شعبها؟
أعتقد أن السلطات الأفغانية لا تملك حاليا الإمكانات لاستيعاب هذه الأعداد مع توفير الخدمات الصحية وضمان العيش بكرامة لأجيال، فالسلطات تحاول تقديم الأرض والمواصلات وتشجع الاستثمار الدولي ومساعدة الناس من الحدود حتى الوصول إلى أماكنهم، ولكن لا يوجد إمكانات كافية لمواجهة احتياجات مليوني شخص، ومساعدتهم على استعادة حياتهم الطبيعية.
النساء والبنات العائدات من إيران يواجهن تحدّيا خاصا، وهو أنهنّ كنّ يتعلمن في إيران، وينتابهن قلق من التعليم ونقص فرص العمل، وهو ما لا يمكنهن الحصول عليه في أفغانستان. قد يحصلن على التعليم التقليدي لكن ليس التعليم الشامل المطلوب، وفرص العمل للناس محدودة جدا، والفرص الواقعية تكمن في العمل الذاتي في مشاريع خاصة، وهذا أيضا يحتاج إلى تفكير ومال.
مفهوم ما الذي دفع اللاجئين إلى الخروج، فما الذي يدفعهم إلى العودة؟
هذا مرتبط بسياسات الدول المستضيفة وأعني هنا إيران وباكستان، لأسباب داخلية تخصهما ولا يمكنني التعليق على ذلك، وما يمكننا قوله إذا قررتم إعادة اللاجئين فليس أقل من أن يكون ذلك تدريجيا وبمراعاة القدرات الاستيعابية لأفغانستان، وأن يسمح للاجئين بحمل ما كسبوه من أموال من باكستان أو إيران إن توفرت، وإذا كان لديهم ممتلكات أن يعطوا الوقت المناسب لبيعها، حتى لا يكونوا عبئا على أقاربهم وأسرهم.
تواصلنا على مستوى السفارات، وكانوا متعاطفين، بل إن السلطات الأفغانية دعت السفراء إلى التوجه إلى الحدود والاطلاع بأنفسهم على حجم المشكلة، ولا أدري إذا كان ذلك سيؤثر بقرار الدول أم لا.
أعتقد أن المؤسسات العاملة على الحدود تقوم بعمل جيد، ويمكنك مشاهدة الخدمات الطبية والإيواء وتوزيع الطعام والمال، كما يمكنك مشاهدة فجوات خطيرة، أحدها عدم وجود خدمات صحية للنساء، وهذه قضية حساسة جدا يجب معالجتها على وجه السرعة.
إعلان
وأؤكد لجميع المعنيين: لا تنظروا إلى القضية على أنها طارئة، وأن الطريق الوحيد للتعامل مع الناس بكرامة هي مرافقتهم إلى حيث يعودون في قراهم فقط، بل التركيز على التنمية لأجيال قادمة وتمكينهم من التعليم والعيش في بيئة مناسبة، وهذا قد يقلل من تحول الأزمة الحالية إلى دائمة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الفاشر تحت الحصار.. توقف التكايا يحرم آلاف الأسر من الوجبة اليومية
الفاشر تحت الحصار.. توقف التكايا يحرم آلاف الأسر من الوجبة اليومية

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

الفاشر تحت الحصار.. توقف التكايا يحرم آلاف الأسر من الوجبة اليومية

الفاشرـ في قلب ولاية شمال دارفور (غربي السودان) تعيش الفاشر واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي عرفتها البلاد منذ اندلاع الحرب، حيث تسير المدينة بخطى متسارعة نحو مجاعة محققة، وسط حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، وتوقف كامل للمطابخ الخيرية المعروفة محليا بـ"التكايا" في ظل غياب استجابة دولية فعالة. فلم يعد سكان الفاشر يسألون عن الغد، بل يتشبثون بما يبقيهم أحياء حتى المساء، إذ بلغ تراجع الوصول إلى الغذاء والماء والدواء مستويات غير مسبوقة، وتوقفت الأسواق عن العمل، وأغلقت معظم المراكز الصحية بعد نفاد الإمدادات. أما الشوارع، فغدت شاهدة على مشاهد البؤس، حيث تتجول العائلات باحثة عن فتات يسد الرمق. وفي حديثه للجزيرة نت، قال والي ولاية شمال دارفور المكلف حافظ بخيت إن "الوضع المعيشي داخل مدينة الفاشر ينهار بصورة شبه تامة، لدرجة أن بعض السكان باتوا يقتاتون على علف الحيوانات المعروف محليا بـ(الأمباز) في مشهد يكشف عمق الكارثة". وشدد بخيت على ضرورة كسر الحصار عن مدينته، مشيدا بصمود سكانها والقوات المسلحة والمقاومة الشعبية في مواجهة الوضع المتدهور. ويعود أصل الأزمة في الفاشر إلى أبريل/نيسان الماضي، عندما فرضت قوات الدعم السريع طوقا محكما على المدينة، ومنعت دخول أي قوافل إغاثة أو مواد غذائية. كما تم نهب عدد من الشاحنات، وتعطلت الطرق الرئيسية، مما جعل الفاشر معزولة عن باقي مناطق السودان. منع ممنهج أحمد آدم، أحد تجار المواد الغذائية، قال للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع منعت دخول أي شاحنة أو بضائع إلى المدينة. وأضاف "الوضع كارثي، فحتى الأدوية البسيطة ممنوعة. لقد واجهنا اعتقالات، وتعرضنا لإطلاق نار أثناء محاولات إدخال البضائع، والمدينة تخنق بشكل ممنهج يهدد حياة الجميع". إعلان وكانت التكايا، وهي مطابخ جماعية، تقدم آلاف الوجبات يوميا للفقراء والنازحين لكنها توقفت تماما مع انعدام المواد الأساسية. ويقول الناشط الإغاثي محمد الرفاعي، الذي أشرف سابقا على "تكية الخير" للجزيرة نت "كنا نطبخ يوميا لأكثر من 4 آلاف شخص، وفي بعض الأيام كنا نزيد الكمية حسب التبرعات، أما الآن فقد توقفت بالكامل، وأصبح الناس يفتشون عن الطعام في القمامة، دون أن يجدوا شيئا". وأضاف أن "المحاليل الوريدية والشاش الطبي غير متوفرة، ومعظم الأطباء والمتطوعين غادروا المدينة، مما ترك العائلات في عوز تام دون دعم أو عون". مجاعة الأطفال من جانبها، أكدت خديجة موسى مديرة وزارة الصحة بمنطقة شمال دارفور وجود حالات سوء تغذية حادة بين الأطفال والحوامل والمرضعات وكبار السن، مشيرة إلى أن الوضع الحالي والحصار المطبق يساهمان في تفاقم هذه الحالات. وقالت مديرة الصحة بالمنطقة -للجزيرة نت- إن الوزارة تحاول التدخل عبر مراكز التغذية، رغم نقص الكوادر والمستلزمات. لكن مصدرا طبيا بالمستشفى السعودي -وهو الوحيد العامل حاليا في الفاشر- أكد للجزيرة نت أن "الوضع يخرج عن السيطرة" مشيرا إلى ازدياد عدد الأطفال الذين يعانون من هزال شديد، مع نقص حاد في المحاليل العلاجية. وأضاف "نحن لا نعالج، بل ننتظر الموت وهو يتباطأ أمام أعيننا. تصلنا أمهات يحملن أطفالا لا يتجاوز وزنهم 4 كيلوغرامات، بعضهم توقف نموهم بالكامل وآخرون لا يقوون على البكاء. نعيش عجزا كاملا". تداعيات نفسية الجوع لا يفتك بالجسد فقط، بل يمتد ليقوض الصحة النفسية. ويقول الاستشاري الاجتماعي محمد سليمان أتيم -للجزيرة نت- إن الأطفال والنساء يعانون من اضطرابات نفسية حادة بسبب الجوع، بينها الانعزال والحديث مع الذات ونوبات القلق والخوف من المستقبل. وأشار أتيم إلى أن "الحرب في الفاشر تخلف مفارقات غريبة. فرغم المآسي، اجتمعت الأسر حول موائد الطعام النادرة، لكن التكايا التي كانت متنفسا اجتماعيا توقفت لتزداد المعاناة". ورغم حجم الكارثة، تغيب الفاشر عن التغطية الإعلامية. فالصحافة الغربية لم تفرد تقارير عن الأزمة، ولا تحضر المدينة في نشرات الأخبار الدولية، وتعاني الصحافة المحلية من ضعف الإمكانيات وشح الكوادر. ويقول مدير مركز الفاشر للخدمات الصحفية محمد سليمان استيك، للجزيرة نت "نكتب ونوثق ونتحدث، لكن لا أحد ينقل صوتنا، يبدو أن العالم لا يريد أن يرى. نحتاج إلى من يروي قصتنا للعالم" مشيرا إلى تحديات الوصول إلى المعلومات وفقدان المعدات، مما فاقم العزلة الإعلامية التي تعيشها الفاشر. صمت دولي وعلى الرغم من النداءات المتكررة من النشطاء المحليين وقيادات المجتمع المدني، لم تعلن الأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية الكبرى عن خطة تدخل عاجلة لكسر الحصار أو فتح ممرات آمنة. وتقول الناشطة الحقوقية سلمى فتحي للجزيرة نت إن "ما يجري تجاوز حدود التحذير. نحن نعيش داخل فخ اسمه الجوع، ونتساءل إن كانت أرواحنا أقل قيمة من أزمات أخرى تحظى بتدخل دولي فوري". وأضافت "الناس هنا بحاجة إلى غذاء ودواء، وكل لحظة تأخير تعني فقدان المزيد من الأرواح". إعلان ويروي السكان والناشطون قصصا مؤلمة لأطفال ونساء يعانون من سوء التغذية بعد انقطاع الطعام لأيام، حيث تحول التنقل بين المستشفيات ومراكز الإيواء إلى مشهد يومي. وفي حديثه للجزيرة نت، قال محمد حسن محمد، عضو المكتب الإعلامي لتنسيقية لجان مقاومة الفاشر "هناك من لم يجد ما يأكله، وأطفال ونساء أصيبوا بسوء التغذية بسبب توقف التكايا التي كانت تعتمد عليها الأسر. الوضع يتدهور يوما بعد يوم، والموت يطرق الأبواب". وشدد محمد على ضرورة تدخل عاجل لكسر الحصار وتوفير المساعدات، مؤكدا أن "كل دقيقة تأخير تعني مزيدا من الضحايا، وعلى العالم أن يتحرك الآن قبل فوات الأوان".

الاستخبارات الإيرانية: اعتقلنا مئات الجواسيس وأحبطنا عشرات المؤامرات
الاستخبارات الإيرانية: اعتقلنا مئات الجواسيس وأحبطنا عشرات المؤامرات

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

الاستخبارات الإيرانية: اعتقلنا مئات الجواسيس وأحبطنا عشرات المؤامرات

كشفت وزارة الاستخبارات الإيرانية عن إحباط "مؤامرة واسعة ومعقدة" استهدفت البلاد خلال ما وصفته بـ"حرب الـ12 يوما"، مؤكدة أن المخطط كان يستهدف زعزعة الاستقرار الداخلي وتقويض النظام الإسلامي وتقسيم إيران جغرافيا. وأوضحت الوزارة، في بيان نقلته وكالة تسنيم الدولية للأنباء، أن هذه الحرب لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت هجوما هجينا شمل عناصر عسكرية واستخباراتية وأمنية وإعلامية ومعرفية، إلى جانب عمليات إرهابية وتخريبية. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة قادت هذه العملية، بدعم من إسرائيل وبعض الدول الأوروبية، إضافة إلى جماعات مسلحة معارضة وتكفيرية ومهربين. وقالت الوزارة إن هذه الحرب اعتمدت على أدوات مركبة من العنف العسكري والضربات الاستخباراتية والاضطراب الأمني الداخلي، إلى جانب حملات التأثير الإعلامي وحرب الإدراك وعمليات إرهابية وتخريبية. وأضافت أن البلاد كانت هدفا لمشروع متكامل متعدد الأبعاد تقوده واشنطن، من أجل إضعافها من الداخل وفرض الهيمنة عليها. إحباط مخططات اغتيال وأوضحت الوزارة أنها أحبطت خلال هذه الفترة مخططات لاغتيال 23 من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، إضافة إلى 13 مؤامرة أخرى كانت تُحضّر خلال الأشهر السابقة، ليبلغ عدد محاولات الاغتيال التي تم التصدي لها 35 عملية. كما كشفت عن تفكيك شبكات تجسس تابعة ل جهاز الموساد الإسرائيلي واعتقال 20 عنصرا فيها، بينهم منفذون وداعمون لوجيستيون، موزعين على محافظات عدة. وأشارت إلى أن بعض العمليات جرت بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات العسكرية الإيرانية. كذلك، أضاف البيان أن القوات الإيرانية اكتشفت قاعدة سرية قرب الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد تضم 300 عنصر إرهابي أجنبي كانوا يستعدون للتسلل إلى الداخل، وقد تم إحباط هذه المحاولة بالكامل. كما لفت إلى وجود تحركات إسرائيلية لتجنيد مئات المرتزقة تحت مسمى "الجبهة المتحدة لبلوشستان"، مشددا على أن أنشطة هذه الجماعة خاضعة للمراقبة الدقيقة. إعلان وأكدت الوزارة استمرار المواجهة مع ما وصفتها بـ"الفرق الضالة"، ومتابعة مخططات الاختراق المجتمعي والشبكات التخريبية والهجمات السيبرانية المعادية. واختتمت البيان بالتشديد على أن إيران ستواصل التصدي الحازم لكل أشكال العدوان والتآمر، مدعومة بجهاز أمني واستخباراتي أثبت كفاءته في حماية البلاد من مشاريع التقسيم والفوضى.

الأمم المتحدة: واحد من كل 3 فلسطينيين بغزة لم يأكل منذ أيام
الأمم المتحدة: واحد من كل 3 فلسطينيين بغزة لم يأكل منذ أيام

الجزيرة

timeمنذ 14 ساعات

  • الجزيرة

الأمم المتحدة: واحد من كل 3 فلسطينيين بغزة لم يأكل منذ أيام

قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر اليوم الاثنين إن واحدا من كل 3 أشخاص في غزة لم يأكل منذ أيام، داعيا إلى إيصال المساعدات بشكل سريع وإرساء وقف دائم لإطلاق النار. جاء ذلك في بيان لفليتشر بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة، وسط حملة إسرائيلية ممنهجة لتجويع الفلسطينيين في قطاع غزة. وأكد فليتشر أن غزة تعيش أزمة إنسانية أمام أعين العالم، مشيرا إلى أن الذين يحاولون الحصول على المساعدات الغذائية يتعرضون لإطلاق النار، والأطفال يتضورون من الجوع. وأضاف "لا ينبغي منع المساعدات أو تأخيرها، كما يجب وقف استهداف الأشخاص خلال محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية". وفيما يتعلق بقرار إسرائيل اتخاذ خطوات للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، أكد فليتشر على ضرورة تقديم مساعدات ضخمة لمنع المجاعة والأزمة الصحية التي وصلت إلى أبعاد كارثية. تجويع وإبادة وأمس الأحد، بدأ سريان ما ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية في مناطق محددة بقطاع غزة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وذلك في ظل الإبادة الجماعية والتجويع اللذين تمارسهما تل أبيب بحق أكثر من 2.2 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر. وانتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات في غزة، مؤكدة أنه لن ينهي المجاعة المتفاقمة، وفق ما صرحت به مديرة الإعلام والتواصل في الوكالة جولييت توما لصحيفة نيويورك تايمز. وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتغلق إسرائيل منذ الثاني من مارس/آذار 2025 جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، مما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع. وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة صباح أمس الأحد، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية 147 فلسطينيا -بينهم 88 طفلا- منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وخلفت الحرب على غزة أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store