
مسؤول دولي: الواقع الإنساني يتدهور بأفغانستان وعودة اللاجئين تدق ناقوس الخطر
ودعا إسكندر ميثيو مدير الاتحاد في منطقة آسيا والمحيط الهادي المنظمات الدولية والإنسانية إلى التعامل مع جذور المشكلة بتأهيل المناطق التي يعود إليها اللاجئون وتوفير فرص العمل والعيش الكريم لهم. وحذّر من هجرة جديدة بسبب القحط وانعدام الأمن الغذائي وضعف البنية الأساسية للبلاد.
الجزيرة نت التقت المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، للاطلاع على تداعيات العودة المفاجئة والضخمة للاجئين الأفغان.
ما تقييمكم للوضع الإنساني في أفغانستان؟
شكرا لاستضافتي، الوضع في أفغانستان عموما يتدهور من المنظور الإنساني، وذلك على الرغم من التقديرات التي تفيد بأن الوضع الأمني أفضل بكثير مما كان متوقعا، وأن معظم الأفغان يعيشون بأمن وسلام مقارنة بما كان عليه الحال خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية.
أما فيما يتعلق بالحصول على الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء وفرص عمل فإن الوضع يتدهور إلى حد كبير، وعندما نقارن الواقع بما يتوقعه الناس وهم في طريق عودتهم من إيران وباكستان فإننا نجد أنفسنا نواجه وضعا حرجا للغاية.
السبب الرئيسي للأزمة الإنسانية هو الصراع المتواصل منذ أكثر من 40 عاما، والتهجير ونقص التنمية، بالإضافة إلى الظروف الطبيعية مثل الجفاف والقحط المتواصل، خاصة إذا علمنا أن الغالبية الساحقة من الأفغان يعتمدون في حياتهم على الزراعة، وأكثر من 80% من الأراضي الزراعية تعتمد على الري، ولا يمكن استمرار الاقتصاد مع نقص المياه وقلة الأمطار، وهو ما لم يحدث من قبل.
وعلى سبيل المثال، العائدون مؤخرا من إيران إلى ولاية هرات يتجهون إلى مناطق تلقت هذا العام أقل من 50% من كميات الأمطار المعتادة، وهذه حالة أصبحت مزمنة.
لذلك فإن قسما من الأزمة الإنسانية يعود لأسباب طبيعية والجزء الآخر من فعل الإنسان، بالإضافة إلى عوامل كثيرة أسهمت في هذه الأزمة، مع الأخذ بالاعتبار أن 40 سنة من الصراع وانعدام التنمية تسببا بتراجع وسائل الحياة والعيش الكريم.
هل أنتم راضون عن تفاعل المجتمع الدولي وتجاوبه، خاصة وكالات الإغاثة الإنسانية وتحمّلها مسؤوليتها؟
إذا اطلعتم على حجم التجاوب منذ تغيير الحكومة عام 2021، فلا يمكن إنكار وجود استثمار إنساني، وقد أُنفقت أموال كثيرة في أفغانستان، لكن السؤال: هل هذه الأموال مناسبة؟ لأن المعايير التي توضع للإنفاق الإنساني مخصصة للإغاثة العاجلة ولا تخدم التنمية المستدامة.
يمكن لطرود الطعام أن تساعد الناس على تجاوز احتياجاتهم العاجلة، وهناك عيادات كثيرة استمرت بالعمل رغم نقص التمويل، والمساعدات الإنسانية مفيدة مهما كان حجمها، لكن الاحتياجات الأساسية تتركز في المياه والعمل وبعث الأمل في المستقبل.
والاحتياجات الأساسية ليست لمجرد الحياة وإنما للعيش بكرامة، ولا يمكن أن يتحقق هذا من خلال الطرود الغذائية والمساعدات العاجلة فحسب، فقد صرفت 7 ملايين دولار على المساعدات الإنسانية خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا ليس مبلغا قليلا، وهناك مبالغ أقل لعام 2025 ونتوقع مبلغا أقل منه عام 2026.
ونتيجة لسياسة الاستثمار الإنساني في الطوارئ، فإننا لا نراه في مشاريع لري المزارع وتوفير فرص العمل والتعليم والعيش الكريم، وهي التي تجعل الناس يمكثون في مناطقهم وتمنحهم أملا في المستقبل، وهو ما تفتقد إليه سياسات الاستثمار الإنساني العاجلة.
والسبب في هذا النقص يتعلق بالشروط المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان حاليا، وقد يكون ذلك متفهما، لكن نتيجة هذه الاشتراطات تضر بشكل كبير بحياة الناس الأكثر احتياجا للدعم التنموي.
معالجة قضية اللاجئين الأفغان لم تعد تحتل الأولوية في سياسة الدول، ما الذي حدث؟
أعداد غير معهودة من اللاجئين تعود لأفغانستان، ومن المعلوم أن الهجرة من أفغانستان كانت بسبب الصراع، ومؤخرا بسبب التغير المناخي، وهذه العوامل تسببت في نزوح كثيرين إلى شتى بقاع العالم.
وما يزال ملايين الأفغان يعيشون في باكستان وإيران، وما رأيناه خلال 18 شهرا الأخيرة هو عودة سريعة وضخمة للأفغان الذين قضى بعضهم عقودا في دول الجوار، وكانوا قد لجؤوا إليها إما بحثا عن الأمان أو لظروف حياة أفضل، وقد طُلب منهم المغادرة، فتسبب ذلك بالعودة بأرقام ضخمة ومفاجئة.
ولكي نضع الأمر في سياقه، ارتفعت الأصوات في بريطانيا مثلا بشأن التحديات التي تفرضها أعداد القادمين إلى البلاد في القوارب، وقد وصل عددهم خلال 12 شهرا ماضية إلى 30 ألفا، لكننا نرى أن هذا العدد يصل إلى أفغانستان في يوم واحد فقط كما حدث في 3 و4 يوليو/تموز 2025 من إيران إلى أفغانستان، ومعدل العائدين يوميا في الوقت الحالي هو 20 ألفا.
وإذا ما رجعنا إلى عام 2017 فقد تسببت هجرة 750 ألفا من الروهينغيا من ميانمار إلى بنغلاديش بصدمة عالمية، وطبيعي أن يكون ذلك حدثا دراميا، لأنه يعني أن سكان مدينة صغيرة عبروا الحدود خلال أسابيع، ولكن في المقابل نرى أن 3 أضعاف هذا العدد عبر الحدود من باكستان وإيران خلال الأشهر الـ18 الأخيرة، وهذه عملية تاريخية لإعادة التوطين.
هذا ليس التحدّي الوحيد، فهم يعودون إلى بلاد تنقصها الاحتياجات الأساسية للعيش، ولا أقول العيش بكرامة بل العيش فقط، فالناس غادروا قراهم بسبب نقص المياه التي تمكّنهم من العمل في الحقول، والآن يعودون إلى تلك القرى وهي تواجه نقصا حادا في الأساسيات، وهذا تحدّ خطير.
ما دور الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر؟
ليس أقل من أي دور يمكن أن تقوم به مؤسسة إنسانية، وما يمكنك مشاهدته في معبر "إسلام قلعة" على الحدود الإيرانية الأفغانية هو أناس يأتون بأعداد كبيرة على شاحنات وحافلات وعربات، يراوح عددهم بين 10 إلى 20 ألفا يوميا، وأحيانا أكثر، ويحملون معهم ما سمح لهم بحمله، في حقيبة واحدة أو اثنتين، يصلون جوعى وعطشى وغير واثقين بمستقبلهم، وكثير منهم بحاجة إلى علاج.
وفي هذه النقطة يقوم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتقديم وجبات غذائية، ونشرنا فرق دعم طبي واجتماعي، ومساعدات أخرى تتعلق بالاحتياجات الأساسية لإنقاذ الحياة، والحقيقة هي أن التحديات أكبر بكثير من الإمكانات، وعلينا أن نركز جهودنا على ما بعد الساعات 48 الأولى من وصولهم.
بالتأكيد لا يمكن للاتحاد القيام بجميع الأعباء ولا بد من تعاون دولي، أو لنقل تحالفا دوليا إنسانيا للتعامل مع تدفق اللاجئين العائدين من إيران وباكستان، ما قولكم؟
نتعاون مع عدد من الوكالات الدولية، ونتواصل مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم للحصول على دعم، ولكن لا يوجد تجاوب جيد في التمويل. وما يقلقني ليس نقص التمويل، ولكن هو أن جميع ما لدينا ينفد على الحدود، والساعات الـ48 الأولى صعبة جدا حيث الحاجة ماسّة جدا.
فإذا ما غادرت مجموعة سكانية قرية في هرات قبل 4 سنوات باتجاه إيران بسبب القحط المستمر ونضوب الآبار الجوفية، فإنها تعود لتواجه المشكلة نفسها، وهذه ليست عودة مستقرة ما لم ينتفِ السبب الذي دفعهم إلى المغادرة.
وقد يتسبب ذلك بإجبار الناس على الرحيل ثانية، والسيناريو الأسوأ هو التوجه إلى المدن التي تواجه أيضا التحديات ذاتها؛ فنصف الآبار السطحية في كابل جفت، ويتوقع أن تجف الآبار المتبقية خلال 10 سنوات، ولذلك فمن دون الاستثمار في البنية الأساسية ومستوى المعيشة والتعليم لن تتمكن المدن من استيعاب المتضررين، ولا يوجد أمل في أن يعود الأفغان إلى بلادهم والاستقرار فيها.
إذا كان الانتقال داخل البلاد من الريف إلى المدن فإنهم لا يعتبرون لاجئين، ويمكن تصنيفهم نازحين بسبب التغيير المناخي، أما إذا غادروا البلاد بسبب اضطهاد فيصنفون لاجئين. وإذا غادروا البلاد بحثا عن العمل يمكن أن لا يصنفوا لاجئين كذلك، وهذه تفسيرات قانونية تتبناها المفوضية العليا.
أفغانستان حالة صعبة، فهي الآن لا تصنف بلد صراع، ولكن هناك أناس لا يشعرون بالأمن ويرحلون من أجل سلامتهم، وفي هذه الحالة يمكن أن لا يعتبروا لاجئين وفق اتفاقيات اللاجئين، ويمكنني تأييد هذه التصنيفات من أجل إدارة الناس الذين يرغبون بالعودة من باكستان وإيران ومساعدة الناس للوصول إلى أماكن عودتهم.
مسألة اللاجئين الأفغان قضية مزمنة، فهل ملّت الدول المانحة أو على الأقل تراجع اهتمامها؟
لا أظن أن أحدا من المانحين يمكنه التقاعس وهو ينظر إلى المعاناة الناجمة عن القحط، وعلينا أن نتحلى بالصبر وبمشاعر التعاطف، فهؤلاء الناس ليسوا سببا في المصائب التي حلت بهم على مدى أجيال، هم مثلنا، يريدون إرسال أبنائهم إلى المدارس ويحتاجون إلى المساعدة من أجل بعث الأمل بمستقبل أفضل.
وحتى لو أننا تعبنا من رؤية الأخبار الصعبة لا يمكننا أن نتخلى عن التعاطف والتضامن، وليس أقل من دعوة الحكومات إلى التفكير الإستراتيجي، وإلا فإن الكارثة قادمة لا محالة؛ خاصة في حال غياب استثمار يجعل الحياة ممكنة في القرى والبلدات الأفغانية، وعدم الحصول على رواتب تمكنهم من الاعتناء بأولادهم، وإذا أردنا أن نقنع الأفغان بأن يعيشوا في بلادهم فعلينا أن نستثمر في ذلك حتى لو كان الوضع السياسي صعبا.
الأعداد ضخمة، وهناك نحو مليون عبروا الحدود من إيران إلى أفغانستان هذا العام، ومليون و200 ألف أو أكثر من باكستان خلال 12 إلى 18 شهرا، ولذلك هناك أكثر من مليونين ونصف مليون عائد، وقد يتضاعف هذا الرقم إذا ما استمر الوضع على حاله.
وما المطلوب؟ إن وضع العائدين ليس واحدا بالتأكيد، حيث يمكن للبعض العودة إلى أسرهم التي يمكنها استقبالهم، ولكن أغلبية من نتعامل معهم غير قادرين على الاستمرار بالحياة، وهذا يتطلب استثمارا ضخما في بناء أنظمة ري، ومخازن وحفر آبار.
الاحتياجات الطارئة عند وصولهم هي الغذاء والماء والمأوى وبعض النقود من أجل الوصول إلى قراهم، وهناك أشخاص معدمون لديهم أسر وأطفال يحتاجون إلى الرعاية والحماية حتى لا يتعرضوا للاستغلال.
لقد أصدرنا مناشدة للبنوك السويسرية لتقديم 20 مليون فرنك سويسري، وهذه محاولة متواضعة لتقديم الخدمات على الحدود، ولكن يجب ألا ينظر إلى الأزمة على أنها قصيرة المدى وتقتصر على توفير الحافلات والشاحنات على الحدود، فهي أزمة عميقة لا يمكن مواجهتها إلا بخطط بعيدة المدى.
كيف يمكن لبلد مثل أفغانستان يعاني منذ عقود ويخضع لعقوبات دولية أن يستوعب هذه الأزمة، وأن تقوم الحكومة بواجبها في رعاية شعبها؟
أعتقد أن السلطات الأفغانية لا تملك حاليا الإمكانات لاستيعاب هذه الأعداد مع توفير الخدمات الصحية وضمان العيش بكرامة لأجيال، فالسلطات تحاول تقديم الأرض والمواصلات وتشجع الاستثمار الدولي ومساعدة الناس من الحدود حتى الوصول إلى أماكنهم، ولكن لا يوجد إمكانات كافية لمواجهة احتياجات مليوني شخص، ومساعدتهم على استعادة حياتهم الطبيعية.
النساء والبنات العائدات من إيران يواجهن تحدّيا خاصا، وهو أنهنّ كنّ يتعلمن في إيران، وينتابهن قلق من التعليم ونقص فرص العمل، وهو ما لا يمكنهن الحصول عليه في أفغانستان. قد يحصلن على التعليم التقليدي لكن ليس التعليم الشامل المطلوب، وفرص العمل للناس محدودة جدا، والفرص الواقعية تكمن في العمل الذاتي في مشاريع خاصة، وهذا أيضا يحتاج إلى تفكير ومال.
مفهوم ما الذي دفع اللاجئين إلى الخروج، فما الذي يدفعهم إلى العودة؟
هذا مرتبط بسياسات الدول المستضيفة وأعني هنا إيران وباكستان، لأسباب داخلية تخصهما ولا يمكنني التعليق على ذلك، وما يمكننا قوله إذا قررتم إعادة اللاجئين فليس أقل من أن يكون ذلك تدريجيا وبمراعاة القدرات الاستيعابية لأفغانستان، وأن يسمح للاجئين بحمل ما كسبوه من أموال من باكستان أو إيران إن توفرت، وإذا كان لديهم ممتلكات أن يعطوا الوقت المناسب لبيعها، حتى لا يكونوا عبئا على أقاربهم وأسرهم.
تواصلنا على مستوى السفارات، وكانوا متعاطفين، بل إن السلطات الأفغانية دعت السفراء إلى التوجه إلى الحدود والاطلاع بأنفسهم على حجم المشكلة، ولا أدري إذا كان ذلك سيؤثر بقرار الدول أم لا.
أعتقد أن المؤسسات العاملة على الحدود تقوم بعمل جيد، ويمكنك مشاهدة الخدمات الطبية والإيواء وتوزيع الطعام والمال، كما يمكنك مشاهدة فجوات خطيرة، أحدها عدم وجود خدمات صحية للنساء، وهذه قضية حساسة جدا يجب معالجتها على وجه السرعة.
إعلان
وأؤكد لجميع المعنيين: لا تنظروا إلى القضية على أنها طارئة، وأن الطريق الوحيد للتعامل مع الناس بكرامة هي مرافقتهم إلى حيث يعودون في قراهم فقط، بل التركيز على التنمية لأجيال قادمة وتمكينهم من التعليم والعيش في بيئة مناسبة، وهذا قد يقلل من تحول الأزمة الحالية إلى دائمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
آلاف المحتجين الماليزيين يتظاهرون للمطالبة باستقالة أنور إبراهيم
طالب آلاف المحتشدين في العاصمة الماليزية اليوم السبت باستقالة رئيس الوزراء أنور إبراهيم على وقع ارتفاع تكاليف المعيشة واتهامات بعدم تحقيق الإصلاحات الموعودة. وتجمّع المتظاهرون -ومعظمهم يرتدون قمصانا سوداء وقبعات رأس- في ساحة الاستقلال وسط كوالالمبور ، للاستماع إلى خطابات كبار قادة المعارضة. وقدّرت الشرطة عدد المشاركين في المسيرة بما لا يقل عن 18 ألف شخص، وانضم رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد إلى التجمع، واتهم أنور بإساءة استخدام منصبه لملاحقة خصومه السياسيين، وهي اتهامات سبق أن رفضها رئيس الوزراء. ويواجه إبراهيم -الذي خاض حملته الانتخابية على أساس برنامج إصلاحي قبل توليه منصبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022- انتقادات بشأن إجراءات تهدف إلى تعزيز الإيرادات الحكومية، مثل توسيع ضريبة المبيعات والخدمات وتعديلات في الدعم يخشى البعض أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين. وقالت المحتجة نور شهيرة ليمان (23 عاما) -وهي عضوة في مجموعة طلابية إسلامية- إنها قلقة من أن الضرائب الجديدة بالإضافة إلى ارتفاع رسوم الكهرباء المفروضة على الشركات الكبيرة سينتقل عبؤها في نهاية المطاف إلى المستهلكين. وأعلن رئيس الوزراء هذا الأسبوع تقديم مساعدات نقدية وزيادة المساعدات للأسر الفقيرة، وتعهّد بخفض أسعار الوقود، في محاولة لتهدئة المخاوف من ارتفاع التكاليف. ويواجه أنور إبراهيم أيضا اتهامات بالتدخل في القضاء وشكوكا بشأن التزامه بجهود مكافحة الفساد بعد أن أسقط ممثلو الادعاء تهم الكسب غير المشروع عن شخصيات عدة متحالفة مع الحكومة وبعد تأخير في تعيين كبار القضاة بالبلاد في الآونة الأخيرة، ونفى أنور مرارا تدخله في القضاء.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
تداعيات اقتصادية لأكبر حملة ترحيل للعمالة الأفغانية من إيران
طهران – نفذت إيران أكبر حملة ترحيل للاجئين الأفغان غير النظاميين في تاريخها الحديث، بعد اتهام بعضهم بالتجسس وتسريب معلومات عسكرية لا سيما بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل ، لكن ثمة تساؤلات بشأن تداعيات هذه الحملة على الاقتصاد الإيراني. فبعد عقود من اعتماد الاقتصاد الإيراني على العمالة الأفغانية الرخيصة في قطاعات حيوية عديدة، خلّف ترحيل المهاجرين المخالفين شروخا عميقة في بنية الاقتصاد الإيراني، وفق مراقبين، أدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف القوى العاملة في تلك القطاعات. وأعلنت إيران ترحيل أكثر من 772 ألف لاجئ أفغاني غير نظامي إلى بلادهم منذ 21 مارس/آذار الماضي، وفق ما أوردت وكالة الأناضول نقلا عن رئيس دائرة الأجانب واللاجئين في وزارة الداخلية الإيرانية، نادر ياراحمدي. ويقدر المسؤولون الإيرانيون عدد الأفغان المقيمين في البلاد بنحو 6 ملايين شخص، بينهم أكثر من مليوني شخص يقيمون فيها بشكل غير قانوني. وخلال عقود من استحواذ العمال الأفغان على قطاعات البناء والزراعة والمهن الصعبة، استطاع بعضهم توظيف مدخراته لإنشاء مشاريع صغيرة اصطدمت بحملات الترحيل مؤخرا، فضلا عن الخشية من تداعيات تعطيل هذه الورشات على بعض القطاعات الصناعية والخدمية. ومنذ عقود دأب أصحاب العمل الإيرانيون على توظيف العمال الأفغان لأنهم يقبلون بأجور منخفضة جدا من دون تأمين صحي مقابل ساعات عمل طويلة، لكن موجة الترحيل المتواصلة تسببت في تراجع اليد العاملة الأفغانية في البلاد، بينما تتزايد معدلات البطالة بين الشباب الإيرانيين بسبب رفضهم قبول المهن الشاقة القليلة الأجر. ومع تسجيل المعابر الحدودية ترحيل مئات آلاف الأفغان خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت الصحافة الإيرانية بنشر تقارير عن التحديات التي تنكشف رويدا رويدا في بعض قطاعات الاقتصاد الإيراني جراء انخفاض العمالة المهاجرة وتداعياتها على ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة وانخفاض الإنتاجية من جهة أخرى. تداعيات الترحيل يحذّر الباحث الاقتصادي عضو غرفة إيران للصناعة والتجارة زين العابدين هاشمي من تبعات ترحيل القوى العاملة الأفغانية من إيران، موضحا أن أكثر من 70% من المهاجرين الأفغان في إيران يعملون في وظائف يدوية وعلى رأسها قطاع البناء والتشييد ثم الخدمات البلدية والقطاع الزراعي وتربية الماشية. وقال في حديث للجزيرة نت إنه بعد اعتماد هذه القطاعات على اليد العاملة الأفغانية طوال العقود الماضية، فإن ترحيل هذه الفئة سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف العمالة وتعطيل المشاريع التنموية وتراجع عرض البضائع جراء انخفاض الإنتاج والذي سينعكس بدوره على ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية وزيادة تكاليف الصيانة والخدمات الفنية والمنزلية والبلدية. وأشار هاشمي إلى أن العديد من المصانع والمنشآت الصغيرة تعتمد بشكل أساسي على العمالة الأفغانية، وقد يؤدي ترحيلهم إلى إغلاق بعض الورش أو تقليص ساعات العمل فيها، إلى جانب الهواجس من نقل رؤوس الأموال إلى بعض الدول الأجنبية إذا ما صعب على أصحاب العمل استبدال اليد العاملة الأفغانية بعمالة إيرانية أعلى كلفة. وأوضح أن استبدال العمال الأفغان بعمالة إيرانية سيكون صعبا لأسباب عديدة، أبرزها رفض الإيرانيين تولّي وظائف يدوية كالبناء أو تربية المواشي إلا بأجور مرتفعة جدا، منوها بأن مؤشرات البطالة في إيران تعود إلى خريجي الجامعات وليس للعمالة البسيطة. وتوقع الهاشمي ارتفاع معدلات البطالة جراء توقف نشاط العديد من الورش والصناعات الصغيرة في المستقبل. وقال إن البلديات في العديد من مدن المحافظات الإيرانية تفوّض الخدمات البلدية إلى مقاولين يستخدمون عمالا أفغانا، وبترحيلهم سوف تشهد بعض المشاريع كجمع النفايات وتدويرها وتنظيم المناطق العشوائية عراقيل حقيقية في تسيير العمل. وشدد الهاشمي على أن البلديات قد تضطر إلى رفع الضرائب أو تقليص الخدمات جراء زيادة تكاليف صيانة المدن بسبب غلاء أجور العمالة الإيرانية. وقال إن متوسط أجر العامل الأفغاني في إيران يبلغ في قطاع البناء 7 ملايين ريال إيراني (8.2 دولارات) لليوم الواحد، بينما يصل أجر العامل الإيراني يوميا من 12-15 مليون ريال إيراني (14-17.4 دولارا) مما يرفع كلفة الوحدات السكنية وقد يُدخل سوق العقار في ركود. فوائد أمنية في المقابل، قال إبراهيم نجفي نائب رئيس لجنة العمران البرلمانية إن ترحيل المهاجرين غير القانونيين سيفضي إلى آثار إيجابية في الاقتصاد الوطني من خلال انخفاض الدعم الحكومي على الطاقة والسلع الأساسية، إلى جانب زيادة فرص العمل للإيرانيين وارتفاع عرض الوحدات السكنية. ونقلت وكالة خانه ملت التابعة للبرلمان الإيراني عن نجفي قوله إنه لمغادرة المهاجرين غير النظاميين فوائد أمنية للدولة، مضيفا أن هذه الشريحة الكبيرة كانت تستفيد من الدعم الحكومي في جميع المجالات بما فيها التعليم والمواد الغذائية والطاقة، وفق قوله. وأضاف أن ترحيل المهاجرين المخالفين قد يتسبب في تحديات محدودة في بعض القطاعات بسبب نقص اليد العاملة، لكن المنافع تفوق السلبيات من دون أدنى شك، موضحا أن أعدادا كبيرة ممن يغادرون البلاد حاليا كانوا مستأجرين لوحدات سكنية تُعرض الآن في السوق، مما يعوّض جزءا من نقص المعروض. استنزاف الدعم الحكومي في السياق، قال الصحفي المتخصص في الشأن الأفغاني هادي كسائي زاده إنه نظرا لنشاط العمالة الأفغانية بشكل أساسي في عدد محدود من القطاعات الصناعية والإنتاجية، فإنه يمكن حل مشكلة نقص العمالة عبر تخطيط دقيق فيمكن أن تكون عبر المهاجرين النظاميين حيث ترحب السلطات الإيرانية ببقائهم في البلاد. وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح كسائي زاده أن زيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين خلال السنوات الأخيرة أدت إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية واسعة النطاق في إيران بدءا من ارتفاع الطلب على سوق الإسكان والاستهلاك الواسع للدعم الحكومي على السلع الأساسية، وصولا إلى "التغلغل الاستخباراتي والأمني للعدو الذي تجلى في العدوان الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية"، وفق قوله. ومنذ بدء الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما على إيران، شنت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية التابعة للحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي حملات أمنية ألقت القبض خلالها على مئات الجواسيس بينهم عدد من المهاجرين الأفغان غير النظاميين وبثت -في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية- لقطات من اعترافاتهم بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي عبر التقاط صور لأماكن حساسة وإرسالها إلى جهات خارج البلاد مقابل الحصول على أموال. وتابع "المهاجرون الأفغان يستهلكون نسبة كبيرة جدا من الدعم الحكومي على السلع الأساسية والطاقة مما يكبِّد الاقتصاد الوطني تكاليف باهظة كان بالإمكان توجيهها مباشرة لتحسين رفاهية الإيرانيين". ولدى إشارته إلى الدعم الحكومي على الغاز والبنزين والسولار والكهرباء ومياه الصرف الصحي وقطاع التعليم والعلاج وغيرها، قال الصحفي الإيراني إنه في ظل معاناة البلاد من عجز في الطاقة والمياه يحصل المهاجرون الأفغان على حصة كبيرة من الموارد العامة لا تتناسب مطلقا مع القدرة الاقتصادية للبلاد في وقت تعاني فيه الحكومة من عجز مزمن في الميزانية. وأضاف كسائي زاده أنه إلى جانب الأعباء الاقتصادية، ثمة مخاوف جادة من تبعات أمنية للهجرة غير القانونية؛ إذ كشفت الاعتقالات الأمنية التي أعقبت الحرب الإسرائيلية الأخيرة عن استخدام " الموساد" الإسرائيلي لعدد من المهاجرين غير النظاميين في عمليات تجسس وتخريب، مؤكدا أن الهوية لهؤلاء توفر بيئة خصبة لتسلل العملاء، ويصعب تعقب تحركاتهم مقارنة بالمقيمين النظاميين. ووفق آخر الإحصاءات الإيرانية الرسمية، أعلن محمود كريمي بيرانوند، المساعد السابق لوزارة العمل، أن حوالي مليون و500 ألف شخص من المهاجرين الأجانب يمتلكون التراخيص اللازمة ويعملون بصورة قانونية داخل البلاد، في حين يُقدَّر عدد الأشخاص المخالفين بضعف هذا الرقم. الموقف الأفغاني في غضون ذلك، نشرت وكالة "صداي أفغان" -التي تديرها الجالية الأفغانية في إيران- تقريرا ميدانيا من معبر دوغارون، مؤكدة أن المركز الخدمي الملاصق للمعبر يشهد هذه الأيام واحدة من أكبر عمليات عودة المهاجرين لكنها في الوقت ذاته تبدو الأكثر تنظيما وإنسانية. واعتبرت الوكالة أن التنظيم المحكم للمهاجرين، وتوزيع المستلزمات الأساسية، وتقديم الخدمات الصحية والضيافة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، تمثل أبرز نقاط قوة الإدارة الحدودية في مدينة تايباد الإيرانية حيث يعبر المهاجرون الأفغان الحدود المشتركة. ووفقا للوكالة، فإن "عودة المهاجرين من حدود دوغارون ليست علامة على الخروج القسري، بل هي رمز لحركة واعية، تطوعية، ومفعمة بالأمل لمهاجرين يبدؤون مسارًا جديدًا في بلادهم بنظرة نحو المستقبل". وفي الجانب الأفغاني، انتقد وزير الخارجية أمير خان متقي الترحيل "المؤلم والمهين" لمواطني بلاده من إيران، حسب وصفه، مضيفا أن السلطات الإيرانية "بدأت بترحيل اللاجئين الأفغان بصورة عشوائية ومن دون التنسيق معنا، حيث لم نكن جاهزين لاستقبال هذا العدد الضخم من العائدين". وفي تصريحات نقلها التلفزيون الأفغاني الرسمي، أضاف متقي خان أن بلاده طلبت "مرارا وتكرارا من السلطات الإيرانية أن يكون الترحيل تدريجيا، يحفظ كرامة العائدين وممتلكاتهم"، مشيرا إلى أن معظم اللاجئين غادروا أفغانستان بسبب الحروب والأزمات الاقتصادية. ومع تحول قضية المهاجرين الأفغان غير النظاميين في إيران إلى أزمة متعددة الأبعاد، تكاد تجمع الأوساط الإيرانية على ضرورة تنظيم ظاهرة الهجرة وإصلاح الهياكل الاقتصادية ووضع سياسات وطنية تحمي مصالح الإيرانيين، مع الحفاظ على كرامة المهاجرين وحسن الجوار لتفادي تحول الأزمة إلى تهديد أمني مستقبلي.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
تصويت تاريخي بتايوان لعزل 24 نائبا معارضا واتهامات بتدخل صيني
توجه الناخبون في تايوان إلى مراكز الاقتراع، اليوم السبت، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات بالغة الأهمية لعزل نواب معارضين، مما قد يسمح لحزب الرئيس لاي تشينغ تي باستعادة الهيمنة على البرلمان. ويسعى أنصار الحزب الديمقراطي التقدمي الذي ينتمي إليه لاي لسحب الثقة من 31 نائبا من حزب كومينتانغ المعارض، بعد اتهامهم بـ"موالاة الصين وتشكيل تهديد أمني". ويهيمن حزب كومينتانغ، الذي يسعى لإقامة علاقات أوثق مع بكين، على البرلمان بالتحالف مع حزب الشعب التايواني. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها حيث يواجه 24 نائبا من كومينتانغ احتمال عزلهم، كما ستجرى في 23 أغسطس/آب انتخابات أخرى لعزل 7 نواب آخرين من الحزب نفسه. ونظم الحزبان الرئيسيان حملات انتخابية حاشدة في الأيام السابقة، وهيمن السجال على وسائل التواصل الاجتماعي لعدة أشهر. ورغم أن لاي فاز في الانتخابات الرئاسية عام 2024، فإن حزبه الديمقراطي التقدمي خسر غالبيته في البرلمان. المعارضة تعرقل ميزانية الحكومة ومنذ ذلك الحين، تعاون حزب كومينتانغ وحزب الشعب لعرقلة برنامج عمل لاي، حيث نجحا في خفض أو تجميد أجزاء من ميزانية الحكومة. ويحتاج الحزب الديمقراطي التقدمي إلى عزل ما لا يقل عن 12 نائبا من كومينتانغ لضمان غالبية مؤقتة في البرلمان، وهو احتمال تعطيه شركة تحليل المخاطر "أوراسيا غروب" نسبة 60%. ودفع حزب كومينتانغ ببعض أبرز رموزه السياسية، بمن فيهم عمدة تايبيه ورئيس المجلس التشريعي ورئيس الحزب، لحث الناخبين على التصويت ضد حملة العزل. ويصف حزب كومينتانغ هذه الخطوة بأنها محاولة من الحزب الديمقراطي التقدمي للاستئثار بالسلطة، وتهديد للديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب. وفي الأشهر الأخيرة شبّه رئيس حزب كومينتانغ إريك تشو حكومة لاي بنظام هتلر النازي، بينما تحدث لاي عن "إزالة الشوائب" للدفاع عن سيادة تايوان. وحذرت تايبيه من وجود "أدلة واضحة" على أن بكين تحاول التدخل في عملية التصويت. ولكي يتم تجريد نائب من حزب كومينتانغ من مقعده، يجب أن يتجاوز عدد الأصوات المؤيدة لسحب الثقة تلك المعارضة، وأن تتجاوز نسبة المشاركة 25% من إجمالي عدد الناخبين المسجلين. وقالت حكومة تايوان إن هذا التصويت، الذي يُعد أكبر عملية عزل برلماني في تاريخ الجزيرة، يواجه تدخلا انتخابيا "غير مسبوق" من جانب الصين التي تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، وتهدد باستخدام القوة لإخضاعها لسيطرتها، بينما ترفض تايبيه مزاعم بكين. وتراقب الصين من كثب حملة العزل المحمومة حيث علّق مكتب شؤون تايوان ووسائل الإعلام الرسمية مرارا على عملية التصويت، مستخدمين خطابا مشابها لذلك الذي يعتمده حزب المعارضة الرئيسي لانتقاد لاي، بحسب ما أفادت به رويترز.