
السعودية مرتكز أساسي في استقرار المنطقة وجهودها مشهودة في المصالحة ومكافحة الإرهاب
في عالم تتسارع فيه التحديات، وتتعدد فيه الأزمات، يبقى العمل الدبلوماسي حجر الزاوية، في بناء جسور التفاهم بين الشعوب، من قلب القرن الأفريقي، ومن موقع جيبوتي الإستراتيجي، برز اسم ضياء الدين سعيد بامخرمة، كأحد أبرز الوجوه الدبلوماسية في العالم العربي والإسلامي.
يشغل بامخرمة، منصب سفير جمهورية جيبوتي لدى المملكة، وعميد السلك الدبلوماسي فيها، ومندوب جيبوتي الدائم لدى منظمة التعاون، إلى جانب كونه سفيراً غير مقيم، لدى سلطنة عُمان ومملكة البحرين، يحمل في جعبته رصيداً من الخبرة والتجربة، في الساحتين الإقليمية والدولية، ويُعرف بحضوره الثقافي والرياضي والإنساني الفاعل حيثما وُجد.
وعلى امتداد مسيرته الدبلوماسية، التي تجاوزت العقدين، نال تكريماً رفيعاً من رئيس جمهورية جيبوتي بوسامين في مرحلتين مختلفتين، تقديراً لجهوده التي تجاوزت التمثيل الرسمي، لتجسّد رؤية عابرة للحدود، تسعى إلى مدّ جسور الحوار، وترسيخ مبادئ التعاون.
خبرته العريضة، ومواقفه المتوازنة، وروحه القيادية، تجعله نموذجاً مميزاً للدبلوماسي، في زمن يحتاج فيه العالم إلى المزيد من الأصوات العاقلة، والدبلوماسية النزيهة.
في هذا الحوار، نستعرض أبرز محطات رحلته الدبلوماسية، ورؤيته للسياسة الإقليمية، ودور المملكة والعلاقات الثنائية مع بلاده، إلى جانب مشاركاته الواسعة في المحافل الدولية.
تشرفت بالتعامل معهم
• ما أبرز الشخصيات الدبلوماسية التي تعاملت معها، وتأثرت بها؟
•• بحكم عملي الدبلوماسي، تشرفت بالتعامل مع عدد من كبار المسؤولين حول العالم، من قادة دول ووزراء وسفراء، وأمناء عامين لمنظمات إقليمية ودولية، وكل شخصية أضافت لي تجربة خاصة، وساهمت في توسيع آفاق التفاهم والتعاون، دون أن أغفل بطبيعة الحال الشخصيات الرفيعة والمهمة، ومنها القيادات السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي عرفته منذ أن كان أميراً للرياض، وقد جمعتني به لقاءات عديدة، فردية وعامة، وجدته، مطّلعاً ومثقفاً، وخبيراً في قضايا بلده، وثقافات المنطقة وتاريخها، أما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهو يمتلك ذكاءً لافتاً، وحسن إدراك لمجريات الأمور، فضلاً عن تأثيره المباشر في التوجيه السريع والدقيق.
ولا أنسى الأمير سعود الفيصل، الذي كان شخصية مؤثرة، ملماً بالتفاصيل السياسية والأحداث، وصاحب قدرة على الإقناع والتأثير، وذا مهابة جليلة، كما لا أنسى الدور الكبير للرئيس إسماعيل عمر جيله، رئيس جمهورية جيبوتي، الذي عاصرته منذ أن كنت مستشاراً في مكتبه، ثم سفيراً في واحدة من أهم العواصم العالمية، الرياض، وقد منحني ثقته الغالية، التي كانت عنصراً أساسياً في نجاحي، بمنحي هامشاً دبلوماسياً واسعاً، للتحرك في الزمان والمكان المناسبين.
مرتكز استقرار المنطقة
• ما موقف بلدكم من قضايا وأزمات الشرق الأوسط الحالية، ورؤيتكم للحل؟
•• نحن في جمهورية جيبوتي، نؤمن بأن السلام والحوار هما السبيل الأمثل لحل النزاعات، ودعمنا للقضية الفلسطينية هو ثابت ودائم، انطلاقاً من إيماننا الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، كما نؤيد الجهود الرامية إلى استقرار اليمن وسورية والسودان، ونرفض أي تدخلات خارجية تزعزع أمن المنطقة أو تؤجج النزاعات، هذا هو الموقف الثابت، الذي يردده دوماً رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله، وتنتهجه الدبلوماسية الجيبوتية.
المملكة تتصدر المشهد العالمي
• كيف تنظرون للدور السعودي، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي، والاسلامي؟
•• تلعب المملكة دوراً محورياً في قيادة المنطقة، وتمتلك ثقلاً سياسياً واقتصادياً ودينياً كبيراً، فهي مرتكز أساسي في استقرار المنطقة، ولها جهود مشهودة في الوساطة، والمصالحة، ومكافحة الإرهاب.
اقتصادياً، تسير بخطى واثقة نحو تنويع مصادر دخلها، بعيداً عن الاعتماد الأحادي على النفط، من خلال «رؤية 2030» التي يقودها ولي العهد، وباتت المملكة تتصدر المشهد العالمي في عدد من القطاعات الاقتصادية.
أما إسلامياً، فهي قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وشاهدنا أخيراً النجاح الباهر لموسم حج هذا العام، والتنظيم المثالي الذي يعكس الجهد الهائل، الذي تبذله المملكة في هذا الجانب.
30 اتفاقية ومذكرة تفاهم
• ما تقييمكم لمستوى العلاقات الثنائية الحالي، بين الرياض وجيبوتي؟
•• العلاقات بين جيبوتي والسعودية، علاقات تاريخية وأخوية، تقوم على أسس راسخة من التعاون والاحترام المتبادل، وهناك تنسيق دائم في الملفات السياسية والأمنية، وتعاون متنام في مجالات الاقتصاد والبنية التحتية، وقد وُقعت أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين الشقيقين، إلى جانب وجود لجان متخصصة نشطة، منها اللجنة العامة الحكومية المشتركة، واللجنة الأمنية، واللجنة العسكرية، ولجنة التشاور السياسي، فضلاً عن المجلس المشترك لرجال الأعمال.
كما تُبذل جهود حثيثة لتحفيز الاستثمار السعودي في جيبوتي، من بينها إنشاء منطقة لوجستية سعودية، ضمن المنطقة الحرة لجيبوتي، لتكون مركزاً للصادرات السعودية نحو القارة الأفريقية، وقد تولت شركة «بوابة البحر الأحمر للموانئ البحرية الدولية» السعودية، إدارة ميناء تاجورة في جيبوتي، كما يساهم الصندوق السعودي للتنمية، في تنفيذ مشاريع مهمة لتطوير البنية التحتية في بلادنا، كل ذلك يعكس عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين.
المشاركة في المحافل الدولية
• ما أبرز المنظمات العالمية والهيئات، التي عملت معها؟
•• من خلال مسيرتي الدبلوماسية، شاركت في العديد من المحافل الدولية التابعة للأمم المتحدة، منها اجتماعات الجمعية العامة، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة الهجرة العالمية، وجامعة الدول العربية، كما واكبت عن كثب أعمال منظمة التعاون الإسلامي، منذ توليت موقعي سفيراً في الرياض، ومندوباً دائماً لدى هذه المنظمة العريقة، التي هي ثاني أكبر منظمة دولية في العالم، بعد الأمم المتحدة، كذلك، ساهمت في مؤتمرات وندوات عالمية، تهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الشعوب والدول، في مجالات سياسية وإستراتيجية وقانونية.
أمن إقليم البحر الأحمر
• شاركتم في كافة الاجتماعات المتخصصة، لإنشاء مجلس الدول العربية والأفريقية، المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، إلى أين وصلتم في تأسيس هذا المجلس؟
•• نعم، شاركت في جميع الاجتماعات التمهيدية لتأسيس هذا المجلس، ضمن الخبراء المسؤولين عن دراسة وتنقيح وإقرار ميثاقه، وتأتي أهمية هذا المجلس من كونه يضم الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي المعنية مباشرة بأمن واستقرار إقليم البحر الأحمر، الذي يمثل شرياناً حيوياً يربط قارات العالم، وتمر من خلاله نحو 15% من التجارة العالمية.
وقد كانت جيبوتي داعماً أساسياً لفكرة تأسيس المجلس، التي انطلقت من الحكومة السعودية، ومن أفكار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ونحن نترقب انطلاق عمل المجلس قريباً، لثقتنا في أنه سيحقق الأهداف المرجوة لدوله الأعضاء.
السعودية وأفريقيا.. علاقات تاريخية
• ماذا عن التعاون السعودي - الأفريقي؟
•• العلاقات السعودية - الأفريقية تاريخية وعميقة، وقد كان للصندوق السعودي للتنمية، دور كبير في تقديم الدعم التنموي لعدد من دول القارة، إلى جانب البنك الإسلامي للتنمية، والمملكة أكبر المساهمين فيه. وشكلت القمة السعودية - الأفريقية، التي عُقدت في الرياض في نوفمبر 2023، محطة مهمة في دفع آفاق التعاون، وذلك ضمن الرؤية السعودية 2030، وتم خلالها إطلاق عدد من المبادرات الكبيرة، أبرزها: مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في أفريقيا، بقيمة تجاوزت مليار دولار، تخصيص 5 مليارات دولار من الصندوق السعودي للتنمية لمشاريع في أفريقيا على مدى 10 سنوات، تخصيص 10 مليارات دولار من بنك التصدير والاستيراد السعودي، لتمويل التجارة والاستثمار، انطلاق «مبادرة الأثر الرقمي» لتعزيز التعاون الرقمي بين السعودية وأفريقيا.
حي فريد على مستوى العالم
• حدثنا عن طبيعة العمل الدبلوماسي، في عاصمة كالرياض؟
•• الرياض، اليوم تُعد عاصمة العواصم، لها مكانة جيوسياسية إقليمية وعالمية، وتُعد مقصداً لقادة وزعماء العالم كافة، والعمل الدبلوماسي فيها يحمل أهمية خاصة، لارتباطه المباشر بدور المملكة المتنامي عالمياً، ويوجد في الرياض أكثر من 120 سفارة، إضافة إلى مكاتب للمنظمات الإقليمية والدولية، وتشهد نشاطاً دبلوماسياً متواصلاً، من مؤتمرات ومنتديات وزيارات عالية المستوى.
كما أن وجود حي السفارات في الرياض - وهو حي فريد على مستوى العالم - يوفّر بيئة متكاملة، تيسر العمل الدبلوماسي بشكل كبير. وبهذه المناسبة، أحيّي القائمين على حي السفارات في الهيئة الملكية لمدينة الرياض، على جهودهم البارزة في خدمة السلك الدبلوماسي.
إطلالة على البحر الأحمر وباب المندب
• جيبوتي تتمتع بموقع إستراتيجي مهم على البحر الأحمر.. كيف تستثمر الحكومة الجيبوتية هذا الموقع؟
•• موقع جيبوتي الجغرافي متميز للغاية، فهي تطل على مدخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، الذي تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة العالمية، وقد أدركت الحكومة الجيبوتية منذ وقت مبكر أهمية هذا الموقع، وعملت على تطوير بنية تحتية متقدمة، تشمل موانئ حديثة مثل: ميناء دوراليه النفطية، وميناء دوراليه متعدد الأغراض، ومنطقة حرة متكاملة تُعد من الأكبر في أفريقيا، إضافة إلى ميناء دمرجوج النفطية الجديد، وميناء تاجورة وميناء غوبت، إضافة إلى ميناء لتصدير الماشية.
كما تم ربط هذه الموانئ بشبكات نقل برية، بما في ذلك سكة حديد متطورة، تمتد إلى العمق الأفريقي، لاسيما أن إثيوبيا التي تعتمد بشكل كبير على موانئ جيبوتي، وبهذا، أصبحت جيبوتي مركزاً إقليمياً رئيسياً للخدمات اللوجستية، والطاقة، والتجارة العابرة للقارات.
حوافز للمستثمرين
• ما هي الحوافز التي تقدمها جيبوتي للمستثمرين ورجال الأعمال السعوديين؟
•• العلاقات بين جيبوتي والمملكة متينة وأخوية، ونحرص على تعزيزها على جميع الأصعدة، خصوصاً الاقتصادية منها، وجيبوتي ترحب بالمستثمرين السعوديين، وتوفر لهم حزمة من الحوافز التنافسية، بحسب مشروعاتهم، ومن أبرز هذه الحوافز: إعفاءات ضريبية قد تمتد إلى عشر سنوات، ملكية كاملة للمستثمر الأجنبي، سهولة تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، بنية تحتية لوجستية متقدمة، وبيئة قانونية شفافة، تشجع على الاستثمار طويل الأمد.
كما أن موقع جيبوتي يشكّل نقطة انطلاق مثالية نحو الأسواق الأفريقية، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للاستثمارات السعودية الطامحة، للتوسع في القارة.
نتوسط بين دول الجوار عند الحاجة
عن موقف جيبوتي من التحديات الأمنية في القرن الأفريقي ودورها في تعزيز الاستقرار في تلك المنطقة، قال السفير بامخرمة، إن جيبوتي تؤمن بأن لا تنمية دون استقرار، ولذلك فإنها تلعب دوراً إيجابياً ومحورياً في دعم السلام والأمن في منطقة القرن الأفريقي.
نحن نشارك بفعالية، في جهود الوساطة بين دول الجوار عند الحاجة، ونسهم في حل النزاعات عبر منظمة دول الشرق الأفريقي «الإيغاد» والمنظمات الإقليمية، كما تستضيف جيبوتي قواعد عسكرية لعدد من الدول الصديقة، ما يساهم في تأمين الممرات البحرية، ومحاربة الإرهاب والقرصنة وتهريب البشر.
كل هذه الخطوات تعكس التزامنا، بأن تكون جيبوتي ركيزة للاستقرار الإقليمي، وجسراً للتعاون لا ساحة للتوتر.
المنطقة لا تحتمل مزيداً من التوتر
عن موقف جيبوتي من الأحداث الأخيرة التي تعرضت لها إيران، قال السفير بامخرمة: نتابع ما يحدث في إيران بقلق، ونؤكد على أهمية احترام سيادة الدول، وتفادي التصعيد في المنطقة، فالعالم الإسلامي والمنطقة، برمتها لا تحتمل مزيداً من التوتر.
جيبوتي دائماً ما تدعو إلى ضبط النفس، واللجوء إلى الحوار والطرق الدبلوماسية لحل الخلافات، ونؤمن أن الاستقرار الإقليمي مسؤولية جماعية، ولهذا نتشاور مع شركائنا، إقليمياً ودولياً، سعياً لتكامل الجهود في التعامل مع مثل هذه الملفات الحساسة، بما يحقق السلام ويحول دون الانزلاق نحو مواجهات لا تخدم أحداً.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
نتيجة سوء تقدير للمسار الملاحي... تصادم سفينتين قبالة سواحل الإمارات
أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية في الإمارات، اليوم الأربعاء، أن المعلومات الأولية بشأن حادث التصادم العرضي، الذي وقع، أمس، بين سفينتين في بحر عمان، على بُعد 24 ميلاً بحرياً من سواحل الإمارات، تشير إلى أن الحادث نجم عن سوء تقدير في المسار الملاحي من إحدى السفينتين. وقالت الوزارة، في بيان لها، إن الجهات المختصة تلقّت، في الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الثلاثاء، بلاغاً بشأن حادث التصادم بين سفينتين؛ إحداهما ناقلة تُدعى «ADALYNN» وترفع عَلَم دولة أنتيغوا وباربودا، والأخرى سفينة شحن تُدعى «Front Eagle» تحمل عَلَم جمهورية ليبيريا، وفقاً لما ذكرته وكالة «وام» للأنباء. وأضافت أن الحادث أسفر عن أضرار سطحية محدودة في الهيكل الخارجي للسفينتين، وتسريب نفطي بسيط، واندلاع حريق في خزّان الوقود بإحدى السفينتين، حيث قامت الجهات المختصة بالتعامل معه وإطفائه، في حين لم يجرِ رصد أي إصابات بين أفراد الطاقمين. وأكدت وزارة الطاقة الإمارتية أن التحقيق الفني جارٍ بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية، وذلك في إطار الشفافية، ووفقاً لأعلى المعايير البحرية الدولية. وأكدت الوزارة استمرارها في مراقبة وتقييم الوضع؛ لضمان سلامة الملاحة وحماية البيئة البحرية.


الشرق الأوسط
منذ 8 ساعات
- الشرق الأوسط
ترجيحات تستبعد إدراج مصر على قائمة حظر السفر الأميركية
في وقت تحدثت تقارير صحافية عن عزم الإدارة الأميركية تقييد دخول مواطني مزيد من الدول، ومن بينها مصر إلى الولايات المتحدة، استبعد برلمانيون وخبراء من القاهرة وواشنطن «إقدام الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تلك الخطوة مع مصر؛ لأنها ستضر بالعلاقات المشتركة بشدة، وخاصة في الوقت الحالي التي تحتاج فيه أميركا للجهود المصرية». «الشرق الأوسط» حاولت الحصول على تعليق من «الخارجية المصرية» و«الخارجية الأميركية» على تلك الأنباء، لكن لم يتسن ذلك، فيما قال مصدر دبلوماسي مصري لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يتم التعليق على تقارير صحافية قد يثبت عدم دقتها، وحينما يتم اتخاذ قرار بهذا المعنى فعلاً فستتخذ الإدارة المصرية القرار الملائم له»، مشدداً على أن «مصر تقوم باللازم لحفظ أمنها قبل حفظ أمن الآخرين، وتتعاون بجدية من أجل مواجهة الإرهاب في العالم كله». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نشرت تقريراً، السبت، جاء فيه أن الولايات المتحدة تدرس تقييد دخول مواطني 36 دولة إضافية إلى أراضيها، فيما قد يُمثل توسعاً كبيراً في حظر السفر الذي أعلنته إدارة الرئيس ترمب مطلع هذا الشهر، وفقاً لمذكرة صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية اطلعت عليها الصحيفة. وقالت الصحيفة إن من بين الدول الجديدة التي قد تواجه حظراً على التأشيرات أو قيوداً أخرى، 25 دولة أفريقية، بما في ذلك شركاء مهمون للولايات المتحدة مثل مصر وجيبوتي، بالإضافة إلى دول في منطقة بحر الكاريبي وآسيا الوسطى والعديد من دول جزر المحيط الهادي. ولم يعلّق البيت الأبيض أو وزارة «الخارجية الأميركية» على هذه الأنباء. ووفقاً للصحيفة من شأن هذه الخطوة أن «تشكل تصعيداً آخر في الحملة التي تشنها إدارة ترمب على (الهجرة غير المشروعة). وجاء في المذكرة التي وقّعها وزير الخارجية، ماركو روبيو، وأرسلها، السبت، إلى الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في الدول المعنية، أن حكومات الدول المدرجة على القائمة مُنحت مهلة 60 يوماً «للوفاء بالمعايير والمتطلبات الجديدة» التي وضعتها وزارة الخارجية. وطالبت المذكرة الدول المعنية بتقديم خطة عمل أولية لتلبية هذه المتطلبات، وذلك بحلول صباح يوم الأربعاء المقبل. الرئيس المصري خلال لقاء وفد رجال الأعمال الأميركيين في القاهرة خلال وقت سابق (الرئاسة المصرية) عضو مجلس النواب (البرلمان) المصري، مصطفى بكري، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يرجح أن يلجأ ترمب لتنفيذ هذه الخطوة مع مصر، خاصة في هذا التوقيت الحساس الذي يحتاج فيه البلدان لعلاقات ودية وقوية للتعاون في مواجهة تحديات المنطقة والحروب المستعرة بها». ونوه إلى أنه «لو لجأ ترمب لاتخاذ قرار بحظر السفر ضد المصريين، فإن هذا سيكون نوعاً من الضغط على مصر لصالح إسرائيل، التي ترغب في فرض هيمنتها على المنطقة، وتعارض ذلك مع المواقف المصرية القائمة على رفض الاستيلاء على حقوق الفلسطينيين أو تهجيرهم»، منوهاً إلى أنه «لو نفذ ترمب حقاً ما تم تداوله في التقارير الصحافية عن حظر السفر على مصر، فإن ذلك سيؤجج العلاقات، بما لا يخدم مصلحة الطرفين، خاصة أنه سيتضمن اتهاماً لمصر بأنها دولة لا تتخذ اللازم لمواجهة الإرهاب، في حين أنها من أول وأقوى الدول التي حاربت الإرهاب وعانت منه». وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، حددت المذكرة التي وقعها وزير الخارجية الأميركي معايير متنوعة فشلت الدول التي سيشملها حظر السفر في استيفائها، مؤكدة أن بعض هذه البلدان «ليس لديها سلطة حكومية مركزية ذات كفاءة أو متعاونة لإصدار وثائق هوية موثوقة أو وثائق مدنية أخرى»، مضيفة أن بعض الدول المعنية عانت من «احتيال حكومي واسع النطاق». وقالت المذكرة إن دولاً أخرى لديها أعداد كبيرة من المواطنين الذين انتهت مدد تأشيراتهم في الولايات المتحدة ولم يغادروها. الخبير في الشؤون الأميركية والدولية، الدكتور أحمد سيد أحمد، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يعتقد أن ترمب سيتخذ مثل هذا القرار ضد مصر، فعندما سأله صحافي في وقت قراره السابق عن سبب استثناء مصر من حظر السفر رغم أن وقتها كان للتو أحد المصريين بالولايات المتحدة ارتكب هجوماً ضد متظاهرين يهود، فرد ترمب بأن مصر دولة مستقرة؛ ما يعني أن قرار ترمب تحكمه المصالح الاستراتيجية المشتركة، والقاهرة وواشنطن بينهما تعاون ضخم على جميع المستويات، وخصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ومفاوضات الحرب في غزة». وشدد أحمد على أن «مصر تتخذ إجراءات أكثر صرامة من الإجراءات الأميركية فيما يتعلق بالأمن، وإدارة ترمب تدرك ذلك جيداً وتضعه في الاعتبار». السيسي خلال استقبال مستشار ترمب مسعد بولس الشهر الماضي في القاهرة (الرئاسة المصرية) وأعاد ترمب مطلع الشهر الجاري فرض حظر السفر الذي اتخذه خلال ولايته الرئاسية الأولى خلال الفترة من 2017 وحتى 2020 ضد مواطني 7 دول، وألغاه الرئيس السابق جو بايدن عام 2021، مع توسيع القرار ليشمل رعايا دول أخرى ليصل العدد إلى 12 دولة؛ هي «أفغانستان وميانمار وتشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن»، وكان لافتاً أنه لم يدرج مصر، رغم تزامن القرار مع قيام مصري دخل الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية بالهجوم على متظاهرين في ولاية كولورادو. يشار إلى أن المذكرة الخاصة بالقرار الجديد المرتقب التي تحدثت عنها «واشنطن بوست» تضمنت أنه يمكن التخفيف من القيود على التأشيرات، إذا أعربت أي من هذه الدول عن استعدادها لقبول رعايا دول ثالثة يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة. لكن مصطفى بكري النائب البرلماني أكد أن «مصر ليست دولة تقبل الضغوط». وفي حين لم يتضح متى سيتم تطبيق قيود السفر المقترحة إذا لم تتم تلبية مطالب واشنطن، قال عضو الحزب الجمهوري الأميركي، توم حرب، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يعتقد أن الرئيس ترمب سيضع أي حظر أو تحذير على السفر من مصر أو إليها»، مضيفاً أن «مصر شريكة للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، كما أن هناك تجارة قوية وروابط مهمة بين البلدين». وشرح أن «مصر أيضاً لديها اتفاق سلام مع إسرائيل برعاية أميركية وضمان أميركي، وواشنطن تقدم مساعدات ضخمة لمصر سنوياً في ضوء هذا الاتفاق، وواشنطن حالياً بحاجة ماسة لمصر أكثر من أي وقت مضى، ولا ترغب في إثارة أي مشكلات مع القاهرة، في ظل ما تواجهه إسرائيل من تحديات، خاصة أن أي حل بشأن الحرب في غزة ستكون مصر شريكة أساسية فيه». وأوضح أن «الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية لمكافحة الإرهاب تتخذها مصر أيضاً، ومن ثم لا قلق ولا داعي لحظر السفر من مصر؛ لكن قد يتم استهداف أشخاص بعينهم بحظر السفر». فيما قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ميريلاند بالولايات المتحدة، الدكتور فرنك مسمار، لـ«الشرق الأوسط» إنه «بالنسبة لمصر، لا أعتقد أن القرار سياسي في حال تم اتخاذه بالفعل، وإنما سيُتخذ بناء على التحليل الرقمي لوجود كثير من الحالات المخالفة لقانون الهجرة والإقامة غير الشرعية للعديد من أصحاب أو حاملي الفيزا». مسمار، وهو عضو بالحزب الجمهوري أيضاً، قال إنه «حال حظر ترمب السفر من مصر فعلاً فسيؤدي ذلك إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، خاصة مع احتمال اتخاذ مصر تدابير متبادلة».


الشرق الأوسط
منذ 8 ساعات
- الشرق الأوسط
الإمارات تدين الاستهداف العسكري الإسرائيلي لإيران
أدانت دولة الإمارات، بأشد العبارات، الاستهداف العسكري الإسرائيلي الذي تعرضت له إيران، مُعبِّرة عن قلقها العميق إزاء استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، أهمية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والحكمة لتجنب المخاطر وتوسيع رقعة الصراع، مجددةً التأكيد على إيمان دولة الإمارات بأن تعزيز الحوار والالتزام بالقوانين الدولية واحترام سيادة الدول هي الأسس المثلى لحل الأزمات الراهنة. وشدَّدت دولة الإمارات على ضرورة حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية، بعيداً عن لغة المواجهة والتصعيد، داعية مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوقف إطلاق النار وإرساء الأمن والسلم الدوليين. من جانبها، أعلنت شركات طيران إماراتية عدة عن إلغاء أو تعديل مسارات عدد من رحلاتها، على خلفية التصعيد الإقليمي الأخير، عقب الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد منشآت نووية وبرنامج الصواريخ الباليستية في إيران. وذكرت شركة «الاتحاد للطيران» أنها ألغت عدداً من رحلاتها بين أبوظبي وتل أبيب، الجمعة؛ نظراً للتطورات الراهنة، موضحة أن فِرق عملها تباشر مساعدة المسافرين المتأثرين بإلغاء أو تأجيل رحلاتهم، مشيرة إلى أنها تراقب الوضع في المنطقة من كثب، وبالتنسيق المستمر مع السلطات المعنية. وأكدت «الاتحاد للطيران» أن «سلامة ضيوفنا وطواقمنا الجوية تأتي في قمة أولوياتنا»، معربة عن أسفها لأي إزعاج قد يطرأ جراء هذا الإجراء. في السياق ذاته، قالت شركة «فلاي دبي» إن بعض رحلاتها تأثرت نتيجة الإغلاق المؤقت للمجال الجوي فوق إيران وإسرائيل في الساعات الأولى من صباح الجمعة. وأشارت الشركة إلى أن الرحلات المتجهة إلى عمّان، وبيروت، ودمشق، وإيران، وإسرائيل تم تعليقها مؤقتاً، إلى جانب إلغاء عدد من الرحلات أو تعديل مساراتها أو إعادتها إلى وجهاتها الأصلية. وأكدت الناقلة، التي تتخذ من مطار دبي مقراً لها، أنها تتابع الأوضاع من كثب وتجري التعديلات اللازمة على جدول الرحلات، مشددة على أن «سلامة الركاب والطاقم تظل على رأس أولوياتها». في حين، نوَّهت «طيران الإمارات» بإلغاء رحلاتها من وإلى العراق، والأردن، ولبنان وإيران بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2025، وشملت الوجهات الملغاة البصرة، وبغداد، وطهران، وعمّان، مع إلغاء رحلة إضافية إلى طهران بتاريخ 14 يونيو. وأكدت الشركة أنه لن يتم قبول المسافرين عبر دبي إلى تلك الوجهات حتى إشعار آخر، داعية المسافرين المتأثرين إلى التواصل مع وكلاء السفر، أو مكاتب الشركة للاطلاع على خيارات إعادة الحجز، مع متابعة حالة الرحلات عبر الموقع الإلكتروني للشركة. وقالت الناقلة في بيانها: «نعتذر عن أي إزعاج قد ينجم عن هذا الإجراء، ونواصل مراقبة التطورات من كثب، في حين ستظل سلامة مسافرينا وموظفينا وعملياتنا في صدارة أولوياتنا». ويأتي اضطراب حركة الطيران في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استهداف منشأة التخصيب الرئيسية في إيران وعدد من العلماء النوويين، إلى جانب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني؛ ما زاد من حدة التوترات في المنطقة.