logo
لقاءات مكثفة لشيخ العقل.... "المرحلة الحالية تحتاج إلى وحدة الصف"

لقاءات مكثفة لشيخ العقل.... "المرحلة الحالية تحتاج إلى وحدة الصف"

النهارمنذ يوم واحد
التقى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى في دار الطائفة في بيروت اليوم سفير مصر في لبنان علاء موسى، وتناول اللقاء العلاقات التاريخية بين الطائفة الدرزية ودولة مصر بشكل خاص وعلى المستوى الإسلامي بشكل عام، وتبادل الأفكار حول السبل الآيلة لوقف إطلاق النار والدخول بحلول جذرية تتيح المجال للوصول الى حلول سلمية، وموقف دولة مصر بهذا الخصوص، وذلك بحضور مشايخ ومسؤولين في المجلس المذهبي ومشيخة العقل.
وصرّح السفير موسى بعد اللقاء قائلا: "الزيارة اليوم كانت فرصة ضرورية لتبادل الأفكار حول ما يحدث من أمور في الفترة الأخيرة وكيفية احتوائها والعمل بكل جد على منع السلبية في سوريا، وقد أكدت لسماحته على موقف مصر الواضح، بان السبيل الوحيد لما نراه يحدث في سوريا هو إطلاق عملية سياسية شاملة، تراعي مصالح كل الاطياف، والبحث عن عقد جديد لمصلحة الدولة الوطنية في سوريا".
أضاف: "لقد توافقنا على أن المرحلة الحالية تحتاج الى وحدة الصف، وليس الى تهييج المشاعر، ولا الدعوات لمزيد من الصراع، لأن أية دعوات من هذا القبيل قد تأتي بنتائج عكسية على الجميع. فصوت العقل هو الأفضل وان شاء الله المرحلة القادمة نجد فيها السبيل، للوصول الى حل لصالح الجميع ويضع الأمور في كل شيئ للمصلحة الوطنية العليا وان شاء الله نسمع اخبارا جديدة".
ورداً على سؤال حول دور مصر في إطار الدول الراعية للحل؟ قال: "موقف مصر كدولة يعكس الموقف تجاه سوريا وليس في السويداء فقط، سوريا كدولة، وقد تحدثنا عن أهمية صقل العملية السياسية الشاملة، وهذا لا ينفي وجود جهد مصري منسّق مع الأطراف العربية المؤثّرة. وقد اطلعت سماحته على اجتماع عقد قبل أيام فيه تنسيق ما بين القوى العربية وتركيا، وقد اتفق الجميع على ان الحوار هو الأفضل وان الإصلاح مطلوب، والنقاط التي يجب معالجتها امر ضروري وهام للعملية السياسية التي لا بديل عنها، وهذا يقدّم ضمانة لكل مواطن في سوريا، ونحن لا نبحث عن مصالح خاصة او طائفية، وانما مصالح الشعب والدولة السورية، ولا يتم ذلك الا بالتوافق ما بين الجميع. هذا هو المجهود الذي تقوم به مصر في الوقت الحالي، وان شاء الله يكون هناك سبيل للتطبيق ونرى الأوضاع في سوريا بشكل أفضل، ومن المؤكد انه سوف ينعكس ذلك على لبنان وسوريا في آن".
كما التقى الشيخ ابي المنى السفير الإيراني في لبنان مجتبى اماني يرافقه السكرتير في السفارة بهنام خسروي، في زيارة تعزية وتضامن مع الطائفة الدرزية حيال الاحداث الحاصلة في محافظة السويداء، وتناول اللقاء الموقف الإيراني بهذا الخصوص، وفي موضوع الحرب مع الكيان الإسرائيلي.
ريفي
كذلك استقبل شيخ العقل النائب أشرف ريفي في زيارة تضامن، وتناول اللقاء التطورات الحاصلة وأهمية العمل المشترك على احتواء الموقف وضبط ردود الفعل. ولمنع امتداد الفتنة بل لوقفها ووأدها وإنهاء تداعياتها
وادلى ريفي بعد اللقاء بتصريح، قائلاً: "تشرفت اليوم بزيارة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، وكما في كل مرة ألتقي فيها سماحته، أزداد قناعة بعمق الروابط التي تجمعنا كلبنانيين وكمسلمين مؤمنين بثوابت العيش الواحد، وحريصين على حماية بلدنا من كل العواصف، لصون استقراره ووحدته الوطنية. إن هذه الدار كانت وستبقى صرحاً وطنياً جامعاً وداراً لكل اللبنانيين، الذين يتمسكون بالوحدة الوطنية وبالعيش الواحد، الذي يشكّل صمام أمان للبنان المتعدّد، والذي يشكّل التعدد فيه قيمة إنسانية كبرى".
أضاف: "نأتي الى هذه الدار وفي هذه المرحلة العصيبة، لنشدّ على يد سيّدها ونكون الى جانبه، في عمله الحثيث لمواجهة التحديات التي تعصف بمجتمعنا ومحيطنا، ولمنع امتداد الفتنة بل لوقفها ووأدها وإنهاء تداعياتها، وكلنا ثقة بأن سماحته إلى جانب الزعيم الكبير وليد جنبلاط، وبدعم ومؤازرة كافة المرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية، قادرون على انهاء حالة الإرباك وإعادة أجواء الوحدة والموّدة والسلام والتآخي، والالتفاف حول مشروع الدولة التي وحدها تشكّل الضمانة للاستقرار، وحماية المواطن أياً يكن دينه او مذهبه، فالدين لله والوطن لجميع أبنائه".
وتابع: "لا يخفى على أحد أننا نمر اليوم بمخاضٍ صعب وعسير، ونتعرض للكثير من محاولات شق الصف وضرب التماسك الوطني والعربي والاسلامي، ونعاني من ممارسات وتصرفات ومواقف غير مسؤولة، بل مرفوضة ومدانة من أية جهة كانت، وبكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، فلا شيء يبرر التجاوزات التي تؤدي الى تعميق الشرخ والانقسام. لبنان وطن تعدّدي متنوع الأعراق والأديان والمذاهب، نحترم بعضنا البعض كما نحترم معتقدات وثقافة ورموز الآخرين، ونرفض الاساءة أو التعدي والاستقواء.
لا يخفى على أحد المخاطر التي نعيشها في هذه المرحلة في لبنان ومحيطنا المباشر. نحن على ثقة أن ما يحصل اليوم هو ترجمة لأطماع العدو الصهيوني الذي يجّند بعضاً من ضعفاء النفوس، لتحقيق أوهامه من خلال مبدأ أن تكون إسرائيل هي الدولة القوية الوحيدة في المنطقة، وأن يكون محيطها عبارة عن كيانات ضعيفة عاجزة عن حماية سيادتها وحريتها ومواطنيها. وتحاول إسرائيل أن تكون في جوارها ومحيطها دول مذهبية ضعيفة، تتقاتل فيما بينها وفي الحد الأدنى تعمل على فرض مناطق عازلة في لبنان وسوريا وفلسطين، ولا يغيب عن بصرنا أن رئيس حكومة العدو الصهيوني، وفي كل مرة يحدد له موعدٌ أو جلسةٌ للمحاكمة، يلجأ للهروب فيها بافتعال أزمة أو حرب أو معركة. لقد دفع الشعب الفلسطيني البطل في غزة وكل فلسطين، الآلاف من أطفاله ونسائه ورجاله العزل ثمناً غالياً لبربرية العدو الصهيوني، وبكل أسف العالم صامت إلا ما ندر من بعض الدول وبعض المسؤولين".
واستطرد ريفي: "إننا ومع العارفين نؤكد على وطنية أهلنا بني معروف وعلى عروبتهم، فالأزهر الشريف والقيادات العربية شاهدة على ذلك. لقد سجل العرب للموحدين الدروز مواقفهم العربية والإسلامية، منذ أيام سلطان باشا الأطرش في عشرينيات القرن الماضي، وفي أيام الشهيد كمال جنبلاط وأيام الزعيم وليد جنبلاط، والذي كان أول شخصية لبنانية، تزور سوريا الجديدة لتهنئة القيادة الجديدة. وهنا وفي هذه اللحظة المفصلية والتاريخية، أسمح لنفسي بكسر قاعدة ذهبية في العمل الأمني لأبوح بمهمة قمنا بها خلال الثورة السورية، وهي أن الدعم اللبناني لهذه الثورة كان دعماً درزياً-سنياً، وكنت إلى جانب اللواء الشهيد وسام الحسن نمثل الجانب السني مع شخصيتين درزيتين مكلفتين من قبل الزعيم وليد جنبلاط. هذا تاريخنا المشترك مع تاريخ الجبل، إنه تاريخ سلطان باشا الاطرش وكمال جنبلاط ووليد جنبلاط، إنها قيمنا وتراثنا وتقاليدنا بل شهامتنا، التي تأبى الفتنة والتشرذم والإنقسام. أكرر التحية لصاحب هذ الدار الكريمة، مقدّراً دوره الوطني والإسلامي المشترك مع صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية، وكافة العقلاء وأهل الحكمة في هذا الوطن".
الأمم المتحدة
ومن زوّار دار الطائفة وفد مكلّف من قبل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان السيدة جينين هينيس بلاسخارت اجتمع الى وفد مكلّف من قبل شيخ العقل، ضم المستشارين الشيخين د. رمزي سري الدين وعامر زين الدين، لعرض مسائل متصلة بأحداث السويداء ودور الأمم المتحدة في هذا المجال، في سياق الاتصالات التي يقوم بها سماحة شيخ العقل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان، وتسلّم الوفد من ممثلي مشيخة العقل ملفاً فيه توّثيق الاعمال الوحشية التي نُفذّت بحق المدنيين والشيوخ والنساء والأطفال في مدينة السويداء.
واستقبل الشيخ ابي المنى الشيخ عدنان ناصر من البقاع، يرافقه السيد محمد ياسين. كما استقبل وفدا ضم: الاب المخرج جوني سابا المنتج المحلي لفيلم حول الحضارة الفينيقية والمخرج العالمي اوسكار الزغبي والمسؤولة الإعلامية في الفيلم السيدة لور سليمان. وترأس اجتماعاً للجنة التبرعات التي تشكّلت في المجلس المذهبي لتقديم الدعم لعائلات السويداء المنكوبة.
اتصالات
وتلقى شيخ العقل اتصالي تعزية وتضامن مع الطائفة وتنوّيه بمواقفه، من بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف الأول عبسي، وبطريرك الأرمن الكاثوليك بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سايكولوجيا الانفصام الديني في مذبحة كربلاء
سايكولوجيا الانفصام الديني في مذبحة كربلاء

شبكة النبأ

timeمنذ 24 دقائق

  • شبكة النبأ

سايكولوجيا الانفصام الديني في مذبحة كربلاء

في الأزمات الكبرى، يتحول الفرد الضعيف داخل الجماعة إلى كائن متوحّش، خاصة إذا شعر أنه غير مسؤول شخصيًا عن الجريمة، بل "ينفّذ الأوامر". هكذا حدث في كربلاء. فقد ذاب الضمير في الزحام، واستسلم الجميع للمنطق الجماعي الأعمى، فمارسوا القتل بلا إحساس، والرمي بلا شفقة، ثم راحوا يضحكون، ويغنمون... نطرح في هذا المقال قراءة سيكولوجية تربوية في السادية الجماعية لجيش ابن زياد: قال الامام الحسين عليه السلام: "الناس عبيد الدنيا، والدين لعقٌ على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون." في واحدة من أفظع مشاهد التاريخ، لم يقف الجزارون غرباء على الحسين (عليه السلام)، بل كانوا أنفسهم من كتبوا إليه آلاف الرسائل، يدعونه ليكون إمامًا وقائدًا، وبايعوا سفيره مسلم بن عقيل، وذرفوا الدموع بين يديه. ثم، في لحظة خاطفة، انقلبوا عليه كما تنقلب السباع الجائعة، وسلّموه بيدهم إلى الموت، بل اشتركوا في صناعته، فطوّقوه، وجوّعوه، وحرموه الماء، وذبحوا طفله الرضيع بين يديه، وسَبَوا بناته، ثم رفعوا رأسه ورؤوس أصحابه على الرماح. فمن أين جاء هذا الجموح الإجرامي؟ وكيف استطاع هؤلاء أن يتحولوا إلى سيوفٍ بيد طاغية يُدعى عبيد الله بن زياد؟ وأين ذهبت رحمة الإسلام في صدور من يسمّون أنفسهم "مسلمين"؟ إنها ليست مسألة سياسية وحسب، بل هي ظاهرة نفسية وتربوية معقدة، تستحق التفكيك، والتأمل، بل والنحيب. أولًا: التدين الشكلي والانفصال القيمي: كان كثير من أفراد جيش ابن زياد يُصلّون، ويصومون، ويحفظون القرآن، بل يعرفون مكانة الحسين بانه سبط رسول الله وريحانته، لكنهم ما إن نودي فيهم: "يا خيل الله اركبي!" حتى تهافتوا إلى كربلاء كأنهم إلى نزهة دموية يتقرّبون بها إلى الله! وهنا تتجلى أبشع صور الانفصام بين العقيدة والسلوك، حيث تحوّل الدين إلى قشرة، والشعائر إلى عادة، والإيمان إلى لقلقة لسان. لقد تمّ اختزال الإسلام في الظاهر، وتفريغه من جوهره، فكان الرجل يُصلي ثم يطعن صدر الحسين بحربته، أو يُكبر ثم يذبح الطفل الرضيع من الوريد إلى الوريد. ثانيًا: الضمير المُخدَّر وسايكولوجيا الطاعة للجلاد: عبيد الله بن زياد لم يكن نبيًا ولا مصلحًا، بل كان نموذجًا للطاغية الدموي السيكوباتي، ومع ذلك انقاد له عشرات الآلاف، وسلّموا له رقابهم وضمائرهم. ذلك لأنهم نشأوا في بيئة تَعوّدَت الطاعة العمياء، وتربّت على الخوف لا على الوعي، وعلى التبرير لا على التفكير. في علم النفس السياسي، يُعرف هذا بـ"الانصياع للسلطة القمعية"، حيث يُنتج القمع المستمر شخصيات مكسورة، تفضّل السلامة على الكرامة، وتؤثر البقاء تحت السوط على الموت في سبيل مبدأ. هؤلاء لم يقتلوا الحسين لأنهم يكرهونه، بل لأنهم خافوا من الطاغية أكثر مما أحبوا الحق. فالقلوب كانت مع الحسين، ولكن السيوف كانت عليه… وهذه هي قمة السقوط. ثالثًا: الخوف المقدّس وإرهاب الدولة: حين دخل عبيد الله الكوفة، نشر الرعب في كل زاوية، فقتل مسلمًا، وصلب هانياً، وقطع الألسن، وسفك الدماء في الأسواق، حتى لم يعد في المدينة قلب ينبض بالثبات، ولا لسان يجهر بالحق. فكان الخيار واضحًا أمام الكوفيين: "إما أن تُذبح مع الحسين، أو أن تحيا مع يزيد." فاختار الأكثرون الحياة الذليلة، على الموت الشريف، واستبدلوا الجنة بلقمةٍ باردة، والخلود بخوفٍ زائل. رابعًا: سادية الجماعة وتحوّل الإنسان إلى وحش: في الأزمات الكبرى، يتحول الفرد الضعيف داخل الجماعة إلى كائن متوحّش، خاصة إذا شعر أنه غير مسؤول شخصيًا عن الجريمة، بل "ينفّذ الأوامر". هكذا حدث في كربلاء. فقد ذاب الضمير في الزحام، واستسلم الجميع للمنطق الجماعي الأعمى، فمارسوا القتل بلا إحساس، والرمي بلا شفقة، ثم راحوا يضحكون، ويغنمون، ويجرّون بنات رسول الله كما تُجرّ الإماء في أسواق النخاسة. هذه هي "سادية الجماعة" حين تكتسب الوحشية شرعنة، ويُصبح المجرم بطلاً في أعين السلطة، ويتحول الصمت إلى تواطؤ. خامسًا: الانقلاب على البيعة: لماذا غدر الكوفيون؟ المأساة ليست في مَن قاتل الحسين بلا معرفة، بل فيمن بايعه ثم خذله. الكوفة لم تكن غريبة عن الحسين، بل كانت مهد التشيع وميدان ولاء علي، ومع ذلك تحولت في لحظة إلى منبر للخيانة. وذلك يعود إلى جملة عوامل: ١- غياب التربية المبدئية: حيث كان الولاء عاطفيًا هشًا لا يقوم على وعي رسالي ثابت. ٢- تأثير الإرهاب والتضليل: فالناس خافوا من السيف، وتشككوا من دعوة الحسين بعد حملة التشويه. ٣- المصلحة الفردية فوق القيم: فقدّموا أمانهم الشخصي على بيعتهم، وراوغوا ضميرهم، كما راوغت ألسنتهم. ولذا قال الإمام علي عنهم من قبل: "يا أهل الكوفة... ما أنتم إلا كالمرأة الحامل، تدمي ثم تجهض!" سادسًا: الإسلام لا يُصلح ما أفسده النفاق: لا تسأل: "أين ذهب الإسلام من قلوبهم؟" بل قل: "أي إسلام هذا الذي حملوه؟" إنه الإسلام الأموي، الذي أُفرغ من محتواه، وحُوّل إلى سلطة، لا رحمة، وإلى عصا، لا هداية. فأصبحوا يذبحون الحسين تقرّبًا إلى الله! وتلك قمّة المسخ العقائدي والروحي، الذي يصنعه الاستبداد حين يتسلّط باسم الدين. اخيرا أقول: في كربلاء، لم يكن الحسين وحده هو المظلوم، بل كانت الأمة هي الضحية الأولى، يوم خانت قيمها، وسكتت عن الطغيان، وذابت في الجبن، ورفعت سيوفها في وجه مَن بعث الله نبيه لأجله. كانت الدمعة في عيونهم، لكن السيوف في أيديهم… وكان الندم في ضمائرهم، لكنه جاء بعد فوات الشهادة، وبعد أن كتبوا على جباههم لعنة أبدية: "قتلنا الحسين!"

منهاج الحسين (ع): الإنسانية أولًا، حتى مع الأعداء
منهاج الحسين (ع): الإنسانية أولًا، حتى مع الأعداء

شبكة النبأ

timeمنذ 24 دقائق

  • شبكة النبأ

منهاج الحسين (ع): الإنسانية أولًا، حتى مع الأعداء

السجايا الإنسانية في الفكر الحسيني، يمكن أن تنهض بالإنسان وترتقي به نحو درجات عالية من التطور والتقارب البشري الذي يمكن أن يطفئ الأزمات ونيران الأحقاد، ويخلص العالم من حالة الاحتقان المزمن التي تهيمن عليه، فالتربية الإنسانية الحسينية كفيلة بالقضاء على جميع أنواع النزاعات... (كان الإمام الحسين صلوات الله عليه يريد أن يحيي سيرة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما) سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إن الأفكار التي يطرحها المفكرون إذا لم تكن قائمة على الإنسانية، فإنها ليست ذات قيمة ولا يمكنها أن تُسهم في تطوير العقل البشري، لذا فإن إنسانية الفكر شرط أساس في جدوى هذا الفكر أو ذاك، من هنا نلاحظ أن الركن الرئيس الذي يقوم عليه الفكر الحسيني هو مراعاة الجانب الإنساني، لذلك فإن من إنسانية النهضة الحسينية أنها أنتجت فكرا خلّاقا يقوم على رفض الظلم، ومواجهة الفساد والفاسدين واسترجاع الحقوق وحمايتها. وهذا ما جرى بالضبط عندما أعلن الإمام الحسين عليه السلام تلك المبادئ العظيمة التي يتحلى به الفكر الحسيني، وأهمها الجوهر الإنساني لهذا الفكر، ومراعاته كرامة الإنسان، لأن هذا الإنسان إذا أصبح بلا كرامة لن تكون له قيمة، ولا يمكنه أن يعيش حياته في توازن داخل المجتمع، وسوف يشكل حالة سلبية على المجتمع لأنه كائن مسلوب الكرامة. الفكر الحسيني إنسانيّ في جوهره، وقد أخذ هذه السيرة الإنسانية من سيرة جده الرسول صلى الله عليه وآله، ومن سيرة أبيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وهناك أمثلة لا حصر لها تدل بكل قاطع على إنسانية الفكر والسلوك الحسيني. سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، يطرح علينا حادثة الحرّ الذي اعترض طريق الإمام الحسين عليه السلام ومع ألف فارس وهو يتوجّه إلى مدينة جده رسول الله، حيث يقول سماحته: (نأتي إلى سيرة الإمام الحسين صلوات الله عليه نفسه. ففي طريقه إلى كربلاء، واجهه الحُر وألف فارس كانوا معه، ومنعوا الإمام من أن يعود إلى مدينة جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنعوه من أن يذهب إلى حيث ما يريد، وحاصروا الإمام. ومع ذلك، رأى الإمام الحسين صلوات الله عليه الحر وأصحابه عطاشا، فأمر بسقيهم الماء جميعاً). التعاطي الإنساني حتى مع العدو لقد كان الحر والمرافقون له من العسكر أعداءً للإمام الحسين، وكانوا مدججين بأنواع الأسلحة، ومع ذلك تعام الحسن عليه السلام معهم بإنسانية عالية، حين أمر بتقديم الماء لهم جميعا، بعد أن لاحظ عليهم علامات الظمأ الشديد، ليس هذا فحسب، فحين رأى الخيول تعاني من عطش أشد، أمر بتقديم الماء لها، مع أنهم أعداء يريدون الشر بالحسين عليه السلام. لكن حين توفرت الفرصة لكي يطبّق الإمام الحسين ما تعلمه من جدّه وأبيه، باشر على الفور بتطبيق الجانب الإنساني حتى مع أعدائه، وسمح بتقديم الماء لهم وإن كانوا يكنون للإمام وأهله وصحبه الأذى. وهنا يتساءل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: (مَنْ مِن البشر يعطي الماء للعدو وهو في الصحراء ويميته العطش؟ وهذه سيرة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما التي كان يريد الإمام الحسين صلوات الله عليه أن يحييها وعندما سنحت للإمام الفرصة أحياها في تعامله مع الحر وجيشه). هذا المثال والموقف الإنساني الذي دوَّنتْه سجلات التاريخ بأمانه، يثبت بلا أدنى شك تلك السيرة التي تعلمها الإمام الحسين عليه السلام من جده رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن أبيه الإمام علي عليه السلام، حيث قال الإمام (رشّفوا الخيلَ ترشيفا)، وهذا يعني ليس سقي الخيول فقط وإنما زيادة على ذلك رشّ الماء على أبدانها حتى تتبرد ويخفّ عليها الظمأ. هكذا يتجسد الجانب الإنساني في الفكر الحسيني، هذا الفكر الذي استلهمه الإمام من سيرة جدّه وأبيه، بعد أن تعلّم ودرس في هاتين المدرستين الإنسانيتين الخالدتين. سماحة المرجع الشيرازي دام ظله يقول: (هذه هي الإنسانية في سيرة الإمام الحسين صلوات الله عليه الموروثة من سيرة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما. فأمر الإمام الحسين صلوات الله عليه أصحابه بأن يعطوا الماء للحر ولأصحابه وقال رشّفوا الخيل ترشيفاً أيضاً بعد سقيها الماء، أي رشّوا الماء على أبدان الخيل لأنّها أصابها الحر والظمأ). أما المثال الآخر الذي يذكره سماحة المرجع الشيرازي، فهو في غاية التأثير والدقة التي تؤكد إنسانية الإمام الحسين عليه السلام العميقة التي تدل على الجذور العظيمة لتربيته الإنسانية وشعوره تجاه الإنسان والكائنات الأخرى ومنها الخيل، فهذه القصة تمثل درسا عظيما في التعامل الإنساني وتؤكد ذلك الاهتمام التربوي الكبير لأهل البيت في قضية الرفق بالحيوان. لم يكتفي الإمام بالإحسان إلى الحرّ وجندهِ باعتبارهم ينتمون إلى بني الإنسان، وإنما شمل فعله الإنساني حتى الخيول التي ظهر عليها العطش الشديد، لدرجة أن الإمام عليه السلام سقى أحد الخيول بنفسه وقدم له الماء بيده الكريمة، ألا يثبت هذا الفعل تلك الإنسانية المتفرّدة التي يحملها الإمام الحسين عليه السلام في شخصيته وفكره؟ يقول سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: (إنّ الإمام الحسين صلوات الله عليه قد رأى شخصاً من جيش الحر، وكان من شدّة العطش لا يستطيع أن يشرب الماء، حيث كان الماء يسيل من أطراف فمه. فنزل الإمام صلوات الله عليه وبيده الكريمة أخذ القربة وجعل يروي ذلك الشخص من الماء). الحسين نهلَ رصيده الإنساني من جدّه وأبيه أما الفريق المضاد أو المقابل الذي سقاه الإمام الماء، فحين سنحت لهم فرصة لإلحاق الأذى بالحسن ومعيّته لم يتوانوا عن ذلك قيد أنملة، وهذا ما حدث بالفعل في يوم عاشوراء حيث قام الأعداء الذين سقاهم الحسين الماء ورشف خيولهم بقطع الماء عن الإمام ومن معه، لدرجة أنه عليه السلام حمل طفله الرضيع بين يديه وقدمه للمعسكر المعادي وطلب منهم أن يسقوا هذا الرضيع الذي قارب الموت بسبب العطش. لكنهم لم يتصرفوا كما يجب على الإنسان أن يتصرف في مواقف كهذه، حيث التربية الإنسانية تدفع الإنسان نحو الانتصار على الكراهية والعدوان ويتعامل مع الموقف بإنسانيته ويسقي هذا الطفل الرضيع الذي لا ذنب له، لكنهم لم يكتفوا بعدم إسقاء الرضيع، وإنما قاموا بإطلاق السهم على نحره ليذبحوه وهو بين يديّ أبيه، مما يؤكد بأن الإنسانية ماتت في قلوبهم إلى الأبد. سماحة المرجع الشيرازي دام ظله يذكر لنا هذا المشهد المؤلم فيقول: (لكن في يوم عاشوراء، قام الأعداء، وكان فيهم بعض الذين سقاهم الإمام الحسين صلوات الله عليه الماء وأرواهم ورشّف خيولهم، باستثناء الحر الذي انضمّ مع عدد قليل إلى الإمام، قاموا بقطع الماء عن الإمام حتى اضطرّ صلوات الله عليه على أن يحمل الطفل الرضيع الذي كان يهلك من العطش على يده الكريمة وطلب من الأعداء أن يأخذوا الطفل ويشربوه الماء حتى لا يموت من العطش، فأبوا حتى من هذا الفعل، وبأمر من عمر بن سعد، رمى حرملة بن كاهل الطفل الرضيع العطشان وذبحه وهو عطشاناً). لقد نهل الإمام الحسين رصيده الإنساني العميق من سيرتيّ الرسول صلى الله عليه وآله، والإمام علي عليه السلام، وسعى من خلال سيرته في مواجهة الطغيان والفساد أن يستثمر هذه التربية الإنسانية في تعامله حتى مع أعدائه، وأراد لهذه التربية أن تنتشر بين المسلمين جميعا بل وبين بني الإنسان أينما كانوا. لذا لابد لكل إنسان يؤمن بفكر الحسين وينتمي له، أن ينهل من سيرته عليه السلام ومن فكره هذا الشعور والتعامل الإنساني، حيث يتحقق من خلال الإنسانية مجتمعا راقيا مستقرا متعاونا، وقادرا على مواجهة الاستبداد والقمع والطغيان، من خلال نشر العلاقات القائمة على الإنصاف والتكافل المتبادل بين الناس، لذا هذه دعوة للشباب بالدرجة الأولى وللجميع أن يسيروا في هذا الطريق وينهلوا من هذه المدرسة والتربية الحسينية التي تنتصر للإنسان. يقول سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: (إنّ سيرتيّ النبي الكريم والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما التي بيّن الإمام الحسين صلوات الله عليه بأنّه يريد أن يسير بهما، كانتا مبتنيتان على الإنسانية في جميع أبعادهما. وما ذكرناه عن تلك السيرتين هي نماذج وأمثلة من المئات والمئات من النماذج والأمثلة. فعلينا نحن المسلمين، وخصوصاً الشباب الأعزّة، أن نجمع هذه النماذج من سيرة رسول الله وسيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، ونعرضها على العالم). هذه السجايا الإنسانية في الفكر الحسيني، يمكن أن تنهض بالإنسان وترتقي به نحو درجات عالية من التطور والتقارب البشري الذي يمكن أن يطفئ الأزمات ونيران الأحقاد، ويخلص العالم من حالة الاحتقان المزمن التي تهيمن عليه، فالتربية الإنسانية الحسينية كفيلة بالقضاء على جميع أنواع النزاعات، حيث يتربى الإنسان على الفكر والسلوك الإنساني الذي يعطي للبشر تلك القيمة الحقيقية التي يستحقها، ويسعى للحفاظ على كرامته من أي قوم يكون، وفي أية أرض يقيم.

عبدالله بوحبيب رحل بصمت لكنه ترك بصمات مدّوية
عبدالله بوحبيب رحل بصمت لكنه ترك بصمات مدّوية

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

عبدالله بوحبيب رحل بصمت لكنه ترك بصمات مدّوية

في الرحيل المفاجئ والصاعق للوزير عبدالله بوحبيب، لا يغيب فقط وجه ديبلوماسي مخضرم، بل ينطفئ شعاع استطاع أن يطّوع الكلمة وعرف كيف تُّتخذ القرارات في الأوقات الصعبة، على رغم أنه لم يُرضِ في خلال توليه مهام وزارة الخارجية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في أقسى ظرف عرفه لبنان الكثيرين من خصومه السياسيين. وبهذا الرحيل تُطوى صفحة رجل حمل لبنان في قلبه أكثر مما تبوأ مناصب ومواقع. عرفته الأروقة الدولية مُفاوضًا صلبًا، وعرفته بيروت رجلًا هادئًا وعميقًا، عمل ببُعد رؤيوي، وكانت له تطلعات مختلفة عن تطلعات الكثيرين، الذين أرادوا تطويع العمل الديبلوماسي لمصالحهم الخاصة. لقد كان عبدالله بوحبيب من بين قلائل لم تبهرهم الوظيفة الحكومية، ولا يطويهم غياب، إذ ترك في كل محطة من محطات حياته أثرًا، وفي كل كلمة من كلماته معنى. كان رجلًا موسوعيًا، هادئ النبرة، رصين الموقف، لا تستهويه الأضواء بقدر ما شغفته خدمة لبنان. ظلّ مؤمنًا بأن الحوار هو جسر العبور إلى الاستقرار، وبأن لبنان يحتاج إلى عقول لا إلى شعارات. في وداع عبدالله بوحبيب، نخسر صوتًا من أصوات الحكمة في زمن الصخب، ووجهًا من وجوه لبنان النبيلة في زمن التصدّع. لكن فكره، كما أثره، سيبقيانه حيًّا في ضمير وطن لا يزال في أمسّ الحاجة إلى رجال من طينته. حين تسلّم عبدالله بوحبيب حقيبة الخارجية والمغتربين عام 2021، كانت البلاد على شفير انهيار سياسي واقتصادي غير مسبوق، فيما كانت العلاقات اللبنانية الخارجية تمر في واحدة من أعقد مراحلها. لم يكن المنصب مغريًا في ظروف كهذه، لكن الرجل قَبِل التحدّي بصفته واجبًا وطنيًا، مؤمنًا بقدرة لبنان على النهوض من جديد إذا ما وُجدت إرادة وطنية جامعة. هكذا كان عبدالله بوحبيب في وزارة الخارجية: رجل اللحظة الصعبة. رحل صامتًا، لكن بصمته ستبقى محفورة في ذاكرة العمل الديبلوماسي اللبناني الحديث. السيرة الذاتية الوزير الراحل من من مواليد العام 1941، من بلدة دير القمر. نال دكتوراه في الاقتصاد من جامعة فاندربيلت في الولايات المتحدة الأميركية تخصّص في العلاقات الدولية والتنمية الاقتصادية. بدأ مسيرته المهنية في البنك الدولي في واشنطن عام 1976، حيث عمل خبيرًا اقتصاديًا ومديرًا لبرامج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام 1983، عُيّن سفيرًا للبنان في الولايات المتحدة الأميركية، واستمر في هذا المنصب حتى عام 1990، خلال واحدة من أصعب الفترات في تاريخ لبنان الحديث. بعد عودته إلى بيروت، أسس مركز الدراسات اللبناني – الأميركي، وأسهم في الحوار العام حول العلاقات الخارجية اللبنانية. تولّى منصب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بين عامي 2021 و2024. كتب عدة مؤلفات، من أبرزها: "أميركا القيم والمصلحة: نصف قرن من السياسات الخارجية في الشرق الأوسط"، "الضعيف والقوي: تأملات لبنانية في زمن الانهيار"، " النفط والغاز في لبنان: الثروة الموعودة" درّس في الجامعة الأميركية في بيروت مادة العلاقات الدولية والسياسات العامة. لبنان 24" يتقدم من عائلة الوزير الراحل باحر التعازي، سائلا الله ان يتغمده بوافر رحمته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store