logo
فيديو للشيخ حكمت الهجري معتذراً من أحمد الشرع بسبب أحداث السويداء؟ النهار تتحقق FactCheck

فيديو للشيخ حكمت الهجري معتذراً من أحمد الشرع بسبب أحداث السويداء؟ النهار تتحقق FactCheck

النهارمنذ 4 أيام
المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري معتذرا من الرئيس السوري أحمد الشرع"، على خلفية أعمال العنف في محافظة السويداء، والتي أوقعت 1311 قتيلا.
الا أنّ هذا الادعاء لا اساس له.
الحقيقة: فيديو اعتذار الهجري زائف، لكونه منشأ بالذكاء الاصطناعي. وقد أضيف الى مشاهد أصلية لمكالمة فيديو حصلت بين الشرع وحجاج سوريين وصلوا الى السعودية لأداء مناسك الحج، ونُشِرت في 2 حزيران 2025. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
تظهر المشاهد الرئيس السوري أحمد الشرع مبتسماً، بينما أطل في اطار صغير أسفلها الشيخ حكمت الهجري معتذراً منه، وذلك في اتصال عبر الفيديو. وقد انتشر الفيديو خلال الساعات الماضية في حسابات ، حاصداً مئات التعليقات والمشاركات.
الا انه من الخطأ الاعتقاد ان مشاهد الهجري حقيقية.
في الواقع، يقودنا البحث أولاّ عن مشاهد الشرع الى حسابات اخبارية عدة نشرتها ، في 2 حزيران 2025، بكونها تظهره خلال مكالمة فيديو مع حجاج سوريين وصلوا الى المملكة العربية السعودية يومذاك لأداء مناسك الحج.
@alarabiya فيديو اتصال بين الرئيس السوري أحمد الشرع وبعثة الحج يطلب منهم أن يكونوا أفضل رسل لسوريا وألا يظهر منهم إلا كل خير للشعب السعودي وأن يستغلوا الوقت بالعبادة والدعاء لسوريا والسوريين #العربية #سوريا #الشرع ♬ original sound - العربية
لقطة من الفيديو المنشور في حساب العربية في تيك توك في 2 حزيران 2025
لقطة من الفيديو المنشور في صفحة CNBC Arabia في الفايسبوك في 2 حزيران 2025
وفي هذه المكالمة، أثنى الشرع على تضحيات الحجاج السوريين، قائلًا لهم: "تضحياتكم مو رح نردها بمنحة حج تضحياتكم رح نردها بإعمار بلد آمن لكل الناس ورزقة إن شاء الله لكل الناس".
وأكد أهمية الحج كفرصة لتعزيز العلاقات الأخوية بين سوريا والسعودية. و أشاد بروح الوحدة بين الشعبين، قائلاً: "نحنا وإخوانا في السعودية شعب واحد في بلدين"، داعيًا الحجاج الى أن يكونوا أفضل سفراء لسوريا خلال مناسك الحج.
ومما قال أيضا: "أرجو ألا يظهر من الحجاج السوريين إلا كل خير... فالسعوديون ما قصروا معنا أبدا"، طالبا من الحجاج الدعاء للسوريين النازحين للعودة الى بلدهم، وللشعب السوري وسوريا "المريضة".
و نشر "تلفزيون سوريا" مشاهد لهذه المكالمة من زاوية مختلفة.
وكما ترون في المشاهد الاصلية، ظهر هؤلاء الحجاج السوريون في الاطار اسفل الشاشة. وهذا يعني، اذاً، انه تم استبدالهم في المقطع المتناقل بمشاهد الشيخ الهجري، بما يجعل المقطع زائفاً.
ماذا عن فيديو الهجري؟
نعثر عليه منشوراً في حساب abohuusam أبو حسام في تيك توك، في 18 تموز 2025، مرفقاً بوسم ذكاء اصطناعي، اضافة الى تصنيف المنشىء أن "الفيديو من إنتاج الذكاء الاصطناعي". كذلك، حمل المقطع في اسفله الى اليمين شعار VEO، النموذج الذي طورته غوغل لتحويل النصوص إلى فيديو مع دمج صوتي... وكل ذلك يدل على ان هذه المشاهد ليست حقيقية.
ويعرّف أبو وسيم بنفسه أنه "صانع محتوى كوميدي بواسطة الذكاء الاصطناعي". وينشر في حسابه فيديوات منشأة كلها بالذكاء الاصطناعي.
السلطات السورية تفتح تحقيقاً في "إعدامات ميدانية" في السويداء
وجاء تداول المقطع الزائف في وقت أعلنت السلطات السورية أمس الثلثاء فتح تحقيق في تقارير أفادت بـ"تنفيذ إعدامات ميدانية" في السويداء ذات الغالبية الدرزية، متعهّدة معاقبة المتورّطين فيها ومؤكدة أن "لا أحد فوق القانون"، وذلك بعد أسبوع على أعمال عنف طائفية شهدتها المحافظة الجنوبية، وفقا لما ذكرت وكالة "فرانس برس".
وارتفعت إلى 1311 قتيلا حصيلة أعمال العنف التي شهدتها محافظة السويداء، وفقا لحصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان الثلثاء.
واندلعت أعمال العنف في 13 تموز بين مسلحين دروز وآخرين من البدو، قبل أن تتدخل فيها القوات الحكومية ومسلحون من العشائر إلى جانب البدو، وفقا للمرصد وشهود وفصائل درزية.
والثلثاء، دانت وزارة الداخلية السورية "بأشد العبارات المقاطع المتداولة التي تُظهر تنفيذ إعدامات ميدانية من قبل أشخاص مجهولي الهوية في مدينة السويداء".
ومنذ أيام يتم تداول مقاطع فيديو تظهر ما يبدو أنها إعدامات لأشخاص بزي مدني.
وشدّدت الوزارة على أنّ "هذه الأفعال تمثّل جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون أشدّ العقوبات".
وأحصى المرصد في عداد قتلى أعمال العنف في السويداء 533 مقاتلا و300 مدني من الدروز، بينهم 196 "أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قُتل 423 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة إلى 35 من أبناء العشائر، ثلاثة منهم مدنيون "أعدموا ميدانيا على يد المسلّحين الدروز"، بينما أسفرت غارات شنتها اسرائيل خلال التصعيد عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية، وفق المصدر نفسه.
تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان الفيديو المتناقل يظهر "الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري معتذرا من الرئيس السوري أحمد الشرع"، على خلفية أعمال العنف في محافظة السويداء. في الحقيقة، فيديو اعتذار الهجري زائف، لكونه منشأ بالذكاء الاصطناعي. وقد أضيف الى مشاهد أصلية لمكالمة فيديو حصلت بين الشرع وحجاج سوريين وصلوا الى السعودية لأداء مناسك الحج، ونُشِرت في 2 حزيران 2025.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علي جمعة يكشف من هو المنافق الحقيقي
علي جمعة يكشف من هو المنافق الحقيقي

صدى البلد

timeمنذ ساعة واحدة

  • صدى البلد

علي جمعة يكشف من هو المنافق الحقيقي

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته خلال منشور جديد له عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن من تشرّع ولم يتحقق فقد تفسّق، ومن تحقق ولم يتشرّع فقد تزندق». وتابع: ذلك لأن الشريعة أساسٌ لا غنى عنه، وهي ابتداء الطريق، والوعاء الذي يُحمل فيه الخير. لا يصح تركها بحال، فهذه الكلمة بيانٌ لحقيقة وردٌّ لتهمة، ويجب علينا أن نُدرك موضع الصوفي السالك من هذه الحقيقة.. الزنديق وأشار إلى أن فالزنديق – في حقيقته – يُطلق على المنافق، ويُطلق أيضًا على العدمي. ومن هو هذا العدمي؟ وأوضح ان العدمي هو الذي يُظهر التديُّن ويُبطن الفساد، يصلي الفريضة وينقب الأرض. وما معنى "يصلي الفرض وينقب الأرض"؟ نوه انه كان من أشدّ أنواع السرقة والإجرام أن يستأجر أحدهم بيتًا بجوار بيت غني، ثم يبدأ في حفر نفقٍ تحت الأرض حتى يصل إلى بيت جاره لا من الباب ولا من النافذة، بل من تحت الأرض! وذلك فعلٌ شنيع يتطلّب وقتًا، وأدوات، وفنًّا، وصبرًا، وتخطيطًا. فهو مجرم محترف، متجذر في الإجرام، لا يتوب ولا يندم، ولا يرتدع، ومع هذا يصلي! فإذا ضمّ إلى إجرامه هذا رياء العبادة، كانت صلاته وسيلةً لإخفاء جريمته، وستارًا لسرقته وعدوانه، فزاد بذلك إثمًا؛ لأنه اتخذ الدين حيلةً للتدليس والتلبيس. وهذا هو معنى المثل: "يصلي الفرض وينقب الأرض"؛ أي أنه لم يرد بالصلاة وجه الله، وإنما أراد التمويه على جريمته. وهذا هو الزنديق الحقيقي؛ الإنسان المتناقض، الذي لا يندم على المعصية، ولا يرجع عنها، بل يستمرؤها ويستحلها، ويزعم أنه على خير، وأنه في مقامٍ لا يحتاج فيه إلى الشريعة، مدّعيًا أنه قد وصل إلى الله، وأن بينه وبين الله عمارًا خاصًّا يُغنيه عن الشريعة! أبدًا، هذا دجالٌ زنديق، كما نصَّ على ذلك أهل الله رحمهم الله، فقد وضعوا لنا هذه القواعد لتحصين السالكين في طريق الله من وساوس الشياطين، وبدع المبتدعين، وأهواء الضالين، الذين يريدون صرف الناس عن الله ورسوله وشريعته. وقد وقع بعض الناس في رد فعلٍ خاطئ، فأغلق باب التصوف بالكلية، سدًّا للذريعة، فسدّ على نفسه بابًا من أبواب الخير، وضيّق على قلبه موردًا من موارد الرحمة، والله سبحانه وتعالى حين أنزل الشريعة، أنزلها لتكون سبيلاً للطاعة، ومجالًا للعبادة، ومصدرًا للأنوار، وموطنًا للسكينة، ومفتاحًا للسعادة. فبها يحظى الإنسان باحترامٍ من الله، ومعاملةٍ كريمةٍ مع نفسه وربه، وقد جاء في الحديث: « إن الله يباهى بالشاب العابد الملائكة ».[أخرجه ابن السنى في اليوم والليلة، والديلمي] وكان النبي ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ ويقول: « مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا ». فالله سبحانه وتعالى يُحب صنعته، ويخص من أطاعه بفضله، ويعلي من عباده من تحققت في قلبه العبودية الصادقة له، ولا يكون ذلك إلا ثمرة العبادة والتزام الشريعة.

لماذا يفتقدُ التشيّعُ العلامة محمد حسين فضل الله؟!
لماذا يفتقدُ التشيّعُ العلامة محمد حسين فضل الله؟!

النهار

timeمنذ 3 ساعات

  • النهار

لماذا يفتقدُ التشيّعُ العلامة محمد حسين فضل الله؟!

المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، شخصية استثنائية في مواقفها الناقدة للخطاب الديني السائد المبني على "الخرافة"، وتحلى بشجاعة منقطعة النظير بين أقرانه، في الحديث الصريح عن ضرورة تحرير الدين من المقدسات الزائفة، وأن لا يكون الإنسان حبيس الأزمان الغابرة، بل عليه مسؤولية أن يعمل عقله ولا يعيره لأي أحد كان! فضل الله الذي توفي قبل نحو 15 عاماً، كان يشدد على "مسؤوليَّة الإنسان في مواجهة الخرافات وتعزيز العقل"، معتبراً أن "علينا أن نقوم بثورة ضدّ الخرافات، وضدّ كلّ الأشياء التي ماتت مع الماضي". هذا الموقف لدى العلامة محمد حسين فضل الله، مرده إلى أنه كان يرقب بقلق ازدياد الخطاب الطقوسي – الغرائبي في الأوساط الإسلامية بعامة، والشيعية بخاصة. وهو خطاب ابتعد عن روح الدين وقيمه العليا وغاياته السامية التي جاء الأنبياء من أجل تحقيقها، وراح يركز على الهامش، بل هامش الهامش، مبتكراً ممارسات لا علاقة لها بالدين، ومانحاً إياها هالة قدسية، تكبر شيئاً فشيئاً مع السنوات، وتستحيل وكأنها جزء من الشريعة، وهنا مكمن خطرها! في آخر زيارة للمرجع فضل الله في مكتبه في ضاحية بيروت الجنوبية، قُبيل وفاته ببضعة أشهر، كان في حديثه إليّ مع الصديقين منصور النقيدان وحبيب آل جميع، صريحاً، مبدياً قلقه من سطوة التخلف الذي يتمدد، ومستفيضاً في حديثه عن عظم الخطر الحاصل نتيجة سكوت المرجعيات الدينية عن الممارسات غير العقلانية التي يقوم بها رهطٌ من الأتباع. لقد كان فضل الله يؤمن بـ"الصدمة" كمنهجية للتغيير في العديد من المفاصل، وفي التفكير الماضوي لكي تخلخل بنيانه الصلب، وتدفع العقل نحو التفكير الحر. لا بد من أن تحدث صدمة لدى المجتمع، تقوده إلى الاستفاقة، والسؤال تالياً، وبالتالي الخروج من سيطرة الدعاة المروجين للخرافة والجهل. في الزمن الحاضر، وإذ تنتشر مئات الفيديوات في وسائل التواصل الاجتماعي، لدعاة يروّجون لأساطير باسم الدين، أو يحثون على طقوس غير عقلانية باسم الشعائر الحسينية، وسط هذه الكثافة من الخطاب التسطيحي، يفتقد التشيعُ شخصية برجاحة عقل السيد محمد حسين فضل الله وجرأته وصراحته، هو الذي كان يشير إلى موضوع الخلل من دون خوف من أن يفقد جمهوره، أو أن يكيد له الخصوم! هنالك كثيرٌ من العلماء اليوم يرفضون بصمتٍ الممارسات الرثة باسم "عاشوراء"، والغلو في الخطاب الحسيني، إلا أنهم لا يقفون بشجاعة في مواجهة هذه الظواهر التي تختطف التشيع وتحوله إلى مجرد مذهب طقوسي، على خلاف ما جاء في سيرة أئمة آل بيت النبي محمد، والذين كانت العديد من أحاديثهم تحث على إعمال العقل والتبصر والبعد عن الغلو. العامةُ اليوم، والجمهور الغفير، صارت لهم سطوتهم التي يخشاها العلماء، لذا، لزمَ العديد من الفقهاء الحياد السلبي، وتركوا لأصحاب الخطاب التجيهيلي أن يمتطوا صهوة المنابر الحسينية، من دون مساءلة أو وضع حدود تحفظ الدين من الرثاثة التي يروج له هؤلاء الدعاة! الأدهى، أن هنالك فقهاء يتبنون هذه الخطابات، ويستندون إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة، من دون التثبت من سندها، مغفلين الكليات الكبرى للدين والعقل. هنالك شريحة واسعة من المسلمين الشيعة، ترفض هذه الخطابات التجهيلية، وتشمئزُ منها، وتنتقدها في المجالس الخاصة، وهنالك مثقفون وعلماء تحدثوا صراحة عنها في وسائل الإعلام؛ إلا أن صوت هؤلاء خفيض، والحاجة ماسة لفقهاء كبار مثل العلامة محمد حسين فضل الله، كي يعيدوا الاعتبار لمعنى الدين الإسلامي ومكانة العقل، ويحرروا التشيع المختطفَ من ربقةِ الخطباء والمنشدين القليلي العلم، المحدودي الخبرة، والفاقدين للبصيرة.

الامام الحسين والعلاقة بين الإصلاح والصلاة
الامام الحسين والعلاقة بين الإصلاح والصلاة

شبكة النبأ

timeمنذ 5 ساعات

  • شبكة النبأ

الامام الحسين والعلاقة بين الإصلاح والصلاة

إقامة الصلاة بشكل طوعي مع الشوق والحب والالتزام الدائم، تخلق حالة من القوة الذاتية بإمكانية إنجاز أي عمل على أحسن وجه، لأن ثمة قدرة لا متناهية تكون مع المصلي والذي سيحظى بصلة مباشرة مع هذه القوة القاهرة عندما يسجل حضوره الدائم... "أشهد أنك قد أقمت الصلاة". من الزيارة السابعة للإمام الحسين، عليه السلام، (زيارة وارث) الفساد والانحراف والتضليل، مفاهيم لها وجود في الذهن، ثم تخرج الى الواقع الخارجي في تطبيقات عملية، فنراها متجسدة في أفراد، كما نجدها في جماعات، فاذا عقدت النية على مكافحة هذه المفاهيم السلبية والضارة علينا شحذ مفاهيم تقف بالضدّ منها لمحاربتها على الصعيد العملي، كما الحال في البكتريا النافعة التي تقمع نظيرتها الضارة في جسم الانسان، وهذا مثال للتقريب. ففي ساحة المعركة يوم العاشر من المحرم، كان جيش ابن سعد يرى في الامام الحسين مقاتلاً ضد النظام الأموي الجائر، ومعارضاً لشخص يزيد بأن يتولى منصب خلافة رسول الله، والتحكم بمصائر المسلمين، وأنه يرى نفسه الأجدر، فالقضية في كربلاء سياسية بأدوات عسكرية، ولم يدر في خلدهم لحظة واحدة أن الامام الحسين إنما يقاتل ويضحي بنفسه وبأهل بيته لأمر آخر أوسع بعداً مما يعيشونه في لحظتهم الراهنة، علماً أنه، عليه السلام، أعلنها جهاراً نهاراً بأني "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي"، ولكن؛ ربما لم تطرق اسماعهم هذه الكلمة، كما هي اليوم تدوي في الآفاق، أو سمعوها ولم يعوها، في كل الاحوال، غابت عنهم حقيقة أراد الامام الحسين تجسيدها في ميدان المعركة يوم عاشوراء، بأن الاسباب التي جعلتهم يفقدون كرامتهم وحريتهم، يمكن ازالتها ومعالجتها قبل فوات الأوان. رسالتين بعثها الامام الحسين، عليه السلام، لأهل الكوفة المتجحفلين تحت إمرة ابن سعد والشمر وأشباههما، هما: طلب تأجيل المعركة من ليلة العاشر من المحرم الى نهارها، فأرسل أخاه العباس، عليه السلام، "فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشية، لعلنا نصليّ لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والإستغفار"، ولابد أن تناهى هذا الطلب الى أسماع بعض او جزء كبير من تلك الجحافل، بأن الامام يطلب تأجيل القتال ليصلي الى ربه ويتلو القرآن الكريم، والرسالة الثانية: أداء الصلاة وسط المعركة، فيما كانت السهام تنهال على معسكر الامام في لحظات لا توصف. التضحية من أجل الصلاة أم من أجل مكافحة الفساد؟! بما أن الغاية النهائية للحركة الحسينية المعارضة؛ الإصلاح في الأمة، وإعادة الروح الدينية الى كيانها من خلال "آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، فمن أرقى وأسمى معالم الدين وأكثر حيوية؛ الصلاة التي نعرف قيمتها من القرآن الكريم: {تنهى عن الفحشاء والمنكر}، ومن حديث رسول الله، صلى الله عليه وآله: "الصلاة عمود الدين"، وأي قائد اليوم يعيش حالة مواجهة على الصعد كافة؛ سياسياً واقتصادياً، ومخابراتياً، وتكنولوجياً، يوظف كل طاقاته ووقته لتوجيه الضربة الناجحة للعدو، ولن يفكر بشيء اسمه: الصلاة، لسبب بسيط جداً؛ "بالإمكان الاتيان بها لاحقاً"، أو "ثمة وقت متاح للصلاة، بينما لا وقت أمام الخصم"، بينما يغيب عن ذهن البعض أن الفساد والانحراف والمحاصصة السياسية وغيرها من المساوئ في المجتمع والدولة، كلها ذات تنبع من مجانبة الدين وأحكامه ونظمه، كما كان الحال عليه في عهد الامام الحسين، وفي يوم عاشوراء، "فالامام الحسين قد أقام الصلاة بتضحياته الجسام، وباستقامته وصلابته في طريق الحق، وواجه المستبدين كافة، وإن كانوا قد تجسدوا في يزيد الذي كان يلعب بالقرود، ويشرب الخمور، ويحاول أن يحطم عُرى دين الله، عروةً عروة". (الامام الحسين وفروع الدين- آية الله السيد مرتضى الشيرازي)، بما يعني أن صلاة الامام الحسين وسط ميدان المعركة، رسالة الى الأمة والى الأجيال بأن هذه الصلاة هي الجسر الوحيد المؤدي الى الإصلاح الحقيقي لكل ما تعانيه من أزمات ومشاكل ومحن، ومن لا يجد في نفسه القوة للتضحية من اجل الصلاة، بوقته –على أقل التقادير- كيف له الإدعاء بقدرته على محاربة الفساد والظلم، وهي مواجهة محتدمة بالحديد والنار؟ من هنا يعملنا الامام الصادق، عليه السلام، في زيارته لجدّه الامام الحسين، بأن نتذكر دائماً هذه القاعدة الاساس في عملية الإصلاح والتغيير عندما نشهد في قراءتنا للزيارة بأن "أشهد أنك قد أقمت الصلاة"، وقد بحث في هذه الجملة القصيرة، العديد من العلماء، المضامين والابعاد الواسعة لمسألة "الشهادة" من الزائرين على مر الزمن. والغريب حقاً أن نسمع هذه الايام بأن إقامة الصلاة في الدوائر الرسمية، او في الجامعات او في الاسواق، مدعاة لتضييع حقوق الناس! بدعوى أن البعض يتخد من وقت الصلاة فرصة للتهرّب من أداء مسؤوليته وأمانته في عمله، ثم يربطون بين هذا التصرف الشاذ، وبين الفساد! متناسين –ربما عن غير قصد- الاسباب المعروفة والمؤثرة بشكل مباشر في نشوء وانتشار هذا الداء الوبيل. وحسناً قال رئيس وزراء إحدى الدول الاسلامية في دعوته لإقامة الصلاة في الدوائر الرسمية، بأن "البعض يقول للصلاة عندي عمل، وأنا أقول للعمل عندي صلاة"! وهذا تجسيد لأحد أبرز قيم النهضة الحسينية في حياتنا اليومية لمن يريد تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد والتخلص منه الى الأبد. وهذا يعني تهديد مصالح الفاسدين في المجتمع والدولة، لذا نرى محاولات غير مباشرة عديدة للتقليل من أهمية الصلاة في المدرسة، والجامعة، والسوق، والدوائر الحكومية، فما الضير في أن يؤدي الناس صلاة الفريضة في أي دائرة حكومية عندما يحين وقتها، وهي لا تأخذ من الوقت سوى دقائق معدودة؟ إقامة الصلاة بشكل طوعي مع الشوق والحب والالتزام الدائم، تخلق حالة من القوة الذاتية بإمكانية إنجاز أي عمل على أحسن وجه، لأن ثمة قدرة لا متناهية تكون مع المصلي والذي سيحظى بصلة مباشرة مع هذه القوة القاهرة عندما يسجل حضوره الدائم، كما يسجل الكثير حضورهم الدائم في ديوان عشائري، او مكتب لشخصية مرموقة لها شأنها في انجاز معاملات وقضاء أعمال، او حتى الحصول على منافع مادية، فهل إن هؤلاء أكثر قوة وقدرة من الله –تعالى-؟! أم أن الغفلة بسبب دوامة الازمات والمشاكل هي التي تبعد الانسان عن حقائق واضحة في الحياة؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store