logo
جنوب اليمن والنفوذ الهندي.. فرصة دبلوماسية في زمن الانهيار العربي

جنوب اليمن والنفوذ الهندي.. فرصة دبلوماسية في زمن الانهيار العربي

اليوم الثامنمنذ يوم واحد
في 10 يوليو 2025, تم إنقاذ حارس أمن هندي من البحر الأحمر، بعد أن أغرق الحوثيون اليمنيون السفينة 'إيتيرنيتي سي'، التي كان يعمل على متنها. في الوقت ذاته، يساعد الحرس الثوري الإيراني الحوثيين في استهداف السفن في البحر الأحمر، ليس فقط بدافع العداء لإسرائيل والولايات المتحدة، بل أيضًا لأن شركات النقل المملوكة للحرس الثوري تتكبد خسائر مالية إذا ما تجاوز مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط (IMEC) الأراضي الإيرانية.
وكقوة إقليمية عظمى ورابع أكبر اقتصاد في العالم، تعتمد الهند أيضًا على حرية الملاحة، وعلى الاستقرار والأمن في حوض المحيط الهندي. لذا، عوضًا عن اتباع الاستراتيجيات الغربية البالية تجاه اليمن، ينبغي للهند أن تتصدر المشهد الدبلوماسي.
لطالما هيمنت الأولويات والافتراضات الغربية على السياسة تجاه اليمن. في المقام الأول، أعطت الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة الأولوية للوحدة الوطنية على حساب هزيمة الحوثيين. كما روّجت القوى الخارجية لفكرة 'الشمولية السياسية'، التي تسعى إلى ضم جميع الأطراف في منظومة حكم واحدة. وكلا النهجين جعلا من المستحيل تحقيق هزيمة الحوثيين واستعادة الأمن.
الافتراض بأن التحالفات الواسعة تجلب السلام والاستقرار مبني على الأماني، وليس على الأدلة. إجبار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مشاركة السلطة مع كمالا هاريس، منافسته الديمقراطية، لن ينتج عنه حكم سلس، بل اضطراب وظيفي. ومع ذلك، يُصر المجتمع الدولي على فرض دمج المكونات المتصارعة داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني. إذ يمثل الرئيس رشاد العليمي حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بينما ينتمي نواب الرئيس إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، وحزب الإخوان المسلمين، وعائلة صالح نفسها، بالإضافة إلى زعماء قبليين ومرجعيات دينية أخرى تكمل المجلس.
لكن المشكلة العملية في المجلس تكمن في أن كل عضو يعمل لخدمة أجندته الخاصة، بدلاً من التركيز على الهدف الأسمى وهو هزيمة الحوثيين. إذ كثيرًا ما يدعم فرع الإخوان المسلمين في اليمن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ويسهّل تهريب الأسلحة إلى الحوثيين. ومثل هذه التصرفات تجعلهم مؤهلين لإعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية، ومع ذلك يواصلون العمل كحصان طروادة داخل مجلس القيادة الرئاسي.
أما المسؤولون الشماليون الآخرون، فيعطون الأولوية لإفشال أي نجاح جنوبي بدلاً من هزيمة الحوثيين. فعلى الرغم من امتلاء خزانات الوقود في عدن، يرفض المسؤولون الشماليون السماح ببيعه. ونتيجة لذلك، يعيش سكان عدن أيامًا تصل فيها الحرارة إلى 45 درجة مئوية مع رطوبة عالية، دون كهرباء لتشغيل المراوح ناهيك عن أجهزة التكييف.
لكن المشكلة الأكبر هي الاعتقاد الراسخ وغير المدروس لدى العديد من الدبلوماسيين بأن الوحدة تجلب الاستقرار. وهذا لم يحدث يومًا في اليمن. فقد استعمرت بريطانيا عدن عام 1839 كمحطة فحم لدعم تجارتها وشحناتها المتجهة من وإلى الهند. وتحولت مستعمرة عدن إلى محمية عدن، التي أصبحت لاحقًا اتحاد إمارات الجنوب العربي، ثم اتحاد الجنوب العربي، قبل أن تنسحب بريطانيا ويتولى الشيوعيون تشكيل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، المعروفة شعبيًا باسم جنوب اليمن.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي، اتحد شمال اليمن وجنوبه، لكنها لم تكن وحدة قائمة على التوافق، بل أشبه بزواج قسري. إذ لطالما كان جنوب اليمن أكثر انفتاحًا وتسامحًا وتقدمية من الشمال. وسعى الجنوب للانفصال عام 1994، لكن القوات الشمالية غزت المنطقة واحتلتها. وحتى لو اعترفت القوى الخارجية بتاريخ الوحدة اليمنية بدءًا من عام 1990، فإن سقوط صنعاء بيد الحوثيين عام 2014 أعاد لجنوب اليمن استقلاله الفعلي.
بعبارة أخرى، فإن فترة الوحدة اليمنية لا تمثل سوى 13% فقط من تاريخ اليمن. وليس من قبيل المصادفة أن هذه السنوات الأربع والعشرين تمثل أكثر الفترات اضطرابًا وعدم استقرار في التاريخ اليمني.
وأي تقييم تاريخي نزيه سيقود إلى نتيجة واضحة: اليمن يكون أكثر استقرارًا عندما يكون جنوب اليمن – أو جنوب الجزيرة العربية كما يرى كثير من سكانه اليوم – مستقلاً. إن الاعتقاد بضرورة وجود يمن واحد لا منطق له، خاصة في ظل وجود 22 دولة عربية، وألبانيا واحدة وأخرى تُعرف بكوسوفو، ورومانيا واحدة وأخرى تُعرف بمولدوفا. لقد اعترف المجتمع الدولي بكوسوفو ومولدوفا لأسباب عملية بحتة، بعد أن أدرك أن فرض الوحدة قد يؤدي في الواقع إلى تفاقم النزاع الإقليمي.
وهنا، ينبغي للهند أن تلعب دورًا دبلوماسيًا رائدًا. اليمنيون الجنوبيون يتجهون في انتمائهم الحضاري والثقافي نحو الهند. وقد هاجر كثير من الهنود إلى عدن خلال فترة الحكم البريطاني، واختار كثير منهم البقاء بعد استقلال جنوب اليمن. واليوم، يشكل الإرث الهندي مصدر فخر في الجنوب. بل إن بعض اليمنيين يقدمون أنفسهم كهنود، ومن الشائع أن تجد يمنيين تعود أصول عائلاتهم إلى الهند قبل خمسة أجيال لا يزالون يتحدثون الهندية ويعرفون مناطقهم الأصلية هناك.
وبينما تسعى الهند إلى تأمين حوض المحيط الهندي، ينبغي لها أن توظف هذه المشاعر الإيجابية تجاهها لدعم حركات الاستقلال في المحميات البريطانية السابقة مثل صوماليلاند وجنوب اليمن.
في عهد جواهر لال نهرو، أصبحت الهند مركزًا فكريًا ودبلوماسيًا لحركات مناهضة الاستعمار، لكن هذا الهدف لم يتحقق بالكامل. واليوم، يمكن للهند أن تستعيد دورها القيادي الفكري والدبلوماسي، وتستثمر جالياتها الهندية في الخارج، وتسهم في تحقيق الاستقرار في جنوب الجزيرة العربية وخليج عدن، من خلال دفع الدول المؤثرة الأخرى إلى إعادة النظر في الافتراضات البالية التي تقوم عليها دبلوماسيتها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برلين تريد ضمانات أميركية قبل تسليم صواريخ 'باتريوت' لكييف
برلين تريد ضمانات أميركية قبل تسليم صواريخ 'باتريوت' لكييف

المدى

timeمنذ 3 ساعات

  • المدى

برلين تريد ضمانات أميركية قبل تسليم صواريخ 'باتريوت' لكييف

أكد وزير الدفاع الألماني في مقابلة الأربعاء أن برلين تسعى للحصول على 'التزام ثابت' من الولايات المتحدة بشأن الحصول على بدائل سريعة لأنظمة الدفاع الجوي الأميركية 'باتريوت' التي تعهّدت ألمانيا ودول أخرى في حلف شمال الأطلسي تسليمها لكييف. وقال بوريس بيستوريوس لصحيفة 'دير شبيغل' الألمانية 'نتوقع أن يوضح حلف شمال الأطلسي مجددا للولايات المتحدة التي تصنّع أنظمة باتريوت، أنّ الدول التي تسلّم هذه الأنظمة (لكييف) يجب أن تحصل على أنظمة جديدة خلال بضعة أشهر'. وأضاف أنّ هذا 'الالتزام' يجب أن يكون 'ثابتا'، مشيرا إلى أنّ المدة القصوى للحصول على بدائل يجب أن تكون بين ستة وثمانية أشهر. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الإثنين، مشروعا مهما بالنسبة إلى أوكرانيا يتمحور حول شراء الحلفاء الأوروبيين وكندا أسلحة أميركية، خصوصا أنظمة 'باتريوت' المتقدمة، وتسليمها لأوكرانيا. وتعهّدت ألمانيا تسليم أوكرانيا نظامي 'باتريوت' التي تعد أحد أفضل أنظمة الدفاع نظرا إلى قدرتها على إسقاط طائرات مسيّرة وصواريخ. من جهتها، أعربت النروج وهولندا والدنمارك والسويد عن استعدادها للمشاركة في تمويل صفقات باتريوت لأوكرانيا، في وقت يرفض الرئيس دونالد ترامب تسليم هذه الصواريخ بشكل مباشر لكييف.

البيت الأبيض: ترمب فوجئ بغارات الاحتلال على سوريا
البيت الأبيض: ترمب فوجئ بغارات الاحتلال على سوريا

كويت نيوز

timeمنذ 10 ساعات

  • كويت نيوز

البيت الأبيض: ترمب فوجئ بغارات الاحتلال على سوريا

أعلن البيت الأبيض، أمس الإثنين، أنّ الرئيس دونالد ترامب 'فوجئ' بالغارات الجوية التي شنّتها إسرائيل على سوريا الأسبوع الماضي، وسارع إلى الاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لسؤاله عنها. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، خلال مؤتمر صحافي إنّ 'ترامب فوجئ بالقصف في سوريا'. وأضافت أنّ 'ترامب سارع إلى الاتصال برئيس الوزراء لمناقشة هذه الأوضاع'. وأوضحت 'في ما يتعلّق بسوريا، شهدنا تراجعاً في التصعيد'. مشيرة إلى أنّ 'الرئيس يتمتّع بعلاقة عمل جيّدة مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ويظلّ على اتصال دائم به'. وأجرى نتانياهو في مطلع يوليو الجاري، ثالث زيارة له إلى واشنطن منذ عودة ترامب إلى السلطة في 20 يناير الماضي. ومطلع الأسبوع الماضي، قصف سلاح الجو الإسرائيلي وحدات من الجيش السوري في مدينة السويداء في جنوب سوريا، وكذلك مراكز عسكرية في دمشق، في غارات قالت الدولة العبرية إنّها شنّتها بهدف الضغط على الحكومة السورية، لسحب قواتها من المدينة ذات الغالبية الدرزية، والتي دارت فيها معارك طائفية دامية. وبوساطة من الولايات المتحدة، اتّفقت سوريا وإسرائيل مساء الجمعة الماضي على وقف إطلاق النار.

ترامب يفاخر بانجازاته بعد مرور 6 أشهر على بداية ولايته ويتحدث عن إحياء أمريكا بعد موتها
ترامب يفاخر بانجازاته بعد مرور 6 أشهر على بداية ولايته ويتحدث عن إحياء أمريكا بعد موتها

كويت نيوز

timeمنذ 10 ساعات

  • كويت نيوز

ترامب يفاخر بانجازاته بعد مرور 6 أشهر على بداية ولايته ويتحدث عن إحياء أمريكا بعد موتها

احتفل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد بمرور 6 أشهر على بداية ولايته الرئاسية الثانية، مشيدا بالولايات المتحدة ووصفها بأنها 'الأكثر جاذبية' و'الأكثر احتراما في العالم'. وقد شهدت فترة ولايته الثانية تحديات عديدة داخلية وخارجية، لكنه حقق بعض النجاحات من بينها تمرير 'القانون الكبير والجميل' الخاص بالضرائب والإنفاق وصدور أحكام لصالحه في المحكمة العليا في عدة قضايا مهمة. وفي منشور له على منصة 'تروث سوشال'، أكد ترامب أن ولايته الثانية 'تُعتبر واحدة من أكثر الفترات أهمية في تاريخ ولاية أي رئيس'. وأضاف: 'بعبارة أخرى، أنجزنا الكثير من الأمور الجيدة والعظيمة، بما في ذلك إنهاء العديد من الحروب التي تخوضها دول لا تربطنا بها سوى علاقات تجارية أو، في بعض الحالات، صداقة'. وتابع: 'ستة أشهر ليست فترة طويلة لإحياء دولة كبرى بالكامل. قبل عام كان بلدنا ميتا، دون أمل تقريبا في الانتعاش. واليوم، الولايات المتحدة هي 'الأكثر جاذبية' والأكثر احتراما في أي مكان في العالم. عيد ذكرى سعيد!!!' على الصعيد الدولي، تفاوضت إدارة ترامب على ثلاث اتفاقيات لوقف إطلاق النار بين ست دول منذ توليه منصبه في يناير، لكن الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك بين إسرائيل وحماس، لم تكلل بالنجاح بعد. وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، كرر ترامب أنه سينهي النزاع بين روسيا وأوكرانيا خلال 24 ساعة إذا عاد إلى البيت الأبيض. وفي منشور منفصل على 'تروث سوشال'، أشاد ترامب بمعدلات تأييده، مدعيا أن أرقامه بين الجمهوريين وصلت إلى 95% في 'استطلاعات مختلفة'، دون توضيح الاستطلاعات التي يقصدها. فوفقا لاستطلاع 'غالوب'، كان معدل تأييد ترامب في يونيو 40% بين الناخبين من جميع الأحزاب، مقارنة بـ 47% عند توليه المنصب في يناير. وبحسب التقسيم الحزبي، وافق 86% من الجمهوريين على أداء ترامب كرئيس في يونيو، بينما وافق 36% من المستقلين و1% فقط من الديمقراطيين. وأظهر استطلاع مشترك بين 'CBS نيوز' و'YouGov' نُشر اليوم الأحد أرقاما مماثلة، حيث بلغ معدل تأييد الرئيس 42%، بموافقة 89% من الجمهوريين، و32% من المستقلين، و5% من الديمقراطيين. وقال ترامب في منشوره إن أرقامه تحسنت بعد أن كشف 'الديمقراطيون اليساريون الراديكاليون' عن 'خدعة جيفري إبستين'. ولم تُنشر أي استطلاعات للرأي منذ أن أمر ترامب المدعية العامة بام بوندي بالكشف عن محاضر هيئة المحلفين في قضية إبستين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store