logo
ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟

ما يسبق: الصفقة الجزئية أو الشاملة أم التصعيد؟

وكالة خبرمنذ 2 أيام
بعدما بدت الصفقة الجزئية بشأن غزّة في متناول اليد، وتضاءلت فجوات الخلاف حول خرائط الانسحاب ومفاتيح الأسرى والمساعدات الإنسانية والضمانات، فجّر المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، بعد لقائه مع الوزير الأقرب إلى بنيامين نتنياهو رون ديرمر، الموقف بشكل مفاجئ، زاعماً أن حركة "حماس أفشلت المفاوضات"، ولوّح بوجود "خيارات أخرى". ثمّ بدأ ترويج فكرة التحوّل من صفقة جزئية إلى صفقة شاملة، تحت طائلة التهديد: فإمّا أن توافق "حماس" على الشروط المطروحة، أو يُشدَّد الحصار الخانق على المناطق التي لم تُحتلّ بعد، وربّما احتلالها، رغم معارضة الجيش الإسرائيلي الذي يدرك أن أيَّ اجتياح جديد سيستغرق وقتاً كبيراً حتى يحقّق الأهداف الموضوعة، وأنه بحاجة إلى تعزيزٍ كبير في القوات العاملة في القطاع، في وقت صار فيه جيش الاحتلال منهكاً، وتقييمه أن الحرب استنفدت أغراضها، والاجتياح سيعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين إلى خطر شديد، وسيكبّد القوات المحتلّة خسائرَ كبيرةً، وقد يفضي، في النهاية، إلى الوقوع في مستنقع حرب استنزاف طويلة، واحتلال القطاع، وفرض حكم عسكري مباشر عليه، ما سيفاقم العزلة والغضب على دولة الاحتلال، ويزيد احتمالات فرض عقوباتٍ جدّية عليها.
هناك مخرج فلسطيني جماعي لم يُؤخذ به، يتحقّق من خلال تقديم القيادة الرسمية مخرجاً لـ"حماس"، يسمح بمشاركتها في النظام السياسي
حتى نضع أيدينا على سرّ التحول الكبير الذي حصل خلال الأسبوعَين الأخيرَين، نرى أن العالم هاله وانشغل بحقيقة ما يجري في القطاع من حرب إبادة وتجويع ممنهج أدّى إلى موت مئات المدنيين من الجوع، وتهديد حياة مئات آلاف في حرب باتت تستخدم الجوع أداة ضغط لتحقيق ما فشلت فيه الحرب العسكرية والإبادة والتهجير. ولم تكن خطط بناء "المدينة اللاإنسانية" في جنوب القطاع، أو "المناطق اللاإنسانية والآمنة" الأخرى، سوى تعبير عن نيةٍ دفينةٍ لفرض التهجير القسري أحدَ أهداف الحرب، وهو هدف لا يعتبر طرحه (شأنه شأن الضمّ) مجرّد مناورات تكتيكية تستهدف تغيير موقف "حماس"، وموقف بقية فصائل المقاومة. ومثلما أنكرت إسرائيل نكبة 1948 فإنها تنكر اليوم نكبة التجويع والمجاعة التي حوّلت مراكز توزيع المساعدات، التي أنشأتها "منظمة غزّة اللاإنسانية" مصائد موت. إذ أُجبر آلاف المدنيين على التزاحم والحصول على الطعام خلال ثماني دقائق فقط، بتوزيعه بين أربعة مراكز توزيع، ما أدّى حتى كتابة هذه السطور إلى استشهاد أكثر من 1300 شخص، وإصابة نحو سبعة آلاف آخرين.
رغم أن المؤشّرات كانت تدلّ على رغبة نتنياهو في إتمام الصفقة، وخشيته منها، في الوقت نفسه، خصوصاً لإرضاء دونالد ترامب الذي كان يدفع من أجل إبرام الصفقة، وكسب نقاط انتخابية بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وتصوير أنها وجّهت ضربات قاصمة لإيران، وهذا ظهر لاحقاً على حقيقته، بدليل أن إسرائيل تلقّت هي الأخرى ضرباتٍ قوية غير مسبوقة، وأن النظام الإيراني صامد على مواقفه السابقة، والمطالب منه نفسها لا تزال مطروحةً، ولأن المعارضة الإسرائيلية الداخلية لاستمرار الحرب تتزايد، بما في ذلك رفض الحريديم للتجنيد، وتنامي ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، وخسائر الجيش البشرية، واستمرار وتزايد حالات الانتحار بين جنود شاركوا في الحرب، وانحياز المؤسّسة العسكرية لخيار الصفقة الجزئية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحسابات السياسية المعقّدة بعد حرب التجويع أدّت إلى أن أصبحت صورة إسرائيل في العالم في الحضيض، حتى لدى أقرب الحلفاء، مع ازدياد استخدام مصطلحات "الإبادة الجماعية" و"الفصل العنصري" و"المجاعة" في وصف أفعالها. هذا المشهد، إضافة إلى "تسونامي" الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الذي شمل دولاً كبرى: فرنسا وكندا وبريطانيا، شكّل صدمةً سياسيةً لحكومة اليمين المتطرّف في إسرائيل، وجعل نتنياهو يتراجع عن عزمه على اللجوء لانتخابات مبكّرة خشية من خسارتها، ما جعله بحاجة إلى استمرار حكومته أطول ممّا كان يعتقد بعد "الانتصار" على إيران، وأخذ يراهن على تصعيد الحرب، لأن الصفقة الجزئية يمكن أن تقود إلى وقف الحرب في ظلّ وجود "حماس"، وهذا يعتبر هزيمةً ستقوده إلى خسارة مؤكّدة في الانتخابات، ومحاسبة عسيرة من لجنة التحقيق التي ستحقّق في الإخفاق التاريخي في "7 أكتوبر" (2023)، والإخفاق الأكبر منه في عدم استكمال تحقيق الأهداف ووقف الحرب، رغم مرور نحو 22 شهراً على اندلاعها، لذا يسعى إلى صفقة جزئية بشروطه أو تصعيد الحرب بعد محاولة كسر حدّة الانتقادات الدولية من خلال السماح بقدر من المساعدات الإنسانية.
هناك رهان إسرائيلي مصادق عليه أميركياً على انهيار المقاومة واستسلامها، بفعل الضغوط الشعبية والسياسية، أو إمكانية تحرير الأسرى بالقوة
من وجهة نظر نتنياهو وحكومته، بات العالم كأنّه "يكافئ حماس" والفلسطينيين بالاعتراف بدولة فلسطينية، رغم كلّ الشروط الظالمة المفروضة على الفلسطينيين، بما فيها الدعوة إلى سحب السلاح وإبعاد "حماس" من الحكم، والتي تضمّنها إعلان نيويورك، فيما لا تُفرض أيّ شروط على إسرائيل، الدولة التي تنتهك القانون الدولي، وارتكبت كلّ أنواع الجرائم، وتضم وزراء يطرحون أفكاراً عن إبادة وتهجير وضمّ أرض الغير. ومن جهة واشنطن، شهد الموقف الأميركي تحوّلاً، كما نقل عن مسؤول مصري، قال إن واشنطن أقلّ انخراطاً في الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، ولهجة المسؤولين الأميركيين تغيّرت، وأصبحوا يركّزون في المطالبة باستسلام "حماس"، ويرفضون المفاوضات التي تؤدّي إلى وقف مؤقّت لإطلاق النار، مع الترويج لصفقة شاملة لا تتضمّن انسحاباً إسرائيلياً، ولا تضمن وضع أيّ حدّ للإبادة والضمّ والتهجير، بل تتضمن شروطاً تعجيزية، مثل إعطاء "حماس" مهلةً حتى تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين فوراً، ومن دون مقابل، ونزع سلاح "حماس" وإخراجها من المشهد السياسي، وتسليم الحكم للولايات المتحدة من دون السلطة الفلسطينية أو لجنة الإسناد المجتمعي. وهو مقترح لا يفتح طريق المفاوضات، بل يُعدُّ وصفةً للاستسلام، لا للتسوية، وهو مقترح فرصه في النجاح إذا لم يُعدَّل بشكل ملموس ليست كبيرةً، بل سيُواجَه بمعارضة حتى من الدول العربية وتركيا وكندا وأوروبا، الذين يدعمون عودة السلطة بعد تجديدها إلى قطاع غزّة، حتى يمكن تطبيق ما تعهّدوا به من إقامة الدولة الفلسطينية.
وقد جاء هذا التحوّل أيضاً على خلفية تراجع شعبية ترامب وحزبه نتيجة حرب غزّة، وأسباب أخرى، وتورّطه في فضيحة إبستين التي تُستخدم للضغط عليه، لتقليص أيّ تأثير محتمل له على الموقف الإسرائيلي. هل التصعيد العسكري هو السيناريو الوحيد؟... لا، فالعديد من العوامل التي دفعت نحو الصفقة الجزئية ما زالت قائمةً، أهمها أن الفجوة بين الموقفين صغيرة، بدليل الحديث عن منح واشنطن وإسرائيل مهلةً لـ"حماس"، ولو قصيرة، فالتصعيد العسكري لا يملك عصاً سحريةً، سواء إذا أخذ شكل الحصار الأشدّ أو احتلال مواقع جديدة أو احتلال ما تبقّى من أرض غير محتلة. وهناك سباق حقيقي بين ثلاثة مسارات: صفقة جزئية تبقى مطروحةً رغم ابتعادها حالياً من طاولة المفاوضات، وصفقة شاملة تبدو بعيدة المنال إذا لم تُعدَّل، وقد تستخدم تكتيكاً للضغط على "حماس" لدفعها إلى تقديم تنازلات جديدة، لأن الفجوة بين الموقفَين في ما يتعلّق بالصفقة الشاملة شاسعة جدّاً، وهناك أيضاً رهان إسرائيلي مصادق عليه أميركياً على انهيار المقاومة واستسلامها، بفعل الضغوط الشعبية والسياسية الفلسطينية والعربية، أو إمكانية تحرير الأسرى بالقوة من دون تفاوض.
تبدو خيارات "حماس" محدودةً، فقد وافقت عملياً على اقتراح ويتكوف، وبقيت مسائل يمكن الاتفاق عليها، لكنّها فوجئت بانهيار المفاوضات حين اقترب الاتفاق من الاكتمال. وإن وافقت أخيراً على الشروط الإسرائيلية الأميركية الجديدة، فستبدو وكأنها استسلمت وأعلنت هزيمتها، وإن رفضت، فستُحمّل مسؤولية التصعيد المقبل.
لن تستسلم "حماس"، لأن الاستسلام لا يضمن وقف الحرب التي لا تستهدفها فقط، بل تستهدف تصفية القضية الفلسطينية
هناك مخرج فلسطيني جماعي لم يُؤخذ به، يتحقّق من خلال تقديم القيادة الرسمية مخرجاً لـ"حماس"، يسمح بمشاركتها في النظام السياسي، وفي المقابل تبدي حركة حماس المزيد من المرونة فتصبح هناك قيادة فلسطينية واحدة ومؤسّسة واحدة، تستند أولاً إلى الشرعية الفلسطينية، وثانياً إلى الشرعية العربية والدولية. قدّمت "حماس" تنازلات كبيرة، منها الموافقة على الصفقة الجزئية رغم أنها ترجّح استئناف الحرب بعد انتهاء هدنة الـ60 يوماً، والاقتراب من الموافقة على خرائط تُبقي وجود القوات المحتلّة على أكثر من 20% من مساحة القطاع، والخلاف المتبقّي كان على عشرات أو مئات الأمتار، وعلى إطلاق سراح 200 أسير مقابل عشرة إسرائيليين، رغم أنها أفرجت سابقاً عن 500 مقابل العدد نفسه، كما قبلت بتسليم الحُكم للجنة الإسناد المجتمعي فور بدء هدنة الـ60 يوماً، واكتفت بالضمانات الأميركية لهذه الهدنة، من دون إصرار على ضمانات تمنع استئناف الحرب، ولا تستطع أن تقدّم أكثر، لأنها لن تستسلم، خصوصاً أن الاستسلام لا يضمن وقف الحرب التي لا تستهدف "حماس" فقط، وإنما تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بكلّ مكوّناتها، بما فيها التهجير والضمّ، والاستسلام ليس من المضمون أن يوقف الحرب، ويمكن أن يفتح شهية دولة الاحتلال لمواصلة تطبيق أهدافها المُعلَنة وغير المُعلَنة.
وقف الإبادة يجب أن يكون الأولوية القصوى لأنه يفتح الطريق لوقف التهجير والضمّ ويحفظ وجود المقاومة، فمن دون وجود الشعب في أرضه لا توجد مقاومة، ويعيد المسألة الفلسطينية إلى مسارها الصحيح: إنهاء الاحتلال وتجسيد الحرية والاستقلال. ويتطلّب ذلك البناء على الحراك الدولي الداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم الشروط الظالمة التي يتضمّنها، والعمل لتشكيل قيادة وطنية موحّدة، وبرنامج سياسي واحد، وسلاح واحد يقوم بواجبه في الدفاع عن الوطن والمواطن، ويخدم ويلتزم بالاستراتيجية الوطنية، وبقرارات المؤسّسات الوطنية الشرعية الموحّدة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ويتكوف يصل موسكو في زيارة رسمية
ويتكوف يصل موسكو في زيارة رسمية

وكالة خبر

timeمنذ 12 ساعات

  • وكالة خبر

ويتكوف يصل موسكو في زيارة رسمية

أعلنت وسائل إعلام روسية رسمية، عن وصول المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة الروسية موسكو. وأشارت، إلى أن الزيارة تأتي قبل أيام من الموعد النهائي الذي حدده البيت الأبيض لروسيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا أو مواجهة عقوبات اقتصادية صارمة. وأظهرت لقطات بثتها وكالة "تاس" الروسية للأنباء، أن ويتكوف شوهد وهو يقوم بنزهة في وقت مبكر من صباح الأربعاء في حديقة زاريادي مع مبعوث الرئيس الروسي للاستثمار والتعاون الاقتصادي كيريل دميترييف. وكان دميترييف قد اضطلع بدور رئيسي في محادثات السلام المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول في الأشهر الأخيرة، وكذلك في المباحثات بين مسؤولين روس وأميركيين. ولم تؤكد موسكو بعد ما إذا كان ويتكوف سيجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته.

"تلة سديروت" تتحول إلى منصة إسرائيلية لمراقبة قصف غزة
"تلة سديروت" تتحول إلى منصة إسرائيلية لمراقبة قصف غزة

فلسطين الآن

timeمنذ 13 ساعات

  • فلسطين الآن

"تلة سديروت" تتحول إلى منصة إسرائيلية لمراقبة قصف غزة

يجتمع المستوطنون يوميًا على منصة مراقبة في مستوطنة سديروت، المتاخمة لقطاع غزة، لمتابعة مجريات الحرب وعمليات القصف الجوي التي تودي بحياة العشرات يوميًا. وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، التقى ثلاثة إسرائيليين في السابعة والعشرين من عمرهم، على "قمة تل كوبي"، أعلى نقطة في سديروت المطلة على أطراف قطاع غزة، وتبادلوا الحديث عن العمل والسفر و"الاستثمار في سوق الأسهم". وأضاف التقرير أنه قطاع غزة يقع على بعد كيلومتر واحد تقريبًا عبر الطريق السريع وبعض الحقول والجدار الفاصل، وتحديدًا في مناطق بيت حانون وشمال غزة، والتي تتعرض لقصف مستمر منذ ما يقرب من عامين. وتابع التقرير أن أحد الإسرائيليين يدعى أفيك، قال مبتسمًا ويرتدي سرواله القصير وقميصه الزاهي، إن "مشاهدة سقوط الصواريخ على غزة تجعله يشعر بالسعادة"، وأشار إلى شاشة هاتفه التي تحتوي على صورة لعمه آفي ميغيرا، الذي قتل على دراجته النارية في شوارع سديروت على يد أحد أعضاء حركة حماس. وأضاف أفيك أمام صديقيه، تاجر وموظف في مطبعة بمدينة كيبوتس بئيري المجاورة لقطاع غزة، أنه يعتقد أن تحرير آخر 50 رهينة إسرائيلي يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة، لا يمكن أن يتم إلا بعملية عسكرية عنيفة، حتى وإن استلزم الأمر موت "ملايين" الفلسطينيين، حسب تعبيره. مع حلول المساء وغروب الشمس، تحولت السماء إلى اللون الأحمر، وبينما كان الثلاثة يستعدون للمغادرة حوالي الساعة الثامنة مساءً، تصاعد عمود دخان متعرج في الأفق، تلاه انفجار قوي في قطاع غزة قبالة التل مباشرةً. بعد 21 شهرًا من العمليات العسكرية المتواصلة، أصبحت منطقة سديروت المطلة على البحر وجهة يقصدها العديد من الإسرائيليين لمتابعة حرب نادرًا ما تُعرض على شاشات التلفزيون. يمكن للزوار، بعد صعود قصير على طريق رملي مقابل خمسة شواقل (أكثر من يورو واحد بقليل)، استخدام مناظير مثبتة لمعاينة صف المباني المدمرة في شمال غزة. كما تتوفر آلات بيع مجهزة بانتظام لتقديم مشروبات باردة في درجات حرارة الصيف التي تصل إلى 40 درجة مئوية. في منتصف تموز /يوليو، انتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر عشرات الأشخاص وسياراتهم متوقفة على التل. نشر الصحفي المتشدد يديديا إبستاين المقطع أول مرة على موقع "شامال" الإخباري ("غرفة الحرب")، واصفًا نقطة المراقبة بأنها "أفضل عرض في المدينة". وعلى موقع "إكس"، بدأ بعض الإسرائيليين، دون سخرية، بتسميتها "سينما سديروت". رغم التفاخر على الإنترنت، كان متابعو المذبحة المستمرة في غزة أكثر تحفظًا أمام الصحافة، ورفضوا في الغالب شرح أسباب حضورهم. أحدهم، أورين، قال ضاحكًا وهو يلتقط صورًا لغروب الشمس فوق غزة بهاتفه الذكي: "لو موند؟"، واتهم المتواجدين بـ"الفاشيون"، مشيرًا إلى أن لديه عائلة في كاربنترا جنوب فرنسا. ركزت الصحفية هادارمان، عبر المنظار المثبت، على مبنى متعدد الطوابق مدمّر بالكامل، ولم تغادر بصرها عنه. وأعربت موظفة في علامة تجارية للأحذية في تل أبيب عن شعورها بالاضطراب، مستذكرة مدنيي غزة الذين شُرّدوا قسرًا أو قُتلوا، ووالديها الذين اعتادا الذهاب إلى شاطئ غزة قبل انسحاب إسرائيل عام 2005، وأصدقائها الذين يخدمون كجنود احتياط في الجيش الإسرائيلي. وتنهدت قبل أن تعود إلى أعلى التل قائلة: "كلما زاد دعمنا للعنف، قلّ استقرار الشرق الأوسط". في نفس السياق، أراد شاب يُدعى بنيامين، 20 عامًا، قضاء الوقت ببساطة مع أطفاله أوز (5 سنوات) وسمادا (8 سنوات)، وهما يمسكان يد بعضهما البعض. وأوضح بنيامين، وهو نادل في مطعم سوشي محلي، أنه على الرغم من إصرار أصدقائه الدائم على اللقاء هنا للدردشة وشرب البيرة، فإنه يفضل الاسترخاء في مكان آخر. هذه كانت المرة الثالثة التي يشاهد فيها غروب الشمس فوق قطاع غزة المدمّر. وفي تقرير منفصل، رصد مراسل بي بي سي المخضرم جيريمي بوين من تلة في مدينة سديروت، حضور الإسرائيليين لمشاهدة قصف غزة من ما أُطلق عليه "سينما سديروت". من جهة أخرى، وثّق ناشط على منصة إنستغرام، يُدعى مات واتر، زيارته إلى "سينما سديروت" في 1 أغسطس 2025، ونشر فيديوهات وصورًا تعكس مشاهد القصف من الموقع. وكتب في منشوره: "زرت اليوم نقطة مراقبة على أطراف غزة، تُعرف أحيانًا باسم 'سينما سديروت'، حيث يحضر الإسرائيليون الفشار لمشاهدة قصف غزة من مدينة سديروت. مقابل 5 شواقل (1.50 دولار)، يمكن استخدام المنظار لرؤية الأنقاض التي تخيّم على مدينتي بيت حانون وبيت لاهيا." وأضاف مات واتر أن ساعة من المشاهدة شهدت دويّ القنابل الأمريكية والتفجيرات المتواصلة، وتوافد على المكان زوار من جنسيات متعددة، بينهم إسرائيليون وأمريكيون وروس، وبعضهم هتف وصفق مع سقوط القنابل، في مشهد يتجاهل المعاناة الحقيقية لملايين الفلسطينيين في القطاع. وأشار إلى أن ثلاثة أرباع سكان غزة كانوا يسكنون في الأراضي التي بُنيت عليها سديروت قبل تطهيرها عرقيًا عام 1948، مؤكّدًا أن الإبادة الجماعية في غزة مستمرة وحقيقية.

ترامب..متسول بنقاب غزي!
ترامب..متسول بنقاب غزي!

وكالة خبر

timeمنذ 15 ساعات

  • وكالة خبر

ترامب..متسول بنقاب غزي!

ما قبل انتشار مشاهد الجوعى في قطاع غزة، التي لا مثيل منذ عقود عالميا، حاول الرئيس الأميركي ترامب، في أكثر من مناسبة، القول بأن ذلك ليس سوى "أكاذيب"، وأنه لا يوجد هناك جوع، وتلك ادعاءات تهدف الإساءة لحكومة نتنياهو. ولكن، فجأة انقلب الأمر، عندما بدأ الحديث عن الجوع في غزة، وأنه تم "تضليله" ويجب المساعدة على ذلك، وسيرى كيف يقوم به، وأنه طالب من نتنياهو تسهيل دخول المساعدات، واعتقد أن الأمر انتهى بكلمات "بلهاء" أطلقها دون أن يتذكر ما قبلها. ومع كسر الصمت حول حرب الإبادة والتجويع، جراء انتشار المشاهد اللاإنسانية لأهل قطاع غزة، ساهمت وسائل إعلام أمريكية "معارضة" للرئيس الأمريكي بنشرها بشكل موسع، وتقارير فاضحة للأكاذيب التي روجتها دولة الكيان الفاشي ومعه فريق البيت الأبيض التلمودي، وما تركته من آثار غضب واسعة، ومنها دول "حليفة" لتل أبيب، ترافقت مع مظاهرات واسعة في أرجاء المعمورة، سقطت كل "الأكاذيب" التي روجها الثنائي ترامب – نتنياهو. ورغم محاولة حكومة نتنياهو، استغلال صورة رهينة نشرتها حماس بغباء نادر، ووصف ترامب لها بأنها "مروعة"، لكنها لم تتمكن من الذهاب بعيدا عن الحقيقة الثابتة بأن التجويع هو لميلوني فلسطيني غزة، وبأن استخدام صورة رهينة فيما هناك 20 آخرين قد يكونوا أصحاء تماما، لم تهزم الواقع، ولم ينحرف مسار رؤية التجويع العام، واتسعت حركة الغضب والإدانة لدولة الاحتلال. ومع تصاعد موجة الغضب العالمي لحركة التجويع مع حرب الإبادة، خرج الرئيس الأمريكي بفكرة "جديدة"، بعدما أكتشف أنه ("من الواضح أن سكان غزة لا يحصلون على الغذاء بشكل كافٍ، وسنعمل على إطعام السكان في غزة، ودول عربية ستساعدنا في إطعام السكان في غزة"). ترامب، الذي لا تحتفظ ذاكرته بأقواله لمدة 48 ساعة، بما أعلنه من الحديث عن "خطة إطعام أهل غزة"، يحاول حرف مسار المعارضة العالمية لسياسية حكومة نتنياهو، وفرملة الحركة الاحتجاجية التي تتسع في مختلف الدول، ولم تعد جزءا من نشاط "نخبوي"، بل جزءا من حركة تهز المجتمعات، فلذا أطلق تصريحه الامتصاصي، كمحاولة لحرف مسار من الجوهري إلى المظهري. الرئيس الأمريكي حاول أن يظهر الأمر وكأن المسألة نقصا في كميات فقط، وليس سببا جوهريا آخر، هو أن القوة الاحتلالية هي من يمنع دخول المساعدات التي تنتظر منذ أشهر، وبكميات كانت كافية للحد من أزمة التجويع المطلق إلى وصولها لمرحلة "التجويع الممكن" حتى تنتخي حرب الإبادة، وهو ما تحدثت عنه بوضوح الأمم المتحدة، والأونروا ومنظمة الغذاء العالمي (وهي منظمة أمريكية)، بل أن الاتحاد الأوروبي توصل إلى تفاهم مع حكومة نتنياهو حول دخول المساعدات بشكل واسع، لكنها لم تنفذه أبدا، ما أدى لمطالبة البعض الأوروبي بضرورة توقيع عقوبات على إسرائيل وتعليق اتفاقات الشراكة معها. دعوة ترامب حول "إطعام سكان غزة"، بقدر ما بها اعتراف ببعض الكارثة الإنسانية، لكنه تجاهل دافعها ومسببها الحقيقي، خاصة وهو يعلن أن توسيع العمل الاحتلالي في القطاع شأن "إسرائيلي"، وكأن الطعام الذي سيقوم بـ "توفيره" سيصل عبر دبابات جيش بن غفير. مناورة ترامب لحرف مسار الغضب ضد حكومة دولة العدو لا مكان لها، ولا يجب أن يكون لها..ولعل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اختصر المشهد بعبارة قاطعة..حرب تجويع وإبادة من أجل "مساومة سياسية" للقادم وليس غيرها. وتتكمل المهزلة الترامبية بالحديث عن أموال من دول عربية للمساعدة في "شراء الغذاء".. وكأننا أمام رئيس بدرجة متسول ولكن بنقاب غزي. ملاحظة: قبل 80 عام أقدمت راس الحية على قصف مدينة هيروشيما بقنبلة نووية..وقبل 22 شهرا أقدمت دولة الفاشية اليهودية على قصف قطاع غزة في حرب إبادة واقتلاع..التماثل ليس قصفا بل شراكة الثنائي في القصف الإبادي راهنا..لهيك أهل المدينة طردوا ممثلي فاشية العصر الجديد..صفعة هيروشيمية مرتبة.. تنويه خاص: كان مفرح جدا أن تسارع حكومة لبنان بتكريم زياد رحباني..وتطلق اسمه على طريق المطار بدل حافظ الأسد...الصراحة التكريم كوم وشطب الأسد كوم تاني..ذكاء انتقامي مرتب..مطار رفيق الحريري وطريقه رحباني مش "أسدي"..والبقية عندكم..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store