logo
ما تداعيات حصر السلاح بيد الدولة؟ وما خيارات حزب الله؟

ما تداعيات حصر السلاح بيد الدولة؟ وما خيارات حزب الله؟

الجزيرةمنذ يوم واحد
بيروت- في سابقة سياسية تعد الأولى من نوعها منذ اتفاق الطائف عام 1989 أعلن مجلس الوزراء اللبناني توجهه لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل اراضيها، بما يشمل سلاح حزب الله.
والقرار -الذي وُصف بـ"التحول الجذري"- جاء في ظل تحولات إقليمية ومحلية متسارعة، أبرزها خروج حزب الله من حربه الأخيرة مع إسرائيل بموقع أضعف، وتراجع نفوذ طهران إثر الضربات التي تلقتها في الحرب ذاتها وفي مواجهتها اللاحقة مع إسرائيل، إلى جانب سقوط الحليف السوري الأبرز نظام بشار الأسد.
وتعكس التركيبة الحكومية الجديدة -التي تشكلت على وقع توازنات داخلية متبدلة- توجها أكثر جرأة في مقاربة الملفات السيادية، إذ كلف مجلس الوزراء الجيش اللبناني رسميا بوضع خطة متكاملة لنزع السلاح، وذلك للمرة الأولى منذ عقود.
مبادرة أميركية
وفي خطوة أثارت سجالا واسعا أعلن وزير الإعلام بول مرقص أمس الخميس من قصر بعبدا أن الحكومة صدّقت بالإجماع -باستثناء الوزراء الشيعة الذين انسحبوا احتجاجا- على أهداف الورقة الأميركية لتثبيت اتفاق وقف "الأعمال العدائية"، بما يشمل حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهو ما اعتُبر تحديا مباشرا لموقف حزب الله الذي يتمسك بسلاحه تحت عنوان "المقاومة".
وجاء القرار استنادا إلى مبادرة أميركية نقلها المبعوث توماس برّاك، وتقضي بتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل عبر خريطة طريق رباعية المراحل تبدأ بإصدار قرار لحصر السلاح، وتشمل انسحابا إسرائيليا تدريجيا، وتفكيك الأسلحة الثقيلة للحزب مقابل حزمة دعم دولي لإعادة إعمار لبنان.
وأمام هذا التحول تجد الحكومة اللبنانية نفسها عند تقاطع دقيق، بين تنفيذ قرار يُفترض أن يعيد إلى الدولة هيبتها وسيادتها وبين احتواء رفض حزب الله الصريح لأي مسار يستهدف "سلاح المقاومة"، في لحظة إقليمية شديدة التعقيد.
نقطة تحول
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة أن قرار الحكومة اللبنانية يشكل تتويجا لفترة طويلة من الانتظار والاستنزاف خلال عهد الرئيس جوزيف عون.
وأكد بشارة في حديث للجزيرة نت أن "تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار كان يجب أن يتم فورا، بما يشمل تجريد كامل الأراضي اللبنانية من السلاح".
وأضاف أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يدركان أن لبنان يقترب من مرحلة شديدة الخطورة في حال لم يُحسم ملف نزع السلاح، وإنهاء الاحتلال، واستعادة الأسرى، والانطلاق في ورشة إعادة الإعمار بدعم مالي دولي.
لذا، يرى بشارة أن القرار يشكل "خطوة رسمية وشرعية تعبر عن موقف الدولة اللبنانية لإنهاء مرحلة التعطيل".
وبشأن مرحلة التنفيذ، يوضح بشارة أن "الصورة لا تزال غير واضحة"، لكنه يشير إلى أن حزب الله يبدأ بخسارة أدوات الضغط التقليدية التي لطالما اعتمد عليها في تحركاته وتهديداته.
ورغم ذلك فإنه يستبعد أن تنزلق البلاد نحو فوضى شاملة، مرجحا أن تقتصر ردود الفعل على "خطوات اعتراض محدودة خلال المرحلة المقبلة".
ويتابع بشارة أن "جلسة مجلس الوزراء أمس الخميس ركزت على الأهداف الواردة في الورقة الأميركية التي تنص على هدفين أساسيين: الانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلي، ونزع السلاح بشكل كامل".
ولفت إلى أن النقاش بشأن آليات التنفيذ يتواصل في المراحل المقبلة، وفق ما تحدده ورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك التي تقسّم المسار إلى 4 مراحل زمنية.
قرار حاسم
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي جوني منير للجزيرة نت إن المهلة الزمنية التي حُددت لتنفيذ القرار صيغت بمشاركة رئيس الجمهورية، وهو نفسه قائد الجيش السابق الذي لم تمض على خروجه من المؤسسة العسكرية سوى بضعة أشهر، مما يجعله الأعرف بتفاصيل الواقع الميداني.
لكن منير يرى أن التحدي الأبرز لا يكمن فقط في ضيق المهلة، بل في الاعتراض السياسي، وتحديدا موقف حزب الله الذي يشكل -برأيه- العقبة الأكثر تعقيدا، مضيفا "يبدو أن القرار السياسي اُتخذ أساسا لتجاوز هذه العقبة".
ويتابع "صحيح أن القرار يحمل تداعيات، لكنه اُتخذ بوضوح، ويبدو أنه يحظى بمناخ إقليمي مواتٍ، جزء منه داعم، وآخر غير معترض على الأقل".
ولذلك، يعتقد المحلل أن الخطوة الأصعب كانت اتخاذ القرار نفسه، في حين يمكن ترتيب التنفيذ الميداني لاحقا بحسب الظروف على الأرض.
ويلفت منير إلى أن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس الخميس لم يُسقط القرار سياسيا "فلم نشهد حراكا شعبيا واسعا لإسقاطه، مما يدل على غياب ضغط إقليمي حاد لإفشاله"، بل على العكس -كما يقول- "هناك تأييد أميركي وخليجي واضح، في حين بقي الاعتراض الإيراني في الإطار الكلامي دون خطوات عملية، كأن تنسحب قوى حزب الله و حركة أمل من الحكومة".
ويخلص إلى أن عدم استقالة وزراء الحزبين تؤكد وجود مظلة إقليمية -ولو بالحد الأدنى- توفر الغطاء للقرار، مضيفا "لو كان هناك رفض إيراني حازم لكنا شهدنا خطوات تصعيدية واضحة، وهو ما لم يحدث حتى الآن".
تحذيرات
في المقابل، انتقد المحلل السياسي علي حيدر استجابة السلطة السياسية اللبنانية لما وصفها بـ"الإملاءات الأميركية"، معتبرا أنها تقدم أولوية الأمن الإسرائيلي على حساب المصالح الوطنية اللبنانية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى حيدر أن مجموعة من المتغيرات قد ترسم مسار المرحلة المقبلة، وتفتح الباب أمام سيناريوهات متباينة، في سياق تفاعلي يتسم بالتجاذب بين قوى الداخل والخارج، ومن أبرز هذه المتغيرات بحسب حيدر:
إعلان
مدى استعداد السلطة اللبنانية للمضي في تنفيذ المطالب الأميركية، وما إذا كانت جاهزة لتحمّل تكلفة مواجهة محتملة مع المقاومة، في ظل ضغوط متصاعدة أميركية وإقليمية تتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية.
موقف حزب الله الرافض لهذه الخطوات، وكيفية تعاطيه مع ما تصفها الحكومة بإجراءات سيادية، سياسية وأمنية.
دور الجيش اللبناني ومدى التزامه بموقف مهني يقيّم حجم المخاطر الأمنية المرتبطة بأي عملية ميدانية، خاصة في ما يتعلق بتنفيذ قرار نزع السلاح، وتأثيره على وحدة المؤسسة العسكرية والأمن الوطني.
وفي ما يتعلق بتقييم السيناريوهات المحتملة، يشير حيدر إلى أنه من غير المرجح أن تتراجع الدولة اللبنانية عن المسار الذي اختارته، بسبب التأثير الأميركي العميق في بنية القرار السياسي.
ويرجح أن يستمر هذا المسار ضمن سياسة "المد والجزر" بانتظار متغير داخلي أو خارجي قد يعيد خلط الأوراق، لكنه لا يستبعد أن تتخلله توترات ميدانية، بعضها عشوائي وآخر مدروس، مع إمكانية دخول أطراف داخلية وخارجية على خط التصعيد لرفع منسوب التوتر.
ويحذر حيدر من لجوء الحكومة إلى خطوات "أكثر خطورة" في سبيل تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله بالقوة، وهو ما يراه مسارا محفوفا بالمخاطر قد يفضي إلى ما وصفه بـ"المحظور"، خاصة في ظل تمسّك الحزب بسلاحه، واعتباره ركيزة وجودية لا يمكن التنازل عنها، لما تمثله -وفق رؤيته- من ضمانة لحماية لبنان من المخاطر الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، دعا حيدر رئيس الجمهورية إلى إطلاق مبادرة حوارية عاجلة لتفادي السيناريوهات الأسوأ، مؤكدا أن البلاد بحاجة إلى صيغة توافقية تحفظ عناصر قوتها وتمنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية، في لحظة إقليمية دقيقة تعج بالتحولات والمخاطر.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة واستشهاد طفل بسقوط صندوق مساعدات
مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة واستشهاد طفل بسقوط صندوق مساعدات

الجزيرة

timeمنذ 24 دقائق

  • الجزيرة

مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة واستشهاد طفل بسقوط صندوق مساعدات

أفادت مصادر في مستشفيات قطاع غزة باستشهاد ما لا يقل عن 27 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال في مناطق عدة بالقطاع منذ فجر اليوم السبت، بينما سجلت وزارة الصحة 11 وفاة أخرى بسبب المجاعة خلال 24 ساعة. ومن بين هؤلاء الشهداء الذين أحصتهم المستشفيات اليوم، 20 شهيدا من منتظري المساعدات، الذين ارتفع عددهم إلى 30 شهيدا خلال 24 ساعة، كما أصيب 341 آخرون بنيران جيش الاحتلال. وقال مصدر في الإسعاف والطوارئ مساء اليوم إن 4 فلسطينيين استشهدوا وأصيب نحو 40 آخرين بنيران قوات الاحتلال التي استهدفت منتظري المساعدات شمالي قطاع غزة. ووصل تجويع الفلسطينيين في غزة جراء الحصار الإسرائيلي إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة حيث ارتفع عدد الشهداء جراء المجاعة وسوء التغذية إلى 212 شهيدا بينهم 98 طفلا وفقا لوزارة الصحة بالقطاع. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 152 ألفا وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية ، وفقا لما وثقته تقارير فلسطينية ودولية. شهداء صناديق المساعدات وأفاد مستشفى العودة، اليوم، باستشهاد الطفل مهند زكريا عيد جراء سقوط أحد صناديق المساعدات التي تم إسقاطها جوا في غرب مخيم النصيرات وسط القطاع. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم ارتفاع عدد ضحايا إسقاط المساعدات إلى 23 شهيدا و124 مصابا منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة. وقال المكتب إن إسقاط المساعدات بمناطق خاضعة للاحتلال يعرض من يقترب منها للاستهداف والقتل المباشر، محملا الاحتلال ومن ورائه الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عن هندسة التجويع والفوضى، ومطالبا بإدخال المساعدات عبر المعابر البرية بشكل آمن وكاف. وكان مصدر بمجمع ناصر الطبي قد أفاد أمس باستشهاد الطفل سعيد كمال أبو يونس نتيجة إسقاط صناديق مساعدات في خان يونس جنوبي قطاع غزة. وقالت وزارة الداخلية في غزة، الأربعاء، إن عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات -التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي وتشارك فيها عدة دول- تسببت في سقوط شهداء وجرحى من المدنيين إلى جانب تدمير خيام وممتلكات نازحين. واتهمت الوزارة إسرائيل باستغلال هذه العمليات وسيلة لتعزيز الفوضى ضمن سياسة هندسة التجويع المرتبطة بالإبادة الجماعية الجارية في غزة. وقال مراسل الجزيرة إن قصفا مدفعيا إسرائيليا استهدف اليوم حيي الزيتون والتفاح شرقي مدينة غزة ، كما نسفت قوات الاحتلال منازل في حي الزيتون، وكذلك في خان يونس جنوبي القطاع. يأتي هذا بعدما أقرت الحكومة الإسرائيلية -فجر أمس الجمعة- خطة تدريجية لاحتلال قطاع غزة بالكامل، تبدأ باحتلال مدينة غزة بتهجير سكانها البالغ عددهم قرابة مليون نسمة باتجاه الجنوب، ثم تطويق المدينة، وتنفيذ عمليات توغل داخل مراكز التجمعات السكنية. وقد أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن هذه "المغامرة الإجرامية" ستكلف الاحتلال أثمانا باهظة ولن تكون نزهة وستبوء بالفشل، كما أكدت حركة الجهاد الإسلامي أنها ستواصل إلى جانب كل قوى المقاومة الدفاع عن الشعب الفلسطيني. وبثت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- اليوم مشاهد لقصفها مستوطنة نير عام في غلاف غزة بصواريخ من نوع "قدس 3" أول أمس الخميس، ردا على اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك. وكانت السرايا قد قصفت صباح أمس الجمعة حشودا لقوات الاحتلال في محيط جبل الصوراني شرق حي التفاح بمدينة غزة بقذائف الهاون النظامي (عيار 60)، وفقا لما أعلنته عبر موقع تليغرام.

سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مقاتليها مستوطنة بغلاف غزة
سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مقاتليها مستوطنة بغلاف غزة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مقاتليها مستوطنة بغلاف غزة

بثت سرايا القدس -الجناح العسكري ل حركة الجهاد الإسلامي – مشاهد قالت إنها من استهداف مقاتليها مستوطنة نيرعام في غلاف غ زة بصاروخين من طراز "قدس 3". وقالت السرايا في المشاهد -التي عرضتها قناة الجزيرة- اليوم السبت إن مقاتلي القوة الصاروخية في سرايا القدس قصفوا المستوطنة الإسرائيلية ردا على اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك. وتضمنت المشاهد عملية تحضير وتجهيز قصف المستوطنة الإسرائيلية، ثم إطلاق الصواريخ باتجاهها من قبل مقاتلي السرايا. وخاطب أحد المقاتلين في مقطع الفيديو الاحتلال الإسرائيلي، قائلا "إلى الصهاينة الجبناء إننا بالقوة الصاروخية قصفناكم قبل وأثناء العملية التي سميتموها " عربات جدعون"، والآن نقصفكم بعد انتهاء هذه العملية، وذلك ردا على اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك". وتواصل فصائل المقاومة الفلسطينية استهداف آليات وجنود الاحتلال الإسرائيلي بمختلف الوسائل في مختلف مناطق قطاع غزة ، وقبل يومين بثت سرايا القدس مشاهد لاستهداف مقاتليها جنودا وآليات إسرائيلية كانت تتوغل في مدينة خان يونس جنوب القطاع.

حزب الله والسلاح.. هل ينجو من ضغوط الخارج والداخل؟
حزب الله والسلاح.. هل ينجو من ضغوط الخارج والداخل؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

حزب الله والسلاح.. هل ينجو من ضغوط الخارج والداخل؟

لا صوت يعلو حاليا في لبنان فوق صوت " نزع سلاح حزب الله"، وهي مسألة -وإن جاءت بضغوط أميركية إسرائيلية إقليمية- فإنها تلقى قبولا لدى أطراف داخلية، بينما يرفض الحزب التسليم بها. في الخامس من أغسطس/آب 2025، عقد مجلس الوزراء اللبناني جلسة برئاسة الرئيس جوزيف عون ، كان أبرز بنود جدول أعمالها ملف "حصر السلاح"، في إشارة مباشرة إلى سلاح حزب الله. وقد امتدت الجلسة على مدى 5 ساعات، انسحب خلالها وزيرا "الثنائي الشيعي" (حزب الله و حركة أمل)، إلا أن ذلك لم يحل دون صدور قرار رسمي يقضي بـ"حصر السلاح" بيد الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية، مع تحديد جدول زمني واضح لتنفيذه. بعد يومين، في السابع من أغسطس/آب، عقدت الحكومة جلسة ثانية أقرّت فيها أهداف "الورقة الأميركية" لضمان ديمومة وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل ، دون الخوض في تفاصيل وآليات التنفيذ، بانتظار تقرير الجيش حول الخطة التنفيذية. مرة أخرى انسحب الوزراء الشيعة، واعتبر الثنائي الشيعي القرار "غير ميثاقي". ونشر مركز الجزيرة للدراسات تحليلا بعنوان " حزب الله والسلاح: انحناء للعاصفة وترميم لمعادلات القوة" للباحث شفيق شقير، تناولت توصيف وظيفة سلاح حزب الله ومآله بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وذلك من خلال الإجابة عن 4 أسئلة أساسية: ماذا يعني القرار الحكومي اللبناني الأخير بخصوصه؟ ما هو سياقه؟ وماذا يريد حزب الله من معادلة السلاح؟ وكيف يسعى للحفاظ عليها؟ إضافة إلى تداعيات هذه المسألة على المستقبل اللبناني. الورقة الأميركية وسياق القرار الورقة التي قدمها المبعوث الأميركي توم براك تهدف إلى ترسيخ اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مستندة إلى اتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن 1701 لعام 2006. وتتضمن التزامات لبنانية بنزع سلاح حزب الله، مقابل خطوات إسرائيلية تشمل الانسحاب من 5 نقاط حدودية، ووقف الانتهاكات البرية والجوية، وترسيم الحدود، ودعم قدرات الجيش اللبناني. ومع الضغط الأميركي، واشتراط واشنطن صدور قرار رسمي لبناني يتعهد بنزع سلاح حزب الله لاستئناف وساطتها بين بيروت وتل أبيب، أسرعت الحكومة اللبنانية في اتخاذ القرار لتفادي عزلة سياسية ودبلوماسية، مع محاولة الإبقاء على مسار المطالبة بالالتزامات الإسرائيلية عبر القنوات الدبلوماسية. ويعكس القرار اختيار الدولة اللبنانية التوجه نحو "حصر السلاح" لديها، لكن مع إدراك أن التنفيذ يتطلب الحد الأدنى من التنسيق مع حزب الله، الذي لا يزال الفاعل العسكري الأقوى في البلاد. وقد يفتح فرض القرار بالقوة الباب أمام فوضى أمنية، لذلك جاء الجدول الزمني الممتد حتى نهاية 2025 ليمنح وقتا للتفاهم أو لتأثر المسار بالتطورات الإقليمية. البعد الإقليمي إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، ما زالت تحتفظ بقدرة على التأثير رغم الخسائر التي لحقت بها في حرب 12 يوما الأخيرة. وتسعى طهران إلى ترميم نفوذها الإقليمي بالتوازي مع التفاوض مع واشنطن حول ملفها النووي، وإذا ما أفضت تلك المفاوضات إلى نتائج إيجابية، فقد ينعكس ذلك على موقع حزب الله ودوره في لبنان. كما تتيح هذه المهلة فرصة إضافية للقوى الإقليمية للتأثير في المشهد السياسي اللبناني، ولا سيما أن بعض الأطراف تتوقع أن تشكل الانتخابات النيابية المقبلة، المقررة في مايو/أيار 2026، محطة مفصلية لإحداث تغيير في توازنات القوى السياسية اللبنانية، وإضعاف نفوذ حزب الله داخل مؤسسات الدولة. وإذا ما تعزز هذا الاحتمال، فإنه من المرجح أن يتزايد التدخل الخارجي عقب هذا القرار الحكومي، سعيا للتأثير في مسار الانتخابات وفي موقع القوى السياسية ضمن النظام اللبناني. ولا يُستبعد في هذا السياق أن تقدم إسرائيل على استهداف "بيئة" حزب الله في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع. ماذا يريد حزب الله؟ من جهته، رفض حزب الله القرار الحكومي بشكل قاطع، وعبّر عن ذلك بتصعيد سياسي وشعبي محسوب. وأكد الأمين العام للحزب نعيم قاسم أن "المقاومة جزء من دستور الطائف"، وأن السلاح لا يناقش بالتصويت. كما أصدر الحزب بيانا وصف فيه القرار وكأنه "غير موجود"، لكنه في الوقت نفسه أبدى انفتاحا على الحوار، في إشارة لرغبته بتجنب مواجهة مباشرة مع الدولة. كما يرفض الحزب مناقشة الورقة الأميركية، ويرى أنها تتجاوز اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 ، الذي -وفق تفسيره- يطال فقط سلاحه جنوب الليطاني، بينما الشمال شأن داخلي. ويؤكد أنه التزم بما طُلب منه في الاتفاق، بينما إسرائيل لم تنسحب من النقاط الخمس، وتواصل الانتهاكات والاغتيالات بالطائرات المسيّرة. وتقوم إستراتيجية الحزب على كسب الوقت وتأجيل أي استحقاق حاسم، مستفيدا من الهشاشة الإقليمية. فالحرب على غزة مستمرة، والوضع في سوريا غير مستقر، وإيران تعمل على إعادة تموضعها. ويرى الحزب أن تسليم السلاح في الظروف الحالية قد يكون مدخلا لإعادة رسم موازين القوى في المنطقة ضده. على المدى البعيد، إذا اضطر الحزب لتسليم سلاحه، فإنه يفضل حصر الأمر في السلاح الثقيل والهجومي (الصواريخ الدقيقة، الطائرات المسيّرة النوعية)، مع الاحتفاظ بقدرة ردع محدودة تكفل بقاءه قوة عسكرية كامنة يمكن استدعاؤها إذا تغيرت الظروف. خطاب الحزب في هذا الإطار مزدوج: بعد وطني: يربط السلاح بالدفاع عن لبنان. بعد هوياتي: يراه ضمانة وجودية للطائفة الشيعية. الموقف الإسرائيلي والأميركي إسرائيل ترى اللحظة فرصة إستراتيجية لـ"اقتناص هزيمة" الحزب، معتبرة أن قدراته استنزفت وأن تفوقها التكنولوجي حاسم. هي ترفض أي ضمانات للبنان وتصر على نزع السلاح دون مبدأ "الخطوة مقابل خطوة". الولايات المتحدة تشارك إسرائيل الهدف البعيد، لكنها أكثر مرونة في الوسائل، وقد تكتفي إذا تعذّر نزع السلاح كليا بحرمان الحزب من القدرة على تهديد إسرائيل، وتقليص نفوذه السياسي والأمني، وحصر دوره في نطاق طائفي. المأزق اللبناني لبنان يواجه تحديا ثلاثي الأبعاد: تحقيق الأمن والسيادة في الجنوب مع نزع سلاح الحزب. ضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار والانسحاب. إيجاد صيغة لاستيعاب الحزب داخليا دون صدام أو خسارة الدعم العربي. السيناريوهات المحتملة 1- استمرار الوضع الراهن: بقاء سلاح الحزب، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، والانتهاكات، خاصة إذا تعثر الحوار الأميركي الإيراني. ويبدو ذلك مرجحا على المدى القريب. 2- تصعيد إسرائيلي: فرض الشروط الكاملة على لبنان، خصوصا نزع السلاح، في حال ضعف إيران أو تعرضها لانتكاسة. 3- تسوية وسطية: تقليص قدرات الحزب (المسيّرات والصواريخ) مقابل ترتيبات أمنية، مع بقاء بعض السلاح داخليا إلى حين تسوية لبنانية شاملة. وهذا الاحتمال يشبه أزمات لبنان التقليدية، وهو مرجح إذا تعافى حزب الله، واستطاع الصمود في مواجهة الضغوط الخارجية، خاصة إذا دخلت الولايات المتحدة أجواء انتخابات الكونغرس النصفية. خلاصة حزب الله لا يعترف بالهزيمة رغم تعرضه لانتكاسة، ويؤكد احتفاظه بقدرة ردع تمنع إسرائيل من شن حرب شاملة. ويراهن على صمود حاضنته الشعبية ودعم إيران، ويعمل على ترميم قوته تدريجيا. لكنه لا يستطيع التمسك المطلق بسلاحه في وجه الضغوط دون تعريض البلاد لاضطرابات داخلية. إسرائيل تسعى لاستغلال اللحظة لتجريده من سلاحه، والولايات المتحدة تعمل على تحجيمه سياسيا وعسكريا. في حين يحاول لبنان الموازنة بين الضغوط الخارجية والحفاظ على تماسكه الداخلي. في النهاية، سيبقى ميزان القوة بين الحزب وإسرائيل، وكذلك التفاهمات الإقليمية، العامل الحاسم في رسم مآل سلاح حزب الله، ما بين تنازلات تدريجية، أو تسويات مرحلية، أو استمرار الوضع الراهن تحت ضغط الزمن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store